رواية هالة الفصل التاسع و العشرون 29 بقلم جميلة القحطاني

  


 رواية هالة الفصل التاسع و العشرون بقلم جميلة القحطاني


رجل يُضرب.
حلّ المساء… وكان صوته مختلفًا، يحمل في نسيمه رهبة، كأن الظلام نفسه خائف من سراج.
فتحت هالة عينيها على صوت خطواته… كان قادمًا بخطوات ثابتة، بملامح جامدة لا تحمل أي انفعال، لكن في عينيه شيء لا يمكن قراءته.
فتح الباب بهدوء… دخل وبيده ملف أسود.
جلس بجانبها على طرف الفراش، وضع الأوراق أمامها، وبصوته العميق البارد قال: سراج:شوفتِ إزاي الدنيا بتتقلب؟
فيه ناس بتوقع على الجواز وهي لابسة فستان أبيض…
وإنتِ هتمضي وإنتِ لابسة خوفك.
شهقت هالة بخفوت، لم تتكلم.
 سراج بنظرة ثابتة:اسمي سراج بن مهران العزايزي… يمكن الاسم ده يخوف كتير، بس مشكلتي إني مش بحب أظلم…
ومش هخدعك زي رمزي.
أنا عايز أتجوزك رسمي… قدام ربنا، مش شهوه… ولا عبودية.
مدّ يده وأخرج قلمًا، ثم أمسك بيدها وسحبها بخفة لكنها حازمة: سراج:امضي، وهكون سندك… هخرجك من دا كله… وهحميك حتى من نفسك.
هالة نظرت له بعينين تغليان بالدموع، قلبها في حالة ارتباك… بين الرفض اللي مش قادرة تعبر عنه، والخوف من بطشه، والحيرة اللي طاحت بكيانها.
 هالة بصوت مرتعش:ليه؟ ليه أنا؟
اقترب منها، همس في أذنها:سراج يمكن علشان إنتِ الوحيدة اللي لما صرخت… قلبي سمعك.
تجمدت، لم تفهم إن كان صادقًا أم أنها مجرد لعبة أخرى من ألعابه.
ثم سحب يدها، ووقّعت.
لحظة مرت… لكنها غيرت مجرى حياتها بالكامل.
سراج نهض، جمع الأوراق، وقبل أن يخرج قال:أنتِ دلوقتي مراتي… ومراتي ليها احترامها، بس كمان ليها حدودها.
وأغلق الباب وراءه… تاركًا هالة تغرق في دوامة جديدة من الوجع، والخوف، والتساؤل.
كان عاصم جالسًا في صمته، وأمام عينيه تدور العائلة كأنها على خشبة مسرح. كل شخص منهم يرتدي قناعه… إلا أن أخته نعيمة اقتحمت المشهد فجأة، وعلى وجهها قلق واضح: نعيمة بعصبية:أنا حاسّة إن هالة اتخطفت فعلًا! وبن العزايزي وراه الموضوع ده، سراج!
سكت الجميع، حتى صوت الكاسات توقف.
 روقية زوجة عاصم بدهشة:سراج؟! ده ابن مهران؟ ده اسمه لو اتقال قدام ناس من البلد يخشوا بيوتهم!
 عاصم وهو يحك لحيته بتوتر:أنا مش هسكت… هالة بنتنا… ولو طلع له يد في الموضوع ده، حتى لو كان ابن مهران، هدوس على دماغه.
في هذه اللحظة دخل فارس من الباب، لابس جاكيت خفيف، وآثار الجرح لا تزال واضحة على جبينه. حاول أن يبدو طبيعيًا، لكنه لم يسلّم على أحد.
 شقيقته بحنان:فارس استني شويه نتكلم، أنا عايزة؟
تعليقات