![]() |
رواية عشق لن يعود الفصل الثاني بقلم هاجر عبد الحليم
مكتب ليلى، أوراق مبعثرة على المكتب، والمكان يعمه صمت ثقيل، إلا من صوت الطباعة على الآلات
ف منتصف النهار، الجميع مشغولون بأعمالهم. ليلى جالسة على مكتبها، عيناها غارقتان في شاشة الكمبيوتر، لكنها لا ترى شيئًا. أفكارها تائهة بين الماضي والحاضر، تغرق في ذكريات آدم، كل كلمة وكل لحظة كانت تجمعهم معًا. أصابعها ترتجف بشكل غير مرئي أثناء محاولتها العمل، لكن ذهنها لا يتوقف عن التشويش.
ليلى (مفكرة بصوت هامس):
ليه مش قادر أنسى؟ ليه مش قادر أتخطى كل اللى حصل؟ هو كان كل حاجة لية
تفتح ليلى ملفًا على جهاز الكمبيوتر، لكن الكلمات تصبح غير واضحة أمام عينيها. لا يمكنها التركيز. تشعر بشيء غريب في صدرها، وكأن قلبها يثقل أكثر من أي وقت مضى.
(تغمض عينيها للحظة، تضع يدها على جبهتها، تتنفس بعمق.)
ليلى (همس متقطع):
كفاية بجد مش قادرة استمر ف العذاب دا؟
تفكر في كل محاولاتها لإبقاء نفسها مشغولة في العمل، ولكن الألم والذكريات يقتحمون كل لحظة. تبص إلى ساعتها، والشعور بالضياع يتزايد في قلبها. تنهض فجأة، وتجمع أغراضها بسرعة.
ليلى (بصوت منخفض):
أنا مش قادرة أكمل هنا النهاردة.
تأخذ حقيبتها وتغلق جهاز الكمبيوتر، ثم تتوجه نحو الباب بخطوات سريعة، كأنها تهرب من نفسها. تخرج من المكتب دون أن تنطق بكلمة مع أحد، وهي تكبت الألم في داخلها.
ليلى (بصوت عميق لنفسها):
هروح البيت. لازم أرتاح وأوقف شوية من التفكير في آدم. أكيد لازم أوقف دا… لازم أكون أقوى.
تسير بخطوات حاسمة إلى منزلها، وكل خطوة نحو المكان الذي يعيدها إلى واقعها، تذكرها بألم الفراق.
ف منزل ليلي
تدخل ليلى الشقة، تغلق الباب خلفها، وتضع حقيبتها على الطاولة. تتنهد بعمق، ثم تتوجه إلى المطبخ لتسكب كوبًا من الماء. أثناء سيرها، يلفت نظرها هاتفها المحمول على الطاولة. تلتقطه، وتلاحظ إشعارًا جديدًا: "رسالة من سجدة".
تتجمد في مكانها، وتفتح الرسالة ببطء، عيناها تتنقلان بين الكلمات:
سجدة (في الرسالة): "أهلاً ليلى، أتمنى أن تكوني بخير. أردت إخبارك بشيء مهم. ادم، قد خطب مؤخرًا. أعتقد أنه حان الوقت لكِ لتكملي حياتك
تسقط الرسالة من يدها، وتجلس على الكرسي القريب، عيناها مليئتان بالدموع. تتنهد بعمق، وتغمض عينيها، وكأنها تحاول استيعاب ما قرأته.
ليلى (بصوت منخفض، وكأنها تحدث نفسها): "ليه؟ ليه كل شيء بيبعد عني؟ ليه كل حاجة بتتغير؟"
تنهض ببطء، وتذهب إلى نافذة الشقة، تنظر إلى الشارع المظلم، وكأنها تبحث عن إجابة في الظلام.
ليلى (بصوت مكسور): "أنا تعبت... تعبت من كل ده. تعبت من الانتظار، من الأمل اللي بيختفي. تعبت من كل حاجة."
تسحب ستارة النافذة، وتجلس على الأرض، وتضع رأسها بين يديها، والدموع تتساقط بحرية ع حبها الضائع 💔
ف غرفة ليلي
في تلك اللحظة، سمعت طرقًا خفيفًا على الباب. دخلت والدتها، وعيناها مليئتان بالحنان والقلق.
الأم: "ليلى، حبيبتي، في عريس اسمه كريم، ابن صديقة قديمة ليا، عايز يتقدم لكِ. بيقولوا إنه شاب محترم وناجح. إيه رأيك؟"
ليلى نظرت إلى والدتها، ودموعها بدأت تتساقط بغزارة. اقتربت منها وانهارت في حضنها، تبكي بحرقة.
ليلى: "ماما، آدم... آدم خطب. سنين عمري ضاعت معاه، وكرامتي اتهدرت. رفضني بعد كل اللي كان بينا."
الأم شعرت بصدمة وحزن عميقين، ودموعها بدأت تنهمر. احتضنت ابنتها بقوة، محاولة تهدئتها.
الأم: "يا حبيبتي، أنا معاكي عارفة قد إيه كنتِ بتحبيه، وقد إيه الألم اللي جواكِ دلوقتي. بس الحياة مش بتتوقف عند حد. لازم تكوني قوية وتبدأي من جديد. يمكن كريم يكون فرصة جديدة وسعيدة ليكِ. استخيري ربنا، وأنا واثقة إنه هيختار لكِ الخير."
ليلى رفعت رأسها ونظرت إلى والدتها، محاولة استجماع قوتها. أومأت برأسها ببطء، وقررت أنها ستمنح نفسها فرصة جديدة، بعيدًا عن آلام الماضي.
ف الصالة
تجلس ليلى في غرفة المعيشة، تتأمل الكرسي الذي جلس عليه آدم في زيارته الأخيرة لوالدها. تلمس الكرسي برفق، وتغمرها الذكريات.
فلاش باك:
المكان: منزل ليلى، غرفة المعيشة.
الزمان: قبل أربعة أعوام
يجلس آدم على الكرسي، ووالد ليلى بجانبه. ليلى تجلس مقابلهما، تشعر بالتوتر والفرح معًا.
آدم: (ينظر إلى والد ليلى) حضرتك عارف قد إيه ليلى غالية عليا. أنا جاي النهارده أطلب إيدها، ووعد إني هحافظ عليها وأسعدها طول حياتي.
والد ليلى: (يبتسم) المهم عندي إنك تكون قد المسؤولية، وتقدر تسعدها وتحميها.
آدم: (بثقة) بوعد حضرتك إني هكون عند حسن ظنك دي هتكون بنتي البكرية وافديها بروحي
تتلاقى أعين آدم وليلى، يبتسمان بحب وأمل
تعود ليلى إلى الواقع، دموعها تنهمر بصمت. تشعر بفراغ كبير في قلبها، وتتساءل كيف انتهى كل شيء بهذه السرعة. تضم نفسها، محاولة جمع شتات قلبها المكسور.
ف البلكونة
جلست ليلى في شرفة منزلها، تتأمل السماء المظلمة والنجوم المتناثرة. كانت تستمع إلى أغنية "قالي الوداع" لعمرو دياب، التي تعكس مشاعرها الحزينة.
كلمات الأغنية:
قالي الوداع وهقوله إيه؟ هو الوداع يتقال فيه إيه؟
اخترته ليه واختارني ليه؟ كان قلبي ليه وقلبه مش ليا
تسللت الكلمات إلى قلب ليلى، مستحضرة ذكرياتها مع آدم. تذكرت وعوده وحبهما الذي انتهى بالفراق. شعرت بدموعها تتساقط على وجنتيها، تعبيرًا عن الألم الذي يعتصر قلبها.
في الداخل، كانت والدتها تراقبها من بعيد، تشعر بوجع ابنتها وحزنها العميق. رفعت يديها إلى السماء، تدعو الله أن يهدي قلب ليلى ويمنحها الصبر والقوة لتجاوز هذه المحنة.
في مكتب ما
، جلست والدة ليلى، تتأمل في حال ابنتها والحزن الذي يعتريها بعد انفصالها عن آدم. قررت أن تتصل بآدم لتفهم ما حدث وتدافع عن كرامة ابنتها. أخذت نفسًا عميقًا، التقطت هاتفها، وضغطت على رقمه.
آدم: (بصوت متفاجئ) ألو؟ مين معايا؟
والدة ليلى: (بصوت حازم) مساء الخير يا آدم. أنا والدة ليلى. محتاجة أتكلم معاك بخصوص اللي حصل بينك وبين بنتي
آدم: (بتوتر) مساء الخير حضرتك. أنا... أنا آسف على اللي حصل، بس انتي عارفة اللي فيها انا حاولت
والدة ليلى: (مقاطعة) آسف؟ الكلمة دي مش كفاية. ليلى كانت متعلقة بيك، وانت وعدتها بحاجات كتير اوي بس تعرف الغلط عليا لوحدي المفروض لما اعرف انها بتغيب وترجعلك اكسرلها عضمها بس كنت واثقة فيك انه استحالة تاذيها
آدم: (بتلعثم) الأمور معقدة، وحصلت ظروف وانتي فاهمة جوز حضرتك خلى اهلي يخافو من الجوازة دي. انا استحالة اخسر امي
والدة ليلى: (بغضب) ظروف إيه اللي تخليك تكسر قلب بنتي وجوزي غلط ايوة بس دا من حبه ف بنته وغلطك انت اكبر انك علقت بنتي بوجودك طول السنين دي انت كنت حابب كدا
آدم: (بتنهيدة) أنا مقدر مشاعركم، بس والله دا قدر الله انا بعدت عشان احميها من غيب معرفوش
والدة ليلى: (بحزم) لا، مش هقبل أعذار. والغيب بتاع ربنا ومحدش يجزم بالخير والشر فيه لكن لو انت مرتاح وحاسس انك عملت الصح ببعدك عن بنتي ف انا معاك
آدم: (بصوت منخفض) أنا فعلاً آسف. ماكنتش أقصد أذيها ابدا ليلي كانت لوحدها ومحدش كان قادر يفهمها ادي هي كانت بتلاقي الامان معايا ودا اللي خلاها تحط ريسك معايا وتخاطر زي م عملت
والدة ليلى: (بهدوء) الأسف مش هيرجع اللي فات. أتمنى تكون واعي بالضرر اللي سببته لبنتي
آدم: (بندم) هحاول أصلح اللي أقدر عليه.
والدة ليلى: (بحزم) الأفضل تسيبها تتعافى وتبعد عنها ولو شوفتك بالصدفة صدقني مش هرحمك بنتي هتتخطب لواحد تاني هيصونها وحبك مش هيكون ليه عازة ولا وجود
آدم: (بصوت مكسور) مفهوم ياماما
والدة ليلى: (بهدوء) مع السلامة يا آدم
أغلقت والدة ليلى الهاتف، تشعر بمزيج من الغضب والحزن، لكنها تأمل أن تكون قد دافعت عن كرامة ابنتها وأوصلت رسالتها بوضوح.
في منزل صديقة ليلى،
كانت الأجواء في البداية عادية، لكن قلب ليلى كان يغلي من الداخل. طوال الوقت كانت مشاعرها تتأرجح بين الندم والغضب، وأمام صديقتها، لم تعد تستطيع أن تخفي ما تشعر به.
صديقة ليلى: (بنبرة حادة) ليلى، مش عارفة أقولك إيه. إنتي عايشة في وهم. دا كان أكيد هيضيعك. أنا شايفاكي بتتألمي، وعايزة أنقذك.
ليلى: (ترد بصوت ضعيف) هو كان كل حاجة في حياتي. ليه مش قادرة اسيبه ؟ ليه مش قادر أتخلى عن كل حاجة؟
صديقة ليلى: (بغضب) لأنك كنتِ عايشة في خياله! شوفتيه بيتخلى عنك؟ شوفتيه مش عايزك؟ ده هو نفسه اللي هدم قلبك! إزاي لسه عايزة تقبليه؟
ليلى: (بتنهد) هو وعدني... وعدني إنه هيكون معايا. وعدني إنه هيحارب عشاننا.
صديقة ليلى: (ترد بعنف) وعدك؟ هو اللي وعدك ده هو نفس الشخص اللي خذلكِ. هو وعدك، لكن في الحقيقة، هو مش موجود. قلبه مش هنا.
لحظة صمت، وعيناي ليلى مليئة بالدموع، وهي تحاول كبح جماح مشاعرها.
ليلى: (بصوت متحشرج) أنا كنت عايشة في أمل، في حلم. كان بيقولي إن كل شيء هيكون بخير. كنا بنخطط مع بعض لمستقبلنا، وكان عنده القدرة إن يخليني أصدق إن الحلم ده هيتحقق.
صديقة ليلى: (بغضب) ولما خذلكِ؟ لما تخلّى عنكِ؟ هل شفته بيحارب عشانك؟ شفته حتى بيحاول يثبتلك إنه يحبك؟ لا! هو سابك، وده هو اللي دايما بيحصل، عشان هو مش مستحقك.
ليلى تنظر إلى الأرض، وجسدها يرتجف، ودموعها تسقط على وجهها، محاولة أن تجد شيئًا يثبت ما تشعر به، ولكنها لا تجد.
ليلى: (وهي تبكي) ماكنتش حاسة إنه سابني. كنت حاسة إنه في مكان تاني في حياته، بس كان بيحبني برضه. أنا كنت بحاول أصدقه، مش قادرة أصدق إن كل ده انتهى فجأة.
فجأة، صديقتها تجذبها إلى حضنها، وهي تشعر بالعجز التام أمام الألم الذي تحمله ليلى.
صديقة ليلى: (وهي تعانقها) أنا آسفة، والله أنا آسفة. ما كان المفروض أكون كده معاكي بس أنا كنت عايزة تساعدك تقومي تاني.
ليلى: (وهي تحاول التحدث بصوت مكسور) أنا مش قادرة أوقف الألم ده. كل حاجة ضاعت... وكل حاجة كنا بنحلم بيها راحت. هو كان وعدني بكل حاجة، وكان ... وكان ممكن نكون مع بعض للأبد.
صديقة ليلى: (وهي تمسح دموعها) لازم تنسي كل ده، لازم ترجعي لنفسك. هو ما استاهلش دموعك. مش حاسة إنك لو خليتي قلبك مكانه، هتقدر تبقي أقوى؟
ليلى: (بصوت منخفض، مكسور) عارفه... بس كل حاجة كانت بتخلي حياتي تكمل. دلوقتي مفيش حاجة تانية غير الوجع.
الصمت يخيّم على المكان، وصديقتها تحتضنها أكثر، والدموع تتساقط على وجه ليلى بينما تشعر بأنها تكاد تغرق في بحر من الألم، وتحاول أن تجد بداية جديدة وسط كل هذا الخراب.💔