رواية إنما للورد عشاق الفصل الثاني 2 بقلم ماهي عاطف


 رواية إنما للورد عشاق الفصل الثاني بقلم ماهي عاطف

هبط الدرج يلتفت يمينًا ويسارًا، تحرك بخطوات متأنية نحو المطبخ؛ ليجد به فتاة في منتصف العشرينات تقبع فوق المقعد نائمة، مُبتلعًا ريقه بذعر من رؤية أحد له. ثم اتجه نحو البراد ليمسك بالعصير المفضل لها، ويخرج من جيب بنطاله قرص دواء يضعه به ثم وضعه مكانه بعد التقليب. 


اقترب من الفتاة يهزها برفق؛ ففزعت حينما رأته أمامه. حمحم كي تخرج نبرته هادئة بعض الشيء: عايزك متسمعيش كلام حد هنا غيري، سامعة يا سعاد؟


تفوهت بخجل يصاحبه ارتباك من تواجده الآن معها: حاضر يا أستاذ فريد.


فتحدث بتوتر محاولًا إخفاءه: عندك عصير برتقال بتاع ورد هانم في التلاجة، بعد ساعة بالظبط تطلعي الأوضة عندها تديها منه علشان صحتها الفترة دي مش كويسة، أنتِ سامعة.


ليتابع بتهديد: وحسك عينك حد يشرب من العصير دا غيرها والا متلوميش غير نفسك.


أومأت له بلهفة من تهديده، فابتسم بمكر ثم غادر كي يصعد لغرفته وكأنه لم يفعل شيء بتاتًا. فتحدث بغموض: هنشوف إزاي مش موافقة عليا يا ورد.


***


جلست في الحديقة تستنشق الهواء، مُداعبًا خصلاتها المتمردة بادئة كشعاع شمس تسلل بين الغيوم، متمنية في نهاية المطاف ألا يأتي يوم تعلم فيه أن ما بذلت روحها من أجله كان سرابًا لا غير. أصبحت ضائعة بين كل هذه الطرقات والوجوه، كل الاتجاهات باتت مؤلمة وغريبة. لم تجد في هذا العالم ملاذًا ومصدرًا للأمان يحتويها سوى ذاتها! 


تمنت لو تستطيع نسيانه ونسيان حبه المهلك لقلبها العاشق له، لكن لا بيدها حيلة لتفعلها، فحبه كاللعنة المصاحبة لها، فلا تعلم كيف ستتوقف عن التفكير به وهو أمامه دومًا كظلالها! 


استفاقت من شرودها على يد زوجة عمها تربت فوق ذراعها بحنو لتقول بتساؤل: فرح، ليه بحسك دائمًا سرحانة ولوحدك؟


تنهدت مغمضة بنفي: لأ يا روزا عادي والله مافيش حاجة.


رمقتها بشفقة لهيئتها تلك، فأردفت بنبرة هادئة: طب ممكن تعتبريني زي ماما وتحكيلي عن اللي مزعلك؟


زفرت بعمق قائلة بحيرة استحوذت عليها: هو ليه كل واحد بيتمنى حاجة مش بتتحقق؟ يعني أنا عمري ما فرحت في حياتي وحاسة إن باقي عمري كمان مش هفرح.


رمقتها بدهشة من حديثها الذي يحمل الكثير بطياتها من خذلان ووجع بحياتها، لتتحدث بنبرة تعقلية: عايزة اقول لك بس إن الإنسان لما بيصبر بينول اللي بيتمناه وأكتر كمان؛ فمتخليش الشيطان يلعب بيكِ ويخليكِ تكفري. قومي صلي ركعتين قيام ليل وادعي بكل اللي بتتمنيه، ربنا يرزقك السعادة يارب يا حبيبتي.


عانقتها بحنان لم تعتاد عليه من قبل سوى مع والدتها المشتاقة لها بشدة، أدمعت عيناها من شعور الاشتياق نحو والديها الذي توفاهم الله وباتت وحيدة بمنزلها. وأمام إصرار زوجة عمها على المكوث معهم أذعنت بعد عناء من تفكيرها والخجل المصاحب لها من تواجد حبيبها معها بمنزل واحد.


ابتلعت ريقها بتوتر حينما وجدته يترجل من سيارته، فاستأذنت من "فيروز" ثم هرولت لغرفتها وسط اندهاشه من تصرفاتها الطائشة والمجهولة له. اقترب من والدته يقبل يدها ثم جلس بجوارها مُريحًا ظهره فوق المقعد قائلًا بتساؤل: هي فرح مالها يا ماما؟


مطت شفتيها بعدم معرفة مستطردة بتنهيدة: مش عارفة فيها حاجة غريبة، المهم عايزاك تاخدها معاك هي واختك السفرية اللي هتطلعها بكرة.


ضيق حاجبيه لها ساخرًا: بقول لك طالع الغردقة عندي شغل، تقولي لي خدهم معاك؟


تحدثت بغضب سافر: يابني خلي عندك دم، بقول لك مكتئبين، وكمان زعلت منك علشان رفضت إنهم يروحوا الغيط رغم إنهم استأذنوا مني، بس أنت مدتش ليا أي اعتبار.


بنبرة هادئة أجاب: اعتبارك وكلك على رأسي يا روزا، بس مش حابب الاختلاط بينهم وبين الناس التانية. الدنيا بقت وحشة، وبعدين أنا مش عارف مين أصلًا منار ونهال اللي طلعوا صحابهم مرة واحدة دول. 


لكزته بخفة قائلة بغيظ من عناده وتوجسه من القادم نحوهم: بطل خوفك والأوفر اللي أنت فيه دا، وبعدين مش بتحب الاختلاط يبقى خدهم معاك.


فتابعت بمشاكسة: اينعم أنا مش بحب السفر والخروج بس هروح معاكم علشان توافق.


ابتسم قائلًا بدعابة: أنا كنت رافض بس لو هتروحي معانا يبقى مافيش مانع، نقعد أسبوع كمان. احنا عندنا كام روزا يعني؟


غمغمت بارتياح: طب كويس، أنا كمان اطمنت على ورد فهنروح احنا بقي.


رد بإهتمام شديد: مالها ورد؟! 


تنهدت مجيبة بتهلل: كانت بتكلمني من شوية وقالت لي إن الحمدلله فريد وافق يوديهم أسبوع شرم علشان نفسيتها مش أحسن حاجة.


تحدث بانزعاج جلي فوق قسمات وجهه: يادي فريد، أنا مش عارف أصلًا هي قاعدة عندهم بتعمل إيه؟ أنتِ المفروض خالتها وليكِ كل الحق فيها.


أردفت شارحة له بتفهم: ياعاصي متنساش إن دا كمان بيت أبوها الله يرحمه، وغير كده عرضت عليها كتير تيجي بس عمها رافض. وأنا بصراحة مش عايزة اعمل مشاكل واهو الحمدلله يعني كل يوم بنروح عندها وبنكلمها، فمافيش داعي للقلق دا.


تنهد بضيق جلي في نبرته: ماشي يا ماما أنا هطلع أنام.


صعد لغرفته لتُصيبه الدهشة حينما وجد باب غرفتها مفتوح على مصراعيه، فقادته قدميه بخطوات متأنية نحوها ليجدها جالسة فوق المقعد ترتدي جلباب الصلاة، مطبقة جفنيها بقوة.


فولج بتوتر يهزها برفق لتفزع، فجاءت لتصرخ فأسرع يكمم فمها بيده قائلًا بخفوت: اهدي دا أنا.


تنفست الصعداء حينما وجدته هو. ابتلعت ريقها بصعوبة فتحدثت بتلعثم: فـ في حاجة يا عاصي؟


ازدرد لعابه قائلًا بنبرة مهزوزة: كنت داخل أوضتي لاقيتك قاعدة كده، أنتِ كويسة؟


طأطأت رأسها أرضًا مغمغمة بخجل: الحمدلله.


فأردف بنبرة جامدة: طب تاني مرة هتقعدي في أوضتك يبقى تقفلي الباب عليكِ، مش حابب المنظر اللي شوفته دا.


اتسعت عينيها بدهشة قائلة بنبرة حادة: منظر إيه اللي شوفته إن شاء الله؟


بتر حديثها المحتدم بقوله الصارم: نقاش دلوقتي مش مستعد ليه، أنا داخل أوضتي وبلاش تطاول ومجادلة، قولي حاضر وخلاص.


زفرت بعصبية، مضيفًا بامتعاض: ولما تصحي ابقي جهزي حاجتك، علشان هنروح الغردقة بكرة بعد العصر.


بضيق أجابت: لأ مش عايزة اسافر.


رفع حاجبيه بذهول من رفضها، فتحدث بسخرية: ليه بقى إن شاء الله؟ مش كنتِ هتموتي وتخرجي برا البيت؟


أشاحت بوجهها بعيدًا عن نظراته المخترقة لها، فتحدثت بتلعثم: مـ مش عايزة، غيرت رأيي.


زفر بضيق ليُعاود حديثه باحتدام: قلت مش بحب الكلام الكتير والعناد، قولي حاضر وخلاص تمام؟


لم يتلقى إجابة منها، ليُحرك رأسه بيأس ثم غادر مغلقًا الباب خلفه. لتقول بتوجس شديد وحيرة في آن واحد: لازم اكلم فخري يجبلي جرعات زيادة اخدها معايا، يارب عدي السفرية دي على خير ومحدش يشك فيا.


***


التقط ثيابه المتناثرة فوق الأرضية يرتديها على عجالة، ثم نظر نحو الراقدة بجسدها الفاتن، مُبتلعًا ريقه شاعرًا اليوم بانتشاء على غير العادة. فها هو قد حقق مُبتغاه وامتلكها دون علمها، بفجيعة ما حدث وجهلها بما وُضع بالعصير من شيء جعلها تغفو سريعًا. 


نهر ذاته لفعلته الشنيعة تلك، كيف يجرؤ على فعل هكذا مع ابنة عمه؟ كيف تصرف بحماقة معها دون الشعور بالشفقة نحوها؟ 


لكنها أغلقت جميع الأبواب أمامه، أعلنت رفضها القاطع لحديثه الصميم للإنجاب خاصة منها. فكيف ستواجه الله بفعلته هذه وبتسليمها له كما أراد هو؟


شعر بأهدابها ترمش ببطء، فهرول نحو الباب مغادرًا لغرفته وكأنه لم يفعل شيء بتاتًا. شعرت بوجع يشتد في أنحاء جسدها فتأوهت بشدة. دلكت عنقها بيدها كي يتوقف عن آلامها، استغربت من شدة شعورها بالآلام التي استحوذت عليها فجأة. فنفخت في سأم ثم وقفت في موضعها تتحرك بخفة نحو المرحاض كي تستحم، لعل جسدها يهدئ قليلًا من فرط شعورها بالوجع. 


انتهت من الاستحمام ثم وقفت أمام المرآة تضع مئزرها عليها، فأطلقت شهقة فزع حينما وجدت العديد من الكدمات الزرقاء على عنقها وأماكن أخرى بجسدها. لترتدي ثيابها على عجالة ثم هرولت إلى أسفل نحو غرفة زوجة عمها غير عابئة بوجعها، طرقت الباب بعنف فلم تجد إجابة، فاقتحمت الغرفة وجدتها تجلس في شرفتها ترتشف قهوتها الصباحية مع سمفونية اللحن الصادع من المذياع، تدندن معه بشغف. 


لتسرع نحوها تجلس أرضًا فزعت "كوثر" حينما وجدتها بجوارها، فتحدثت بعصبية قبل أن تفتل على يسارها ثلاث مرات دليلًا على ارتعابها: قطعتي خلفي منك لله، في إيه؟


ابتلعت ريقها بتوتر لتقول بتلعثم: مـ مرات عمي، بالله عليكِ أركني أي خلافات دلوقتي بينا وركزي معايا.


اقتربت من أذنها لتهمس بتوجس: في عفريت في الأوضة بتاعتي.


تفوهت الأخرى باحتدام: عفريت إيه يابت أنتِ؟ شكلك اتلبستي من كتر قعدتك لوحدك.


_"يا مرات عمي أنا ... "


بترت حديثها بشراسة: بلا مرات عمك بلا مرات خالك، أنا صاحية دماغي هتتفرتك. مش كفاية عمك عليا هتكوني أنتِ وهو؟


لتضيف بضيق عارم: أوعي من وشي، جتكم القرف، الواحد مش عارف يتمزج بالقهوة بتاعته. طب والله مانا شارباها.


ثم أمسكت بالكوب وقذفته أسفل شرفتها، ثم رمقتها بغيظ وغادرت دون أن تنبث بكلمة أخرى. بينما الأخرى تحدثت بحيرة: أومال مين اللي عمل في جسمي كده؟ 


على الجانب الآخر، قهقه بشدة من ردة فعل والدته وجنون حبيبته، ثم تحدث بآسف وشفقة لأجل هيئتها المزرية الحائرة تلك: آسف يا ورد، أنتِ اللي أجبرتيني أعمل كده فيكِ لما رفضتيني.


***


سعدت بشدة حينما علمت من والدتها بأنها ستذهب مع شقيقها "عاصي" إلى الغردقة. ظلت تقفز بموضعها ثم ركضت نحوه كي تعانقه بحب، فابتسمت "فرح" لأجل حب الأشقاء لبعض. ابتلعت غصة مريرة لشعورها بالفقد، وكأن مغادرة والديها معهم كل شيء كانت ترغب به. 


رمقها "عاصي" بشفقة، فهو يعلم مدى حزنها لشعورها بالوحدة، لكن وعد ذاته بعدم التخلي عنها كشقيق مطلقًا. كيف يقول هذا؟ هي تحبه، بينما هو لا يفكر بها سوى إنها شخص من عائلته فقط.


اقتربت منها "فيروز" لتهمس لها بدعابة: لأ فكي كده يا فروحة، عاصي لو شافك مبوزة مش هيخلينا نروح حتى المقابر.


قهقهت "فرح" لحديثها، فهذا ما أرادته زوجة عمها، أقسمت بأنها ستفعل كل شيء حتى تعاود ارتسام بسمة فوق شفتيها. 


بتر حديثهم "عاصي" بجدية: ماما، لو كل حاجة جاهزة فينا نتحرك؟


أومأت له بحماس، ثم خرجوا نحو السيارة ليجلس هو بمقعد القيادة وبجواره والدته، وفي الخلف شقيقته وهي. لم تحرك أهدابها بتاتًا، ظلت ترتشف من ملامحه الوسيمة الحادة. لم يغمض لها جفن عكس شقيقته ووالدته ذهبا في سبات عميق وتركوها معه. 


لاحظ نظراتها نحوه فابتسم لها بالمرآة قبل أن يعقب بتساؤل: فرح، أنتِ بجد مش حابة تسافري معانا؟


دهشت من تساؤله عن أمر رفضها له بالأمس، مجيبة بارتباك: لأ عادي يعني تغيير جو وكده، وكمان علشان روزا فاتحمست أروح معاكم.


وجه لها ابتسامة أقسمت بأنها لم ترى بجمالها، ليقول بنبرة هادئة: حابب بس تسيبك من الحزن والاكتئاب اللي أنتِ فيه دا، وصدقيني هتنبسطي جدًا.


ابتسمت له بتكلف، ثم وجهت نظرها نحو الحقيبة السوداء التي تحملها قابضة فوقها بقوة، فهي بحاجة لأخذ جرعة الآن لم تعد تحتمل بعد.


ازدادت أنفاسها بتوتر وضربات قلبها تنبض بقوة، لتقول على عجالة مما أدهشه نبرتها: عاصي لو سمحت عايزة أدخل الحمام دلوقتي ضروري.


زفر بضيق قائلًا باقتضاب: فرح، نص ساعة بس وهخليكي تروحي، احنا لسه يدوب متحركين فمش هينفع.


هدرت به بقوة، فلم تعد قادرة على الصمود أكثر: بقول لك مش قادرة، عايزة أروح الحمام افهم بقى. 


صف سيارته بجوار الطريق والتفت لها قائلًا بشراسة، مشيرًا بسبابته: صوتك ميعلاش عليا ومش دلوقتي استحملي شوية، قلت وياريت توطي صوتك. ماما وعنان لو مش ملاحظة يعني إنهم نايمين.


تساقطت العبرات من مقلتيها وسط دهشته، فتحدثت بنحيب ورجاء: بالله عليك اتصرف، مش قادرة يا عاصي. 


أومأ على مضض ثم ترجل من سيارته متجهًا نحوها ليقول بنبرة تحذيرية، مشيرًا نحو البناية التي أمامه: اطلعي العمارة دي أول دور وشوفي بقى أنتِ ونصيبك. لاقيتي حد يفتح لك خير وبركة، ملقتيش يبقى تنزلي ومتطلعيش الدور التاني، أنتِ فاهمة؟


حركت رأسها بتلهف ثم هرولت نحو البناية كما أخبرها؛ فقهقه بشدة ضاربًا كف فوق الآخر، فهذه الفتاة تدهشه كل يوم من أفعالها تلك. 


بعد نصف ساعة زفر بعصبية من انتظاره لها ولم يحتمل التمهل أكثر، فصعد الطابق الأول. لم يجد إجابة من أحد فاصطكت أسنانه ببعض من عنادها الدائم معه. فالتفت لها عاقدًا ذراعه فوق الآخر حينما وجدها تخرج من المصعد بسعادة، عكس طريقة صعودها فمنذ قليل كانت تبكي. 


فابتسمت ببلاهة حينما وجدته يقترب منها قائلًا بجمود: أنا قلت لك إيه يا فرح؟


تفوهت بخفوت: قلت اطلع أول دور بس ولو ملقتش حد انزل تاني.


فتحدث بتساؤل عكس ما بداخله: وسيادتك دخلتي الحمام في الدور الكام أصل شايفك نازلة بالأسانسير يعني.


غمغمت بنبرة خافتة كابحة ضحكتها بصعوبة: الدور العشرين.


قهقه بشدة فلم يحتمل الصمود أكثر أمام مشاكستها، ليحرك رأسه بيأس قائلًا بجفاء بعدما توقف عن المزح: خلصتي اللي هتعمليه يعني؟


أومأت له مسرعة يصاحبه خجلها من الحديث عن هذا الأمر، ثم هبطت أمامه تحمد ربها بمرور فعلتها تلك قبل رؤيته لها وهي تستنشق جرعتها بانتشاء. بينما هو صعد للسيارة من جديد صامتًا لم يتحدث إليها كي لا يحتد النقاش بينهم مرة أخرى.


****


كانت كامنة في مضجعها تضم ساقيها إلى صدرها، تحملق أمامها في اللاشيء بشرود. تنظر تارة لجسدها المليء بالكدمات وتارة يمينًا ويسارًا بتوجس شديد؛ فمازالت تخبر ذاتها بأن أحدهم يمكث معها بغرفتها وهو من تسبب بفعلته الشنيعة تلك. 


ابتلعت ريقها بصعوبة كلما تذكرت هواجسها التي تخبرها بأن "فريد" هو من فعل بها هكذا. هي تعلم بأن عقلها يتلاعب بها ومن المستحيل فعل هذا الشيء البشع، رغم عجرفته وحديثه اللاذع معها؛ لكنه شخص جيد بالنهاية. 


يا للسخرية حقًا، لا تثق بالقريب هكذا يا عزيزي كي لا تسلم من خذلانه فيما بعد. 


طرق خفيف على الباب استمعت له جيدًا ولم تبالي للرد على الطارق، والذي دخل فورًا بعد طرقه، وكانت زوجة عمها التي جلست بجوارها هاتفة بضيق طفيف: عمك بيقول إنك تعبانة، مالك؟


نظرت إليها لثوان بجمود ثم أشاحت بصرها عنها، فأجابت باستهزاء: مليش، أنا كويسة.


أطلقت "كوثر" شهقة لعجرفتها في الحديث معها، لتتحدث بعصبية: صحيح خيرًا تعمل شرًا تلقى، بقي أنا جاية لك أشوف فيكِ إيه رايحة تتعوجي عليا؟


زفرت بحنق لتجيب بتزمر: بقول لك يا مرات عمي، أنا مافيش دماغ ليكِ.


رمقتها الأخرى باشمئزاز فأردفت باهتياج: بلا دماغ بلا رجل، منه لله عمك جايب ليا الكلام دايمًا من اللي يسوى والا ما يسواش.


ثم تحركت بشموخ صافقة الباب خلفها بقوة. بينما "ورد" شددت من عناق ذاتها بقوة تهذي بنحيب: يارب أنا مش حمل الوجع دا كله، ألهمني الصبر من عندك يا رب.

الفصل الثالث من هنا


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1