رواية عروس لم تدفن الفصل الثانى 2 بقلم اوكسيم

 

رواية عروس لم تدفن الفصل الثانى بقلم اوكسيم



مرت سنوات…

هدأت الأمور في قرية "الغرابوة"، ولم يعد هناك اختفاءات غامضة، ولم يُسمع صوت بكاء في الليالي المظلمة. اعتقد الجميع أن اللعنة انتهت، وأن العروس التي لم تُدفن قد نالت حقها... لكن إسماعيل؟

إسماعيل لم يعد كما كان.

كان يمشي في الأسواق كالشبح، يتحدث مع نفسه أحيانًا، يبتعد عن الناس، وعيناه دائمًا زائغتان، كأنه يرى أشياء لا يراها غيره.

وفي الليالي، كان يسمعها.

"إسماعيل..."

كان يعرف أن "فريدة" لم تتركه، لم تستطع الرحيل بالكامل، أو ربما لم ترد ذلك.

---

في إحدى الليالي، جلس في غرفته، يحدق في مرآته، التي لم يعد يرى فيها انعكاسه كما كان، بل يرى ظلالًا تتحرك خلفه، وأحيانًا، يرى فريدة.

كانت ترتدي ثوبها الأبيض الملطخ بالتراب، تقف خلفه، صامتة، تنظر إليه نظرة طويلة... ثم تختفي.

وفي تلك الليلة، لم تختفِ.

عندما استدار، وجدها واقفة عند باب الغرفة، بنفس الثوب، بنفس النظرة.

لكن عيناها هذه المرة كانتا ممتلئتين بالحزن والخوف، كأنها تريد قول شيء، تحذير من شيء...

وفجأة، سمع صوتًا خارج البيت.

طرق...

ثلاث دقات بطيئة، عميقة، كأنها تأتي من العالم الآخر.

ارتجف قلبه، ونهض ببطء.

عندما فتح الباب، لم يجد أحدًا.

لكن على الأرض، أمام عتبة بيته، كان هناك شيء جعل الدم يتجمد في عروقه.

فستان زفاف آخر.

لكن هذه المرة... كان جديدًا، نظيفًا، وكأنه ينتظر عروسًا جديدة.

---

في اليوم التالي، استيقظت القرية على خبر جديد.

العروس عادت... لكنها لم تعد وحدها.

---

في الليلة التي تلت ظهور الفستان الجديد، لم يذق "إسماعيل" النوم.

كان جالسًا في غرفته، يحدق في الفستان الأبيض الملقى على الأرض أمام باب بيته، متسخًا بالتراب، لكنه نظيف بطريقة غريبة، كأن أحدًا تركه بعناية تامة.

من أين أتى؟ ومن تركه هناك؟

كان يشعر بوجودها... "فريدة"، لكنها هذه المرة لم تكن وحدها.

منذ الليلة التي انتقمت فيها، شعر بشيء آخر، شيء يتربص به في الظل، يراقبه... ينتظر اللحظة المناسبة.

---

في اليوم التالي، انتشر الخبر في القرية كالنار في الهشيم:

"سعاد ابنة الحاج صابر اختفت ليلة أمس!"

كانت سعاد فتاة في السابعة عشرة، مخطوبة حديثًا، وكان زفافها بعد شهر. لم يكن هناك أي دليل على ما حدث لها، لا آثار مقاومة، لا شهود، لا صراخ... تمامًا كما حدث لفريدة.

الوحيد الذي شعر بالرعب الحقيقي كان إسماعيل.

لأنه يعرف أن هذا ليس من فعل فريدة.

الذي أخذ سعاد... شيء آخر.

---

في الليل، عاد إسماعيل إلى بيته منهكًا، أغلق الأبواب جيدًا، أشعل مصباح الزيت، وجلس في منتصف الغرفة، متوترًا، مترقبًا أي حركة.

لكن لم يكن عليه الانتظار طويلًا...

بعد منتصف الليل بقليل، سمع نفس الطرقات الثلاثة على بابه.

لكن هذه المرة، لم تكن بطيئة... كانت قوية، غاضبة.

نهض ببطء، قلبه يخفق بعنف، وتقدم نحو الباب.

— "من هناك؟!"

لم يكن هناك رد.

لكنه سمع شيئًا آخر...

بكاء.

ليس بكاء فريدة هذه المرة، بل صوت آخر، صوت فتاة صغيرة، خائف، مكسور.

تجمد إسماعيل في مكانه، ثم أمسك بالمفتاح وفتحه ببطء.

وعندما فتح الباب، كاد قلبه يتوقف.

كانت "سعاد" واقفة هناك، بثوب زفاف ممزق، عيناها زائغتان، وشفتاها تتحركان بلا صوت، كأنها تحاول الصراخ لكن لا صوت يخرج منها.

لكن الأكثر رعبًا...

كان الظل الذي يقف خلفها.

ظل طويل، نحيف، ذو عينين حمراوين تتوهجان في الظلام، يراقب إسماعيل بصمت، ينتظر منه شيئًا.

شعر إسماعيل بدم بارد يجري في عروقه، وتراجع خطوة إلى الوراء.

لكن سعاد رفعت يدها فجأة وأشارت إلى الداخل... كأنها تطلب الدخول.

تردد للحظة، ثم همس بصوت مرتجف:

— "فريدة؟ أأنتِ هنا؟"

لم يكن هناك رد... لكن المصباح الزيت انطفأ وحده، والبرد في الغرفة ازداد فجأة.

وفي الظل، وسط الظلام، سمع همسة خافتة، أتت من كل مكان ولا مكان:

— "أعيديها، قبل فوات الأوان..."

ثم... اختفى كل شيء.

لم تكن سعاد هناك.

ولا الظل.

لكن الفستان الأبيض الذي كان على الأرض؟

صار ملطخًا بالدم.

---

في الصباح، لم يجد أحد أثرًا لسعاد، كأنها لم تكن هنا أبدًا.

لكن إسماعيل كان يعرف الحقيقة...

هناك شيء آخر في القرية.

شيء أقوى من فريدة.

شيء لم يكن يبحث عن الانتقام... بل عن المزيد من العرائس.

ولم يكن ينوي التوقف.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1