رواية وميض الحب الفصل الثلاثون بقلم لولى سامى
بكل منا قبس من روح قابيل و هابيل ..
لتتعالى الصراعات بداخلنا حول إعلاء اي روح منهما …
واحيانا يكون لكل روح دورا ووقتا يجب الظهور به في حياتنا ….
فليس معنى أننا نتعامل بروح هابيل السمحة ونوهب الامان والثقة ان نتغاضى عن الخيانة والغدر…
لتعلو حينها روح قابيل معلنة القصاص بكل من خان الثقة واستغل تلك الطيبة….
وكما قيل بالامثال من عاشر القوم أربعين ليلة صار مثلهم ومنهم فما بالك من عاشرهم لسنوات !!!!
اشتعلت عيون سيد غضبًا وثورة وهو يتسائل بالهاتف / انتي مين وعايزة ايه ؟؟
حاولت فتون المراوغة قليلا من الجهة الأخرى ولكنه هدر بها مهددا / ورحمة أمي إن ما قولتي حالا انتي مين هجيبك أنا …..
بس ساعتها متلوميش إلا نفسك ….
انتي مين يا بت ؟؟؟
بصوت خافت جدا لا يصل لمسمعها ومرتجف نطقت باسمها ….
وبرغم انها كانت تهمس إلا أن مكبر صوت الهاتف قام بعمله على أكمل وجه واستطاع أن تلتقط أذنه التي كانت تنصت بكل اهتمام لالتقاط اي هفوة منها …..
عقد ما بين حاجبيه مستنكرا ما استمع إليه ليسألها مجددا بصوت اقرب للريبه / قولتي مين ؟؟؟
ابتلعت لعابها بصعوبة وهمست باسمها ولكن بنبرة اعلى قليلا ومتذبذبه كثيرا / ف….فت…… فتون.
ارتمى على اقرب مقعد بمكتبه وهو يحاول ربط الأفكار ببعضها لتتلاحق على عقله افكار متلاحقة ومتداخله كالغيرة وكيد النساء وربما الايقاع لهدف لم يتوصل له بعد ولكن حتما جميعهم يدعون للكذب…
ليحاول فهم الهدف من كل هذا للوصول للحقيقة..
فإذا علمت الاهداف ظهرت الحقائق…..
اغلق عينه لحظه يحاول بها تهدأة حاله وترتيب أفكاره ثم فتحها سائلا إياها / لو افترضت أن كل المهاترات اللي انتي بعتاها حقيقي ، ايه اللي يثبتلي صحة كلامك ؟؟
برغم صمته المريب للحظات معدودة مرت عليها كالساعات حتى كادت أن تغلق الهاتف هربا من حصاره…..
إلا أن سؤاله بعد الصمت أراح قلبها قليلا لتستمد الشجاعة وتجيبه محاولة إثبات صحة حديثها / اولًا التسجيلات بصوتها واكيد انت عارف صوتها كويس…
فمعتقدتش هتحتاج إثبات اكتر من كدة …
كادت تكمل إلا أنه باغتها بسؤاله / ولو التسجيلات بصوتها ايه اللي خلاكي تسجلي ليها اصلا …
ثم إن انتي متعرفيش أن التسجيل بدون إذن حكومي يوديكي في داهية ….
فور استماعها لتهديده المبطن أزالت الهاتف من على أذنها سريعا وفتحت المحادثة بينهم ثم أزالت كافة الرسائل التي ارسلتها له ثم عاودت وإجابته بعصبية برغم خفوت صوتها إلا أن العصبية كانت السمة الغالبة عليه وكأنها ستنهي ما بدأته / أنا اسفة يا سيدي وغلطانة أن شوفت واحد مضحوك عليه وحاولت انبهه حقك عليا ….
ثانيا ….
لم يمهلها ان تكمل ليسألها بصورة حاسمة / أنا بسالك بكل وضوح سجلتي لدعاء ليه ؟؟
شعرت بالاستفزاز لتجيبه بقوة / علشان هي تستاهل تتفضح …
علشان هي مصانتش النعمة اللي ربنا مديهالها…
علشان هي وامها كانوا السبب في خراب بيتي ووفاة والدي ووالدتي …
لكن الظاهر أن قدرتك غلط وافتكرتك متعرفش حاجه وقولت اعرفك لكن بعتذر للمرة الثانية…..
لم يتوقع أن يكون الهدف الانتقام فالصورة الواضحة أمامه لابناء خالة عزيزة …..
ولكن من الواضح أن هناك الكثير والكثير من الخبايا التي لم يعلمها بعد….
قاطعها للمرة الثانية ليحاول تضيق الخناق بصورة أكثر سائلا إياها / لو افترضت أن التسجيلات صحيحة وإن اللي بعتيه كمان صحيح ….
تقدري تقوليلي ممكن الاقي الورق اللي صورتيه ده كله فين ؟؟
عايز اشوفه بنفسي وبعيني ويكون بين ايديا ….
وهنا شعرت براحة البال فقد تسرب إليها منذ قليل شعورا بالإحباط إلا أن بسؤاله هذا تجدد بداخلها الأمل بتصديقها لتسرع بالإجابة عليه / أنا هقولك مكان كل حاجة وتقدر تشوفها بنفسك وتتاكد ..
أخبرته بادق التفاصيل عن مكان تواجد كل ورقة ومقارنتها بالصور المرسلة إليه حتى يطمئن قلبه فإذا تأكد من الأوراق فلن يشكك بالصوت والكلام ….
بعد أن استمع الي كل ما تذكره من تفاصيل بشقته وقد نبت بداخله بذرة التأكد ولكن ينقصه رؤية العين حتى لا يظلم من اعتبرها رفيقة دربه ليسالها محاولا ترتيب الخطط بعقله / انتي نايمة فين دلوقتي ؟؟
إجابته بتعجب من السؤال / عندكم بالشقة بس في اخر اوضه جنب الباب بعيد عن اوضتكم ….
صمت لبرهه ثم استكمل حواره / تمام عايزك بكرة تاخديها وتخرجوا بأي حجة لمدة ساعة على الأقل وبعد كدة هبلغك هتعملي ايه….
اتفقا سويا بالخطوة المبدأية بينما هو لاحظ تأخر الوقت بشدة ليجمع أغراضه ويعود لبيته على مضض وعقله شارد فيما سيفعله ….
كل ما يهمه الان هو التأكد من حقيقة الأمر وبعدها سيقضي الله أمرا كان مفعولا.
…………………………………
أسدل الليل ستائره ليواري ظلم البعض ويخفي قهرة البعض الآخر….
ولكن لكل ليل نهار يسطع ليمزق ستائر الليل ويعلي الحق مهما كان….
استيقظت دعاء لتجد زوجها غافيا على الأريكة تعجبت من حاله فلما لم ينم بجوارها ككل ليلة؟
كما تعجبت ايضا من حاله فهو حتى الآن لم يذهب لعمله كعادته وقد تجاوز الوقت المحدد للذهاب للعمل …..
استقامت وتوجهت بالقرب منه لتوكزه بغرض ايقاظه ولكنه لم يستجيب ….
نادت عليه وحاولت ايقاظه مرة أخرى بتذكيره بموعد عمله / سيد اتاخرت على الشغل يا سيد قوم بقى …..
بالكاد أفرج عن جفنيه فالنوم ظل بعيدا عن جفونه حتى غفى من كثرة التفكير ….
فور رؤيتها أمامه تذكر ما استمع إليه وما يريد رؤيته ليغلق عيونه فجأة وكأن شيئا قد طرفه فيها ….
أخذ يقول وهو يفرك بهما / مش هقدر اروح الشغل النهاردة يا دعاء سيبيني اريح شوية …..
عيني وجعاني علشان قعدت قدام الكمبيوتر كتير امبارح ….
كعادتها لم يخرج منها لفظا حسنا واحداً تشدد به من أزره أو حتى تحت مبرر الاطمئنان عليه ….
ولكنها اخذت توبخه قائلة / يعني كان حد قالك أسهر ….
تسهر طول الليل تشتغل للناس وجاي عندي هنا تتعب …….
فاض الكيل وطفح ولكنه لم ولن يكون احمق وغبي كالمرة التي اتبعها بها وترك عائلته…..
ليجز على أسنانه محاولا الحفاظ على هدوءه …..
ضرب بحظيثها اللاذع عرض الحائط واستقام متوجها للفراش دون أن ينظر لوجهها ….
فهو يشعر أنه إذا نظر لوجهها لم يستطيع تمالك روحه في تمزيقها بأسنانه لذلك ادعى بإجهاد عيونه وجسده طالبا الراحة قليلا / معلش استحمليني النهاردة بس ….
وسيبيني اريح يمكن اقدر اقف على رجلي تاني ….
وكأن مقولته يقصد بها هدف آخر ولكنها كالعادة لم تعي مقصده ابدا ….
ولو كانت وعت مقصده بيوم من الايام لكانت أدركت مدى حبه وتضحياته من أجلها…..
لم تجيبه بل لوحت بذراعها وهي تتوجه ناحية الباب وتقول / انت حر أنا طالعة اخلي البت فتون تعملنا فطار حابب تفطر تعالى بره مش حابب براحتك اللي ياكل على ضرسه ينفع نفسه….
وبالفعل توجهت للخارج وهي تنادي على فتون بينما هو كان يحاول كظم غيظه ولو مؤقتا …..
تدثر بالغطاء مخفيا كل جسده بدءا من قدمه حتى رأسه مدعي النوم بينما هو أسفل الغطاء لا يستريح عقله من التفكير ……
بعد وقت ليس بكثير وجد من توكزه وهي تخبره بذهابها لمركز التجميل مع فتون ….
لم يعلق كما أنها لم تعيد عبارتها…
استمع لصوت صفق باب الشقة لينتفض من أسفل الفراش ويتهادى بخطوات رزينه مشتكشفا الأمر بالردهه….
تاكد من خلو الشقة ليتأكد من غلق الباب وانطلق يبحث عن كل ما يريد رؤيته …..
مع رؤيته لاول ورقة والتي تحمل تاريخ انتقالهم ومبلغ شبكتهم بدأ الكره يتسلل لقلبه ليستبدل مكان الحب الذي كان يكنه لها ….
فورقة كهذا كانت ثمنا لفقدانه أهله ….
وضع الورقة بجزلاته والتقط المصوغات الذهبية وأخذ يكمل مسيرة البحث الذي مع انكشاف كل ورقة تزيد أضعافا من الكره بقلبه حتى وجد الطامة الكبرى….
ألا وهي نتائج التحاليل الكثيرة والمتباعدة التواريخ والتي تثبت حقا انها هي من تعاني من انعدام فرصة الحمل…..
تذكر بعض الأدوية التي كانت تواظب على تناولها وعند سؤالها تذكر أنها بعض المقويات ….
كما تذكر أيضا الايام التي كانت تحاول استمالته فيها حتى ولو كان مجهدا …..
انبثقت دمعه من مقلتيه ليغلق على آثارها عيونه لتنهار حصون الثبات لديه فأخذ يبكي اطلال عائلته وكرامته المنحوره …..
بكى كأنه لم يبكي سابقا ….
بكى على كم الأمان الذي قابله بخيانة ….
بكى على كم الحب الذي قابله بجحود …..
بكى على كم التهاون الذي اعتقدوه استكانة …..
انتفض من جلسته مكفكفا دموعه ناصبا قامته مرة أخرى كالذي خرج من حرب ضارية الان وعليه بتأهل نفسه من جديد لاستعادة قوته ….
اعاد كل شيء مكانه وكأنه لم يكن يبحث عن شيء ولكنه احتفظ بكل ما يخصه وما يملكه ……
وضع الاوراق والمصوغات جميعها بحقيبة العمل ثم جلس يفكر بعد أن تأكد لديه كل شيء ليتخذ قراره أنه لن يأخذه فيهم شفقة أو رحمة ….
جلس يخطط بما سيفعله وكأنه نقب عن الروح الشريرة بداخله ليحيك مخططا يخلص فيه كل ذنبه وذنب أهله …….
اخرج هاتفه وشرع في تنفيذ المخطط مع أول مكالمة هاتفية ……
………………………………….
استيقظت يمنى بصعوبة مع إلحاح من والدها ووالدتها واختها فهى تحاول الهروب من الواقع لعالم الاحلام الذي قد يهون عليها الأمر قليلا ….
وربما يذكرها بذكريات تمنت أن تدوم ….
حاولت سعيدة مرارا معها حتى تتناول افطارها ولكنها فشلت لتتركها بمفردها لعلها تعود لادراكها …..
فور خروج والدتها من غرفتها اعتدلت بفراشها وأمسكت بهاتفها لتشاهد صورهم سويا ولكنها لاحظت رسالته تزين شاشتها….
فتحتها مسرعة فإذا بكلمة واحدة فقط ( سامحيني )
اخذت تضحك تارة وتبكي تارة أخرى
فتارة كانت تتمنى أن يطلب منها السماح تلك بعد اي مرة من مرات الغضب …
وتارة أخرى تؤكد لنفسها أن لا مجال للسماح بينهم الان ….
ظلت على حالتها تلك لوهله حتى اكتسح الحزن والبكاء كافة جوارحها ليزداد البكاء كلما تذكرت موقف من مواقفه أو وعد قد وعدها به أثناء خطبتهم …
وكيف كان حاله واشتياقه لجمعهم التي لا تعلم أنه كان بداية نهايتهم …..
مرت يسرا أمام غرفة اختها لتستمع لنحيبها فطرقت الباب تستأذن الدخول ولكنها لم تنتظر بل دلفت مباشرة لتسرع لأختها تحتضن إياها وتحاول تهدأتها قائلة لها كلمات ربما ساعدتها في التئام جروحها /هو اللي خسران والله ……
بكرة يندم ويجيلك لحد هنا طالب السماح ….
مرغت يمنى رأسها بصدر اختها وهي تمتم بكلام غير مفهوم لتحاول يسرا الاستفهام عما قالته اختها فاعادت يمنى كلماتها مرة أخرى / عرف ….عرف بعد فوات الاوان …..
عرف وطلب اسامحه بس انا مش قادرة اسامحه…..
مش قادرة …..
تسائلت يسرا نفسها ترى ماذا حدث ليطلب السماح باليوم الثاني بعد رحيلها ؟؟
ألهذا الحد يعشقها ولا يستطيع الاستغناء عنها ليلة واحدة !!
اذا فلماذا كانت الاستهانة بها وبمشاعرها وكرامتها؟؟
ام أن ضمائرهم استيقظت وندموا على فعلتهم بحق اختها ؟؟
لم يصل عقلها لحل هذا اللغز فظلت تربت على ظهر اختها بحنان واحتواء حتى غفت وكأنها تهرب من واقعها بكثرة نومها…….
خرجت يسرا للردهه لتجد والدها ووالدتها ينظرون لها باستفهام لعلها تريح أعصابهم قليلا وتسرد لهم ما حدث لأختها ….
وبالفعل وجدت يسرا أن من حقهم الاطمئنان على ابنتهم ومعرفة الظروف التي مرت بها لتجلس بالقرب منهم تسرد لهم بعض المواقف التي أخبرتها بها اختها من قبل والتي تعلم بها ما عدا موقفي تحرش صبري وموقف عبدالله واهانته لها…. …..
فور أن انتهت من سردها انتفض الاب من مكانه باحثا عن هاتفه لتساله سعيدة / هتعمل ايه يا كريم وهتكلم مين …
بغضب عارم وعصبية مفرطة أجابها / هكلم ابن حكمت واهزأة ….
لما هو مش راجل ومش قد صيانة ولاد الناس كان اتجوز ليه !!!
مش قادر على اخواته وأمه يبقى مكنش اتجوز وقعد جنبهم……
مش يمرمط بنات الناس معاه …..
استيقظت من بالداخل على ثورة ابيها تلك لتستمع لكل أحاديثهم ….
جزء بداخلها يتمنى اتصال ابيها بعبدالله حتى يعلم الأخير أن خلفها رجل لن يتهاون في معاقبة من يؤذي ابنته ….
وجزء اخر بداخلها يتمنى أن يهدأ ابيها قليلا ويحاول التحدث مع عبدالله باللين والوصول معا لحل يبعد تماما عن الانفصال ….
ولكن ما هو الحل الذي يبعد عن الانفصال ….
فإما السكن بمكان بعيد وقطع علاقته باخوته وهذا بعيد كل البعد عن التنفيذ واما الطلاق نهائيا …..
على ذكر الطلاق استصعبت ذكر الكلمة فكم عشقته وتمنت معه حياتها المستقبلية ولكن اين الذي عشقته؟؟
فقد تبخر مع صدوح اخر اغنية بليلة زفافهم….
ليتيقن قلبها أن لا مفر من الطلاق فالذي تحبه ليس له وجود الان ….
جلست سعيدة بجوار زوجها تحاول تهدأته والوصول معه لحل يرضي جميع الأطراف / أهدى بس وخلينا نفكر بالعقل ….
يعني هتفرح لو بنتك اتطلقت بعد كام شهر من الجواز ؟؟
* اه هفرح بس الجملة متتقالش كدة الجملة تتقال أن بنتي ربنا رحمها وكتبلها أنها تبعد عن ناس زي دي …
هدر كريم بتلك الجملة لتوافقه سعيده بحكمه قائلة / أيوة اديك قولت الحل….
وهو أن بنتنا تبعد عن الناس دي….
ولو على عبدالله فهو معزور الراجل ما بين أهله ومراته ممكن يكون صالحها ولا دافع عنها مرة او اتنين احنا منعرفش…..
لما نسمع من بنتك هنفهم اكتر ومتنساش أنها طول اليوم بالبيت معاهم وهو بالشغل يعني اللي بيصلحه بالليل بيرجعوا يبوظوه هما بالنهار ….
نظر لها كريم نظرة استفسار عن مقصدها ليسالها بريبة وتحفز / يعني ايه قصدك ترجعله ؟؟
انتي عايزه بنتك ترجع مرمطون لهم ؟؟؟
* ابدا أنا عايزة بيت بنتي يعمر غصب عن الاعادي …
انا كنت بقول قبل الجواز مينفعش بيت العيلة وكلكم افتكرتوني ببوظ الجوازة….
أو اني مش مقدرة مجهود الراجل ….
بس دلوقتي بعيدها تاني عبدالله عايز بنتنا يجبلها شقة لوحدها وبعيد عنهم كمان وممنوع حد يروحلها فيه….
يوافق على شروطنا دي ماشي مش موافق يبقى زي ما دخلنا بالمعروف نطلع بالمعروف ….
عقد كريم ما بين حاجبيه وهو يسألها بتعجب من طريقة تفكيرها قائلا / وانتي فكرك واحد دلدول لامه لو وسوستله بعيد عن بنتك مش هيسود عيشة بنتك لما يرجعلها ….
طرق بكفه على الطاولة أمامه وهو يقر بعصبية / الموضوع انتهى وبكرة لو هو متكلمش أنا هكلمه وهقوله يجي ينهي الموضوع وشكرا لحد كدة….
بتره احسن من نحته ….
فور نطقه باخر جمله انتفض واقفا وتوجه لغرفته يقرأ القليل من القرآن الكريم لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا …..
وجهت سعيدة نظرها ليسرا وهي تنطق بكل أسف وحزن / قومي يا بنتي اسالي اختك إذا كانت عايزة الطلاق ولا نحاول تاني ولو مش عارفه تجاوبك قوللها تصلي استخارة الموضوع يستحق التفكير …..
ولو على ابوكي انا هخليه يستنى ثلاث ايام كمان لحد ما نعرف اللي اختك عايزاه بالظبط …..
ربنا يفك الكرب عن قريب إن شاء الله ……..
بالطرف الآخر استيقظ عبدالله متأخر عن موعده الاصلي فلم يهتم أحدا بايقاظه لعمله …..
مما جعله يلغي فكرة الذهاب للعمل اليوم وخاصة بعد أن قضى ليلته ساهرا وممسكا بهاتفه ينتظر جوابها …..
شعر بالم برقبته وهو يعتدل بجلسته فقد غفى بين لحظات بل ساعات انتظاره دون أن يشعر ودون أن يعدل من رقدته مما جعله يتألم من رقبته بشدة ….
فتح جفونه ليحاول تحريك رقبته بصعوبه باحثا عن هاتفه……
ليجده اخيرا أسفل الغطاء …..
امسك به محاولا فتحه ولكنه اكتشف أنه خالي من الشحن ……
استقام من الفراش وتوجه باحثاً عن الشاحن ظل يبحث كثيرا بالاماكن التي كانت يمنى تضعه بها ولكنه لم يجده …..
تذكر أن أخته هي من أعادت ترتيب الشقة ليجز على أسنانه معلقا / هيحصلكم حاجة لو سيبتوا كل حاجة مكانها ….
يا ساتر من كيد الحريم …..
لم يتحمل احتياجه المرحاض فتوجه اولا للمرحاض يقضي حاجته وينعم بحمام دافئ ربما يهدئ من تفكيره قليلا ويهدي عقله للتفكير الصحيح ….
قرر وهو يسحب منشفة قد وجدها بمكان مغاير عن مكانها الاصلي أنه سيأخذ حماما ويشحن هاتفه وطاقته ليستعد لحربه الضارية في إعادة حبيبته بكل الطرق الممكنة والغير ممكنة
………………………………
توجهت سمر لمقابلة وليد بعد أن ارتديت كامل زينتها من المصوغات الذهبية واخبرت والدتها أنها ستعود مرة أخرى للطبيب من أجل تغيير الدواء ….
التقت به بالفعل بالمكان الذي أرسله إليها لتجد نفسها بمكان متدني جدا وشعبي لأقصى حد ….
بل إنه يصل لحد الاماكن المشبوهة….
ترجلت من سيارة الأجرة فحتى السيارة امتنعت عن التغلغل بهذا المكان فالارض كثيرة التعرج والمكان غير آمن …..
حتى سائق السيارة نظر لها نظرات شك وريبة حين أوضحت أنها تريد الوصول لهذا المكان ….
فتحجج بضيق الحارات والازقة بشكل يمنع السيارة من الالتفاف….
اجرت اتصال بوليد تخبره عن مكانها بعد أن عنفته قليلا/ ايه المكان ده يا وليد ؟؟
معقولة في دكتور شاطر هيجي هنا ؟؟
ثم انت فين أنا عند القهوة اللي بأول الشارع ….
أجابها بأن تنتظره وسيكون أمامها بعد لحظات …
وبالفعل لم يخطئ في تقديره كان يقف أمامها بابتسامته اللزجة التي جعلتها تراه وكأنها لأول مرة تراه بها ….
دب القلق اواصرها لتلتفت متأهبة للعودة / أنا مش عايزة اكشف انا عايزة اروح …
امسكها من معصمها وكأنه يتمسك بفرصته الذهبية ليحاول إقناعها بإكمال خطواتها معه / في ايه يا سمر انتي مش واثقة فيا ولا ايه ؟؟
لأول مرة لا تعرف الإجابة فنظرت إليه بتردد ليعي تشتتها جيدا فاردف مكملا / هنكشف ونمشي على طول يا ستي…..
وليكي عليا نروح نقعد في مكان حلو على النيل متقلقيش …..
زاغت ابصارها لتسأله بقلق واضطراب / متأكد أن الدكتور اللي هنا كويس أنا مش مطمنة ….
امسك بكفها محاولا التربيت عليه وبث روح الطمأنينة بها / أنا معاكي متقلقيش …..
ثم اني سالت عنه كتير وكلهم شكرولي فيه …
هو بس علشان من ابن المنطقة فمش عايز يفتح عيادة بعيد عنها ….
ووالدها خدمة لأهل منطقته يعني…
اطمئن قلبها قليلا لمبرره ليسحبها ويدلف بها بداخل تلك الزقاق لتلاحظ يافطة إعلانية بها اسم طبيب غير واضح من كثرة التراب الذي يغطيها ولكنها وجدت اسم فقط بدون ذكر أي تخصص لتشير لتلك اليافطة سائلة / هي اليافطة دي بتاعته ؟؟
نظر وليد للمكان التي تشير إليه لينظر لها مؤكدا فاتبعت نظراته بسؤالها / أمال مش كاتب التخصص ليه ؟؟
يعلم أنها لم تكمل تعليمها لذلك كان من اليسير عليه إقناعها بأي حجة فقال موضحا / يعني دكتور في منطقة فقيرة وبيخدم أهله هيفرق معاهم التخصص اوي ….
ثم حاول بث الطمأنينة بقلبها فاردف مكملا بنفس الابتسامة / بس متقلقيش هو اساسًا انف واذن وحنجرة ومعالج لوز المنطقة كلها ….
نطق بجملته الأخيرة واتبعها بضحكة سمجة ثم سحبها لداخل ذلك المنزل ذو الإدراج المهشمة …
فور وصوله لعيادة الطبيب استقبله الممرض بالترحيب الذي يبدو على زيه وكأنه لم يغسل قط من كم التلوث وقطرات الدماء الجافة والقديمة المنثورة عليه …..
شعرت سمر بالغثيان من المنظر ولكن لم يعطي وليد لها الفرصة للتعبير عن حالها بل سحبها لداخل مكتب الطبيب والذي من الواضح أنه لا يختلف كثيرا عن الممرض إلا أن البالطو الخاص به انظف قليلا ولكنه غير مهندم بالمرة وكأنه لم يمر عليه مكواه من قبل…….
استقام الطبيب ورحب بهم وقبل أن تسرد ما تشكو منه بدأ الطبيب بسؤالها عن ما إذا كانت قد اشتكت من أذنها من قبل ام لا ؟؟
فهمت سمر أن الطبيب لديه خلفية عن حالتها …
حاولت بالتحاوب مع اسئلة الطبيب والذي أخرجها قليلا من حالة الاستنفار التي بها ….
بعد كم من الاسئلة استقام الطبيب ممسكا بأداة بيده وكشاف صغير وبدأ بالكشف عليها مما طمأن حالها قليلا ….
طمأنها الطبيب على حالها وان كل ما تشكو منه ماهو الا مجرد التهاب بطبلة الاذن……
دون لها دواء واخبرها أن تداوم عليه لمدة سبع ايام وتأتي له مرة أخرى …..
مد يده بالورقة والتي لاحظت سمر أنها ليست بورقة طبيب بل هي ورقة بيضاء ….
كما أنه لم يكتب الدواء باللغة الإنجليزية بل دونه بالعربية مما أثار دهشتها قليلا ولكنها لم تهتم لتلك الأمور ….
انتهت المقابلة الطبية لتتوجه مع وليد لمكان راقي يبعد عن تلك المنطقة المشبوهه كما نعتتها …
فور جلوسها أطلقت زفيرا وهي تقول / المنطقة صعبة اوي يا وليد معرفش عرفته منين ده ……
جلس وليد بالمقعد المواجهه لها وعلق قائلا / مش مهم المنطقة المهم أنه شاطر وان شاء الله الشفاء يبقى على أيده …..
* صحيح الكشف بتاعه كام ؟؟
ألقت سؤالها وهي تفتح حقيبتها عازمة على إعطاءه حق الكشف ليدعي وليد الغضب ونهرها قائلا / انتي جاية تشتميني يا سمر ؟؟؟
عيب انتي هتبقي مراتي يعني مسؤولة مني ….
مش معنى اني هستلف منك قرشين أني هعيش على قفاكي…..
لا ده وضع مؤقت لحد ما اقف على رجلي ….
اخرجت سمر النقود من حقيبتها وهي تصر على عدم الأثقال عليه فقالت بإصرار وهي تمد يدها بالنقود / والله ابدًا أنا مقصدش اهينك ابدا بس انت في أزمة نعديها وبعد كدة يا سيدي ابقى عالجني على حسابك …..
ها بقى قولي حساب الكشف كام ….
فور رؤيته للنقود سال لعابه وأخذ يوزع نظراته بينها وبين النقود ليضعف أمام مالكة قلبه …..
فقال وهو يتصنع الخجل / الكشف ب 500 ج …
تعجبت من المبلغ فقد أخبرها انه يخدم أهل المنطقة فتوقعت أن يكون الكشف أقل بكثير من هذا المبلغ …
لتمد يدها داخل حقيبتها مرة أخرى وهي تجمع المبلغ وتعلق قائلة / انت مش قولت بيخدم أهل المنطقة متوقعتش يكون غالي كدة !!!
فورا تذكر كذبته السابقة ليحاول اللحاق باسنادها بكذبة أخرى فعلق بتهتهة قائلا / اه فعلا … ماهو لاهل المنطقة ب…. ب…50 ج لكن اللي من برة ب 500 ….
واهو ده يصرف على ده يعني هيعيش منين ….
مدت يدها له بالمبلغ وبملامح قاضبة عبرت عن جزعها مما رأته / بس حالته صعبة اوي أنا لما شفت الشقة أو الممرض قولت دول بتوع حقن شمامين ومخدرات وخفت يكون الدكتور مش دكتور …..
بصراحة مستبعدة خالص موضوع أنه دكتور بس اهو هنجرب الدواء لو خفيت هجي له بعد اسبوع لو مخفتش هنشوف غيره ….
التقط وليد النقود وهو يبتسم ابتسامة صفراء ويتبعها بالقول / تمام تمام يا حبيبتي وانا معاكي في اللي تقولي عليه…..
اقبل عليهم النادل لتطلب مشروب طازج ويطلب هو فنجان من الشاي فقط …..
فور انصراف النادل امسك وليد كفها التي كانت على الطاولة وأخذ يتحسس بها قائلا بصوت حاني / عايزة اطلب منك طلب بس ياريت مترفضيش ….
واعرفي أن ده لمصلحتك قبل ما يكون لمصلحتي …
نظرت لكفها الذي بين يده ويمسد عليها بكل رقة وحنان ثم وجهت نظرها إليه وهي تشعر بسعادة تمنتها منذ سنوات …
لتشق ابتسامة الطاعة ثغرها وهي ترحب بكل أوامره قائلة / انت تؤمرني مش تطلب مني يا وليد ….
كان لابد أن يضغط مرة أخرى ليوطد العلاقة قبل أن ينطق بفكرته فأمسك بكفها وقربه من فمه لاثما إياه بباطنه مما دغدغ مشاعرها وتسربت إليها كهرباء قضت على كامل قوتها الباقية …..
فور شعوره بامتلاك قلبها وعقلها أشار إليها بمخططه والذي اوهمها أنه حفاظا عليها من سؤال او تطفل اي شخص بعائلتها / ايه رايك يا حبيبتي لو طلعنا عملنا محضر بالقسم…..
وقولنا أن دهبك اتسرق من سواق الاوبر اللي كنتي راكبة معاه …..
بتقولي انك لاحظتي أنه راح في طريق غير طريقك ولما واجهتيه هددك يا اما تسلميه دهبك يا اما هيقتلك وياخده ….
لاحظ اتساع حدقتيها ليردف مكملا ومطمئنا بذات الوقت / متقلقيش خالص هكون معاكي مش هسيبك لوحدك ابدا…..
ثم إن ده علشان مصلحتك علشان في البيت لما تحكلهم أن دهبك اتسرق محدش هيقعد يسالك الدهب راح فين…..
علشان ساعتها لو عرفوا انك ساعدتيني هيرفضوا جوازنا ……
ها قولتي ايه يا قلبي ؟؟…….