رواية عطر سارة الفصل الرابع والثلاثون 34 والاخير بقلم شيماء سعيد


 رواية عطر سارة الفصل الرابع والثلاثون والاخير

قبل ساعات..

بعد إنتهاء حفل الزفاف..

حمل على أروي بين يديه مثل الكنز الثمين، ها هي أتت اللحظة الذي حلم بها لمدة عام، أروي زوجته وحلاله، تضم عنقه بذراعيها بكامل رغبتها، فتح باب الجناح بيد والاخري يغلقها عليها، دلف بها وأغلق الباب عليهما ثم وضعها على الفراش وجلس بجوارها بصمت، طال صمته فقالت بتوتر:

_ مالك يا علي في إيه ؟!..

هي معه بالفعل ؟!... نعم معه.. ما يحدث الآن حقيقي، مرر يده على وجهها هامسا:

_ أروي..

إبتسمت إليه بحب وقالت:

_ يا روح أروي..

يا الله على حلاوة الجملة، سألها بخوف:

_ أنتِ بقيتي مراتي صح ؟!..

أومات إليه بحركة بطيئة من رأسها وقالت:

_ امممم بقيت مراتك والنهاردة فرحنا ..

نعم اليوم كان حفل زفافه عليها، اليوم أخذها أمام الجميع وأعلن ملكيته لها، سحبها من خصرها لتلتصق به، شعر بأنفاسها المتوترة فقال:

_ تعرفي أنا كام مرة حلمت باللحظة دي ؟!..

همست بنعومة:

_ كام ؟!..

رفع يده وبدأ يزيل عنها حجابها، رأي تغير ملامحها، رأي توترها وأرتفع وهبوط صدرها من أرتفع دقات قلبها، لأول مرة يشعر بالمتعة مع امرأة من مجرد لمسة، ألقي بالطرحة أرضاً وضمها إليه، أغلقت عينيها وهي تشعر بيده على ظهرها يفك زراير الفستان، هذه ليست مرتها الأول ولكن ما تشعر به عكس ذلك، خائفة يأكلها الخجل تشعر بالذوبان من حركت أصابعه على عمودها الفقري فقالت برجفة:

_ علي..

_ يا قلب علي..

جملة كانت حاسمة بعدها تمادي علي إلي إلا حدود، غرق بها ومعها أخذها لمشاعر كانت بالفعل جديدة عليها، رجل خبير مع امرأة تائهة لا تعلم ما يحدث ولكنها فقط مستمتعة..

أنتهي ليضع قبلة ممتنة يشكرها بها على ما عاشه مردفاً بنبرة صوت متحشرجة:

_ شكراً..

بأعين مغلقة همست:

_ على إيه ؟!..

_ على إنك بتاعي، على تصديقك ليا بعد ما كانت بدايتنا وحشة أوي، أي واحدة غيرك كانت هتهرب من راجل زيي..

أخذت نفس بها أكبر قدر من رائحته المحببة لقلبها وقالت:

_ لو حد المفروض يشكر التاني هبقى انا، كان ممكن تعمل فيا كل اللي أنت عايزه من اول يوم دخلت بيتك،  مش هنكذب على بعض يا علي لو كنت مصمم تاخدني بالشكل ده انا ما كنتش وقتها هقدر اقف قصادك، وقفت جنبي واتحملت كل ردود فعلي ورجعتني لاخويا واخدتني منه مرفوعه الراس، انت نعم ربنا عوضني بيها عن الوحش كله، أنت راجل ما ينفعش غير انك تتحب من اي ست تشوفك...

_ مش مهم أي ست عندي المهم أنتِ..

_ ما أنا بحبك..

كلمة بها لذة الدنيا وما فيها، جذبها إليه بقوة مغلقا عليها ذراعيه مردفاً:

_ اه يا بت علام وقفتي قلبي..

_____ شيما سعيد _____

بصباح اليوم التالي بشركة علام..

ألقي محمود بجسده على الأريكة الكبيرة، عقله يحاول استيعاب ما وصل إليه، خطأ واحد فقط فعله عندما تزوج سارة سرا والآن يتحمل ذنبها ويحصد النتيجة، رأسه يألمه يرفض كل هذا..

دلف معتز عليه مبتسما بعلامة نصر كبيرة إختفت مع رؤيته لحالة والده، للحظة دلف لقلبه الندم، ما ذنب محمود بانتقامه من سارة ؟!.. ما ذنب سمية ؟!.. هزيمة عجيبة جعلته يجلس بجوار والده مردفاً:

_ حضرتك بلبس الفرح ليه ؟!..

يعلم الإجابة يعلم بشاعة ما فعله ولكنه وبكل أسف فعل، بجمود رد عليه محمود:

_ فرحي على سمية عمران الأسبوع الجاي..

كان يعلم هذا من البداية، رتب كل شئ حتى يصل لتلك النهاية وعندما سمعها سمع صوت انكسار قلبه بنفس اللحظة، هل أحب سمية ؟!.. هل أبيه يستحق هذا ؟!.. حرك رأسه برفض وقبل أن ينطق بحرف ات إليه صوت عايدة المقهور " حقي يا معتز" بنبرة مهزوزة قال:

_ يعني إيه يا بابا أنت ناوي تتجوز تاني ليه ؟!..

رفض محمود النظر بعينه وقال:

_ عايزك ترتب كل حاجة بنفسك عايزه يبقي أكبر فرح في مصر كلها..

_ حضرتك عارف بتقول ايه بالظبط هتتجوزها عشان خاطر ايه وهتعمل ايه مع سارة ؟!..

قالها وهو يتمني خبر طلاقه من سارة، يتمني رؤية الهزيمة والانكسار بداخل عينيها، صرخ محمود بغضب:

_ نفذ اللي طلبته منك وبس يا معتز وملكش دعوه باي حاجه تانية.. تحضر كل حاجة بنفسك لو حصل غلطة واحدة هتتحاسب عليها يا معتز..

_ حاضر يا بابا..

_____ شيما سعيد ____

بعد يومين..

جذبها بحنان لتجلس على المقعد المقابل له ، نظرت إليه متعجبة منذ أن عاد من الشركة وهو صامت، دارت بعينيها لجدتها لتجدها تنكس رأسها للأرض بقهر ، إبتلعت ريقها قائلة بتوتر:

_ هو في إيه يا محمود من وقت ما رجعت وأنت ساكت ، حتي فاطمة مفكرتش تسأل عليها هو أنت مضيق من حاجة ؟!..

لأول مرة ينظر لجدته ووالدته يطلب منهما العون ، وبكل أسف الاثنتين لم يجد منهما شئ ، مسح على ذقنه ثم قام من فوق مقعده وانحني أمامها على الأرض جذباً يديها إلي شفتيه مقبلاً إياهم عدة قبلات معتذرة ثم همس:

_ تعرفي إن أنتِ الست الوحيدة إللي أنا حبيتها صح ؟!.. واثقة في حبي ليكي يا سارة إحنا عدينا بحاجات كتير تثبت حبنا وكنا قدها مش كدة يا حبيبتي ؟!..

سقط قلبها بين ساقيها من حالة التوتر التي غاصت بداخلها ، إجابته بنبرة خائفة:

_ محمود لو سمحت قول في إيه أنا بدأت أخاف ، كل ما تحط مقدمات يبقي فيه مصيبة..

أخذ نفس عميق وهو لا يعلم ما يقول ولا كيف سيكون رد فعلها ، فتح فمه وقبل أن ينطق كلمة جائها صوت معتز الساخر:

_ أبويا فرحه بعد أسبوعين يا مرات أبويا على سمية عمران ، كان نفسي أزعل عليكي بس ده نفس الكأس إللي شربت منه أمي وجه الدور عليكي فيه..

حديث كان ناري، سقط على قلبها أحرقه، وهم ما وصل إلي أذنها الآن مجرد وهم، نظرت لمحمود بضياع وحركت رأسها بنفي مردفة:

_ هو بيقول إيه يا محمود أنا مش فاهمة..

ألقي على معتز نظرة غاضبة وبأقل من لحظة كان يحملها بين يديه لغرفة نومهما، صرخت، بكت فعلت الكثير أمام أعين الجميع فهمس إليها:

_ أهدي بقي..

_ نزلني يا محمود نزلني وقولي إن إبنك كداب قدام عينه..

وصل بها على باب الجناح ووصل معهم صوت معتز القائل:

_ مش بكدب يا سارة دي الحقيقة..

أغلق الباب عليهما بساقه ووضعها على الفراش ، راها تبكي بقهر بكاء خارج من أعماق قلبها، حاول إيجاد كلمة واحدة يستطيع قولها ولم يجد، ألقت برأسها على صدره وبكت أكثر فهمس:

_ إيه لأزمة الدموع دي كلها أنتِ مش واثقة فيا يا بسبوسة قلبي ؟!..

تثق به ولكن ما تعيشه الآن شعور مرعب، أرتجف جسدها بين يديه فأغلق عينيه بقوة ومرر يده على ظهرها مردفاً:

_ نامي في حضني يا سارة أنا جانبك..

نفذت ما قاله وكأنها كانت تنتظره، أغلقت عينيها بهروب ونامت، أخذ نفس عميق بعدما تأكد من انتظام أنفاسها ثم وضع قبلتين على خصلاتها ووضع جسدها على الفراش، دثرها بشرشف خفيف وقال:

_ مجنونة يا بسبوسة..

ألقي عليها نظرة أخيرة قبل أن يعود لمحل وجود باقي العائلة كان معتز اختفي من الجلسة وألفت صامتة أما حنان سألته:

_ ناوي تعمل إيه يا إبني ريح قلبي ؟!..

يا ليته يعلم أين طريق راحة القلب حتي يركض إليه، ألقي بجسده على أقرب مقعد وهو يشعر ببداية صداع رأسه مردفاً بتعب:

_ مفيش راحة تاني يا أمي.. المهم حضروا نفسكم للفرح عايز كل حاجة تبقي على أكمل وجه ده مش فرح أي حد..

____ شيما سعيد _____ 

بصباح حفل الزفاف.

بمنزل أحد أصدقاء معتز..

كان يبكي أمام صديقه بحرقة قلب، سقط إلي حافة الهاوية وخسر ما لم يستطيع خسارته، جلس عدي بجواره يحاول أن يخفف عنه مردفاً:

_ أنا مش فاهم منك حاجه خالص يا معتز من ساعه ما جيت وأنت بتقول كلام مش مفهوم، يعني ايه باباك هيتجوز تاني ويعني ايه البنت اللي هيتجوزها أنت بتحبها هي الحكايه ايه بالظبط يا صاحبي؟!.. 

زادت شهقات معتز وأخرج ما يؤلم قلبه أمام صديقه، كان يستمع إليه وهو مصدوم لا يصدق كم الحقد الساكن بقلب صديقه، أبتعد عنه مردفاً بجنون:

_ انت بتقول إيه إزاي يطلع كل القرف ده منك فاهم أنت عملت ايه ولا عقلك مش مستوعب ابوك لو اتجوز البنت دي هيبقى زنا..

ضرب على رأسه بقهر صارخاً:

_ مش هيقرب منها أنا متأكد ان هو مش هيوافق يقرب منها، سارة معاها كل عقله ومش هيقدر يبص لست غيرها، انا قولت لسمية لو قرب منك هقتلك، انا بس عايز اوجعها واكسرها واخد حق امي واخليها تشرب من نفس الكاس اللي امي شربت منه..

ضحك عدي بسخرية وقال:

_ ومين قال لك ان ما تحصلش غلطه ويقرب، وقتها ما حدش هيشيل ذنب الليلة دي كلها الا أنت، وبعدين منين بتحبها ومنين عملت فيها حاجه زي دي؟!.. هي لو عملت حاجه واحده بس غلط هتبقى ان هي وثقت في عيل زيك، متدلع وكل حاجه عايزها بتكون تحت أمرك لحد ما نسيت ربنا ونسيت كل حاجة، وبعدين أمك مين اللي لها حق لو حد له حق يبقى الراجل اللي ضحى بعمره 15 سنه مع ست شبة ميتة ست أنانية كانت واخداه هو وبس ورافضه حتى تشوف أبنها او تقرب منه أنت لازم توقف والمهزله دي وتفوق.. 

كان حديث صديقه صفعة قوية سقطت عليه، تخيل للحظة لو أقترب محمود من سمية وقتها ستكون الكارثة، تخيل وجع قلبه وهو يلقي بها بعيداً عنه إلي الأبد، باقي ساعات قليلة وسوف تحمل لقب محمود علام وتحرم عليه حتي الموت، اختناق غريب جعله يقوم من محله مردفاً بقوة:

_ الجوازة دي لازم تقف حتى لو فيها موتي.. 

ركض من بيت صديقه وهو ينوي الذهاب لمحمود، على يقين من أن تلك الخطوة بها نهايته ولكن هذا أفضل من زواج أبيه من سمية، أقترب من باب سيارته وقبل أن يفتحها أخذ ضربة قوية على رأسه أفقدته الوعي..

____ شيما سعيد ____

بقصر علام جناح محمود وسارة..

وضع الطعام أمامها على الفراش بتعب، ترفض الحديث معه أو الجلوس معه على طاولة واحدة ترفض حتي الخروج من باب الجناح، لا تفتح فمها بكلمة واحدة مع أحد فقط تعيش حياتها كلها تحت محور " فاطمة"، حاول فهما أو فهم ما يدور بداخلها وفشل فقرر اطعامها أمامه رغماً عن أنفها، دارت بوجهها بعيداً عنه فقال بعتاب:

_ هو ده اتفقنا يا سارة ؟!

أغلقت عينيها بتعب شديد، يا ليته يفهم ما تشعر به، ألم بشع يحرقها، مد أحد أصابعه ورفع وجهها إليه مردفاً:

_ ردي عليا اللي بتعملي ده احنا اتفقنا عليه؟!..

أخيرا سمع نعومة صوتها بعد أيام من الحرمان، ردت عليه بقهر:

_ واحنا كنا اتفقنا على إيه ؟!.

رفع حاجبه بذهول وقال:

_ اتفقنا انك تستحمليني المره دي كمان وتثقي فيا الاسبوع ده وانا مش هخليكي تندمي على ثقتك، وقتها وعدتيني انك هتبقي في ضهري ممكن افهم بقى من وقت ما عرفتي ميعاد الفرح وأنتِ عاملة في نفسك كده ليه؟!... 

لا تعلم بالفعل لا تعلم، قلبها مقبوض يسير بداخلها خوف يحطم بها، قولونها العصبي يضغط على معدتها بألم مهلك، رفعت عينيها إليه وقالت:

_ أنا خايفة يا محمود..

جملة لو تعلم كم تؤلمه وتقلل منه ما قالتها، أخذ نفس عميق ثم أقترب منها أكثر ماسحا على شعرها بحنان قائلا:

_ طول ما أنا جنبك ما اسمعش الكلمه دي ابدا لو روحي كانت قصاد روحي هضحي بنفسي عشانك..

سقطت من عينيها دمعة وقالت:

_ بعد الشر عليك انا ما اقدرش اعيش من غيرك، بس أنت مش حاسس بيا يا محمود أنا حاسه اني بتخنق كل ما معاد الفرح ده يقرب ببقى مش مستوعبة.. 

رغم حاجته شديدة لمن يخفف عنه الا انه ابتسم اليها بحنان وقرص على انفها مردفاً:

_ بتتكلمي وكأن الفرح فرحي ما أنا قايلك كل حاجه يا بسبوسه عشان قلبك.. 

ببراءة طفلة صغيرة سألته:

_ أفرض حصلت حاجه واتدبست أنت فعلا وقتها أنا هعمل إيه والله أموت لك نفسي.. 

سحبها لتضع رأسها على صدره ومرر يده على رأسها مردفاً:

_ مش هيحصل حاجة يا مجنونة ومهما حصل أنا مش هينفع ادبس فيها، دلوقتي حبيبتي لأزم تأكل وتأخد شاور عشان ريحتك طلعت عليا بقى وانا جبت اخري بصراحة.. 

قالها بمرح وهو على يقين من جنونها، أبتعدت عنه بغضب وقالت:

_ مالها ريحتي بقى ان شاء الله يا استاذ ده أنت تقريبا بقيت مدمن ريحتي..

أومأ إليها بشغف وهو يدفن رأسه بعنقها ليأخذ أكبر جرعة من إدمانه هامساً:

_ عندك حق أنا فعلا بقيت مدمن لكل حاجة فيكي وحالتي بقت صعبه ومش عايز اتعالج..

أخيرا أخذ منها إبتسامة رضاء، فابتسم إليها بحب وبأقل من ثانية كان يحملها فوق كتفه مردفاً:

_ استعنا على الشقه بالله.. 

_ أنت بتعمل إيه يا مجنون.

_ هحميكي يا بسبوسة..

____ شيما سعيد _____

بالمساء..

أنتهي من وضع أخر لمسة من يده على خصلاتها، كانت جميلة مبهرة مثل عادتها فقال بغيرة:

_ أعمل فيكي إيه حتي وأنتِ زعلانة زي القمر..

ظلت صامتة تاركة نفسها اليه يفعل بها ما يحلو له، أختار فستانها بنفسه حتى المكياج والشعور ظل تحت يد خبيرة التجميل للنهاية وبعدها قرر الباسها المجوهرات بنفسه، وقف خلفها وحدق بها عبرة المرايا مردفاً:

_ أخدت حظي من الدنيا كله فيكي يا سارة..

أبتسمت مردفة بنبرتها الرقيقة المعتادة:

_ شكراً..

وضع قبلة حانة على مقدمة عنقها ثم سحب كفها بين يده مردفاً:

_ العفو يلا بقى عشان نستقبل المعازيم بنفسنا.. 

ضغطت على يده وقالت:

: محمود أنا خايفة وحاسة ان في حاجة وحشه هتحصل، خليني هنا مع فاطمه انا متاكدة انك هتقدر تحل الموضوع ده لوحدك.. .

نظر إليها بعتاب صريح وقال:

_ سارة أنا جوا مصيبة وعايز أحس ان في حد جنبي أقدر أتسند عليه هتكوني الحد ده ولا لأ ؟!..

طلب منها العون بشكل صريح، تعلقت بذراعه وأخذت خطوة للأمام قائلة بنبرة متوترة:

_ هبقى معاك وأنا اللي هستقوى بيك..

رفع كفها لشفتيه ووضع عليه قبلة عميقة ثم تحرك معها مردفا:

_ استنيني في العربية هشوف ماما وجاي..

أومات إليه بهدوء وذهبت فدلف هو للجناح المجاور لجناحه، وجد حنان تجلس على مقعد هزاز وبين يديها كتاب الله تقرأ به، رأت فقالت:

_ صدق الله العظيم تعالي يا محمود لسه ما مشيتيش لحد دلوقتي ليه؟!..

ألقي بجسده على أرضية الغرفة أسفل ساقيها، وضع جسده على فخذيها وقال:

_ جيت عشان أشوفك قبل ما امشي، لما ببقى في حضنك ببقى مطمن وحاسس اني ملكت الدنيا كلها، الخطوة اللي انا باخدها دي اول خطوه اخدها صح من اول ما معتز اتولد، لحد دلوقتي مش قادر اصدق ان ابني اللي اول خطوه له كانت على ايدي يعمل حاجه زي دي،  تعبان يا امي تعبان أوي ومش لاقي أيد واحدة تتمد تسندني.. 

بكت حنان قهرا على ما وصل إليه صغير قلبها، لو كان أحد أساس ما حدث بالكامل ستكون هي، مسحت على ظهره مردفة بندم:

_ حقك عليا يا محمود، شايلتك الحمل من صغرك وخليتك دايما شايل هم الكل لحد ما بقيت خايف على ابنك يطلع زيك، حاولت تعمل كل حاجه عشان ما يبقاش زيك لانك عبيط يا واد ده لو كان طلع زيك كان هيبقى سيد الرجال، لسه عندك فرصه تخليه سيد الرجال أنا متأكدة من كدة، معتز معدنه حلو حتى لو في حته ضلمة هيفضل فيه منك زي ما في من عايدة.. 

تنهد بثقل وقام من مكانه مقبلاً رأسها بهدوء قائلاً:

_ ادعي لي يا أمي..

_____ شيما سعيد _____

بداخل حفل الزفاف..

جلس على بجوار أروي وقال بحنق:

_ اللي بيحصل ده ظلم في عريس يأخد أسبوع عسل وينزل غصب عنه؟!.. هو أخوكي ده مش راضي يسيبني في حالي ليه وبعدين ايه اللي هو مهببه ده انا مش فاهم حاجة.. 

هي نفسها لا تعلم ما يدور حولها، حركت كتفها بهدوء وقالت:

_ ما اعرفش في ايه بالظبط خلينا نعدي اليوم ده كده هنسافر مكان ما أنت عايز..

سحب مقعدها ليلتصق بالمقعد الخاص به وهمس بوقاحة:

_ بقول لك إيه مادام احنا في فندق والحفلة لسه ما بداتش وكده ما تيجي نرتاح فوق شوية ونسيبهم إن شاء الله يولعوا كلهم.. 

خجلت وسعيدة جداً بهذا الخجل وتلك المشاعر التي تتجول بداخلها، جسدها يرتجف من لمسة بسيطة منه من همسة يقول بها كم هي امرأة جميلة، ابتسمت بدلال وقالت:

_ خلينا نتفرج وبعدين وعدتك هروح معاك مكان ما أنت عايز..

قال بحماس طفل صغير:

_ موافق بس عندي شرط..

_ يا ترى ايه بقى هو شرط على باشا عشان يقعد شوية صغننين؟!..

_ الأسبوع اللي فات ده مش محسوب وهنعيد شهر عسلنا من أول وجديد من غير ما نكلم حد ولا حد يعرف مكاننا ولا حد يعرف ان احنا عايشين في الدنيا أصلا، يبقى انا وأنتِ وقله ادبنا وبس.. 

ضحكت بقلة حيلة، علي منذ أول ليلة لهما معا وهو ينتقم منها عن أيام البعد، ضربته على يده مردفة:

_ أحترم نفسك بقي..

نظر إليها بغيظ وقال:

_ نفسي تخرجي روح الملاكم اللي جواكي ده وتبقي اروى السكر إللي بيدوب في أيدي على طول..

نفذت طلبه بلحظة وأتت قطعة السكر خاصته مردفة بدلال:

_ مهو كل وقت له أدان يا لولي..

لولي ؟!.. لابد أن يذهب من هنا الآن، جذب كفها مردفا بسرعة:

_ يلا بينا من هنا..

_ اقعد الله يهديك الموضوع شكله كبير ومحمود على وصول..

زفر بضيق وعاد محله مردفاً:

_ ماشي، ربنا ينتقم منكم عيلة..

____ شيما سعيد _____

بعد نصف ساعة دلف محمود علام وتتعلق بيده سارة علام لحفل الزفاف تحت أنظار الجميع وكاميرات التصوير، شعر برجفتها فقال بهدوء:

_ في إيه مالك ؟!..

كطفلة صغيرة تعلقت به أكثر من أعين الناس وقالت:

_ أول مرة أبقي معاك في مكان مليان ناس بالشكل ده..

مل عليها قليلا وهمس:

_ ومش هتبقى آخر مره عشان كده عايزك تتعودي..

سألته بتوتر:

_ أهلها إزاي وافقوا من غير ما العريس يتقدم ؟!..

_ لما يحطوا أيديهم في أيد محمود علام ده كفايه أوي جوزك مش أي حد يا بت..

همهمت بغيظ من حبه الشديد لنفسه:

_ مغرور وهيفضل طول عمره مغرور..

_ بس بحبك يا بسبوسة..

نال الرضا بكلمات بسيطة، دلف لمقر وجود المأذون وأشار لطارق بطرف عينه فأوما الآخر بهدوء، بعدها سحب زوجته معه لغرفة العروس، وقفت سارة على الباب بتردد فقال:

_ يلا يا قلبي..

دلفت معه لتري سمية، تقابلت معها من قبل كانت جميلة والان أيضا جميلة، جمال باهت حزين، أقتربت منها وقالت:

_ مبروك..

نظرت إليها سمية بضياع وقالت:

_ على إيه دي جنازة مش فرح..

جذبها محمود لتقف أمامه ومسح على وجهها حتى يزيل دموعها وقال بحنان:

_ دموعك غالية يا سمية أوعدك اني هجيب لك حقك بالطريقه اللي ترضيكي بس نعدي اليوم ده الاول وتبقي مراته..

سقطت دموعها بقهر وقالت:

_ انا مش عارفه اشكرك ازاي عشان وقفت جنبي..

أبتسم مردفاً:

_ أنتِ مجنونة يا بنتي؟!.. أنا اللي المفروض أشكرك عشان جيتي لحد عندي وحكيتي لي عن خطه إبني لما ربيته على ايدي، عرفتيني إني ضيعت عمري على الفاضي لو كنتي مشيتي وراه كنا ضاعنا كلنا، بعدين أنتِ ما تعرفيش غلاوه والدك الله يرحمه عندي لو كنت اقدر ارجع بالزمن وخلي اللي حصل ده ما يحصلش ما كنتش هتردد لحظة.. 

بكت قهر على سيرة والدها، فجذبها لحضنه حتى تفرغ وجعها وتذكر يوم قولها لخطة معتز..

فلاش باك..

بمكتب محمود..

_ مالك يا سمية بقى لك أكتر من خمس دقايق قاعده من غير ولا كلمة وعينيكي مليانه دموع في ايه؟!..

بجسد مرتجف وقلب غارف ببحر الحزن قصت عليه ما حدث، كان يسمعها برعب يحاول أن يستوعب ما وصل لعقله، هل معتز فعل ذلك ؟!.. هل وصل به الحقد بتدمير فتاة ليس لديها شي بداخل اللعبة ؟!... عن من تتحدث هي يستحيل أن يكون صغيره، قال بنبرة عاجزة:

_ معتز مستحيل يعمل أو يفكر كدة..

للحظة دلف إليها شعور كبير بخيبة الأمل، أخرجت هاتفها وقامت بالاتصال على معتز وفتحت الاسبيكر، دقة والثانية ورنت نبرة صوته الباردة بداخل المكتب:

_ خير أتمنى تكوني بطلتي نواح وفكرتي في مصلحتك كويس، لأن ما حدش هيطلع خسران غيرك وسمعة خالد باشا عمران خسارة تضيع في الارض وعلى ايد مين بنته الوحيدة!!..

نعم هذا صوت معتز، بكف مرتجف أشار إليها تتحدث فقالت بقهر:

_ ضحكت عليا وأنا اللي فكرتك بني آدم ودلوقتي بتطلب مني كارثة أكبر، اللي انت تطلبه ده هيبقى زنا فاهم يعني إيه زنا ولا انت ما تعرفش ربنا أصلا؟!..

اهتز من نبرتها، أحترق من معني حديثها فقال بجبروت:

_ إياكي يمسك أيدك إياكي يقرب منك، كل المطلوب منك أنك تبقي مراته قدام كل الناس وهي تقف تتحسر غير كده ملكيش دور،  وهتبقي كمان انقذتي سمعتك من الفضيحة ومعاكي قسيمة طلاق.. 

حدقت لمحمود بضياع فكتب لها على ورقة " قولي موافقة وأقفلي السكة" أخذت نفسها المسلوب وقالت:

_ موافقة..

بعد أغلقت الخط وسألت محمود بذهول:

_ حضرتك ناوي على إيه بالظبط؟!..

_ ناوي أكمل اللي بداه إبني وانفذ اللي هو رسمه بالظبط..

أنتهي الفلاش باك..

نظرة واحدة من عين سارة جعلته يبتلع ريقه ويبعدها عنه مردفاً:

_ يلا ظبطي وشك عشان المأذون تحت والصحافه والتلفزيون يعني أنتِ النهارده تحت الاضواء ولأزم تباني مبسوطة.. 

همست برعب:

_ أنا خايفة أفرض حضرتك إنه رفض يتجوزني قدام الكل وقتها هتبقى فضيحة فعلاً.. 

جذب سارة تحت ذراعه وقال:

_ طول ما معاكي محمود علام أعرفي إنك في أمان يا بنت عمران..

____ شيما سعيد ____

بالاسفل..

كان يقف معتز بجوار عمه طارق أسفل الدرج، كان بكامل أناقته كعريس بليلة زفافه، أخر ما يتذكره خبطة رأسه أمام باب السيارة بعد أستيقظ على يد طارق الذي أمره بارتداء بذلة شيك وبعدها أخذه لهنا..

بدأت الخيوط تتجمع أمام عينيه، أبيه علم الحقيقة من أحد غيره، هذا حفل زفافه على سمية، بداخله رعب من القادم ولكنه لحد كبير مطمئن بكونها ستصبح ملكه...

رآها تنزل بيد خالها وبيد الآخر تتعلق بمحمود، بأعماقه جزء سعيد جزء منتصر جزء مرتاح، رفع عينيه لوالده وجده ينظر بعيدا عنه، تألم يحب محمود رغم كل ما حدث، لأول مرة يشعر إنه عاجز حتي عن فهم مشاعره..

تقدم بخطوات ثقيلة وأخذها لمكان المأذون، كانت لمسته ثقيلة على قلبها تكره قربه وترفض ربط إسم والدها الغالي بإسم حقير مثله، لحظات مرت مثل الجحيم حتى سألها المأذون بإبتسامة:

_ موافقة يا بنتي ؟!..

رفعت عينيها لمحمود بضياع فأوما إليها، أخذت منه القليل من القوة وخرج صوتها بضعف:

_ موافقة..

تقدمت الاوراق أمامها أخذت تضع اسمها على واحدة وراء الاخر فسمعت الجملة الشهيرة:

_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير زواج مبارك إن شاء الله..

جذبها لساحة الرقص كانت تسير معه مثل الدمية بلا روح حدق بها بندم هامسا:

_ سامحيني..

رأي بعينيها الكره قبل أن ينطق لسانها به:

_ بكرهك..

_____ شيما سعيد _____

بقصر علام..

سحبه محمود من جوارها وقال لسارة بهدوء:

_ خدي سمية الاوضة إللي جانب جناح ماما يا سارة خليها ترتاح..

أومات إليه بخوف، لا تريد تركه بمفرده أمام الآخر، تخشي غضبه تخشي إرتفاع ضغطه، قالت بحذر:

_ أهدي ووو..

_ سارة..

نطق إسمها بتحذير واضح فنفذت أمره وذهبت مع سمية تعرفها على غرفة نومها..

أشار لمعتز بالسير خلفه، دلف لغرفة المكتب ووقف على الباب متنظر دخول معتز، دخل الآخر بخطوات مترددة فاغلق محمود الباب عليهما بهدوء..

هدوء جعل معتز يشعر ببوادر حرب، جلس محمود على مقعده ثم فتح الخزانة وأخذ منها فلاشة ألقي بها أمام معتز وقال:

_ حطها في اللاب توب وخلينيا نتفرج عليها احنا الأتنين..

رفع معتز حاجبه بتعجب وقال:

_ بابا...

_ حطها في اللاب توب..

بكف مرتجف أخذها معتز منه، وضعها باللاب توب ثم قام بتشغيلها، كانت عبارة عن فيديوهات من غرفة عايدة، رآها وسمعها وهي تقول للخادمة:

_ ابعتي لي معتز عايزة أشوفه..

_ هو حضرتك من امتى بتدخلي حد هنا غير محمود بيه وانا يا ست هانم؟!..

_ عشان محمود يرجع يدخل الاوضه دي تاني لأزم معتز يبقى تحت ايدي، هخليه يحب البنت اللي إسمها سارة دي ووقتها محمود مش هيرضى على نفسه انه ينام مع ست إبنه نفسه فيها وهيطلقها ويرجع لي.. 

شهقت الخادمة بذهول:

_ يا لهوي يا ست هانم ما ينفعش يحب مرات أبوه، وبعدين الاستاذ معتز لسه صغير موضوع زي ده ممكن يقهره..

بجبروت قالت:

_ أنتِ مالك؟!.. أنتِ حتة خدامه تنفذي اللي أنا بطلبه منك وبس هتخافي على ابني اكتر مني، معتز لسه صغير هيحبها يومين وبعد كده هيحب غيرها المهم ان جوزي يرجع لي.. 

فتح فيديو أخر وسمعها تقول ما قهره:

_ معتز لأزم يقرب مني اكتر ويحبني اكتر من محمود عشان يبقى تحت ايدي وينفذ اللي انا عايزاه..

حديث آخر:

_ الأستاذ معتز قلبه اتكسر يا ست هانم قولت لك من الاول بلاش..

_ بكره ينسى المهم ان محمود طلقها، انا عارفة ان معتز زعلان جدا دلوقتي لكن لما البنت دي تغور وتبقى كل حاجه ليا انا وهو هنعيش كلنا مرتاحين.. 

رأي فيديو طلاق أبيه منها، رأي فيديو ضغطها على محمود به حتى يقول إنه ردها، رأي كل شئ أغلق محمود اللاب توب قال بصوت يحمل الكثير من الخذلان:

_ لما ماتت عايدة كنت شايف كرهك لسارة واختك ومع ذلك فضلت محتفظ بالحاجات دي بعيد عن عينك، كنت عايزك تترحم عليها وتفتكر لها الحلو بس، كنت عايزك تحس أنك غالي علينا عشان ما تطلعش بني ادم معقد، لكن أنا بعترف قدامك دلوقتي يا معتز اني اول مرة في حياتي ابقى غبي قدام عيل زيك... 

بكي معتز بقهر، للمرة المليون والدته تضعه بخانه الخذلان، كان مجرد لعبة تحركها كما تشاء حتى بعد ما أبتلع التراب جسدها، كره والده من أجلها، رفض الإقتراب من شقيقته، دمر حياة الفتاة الوحيدة التي نالت قلبه ودق من أجلها، أنهار قلبه وحياته أصبحت رماد بعدما قررت حرقه بيدها يوماً بعد يوم، تحدث بضياع:

_ يعني إيه؟!.. يعني انا كنت عند امي كوبري؟!.. عاشت حياتها كلها بعيد عني ويوم ما قربت زرعت جوايا الكره، خلتني بني ادم زبالة بضرب أبويا في ضهره، انا اللي أعلنت خبر جوازك من سارة بالطريقة القذرة اللي نزل بيها للناس، أنا كسرت البنت الوحيدة اللي حبيتها!!!.. كسرت قلبي بايدي عشان هي تنام مرتاحه في تربتها، لما بدأت ألعب على سمية قولت هي دي فرصه العمر، بنت راجل أعمال يعني مصيبه زي دي هتخلي ابوك يتجوزها ما هي مش غلبانة هتأخد قرشين وتسكت، علقتها بيا عشان تطمن وانا موجود وانا بعلقها بيا عشقتها كذبت على نفسي بدل المره 1000، قولت ده مجرد وهم أنا ضيعتها أنا ضيعت ضعت يا بابا ضعت..

لأول مرة يكون محمود قاسي على معتز، لأول مرة يتركه ينهار دون أن يفتح يديه إليه ويأخذه داخل أحضانه، ترقرقت الدموع بعينه وقال بحسرة:

_ من هنا ورايح أنت مش ابني، أنا ابني راجل لما تبقى راجل ابقى تعالي هنا قولي انا ابنك، الاوضه اللي جنب أوضة الجنايني هتبقى بتاعتك، من بكره هتنزل زيك زي اي عامل في المصنع اللي زيك ما يستحقش يقعد على كرسي مجلس إدارة، القصر ده متحرم عليك دخوله وسميه لو حسيت للحظه انك قريب منها هنسى اخر حاجه ممكن تربطني بيك وهقتلك يا معتز.. 

بخطوات سريعة خرج من الغرفة يخشي أن يضعف أمامه نظرة رجاء منه، أمام دمعة أخري تسقط من عينه، يخشي الهزيمة أمام حبه له، سمع صرخت معتز القوية وهو يقول:

_ ما قربتش من سميه يا بابا ما قدرتش اقرب منها انا ما كنتش عايز ااذيها أنا بحبها..

دلف محمود لغرفة نومه مع سارة وجدها تجلس على المقعد المجاور للباب منتظرة قدمه، بلا كلمة ألقي بجسده داخل أحضانها، أخذته مثل الطفل الصغير حتى وصلت به للفراش، همست بحنان:

_ حبيبي..

أغلق عينيه مردفاً:

_ خليني أنام في حضنك يا سارة أنا محتاج حضنك..

_ نام يا حبيبي..

كأنه كان ينتظر تلك الكلمة، اطمئن أنها بجواره وذهب بالنوم ويده متعلق بملابسها كأنه يخشي الفقدان..

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1