رواية وميض الحب الفصل السادس و الثلاثون بقلم لولى سامى
حااااااسب يا عبد الله….
صرخت بها دعاء حينما لمحت بجانب عينيها سيارة نقل كادت أن تصطدم بهم لولا أن عبدالله أدرك الموقف واستطاع الانحراف سريعا جهة اليمين قليلا ولكن السيارة اختل توازنها نتيجة السرعة الزائدة والانحراف المفاجئ ليتراجع اطار القيادة سريعا للجهة المقابلة فتدور السيارة بطريقة عكسية حتى كادت السيارة أن تنقلب لولا محاولة عبدالله في التحكم به وتشديد قبضته على إطار القيادة، حتى هدأ دوران السيارة قليلا فشعر عبدالله بالتوتر الشديد …
هدأ من سرعة السيارة وانزوى جانبا بها ليلتقط أنفاسه برهة ….
أطلقت دعاء زفرة ارتياح فور توقف السيارة ثم التفتت تجس اختها التي بالخلف لتجد أن حرارتها ما زالت في تزايد مستمر وما زالت تمتم ببعض الهمهمات الغير مفهومة لتلتفت لأخيها تدعوه بالتحرك فور ….
بعد لحظات من القيادة الجنونية وصل اخيرا عبدالله ودعاء إلى أقرب مشفى ….
ترجل عبدالله من السيارة ليفتح الباب الخلفي ويهم بسحب أخته للخارج قليلا ثم يرفعها دفعة واحدة على ذراعيه ….
بينما أغلقت دعاء السيارة وانطلق كلاهما داخل المشفى يهرولون باحثين عن طبيب يتفقد اختهم على وجه السرعة / عايزين دكتور بسرعة يا جماعة ….
اختي بتمووت
نطق بها عبدالله لتتهادى اليه ممرضة تحدثه ببرود تام / اتكلم بصوت واطي لو سمحت انت في مستشفي …
وهات الاول تذكرة دخول علشان ندخلك لدكتور …
لم يجيبها عبدالله بل التفت تجاه أخته ومازال حاملا لسمر الغائبة تماما عن الوعي / بسرعة يا دعاء هاتي تذكرة من برة …
بالفعل توجهت دعاء لتنفيذ ما طلبه ليلتفت هو للمرضة بوجه مستجدي قائلا/ دخليها تكشف لو سمحت عقبال ما اختي تجيب التذكرة وعيوني ليكي …
لمعت عيون الممرضة بطمع فقد فهمت أنه ممن يدفعون الكثير لتتقدم أمامه مشيرة إليه / تعالى ورايا ….
بالفعل اردفت لحجرة الكشف وبوجل تحدثت مع الطبيب / مساء الخير يا دكتور…
والنبي اكشف عليها بسرعة لحسن دي على الحالة دي من بدري ….
توقع الطبيب درجة قرابتها من تلك الغائبة…
هَم بنشاط وحماس يكشف عليها دون السؤال عن أي تذاكر …
يقف عبدالله ينظر تجاه الممرضة بامتنان لينتبه على سؤال الطبيب الثائر / انتوا إزاي سايبنها كدة ..
دي في thermal shock …
ثم وجه الطبيب حديثه للممرضة / بسرعة هاتيلي كانولا وركبيها في أيدها
ثم أمسك بورقة دون بها بعض الأدوية لاحضارها وقدمها تجاه عبدالله قائلا / وحضرتك بسرعة جدا هاتلي الحقن دي فورا …
التقط عبدالله الورقة وخرج يهرول لإحضار ما طلبه الطبيب ….
قابل دعاء وأخبرها أن تقدم التذكرة للمرضة بحجرة الطوارئ وانطلق هو يحضر العقار المطلوب ….
………………………………….
بالمنزل اخذت هند تتلوى على جمر من نار …
زرعت خطاوي شقتها ذهابا وإيابا …
تفكر وتخطط في تنفيذ مخططها التي قررت عدم تأجيله ….
فليكتفي كل هذا التأجيل فقد تحملت الكثير والكثير ولم يعد لديها أي ذرة تحمل أخرى …
البست أبناءها وجمعت كل ممتلكاتها من ذهب ونقود وتهيأت للتنفيذ ومن بعده الرحيل..
ولكن يجب إعلامهم أنها تركت المنزل نهائيا ….
خطر على بالها اخبار عبدالله أنها ستذهب بغير رجعة اثر اعتداء والدته عليها حتى تبعد اي شبهات عنها….
أمسكت بهاتفها وأجرت اتصالا به …
لم يجيبها بالبداية لتعيد الاتصال مرة أخرى فأجاب عليها بسؤاله عن سبب الاتصال لتجيبه قائلة / أنا خلاص يا عبدالله مليش عيش في البيت ده تاني…
اخوك رميني وامك بتبهدلني وانا لو قعدت اكتر من كدة يبقى استاهل اللي يجرالي ….
كان عبدالله يبتاع العقاقير فحاول أثناءها عن رحيلها بحجة الانتظار لحين العودة لتجيبه بالرفض / معلش لما ترجع معرفش اختك وامك هيعملوا فيا ايه ؟؟
أنا حرفيا قاعدة ومرعوبة ….
كان عبدالله في طريقة للعودة للمشفى فحاول الدخول لها من باب الأصول والواجبات فأخبرها بالانتظار لحين شفاء سمر لتجيبه معارضه / اه يعني اقعد اخدم سمر واتهزق واتهان وبعد كدة مع السلامة …
اسفة يا عبدالله انت لولا تعز عليا أنا كنت مشيت من غير ما اكلمك لكن علشان فاهمة في الأصول قولت تبقى عارف اني ماشية ….
ولما اخوك ينصلح حاله هو عارف مكاني ….
أنهت اتصالها مع عبدالله وتلبستها روح الشر التي لمعت بعيونها كالابالسه ….
التقطت زحاجة زيت وهبطت الدرج مؤكدة على الأبناء الحرس بعدم اصدار اي صوت ….
تهادوا بخطواتهم حتى لا تشعر بهم حكمت …
أدارت مقبض باب المنزل وأخرجت أبناءها مؤكدة عليهم انتظارها بالخارج لثواني معدودة وتركت بجوارهم حقائبها…
التقطت زجاجة الزيت وعادت بهدوء تام أمام شقة حكمت….
افرغت الزجاجة كاملة على الأرض متمتمة لحالها / مش خسارة فيكي ازازة زيت بحالها يمكن لما تقعي مرة واتنين دماغك الناشفة تتكسر في حيطة يا بعيدة ….
أنهت ما تفعله وعادت لابناءها ثم أغلقت الباب خلفها / كادوا أن يخطوا خطوتين إلا أنها ادعت أنها نسيت شيئا ما فعادت مرة أخرى تدق الجرس بإلحاح ….
سمعت حكمت الجرس فاعتقدت أنهم أبناءها ….
تعجبت من عدم دلوفهم بمفتاحهم ولكنها استقامت لتفتح لهم ….
فور أن وضعت إحدى قدميها خارج عتبة الشقة لتجد أنها لم تتحكم في تثبيت قدمها لتنفرج كلا أقدامها مبتعدة عن بعضهم كاللاعب الذي يتفاخر بفتحة حوض واسعة ….
استمعت باذنيها لصوت كسر بمنطقة الحوض….
حاولت التشبث بأي شيء إلا أنها لم تشعر بحالها الا وهي تتهاوى أرضا لتطلق صرخة مدوية قبل أن ترتطم رأسها بعتبة الباب ….
وصل صوتها لهند التي تسترق السمع بالخارج فتأكدت من نجاح مخططها لتعم الفرحة معالم وجهها وتنطلق سعيدة كالفراشة ساحبة أبناءها وحقائبها وهي تلعب معهم وتسابقهم وكأنها عادت طفلة مثلهم…
انتابها شعور بالارتياح وكأنها نجحت في ما كانت تحلم به طيلة حياتها ….
لوهلة شعرت بالامتنان من روحها على هذه الخطة الهائلة …
تملكتها مشاعر الشماتة تجاه كلا من دعاء فقد انكسرت شوكتها بانتهاء والدتها وطلاقها من زوجها …
وسمر فقد مرضت اخيرا ما كانت تدعي المرض …
وتجاه حكمت نفسها متمنية أن تكون تلك الصرخة هي صرخة النهاية …
………………………………….
عاد عبدالله للمشفى سريعا وقد تناسى أمر تلك الهند فلم يكن وقتها معه …
كاد أن يدلف لحجرة الكشف إلا أن الممرضة أوقفته قائلة / دخلت اختك تكشف ومشفتش حاجة منك…
واختك اللي معاك مرضتش تكرمني ….
التفت تجاه دعاء متجهم الوجه لتجيبه الأخيرة / أكرمها ليه هي بتشوف شغلها مش اكتر ….
نظر لها باستهجان ولم يعلق على حديثها الساذج من وجهة نظره ولكنه حاول معالجة الأمر وانقاذه ..
ادخل يده بجزلانه وأخرج ورقة تحمل فئة المائتي جنيها وقدمها لتلك الممرضة بوجه بشوش قائلا/ وأحنا منقدرش على زعلك ….
همتك بس معانا …
حينما رأت الأخيرة قيمة الورقة تراقصت السعادة بعيونها وفتحت له الابواب بكل ترحاب / يا نهار دي زي اختي…
عيوني لها ….
اتفضل اتفضل الدكتور مستنيك …
دلف عبدالله مقدما العقار للطبيب ليشرع الاخير بإجراء اللازم ثم تحدث مع عبدالله مخبرا وسائلا / أنا ادتها دلوقتي حقنة خافض ومضاد للالتهاب لأن الواضح أنها عندها التهاب شديد…
وعقبال ما تفوق ونسمع منها عايز اعرف منك هي كانت بتشتكي من ايه بالظبط ؟؟
بدأ عبدالله يسرد له تطورات حالتها والتي على أساسها تم تحويلها لطبيب انف واذن وحنجرة …
قامت الممرضة بنقلها للعيادة المطلوبه وتبعها عبدالله وخلفه دعاء المستشيطة من تلك الممرضة ….
بعد انتهاء طبيب الاذن من فحصها أكد على إصابتها بداء (منيير ) كفحص مبدئي…
تعجب عبدالله ودعاء من اسم المرض ليتساءلوا عنه فأجاب عليهم الطبيب قائلا / هو ده مرض نادر الحدوث…
لكن كل الأعراض بتشير إليه…
هنتاكد بعد أشعة الرنين على الدماغ فمحتاجين تعملوا الأشعة دي وتجيهالي هنا علشان نشوف هنتصرف إزاي بعد كدة …
بدأ يدون بعض العقاقير بينما يقف دعاء وعبدالله وكأن على رأسهم الطير لتتساءل دعاء مستفسرة / معلش يا دكتور هي ايه اعراض المرض ده ؟؟
رفع الطبيب رأسه من على ما يدونه ونظر لكليهما ثم أجابها بكل صراحة / ألم شديد بالاذن نتيجة طنين ولو متلحقش بيسبب دوار ممكن يستمر لاكتر من ثلث ساعة…
وفي النهاية ممكن يحصل صمم جزأي أو كلي على حسب الحالة …
رأى الذعر وقد ارتسم على وجههم ليحاول من تخفيف وطأة الخبر / بس مش عايزكم تقلقوا ده مجرد توقع لحد ما نشوف نتيجة للأشعة ….
ممكن يكون مجرد التهاب عادي هيعدي بالأدوية دي ….
اتفضلوا ….
نطق باخر كلمة وهو يمد يده بورقة العقاقير الواجب توفرها …
التقط عبدالله الورقة وهو مشدوه لا يصدق ما يسمعه ….
بينما دعاء التفتت لتلك التي تسترجع وعيها بصعوبة لتقترب منها محاولة التحدث معها / حمدالله على السلامة يا سمر …
عاملة ايه دلوقتي ؟؟
انتي سمعاني ؟؟
رأى الطبيب محاولات دعاء ليقول لها ناصحا / ياريت بلاش نقلقها على نفسها علشان الحالة النفسية عليها عامل قوي …
هي دلوقتي اكيد مش فايقة فبلاش تقلقي نفسك وتقلقيها ….
فور أن استقلت السيارة بجانب أخيها وسمر بالخلف شرعت دعاء في توبيخ أخيها عن ما فعله مع الممرضة / مائتين جنيه يا عبدالله؟؟
انت بتلاقي الفلوس في الشارع …
نظر عبدالله بمرأة السيارة ليلقي نظرة تجاه الجالسة بالخلف ليراها ملقية رأسها للخلف على مسند المقعد كالتائهة لا تعي ماذا يحدث لها …
تترقرق الدموع بعيونها وهي ترى اختها شفتاها تتحرك ولكنها لم تسمعها …
هي لن تصدق ما يحاول عقلها استنتاجه ….
تتوقع أنها تتوهم أو أن الحمى تتلاعب بما تراه ..
ولكن عقلها ينفي كل الصور والأحداث التي تشير لحالتها ….
لاحظ عبدالله حالتها ليزجر لدعاء ربما أنتبهت لما تقول ولكنها اجابته بما ازاده أشتعالا منها / متقلقش ….
مش سمعانا وشكلها مش هتسمع تاني …
التفت فجأة ينظر لها بنظرة ارعبتها حقا وهو يقول لها / مسمعش صوتك لحد ما نوصل ..
لوهلة نسيت دعاء فكرة التوجه للقسم نهائيا حتى نطق عبدالله بجملته ليضيئ عقلها فجأة بمشوارها الضروري على حد تفكيرها ….
انتفضت متذكرة وسائلة / هو احنا هنروح على البيت !!!
انت نسيت أننا المفروض نروح على القسم علشان ابلغ عن الزفت جوزي واللي معاه …
بالفعل تذكر عبدالله اتفاقهم لينظر لتلك الملقاه بالخلف لم تنبت ببنت كلمة ….
كل ما تستطيع فعله هو البكاء في صمت وكأنها تقدم كل قرابين العفو لكل أعمالها ….
اخذ يوزع نظراته بين ثلاثته الطريق وسمر والجالسة بجواره تلك الادعاء …..
ظلت تتذمر وتردد احاديث الولولة / اه عايز تروح وتريح وانا ابات بناري …..
جوزي اتجوز عليا وضرتي تسرقني وأحط الجزمة في بوقي علشان مليش اخ يجبلي حقي …..
اه مانا بقيت ملطشة للكل ….
تعبي وشقى سنين عمري وثمن صبري تجي واحدة تلهفه على الساهل …..
اه ياني ياللي مليش حد يجبلي حقي …..
حاول كبت غضبه ولكنه لم يستطيع ليتوقف بطريقة مفاجأة…
ارتعدت على آثارها دعاء وسمر …..
نظر لأخته سمر معتذرا بينما نظر لدعاء شزرا وهو يقول لها بعد أن صمتت بحكم مباغتة توقفه / أنا عايز افهم نروح القسم إزاي واختك بالشكل ده ….
مش عارفه تصبري لبكرة …
بعد أن التقطت أنفاسها لتستعد للإجابة على سؤاله الاستنكاري محاولة إقناعه / نروح القسم النهاردة قبل ما يعرفوا يتصرفوا في الدهب ……
ولا اسيبها تاخد جوزي وفلوسي واقف اتفرج عليهم ….
رأى أنه لم ولن يستطيع التخلص من إلحاحها ليدير إطار السيارة ناحية اليسار ….
متوجها رأسا لأقرب قسم شرطة بمنطقتهم ….
وصلوا بعد دقائق لتطلب دعاء مقابلة الظابط المسؤول لإبلاغه بواقعة سرقة ….
حررت بالفعل دعاء محضرا لكلا من سيد وفتون واتهاماتهم بالسرقة وطالبت بالتوجه لمنزل السارقين اليوم قبل غد بحجة اللحاق بهم قبل تصرفهم بالمجوهرات …….
بالفعل استجاب الضابط المسؤول لطلاباتها وحاول تحرير محضر بواقعة السرقة ولكته ابلغها أنهم محتاجين لبضع ساعات احسن بداية عمل النيابة ل انتظار إذن النيابة
…………………………..
كان البيت يعج بالحاضرين والموسيقى الراقصة على أعلى مستوياتها وضحكات سافرة هنا وهناك …..
تجد عند كل باب غرفة رجال سكارى ينتظروا دورهم بالدلوف لتلك الغرف وهم أعلى احر من الجمر وبجانبهم نساء شبه عاريات يتمايلن عليهم باغواء وهن يزيدهم سكرا وإلهابا لرغباتهم المحرمة …
يقدمن لهم المشروبات المحرمة وجميع انواع المخدرات بغرض امتاعهم لحين الإتيان بدورهم للدلوف للغرفة ….
بينما يقف صبري متأففا بين كل هذه المشاهد ..
الان يرى انها لا تناسبه …
الان يرى مدى قباحتها …
انتفض على صوت أحدهم يوكزه من الخلف وهو يقول له أمرا / واقف كدة ليه ما تروح تشوف شغلك بدل مانت واقف لا شغله ولا مشغله …..
التفت إليه صبري والغضب يتراقص على ملامحه المتجهمة / ما تتعدل معايا يا فتحي ومتنساش نفسك ….
أطلق فتحي ضحكة ساخرة وهو ينظر لصبري باشمئزاز واستخفاف من أعلاه لاسفله مرددا ومصححا وهو يربت على كتفه / انت اللي متنساش نفسك يا صبري وتعيش الدور…..
كانوا يومين حلوين وقضتهم وانقضوا ومتحلمش أنهم هيرجعوا تاني …..
وكأن فتحي ضغط على إحدى ندباته ليخرج صبري عن سيطرته ويمسك بتلباب فتحي ثم يباغته بلكمة أسفل فمه ليترنح فتحي على آثارها للخف …
انقلبت الضحكات لصرخات وتحول المكان لساحة قتال ….
استغل صبري عنصر المفاجأة وعدم استعداد فتحي للشجار فانقض عليه يلكمه عدة لكمات متفرقة بين الوجه وأسفل البطن يخرج به مكنونات صدره وغضبه العارم لما آلت له حالته ….
فقد أصبح مطرودا وملعونا من قبل أسرته ليزيد من قسوته في ضرباته متوهما أنه يضرب أخيه عبدالله….
كما أنه لم ينعم بالمرأة الوحيدة التي اختارته بل وازداد قهره حينما أطاحت به هي الأخرى وحولته من سيد لخادم لها ولغيرها ويا ليتها من خدمة وضيعة في مكان أوضع….
تزايدت حولهم الصرخات وحاولت النسوة التفريق بينهم ولكن هيهات فقد اشتعل العراك بينهما لذروته لتحاول ميريهان إنقاذ الموقف ….
اخذت تتلفت يمينا ويسارا باحثة عن شيئا تخمد به ثورة صبري، فإذا بها تجد عصا غليظة متينة يلتف على نهايتها شريحة سميكة من الحديد لتزداد صلابتها ومتانتها يستعملونها في المناوشات والمعارك يطلق عليها (شومة) …
أمسكت ميريهان بالشوم وحاولت إزاحة صبري بها عن فتحي ولكنه يتزحزح عنه وظل يبرحه ضربا والاخير مستلقي أسفله يحاول الانفلات من قبضة تلك الثائر ….
كررت محاولاتها ولكن بضرب صبري بتلك العصا بشكل خفيف على ظهره إلا أن الأخير لم يتأثر نهائيا ….
لتقرر مضاعفة ضربتها ربما أنهت الأمر ….
حاولت تجميع قواها وهي تستعد لضربة اقوى لتنهي ذلك الشجار الذي يدمر منزلها….
رفعت بالكاد تلك العصا الثقيلة للأعلى ما بوسعها ..
وبعزم ما بها هبطت بتلك العصا قاصدة ظهر صبري ولكنها أتت على رأس أحدهما فانفجرت نتيجة ثقل وحدة العصا ووقف الجميع مصغوقين لما رأؤه لتعلو الصرخات والعويل بينما يثبت الناجي أسفل المتوفي في حالة ذهول لما تم في لحظة واحدة …..
…………………………..
وصل كلا من سيد وفتون إلى منزل عائلة سيد ليجدوا كل العائلة بانتظارهم وكأن سيد كان في سفر واليوم قد عاد لموطنه ….
فور دلوف سيد من بوابة المنزل وقد التف حوله الكثير من اخوته وأبناء اخوته ووالديه ….
حفاوة الاستقبال اشعرته بفداحة ذنبه….
كيف له أن يترك كل هذا الحب والحنان والاحتواء ليهرول خلف حب زائف وإذلال واضح ….
كيف رضيى على ذاته كل هذه الإهانات وهو ينتمي لعائلة مثل تلك….
كيف تغاضوا عن كل ما مضى في سبيل عودته إليهم ثانية …..
نسى تلك التي ما زالت واقفة على عتبة المنزل تنتظر أن يراها احد أو يشعر بها شخص ما ….
تغرغرت الدموع من مقلتيها جراء مشاهدتها منظر استقبال عائلة سيد له ….
تعجبت من كم سذاجته في تصديق تلك الحية واتباعها دون أن ينظر لكل هذا الخبر او يندم على تركه ……
تمنت لو عاد بها الزمن للخلف وعلمت قيمة عائلتها لكان الأمر اختلف تماما ….
أغمضت عينيها وقلبها يهفو للانتماء لعائلة مثل تلك….
لكانت عاشت تخدمهم الباقي من عمرها عوضا عما فاتها وتكفيرا لذنب كفرها بنعمة مثل تلك ….
شعرت بمن تجذب تنورتها من الاسفل وكأن أحدهم يستند عليها ….
فتحت مقلتيها ونظرت حيث شعرت بتلك الأيدي الصغيرة …..
اتسعت ابتسامتها حينما وجدت بنت صغيرة تكاد أقدامها الصغيرة تحملها …
من الواضح أنها أتت إليها تحبي ولولا استنادها على تنورتها ما كانت تقف على أقدامها المرمرية……
شعرت بهالة من السعادة تجتاح قلبها وكأن ابتسامة تلك الطفلة بمثابة السحر الذي يمكنه أن يذيب اي حزن بقلب أي شخص…..
انحنت فتون لترفع تلك الطفلة بريئة الملامح عفوية التصرف نقية القلب …..
اخذت تتفحص ملامحها الجذابة وابتسامتها المشرقة كبريق الشمس
نظرت لعيونها ذات اللون العسلي اللامع ….
مررت اصبعها على بشرتها الملساء البضة ….
تناست كل ما بها وما أتى بها إلى هنا …
اخذت تتلاعب مع تلك الشقية التي خطفت قلبها …
داعبت انف الطفلة بانفها لتنتشي الأخيرة وتضحك بصوت مسموع من فرط سعادتها….
مما لفت أنظار الجميع إليهم ليتذكر سيد فتون التي نسيها تماما مع احتفال عائلته ….
تقدم إليها تزامنا مع تقدم هالة والدة الطفلة …..
نظرت لفتون ترحب بها على أساس ترحيب ابنتها قائلة/ مادام رُبىٰ ارتاحت لك بالشكل ده يبقى كدة اخدتي الكارت الذهبي في المرور لقلوبنا …..
وزعت فتون انظارها بين تلك السيدة التي تتشابه في ملامحها مع الطفلة متسائلة / اسمها ربُىٰ؟؟
اومأت هالة برأسها لتبديل فتون إعجابها بالاسم وصاحبته / اسمها جميل اوي زي شكلها ربنا يحفظها لك …..
مدت هالة يدها لتلتقط ابنتها من فتون وهي تجيبها / ربنا يخليكي …
وعلى فكرة ربى عندها حاسة سادسة ….
مش بتروح لاي حد ولا بترضى حد يشيلها الا الناس اللي قلبها ابيض ……
ترغرغت عيون فتون بالدموع ليتجمع حولها كل من بالمنزل يرحبون بها وكأن ربى أعطت لهم إشارة الترحيب ممتزجة بعلامة الايزو للاطمئنان لها…..
بعد أن هدأ الأمر قليلا اجتمعوا جميعا حول مائدة بها كل ما لذ وطاب……
فمنذ أن أخبرهم سيد بقدومه منذ الصباح وهم يعدون ويجهزون كل ما يسعده وكل ما يحبه ….
فأخيرا عاد الابن الغائب منذ سنوات ….
جلس سيد بجوار فتون يحاول أن يشد من أزرها فأمسك كفها كمحاولة لاطمئنانها ….
بينما الأخيرة ارتجف قلبها قبل كفها ….
حاولت سحب يدها إلا أن سيد كان ممسك به جيدا …
مال عليها هامسا / المفروض اننا متجوزين فعديها الله يسترك….
ارتفع الادرينالين لديها اثر همسه لها واختلاط عطره مع أنفاسها …..
تسارعت دقات قلبها وهي تومأ له لربما ابتعد عنها قليلا ….
بالفعل ابتعد برأسه للخلف وهو ينظر لتجمعهم ويقول / وحشتوني اوي ووحشننا لمتنا ….
كل يوم كنت بحلم امتى اتجمع معاكم تأتي …
مكنتش متخيل أن الحلم ممكن يبقى حقيقي وقريب كدة ….
ثم نظر لتلك القابعة بجواره وقرب كفها إلى وجهه وهو يقول لها بكل امتنان ومشاعر صادقة لا يعرف لماذا خرجت هكذا / شكرا على كل اللي عملتيه ليا ….
أنهى جملته ثم لثم كفها بقبلة حارة اغلقا على آثارها عيونهما وكأنهم انعزلا بعالمهم الخاص ….
حاول أخيه كبح تلك المشاعر الفياضة فتحمحم قائلا / احم احم نورت بيتك يا سيد ….
نورتي بيتك يا فتون …
اسمحيلي اقولك با فتون انتي خلاص بقيتي مننا واختي ….
وطبعا اتعرفتي على هالة مراتي وبنتي يعني خلاص اخدتي شهادة الايزو ….
انطلق الجميع بالضحك حت أشار لهم سامي للبدء بالطعام إلا أن رنين جرس المنزل قد صدح فاستقام سامي ليرى القادم بهذا التوقيت المتاخر ….
فور أن فتح الباب وجد أمين شرطي يتساءل عن كلا من سيد وفتون …..
سأله سامي بحيرة / خير يا أمين عايزهم في ايه السعادي ؟؟؟
استمع سيد وفتون أسماءهم كما استمع الآخرين ليستقيما جميعهم ويتوجها صوب الباب …..
بينما قلب فتون كاد أن ينفجر من القلق والتوتر حتى نطق أمين الشرطة قائلا / مطلوبين بالقسم في قضية سرقة ……