رواية عودة الذئاب الفصل السابع والثلاثون بقلم ميفو السلطان
#عودة_الذئاب.. تصنَّم "أسمر" في مكانه.لا صوت. لا نفس.
كل ما حوله تلاشى… حتى الهواء.عيناه لا ترى سواها.الدنيا تداعت من حوله، ، . وهيا وهو وبس… ووجعه الذي طاح بداخله. .
الكل صمت. حتى العيون ما عادت تجرؤ ان تتحرك.رُعِبوا. كيف جرُؤت؟ انه الاسمر..
كيف لمست من يهز الأرض بخطوته واقف… ووجهه عليه بصمةإيدها… وعينيه الجاحظه بقى أوجع من ألف صرخة.
هاج داخله الصعيدي...اشتعل الدم، وانتفض الغيظ من عروقه.لم يَعُد يرى أمامه، سوى طعنةٍ لرجولته لا تندمل. هنا تهور الاسمر ونسي انه الحامي.. نسي مهرته التي حلم ان بيحاوطها بصدره.. الا ان حمية الرجال قهرته.. اندفع ورفع سلاحه في وجهها، والشرر يتطاير من عينيه...وقف أمامها يريد أن يقتلها قلبه ممزوج بمشاعر تطحنه ولكنه الاسمر.
علت الهمهمات وابتسم النديم بثقه ربع يديه مستمتعا يشاهد ما فعلته اخته وكيف حولت أشد الرجال لنار تستعر.. لم يتحرك من مكانه.يثق باخته ثقه عمياء.
ظن الجميع أن مهره ستنكمش فاسمر اصبح كنار وهشيم يشتعل من الغضب.. لكنها وجهه الاخر. مرأته التي لن تنكسر...الاسمر وشقه الثاني ِ ضلعه الشارد..
اقتربت ببطءٍ قاتل، بثباتٍ أربكه، مدّت يدها...وضعت كفها فوق يده، على السلاح تمامًا، سرت القشعريره بلمستها في جسده . أخذت الزناد، شدّته بإصرار، ثم وجّهت فوهة السلاح نحو قلبها دون أن ترمش.
بدأت أنفاسه تعلو فكل ماتفعله يصرع داخله بزياده.
هدرت..وصوتها يخرج من عمق وجعٍ ، غِلٍّ يُشبه البركان:
ــ "آه... بنت غازية،بس أمي... علمتني الرجولة صح.هقولهالك يمكن... يمكن تعرفها! الرااااجل...هاه... الراجل يمسك الفرد صح، يا ابن عمي...ويصوّب صح!...
نطقت بثبات، رغم الدم اللي بيغلي في عروقها:
ــ "بس أنا بتكلم عن الرجّالة..الراجل... ما يعيبش مره مالهاش ذنب."
رفعت راسها بكل كبر، ودمعة قهر بتلمع في عينيها،
ــ "أنا آه... بنت غزية." صرخت فجأة،
ــ "مَهرة عامر عمران أبو الدهب...بنت غزية يا عيلة ما بترحمش! يا عيلة... ما هتوردوش علي جنة!"وقفت، ظهرها مفرود، عنيها تتحدى الكل، :
ــ "بس أمييي...أمي تابت لربّ العباد!
تاااابت... تسمعها دي يا ابن سلطان؟:
ــ "تعرف عن التوبة حاجة؟ ابقى روح...روح اسأل ربنا... قبل توبتها ليه؟عرّفها طريق الهداية ليه؟!"
ابتسمت بمرارة، "أصل ولاد أبوالدهب...
زعلانين منها عشان تابت بس عارف؟
أمي دلوقتي عند ربنا...في أحسن مكان."
"وانت؟أنت هتقابلها يوم الحساب. وهتندم...على كل حرف قولته...وكل نظرة رميت بيها عرضها في الوحل."اقتربت بخطوتين ثابتين، وخبطت بيدها على كتفه خَبطة ثقيلة، :
"شيل...شيل وحمّل ذنوب وعِبي،ما عاد في كيل يشيل ذنبك."
وبنظرة فيها نار وبرود سوا، همست وكأنها بترمي آخر الطعنات كل ذلك ويدها علي يده ترسل شرارات الوجع اليه.
ــ "لْتكون فاكر يا شاطر...إن الكلمة دي بتعيبني؟ ولا بتأثر فيّا؟!"اهتزّ الهواء عندما صرخت، كأن الوجع اتفجر أخيرًا، .
ــ "لااااا... فوق لروحك!أنا أمي أنضف من صنفك كله،عارف ليه؟عشان سابت القرف...
ورجعت لربها،في وقت ناس تانية لسه متمرمغة في الزبالة... وبتتنفسها!"
رفعت إيدها وأشارت له بإصبعها كأنها بمهانه
ــ "جاي تقول السلسال غالب؟هأأأو...
دا بقت مَسخرة! "وانت؟ سلسالك إيه؟
ابتعدت وتركته شعر بالخواء من بعدها.. لفت حوله تنظر اليه من راسه لقدميه بعين متحدّية، هدرت بصوت كالسكاكين...
ــ "عرفني!"... ياسيد النااااس؟ المقاااام؟الطاوس اللي ماحدش يقدر يجي جنبه؟"
على الأقل... سلسالي عرِف ربنا قبل ما يموت.. "لكن إنت؟إنت اقعد ادعي كده... وخاف،.... خاف على اللي مات وهو واكِل حقوق...ومُحَرِّض على عقوق...يابن سلطان."
زفرت، كأنها بتنفث وجع عمره سنين:
ــ "دا حاجة تقرف وتكسّف،عارف؟أنا لو منك...أتغطّى من العار! عار لابسه ومش شايفه...لابسه ومتباهي بيه!"
اهتز الجو، وكأن الأرض اتشقّت من تحت رجليه. مهره تقف، صدرها يعلو ويهبط من فرط الغليان، وعينيها نار ؟خطت نحوه خطوة، وكأنها بتطعنه بكلامها:
ــ "أما بقه... حراميه دي وسعت منك قوووي! مطّت شفايفها في سُخرية موجعة:
ــ "شوف بقه مين اللي حرامي؟شوف يا ابن سلطان،سنييييين... متمرمغين في العز،وأنتو واكلين حق أبويّا!أيوه... أبويّا، ...مين اللي حرامي دلوقتي؟"
سكتت لحظة،
ــ "بتتمرمغوا فـ عز عيلتكم،وتاكلوا مال الغلابه...وتسيبونا نتعذّب ليه؟هاااه؟
جاوبني يا سيد الرجالة !"
رمقته بنظرة كلها قرف وقهر وأشارت لاخيها :قول..اتجلدت زي ده.. أبوك أنضرب واتهان قدامك زيه... خبطت علي يدها... أختك اتحرقت زيه .اشتغلت وإنت صغير زي ده؟محطّت في الصخر زي ده؟ صرخت بحرقه... قوووول... والّا كنت سيد الناس بتربّي في لحمك وغرورك،لحد ما الغرور طفح... وطرشق،وماعادش حد قادر عليك؟!"
وقفت قباله، صدرها مرفوع، ونظرتها متحدّية:
ــ "واقف منفوخ ليه يا جدع؟دا البجاحة ليها ناسها!إنت نسيت؟ولا ما فكّرتش في يوم...
إن ليك ابن عم كان بيحلم يلبس ويفرح،
ويصرف من خير العيلة،ويتباها بأصله وساسه؟ "ما فكّرتش...ولا يمكن...الأنانية طبعكو يا ولاد عمران أبو الدهب؟!"
سكتت لحظة، رفعت إيدها وأشارت بقهر:
ــ "الراجل ده...جاب ولدين بس.. حسبي الله فيكو.. اكملت بغضب... "لك عين تقول حرامية؟!كنا سرقنا إيه منكم؟عرفني!"
ده حتى انتو...سرقتوا العزوة والنسب.
مع بعض في أفراحكم... وحزنكم...واحنا؟!
مالناش حد...لا فرح، ولا حُزن.مالناش إلا بعض! تلاته في دنيا لوحدهم لا أيد تداوي ولا قلب يحن. سرقتوا الحب،الحب اللي مانعرفش عنه حاجه،هناخده من مين أبويا وأمي راحو وعيله اتحللت من الغل.. قول يابن عمي...ياللي جاي تقول غزية وحرامية!"
رفعت راسها بكرامة موجوعة:
ــ "آه،أمي غزية...بس والله أشرف منكو!ماكلتش حق حد،وماعابت في حد،
غزية... جابت راجل وبنتين،ما اتحوجوش لحد،ولا كلّوا قلب حد... ابتلعت آخر كلمة بحُرقة، وقالت:
ــ "الدور والباقي...ع اللي كَلّ قلب أخوه،
وداس عليه،وموّت عياله بالحَيّا. قبل ما تتكلم وتتمطّع قوي، وتنفخ صدرك كإنك مُنزل وبتحاسبنا، بص الاول حواليك... بص للّي منك.أبوك وعمك؟هما اللي يتعابوا ألف مرة، هما اللي يُتقال فيهم قصايد غدر ، مش شرف ولا رجولة.
أما بقى "الحرامي" اللي بتعايرونا بيه؟
هتتحاسبوا عليه كلكم أبويا؟أبويا حافظ كتاب ربنا... اسأل عمّك "الدهب" اللي سرق له دهبه، وما بلّغش عنه ليه؟ليه سكت؟ ليه ما قالش أوصافه؟والنجع كله؟حارتين وشارع!
ما جبتوهوش ليه؟ليه ما خلّيتوش يرد الدهب...
لتكون فاكر إن "جابر" هيسيب دهب أمه؟
دا عبد القرش!بس هو خطط... هو وامه وأخوه!آه، خططوا ولبّسونا التُهمة
مش كده يا جدي؟يا كبير العيلة...يا اللي عارف ومتأكد إن أبوي ما سرقش، وساكت!
ساكت ليه؟ما تتكلم... ما تنطق!سايب ولادك وأحفادك يقطعوا في لحم اللي مات كأنه ما كانش منّك!
دي حتى حرمة الميت يا جدّي...رد غيبته، سُمعته، عِرضه!ما تردّ عنه الكلمة، ما تردّها!
هو مات بس لسه ليه اسم...ولسه ليه حق... ولسه ليه إحنا!
بس عارفين ليه؟عشان انتو نهاشين عِرض،
وفوق ده… ظَلَمة!قسماً بالله، حطيتوا جوانا قسوة…واحنا كان في قلوبنا حنية الدنيا كلها!كان نفسنا نطلّعها…نرميها ف حضن حد يستاهلها…بس يلا، مش مهم. إحنا قدّ الشيلة… دايماً قدّها.
يلا، خد روحي بالمرة!ماهو ماعُدش باقي غيرها يا بن سلطان؟فاكرني هترجاك؟دي راحة، والله…نموت ونستريح!بس أوعى…أوعى تدفني في مدافنكو!ابقي لقّحني في مدافن الصدقة،أشرف…
أشرف من إنهم يقولوا: "المهرة بقت من عيلة أبو الدهب"! يمين أتحاسب عليه…لو كان بإيديا أغير اسمي…وأمحيكم من حياتي محو…كنت عملت!
(صرخت، وخبطته على صدره...) ومدت باصبعها الزناد تدوس عليه فتشنج برعب من داخله وضغط علي باصبعها بقوه... الا انها صرخت بجنون...
خليك راجل!شد الزناد…شدّ يا بن سلطان!
وخلّص على ولاد "عامر"،عشان تفرح…
وتقعد وسط عيلتك الظلمه لحالكو تصرفوا…وتفرحوا بنسلكم العار!
وقفت أمامه تنهج تنظر بعيونه ويدها عالزناد تضغط عليه وهو باصبعه يهرس اصبعها يمنعها ان تطلق النار... الموقف مهيب في الظاهر الاسمر يظهر عاصفه هوجاء من الهجوم والأصل يحارب يدها كي لا تؤذي نفسها. تاهت في عينه وتحس باصبعه وتشعر بوجع وهو عيونه تصرخ بجنون عليها ولكن سبق القهر منه فلا مداواه لكلامه.
هنا صرخ الجد، صرخة زلزلت جدران المكان:
ــ نزل الفرد يا بن سلطان!هيا حصلت؟
ترفع سلاحك على حرمة... جدامي؟!
...صوته اتشق من جوفه،صوت عمره ما ارتفع ...والنهارده صرخ،صرخ كأن عرضه هو اللي انهان!
وقف "أسمر"...عينه فيها نار،نظراته مسمومة...كان متجمّد...مش قادر يحرّك صباع من كتر الصدمة،ولا عارف يصرّف وجعه اللي انفجر بكلامها.
وهنا دوّى صوت عمران، كالرعد:
ــ جولتلك نزل الفرد!بتسمّع ولا لأ؟!
ارتعش الجو...اللحظة بين نار الجد، وجمرة الغيظ في قلب أسمر،وبين المهرة...اللي وقفت قدّامه زي السيف،تحديها ما كانش خوف...كان وجع عمره ما نطق! وجع من تمنت فيه الحما.
مدّت يدها...وربتت على وجهه،بس لمستها؟
كانت حارقة... مش لمسة، كانت لهب.
وهمست وهي بتبتسم بسخرية خنجرية:
ــ اسمع كلام جدك يا شاطر...ولا تلاقيه يحرِمك من الورث،وتقعد من غير ما انتو كده...عِينكو ما بتبصّش إلا عالفلوس!
كانت بتطعنه…مش بإيدها،بكلمة، وبلمسة، وبنظرة كسرت غروره!
واستدارت…مشيِت،بعد ما أكلت قلبه حيّ،
وتركته واقف... نار بتشتعل جواه،نار ما تعرفش تطلعها صرخة…ولا يطفيها موت!
استدارت المهرة...خطوتها كانت ساكنة،
بس في قلب "أسمر" كانت زي الطلق.
كأنها بتدوس على رجولته،كأنها ماشية على قلبه بالسكين.
وقف...عينه معلّقة بيها،شفايفه عايزة تنطق،
بس لسانه مربوط...مش بالخوف،بوجع ما اتسماش.
حاول يقول:ــ "مهـ...بس الكلمة اتقطعت…
انبلعت،ورجعت نار ف صدره.إيده اللي كانت شايلة الفرد،ارتعشت...وهو بيطفي غضبه،
مش لأنهم منعوه،لكن لأن كلمتها قتلت الغضب،وحطّت مكانه وجع تاني... اسمه "ضعف قدّامها".
هبّ "جابر" كالمجنون... محروقًا، والغلّ بينهش ضلوعه،عيونه مولّعة،وصوته جاي من جوف مسموم بالحقد:
ــ هو إيه دا؟!إحنا فين؟الدار متعبيّة رجالة،
وبنتحاسب من مره؟!ولا كأنها وصلت ردح من غَزيّة ف مولد؟!
لفّ بوشه، وصوته بيعلى أكتر، بيقطّع في الكلام زي سيف :
ــ يا خيبة ع الرجالة...البيه اللي جاي ياخد حجه،سايب مره هي اللي تتكلم؟!
سخر بغل، بس سخريته كانت تقطر سمّ:
ــ بتتكلم في النسب؟وفي الشرف؟اللي تربية أفراح وعوالم ـ. اتفضّلوا على النسل!ناس زي دول؟يتجتَلوا...ومالهمش تمن،ولا ليهم دية...!
سكن المشهد...صمتٌ طعنَ المكان كالسكاكين،صمتٌ لا يُقال فيه شيء، لكن كل شيء يُقال فيه.همهمة رجال،وكل العيون؟
تعلّقت بـ "مهرة".
وهي؟واقفة… ما اهتزّتش،كأنها جبل ثابت ف وسط الزلزال،ما مالش، ما انكسرش، وما انحنى. بطلة الحكايه عن جداره ِ
نظرت لأخيها...نظرة فيها وعد، فيها نار، فيها حكاية عمر.اتجهت إليه،بخطوة ثابتة،
ورفعت يده،وقبّلتها…قبلة ما كانتش خضوع، دي كانت قسم صامت... ووعد ما يتراجع. قبله تثبت قدر النديم عندها وعلو مكانته.. قبله المهره و هيبه النديم.
بهت الكل.الرجال اتجمدوا في مكانهم،
الزمن اتعطل،.. أما هي؟همست له، بصوت واطي لكنه زلزل ضلوعه:
ــ " سيبني...أنا هاجيب قلبه."ما توطّيش نفسك له...هو عايز يقهرك…بس أنا بقى؟
، هدعك قلبه هوريه تربيه الموالد عن حق !"
"أسمر" واقف...بس رجليه مش شايلينه.
عينه عليها…على "المهرة".اللي واقفة قدام الكل...ولا رمشت، ولا اتراجعت،واقفة كأنها الأرض، كأنها العِرض، فريده لا مثيل لها.
شافها...وهي بتقرب من أخوها،شافها وهي ترفع إيده وتبوسها،كأنها بتكتب حكاية تانية، حكاية ما فيهاش ضعف…حكاية فيها نار، فيها وعد…
وهو اتشد جوه نفسه... .قلبه انخبط في ضلوعه كأنها زنزانة!سمعها…سمع الهمسة اللي قالتها لأخوها،بس حسّها كأنها اتقالت له هو…
"ما توطيش نفسك له... هو عايز يقهرك... بس أنا هدعك قلبه... ما أنا بنت غزيه!"
جسمه اتجلّج...كأن الكلام خبطه ،
كأن كل اللي حاول يثبته… انهار.هو اللي كان شايفها بغضبه ؟شايفها سيّدة الموقف…وهو؟واقف قدّامها صغير، مكسور…رجولته بتنزف، بسببها و يغلي من الغيره فحبها لاخيها لا مثيل له..
كان عايز يصرخ، يردّ، يمسكها، يشتمها، يبوسها...بس إيده كانت تقيلة،وصوته كان محبوس في قلبه،وكبرياءه؟مربوط حوالين رقبته… كأنها مشنقة!
استدارت "المهرة"، ونار قلبها ظاهرة ف صوتها، صوت مش مكسور… لا، صوت السهام...
ــ ومالها المَرَه؟!يا يادي الراجّل...مالها؟! بتعيب ليه؟!هيا أمك كانت معيوبة يابن أبو الدهب ؟كانت ساكتة لما كانت بتتكلم وتوحي وتخطط عالغلبان؟وانت كنت بتسمع كلامها ولا عملت إيه ؟ماهي "مَرَه" برضه! اللي وزت مره وخططت مره..
ضحكت...ضحكة فيها قهر،ضحكة بتعرّي اللي بيستخبى تحت كلامه.
ــ آه، بتكلم !بتكلّم يا جابر...وعارف ليه؟
عشان الراجل اللي معايا... مش زيّك!
مش بيستخبى ولا بيبني رجولته من شتيمة الستات!
اشتعَل "جابر"...عينه مولّعة،صوته على طرف الانفجار،وجسده اتحرك من مكانه كأن النار ولّعت في قلبه قبل جسمه...
لكن "أسمر"اندفع لا اراديا..كان اسرع .قبض عليه بيده...قبضة من حديد،ما فيهاش تردد..ولا حتى شفقة.نظرة واحدة من "أسمر"، كبتت كلمته وحجمت غضبه.
أما "المهرة"...ما توقّفتش،ما ارتعشتش،ولا حتى طرف رمشها كملت... بصوتها اللي ما بقاش صوت، دا بقى نصل سكين.. :
ــ الراجل اللي معايا؟بيحترم اللي انتو بتقولوا عليها "مره"،كأنها سَبّة... أو عَيبة!"نديم" مش "جابر"!سايبني أتكلم،لأنه عارف كلمتي سيف...سيف بميت راجل!
ضحكت...ضحكة ساخره، بتقطع، ما فيهاش رحمة:
ــ ناقص تمسك صاجات وتقول "غزيّة"انت مابتزهقش!
ثم رمقته بنظرة قاتلة، وواصلت:
ــ الغزيّة؟ما لفّقتش تُهم...ما ودّت أخوها في مصيبة،ما بلعتش عيلة كاملة ف بطنها!
الغوازي، يا جابر، بيرقصوا في الفرح...
لكن انت؟انت بترقص في الخراب"وَاللي مستخبي؟"عار!أنا عارفاه… وساكته! سيبتي ساكته يادي الجدع بدل ما يبقي تار ونار.
"نديم" مقامه عالي،ما بيردّش عالواطي!
الطين ما يعلاش عالدهب،يابن أبو الدهب. أمي؟أمي خلّفتني راجل!آه والله… راجل!
أردّ عن أخويا،وأنهش قلب اللي يقرّب منه!
الغوازي؟بيفرّحوا الناس…،لكن إنت؟!من يومك جبت الحزن للبلد،أه والله...أهوه شايف الحزن…أكوام!وانحطّت بيدك…
أنا "مهرة أبو الدهب"!المره اللي اتربت من لسع ايدك بتقولك أخويا؟لو حد مسّه…
هَنط!أنهش قلبه بإيديا...عارفين ليه؟!
لإني ضهره،ولإنه ما فيش في عيلتي رجالة غيري.
أقتربت مهره من جابر الذي يقف جاحظ العينين ومن خلفه اسمر يهرس يده بعنف... أقتربت وهتفت بصوت عالي... تار النديم هتاخده المهره.. مهره عامر عمران ابو الدهب... ولا الف راجل يهزني ِ.
كل ذلك…و"أسمر" واقف،ينظر إليها…
وعيناه لا ترمش،ولا حتى نفسٌ خرج منه…
لكن قلبه؟قلبه كان بيصرخ…صوت داخليّ مجنون،بين الغضب... والإعجاب!
بريق عجيب في عيونه،مزيج ما بين نار الرجولة المقهورة،ولهفة الراجل الذي راي فيها كل اللي عمره ما شافه. جواه غليان…نار الغيرة بتنهش قلبه:
"إزاي؟!إزاي تدافع عن أخوها كده؟ما تبصّش لحد،ما تحسبش حساب راجل،ولا حتى أنا؟!"*"أسمر" حسّها بتبعد عنه وهو واقف، أميال... ينظر عليها ومشاعره تصبو اليها رغما عنه.
أما "مهرة"...انتهت من الكلام،بس سابت في الجو نار…سكون قاتل،عيون بتلتهمها...
نظرات كلها خضوع، خوف، وإعجاب خفي.
و"جابر"؟كان على وشك الانفجار،الغلّ بيجري ف دمه جري الوحوش،عروقه بتتنفخ،وشه محمر،والكلمة واقفة على لسانه…بس ما خرجتش،يمكن لأن الحقيقة وجّعته،أو لأن خوفه من "مهرة" سبق صوته.او ان من يكبله يرسل له رساله انها تخصه.
وهنا...اقترب "نديم"،بخطى هادئة،لكن كل خطوة منه كأنها بتهز الأرض تحته.وصل إليها،وقبل رأسها،قبلة ما كانتش حنية…
كانت قسم،كانت اعتراف قدّام الكل إنها مش "مره" وبس… دي مقامها فوق الكل.
ثم أمسكها برفق،وأزاحها جانبًا،كأن بيقولها:
"وصلتي الرسالة وآن أوان رجوع الهيبة لمكانها."
ثم وقف...واقفًا،مواجهًا "جابر"،عنيه ما فيهاش خوف، ولا غضب... فيها حقيقة ثابتة زي الحديد.
وقال بصوت هادي،بس كل كلمة كانت طلقة:
ــ "تعرف إيه عن شرف الستات يا جابر يا أبو الدهب؟"
سكت لحظة، وخطا خطوة أقرب، ثم أكمل:
ــ "آه، سايبها تتكلم...لإنها تشرفني.أنا مش داخل بمره، زي ما بتقول… أنا داخل بـ"مهرة"اللي تعرف تقف قدام عشر رجالة
وتبلّعهم عيبتهم بكلمة واحدة!"وإن اتكلمت؟
تبقي نار علي أي حد يقرب ليها وإللي يخصها. دا كلام إللي بتقول عليها مره فما بالك بقه بكلام الرجاله شكله إيه يا جابر ِ
.نظر الجد إليهم...نظرة فيها وجع السنين،
وفخر دفين خرج من قلبه زي النور وقت العتمة. قال لنفسه وصوته مرتجف بالعزّة:
ــ "ربّيت راجل يا عامر...وربّيت مره بميت راجل، يا ولدي!"
ثم وقف، ببطء، كأن التعب نازل في عظمه…شايف الكل بيغلي،شايف السيوف اللي ف العيون،والنار اللي بين الناس بتنهش بعض...وجواه؟ألف وجع!
همس لنفسه، لكن صوته سمعه قلبه وندم عمره:
ــ "أنا...أنا اللي زرعت كل ده…جسوة... وجهر... وظُلم بس نسيت...نسيت أزرع رحمة.هيجيبوا الرحمة منين، طيب؟
وهم اتحرموا منها على يدي؟!"
في حضرة الصمت.تقدم نديم بخطوات تدق قلب الجد ..مدّ "نديم" يده إلى جيبه،وأخرج منها شيئًا صغيرًا،ملفوفًا بقماشة حرير. قماشة ناعمة،لكن محتواها؟كان أقسى من الحديد.
اقترب بخطاه الواثقة...وقف أمام الجد،
مدّ يده بثبات،وعينه ما رمشتش،ولا صوته ارتعش...
ــ "خد يا حج..."عمران".
مد الجد يده تناول القماشة بيده المرتجفة،فتحها ببطء،فإذا بثلاث خُصلات شعر،موضوعة بجوار بعضها،كأنها بتبكي...كأنها تشهد علي ظلم عيله لا ترحم..
"نديم" وقف، وصوته تقطّع...لكن وجعه كان طالع بيشرخ في صوته.. كان ، مرفوع الرأس، وقال:
ــ "خد يا حج...خد حِتّة من ولاد عامر...
خد…اني خرجت من اهنه واتجال بعلو الصوت ملكوش نسب اهنه... خد يا حج عمران يابو عامر ابو الدهب.. فاكره.. ليه عيال أهوه خد حته منهم واعملهم تحليل نسب.جاااايز… كل اللي بتعملوه ده،علشان تثبتوا إننا أولاد حرام!إننا مش منكم؟!
وقف لحظة،السكوت صرخ،والقلوب اختنقت...ومسك الجد معصم نديم يستند عليه من قهر الصدمه... ليكمل عليه النديم بكلماته القاتله...
ــ "خدها وحللها بمعرفتك هتلاجي النسب فيها.هتلاجي فيه الاصل هتلاجي طالعلك من نسلك حاجه معديه الشرف إللي اتنزع.. خد حلل. أصل العجل ما حدش يصدّج اللي اتعمل منكو! ده ليه.
المشهد ده كفيل إن يكتم انفاس القاعه بأكملها.. اما الجد وقف بيده ترتعش ...والقماشة الحرير ف يده اصبحت نار،خفيفة على الجلد...تقيلة على القلب.
نظر إليها،نظر للخُصل الثلاث،كأنهم أرواح…
مش مجرد شعر.كل خصلة…كانت بتنطق باسمه،وبتسأله بتشهده :
"إحنا منك… ولا من غُرب ليه عملتو فينا كده ؟!"
عين "عمران" اتغرغرت،بس ما نزلتش دمعة.
الراجل الكبير…ما اتعلمش يبكي.اتعلم يشيل،يسكت،يكابر.لكن اللحظة دي؟
جابت جرح.. شاف عياله،وشاف "عامر"...وشاف اللي اتقال… واللي اتخبّى،وشاف نفسه واقف في أول صف الغدارين،وبيغمّض عينيه،
نظر لنديم…نظرة فيها كسرة،وكل سنين الرجولة… وقعوا من فوق كتافه. وداخله يصرخ...
ــ "سامحني يا ولدي…ماستاهلتش كلمة "جدي"... خُصلكم دي؟ كنها حبال بتخنجني…من وجعي وضعفيِ
ضم القماشة لصدره،كأنها طفل يتيم،
وهمس لنفسه كأنه بيعترف قدّام ربّه:
ــ "دمّك من دمي...وغلطتي عمرها ما تتغفر،بس حجك… هييجي.بيدي،
قبل ما أمشي،وما هردّ طلبك..
.
بعد ما مدّ "نديم" القماشة... وسلّم الخصل،
وقف ساكن كالجبال صلب عليه صلد لا يحتمل إلا النديم.. النديم ايقونه صمود لا مثيل لها.. رغم ذلك.. روحه كانت بتتهز جواه،كأن كل خصلة منهم...نزعت جزء من عمره.
ما بصش ورا...ولا استنى كلمة مواساة،
ولا حتى نظرة تصديق،لإن الوجع خلاص سبق كل دا.
همس لنفسه:
"ياااه يا نديم...وصلت بيك الأيام تبقى ف حضن داركو بتدافع عن اسمك…كأنك غريب!"..... جواه حاجة بتتكسّر…زي ضلع بينحني لما مافضلش حد يسنده.
نظر في عيون الجد،مش عشان ينتظر ردّ،
بس يمكن… يشوف فيهم "جده"،مش "الحج عمران".بس ما لَقاش غير ملامح بتدوّر على الغفران، زيّه…نفس الوجع،بس بصوت تاني.
نديم وقف، صدره عالي لكنه مقطّع،
التفت ناحيتهم،عيونه فيها نديم القديم،
اللي كسروا ضلوعه وهو ساكت، يبحث لا شعوريا عن سند في عتمه تلك العائله.
"مهرة"... كانت واقفة،ساكنة في الظاهر،
لكن بداخلها عاصفة بتهز الأرض تحتها،كأن الدنيا حوالين أخوها…بتقع.
نظرت لنديم،ما ندهشتش،ما قالتش ولا كلمة تفهمه دون أن ينطق.. …بس دمعتها طلعت قبل ما تنزل.دمعة عنيدة،خرجت من عين طول عمرها مش بتعيط،لكن أخوها؟مشهد أخوها… كسرها. يقف شامخا ولكنها تحس بضياع قلبه ووجعه وحاجته ليد تسنده..
خطت خطوتين...رجليها كانوا بيسبقوها، وقفت قدّامه،والقماشة لسه ف إيد الجد،مدّت إيديها،حضنته... مش بكلمة،
حضنته بس… كأنها بترجعله ضلعه اللي اتكسر.وشوشت في صدره،بصوت مبحوح، لكنه ثابت:
ــ "مش محتاج تثبت إنك منهم،أنت الأصل، يا ضهري…ولو ما حدش شاف،أنا شوفتك وعشت عارفه إنك عمود بيتي ودنيتي."
سكتت شوية، ومسحت دموعها بكفّها،
ورفعت راسها ناحية الجد،وقالت بصوتها اللي رج المكان...
ــ "اللي زي نديم،مايتحطّش في ميزان نسب...ده ميزان الرجالة ما يعرف يكيل النديم يا عيله أبو الدهب "
هز الجد راسه بأسي الموقف لم يعد يحتمل تأجيل اقترب، طويل..ضع الخصل في جيب عباءته.وقال بصوته اللي جبر سنين:
ــ "الغايب دلوك رجع. ولدي باعتلي أمانته. اهدّي يا ولدي...اهدّي قبل ما الغل يحرج الكل،وما يفضّلش غير رماد نترحّم عليه!"
تنهد "نديم"،وزفر من صدره وجع السنين،
ثم قال بثبات هادي… هادي زي جبل، لكن جواه نار:
ــ "طالب حلالي...مش البِت لابن عمّها،
ولا أنا مش ابن ابنك يا حج عمران؟
وقبل ما السكون ياخد الكلمة…
صرخ "جابر"،صوت طالع من حنجرة الغل:
ــ "ده لو روحك طلعت، ما هتاخدها!
اجتلها أحسن!"
القلوب تشنجت، والوجوه اتجمدت…
لكن "عمران"،كان صوته ساكت،وعقله صاحي. لن يدع لشر إبنه ان يستبيح الموقف تجاهله تماما. اقترب بخطاه التقيلة، وعيونه ما فارقتش "نديم"،نظرة شيخ يقرا اللي ف العين،وأخذه جانبًا...وهمس له،
ــ "أنا همشيها بالعَجل...جولي يا ولدي:
عرفي ولا رسمي؟
"نديم" رفع عينه، تنهد وهمس:
ــ "التنين، يا حج عمران.وجد؟اتاخدت بالغالي…ومكتوبّلها مهر،ولو عايز… أجيب لها الحُلو كلّه!آه، بت "جابر"…بس دي مرتي بالدنيا،ومافيش أغلى منها عندي، يا حج. دي الحاجه الوحيده النضيفه اللي طلعت بيها من عيلتكو يا حج "
نظر "عمران" إلى "نديم"...نظرة فيها وجع السنين،مش من اللي اتقال…من "اللي ما اتقالش".كلمة "حج"...تكرّرت،ومع كل مرة،
كانت كأنها جدار عازل بينهم
شعر إن كلمة "جدي"...اتسلبت منه،واتبدّلت بـ لقب رسمي،يحترق به القلب وهو ساكت!
استدار "عمران"،كأنه بيهرب من الوجع،
بس صوته…ما هربش،علا فوق الكل، ثابت وواضح، لكنه مبلول بندم:
ــ "ماشي يا ولدي..."وجد" مرتك.فـ أمانتي...
واللي بينّا؟هيتصلّح.
صرخ "جابر" والحنق يتفجر من حنجرته، كمن يلفظ حممًا لا كلمات:
ـ "بتجول إيه يا أبوي؟!ما هيحصلش!
يجتلني الأول!"أنت هتصدج دا ضحك علي بتي وهجتلها هيا كمان واجتله. هتمشي وراه.
لم يكن في صوته سوى الحنق والعناد، عناد من يرى الحق ولا يطيقه.
فضحك "نديم" ضحكة طويلة، فيها من التحدي بقدر ما فيها من الحُرقة:
ـ "إيه؟!راجل عاجِل واد كلمته...أدّاني البِت!
وتجتل إيه يا راجل؟!دانت حبيبي!اشهدوا يا خلج!عمي رايد يولّعها نار عشان يعادي جوز بته!"
احتقن وجه "جابر" أكثر، وصرخ كمن يركله وجعه من الداخل:
ـ "أجوّزها لحرامي؟!لواحد أمّه وأبوه... عار؟!"
هنا، دوّى صوت "عمران"، كمن بلغ الحلقوم:
ـ "ياخي منك لله!بقي ما تخرس؟!إنت إيه؟!اكتم بقه، اتفضحنا!منك لله!هيه شوخليه وفضايح للركّب عار وطين على طين...عايز ايه تجتلو بعض؟!والعيبة تركب وتدلدل، ونتفضح أكتر من اكده يمين الله لو سمعت حسك مالا اكون هابدك بالمركوب علي وشك. انت عايز يتجل من منك عشان تكتم والا اجولك هفرخ فيه الفرد ده واخلص من شرك .
لكن "نديم"، بثباته المعهود، لم يتراجع، بل تقدّم خطوةً، ونبرته تعلو، تعلن للعالم حقّه، وحقّ "وجد":
ـ "وإيه اللي يفضح؟!إني رايد مرتي؟!اني واجف بصوت عالي، قدّام عيلتها، في وسط دار أبو الدهب،بطلبها منك يا حج،البت لابن عمّها...وإني أهوه، بطلبها، راجل بوجه راجل!اكتب عليها على سنة الله ورسوله،ادهالي!"
ثم التفت نحو الجميع، وصوته هذه المرة يخترق جدران الكبرياء بصراحة مدوّية:
ـ "هو كان هيرميها لده ومارايدهاش، وأنا متوكد إنه ما رايدهاش...يبقى ليه توجعوا جلوبنا وتموتونا بالحيا؟!ارحم يا حج،
عيلتك المره قبل الراجل،وإن كان عالمال يا جابر يا أبو الدهب...وجد اتكتب لها شركة الديب بحالها...مهرها!"
ارتجّ المكان، وصُعق الجميع من وقع العبارة،
تجمّد "جابر" لحظة، وحدق فيه مذهولًا:
ـ "إيه؟!كتبت لبِتّي الشركة اللي نصبت علينا وخدت الخمسين مليون.صرخ بعدم تصديق . انت كداااب...
ضحك "نديم"، تلك الضحكة التي تحمل في طياتها تحدّيًا وسُخرية:
ـ "أيوه...كتبتها هكدب ليه خايف منك مثلا ،والفلوس هترجع،والشركة بتاعة وجد!إيه؟ مش اللي يهمّك الفلوس وبس؟!"
قال بذهول لم يتخطاه... يعني.. يعني بتي ليها خمسين مليون دلوك... يعني وجد معاها نص فلوس عيله أبوالدهب ؟!"ابتلع "جابر" ريقه،وقف ينهج من صدمته ورغم غيظه، صمت...فهو عبدُ المال،وفي حضرة الذهب، يخفت صوته، وتذبل غضبته.
فواصل "نديم"، منتشيًا بانكسار خصمه:
ـ "الفضايح خلصت!الجوازه خلاص انعجبت... اطمنوا...الفلوس سِحر لعيلة أبو الدهب!"
وبينما نديم يقف منتشيا بعد ان هان جابر في نفسه.. في زاوية المجلس، كان "براء" صامتًا...يراقب من خلف النظرات كل ما يجري،وفي صدره، كانت نار حمية العيله تشتعل،
كل جملة من "نديم" كانت كأنها تُسكب على قلبه زيتًا ساخنًا. وراي نديم وهو يسخر من عمه بالمال واظهر سوءه.. علم انه اخذ ابنه عمه بالعرفي ويعلم جيدا إنه لم يكلم جده.
هناااا.. انفجر "براء"!اندفع من مكانه، وصوته يُشبه فرقعة الرعد في عزّ صيف قائظ:
ـ "وطالما أكده يا نديم بيه، وبتتكلمو عالفضايح...يبقى على عينك يا تاجر!
وأنا ليا حِجّ في بيتك أنا راخر!وهاخده!"
استدار "نديم" نحوه، والغضب يتفجر من مقلتيه...نظر إليه نظرة رجل لا يتسامح في كرامته...لكن "براء" لم يتراجع، بل صرخ بأعلى صوته...
إفتكر إني قولتلك بلاش يادي الجدع... يا وقعتك السوده يا شجن ووقعتك الطينتين يا براء...
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم