رواية عودة الذئاب الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم ميفو السلطان

 

 

 رواية عودة الذئاب الفصل الثامن والثلاثون بقلم ميفو السلطان

تُرى...
هل يأتي يومٌ، تتنازل فيه "مهره" عن كبريائها، لا ضعفًا، بل رغبةً في السكون؟

هل تهدأ الريح بداخلها، وتتوقف عن القتال، فقط لأنها وجدت أخيرًا من يُجيد احتواء العاصفة؟

هل تنامُ على كتفه ذات ليل، دون أن تشعر بالخطر؟

هل تُطفئ جذوةَ التحدي في عينيها، وتتركه يرى أنثاها دون أقنعة؟

هل تمنحه لحظة صدق، تقول فيها:
"تعبتُ من أن أكون الحرب... أُريد أن أكون وطنًا"؟

يا ليتَ "مهره" تسمح لقلبها أن يُخطئ لمرةٍ واحدة، أن يُراهن على رجُلٍ ويكسب.
ويا ليت "أسمر" يتعلّم كيف يُمسك يدها دون أن يظن أنه يروضها،بل فقط… لأنه لا يريدها أن تمشي وحدها

يا رب...
إن جاءت لحظة اللين، فلتكن أمام من يُحسن فهمها،أمام من لا يكسرها حين تنكسر،ولا يخذلها إن بكت.

يا رب...إن بكت "مهره"، فلا يرَ دمعتها أحدٌ سوى "أسمر".وإن ضحكت… فليكن هو السبب.

متى تلينُ تلك التي اعتادت أن تُرعب القلوب بنظرتها؟متى يسقط جدار الكبرياء الذي شيّدته حول روحها منذ أن خذلها العالم أول مرة؟

هل تُلينها كلمة؟أم يُلينها انكسار الرجُل الذي ظنّ أنه لا يُنكسر؟هل تهتزّ حين ترى في عيونه الندم؟أم حين يصمت، ويقف أمامها عارياً من جبروته، لا يحمل سلاحًا سوى قلبٍ مكسور؟

هل تُلين المرأة الجبارة لأن أحدهم أحبّها بصدق، أم لأنها تعبت من التظاهر بالقوة؟

وما الذي يفعله أسمر حين يراها تخلع درعها؟هل يحتضنها بقلبٍ خائفٍ من فقدانها؟أم يتراجع خطوة، كأن اللين فيها أوجعه أكثر من قسوتها؟

وهل يعلم... أن أقسى النساء، حين يلينّ، لا يطلبن حباً… بل أمناً؟

وهل يدرك... أن لمسةً واحدةً في لحظة ضعف، قد تُحيي أنثىً كانت تموت في صمت؟

يا مهره... أيُّ لحظةٍ تلك التي تُسقطكِ من عرش الجفاء؟

ويا أسمر... أستعرف كيف تصونها إذا بكت بين يديك؟

مهرة؟ليست من أولئك اللواتي تُكسر قلوبهن بكلمةٍ دافئة، ولا ممن تُغرورق أعينهن من نظرةِ حنينٍ عابرة.
إنها نار متاججه…نشأت وسط العواصف، رآها الهوى تُطرح أرضًا وتُسحب من الحياة دون أن تُمدّ لها يد، دون أن تُلقى لها رحمة.

… لا تلين.إلا حين ترى الندم يتوهّج في عيون من ظنّها خصمًا.لا تلين… إلا إذا انكسرت الهيبة أمامها، لا بالكلام، بل بالصمت.

قلبها؟ ليس صخرًا، لكنه دُفن عميقًا تحت رماد الكبرياء.أغلقت عليه بأقفالٍ من عزة، ورمت مفاتيحه في بئر وجعٍ قديمٍ لا يُطال.

تلين؟ نعم... تلين.
لكن فقط حين تشعر أن من أمامها لم يأتِ ليكسرها، بل جاء ليحمل عنها ما أثقل كاهلها.حين يُسقِط سلاحه، ويرفع عينيه فحسب، ليعترف بوجعه دون كلمة…

 حينها تتزلزل لحظةٌ كانت تظنها جبلًا.تهتزّ أنفاسها، تتلعثم نظراتها، وتحدّق فيه كأنها تراه لأول مرة.

أما "أسمر"...
فهو يقف متأمّلًا، لا يقترب، كأنّه لا يصدّق أن اللين قد مسّها حقًا.يخشى إن لمسها... أن تنكسر اللحظة.فيُطفئ في عينيه نار الشوق، ويفتح صدره للأمان،لأنّه يعلم: أنّ أقوى النساء إذا رقّت…لا تحتاج ذراعًا يطوّقها، بل صدرًا يحتويها.

فيا اسمر أتظن أن قلبها يُفتَح بمفتاح الغرور؟أم تظنها تُعجَب بمن يسير أمامها كأنه يمتلك الأرض ومن عليها؟

هل حسبتَ أنها كسائر النساء… تذوب في العيون التي لا تطرق؟أم ظننتها أنثى تُؤخذ بالصوت العالي واليد الممدودة بالفرض؟

كيف تلين لمَن يُشهر سيفه قبل أن يمد يده برفق؟كيف تُصغي لمن يتكلم فوق صوتها؟

وكيف تُحب من لا يُشبهها في وجعها، وفي عنادها، وفي صمتها الطويل؟يا "أسمر"،
"مهره" لا تُروَّض، بل تُفهم.لا تُكسَر، بل تُحتَضَن.وإن لانت… فاعلم أنها لانت لأنك صبرت، لا لأنك غلبتها.

القوية لا تلين إلا بشروط.ليست كالعابرات، تُفتن بكلمة، أو تُؤخذ بنظرة، أو تهتز أمام عاصفة رجولتك المتعجرفة.

"مهره" لا تُشترى بكبرياءك، ولا تُعجَب بخطوتك الواثقة ولا بنظراتك التي لا تَخفضها.

تُحب من يرى خلف عنادها خوفًا، ومن يقرأ في حدتها ضعفًا، ومن يختار أن يبقى حين تطرده بصمتها.

لا تلين لمن يتحدّاها، بل لمن يحتويها.لا تقترب ممن يقترب منها بشراسة، بل تميل لمن يقترب منها بصبر.هي أنثى لا تخشى الوحدة، بل تخشى أن تكون مع من لا يفهمها.

وإن لانت؟ فاعلم أن قلبها لم يُهزم، بل قرر أن يمنحك فرصة… لاختبارك، لا لاحتمائك.

وهكذا، يصمت الليل، ويطول الصمت،
وتغدو "مهرة"...التي كانت نارًا…دفئًا لا يُطفأ.

ننتظر أن تفهم...ولكن، متى ستخلع جبروتك؟متى تُدرك أن القلوب لا تُفتح بالقوة، ولا تُروّض بالكبرياء؟

متى تفهم أن الأنثى، وإن قست، فذاك لأنها خافت أن تُكسر؟متى ترى في عنادها صرخة رجاء؟وفي صمتها، دعوة للاقتراب لا للرحيل؟

متى تترك سيفك؟متى تتخفف من درعك؟
ألا تعلم أن القوة الحقيقية، أن تلمس قلبًا دون أن تؤذيه؟

وأن الجبروت، مهما علا، لا يُقيم بيتًا، ولا يُشعل دفئًا؟متى، يا أسمر، تُنصت لصوتها الخافت خلف كل العناد؟متى تنحني... لا انكسارًا، بل حبًّا؟

نحن لا نريدك ضعيفًا...نريدك إنسانًا.كيف نروّض الوحش بداخلك؟

أنروَّضه بالغضب؟ لا.أم يُروّض بالخضوع؟ مستحيل.الوحش لا يلين أمام من يُشبهه…
بل أمام من يُخالفه.

يُرعبه العناد…لكنه يُحاصَر بالهدوء.يُهاجم القسوة…لكنه يَسقط أمام لمسة حنان صادقة.الوحش… لا يُروَّض بالسلاسل،
بل بالنظر في عينيه دون خوف.
لا ترفعي سيفك في وجهه،…،بل ارفعي مراياكِ،علّه يرى نفسه... ويخجل.

الوحش... لا يخاف أن يُؤذى،بل يخاف أن يُحب.فهل أنتِ قادرة على أن تُحبّيه بما يكفي لتطفئي نيرانه؟

أم أنكِ ستصيرين مثله… وتفترسه؟
قيل: "الوحوش لا تُروّض، بل تُفهم."

هنا مهره؟لم تحمل سوطًا، ولا أقامت له قفصًا،فقط... وقفت أمامه،بعينين لا تخاف، ولا تُهادن.فأربكته.

وختامًا...

ما بين نار "مهرة" وصخر "أسمر"، كُتبت حكاية لا تُشبه غيرها...
حكاية لا تتلوّن بالحب الساذج، ولا تُروى بلغةٍ عادية.إن لانت، فلأنها وجدت في قلبه وطنًا لا سجنًا،وإن بكى، فلأنها وحدها عرفت كيف تخلع عنه جلود الجبروت دون أن تهينه.

هي لم تأتِ لتُكسر... بل لتُفهم،وهو لم يُخلق ليُروَّض... بل ليحتضِن دون أن ينهار.

وفي عالمٍ تعجّ فيه العلاقات بالخداع والخذلان،ظلّت "مهرة" و"أسمر" علامة فارقة...هما الوجع حين يصمت، والحنين حين يعجز عن الاعتراف.

فإن اجتمعا...سكنت العاصفة، وهدأ الوحش، وابتسمت النار.

طوبى لتلك الأرواح التي لا تهزمها الحياة، بل تصنع منها خلودًا لا يُنسى.
وطوبى لقلبٍ حين يلين... لا يُهان، بل يُعان.
وطوبى لمن أحبّ "مهرة" فاحتواها،
ولمن فهم "أسمر" فطمأنه.

لأن بعض الأرواح... لا تُروى، بل تُقدّس.


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1