رواية وميض الحب الفصل الثامن و الثلاثون بقلم لولى سامى
برغم تواجدها لأكثر من ساعتين بداخل غرفتها في منزل والدتها…
ومن المفترض أنها بأكثر الأماكن أمنا لها ولابناءها..
إلا أنها ترتعش رعبا بل وتنتفض كلما استمعت لرنين هاتفها أو طرق على باب المنزل …..
دموعها تتساقط عفوا منها لا تعرف أهي ندما على فعلتها أم رعبا من توابعها …
تركت أبناءها مع والدتها بخارج الغرفة …
تريد أن تنفرد بنفسها ..
تعاتبها وتراجعها فيما مضى وما آلت اليه …
من صمت وقبول الهوان والازلال وتبدل الحال حتى وصلت لما هي علبه الآن …
شخصية لا تمت بصلة عن سابقتها ….
صورة مشوهة وباهتة غير واضحة المعالم …
انسحبت عبراتها دون أي تحكم فيها حتى انصهر كحل عينيها مختلطا بدموعها لينتجا عبارات وخطوط سوداء على وجهها ليصبح لوحة قاتمة مثل روحها القاتمة التي تصارعها بداخلها …..
استقامت من مجلسها تبحث عن ذاتها حتى رأت انعكاس صورتها في المرأة التي تقابلها …
دققت النظر إليها وكأنها تبحث عن نفسها ….
اقتربت للمرأة تتفقد ملامحها المشوهة ….
تحاول إزالة دموعها بايديها إلا أن فعلتها هذه تضاعف من قبح صورتها ….
اقتربت أكثر واكثر وكلما اقتربت خطوة من المرآة تحاول إزالة الدموع السوداء عن وجهها ربما أزالت قدر ولو بسيط من قبح ما تراه ….
إلا أن بفعلتها هذه كانت تزيد الأمر سوءا …
وصلت أمام مرآتها مباشرة فإذا بها ترى كائن قبيح جدا لم تره من قبل وكأنه انعكاس لتبدل روحها من الداخل …
لم تستطيع تقبل رؤية صورتها بهذا القبح لتمسك بقارورة عطر على طاولة الزينة وصوبتها تجاه المرآة لتنفجر القارورة محدثة صوت عال وتتهشم لفتات محدثة شرخ عميق وكبير بالمرأة وبصورتها معا….
نظرت مرة أخرى فإذا بها تجد صورتها قد تهشمت كروحها لتعي جيدا ان ما حدث لها بروحها لم ولن يرمم مرة أخرى ….
اقتحمت والدتها غرفة ابنتها بعد أن استمعت لصوت تهشم زجاج بها ….
وجدت ابنتها في حالة انهيار تام محطمة الامال تقف أمام مرآة لا تقل عنها في حطامها …
اسرعت الام خطاها إليها واحتضنتها من الخلف لتسقط كل حصون هند التي كانت تستند عليها وتتراخى اقدامها …..
لتشعر بها والدتها وتحاول اللحاق بابنتها من السقوط …..
وقف أبناءها على باب الغرفة يبكون صمتا حينما رأوا ضعف امهم الذي كانوا يرونها مصدر قوتهم وامانهم ….
حاولت والدتها إسنادها وسحبها إلى الفراش وهي تنادي على حفيدها / هاتلي كوباية ماية بسرعة …
استرها علينا يارب ….
ظلت تنثر قطرات المياه على وجهها تارة والعطر تارة أخرى ربما ساعدها في الآفاق مما هي فيه …
بالفعل بدأت هند في العودة لوعيها لتجد روحها على الفراش وتجاورها والدتها بقلب منفطر ورعب على ابنتها …..
رفعت هند عيونها تنظر بأعين والدتها التي ما أن رأتها تفتح عيونها وبدأت في توزيع قبلاتها على كفيها ثم كل انش بوجهها وهي تردد / حمدالله على السلامة يا عين امك …
الف سلامة عليكي يا نن عيني …
مالك يا هند عاملة في نفسك كدة ليه يا حبيبتى ؟؟
قطبت هند حاجبيها حينما استمعت لسؤال والدتها المستفز لكل مشاعرها لتهمس هند سائلة بتعجب / حقيقي خفتي عليا !!
اندهشت والدتها من سؤال ابنها لتبتعد قليلا عن وجه ابنتها وقبل أن تسألها عن مقصدها اردفت هند قائلة/ يعني لما شفتيني منهارة واغمى عليا خفتي عليا !!
طب مفكرتيش أن حالتي دي ممكن تكون اتكررت وانا في بيت جوزي اللي كنتي دائما ترجعيني له مكسورة الخاطر كام مرة ؟؟
شعرت والدتها بكلمات ابنتها كسهام مصوبة تجاه قلبها لتحاول التبرير لتفكيرها / لو كنت في يوم قسيت عليكي ده علشان مصلحتك …
* انتي دمرتيني ….
هكذا هدرت هند بجملتها لتعيد تكرارها مرة أخرى / أيوة انتي اللي دمرتيني مش هما …
انتي ادتيهم احساس اني مليش حد ومليش ظهر ….
انتي ادتيهم الإشارة الخضراء يعملوا فيا اللي عايزينه …
انتي كنت السبب الأول والأخير في اللي أنا وصلتله …
حاولت والدتها تهدأتها لتربت على ظهرها وتحاول احتضانها إلا أن هند ابتعدت عنها لتشعر والدتها بالحرج ولكنها أكملت ما بجعبتها / طب خلاص مترجعيش له تاني وانا هعملك اللي انتي عايزاه …
افلتت هند اذرغ والدتها من عليها وهي تنظر لها بغضب دفين وصوتها يحمل نبرة الخطيئة / لا ماهو مش بمزاجي …
كدة كدة مش هعرف ارجع ولا هقدر ارجع ….
بس قولي يارب مروحش في داهية ….
شعرت والدتها أن هناك خطب ما تخفيه ابنتها عليها لتحاول معرفته / انتي عملتي حاجة يا هند ؟
قوليلي وريحي بالي يمكن اقدر الحقك..
أطلقت هند ضحكة ساخرة ثم علقت بتهكم / إلا ما لحقتيني وانا على البر وبصرخ تنجديني …
جاية تقوليلي هنجدك بعد ما اتوحلت ..
حركت هند رأسها بعدم فائدة وهي تمتم بصوت مسموع / انتي متعرفيش أنا وصلت لأيه ….
ثم نظرت لها بعيون دامعة وكأنها توصيها وتودعها / هو طلب واحد بس اللي عايزاه منك انك تاخدي بالك من ولادي ومتربهمش زي مانا اتربيت ….
تبادلا كلاهما النظرات كلا بمقصده …
نظرت الام لابنتها اعتذارا ورعبا وهلعا عليها عما فعلته بها ومما هو قادم …
بينما نظرت هند لوالدتها عتبا وخزيًا ورجاء مما فعلته يها وما تريده منها ….
حتى حطمت هند لحظة الصمت تلك بطلبها للراحة واحتياجها للنوم …
خرجت الام ساحبة خلفها اطفال ابنتها…
بينما هند فور استسلامها للنوم غرقت به وكأنها تهرب من مواجهة نفسها .
……………………….
في طريقهم إلى منزلهم قرب الفجر والصمت التام يحلق عليهم وكأن على رؤوسهم الطير وكلا منهم يفكر في ليلاه…
عبدالله يقود السيارة وبرغم معرفته لطريق العودة للمنزل إلا أنه تائها في سبيل العودة لحياته الماضية ..
يفكر كيف وصل بهم الحال لما هما عليه الآن …
ولا يعرف كيف يعود لما كانوا عليه بالماضي …
تذكر حديث سيد معه بعد أن وقعا على محضر الصلح حينما انزوى به جانبا يحادثه عن مما صدر منه / أنا مخنتش اختك يا عبدالله ولا سرقتها….
بالعكس اختك اللي خانتني وكذا مرة…
اول مرة لما أخفت دهب شبكتها واتهمت اخواتي في سرقته….
ولو مش مصدقني هبعتلك التسجيل اللي يثبت كلامي …
وثاني مرة لما اوهمتني اني مبخلفش وطلع العيب منها …
وكانت مفهماني أنها بتاخد مني فلوس بحجة أنها بتساعد اختها وطلعت بتجيب دهب وتخبيه مني …
* يعني انت اللي اخدت دهبها …
* أنا مأخدتش دهب اختك…
أنا اخدت فلوسي اللي اتسرقت من ورايا…
واتجوزت علشان اخلف واعتقد ده من حقي….
وخاصة بعد ما سلبت مني حق أن أختار اكمل حياتي معاها من غير عيال ولا بعيال …
ورجعت لاهلي اللي كانت السبب في قطيعتهم …
أنا حبيت اقولك علشان تعرف اني مغلطتش في اختك…..
بالعكس أنا لسه باقي على العشرة ومطلقتهاش بس لو قربت مني تاني متلومنيش ساعتها …
عاد بذاكرته ينظر للقابعة بجواره بعيون مندهشة وحزينة مما صدر منها ومما وصل لها حالها …..
غير مصدق ما قامت به من أفعال
يتذكر كيف كانت أحلامه بسيطة تندرج في العيش بهدوء مع حبيبته ووسط عائلته في جو يملؤه الحب والأمان …..
ولكنه استيقظ على علقم الحقيقة ….
أدرك أنه لم يكن ينظر من عين الحقيقة …
فلم يرى كل من حوله على حقيقتهم….
ليعي حينها ان لكل حلم طريق يجب ان يسلكه ويتخطى عقباته ومنحنياته …
قرر أن يتعجل في إصلاح كل ما فات مهما كانت الظروف والعقبات …..
وكله أمل أن تمنحه الحياة فرصة لهذا الإصلاح …
تجلس بجواره تائهه في مستنقع أفكارها الانتقامية ..
تخطط وتغذي الشيطان الكامن بروحها …
تتلهف على جلستها مع والدتها لينفذا ما اتفقا عليه ..
تتوعد بصرف كل عزيز وغالي من أجل اذاقة زوجها وزوجته كل العذاب والمرار …
كلما تذكرت ما ستعانيه من وحدة وعذاب تضيف إلى قائمة عذابها المزيد والمزيد من الأفكار الشيطانية..
تجلس خلفهم ترى صمتهم ولكن لا تسمع أنفاسهم …
تشاهد حركة السيارات حولها دون الاستماع إلى ابواقهم أو صوت حركاتهم ….
دموعها تنسدل بصمت على وجنتيها كعالمها التي تحاول التكييف فيه…
ولكن كيف ستعيش وتتعايش بهذا العالم الصامت وعالمها السابق كان مليء بالكثير من الأصوات …
بعد فترة وجيزة وصلوا لمنزلهم …
ترجلت دعاء من السيارة بينما توجه عبدالله لسمر ليساندها فهي مازالت تشعر بالوهن …
طرقت دعاء جرس المنزل تزامنا مع ارتفاع اذان الفجر …
أعادت الطرق مرة أخرى إلا أن الإجابة كانت سلبية فلم يجب عليها أحد …
تذكر عبدالله محادثة هند بمغادرتها للمنزل ليخبر أخته / مفيش حد في البيت غير امك وزمانها نايمة …
لو مش معاكي مفتاح هتلاقي مفتاحي في العربية هاتيه وافتحي الباب ..
فتحت دعاء حقيبتها وهي تخرج مفتاحها وتجيب عليه بسؤالها الاستنكاري / ليه مفيش حد في البيت أمال الست هند راحت فين ؟؟؟
فتحت البوابة ودلفا كلا من دعاء وعبدالله ومستنده على ذراعه سمر ….
تحسست دعاء الحائط محاولة الوصول لمقبس الإنارة فالظلام دامس يحجب اي رؤية …
وصلت اخيرا لمقبس الإنارة وفور أن أضاءت المفتاح تحجرت مقلتيها من أثر ما رأته لتطلق شهقة انتبه على آثارها عبدالله الذي كان يحاول اعدال سمر …
نظر عبدالله للامام ليرى والدته مسجاه على الأرض بطريقة عجيبة…
من النظرة الأولى يتبين للرائي أن بها كسر ….
فقدميها في غير مسارهم الطبيعي ….
هرولت إليها دعاء تحاول اعدالها بينما عبدالله ظل يكرر على مسامعها وهو يحاول اجلاس سمر جانبا / سيبيها هتصل بالاسعاف حالا …
اوعي تحركيها يا دعاء …
وقعة امك مش طبيعية …
بقولك اوعي تحركيها ..
وكأنها فقدت تركيزها وسمعها فلم تستجب لحديثه بل ظلت تحركها يمينا ويسارا بغرض تعديل اعواجاجها ….
وربما سلطها الله على والدتها لتكون سببا في مضاعفة حالتها ….
ترك عبدالله سمر جانبا التي حاولت هي الأخرى النهوض للحاق بوالدتها إلا أن حالتها خانتها فظلت مكانها تمتم بصوت لا تسمعه أذنها …
حاول عبدالله ابعاد دعاء عن والدته بينما الأخيرة كانت في حالة هلع على والدتها أو بالأحرى منقذتها …
كانت ترى أن كل حلولها متوقفة على حكمت فكيف لحكمت أن تتركها بمنتصف الطريق هكذا …
بالكاد نجح عبدالله في ابعاد دعاء عن والدته التي لم يظهر عليها أي معالم للنجاة حتى الآن…
اخرج هاتفه وطلب سيارة إسعاف التي وصلت بعد وقت قصير للغابة نظرا للتوقيت المبكر والشوارع الخالية ….
كادت دعاء أن تصاحب عبدالله بسيارة الإسعاف لتطمئن على والدتها إلا أن عبدالله أخبرها بطريقة قوية وصارمة / قولت لا يعني لا واسمعي الكلام شوية بقى …
انتي هتقعدي هنا مع اختك مينفعش نسيبها لوحدها …
وانا هبقى اتصل بهند تيجي تقعد باختك وابقي تعالي ساعتها ….
ومتقلقيش هطمنك على كل حاجة…
نطق بجملته وصعد بجوار والدته بسيارة الإسعاف ودموعه تشق طريقها على وجنته ….
يسأل ويتعحب ويعاتب ويجيب وكأنها أمامه تجيب على كل حديثه / ايه اللي حصلك يا ماما بعد الشر ؟؟
كنت جاي اعاتبك على اللي وصلناله ….
عجبك اللي بقينا فيه …
أنا مبقتش قادر ولا ملاحق …
أنا عملت ايه غلط في حياتي علشان اشوف كل اللي أنا بشوفه ده ؟؟
كان نفسي اسألك واعرف سبب كل اللي عملتوه ده ايه ؟؟
هستناكي تخفي علشان تقوليلي وتريحي بالي وفكري ..
هتخفي يا ماما مش كدة …
هتخفي ….
وصلا للمشفى لتهرول ممرضه تجاه عربه الإسعاف وبصحبتها فراش متنقل …
تم نقل حكمت على الفراش المتنقل لتهرول بها الممرضه تجاه المصعد ويهرول خلفها عبدالله…
أدخلتها الممرضه غرفة الطوارئ ليتم الكشف عليها وعمل الأشعة اللازمة …
ظل عبدالله طوال فترة الكشف والأشعة بالخارج يزرع ردهة المشفى بالخطاوي …
شعر باحتياجه إليها فأخرج هاتفه يحاول الاتصال بها إلا أنه وجد أن هاتفه مازال يزين قائمة الحظر لديها …
أطلق تنهيدة أسى ليحاول الاتصال على جاسر فهو في أشد الحاجة اليه …
أجرى الاتصال به مرة واثنان وثلاثة ولكن من الواضح أن ابن عمه مازال يغط في نوم عميق …
تذكر حينها هند فحاول الاتصال عليها والذي إجابته من اول مرة ….
بينما بالمنزل جلست دعاء أمام سمر يخيم على كلاهما الصمت الظاهري وبداخل كلا منهم جوجاء من الأفكار والتساؤلات .
قطعت سمر هذا الصمت برغم معرفتها بعدم تلقي إجابة شافية بسمعها لتطلق سؤالها عن والدتها بصوتها وبعض الإشارات المعبرة عن السؤال / هي ماما مالها يا دعاء ؟
انتبهت دعاء لسمر القابعة أمامها ولكنها لم تراها من كم زخم الأفكار برأسها لتجيبها بإجابة شديدة الاختصار / أنا زيي زيك مستنية عبدالله يطمنا .
لم تعي سمر ما نطقت به اختها ..
كل ما رأته أن فاهها قد تحرك فمن المؤكد أنها أجابت عن سؤالها بطريقتها لتشير لها سمر بيدها وبصوتها حتى تلفت انتباه اختها لمعضلتها قائلة / أنا مش سمعاكي يا دعاء …
تذكرت دعاء مشكلة سمر لتستقيم وهي تشير لها برفع كتفيها لاعلى دليل على عدم علمها بشئ ثم أشارت لها أيضا أنها ذاهبة للنوم فرأسها يؤلمها…
تفهمت سمر ما أشارت به دعاء لتجلس بمفردها لا تعلم ماذا تفعل أو اين تذهب
بينما دعاء ذهبت للنوم لا تعرف اهي تذهب هاربه من اسئلة اختها وعقلها ام هاربة من واقع واحداث لا تعلم كيف تتصرف فيه بدون ملجأها وملاذها الوحيد الا وهي امها….
بالجهة الأخرى جلست سمر تفكر في حالها وكيفية التكيف معه …
تذكرت حينما كان الجميع يلتفون حولها لمعرفة التفاصيل
تذكرت حينما كان الجميع يتهافتون عليها للوصول لادق التفاصيل
تذكرت حينما كانت تشعر أن جميع الخيوط بيديها وأنها على علم بكل ما يحدث حولها …
نسيت أن كل هذا كان بقدرة من الخالق ولكنها استغلتها بشكل سيئ للغاية
كانت تظن أنها بهذه الطريقة تستحوذ على اهتمامهم وتضمن التفاهم حولها
ولكنها وجدت أنها كانت تسعى خلف سرابا..
فور اختفاء القدرة تسرب الجميع من حولها وكأنهم لم يكن ..
انصرف الجميع من حولها، بل لم يهتموا بمعاناتها من الاساس
تذكرت خسارتها المادية والعاطفية والان العائلية والصحية …
تذكرت كيف كانت تنعم بنعم كثيرة لم تلتفت إليها وهرولت خلف استجداء الاهتمام من المحيطين…..
واخيرا تذكرت زوجها وأبناءها التي كان يستوجب عليها الاعتناء بهم وهم أطفال وفي أمس وقت في الحاجة إليها …..
ولكنها تخلت عنهم في شدة احتياجهم وسنهم الذي من المفترض ألا تتخلى ام عن أبناءها في هذا السن….
ولأجل إرضاء الآخرين فحتما اليوم لن يتهافتوا عليها خاصة وهي بهذه الحالة التي تقتضي لمزيد من الاهتمام …
ظلت جالسة بمفردها تستعيد ذكريات نعيمها التي اضاعته بايديها وتعيش لحظات حاضرها القاسية ..
استقامت لتتناول دواءها فوقعت عيونها على العقار الذي جلبه لها وليد …
ضيقت عيونها تسأل حالها هل سيتقبل حالها هذا ؟؟
هل سيكمل معها حياتهم كما كان يوعدها بانه لن يبتعد عنها مهما حدث …
انتبهت على أنه منذ أن كانوا معا لم يحاول مهاتفتها حتى من باب الاطمئنان عليها …
تعجبت من صمته ولكنها التمست له الأعذار ربما اتصل حينما كانت مريضة ولم تعي لاتصاله …
وربما راسلها لعدم جذب الإنتباه ممن حولها ..
عادت لفراشها والتقطت هاتفها تبحث فيه عن أي محاولات للاتصال او المراسلة ولكنها لم تجد أي شيء ….
قررت هي محادثته ومعرفة سبب انشغاله عنها….
فتحت تطبيق المحادثة ( الواتساب ) ودونت رسالة له كانت فحواها ( انت فين يا وليد؟
أنا تعبت اوي وكنت هموت ولحقوني في المستشفى…..
وانت محاولتش حتى تسأل عليا ؟؟
بالفعل استقبل رسائلها وظهر لديها علامة استقباله لتفاجئ بأن اسمه ينير شاشة هاتفها معلنا عن اتصال منه ….
اتسعت ابتسامتها فور رؤيتها محاولته للتواصل معها …
كادت أن تجيب عليه ولكنها تذكرت انها لم تستمع فاغلقت اتصاله وذهبت لتطبيق المحادثة تراسله بحالها فكتبت له ( مش هعرف ارد عليك علشان ودني وجعاني ومش بسمع كويس )
( خلينا نتكلم كتابة )
رأت علامة استقباله الرسالة ولكنه لم يجيبها سريعا …
ظلت منتظرة رسالته حتى أقدمت هي وارسلت استفسارها ( انت رحت فين ؟)
لم يجيبها على سؤالها ولكنه طلب توضيح لرسالتها ( يعني ايه مش بتسمعي كويس ؟ )
اضطربت قليلا لا تعرف اتصارحه بمصيبتها ام تخفي عنه الحقيقة …
صمتت لحظة ثم قررت مصارحته ربما اسرع في اجراءات الزواج والامتثال للعلاج وهي معه فدونت إليه ( تقريبا مبقتش اسمع خالص ومش عارفه الموضوع ده هيطول معايا ولا لا …
بس الدكتور في المستشفى علقلي محاليل واداني أدوية ولسه هنروحله تاني …
عاد للصمت مرة أخرى فلم يجيبها كل ما فعله أنه حاول إنهاء المحادثة متعللا بانشغاله ( طب الف سلامة عليكي يا حبيبتي…
أنا مضطر اقفل دلوقتي علشان عندي شغل هخلصه واكلمك …يالا باي …
ظلت تنظر للهاتف غير مصدقة اهو يتهرب ام أنه مشغولا بالفعل ؟؟
ولكن في اي عمل سينشغل السابعة صباحا !؟
لا تجد سبيل سوى الانتظار فلم تستطيع التحقق من نواياه الان ….
شعرت بأن الدواء قد تخلل خلايا جسدها وارغمها على الاستلقاء قليلا واعطاء جسدها نوعا من الراحة لتستلقي بالفعل محققة لجسدها مطلبه من الراحة…
على الجهة الأخرى كان عبدالله بالمشفى وحده يشعر بالتخبط من كم الأحداث المتلاحقة فوق رأسه …
شعر أنه لن يستطيع الصمود بمفرده ليحاول الاتصال بجاسر مرة أخرى ….
بالفعل اجابه جاسر اخيرا ….
تم إبلاغه بما حدث لوالدته فلم يتأخر جاسر عن تقديم يد العون لابن عمه وأبلغه بالقدوم إليه سريعا ….
وبالفعل اسرع جاسر في الذهاب لعبدالله ومؤازرته في مصائبه …
انشغل كلاهما في أحداث المشفى وطلباتها من إشاعات وتحاليل هنا وهناك حتى خرج الطبيب بنهاية اليوم واخبرهم بنتيجة فحص المريضة حكمت وبعد الاطلاع على كافة الاشعات والتحاليل المطلوبة / للأسف الحاجة حكمت الظاهر انها تعرضت لوقعة قويةجدا ونتيجة أن جسمها مليان شوية فالوقعة دي أدت لكسر مضاعف في منطقة الحوض والعمود الفقري واللي اعتقد أنه غالبا يكون تسبب في شلل نصفي أو كلي هنعرف لما تفوق…
اغلق عبدالله عينيه كرد فعل عن تلقي صدمته إلا أن الطبيب مازال يستطرد حديثه فأكمل قائلا / ومن الواضح أنها حاولت تقوم كذا مرة فوقعت تاني ورأسها اتخبطت جامد وحصلها نزيف داخلي بالمخ…
وواضح أنه متلحقش بسرعة فعمل تجمع الدموي على مركز الكلام واللي برضه اعتقد هيكون له تأثير على قدرتها على الكلام وطبعا كل ده هنتأكد منه لما المريضة تفوق ونتحقق من قدراتها على الحركة والكلام ……
أنا اسف جدا اني مش عارف ازين لكم الموضوع….
بس هو حقيقي معقد ومتداخل وكتير ….
بس أن شاء الله مع العلاج هنحاول ندوب التجمع الدموي دي …
وبالنسبة للحوض والعمود الفقري فالحاجة محتاجة عملية ضروريوجدا وفي اقرب وقت ….
فكروا هتعملوا ايه وبلغوني …
عن اذنكم ….
وقف كلاهما صامتا لا يعرف اي منهم بماذا يتكلم ….
………………………………
لم يكحل النوم عيونها بل ارهقها السهر وكثرة البكاء …
تبكي على حب عمرها ووالد ابنها …
تتلوى على جمر الشوق ولهيب الكرامة ….
وبخت حالها من سذاجة تفكيرها به بعد كل ما حدث وبعد التجاهل الغير مبرر هذا …
نظرت تجاه بطنها تتذكر نتاج عشقهم الذي أتى بغير موعده …
فكرت في أن تتخلص بما في أحشائها إلا أنها تراجعت سريعا عن فكرتها…
شعرت أنها تحب بل تعشق ما في احشائها حتى قبل أن تراه …..
ابتسمت حينما شعرت أنها فشةاشتياق للقياه حتى ولو على سبيل أن تجد من تشكو إليه أفعال أبيه ….
ادعت النوم وتوارت أسفل غطاءها حينما دلفت يسرا عليها الغرفة لتدعوها للانضمام للإفطار فاليوم الجمعة وجميعهم يجتمعون بأفطار الجمعة المميز….
ولكنها لن تريد الانخراط معهم اليوم فهي تريد الانفراد بذاتها أكثر وقت ممكن …
حاولت يسرا أن توقظها ولكنها توقعت انها بحاجة أكثر للنوم خاصة عند عدم ردها عليها لتعود إدراجها وتخبر والديها بسبات اختها العميق….
كانت تنظر للهاتف من حين لآخر ربما وجدت رسالة منه يخبرها ببداية يومه كما اعتادت منه….
بعد الافطار وصلاة الجمعة حاولت التواصل معه إلا أن هاتفه يعطيها الرسالة البغيضة إياها ( ربما يكون الهاتف مغلقا أو غير متاح حاليا ) …
تأففت من تكرار محاولاتها في الاتصال به وعنفت روحها من انعدام صبرها فربما كان نائما أو بمنطقة خارج نطاق الخدمة بالرغم أن الوقت قد تعدى وقت العصاري…..
اخذت تؤكد لحالها أنه فور رؤيته لمحاولات اتصالاتها حتما سيتصل بها ….
وبالفعل فور خروجه من المشفى لشراء بعض العقاقير ومستلزمات للمشفى تلقى رسائل تخبره باتصالاها ليفتح تطبيق الرسائل يرسل لها رسالة بكلمات مختصرة لا تسمن ولا تغني من جوع (معلش يا يسرا…
مشغول جامد…
لما أفضى هحكيلك اكيد….
سلام…
استمعت لرسالته التي أثارت العصبية بدماءها فاغلقت الهاتف تماما كعقاب لها على محاولاتها البغيضة كما نعتتها وكامتناع عن تقبل أي رسالة منه الان …..
…………………..
فور انزواء سيد بأخيه يحدثه جانبا….
ذابت فتون خجلا وخاصة عندما انزوت نظراته تجاهها أثناء حديثه ….
لاحظت اختفاء الجميع فقد كان اليوم مرهق للكل وقد لاح الصباح على الاشراق فحتما ذهب الجميع للراحة قليلا ….
نظرت تجاه سيد لينتابها حيرة عما يتحدث عنه….
ايمكن أن يخبر أخيه بزواجهم الواقف عن التنفيذ ام عن ماذا يحدثه …
سرحت قليلا حتى انتفضت حينما ربت سيد على ظهرها لتلتفت فجأة فإذا بسيد يدعوها للصعود لشقتهم ….
فور إغلاقه لباب الشقة تراجعت هي للخلف قليلا ليبتسم سيد وهو يمرر بصره على انحاء الشقة ويحدثها بنبره بها حنين للماضي/ دي شقتي اللي تعبت فيها عقبال ما جهزتها محارة ودهان وديكور ….
اصلنا متعودين أنا وأخواتي نعتمد على نفسنا…
تعبت فيها اوي وكان على عيني اني اسيبها…..
اكفهرت ملامح فتون وانتابها بعض مشاعر الحنق فقد اعتقدت حنينه لايامه مع دعاء ….
لاحظ سيد اقتضاب ملامح فتون ليقترب لها قائلا / انا عارف زمانك مستغربة أن الشقة من غير فرش …
متقلقيش اخواتي طلعولي سرير لحد ما نشترى….
أن شاء الله من بكرة هننزل مع بعض وتختاري الفرش اللي انتي عايزاه …
تعجبت من حديثه لتسأله باندهاش / طلعوا سرير واحد !!
ثم فرش ايه اللي اشتريه؟؟
مش احنا مع بعض فترة مؤقتة ؟؟
ولا انت قولت ايه لاخوك؟؟
زاغت أنظاره قليلا يبحث عن مخرج لاستفسارها قبل أن ينظر لها مبررا / اولا مقولتش لاخويا حاجة كل اللي طلبته منه أنهم ينظفوا الشقة ويطلعلي حاجات ننام عليها علشان عارف ان الشقة فاضية …
بس هو طمني وقالي أنه اتصرف وطلع سرير لحد بكرة ….
امسك بكفها ساحبا إياها وهو يكمل حديثه / تعالي نشوف السرير كبير ولا صغير ….
دلف بها غرفة النوم ليصعقا كلاهما عند رؤيتهم حجم الفراش فهو فراش فردي لا يسع سوى لفرد واحد ….
نظرا كلاهما لبعض لينطق كلا منهم بجمله مختلفة عبرت عن مكنون كلا منهم …
– هننام إزاي ؟؟
– الحمد لله اننا اتجوزنا …
نطقت فتون بالسؤال الاول لتأتي جملة سيد الخبرية بنفس الوقت وكأنها إجابة عن سؤالها ….
لوحت فتون بإصبع السبابه كتعبير للنفي عن الوضع شكلا وموضوعا / لا لا لا لا مش هينفع احنا محتاجين سرير تاني …
التفتت إليه بغتة تسأله بعصبية / انت قولت ايه لاخوك ؟؟
وكأنه كان يتوقع سؤالها أجاب بعفوية مطلقة / قولتله اتجوزنا بس والله…
أمسكت برأسها تدور بالغرفة على غير هدى لتلاحظ الملقى على الفراش والذي لاحظه سيد أيضا إلا أنه لم يستطيع أن ينطق أو يلفت الإنتباه إليه ….
اقتربت من الفراش ترفع بكلتا يدها ما هو ملقى عليه فإذا به قميص نوم أرجواني اللون شفاف الخامة لتتساءل بعيون متسعة وعقل مغيب عن ما تعرضه أو عن من تعرض امامه/ ايه ده ؟؟؟
حاول سيد التهرب بنظراته واخفاء ملامحه المبتسمة ليتحدث بتلعثم محاولا التبرير / اخويا حبيبي ….
اطلق ضحكة حاول كتمها ليكمل موضحا/ قصدي يعني عرف اني لسه متجوز طازة ….
فقال اكيد مش عاملين حسابنا في حاجة زي دي …
اصدرت صوت اغتياظها من بين أسنانها ثم ألقتها على الفراش مجددا بينما هو جاهد لوأد ضحكته فاستدار ليخرج من الغرفة إلا أنها أوقفته بسؤالها / رايح فين؟؟
استدار يجيبها وهو مبتسم / هسيبك تغيري هدومك …
نظرت لنفسها ثم رفعت نظرها إليه / لا مش هغير أنا كدة مرتاحة …
نظرت حولها وكأنها تلقي سؤالها بنظراتها قبل لسانها ثم تساءلت بتلعثم واضطراب واضح/ هو ….
هو احنا ….
هو احنا هننام إزاي ؟؟
علشان بصراحة تعبانة اوي وعايزة انام …
مسح على وجهه ونطق بتمتمة وكأنه يريد أن يخفي ما يقوله / هنام على السرير …
لم تستمع لصوته الهامس لتسأله بنظراتها فكرر جملته بصوت أوضح مما جعلها تنطقةمستنفرة / لا طبعا مش هيحصل …
اقترب منها خطوة لتبتعد هي على إثرها خطوتين للخلف فلاحظ رهبتها ليحاول طمأنتها / بصي انا مش عايزك تقلقي مني خالص انتي اكيد تعبانة ومتأكدة أن أنا كمان تعبان ….
هنام النهاردة مؤقتا كدة وليكي عليا من بكرة هننزل نشتري اللي انتي عايزاه …
ارتمت فوق الفراش جالسة فقد خارت قواها ….
تعلم أن حديثه صائب ولكنها لا تتقبل هذا الأمر وبالرغم من ذلك لن يوجد حلا غيره …
ولكنها بالنهاية رفضت رفضا تاما لتمسك بغطاء مطوي على الفراش وتمد له يدها قائلة/ اتفضل تقدر تفرش البطانية دي على الأرض وتنام عليها…
اتسعت حدقتيه بغير تصديق إلا أنه لم يجد حلا اخر ليقترب ويستلم منها الغطاء لتكمل هي باستجداء / لو سمحت اطلع نام برة …
– كمان !!!
على فكرة انتي مراتي …
نطق بجملته لعلها تتذكر ما ينفي كل الإجراءات السابقة إلا أنها كررت جملتها المعروفة / على فكرة ده زواج مؤقت …
أطلق زفيرا عاليا وأمسك بغطاءه وانطلق للخارج متمتما / قميص شفاف يا سامي يخرب بيت شيطانك…
ثم توقف بوسط الردهه وارتسمت على محياه ابتسامة لعوبة وهو يهمس لذاته / بس كان هيبقى عليها طلقة ….
ثم عبست ملامحه حينما تذكر / مش فالحة غير في جملة زواج مؤقت … زواج مؤقت
حظي منيل بقع في الستات النكد….
جاتهم الهم….