رواية وميض الحب الفصل التاسع و الثلاثون بقلم لولى سامى
احتجز بصحبة المجرمين والقتلة بل انه قد صنف منهم منذ أن أدلوا جميع الشهود في شهادتهم بإدانة صبري في مقتل فتحي….
بل والأدهى أنهم اقروا بكل ما سردته ميريهان وأجمعوا غليه ….
نظر حوله لعله يعي ما آلَ إليه حاله بعد أن كان بمنزله وسط عائلته وأسرته …
الان أصبح من المجرمين وبينهم …
حاول جاهدا الاعتراض على أقوال ميريهان وحاشيتها ومحاولة تكذيبها…..
ولكن هيهات لم يستمع أحدا له….
بل من تكرار اعتراضه اعتبره الضابط مثيرا للشغب ….
ليأمر بوضعه بالحبس لحين الاستماع لجميع الآراء ثم الاستماع إليه لاحقا وكأن أقواله ليس لها أي اعتبار ….
بعد قليل استمع بالفعل الضابط دون أخذ أقوله بعين الجدية في الاعتبار …..
مجرد الاستماع إليه كتحصيل حاصل ليس إلا…..
الآن تذكر هند الذي حولها لمسخ من كثرة ما فعله بها…
فقد عمل على إحباط لكل محاولات التودد التي كانت تقوم بها من أجل استمالته إليهم …
الآن يتمنى لو وجدها الآن لتسانده في أزمته مثلما كانت تفعل دوما …
تمنى لو يتواصل مع أخيه فهو يعلم رغم خلافهم إلا أن عبدالله لم ولن يتهاون في الوقوف بجانبه ….
تمنى لو يسمح له الضابط بالتواصل مع أهله ليخبرهم بما هو عليه الآن فهو في أشد الاحتياج لهم جميعا إلا أن ثرثرته وهياجه بالأمس جعل الضابط يأمر بحبسه دون التواصل مع أي شخص من ذويه حاليا …
والأدهى أن اليوم الجمعة ولن يأتي أحد للتحقيق ….
فلن يكن أمامه اي فرصة للخروج من هذا الحبس اليوم أو طريقة للتواصل مع ذويه…
استسلم للأمر وانزوى بمكان بالحبس يحاول النوم فيه واراحة جسده من إنهاك يوم مضى بعراكه وعصبيته …
………………………..
مر عليها ساعات وهي نائمة ولم تريد والدتها ايقاظها فقد بدا على ملامحها الذعر والانهاك ….
لذلك تركتها تغفو ساعات طويلة حتى انقضى وقت العصاري…..
بينما هي كانت تصارع أحلامها قبل يقظتها حتى انتفضت مذعورة من حلمها بأنفاس متهدجة وكأنها كانت بمارثون عدو….
اخذت توزع حدقتيها يمينا ويسارا تحاول استشفاف المكان التي تقبع به الآن …..
اخيرا بعد لحظات تنفست الصعداء حين أدرك عقلها أن ما رأته كان حلما وأنها الان بمنزل والدتها ….
أطلقت زفرة ارتياح وهي تستعيد احداث حلمها الذي كان عبارة عن وصلة لعنف بدني من قبل صبري لها كالمعتاد …..
فجأة اتسعت حدقتيها فور تذكرها لما فعلته بحكمت وما يتحتم عليها من الهروب بابناءها لمكان آخر لا يعلمه أحدا فيه ….
اخذت تعيد ترتيب حقائبها مرة أخرى لتدلف والدتها عليها الغرفة بغرض ايقاظها إلا أنها لاحظت استعداد ابنتها للرحيل لتتساءل باندهاش / انتي بتلمي حاجتك ليه تأتي ؟؟
انتي رجعتي في كلامك وهترجعي لصبري تاني ولا ايه ؟؟
التفتت بعيون مذعورة لوالدتها تجيبها على سؤالها برفض تام / مينفعش ارجع خالص …….
مينفعش ارجع ….
وقفت الأم متعجبة من إصرار ابنتها بينما الأخيرة أكملت ما كانت تفعله لتسألها الام بتعجب / طب بتلمي هدومك ورايحة فين ؟؟
التفتت لوالدها لتجيبها بإصرار إلا أن صدوح رنين هاتفها اوقف الحديث بينهم مؤقتا خاصة حينما فزعت هند من سماع رنينه وكأنها تنتظر الطامة الكبرى ….
أمسكت بالهاتف لترى هوية المتصل إلا أنها فور رؤية اسمه أطبقت بكفيها على شفتيها وكأن ما تنتظره قد حان وقته….
عقدت والدتها حاجبيها فور رؤية رد فعل ابنتها لينتابها القلق حول حالة ابنتها فكل ما تفعله لا ينبأ بخير ابدا ….
اقتربت ترى هوية المتصل فإذا بها ترى اسم عبدالله بالجهاز فطلبت الام منها أن تستقبل المكالمة بدلا منها إلا أن الأخيرة أبت والقت بالهاتف على الفراش تحاول الإسراع في لملمة اشياءها ….
خرجت لتجذب أبناءها حتى تقوم بتغيير ملابسهم فإذا بالهاتف يصدح مجددا ….
اسرعت تجاه الغرفة لأخذ الهاتف فإذا بها تجد والدتها قد استقبلت الاتصال وعيونها تتسع تدريجيا وهي تستمع لحديث عبدالله من الجهة المقابلة ….
انتاب هند الذعر وابتلعت لعابها بصعوبة وهي تتوقع معرفة والدتها لما فعلته …..
أخذت تتلفت يمينا ويسارا بغرض غلق الحقائب وتجميع مستلزماتها بسرعة وبالفعل كادت أن تخرج من الغرفة فإذا بها تستمع لوالدتها وهي تجيب / لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…..
الف الف بعد الشر عليها…..
ربنا يشفيها ويعافيها……
قدر ولطف وكويس انها جت على قد كدة …..
اه يا حبيبتي الكسر في العجز وحش اوي …
فور استماعها لحوار والدتها توقفت برهة تستوعب الحديث فكل هذا لا يعني سوى أن حكمت لن يحدث لها شيئا سوى بعض الكسور ….
برغم حزنها على فشل خطتها إلا أنها تنفست الصعداء حينما علمت أن الأمر لم يصل لجريمة قتل تنغض عليها منامها ويقظتها …
اقتربت بتوجس لتقرأ تعابير وجه امها إلا أن الأخيرة استغلت قربها فقالت فجأة / اه اهي خد فهمها بقى ….
وجدت هند الهاتف على اذانها لتتسع حدقتيها وتنظر لوالدتها بذعر ورفض إلا أن ما استمعت إليه جعلها تهدأ قليلا / ماما اتكسرت واتشلت يا هند ….
لو امكن تتنازلي شوية وتيجي تقعدي جنبها ….
انتي عارفه سمر ظروفها مبقتش سامحة …..
ودعاء ملخومة في مشكلة سيد
وصفاء للأسف كلمت جوزها ورفض أنها تيجي عندنا أو حتى يعرفها اي شيء عننا وقالي أنه حالف يمين لو جت هتطلق
أنا بترجاكي وبستاذنك لفترة قصيرة جدا لحد ما اظبط اموري ….
أنا عارف انك بنت اصول ومش هتخذليني…..
واوعدك مش هتبقي لوحدك حتى لو وصل الأمر أن اخد إجازة واكون معاكي في كل شيء…..
لم تجيبه بالرفض أو بالقبول ولكنها سألت عن ما يهمها بكل هذا / وصبري فين ؟؟
أنا لو جيت مش عايزة اشوف صبري …
أجابها سريعا ومؤكدا ومطمئنا / على ضمانتي يا ستي مش هخليكي تشوفي صبري ….
مش هدخله البيت إلا لو وافقتي ….
ولو احتاج يشوف والدته هخليكي وقتها تروحي عند والدتك …..
مرضية يا ستي ….
لمعت عيونها بنيران الشماتة …
فقد أتت إليها الفرصة على طبق من ذهب …
ستراها بقمة ضعفها وتتحكم فيها بل وستعمل على اذلالها دون المقدرة على التفوه بكلمة ….
وكأن الله قد أراد أن يرد لها كل ما فعلته بها ….
كان هذا تفكير هند قبل أن تعطي ردا اخيرا لطلبه ولكنها أرادت الرجوع وعدم الخوض بكل هذا ….
كادت أن تخبره برفضها إلا أنها تذكرت ابنائها ومصائرهم …….
كيف سيعيشون بدون مدخل رزق لهم ….
عادت إدراجها قليلا ليلمع بعقلها شىء اخر غير مطمئن …..
أو بالأحرى ربما عاد شيطانها يوسوس لها بعد أن اطمئن قلبها ……….
…………………………………….
وصلت متخصصة المعمل من معمل التحاليل كما طلبها ابيها …..
اخيرا خرجت يمنى من غرفتها بعد يوم مليئ بالنوم لتستعد لإجراء التحليل ….
كان قلبها يتقاذف من بين ضلوعها تعبيرا عن مدى ذعرها ….
لاحظت المتخصصة رعبها من ارتجاف يدها …
حاولت طمئنتها فربتت على كفها ثم قالت/ متقلقيش أنا ايدي خفيفة ….
شكلك بتخافي من الحقن ….
لفي وشك الناحية التانية…..
اطاعت يمنى المتخصصة في صمت دون حتى الإفصاح عن سبب ذعرها ….
لملمت المتخصصة ادواتها واستقامت تبلغهم بموعد إعلان نتيجة التحليل ….
طلبت رقم للهاتف حتى تصل عليها التحاليل فور توفرها ….
كاد والدها أن ينطق به إلا أن يمنى اسرعت واخبرتها برقم هاتفها ….
دونت المتخصصة رقم الهاتف وانصرفت ….
كادت يمنى الاختباء مجددا داخل غرفتها الا أن والدها اوقفها متساءلا للمرة الأخيرة / مش هتقوليلي السبب الحقيقي لخلافتكم يا يمنى قبل ما اكلم عبدالله واعرف أنا منه ….
التفتت تنظر بوجه والدها تحاول تخيل وتوقع ما سيتم إذا أخبرته بكل شيء….
من ملامحه الصارمة تأكدت عدم مسامحته في حق كلا من بناته ….
حتما إذا وجد حل لعدم تعرض صبري لها فلن يتهاون في أمر الشك بيسرا وطردها…..
شيء ما بداخلها أخبرها بعدم البوح وخاصة حينما لمحت نظرة الرعب بعيون اختها وهي تشير لها برأسها طالبة بأن لا تبوح بما يسد جميع الطرق ….
برغم رفضها لعلاقة اختها من باب الخوف عليها إلا أنها حركت رأسها بنفي وهي تنطق بجملتها المعهوده حتى الآن/ طلع ضعيف الشخصية وأهله متحكمين فيه وانا مش هقدر اكمل مع واحد بالشكل ده …..
ضيق الاب عيونه فقد رأى اسرار تجاهد لاخفائها ..
احترم رغبتها حينما استشعر رغبة ابنته في عدم البوح بما بداخلها….
كما شعر أنها ربما تترك الباب مواربا لعل يحدث بعد ذلك أمرا …….
حرك الاب رأسه بموافقة ولكنه قرر بداخله بأنه لن يترك الأمر معلق هكذا ….
اتخذ قراره بتنفيذ ما يراه صوابا بعد إعلان نتيجة التحاليل…..
هربت يمنى مجددا داخل غرفتها ولحقت بها يسرا شاكرة وسعيدة بتصرفها/ شكرا يمنى بجد مش عارفه اشكرك ازاي ….
لو قولتي حاجة مش بس مشكلتك هتتعقد ده مستحيل بابا يوافق على جاسر ….
رفعت يمنى عيونها المحتقنة بالدموع بوجه اختها وهي تخبرها برفضها التام / بس انا كمان مش موافقة انك ترتبطي بجاسر …..
صدقيني يا يسرا البعد عن العيلة دي غنيمة ….
محدش فيهم مضمون مهما ظهرلك عكس كدة …
تذكرت يسرا بعض خصائل جاسر لتلتمع عيونها بوميض الحب وهي تخبر اختها قائلة / صدقيني انتي يا يمنى جاسر غيرهم خالص ……
ممكن يكون مغرور ومتعجرف شوية بس بصراحة يستاهل ….
عنده سرعة بديهة عالية وذكي جدا والأهم من ده وده شجاع مش بيخاف من حد وده عكس عبدالله….
ضيقت يمن عيونها لتطلق سؤالها التي لم تسأله لنفسها قط / شايفاكي بتقولي على مميزاته اللي تتحب…..
بس مقولتيش ايه هي عيوبه وهل تقدري تستحمليها ولا لا….
اللي بيحب يا يسرا مش اللي بيشوف مميزات حبيبه….
علشان طبيعي المميزات تتحب في اي وقت وفي أي مكان ….
اللي بيحب بيشوف وبيعرف عيوب حبيبه ويكون عارف ومتأكد أنه هيقدر يستحملها ….
نظرت يمنى للاشيء وهي تتذكر حالها قبل الزواج واستطردت قائلة / هي دي الكارثة اللي وقعت فيها…
عمري ما فكرت ادور عن عيوب عبدالله…..
على طول بشوف مميزاته وبعظمها وبدور حوليها ….
والكارثة الأكبر اللي اكتر ميزة شدتني ليه كان عنده عكسها بس مكنتش ظاهرة ليا ….
كان شاددني ليه جدا قوة شخصيته في شغله ومعايا!!!
لكن فوجئت بضعف شخصيته مع عيلته ….
يمكن لو كان عندي معرفة ولو حتى بسيطة بعيوبة كنت عرفت ازاي اتجنبها أو على الأقل استحمله واحاول اتصرف معاها بعقلانية ….
كانت تستمع لأختها بتركيز فلاول مرة تقتنع بحديثها هذا، وربما لأنها بحثت بجنيبات عقلها عن عيوب هذا الجاسر ولكنها لم تجد إجابة عن سؤال اختها حتى الآن سوى ما يميزه بعيونها وهو الغرور والعجرفة…..
ربما ترى هذه العيوب بمنظور المميزات لذلك صمتت تستمع وتفكر في ما تلقيه اختها على مسامعها….
كانت يمنى قد تناست أمر جاسر وأخذت تثرثر عن حالها وكأنها تحادث روحها وتضع المعضلة والحل لها قبل الخوض بالتجربة / يمكن لو اعرف مدى تحكم أهله كنت وافقت على شرط ماما أننا نتجوز في شقة لوحدنا حتى لو اتاخر سنة كمان ….
يمكن لو كنت أعرف مدى قذارة صبري وكنت لوحدي في شقة كنت عرفت أوقفه عند حده أو يمكن مكنتش ظهرت فرصة أنه يتطاول عليا بالشكل ده ….
يمكن لو كنت أعرف ضعف شخصيته بالشكل ده كنت قطعت أنا العلاقات من البداية حتى لو كان هيبقى بينا خلافات لكن في الاول والاخر هتفضل مجرد خلافات وكنت هعرف أراضيه ….
لكن دلوقتي الأمر تعدى الخلافات ووصل للتجاهل اللي اكيد أهله وراه ….
كانت يسرا في عالمها تسترجع كل المواقف التي جمعتهم وتحاول استشفاف العيوب بها حتى نطقت يمنى باخر جملتها فانتبهت مصححة / صحيح يايمنى أنا عرفت من جاسر أن عبدالله في مشاكل كتير اوي من بعد ما سيبتيه ….
بس معرفش ايه هي المشاكل ….
بس شكله تقريبا عمل مشاكل مع أهله علشانك يبقى هو مش متجاهل اهو …..
ضيقت يمنى عيونها وفضولها قفز على ملامحها لتتسائل بشغف في معرفة السبب ربما ظلمته / مشاكل ايه ؟؟؟
مقالكيش مشاكل ايه بالظبط….
لا مقالش بس هو قالي هيزوره النهاردة ويعرف منه المشاكل دي ويعرف إذا كانت تستدعي أنه يسيبك كدة ولا لا …..
استيقظت على الحقيقة وكأنها خاب ظنها لتجيبها بيأس من بعد أمل خافت / يعني المشاكل هتكون وصلت لايه …
برضه مش سبب أنه يتجاهلني كل ده وبالشكل ده …
غمزت يسرا بعيونها وهي تتحدث بمزاح قائلة / طب ما تفكي الحظر وتديله فرصة يتكلم ولو معجبكيش كلامه هزقيه واعمليله بلوك تاني ايه رايك ؟؟
لمعت بعيونها الفكرة إلا أن كرامة قلبها أبت ذلك لتجيبها بالرفض التام …….
عم الصمت عليهم لحظات فبرغم جلوسهم معا الا ان كلا منهن في متاهة أفكاره …..
أما بالخارج حاول كريم الاتصال بعبدالله ليستمع منه بعيدا عن ابنته ربما استطاع أن يكمل الجزء المفقود من الصورة ….
كرر الاتصال أكثر من مرة وفي كل مرة يستمع إلى رسالة أن الهاتف ربما يكون مغلقا ليتوقع وجود عبدالله بمكان غير متوفر به شبكة ….
جلسه جميعهم منتظرين نتيجة التحاليل التي من المفترض أنها سترسل بعد ساعة ….
بالفعل صدح هاتف يمنى بجانبها بوصول رسالة ما لتمسك بهاتفها تتفقد المرسل فإذا به تجده من قبل معمل التحاليل ….
خفق قلبها سريعا لتنظر تجاه اختها والتي كانت مصحوبة نظراتها تجاه يمنى ….
اخذت تحثها على فتح الرسالة لتخضع يمنى اخيرا لفضولها ومطلب قلبها وباصابعها المرتجفة ضغطت على فتح الرسالة وبعد لحظات معدودة جحظت عيونها واطلقت شهقة جعلت يسرا تنتفض من مكانها ….
اختطفت الهاتف من ايدي اختها ثم أطلقت صرخة فرحة وأخذت تهرول للخاىج …
لم تلحق يمنى بالامساك بها إلا أنها استمعت لصياح والدتها بالتهليل والمباركات …
يبدو أن الأمر مفرح برغم ظهوره بوقت غير مناسب ….
حاولت اخفاء فرحتها إلا أن قلبها وعيونها كان لهم رأي آخر …
دق القلب فرحا وتذوقت دموع السعادة…
لوهلة تناست كل شيء لتتذكر امرًا واحدًا أنها ستصبح امًا لطفل صغير ترى وتتابع مراحل نموه وتعيش معه بداية كل شيء…
دلفت الأم عليها الغرفة لتجدها تبكي من السعادة …
احتضنتها الام وأخذت تهنئها والأخيرة تبكي وهي تمسد بيدها على بطنها ….
خرجت من احضان والدتها وهي تمتم بصوت مسموع / أنا صدقتك لما قولتي اول ما تحسي بوجوده هتحبيه ….
أنا حبيته اوي يا ماما ….
ثم ارتمت مجددا بأحضان والدتها مشددة على حضنها من فرط سعادتها ….
دلف كريم الغرفة عليهم ليقبل رأس يمنى مهنئا لها وموقظا من تلك الغبطة / مبروووك يا يمنى يتربي في عزك وعز أبوه يا بنتي ….
وكأنه بجملته تلك ايقظ كل الجروح السابقة لتعبس ملامحها بعد أن كانت مشرقة ….
ويحل موضع السعادة الحزن ….
لم ينهي كريم فقرته بل أراد أن يحطم لحظات السعادة تلك على أعتاب الواقع / أنا اتصلت بعبدالله كتير بس للاسف على طول بيديني مغلق ….
هحاول أكلمه بكرة ليكون في مكان وفونه فصل شحن ….
تصبحوا على خير….
على اي خير كان يدعو به كريم ؟؟
هكذا تساءلت يمنى ….
هبطت فرحتها لتحل محلها التفكير فيما هو قادم ….
بينما يسرا انسحبت من الغرفة كليا وذهبت لغرفتها حتى تستطيع محادثة جاسر التي مازال هاتفه مغلق هو الآخر .. .
استشاطت غيظا ثم هدأت قليلا حينما صدح بعقلها امر مخيف ألا وهو أن جاسر وعبدالله معا وقد حدث لهم مكروها …..
لم تنفك عن الاتصال مرارا وتكرارا ….
لترسل له رسالة تحاول منها الاطمئنان عليه اولا قبل الخوض في معركة تجاهله لها ( طمني عليك انت مغلق بقالك كتير …
يمنى طلعت حامل بجد )
ثم أغلقت للتطبيق وعي بانتظار رد منه يطمئنها عليه…
بينما بالجهة الأخرى لدى جاسر كان جالسا مع عبدالله باستراحة المشفى كلا منهم صامتا ….
قطع هذا الصمت جاسر حينما سأله عن مخططه هذه الأيام / والدتك محتاجة رعاية جامدة….
هتعمل ايه يا عبدالله ؟؟
رفع عبدالله نظره تجاه جاسر والدموع مازالت متحجرة بمقلتيه منذ أن رأى حالة والدته وما آلت إليه بعد افاقتها …
اطال النظر قليلا ثم اباح بكل ما يفكر به فقد احتج صدره على ما يخفيه بداخله / حقيقي صعبت عليا جدا ….
خاصة لما فاقت ومعرفتش تتكلم ولا حتى تنده عليا …
قلبي اتقطع عليها يا جاسر …
مش متخيل حكمت بجبروتها تبقي بالحالة دي !!!
ومش عارف الوضع ده هيفضل كتير ولا لا ؟؟
سحب نفسا عميقا ليحاول تغيير الموضوع وحالته معا ….
تذكر حديثه مع هند فأخذ يعلم به جاسر /كلمت هند ترجع البيت وانا هاخد إجازة علشان اقعد بامي ….
صمت قليلا ثم نطق بما يراوغ فيه / أنا فعلا محتاج يمنى اوي دلوقتي اكتر من اي وقت تأني ….
لو بس تشيل البلوك علشان إتكلم معاها ….
احتار جاسر في أمر إبلاغه بحمل يمنى من عدمه ….
ولكنني بالنهاية رأى أن يحاول ان يدفع عبدالله لخوض هذه الحرب بشجاعة واقدام فالأمر يستحق كل العناء ….
حاول إيضاح رؤيتها دون أخباره بالأمر كله / بصراحة يا عبدالله انت المفروض تروح لوالدها ….
تخيل هي عند باباها بقالها اسبوع وانت عايز تحل الموضوع بتليفون…..
حاول عبدالله التملص من هذا الخناق تحت عذر المشاكل الجارية إلا أن جاسر احكم الخناق عليه بطريقة محكمة / انت كان المفروض تبلغني من البداية بدل ما انت لوحدك بكل المواضيع دي …
اقل حاجة كنت هقولك روح انت هات مراتك وانا كنت اخدت إجازة واهتميت بعيلتك ….
امسك عبدالله برأسه وهو يجيبه بارهاق واضح / مش عارف بقى أنا تقريبا كتر المشاكل فوق دماغي خلتني مش قادر افكر !!!
نعم هو يشعر بكم الكوارث التي تحيط بابن عمه ولكن إذا لم يقحم زوجته بكل ما يعانيه فحتما سيكون هناك مشاكل أخرى لذلك حاول نصحه بتقريب المسافات بشكل غير مباشر/ بص يا صاحبي واضح أن يمنى متعرفش حاجة عن كل اللي حصل ده ….
بدليل أن أنا نفسي اللي بكلمك مكنتش اعرف …
وفي نفس الوقت ممكن تكون شايفاك متجاهلها….
فأنا شايف انك تروح لوالدها تحكيله ظروفك وتشوفها يمكن تكون هديت شوية …
فكر عبدالله بحديث جاسر فرأى أنه يحتمل الصواب ليلتفت إليه مترددا / أنا بس قلقان لترفض اي محاولة من محاولاتي وارجع انشغل عنها بظروفي فتفتكر اني يأست …
لكن والله أنا مخطط أن هروحلها واعتذرلها وهعملها كل اللي هي عايزاه ….
خاصة بعد ما ظهرت قدامي كل الحقائق..
نفى جاسر برأسه الحوار ليعلق موضحا / بالعكس انت محاولتك في عز انشغالك لها قيمة كبيرة ولو رفضتها فظروفك واضحة وعذرك موجود …
لكن عدم اشراكها وتجنبها انا شايفه هيعمل مشكلة اكبر ….
اقتنع عبدالله بحديث جاسر ليهم بالتحدث عن كيفية التنفيذ إلا أن الطبيب قد دلف عليهم يخبرهم بحالة والدته ….
استقاما كلاهما لمقابلة الطبيب وسؤاله عن حالة والدته ليجيبهم الطبيب بأسى / للأسف حالتها زي ما توقعنا شلل بالجزء السفلي وفعلا التجمع الدموي اثر على الكلام …..
شعر الطبيب بصدمتهم ليحاول التخفيف من وطأة الموقف وذكر اي إيجابيات فاردف قائلا / بس حسب المؤشرات الحيوية كضغط وسكر ونبضات القلب وجميع تحاليلها مستقرة جدا …
وده مهم علشان بالشكل ده حالتها تسمح بعمل العملية باسرع وقت ….
وانا بالفعل حجزتلها بكرة علشان حالتها مينفعش تنتظر اكتر من كدة ….
دق القلق أواصر عبدالله فمهما كانت هي والدته …
اماء بالايجاب ليطلق سؤاله / طب يا دكتور هي من ساعة ما فاقت مرة واحدة الصبح ولحد دلوقتي مفاقتش تاني ؟؟
ذم الطبيب شفتيه وهو يجيبه /لما فاقت مرة وحاولت تتحرك واكتشفت الشلل وعدم قدرتها على الكلام انهارت تماما زي ما شوفتها …
فاحنا بنحطلها مخدر زي بالمحلول علشان لو فاقت ممكن تحاول تتحرك حركة غلط تزيد من مضاعفات الكسر ….
وللاسف واضح أن حد حركها غلط قبل ما تتنقل هنا …
تذكر دعاء حينما كانت تحاول تصحيح رقدتها ليغلق عيونه لحظات متأثرا ثم فتحها وبكل أسى تحدث قائلا / تمام يا دكتور هروح اجيب مستلزمات من البيت وراجع تاني على بكرة الصبح أن شاء الله…
ثم التفت تجاه جاسر / يالا يا جاسر ….
انطلق سويا خارج المنزل وفور خروجهم استقبل هاتف كلا منهم رسائل تنم على اتصال اورسائل من أحدهم …..
فتح جاسر الرسالة لتشرق الابتسامة على ملامحه فور قراءة سؤالها القلق عليه …
ثم اتسعت الرسالة أكثر عندما قرأ السطر الاخر …
التفت ينظر لعبدالله وكاد أن يخبره إلا أنه فضل أن يعرف منها مباشرة افضل ….
بدأ يدون لها رسالة كانت فحواها ( الف مبروووك…
فرحت جدا لما لاقيتك قلقانة عليا …
وفرحت اكتر لما عرفت أن يمنى حامل ..
يبقى الفرج قريب إن شاء الله…
انتي قولتيلي اخبار حلوة بس انا الاخبار عندي وحشة ….
دق قلبها حينما قرأت اخر رسالة …
كادت أن تسأله عن هذه الأفكار ليطمئن قلبها إلا أنها رأته يكتب فانتظرت ربما أجابها دون أن تسأل …
وكأنه بدأ يقرأ أفكارها ليجيب عن هواجسها ( انا بخير متقلقيش ..
بس أم عبدالله وقعت وجالها شلل وهتعمل عملية بكرة أن شاء الله…
وضعت كفها على فاهها من أثر الصدمة ولم تعلم بماذا تجيبه …
لوهلة كادت أن تدون ما يشفي غليلها وغليل اختها إلا أنها مسحت ما دونته وعادت بكتابة عبارات تقليدية للغاية ( الف سلامة عليها)
لم تستطيع أن تدون الدعاء لها بالشفاء لذلك اكتفت بالعبارة السابقة ….
شعر بها وباحساسها ليدون لها ما توقعه ( حاسس انك فرحانة فيها ….
بغض النظر أنا مش هلومك على احساسك لاني مقدر اللي اختك عاشته …
أنا بس عايزك توضحي الموضوع لأختك ….
وحاجة أخيرة احتمال عبدالله يجي عندكم دلوقتي ده لو مش بتناموا بدري الساعة لسه ٩ …
قولتلها بقى واتمنى متزودتش همه كفاية اللي هو فيه …
لم تجد رد سوى أنها أخبرته أنها ستغلق المحادثة الان لتخبر اختها بكل شيء…
ليلتفت هو تجاه القابع بجواره الغارق في مصائبة ويسأله عن مخطته / سرحان في ايه كدة؟
التفت عبدالله إليه بنظره ثم عاد موجه نظره تجاه الطريق قائلا بنبرة حزن / في اللي ناوي اعمله …
صمت برهه ولم يتساءل جاسر عن نواياه بل أردف هو بيأس تام / مش عارف هتسامحني ولا لا يا جاسر؟؟
أنا في الاسبوع ده بس اكتشفت كوارث مكنتش اتخيلها لو مين حكهالي…
أنا اصلا مش عارف هقدر اواجهها ولا لا ؟
نظر إليه مرة أخرى بنظرة تساؤل وكأنه يخير حاله ايسرد مصائب أخيه ام يكفي هذا القدر من الفضائح ؟؟
عاد ينظر للامام مرة أخرى وقد استشعر جاسر ثقل همه لدرجة أن الكلام لا يغني عن ما بداخله …
أراد أن يخفف عنه همه قليلا / متحملش نفسك فوق طاقتها يا صاحبي ويكفي انك اعترفت بتقصيرك واعتقد ده لوحده كافي أنها تغفرلك ….
اعمل اللي عليك مهما كانت النتيجة وسيب الباقي على ربنا هو اللي بيوفق النفوس تاني ….
اماء عبدالله دون أن ينظر له ليستوقفه جاسر قائلا / نزلتي هنا اعدي على المحل سريعا كدة وهحصلك على المستشفى….
ومتقلقش أنا هكون مع والدتك يعني خلص اللي وراك براحتك وانا هستناك هناك …
انزوى عبدالله بالسيارة جانبا ليترجل جاسر وينطلق عبدالله تجاه منزل يمنى عازما على تقديم كل معاني الاسف والاعتذار …..
………………………………
لم يشعرا بحالهم اثر اجهادهم بالليلة الماضية ….
ظلت زوجة أخيه تدق الباب مرارا مع حلول المغرب فمنذ الصباح لم يتناولوا شيئا ….
سمع سيد اخيرا صوت دق بالباب ليستقيم وهو متجها ناحيته بغرض فتحه إلا أنه وجد فتون قد فتحته اخيرا ….
فور أن فتحت فتون الباب ظهرت هالة زوجة أخيه أمامهم بابتسامة واسعة اخذت تتضاءل قليلا عند رؤيتها حال كلا من سيد وفتون …
اخذت توزع نظراتها بينهما فكلاهما مازالا بملابسهم التي أتوا بها من الخارج …
رحبت بها فتون وهي تفسح لها المجال لتدلف وهي تمسد على شعرها الاشعث من أثر النوم كمحاولة في إلمامه/ اهلا اهلا ؟.
تعالي اتفضلي يا هالة …
معلش تعبنا جدا امبارح ونمنا محسناش بحاجة…
هي الساعة كام دلوقتي؟
نطق بها سامي الذي كان يحمل منضدة سهلة الثني / الساعة ٨ ..المغرب أذن …
خدي الترابيزة مني يا هالة ….
دلفت هالة وهي تحمل صينية الطعام ثم قالت / تعالى يا سامي دخل الترابيزة متقلقش ….
تراجعت فتون للخلف وهي تجيب هالة بخجل / مكنش له لزوم تعبك ده والله …
دلف سامي واضعا المنضدة ثم وضعت هالة عليها صينية الطعام ليوزع سامي نظراته بين فتون وسيد واخيرا استقرت نظراته تجاه سيد ليحرك شفتاه بخزي ثم قال بتهكم / مفيش تعب يا فتون ده كله من خير سيد ….
ماهو عريس جديد ولازم يتغذى ….
ولا ايه يا سيد ….
انطلق سيد ساحبا أخيه للغرفة الذي كان ينام بها معاتبا إياه / شيفون يا سامي؟؟؟
شيفون وارجواني يا مفتري …
ابتسم سامي متهكما وهو يوزع أنظاره بين أخيه والفراش الملقى على الأرض ويقول / معرفش انك سلمت نمر بدري كدة يا سيد ….
كنت حابب اخدمك وطلبت من مراتي تشتري لها حاجة مناسبة لليوم بس شكلك كسفتنا….
مالك ياض ما تنشف كدة !!
داهية لتكون دعاء كرهتك فيهم …
لو عايز مساعدات خارجية لحد ما تكشف قولي …..
حاول سيد اخفاء توتره وأخذ يعدل من لياقة قميصة قائلا باضطراب / لا ابدا … مساعدات ايه بس ….
كل الحكاية أننا تعبنا اوي امبارح …
والعمر قدامنا طويل نستعجل ليه ….
ربت سامي على كتف أخيه وهو يشير برأسه تجاه الفراش وقال بسخرية / لا ماهو باين …
مش مهم تستعجل بس برضه متنامش في الخط لتطفش منك …
ربنا يستر عليك يا اخويا ….
نطق باخر جملته وهو يضرب كف على للاخر ….
ويخرج من الغرفة ….
بالخارج فور اختفاء سيد وسامي داخل الغرفة اقتربت هالة من فتون تتسائل بفضول / مغيرتيش ليه يا فتون وريحتي جسمك ؟؟
زاغت أنظار فتون وهي تعلم هدف سؤال هالة لتحاول مراوغتها بالإجابة / أبدا …..
كنا تعبانين ونمنا على طول…
اخذت هالة تنظر لها وتحاول اختيار الكلمات جيدا فقالت بود / أنا ارتحتلك من ساعة ما رُبى بنتي ارتحاتلك وعلى فكرة القميص اللي جوة جديد أنا شاريهولك على ذوقي يارب يكون عجبك ….
واتمنى نكون اصحاب …
وأي حاجة عايزاها متتكسفيش واطلبيها مني على طول…
اومأت فتون برأسها وحاولت التهرب من التعليق على حديثها لتتوجه للمنضدة تكشف الغطاء عن الطعام وهي تقول / بجد تسلم ايدك على الاكل كنت جعانة فعلا …
ثم التفتت إليها وارادت أن تريح الأخيرة قليلا حتى لا تتساءل مرة أخرى / بصراحة جعانة وتعبانة جدا وخاصة الايام دي مانتي عارفة الهرمونات بقى ….
أدركت هالة ما ترمي إليه فتون لتربت على ظهرها وهى تقول / هبعتلك قرفة ونعناع اشربيهم وهما سخنين …
وهبعتلك القربة بتاعتي حطيها على بطنك هتريحك جدا ….
فور خروج سامي توجه مباشرة لزوجته ساحبا إياها للخارج وهو يقول / يالا بينا يا هالة خليهم يريحوا شوية ….