رواية منيفة الفصل الثالث 3 بقلم فاطمه النعيمي

 

 

رواية منيفة الفصل الثالث بقلم فاطمه النعيمي


مجلس العزاء

(رغم ان المرأة في المجتمع الريفي مجرد ظل للرجل طوال عمرها
لكنها في حالات القتل مثلها مثل الرجل بكل شيء بل ان صرختها حين تفزع من رجل غريب يدخل بيتها
احيانا قد تكون بدية رجل كيف لا اذا كانت الدية ستدخل جيب الرجل من اب او اخ او زوج)

توضيح.....

{{قرية جرادة تسكنها عشيرة كبيرة من العرب الاصلاء
وجزء بسيط من عشيرة من عشائر السادة 
كانوا بحدود عشرين بيتا في هذه القرية واكثر من خمسين بيتا في قرية مجاورة وكذلك في الكثير من القرى القريبة المنتشرة على شواطيء دجلة
لكن والحق يقال
كانت العشيرة العربية 
(ولنقل ان اسمها البو هوى)(١)

تحمل من الاخلاق العربية الاصيلة الشيء الكثير بحيث لم يشعر السادة يوما انهم اغراب كانوا اهل واحباب
لهذا وفي صلاة الصبح من ذلك اليوم
في جامع قرية جرادة اخبر ابو ذنون الرجال كلهم بما حصل قبل ثلاث ساعات تقريبا
وطلب منهم الرأي
وكل رجل ادلى برايه واستقر الراي ان يرسلوا وفدا الى قرية تل النمل لأبلاغ اهل غزالة بالخبر ولكي ياتي اهلها لاخذ جثمانها
ووقع اختيار ابو ذنون على
احكم اهل القرية واكثرهم اصالة 
واحنكهم قولا وشيخها الوجيه
الشيخ عبد الرحمان الهوى ابو مجحم
لينقل الخبر لأهل غزالة 
فأبو مجحم رجل حكيم ذو اخلاق اسلامية وعربية اصيلة يسعى بين الناس لاصلاح ذات بينهم دائما
وهو الذي يستطيع نقل الخبر دون اثارة اهل القتيلة
بل ويبين لهم حقوقهم ومايجب ان يفعلوه،
فليس كل عرب الريف يعرفون الاعراف
وانما تقتصر معرفة الاعراف والتي هي القوانين العشائرية
على علية القوم 
كما هو الحال في كل زمان ومكان،
هناك من يهتم بهذا الشأن وهناك من همه كله منصب على البحث عن لقمة العيش
فالانسان الجائع لايحسن حفظ القوانين 
ولايهتم الا بما يشبع بطنه.

...............

في ذلك الصباح الشتائي البارد
وما ان اشرقت الشمس حتى ظهر الضباب من حوض النهر وبدأ ينتشر الى القرى القريبة
حتى يخيل للرائي ان هناك نار عظيمة تحت النهر تجعل هذا الكم من البخار يتشكل بهذه الكثافة
ورغم البرد والضباب........

خرج الوفد المكون من ثمان رجال على راسهم الشيخ أبو مجحم
متجهين للنهر وكان ابو ذنون واقف ينتظرهم
وقد جهز لهم القوارب وأوصاهم وكرر الوصية عدة مرات ان يترفقوا بنقل الخبر
فالفتاة صغيرة وهذه اول حالة وفاة تصيب العائلة

عبر الرجال نهر دجلة بثلاث قوارب
من ضفته اليسرى حيث قرية جرادة الى ضفته اليمنى حيث قرية تل النمل
كان ابو ذنون واقفا ينظر الى القوارب وهي تختفي داخل الضباب لكن الضباب يزول سريعا بمجرد ان يسخن الهواء قليلا بعد ارتفاع الشمس
وقف القارب على شاطيء تل النمل.....
ونزل أبو مجحم ومن يرافقه من الرجال المعروفين بثقلهم الاجتماعي في ذلك الزمن وهم يلبسون الزي العربي الزبون والچاكيت والعبائة والغترة والعقال

وصعدوا الجرف متجهين الى بيت المختار الذي لم يراهم الا حين وصلوا باب بيته
وطرقوا الباب
فخرج ابنه محمود ورحب بهم وادخلهم وصرخ بابيه منبهاً ان هناك ضيوف
متجهين الى مضيفه فنهض يستقبلهم وقد شعر ان هناك امر خطير قد حصل
فالعرب لايتزاورون في الصباح الباكر
والوقت الان بعد شروق الشمس بساعة تقريبا
والضباب في اشد حالاته

حين رأهم عرفهم وعرف في وجوههم الخبر السيء
ورغم علامات الاستفهام المرسومة على وجه ابو محمود
استقبلهم بالسلام والترحاب
وأدخلهم المختار ابو محمود الى المضيف
وطلب من ابنه اعداد الفطور
ورد عليه الرجال بصوت واحد قائلين

-عساك سالم أبو محمود والله تريگنا بعد صلاة الفجر

حين جلس ابو محمود واستقر الرجال في مجالسهم ورتب لهم محمود الوسائد 
قال أبو مجحم
-يبو محمود نحن اهل....
واخوة ......
وخال وابن اخت......
ونحنا مثل ابهاتنا واجدادنا 
نحفظ الود ونحرص على لمتنا ونحارب الي يفرگنا.
فرد أبو محمود بوجل وقال
-والنعم منكم ومن اهلكم
عسى ماشر الله لايجيب فراگ

اكمل ابو مجحم كلامه قائلا.....

-البارحة بالليل تكاونو غزالة بنت عناد أبن عمك
ورجلها برهو ابن حمد الخليف 
وطردها من البيت وراحت لبيت أبو ذنون انتم تعرفون ابو ذنون چان وكيلها بدال أبوها راحت المسكينة لبيت أبو ذنون بذيچ الساعة عگب نص الليل
وچان طالع ذنون للخلا ايتخلى سمع صوت عبالو حرامي جاب القرمة وضرب طلقة وجت الضربة بصدر غزالة.......... وتوفت

رد أبو محمود قائلا
- إنا لله وإنا اليه راجعون .....
الله يرحمچ ياغزالة
هذا نصيبها 
مكتوب على جبينها من لمن أنخلقت ،
ماعليكم مايصير الا الخير ان شاء الله
هاي حالة معروفة وبيها ثايات(٢) كلنا أنعرفها
بس المشكلة بعناد أبو دحام وحمد أبو برهو الاثنين طماعين وحالهم فگير
أبو دحام لمن زوج غزالة لأبن خالتها
زوج اولدو الچبير دحام بمهر غزالة واشترى بگرة وعشر نعاج 
وخل نشوف اش راح يطلب دية لبنتو 
وترى أبو برهو هم من حگو يطلب المهر الي دفعو(3)
وهم دية الجنين
والله وگع ابو ذنون هالرجل الطيب بورطة چبيرة

اجابه ابو مجحم قائلا

- أبو ذنون رجل زنگيل ووراه عشيرة چبيرة تجمعلو
الودي لا ادير بال 
يدفع الحگ بس نحنا مانريد فوگ الحگ زيادة انت اتعرف ربعك

رد أبو محمود قائلا

-لا يا يخوي كل شيء له عُرف ومحد يگدر يطلع عن العُرف دية الخطلة خفيفة مثلما اتعرف،

وبعد ان انقشع الضباب
نهض الجميع ليذهبوا الى بيت عناد أبو دحام
الواقع في الطرف الغربي من القرية

بعد دقائق كان الجميع يقفون عند باب أبو دحام
الذي ما أن رآهم حتى شعر بخوف كبير
فكيف ولماذا يجتمع علية القوم عند باب بيته وهو رجل فقير وليس من اهل الجاه كي يقصده رجل مثل أبو مجحم ومن معه في مثل تلك الساعة من النهار 

لكنه بعد ان ادخلهم غرفة الضيوف فهم كل شيء
حين قال له ابو مجحم

-يخوي يبو دحام لله ما اعطى ولله ما أخذ نحنا جايين نبلغك......
بموت بنتك غزالة الله يرحمها ويغفر لها ويجعل مثواها الجنة

صعق الرجل وقال بتعجب وقد فتح عينيه وهو يتنقل بعينيه بين الوجوه لعل احد تلك الوجوه يكذب هذا الخبر

-غزالة ماتت .......!!!!!!
ماتت........!!!!!!!
ماتت اشلون ماتت.......؟

سمع الرجال كلهم صراخ النساء من خارج الغرفة
أم غزالة وزوجة ابنها وجارتها التي جائت تطلب صحن من اللبن الرائب للفطور

لقد كان صوت الرجال مسموعا
{فرجال الريف حين يتكلمون يرفعون اصواتهم
كثيرا وذلك من طبيعة الريف المفتوح والذي لاتحده جدران ترجع الصوت 
وهذه المسالة اصبحت متأصلة في الرجل الريفي حتى اذا جلس قرب قريبه داخل غرفة
فإنه يتكلم بصوت مرتفع جدا}

لهذا صرخ أبو دحام بولده قائلا 

-دحام يبوي روح الصمهن خلنا نفهم اش صار

وخرج دحام وانخفض الصوت واصبح...
انين يقطع نياط القلوب

اخبرهم ابو مجحم كل مايعرفه عن الحادث وكيف حصل

لم يكن يعلم ابو مجحم ان برهو كان قد ضرب غزالة ضربا مبرحا وقد كان يظن أبو مجحم ان الخلاف بين غزالة وبرهو كأي خلاف بين اي زوجين
لقد كان همه الاكبر ان يؤكد لهم ان الحادث كان خطأ
غير مقصود من قبل ذنون
وان حقهم محفوظ 
وانهم يجب ان ياتوا لاخذ جثمان القتيلة والقيام بواجب غسلها ودفنها
اما تفاصيل الدية سيتم نقاشه
بعد مجلس العزاء ولكل حادث حديث

اسرع أبو دحام ولبس فروته
وكذلك فعل ولديه دحام وزيدان
وابناء عم أبو دحام وابناء أبو محمود
ونزل جميع الرجال الى النهر
حيث كان كل من يملك قارب صيد جاء به بعد انتشار الخبر في القرية كلها خلال دقائق
وركب الجميع قوارب اهل القريتين وانطلقوا الى الضفة الثانية
حيث كان رجال قرية جرادة من السادة ورجال البو هوى
في استقبالهم

كان أبو مجحم قد ابلغ أبو ذنون...
قبل ان يذهب الى تل النمل....
انه اذا جاء الرجال لاخذ الجثمان يجب ان لايظهر ذنون بل يجب ان يخفي نفسه خوفا من فورة الدم(4)
لهذا لم يكن ذنون وحاتم بين المستقبلين

فقد طلب أبو ذنون من حاتم ان ياخذ ذنون ويخرجوا من القرية الى قرية اخرى الى أقاربهم هناك وان لايرجعوا حتى يرسل لهم احد يطلب رجوعهم

وسار الجميع متجهين لبيت ابو ذنون 
وكان ابو ذنون يؤكد للجميع اثناء الطريق من النهر الى البيت
ان الحادث حصل خطأً
وانهم جاهزون لأي شيء يطلبه أبو غزالة
كان صوته يحمل كل الحزن والاسف
وأكد لهم ايضا ان الحادث اوجعهم جميعا وانهم طوال الليل جالسين عند الجثة يقرأون لها القرآن
لكن اهل غزالة لم يتكلموا أي شيء
كان الجميع قد اصبحوا في فناء بيت ابو ذنون
بهذه الاثناء
قال ابو غزالة
وهو محني الرأس
- يخوي فهمنا الموضوع ولا ادير بال ان شاء الله مايصير الا الخير شوفلنا درب نريد ناخذها ونروح 

كان صوته حزينا باكيا رغم صلابة الرجال لكن
للموت هيبة وللفراق الم تخشاه القلوب

فنادى أبو ذنون ابنته منيفة قائلا
-يمة يمنيفة 
فتحت منيفة باب غرفة العيلة وخرجت 

هنا رأها دحام وزيدان ورغم مابهما من حزن ذهل زيدان لجمالها المبهر لكنه كتم في قلبه فالموقف لايسمح 
حتى بنظرة لها معنى أخرى
لكنه احتفظ بوجهها في ذاكرته فوجه منيفة لايمكن ان تمحيه الاحزان من عقل الرجل

قال لها ابوها
-بنيتي خل الولد يفوتون ياخذون خيتهم

فرجعت ودخلت وفتحت الباب ووقفت تمسك لهم الباب بيدها ودخل اخوي غزالة 
وأبناء عمها وحملوا الجثمان وخرجوا
ولم تنزل عيني زيدان عن منيفة ابدا بل كان ينظر لها نظرة مخيفة حين مر من أمامها وهو يحمل جثمان اخته
شعرت منيفة ان قلبها يعتصر ولم تعرف لماذا

لكنهم رحلوا جميعا يتبعهم رجال الوفد كلهم
اي أبو مجحم ومن معه

لم يستطع ابو ذنون ان يخبرهم عن ضرب برهو الحمد لغزالة لهول الموقف الذي هو فيه 
فقريبه ضرب الفتاة وجائت تحتمي به فقتلها ابنه
كيف يمكن ان يقول للرجال اي كلمة اخرى وهم لم يهضموا بعد خبر مقتل ابنتهم

اراد ان يرحلوا بجثمانها ويكتشفوا الامر هناك
وفي الحقيقة لم يكن أبو ذنون يعرف بالضبط حجم التعذيب الذي تعرضت له غزالة الا بعد ان رحلوا
حين اخبرته زوجته ان جسد الفتاة كلهم متورم واثر ضربات كثيرة بادية عليه 
وقالت له بالحرف الواحد

-الله العليم لو ماذابحها ذنون چان ماتت من الضرب 
اكو ضربة بصفحتها جوا ابطها ضربة چبيرة حيل حت اضلاعها مكسرة
يمكن ضاربها برجلو او دافعها على شي مكسر اضلاعها
مديت ايدي اتهجسها
فاتت ايدي بصفحتها (جنبها)،
صعق ابو ذنون لقول أم ذنون وقال في نفسه
-ياربي اش هالبلية يارب استر علينا والله نحنا ناس مستورين الله يسود وجهك يبرهو

اما اهل غزالة فقد
وضعوا الجثمان في قارب وركب اخواها وابوها معها وركب الرجال كل اربعة في قارب وذهبوا مع أبو دحام ليقفوا معه حتى يواروا القتيلة الثرى،
ورغم حجم المصيبة
تم كل شيء بهدوء حتى وصلوا الضفة الاخرى حيث استقبلت النساء الجثمان بالعويل والصراخ واللطم
حتى ادخلوا الجثمان لبيت أبو دحام
عند ام غزالة....
حين كشفت ام غزالة الغطاء عن وجه ابنتها
ورأت وجهها صرخت صراخ مرعب واخذت تفتش جسد ابنتها وكلما كشفت عن مكان وجدت مصيبة حتى
علا صراخ من نوع مختلف وبلحظة واحدة
قامت الدنيا ولم تقعد

كان أبو مجحم ووجوه قرية جرادة ووجوه قرية تل النمل يقفون امام الباب يواسون أبو غزالة وأبو محمود ارسل بعض الشباب الى المقبرة لحفر القبر
حين سمعوا صراخ أم غزالة
و خرجت عليهم ممزقة الثياب وقد مزقت خديها باظافرها من الحزن
وقالت لزوجها صارخة متفجعة

-شلون تگولون انضربت خطلة وهي مورمة من الضرب 
بنتك يبو دحام مفلش جسمها كلو من الضرب

صعق الرجال لهذا الخبر
واحتار أبو مجحم ماذا يقول
ودخل أبو غزالة مسرعا ليرى الجثة.....

حين راى وجه ابنته
فقد عقله تماما
قالت له زوجته 
-يا ابو دحام كل جسمها مثل وجهها فتشت لشتها
كل لشتها متورمة وضلوعها مكسرة

كانت تتكلم وتغص بالعبارات
وكلماتها تحمل من الحزن والقهر ماتعجز عن وصفه الاقلام

خرج أبو دحام يركض وهو يسب ويقسم انه سيقتلهم جميعا والتقط قرمة من يد محمود ابن المختار الذي كان يقف بين الرجال حاملاً قرمته
ونزل يركض للنهر
ويصرخ بأبو ذنون عبر النهر 
والرجال يركضون خلفه
يحاولون الامساك به وتهدئته
كان يردد بقهر وحزن ورغم برودة الجو كان عرقه يغطي وجهه ويقول
-اشلون تگولون خطلة وبنتي مضروبة ومكسرة اظلوعها
ليش ليش شمسوية حتى تسوون بيها كل هذا

واطلق اطلاقة باتجاه بيت ابو ذنون عبر النهر

وركض الى احد القوارب التي كانت راسية على الشاطيء وقفز به والرجال يحاولون ان يسيطروا عليه
صرخ به ابو مجحم وقال له
-اصبر يخوي اصبر اصبر
وقسما بالله قسم رجال خصمك هو خصمي لكن خلنا نفهم اول شي شنهو الي صار
وشنو السالفة الي محد گالها.....

التفت ابو دحام باكيا الى ابو مجحم وقال له وهو يغص بالعبرات
-يبو مجحم لون شايف وجهها اشلون صاير ولون تدري شمسوين بيها چان انفجرت يخوي
وغص بالبكاء 

امسك به أبو مجحم واحتضنه وهو يطبطب على ضهره ويقول له 

- والله الي لا اله الا هو اني راح اخذ بثأرك واطفي نارك وراح تشوف لكن خلنا هسع نسوي واجب البنية 
وتنغسل وتتچفن وتندفن والله كريم
بعدين نسولف بهل موضوع طول بالك يخوي وكلشي هين ولاتضيع حگگ خلك حكيم
هدأ ابو دحام
ورجع الجميع الى بيت أبو غزالة 
وقام الاب بتهدئة ولديه حيث انهما كان ثائرين ايضا
حين دخلا وشاهدا الجثة بعد مغادرة ابيهما وشاهدا ماحصل لاختيهما
وتمت الاجرائات كلها من غسل وتكفين وحفر القبر والدفن وانتهى كل شيء

عند غياب شمس ذلك اليوم
كانت غزالة قد غابت تحت التراب
كقصة لم تكتمل او كوردة سحقت قبل ان تنثر شذاها في ارجاء المكان
رحلت غزالة لينتهي عذابها ويبدأ عذاب فتاة اخرى ستدفع هي ثمن هذه الجريمة التي ليس لها اي علاقة بها

جلس ابو غزالة واخواها عند قبرها يبكون لشدة قهرهم 
وجاء ابو مجحم وابو محمود وبقية الرجال وانهضوهم واخذوهم الى البيت
رجع الرجال من المقبرة
وقام بعض رجال القرية باعداد العشاء كما اعدوا الغداء ايضا 
فلم يكن اهل المتوفى في ذلك الزمن
هم من يقدمون الطعام للمعزين بل يتقاسم اهل القرية كل مجموعة منهم يقدمون وجبة من وجبات الطعام

وقام المختار ابو محمود باخذ رجال قرية جرادة معه ليبيتوا في بيته
فالجو بارد والاماكن قليلة لاتكفي كل الناس بعد ان جاء الكثير من الرجال من القرى المحيطة 
وهذه الحالة غير مالوفة فالعرب في ذلك الزمن قلما يعزون في المرأة 
لكن لان الفتاة ماتت مقتولة 
فقد جاء كل من سمع بالخبر

لهذا اخذ كل بيت من اهل قرية تل النمل رجل او رجلين الى بيته للمبيت

في اليوم الثالث من مجلس العزاء

وقف أبو ذنون على الشاطيء وصاح باعلى صوته قائلا
- يبو دحام تطلبونا تعازي چثيرة ونريد نجي نعزيكم
أذا تگبلون؟

كرر سؤاله عدة مرات وكان الصدى يحمل صوته ويوصله الى تلك الخيمة التي نصبت على حافة جرف النهر لمجلس العزاء

وكان ابو دحام يسمع ندائه لكنه لم يرد فقال له أبو مجحم

-يخوي خل الرجل يجي ونسمع منو
واني متوكد انو أبو ذنون ماله ذنب بضرب البنية....

بهل يومين چنت افكر بالموضوع وشفت انو الي ضربها
هو رجلها لهلسبب اطلعت بعد نص الليل مهزومة لبيت أبو ذنون
والا غياب برهو الحمد وأبوه شنو معناه واشلون محد منهم جا لو ما هما الي سووها
ماسالت نفسك وين رجلها او ابوه وليش ماكو
احد منهم؟

نظر أبو دحام الى أبو مجحم وكأنه كان نائما وصحى
وقال بلهفة

-اي والله صحيح ماشفنا لا برهو ولا اي واحد منهم
ياويلك يابرهو الچلب والله اذا چان كلامك هذا صحيح
اني ماراح يكفيني دم برهو بس .
عبن هو السبب الي وصل بنتي لهل المصير
بس ترى برهو هم ابن عم سيد احمد
رد عليه أبو مجحم وقال

- يمعود هي ابن عم الله يرحم والديك
ليش ماتعرف السادة كلمن خدم عدهم ادعى نفسو ابن عمهم وتشوف عشاير السادة دوم تشيل زلم بگد عددهم
وترى السادة مبينين باخلاقهم ودينهم وجمال وجوههم 
وانت شفت بيت الخليف اشلونهم
وهسع ترى اذا نشدت سيد احمد يگلگ ابن عمي بس ترى كلنا انعرف بيت الخليف ماهم سادة بس محسوبين عليهم،

صمت أبو دحام فترة وجيزة بهذه الاثناء سمعوا صوت سيد احمد مرة ثالثة
فصرخ أبو دحام بدحام قائلا له 

-اطلع وگول لابو ذنون يجي 

بعد ساعة كان ابو ذنون وابناء عمه وبعض اقاربه قد جائوا وهم يجرون خلفهم ثلاثة حملان كتعزية
استقبلهم الرجال
وجلس ابو ذنون
واعتذر من أبو غزالة شارحا له كل ماحصل معه ليلة الحادثة وكيف ذهب الى بيت برهو الحمد
وكيف راى برهو يحمل بيده عصا غليضة يريد قتل غزالة 
حكى له كل شيء
وقال له
-ترى دزيت خبر اليوم الصبح لبيت ابو برهو حتى يجي يعزي معانا معنا 
لكني اعرفت انو لا برهو ولا ابوه موجودين بالجرية
وماكو بالبيت احد غير أم برهو وعمتها وبناتها والاطفال

رد أبو مجحم وقال محذرا

-دير بالك يبو ذنون لايغدرون بيكم عبن الرجل مايرحل الا اذا نوى اخذ الثار
رد أبو ذنون قائلا

-لا لا اني اظن انهزمو بسبب الي سووه بالبنية
انت ماتدري اشلون وصلت غزالة عدنا چان شعرها منكوش ووجهها مدمي 
و أم ذنون گالت انو جسمها كله متورم وعدها اضلاع مكسرة وگالت لو ماذنون ضاربها يمچن چان ماتت من الضرب

رد أبو مجحم قائلا 
-ليش ما كلتلي؟
قال ابو ذنون 
- ما چنت اعرفت بكل هالتفاصيل الا بعد ماعبرتم الفرا=(النهر)

هنا قال ابو مجحم لأبو غزالة

- شفت يخوي وترى والله اني مدري بكل هالحچي
لكني گلت لك
عبني اعرف أبو ذنون واعرف ذنون
لكن تأكد يا أبو دحام اني معاك الى ما تاخذ حگگ كامل من هذا الچلب برهو الحمد

فرد عليهم ابو ذنون وقال
- والله لو اني چنت اعرف بالي يجرى على راس غزالة أبيت ذاك النذل 
والله الا چان اخذتها منو ورجعتها لكم
لكن فات الفوت وما بعد ينفع الحچي ،

وصمت وهو يحوقل فحوقل الجميع وصمتوا

فقطع ابو مجحم ذلك الصمت بقوله

-مثلما تدرون دية القتل العمد چانت الف دينار 
وهسع خففوها بسبب المحل =(القحط)
الي يبس الگاع والحرب الي صايرة هسع بالعالم
للأربع ميت دينار
ودية الخطلة تراضي بين الطرفين

واني اشوف انو حگگ يا أبو دحام مو عند أبو ذنون لكن
عند برهو الحمد فلو ما الي سواه ببنيتك ما طلعت بعد نص الليل بهالشتا البارد
واشلون چان ذنون يكدر ايعرف ان الصوت الي سمعو مو حرامي ليش اكو مرا تطلع من بيتها بعد نص الليل بساعتين بهالبرد

نظر أبو دحام الى أبو مجحم بحزن وقال 
-اني ادري حگي عند برهو الحمد وماليا شي عند أبو ذنون
هنا.......
رد زيدان بصوت مرتفع قائلا
-لابالله حگنا عند السيد احمد وعند ابنو ذنون ولنا حگ عليهم مربع بعد .
عبن سيد احمد چان وكيلها ليش ماراح نشد عنها ليش ماعرف حالها ها؟
مو برهو الحمد گرابتو

اجابه السيد احمد قائلا بحذر

-وليش مو انت اخوها وبينكم بس الفرا ليش 
مانهار ركبت البلم وجيت تسال عن اختك اكو احد يعوف بنية بيتها جريب 8 اشهر ماينشد عليها وبس بينكم الفرا،

رد عليه ابو دحام وقال
-لابالله رحنا وعزمناها هي ورجلها وخالتها وعمها وسوينا غداهم بعد ما تجوزت بشهر
وماشكت من شي وأمنا عليها عدهم
وصحيح نحنا حگنا عند برهو الله يسود وجهو
بس هم لنا حگ عندك
بهذه الاثناء 
دخلت أم غزالة وقالت بصوت مرتفع وحاقد

-لا بالله لنا حگ عندك ياسيد احمد 

والتفتت الى الجالسين واردفت

-واني اريد بنتو گبال بنتي وما اتنازل عن حگي
ولدي زيدان شاب اعزب وغصبا عنهم ينطونا بنتهم بدل بنتي الي أذبحوها
و برهو وامو حسابهم عندي بعدين

تجمد أبو ذنون لسماعه هذا الكلام وكان يريد ان يتكلم 
لكن أبو مجحم اشار له اشارة اي اسكت
والتفت الى أبو دحام وقال له
-اش رايك يبو دحام بحچي حرمتك؟
يا ابو دحام
الچتل چان خطلة والخطلة مابيها فصلية فشلون تطلبون فصلية؟
قال زيدان مخاطبا ابوه
-يبوية مانگبل الا بفصلية والله اني ما اصالح الا بفصلية حت اذا انت صالحت واذا اخذت الودي دير بالك تصرفو عبني راح اذبح ذنون وترجع تدفعو للهم وتدفع معها انوب
يمين بالله ما اتنازل عن الفصلية

هنا التفت أبو دحام الى أبو مجحم قائلا 
-اي نعم نحنا نريد بنية السيد احمد فصلية
بدال بنتي الي اذبحوها
هنا قال أبو ذنون
-حگگ يخوي يبو دحام واني مستعد
ادفع مهر لاي عروس تريدوها وازوج ابنك من اي بنت لكن مو بنتي عبن بنتي مگضوب عجدها على ابن خالها
يعني هي بحكم المتزوجة

ردت أم غزالة التي كانت مازالت واقفة عند الباب وقالت بأصرار وحقد موجهة كلامها لأبو ذنون

-تروح اطلگها من خطيبها وتنطينا هية غصبا عنك مو بكيفك)

نظر ابو ذنون للمجلس واستحث أبو مجحم ليتحدث 
فتدخل أبو مجحم الذي قال 

-هذي فاتحة مو مجلس طلايب خل تخلص الفاتحة عود 
نگعد سوا ونسولف.......
ولاتنسون
ترى بعد اكو طلابتين
وحدة ضرب برهو لغزالة 
ووحدة دية الي ابطن غزالة

هنا ضربت أم غزالة على صدرها وخرجت تولول
وتردد
-يويلي عليچ يعين امچ الي انذبحتي ومافرحتي بضناچ

فرد احد الجالسين وقال
-لاتنسون سياگ غزالة ترى يگدر برهو يطلب سياگو من السيد احمد
هنا رد أبو مجحم قائلا
-هاليوم جمعة الجمعة الجاية تجتمعون كلكم عندي عالغدا
ونسولف بكل هاي الطلايب وراح ندز حبر للشيخ مهران يحضر حتى يگول الي لكم والي عليكم
رد المجلس بصوت واحد
-والنعم من الشيخ مهران عارفتنا وكلامو عالراس والعين

يلا ابو ذنون مشينا فض العزا

يتبع.......

(1)البو هوى اسم غير حقيقي واذا توافق مع اسم حقيقي فهو من قبيل الصدفة
(2)ثايات هي فقرات قانونية يتفق عليها شيوخ العشائر حين يستجد جديد غير مطروق فيتم استحداث فقرة جديدة وتصبح قانون
(3) عند بعض العرب اذا توفت البنت عند اهل زوجها وليس لهم يد بموتها يطالبون اهل العروس باستراجاع مهرها ولكن قلما تحصل هذه الفقرة لكنها موجودة
(4)فورة الدم
مصطلح يطلقه الناس على حالة اهل القتيل
في لحظة اكتشافهم للقاتل وهي حالة من غليان دمهم وقد يتصرفوا تصرف عنيف تجاه القاتل
لهذا يتدخل الناس لتهدئة غليان دمائهم
كي لايقعوا بما لاتحمد عقباه فيصبحوا مطلوبين بدل ان يكونوا هم الطالبين


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1