رواية احلام ما بعد البرميل الفصل الثالث 3 بقلم بسنت محمد


رواية احلام ما بعد البرميل الفصل الثالث بقلم بسنت محمد




نظر سالم إلى المكان حوله بقلق حقيقي، فالجميع مترقب لهطول الأمطار وازدادت نسبة هبوب الرياح، ليقترب الأب الذى أمامهم من طفليه ويحتضنهم بخوف جلى.


أما أخر فأخذ يرفع يده للسماء يدعوا بهدوء أن يلطف بهم العلى العزيز وأن تمر تلك السحب مرور الكرام، تذكر والده يوم ظهور نتيجة الصف الثالث الجامعى، حينما جلس بجواره يدعوا الله أن تكون نتيجته مثل الأعوام السابقة، الأمتياز مع مرتبة الشرف، ف بذلك نسبة أحتمال تعينه فى معيد فى الكلية ستزداد .


 -يارب، فرحني وطمن قلبي وتظهر نفس النتيجة يارب، يارب نفس التقدير يارب.


ابتسم سالم مردداً:

-إن شاء الله خير، أنا واثق إن ربنا مش هيضيع تعبى .


-وأنا كمان واثق فى كده، بس ابن العميد ده أنا مش واثق فيه .


كان ينافس سالم فى الدراسة زميل له يصدف أنه ابن عميد الكلية، فطالما كانت نتائجهم متقاربة، لكن ذلك كان يضايق ابن العميد، ف كان يتعمد غالباً الإساءة إلى سالم الذى يعمل أبوه كحارس لأحد العقارات السكنية .


 -متهتمش بيه، أنا اصلاً مش بفكر فيه .


-بس هو بيفكر، وشاغل نفسه بيك .


-وده بيخلينى أركز أكتر خصوصاً أنه شايفنى مصدر تهديد له .


-إن شاء الله ربنا هينصرك عليه وتجيب التقدير اللى بتتمناه .


-يارب .


إلتفت إلى شاشة الهاتف وضغط أحد الأيقونات ف ظهرت النتائج.


فرحة كبيرة غمرت قلب الأثنين ليسجدوا بعدها لله شكراً على نعمائه، فقد كانت النتيجة مثلما توقعوا"أمتياز مع مرتبة الشرف" .


 أقترب منه أحمد وعبد الرحمن ثم جلسوا بهدوء إلى جواره .


-هتمطر ولا إيه؟


قالها عبدالرحمن متسائلاً ليجيبه سالم:

-تقريباً كده.


ليرد أحمد:

_إن شاء الله ربنا يستر وهنعدى على خير .


 ليردد الأخرين (يارب).


-صحيح يا أحمد، أنت قولتلنا أنك كنت هتحدد فرحك إن شاء الله ؟


-والله يا سالم أنا كنت ناوية قبل السفرية دى، لكن الله أعلم هرجع أمتى وإيه اللى هيحصل إن شاء الله، كل حاجة اتلغبطت من بعد ما عمى أخد البيت وأخد شقتى بعد ما بنيناها .


-أنا مش عارف عمك ده قلبه إيه حجر؟ وإزاى جاب أصلاً حجة البيت وأخد البيت لنفسه؟


 -الله أعلم يا عبدالرحمن، من وقت ما والدى أستأذن جدى أننا نبنى شقة فوق شقتنا وهو مش على بعضه، بعدها عرفنا أنه كان عايز يبنى لابنه الأول، فقولناله يبنى فوقنا مفيش مشكلة، قال أن البيت أصلاً ٣ أدوار ومش هيتحمل غير دور واحد زيادة،ومن هنا بدأت المشاكل لغاية ما جدى أتوفى، فجأة لقيناه بيقول أن جدى باع البيت له، طيب أمتى، أزاى؟ الله أعلم.


-وبعدين؟


-وبعدين كمل المشاكل لدرجة أنه أجر بلطجية كسروا الشقة بتاعتنا ورموا حاجتنا فى الشارع، وبمجرد خروجنا نقدم بلاغ ونطعن فى الأوراق اللى معاه، لقيناه جنزر البيت من تحت وقالنا بينى وبينكم المحاكم بقي .


-لا حول ولا قوة الا بالله، وكده شقتك اللى حوشتلها سنين شغل جنب الدراسة راحت.


-حسبي الله ونعم الوكيل فيه، بعدها بكام شهر ابنه اتجوز فى شقتى والتانى فى شقة أبويا .


 -متزعلش يا صاحبي، ربنا هيعوض عليك أن شاء الله وهترجع تشترى عمارة مش شقة.


ابتسم أحمد لمواساة عبدالرحمن ثم هز رأسه بإيجاب ونظر إلى السماء داعياً ل لله أن يتقبل دعاء رفيقه .


 تذكر حينها عندما تعرض والده لذبحه صدرية دخل أثرها المشفى عدة أيام، تذكر أيضاً حينما ظل يبحث عن أى مكان يأويه مع والدته وأخته حتى يخرج والده من المشفي.


تذكر تأجيرهم لشقة صغيرة فى بدروم إحدى العمارات لاتصلح لسكن الحيوانات، ف نظر إلى السماء يدعوا ربه تضرعاً أن يمن عليه بالرزق الوفير حتى يستطيع أن يعوض أهله عن ما حدث.


 دقائق تمر فى صمت إلى أن شعروا بزخات مطر خفيفة على أوجههم، 


مسحها سالم بكف يده ثم أردف:

-الله، دى مطرت.


ليكمل أحمد:

-ربنا يستر.


أقترب عبد الرحمن من والد الطفلين الذين أمامه ثم أحضر رداء ثقيل من حقيبته ووضعه على الأطفال.


-شكراً ليك، أنت أولى 

بيه .


قالها والدهم ليرد عليه عبدالرحمن بتهذيب:

-لا هما أولى، أنا تمام، ثم أنا شايف أن الأفضل تاخدهم وتنزل بيهم تحت علشان الجو هيبرد أكتر وعلشان البلل.


-عندك حق، يلا بينا تحت .


تحرك الوالد بأطفاله إلى الأسفل ليعود عبدالرحمن إلى مكان جلوسه مع رفاقه ومازال مسلطاً نظره عليهم ليتحدث بصوت منخفض لكن سمعه رفاقه.

_ياترى بيحب مين فيهم أكتر من التانى؟


نظر أحمد ل سالم بحزن ولم يتحدث أي منهم .


 ليتذكر عبدالرحمن يوم أن ظهرت نتيجة الكلية حينما حصل على تقدير جيد جداً، فلم تسعه الفرحة ليجرى مسرعاً إلى منزله .


 -يا سليم، يا طارق .


خرج سليم وطارق مسرعين على صوته.


-خير؟


-ايه اللى حصل؟


-أنا نجحت بتقدير جيد جداً الحمد لله.


أقترب منه شقيقاه ليحتضناه ويشاركوه فرحته مهللين مرددين بعض أغانى النجاح .


لتخرج والدتهم من المطبخ متسائلة :


-مالكم يا ولاد؟


ليرد طارق:

-عبدالرحمن نجح يا ماما .


أقتربت منه والدته مبتسمة:

-وجبت تقدير إيه يا باشمحاسب ؟


-جبت جيد جداً.


أحتضنته وربتت على كتفه مردده:

-كنت عارفه أنك قدها وهتجيب تقدير عالى، وهديتى ليك بقي إن المعمل القديم بتاعى هحوله مكتب محاسبه ليك أن شاء الله علشان متبقاش أقل من أخواتك.


شعر بغصة فى قلبه بعد جملتها الأخيرة لكنه لم يعقب عليها، إلى أن خرج والدهم من غرفته بفتور.

-خير؟


ليرد سليم متلهفاً:

-دا عبدالرحمن يا بابا، نجح بتقدير عالى الحمد لله.


-و إيه بقي التقدير ده 


-أنا جبت جيد جدا يا بابا.


-حتى إنك تجيب أمتياز علشان تتعين فى الجامعة فشلت فيها، أنت فاشل وهتفضل فاشل، أفرح يا حبيبي بشقة ماما اللى هتعملهالك مكتب.


قال جملته الأخيرة ثم عاد إلى غرفته مرة أخرى، لينظر عبدالرحمن إلى والدته التى شعرت بالأسف على فلذة كبدها سائلاً إياها:

-ليه؟ ليه بيعمل فيا كده؟ هو أنا مش ابنه زيهم ؟


-متزعلش يا حبيبي كل الحكاية أن بابا كان عايزك تكون أحسن من كده، كل أب بيكون عايز كده .


-أحسن من كده إيه؟ أنا جبت جيد جداً فى الكلية أعمله إيه تانى ؟


أختنق صوته بالبكاء ونزلت عبراته دون إدراك منه، بمجرد أن شعر بوجود عبراته خرج مسرعاً من المنزل إلى مكان تجمعه مع رفاقه يبكي حاله وقسوة قلب أبيه .


لينظر طارق فى أثره مردفاً:

-حرام قلبه اللى بيتكسر كل شوية ده، بجد حرام عليكم، أنا كرهت البيت ده بسبب طريقتكم معاه.


دخل غرفته غاضباً ليكمل سليم بعده:

-عبدالرحمن لو عمل فى نفسه حاجة بسببكم مش هلومه، لكن مش هسكتلكم .


ثم دخل غرفته وأغلق بابها بعنف.

لتتحرك والدتهم منكسة رأسها تشعر بحزن وخزى من حديث أبنائها .

الفصل الرابع من هنا

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1