رواية دكان الغمراوى الفصل الثالث بقلم كريم محمد
سليم وقف مكانه مش قادر يصدق اللي شافه
انعكاسه في المرايا ابتسم، بس هو متأكد إنه ما ابتسمش
قلبه كان هيخرج من صدرة من الرعب، ووشه غرقان عرق، رغم إن الجو حواليه شبه تلج.
وفجأة، ومن غير أي مقدمات الإنعكاس اختفى.
حاول يقنع نفسه إنها تهيؤات
يمكن بسبب التوتر من أول لحظة دخل فيها المكان وكل حاجه فيه غريبة
بس سليم كان سامع جواه صوت تاني بيقوله
"في حاجة غلط .. في حاجة مستنياك ورا الإزاز"
ورغم كل ده، الفضول حرك رجليه ناحية المرايا
بص وراها للمرة الأخيرة، وقرر قرار غريب هياخدها معاه وهيسيب كل اللي في المكان
قال لنفسه وهو بيحاول يقنع نفسه باللي هيعمله:
"أنتيكة زي دي؟ هتتباع بكنز عند الزباين اللي بيدورا على الغرايب والرعب والحاجات دي"
لف المرايا في قطعة قماش تقيل، وسحبها بهدوء
وخرج من الجزء الصغير اللي فتحه في الدكان وبخطوات سريعة، كأن كل خطوة بتبعده عن كارثة عملها.
لما رجع سليم دكانه، خبى المرايا في آخر ركن، بعيد عن العيون
غطاها بالقماش، وقال لنفسه إنه مش هيبص فيها تاني مهما حصل.
بس هو كان عارف أنه بيضحك علي نفسه ومن اللحظة دي، حياته مبقتش زي الأول.
في أول ليلة، وهو نايم، حلم بحلم غريب
كان واقف قدام المرايا في دكانه، بس اللي كان فيها مش هو كان شخص تاني بس نفس الشكل واللبس، لكن في حاجة كانت مقلقاة أكتر نظرة الانعكاس كانت مليانة خبث وغل في ضحكة خفيفة ظهرت على وشه، ضحكة مرعبة كأنها بتقوله
"أنا هنا .. أنا مستنيك".
وفجأة، إيد انعاكسة خرجت من المرايا، بدأت تشدة وهو كان بيصرخ ويحاول يقاوم قعد في الأرض بيحاول يمنعه أنه يسحبه وفي آخر لحظة قبل ما تشده جواها..!!
سليم صحى مفزوع، غرقان في العرق، وقلبه بيوجعه وفي نغزة قوية مش مخلياه عارف يتنفس بس اللي واجعه مش الألم ده هو كان حاسس إنه مش مجرد كابوس
حاسس إنه فعلاً كان في المكان وكان هيدخل جوه المرايا وهدومه مكان الشد لسه معلمه حتي صوته وجعه مكان الصريخ.
كان رافض يصدق بكل الطرق مهما كانت الأثباتات علي اللي حصل وكان بيقنع نفسه إنها تهيؤات من خوفه
لكن الصوت التاني اللي جواه كانت بيقوله
"أنت بدأت تغرق"
تاني يوم، وهو شغال وسط الزباين، سمع صوت ضعيف جاي من ركن الدكان
ده من عند المرايا..!!
كان همس، واطي جدًا .. بس واضح وقادر يسمعه.
قرب، وجسمة بيترعش
شال القماش بحذر، وقف قدام المرايا، بس الإنعكاس كان باصصله مبتسم نفس الإبتسامة اللي شافها في الكابوس.
بس المرة دي عيونه بتلمع أكتر بلون أحمر كأنه شعاع ليزر خارج من المرايا
نظرتة بتخترق جسمك وتوصل لروحك، بتشيل منك أي أمان وتديك مكانه خوف ورعب مش طبيعيين.
سليم غطى المرايا بسرعة، ومشي وهو حاسس إن في حاجة مشيه معاه زي ظله،
في أي لحظة متوقع يلف يلاقي انعكاسه واقف جمبه مبتسم.
ومن هنا بدأت سلسلة جديدة من الكوابيس
كل ليلة، بيشوف نفسه واقف قدام المرايا، بس في كل مرة، المشهد بيتغير، والانعكاس بيقرب وبدأ يتكلم معاه وبيقول كلام غريب
كلام مش مفهوم، بس مليان خوف
كأنه بيحكي سر
سر سليم مش قادر يستوعبه.
وفي عز النهار، سليم كان بيسمع ضحكة .. ضحكة جاية من جوه المرايا
ضحكة بتوقف الدم في عروقه،
تخليه يتجمد مكانه، يفقد تركيزه، ويحس إن النهاية قربت.
يوم ورا التاني، حالته بتسوء أكتر
مبقاش يعرف ينام، مبقاش عارف ياكل، وشه شاحب، عينه سودا، جسمه ضعف جداً
كل ما يقرب من المرايا، الزمن بيضيع، بيقعد قدامها بالساعات من غير ما يحس، ولما يحاول يبعد، حاجة بتشده تاني يقعد ينسي نفسه وينسي حياته من غير أكل وشرب كان محتار مش عارف ايه الغريب في المرايا
يا إما فضول، يا إما قوة أكبر منه.
بس هو من جواه بقى متأكد
المرايا دي مش قطعة أنتيكا، المرايا ديوفيها لعنة.
ومع كل ليلة، الكوابيس بتكبر، بيشوف نفسه محبوس جواها،
بيصرخ، صوته بيرن في دماغه وبيصحي يحس إنها حقيقة
وفي النهار يشوف انعكاسه بيتكلم، بيتحرك
وأوقات بيبتسمله بنفس الإبتسامة الباردة اللي شافها أول مرة.
لحد ما جه يوم
سليم صحى مفزوع، وهو حاسس إن قلبه خلاص هينفجر مبقاش مستحمل
قرر يدور وراها ويسأل، يشوف تاريخ المرايا دي، يعرف جت منين؟وليه هو بالذات..؟
اللي حصله مش طبيعي، جسمه بينهار، روحه بتتسحب وخلاص اقتنع إن اللي ورا المرايا مش حاجة ده روح أو لعنة بتصيب كل اللي يقرب منها
كأن حد عايش وراها وبيستناه .. بيستناه عشان ياخده للمجهول