رواية وميض الحب الفصل الواحد و الاربعون 41 بقلم لولى سامى

 

رواية وميض الحب الفصل الواحد و الاربعون بقلم لولى سامى



فور خروج سامي وزوجته نظر كلا من فتون وسيد لبعضهما وفجأة انطلق كلاهما بالضحك وكلا منهم يسخر من منظر الاخر وموقفه أمام سامي وزوجته …
بعد لحظات هدأوا قليلا ليتوجه سيد تجاه المنضدة داعيا فتون مشاركته / تعالي تعالي تلاقيكي ميته من الجوع …
أقبلت بجواره فتون وهي تلتقط بعض الأطعمة لتتذوقها قائلة / جدا جعانة جدا …
بصراحة كلهم ذوق …
* اه مانا عارف ماهم اهلي من زمان …
لمست بصوته نبرة حزن ممتزجة بسخرية فاعتقدت أنه يسخر من الجملة لتسأله بفضول / هو انت سيبتهم ليه ؟؟
وليه نقلتوا عند حكمت ؟
فور استماعه لسؤالها تيبست اللقمة بفكيه بل وتسمر جسده بالكامل …
لاحظت هذا لتحاول الاعتذار وسحب سؤالها / أنا اسفة مقصدش أتدخل ….
التفت ينظر إليها ثم أكمل مضغ غصته قبل ما بفمه ليجيب عليها بحزن تام / لا مفيش حاجة…
كويس انك سالتي السؤال ده……
أطلق تنهيدة عالية ليكمل معلقا ومؤنبًا لنفسه/ علشان افكر نفسي بغبائي كل شوية …
تعجبت من إجابته واسلوبه ليردف هو مكملا / على فكرة اهلي فعلا ذوق جدا وطيبين….
طب عارفة ان من كتر ذوقهم قدرت دعاء تلبسهم تهمة سرقة……
شهقت فتون لينظر هو للاشيء وكأنه يقر بخطأه لنفسه / أنا مصدقتهاش اصلا…..،
مصدقتش أن اهلي يعملوا كدة….
بس مكنتش عارف ادافع عنهم إزاي ….
وخاصة مكنش في أيدي الدليل اللي يبرأهم …
اغلق عيونه متأثرا وكأنه يتذكر مشهدا يتمنى أن ينساه / اضطريت انسحب وراها بدل ما كانت اتهمت حد من عيلتي أو حد يتأذي بسببها …
فتح عيونه ونظر إليها مؤكدا / بس كنت متأكد من برأتهم ….
ارتسمت ابتسامة بريئة على شفتاه مكملا / جيتي انتي جبتيلي دليل براءتهم …
لمح الاندهاش بعيونها ليقول موضحا / الدهب اللي كانت مخبياه وانا بعته….
كان من الشبكة اللي ادعت أن اهلي سرقوها …..
ارتسمت على ملامحه الابتسامة بعد الحزن ليكمل بسعادة ظهرت بنبرة صوته / جيتي وجبتي الخير والحق معاكي….
علشان كدة بقولك وهفضل اقولك كتر الف خيرك ….
رمشت فتون باهدابها وهي لم تصدق ما تستمع اليه ولم تجد ما تجيب عليه به ….
تعجبت من كم الطيبة التي كان يعاملها بها وبالرغم من ذلك لم تكترث له او حتى تعير له أي اهتمامات …
لاحظ صمتها التام برغم أن عيونها مليئة بكلام كثير ابتسم لها وقال متسائلا / شايفك مستغربه وعايزة تقولي حاجة بس كتماها …
قولي … قولي متتكسفيش …
رمشت باهدابها وهي تنظر له متسائلة ومشجبة / بصراحة مستغرباك….
ليه كنت راضي بكل ده وساكت !؟
علشان كنت متخيل أنها بتحبني وبتعمل المستحيل علشان افضل جنبها …
نطق بجملته وهو يشعر بخزي ليستطرد قائلا / مجاش في بالي أن كل ده مش حب …
مجاش في بالي أن كل ده مجرد ضمان علشان متعشش لوحدها ….
مجاش في بالي أن خداعها يوصل لدرجة تسرقني وتستغفلني وتحرمني كمان من الأبوة ….
لم تستطيع أن تعقب على حديثه فقد بدا وجهه محتقن بشدة لذلك آثرت الصمت وحاولت تغيير الموضوع لتمسك الشوكة تلتقط قطعة كبد من الطبق وتحاول التعبير عن تلذذها بها لربما أخرجته من حالته الكئيبة هذه / ممممم الكبدة حكاية …
بجد تسلم ايديها ….
دوق كدة …
ألتقطت قطعة بشوكتها ومدت له ليأكلها ليوزع هو نظراته بين الشوكة وبينها فقد لامس قلبه شعور لم يشعر به من قبل وقد ظهر جليا في عيونه مما جعلها تشعر بالخجل من حالها واحتقن وجهها بحمرة الخجل …
كادت أن تسحب يدها إلا أنه امسك كفها سريعا وقدمه أكثر من فمه والتقط قطعة الكبد وهو يسهب النظر في عيونها قائلا بصوت دافئ / تسلم ايدك…
الكبدة من ايدك زادت حلاوة …
اضطريت فتون أكثر واكثر وأخذت تتلفت يمينا ويسارا كالذي يبحث عن مخرج ليسألها ومازال ينظر إليها / بتعرفي تطبخي كبدة حلوة كدة ؟؟
التفتت إليه وبكل حماس إجابته/ دانا عليا كبدة مدوقتهاش ولا هتدوقها غير من ايدي …
ارتسمت الابتسامة الواسعة على محياه ليهنض واقفا وهو يملي عليها ما سيفعلونه الآن / طب لو شبعتي يالا البسي علشان ننزل نشتري عفش بسيط كدة علشان ظهري واجعني النهاردة….
وبالمرة نشتري كبدة وتعملهالي عايزة ادوقها من ايدك …
لم يزول الاضطراب بل واضح أنه زاد قليلا وربما كثيرا ….
فاستقامت تلملم الطعام ليمسك هو بديها قائلا / سيبي الاكل دلوقتي والبسي انتي …..
……………………
بعد انصراف عبدالله توجه كريم لغرفة يمنى ليدلف عليها فجأة ويشهر استنكاره وتعجبه وسؤاله لها / مش ناوية تعرفيني السبب القوي اللي يخليكي رافضة الرجوع بالشكل ده حتى بعد محاولته دي ؟؟
رفعت يمنى انظارها تجاه والدها ليجد مقلتيها تسبح في بحور من الندم …..
لا يعرف سببهم ليلقي سؤاله الاخر / مادام عايزة ترجعيله يبقى كان لازمته ايه اللي عملتيه ده !!
لم يجد إجابة على أي سؤال من اسئلته لتخفض نظرها وشلال الدموع مازال مستمر في تدفقه……
بينما كريم لم يجد ما يريح ظنونه ويطمئن قلبه ليطلق قنبلته قائلا / جهزي نفسك بكرة هنروح للست حكمت المستشفى الست تعبانة اوي ولازم نزورها حتى لو هتطلقوا ….
دي اصول والله اعلم يمكن يكون فيها راجعة …..
فور استماعها لجملة ابيها الذي انصرف فور أن ألقى قاذفته اضطربت اواصرها من مجرد تخيلها أنها سترى هذه السيدة التي تبغضها مرة أخرى …..
كما أنها لم تضمن نفسها مرة أخرى حينما يظهر أمامها…..
فاليوم كان صعيب بالنسبة لها فقد تمالكت نفسها بالكاد ولم تضمن أن لا تضعف أمامه المرة القادمة ….
…………………
بينما عبدالله خرج من منزل يمنى مكسور الخاطر لا يعرف اين يذهب بكم هذا الحزن الذي يشعر أنه أكبر من الحيز الذي حوله …
شعر بايدي تشدد على اختناقه ليفتح اول زرارين من قميصه واستقل سيارته……
أخذ يجوب الطرقات لعله يجد مخرجا من هذا الضيق الذي يحيط به ….
وصل مشفى والدته لا يعلم كيف أو متى …
ترجل من سيارته وصعد لغرفتها ليقتحم الغرفة بكل الغضب الذي به فإذا به يجد جاسر يجلس بالاستراحة الملحقة بالغرفة …..
تعجب جاسر من هيئته الغاضبة وملابسه التي لم يغيرها حتى الآن برغم عودته متأخرا ….
لم ينطق عبدالله بكلمة واحدة بل دلف صامتا وجلس بأقرب مقعد قابله …
حاول جاسر كسر هالة الصمت الملحقة بابن عمه ليسأله عن كثب / شفت يمنى ؟؟
استمع عبدالله لسؤال جاسر ولكنه لم يجد التعبير المناسب للإجابة عن هذا السؤال سوى ان حرك رأسه بالايجاب ….
لم يجد جاسر ما يقوله بعد ذلك فحالة ابن عمه تغني عن أي سؤال ….
عاد الصمت يخيم عليهم لينطق عبدالله بعد فترة بكلمتين ثم اتبعهم بثالثة / كسرتها اوي …
مش هتسامحني ….
كاد أن يكمل جاسر صمته لولا أن نبرة اليأس التي غلفت صوت ابن عمه استفز صمته لينطق متسائلا ومتعجبا / المفروض انك كدة حاولت ؟؟
يعني خلاص كدة عملت اللي عليك؟
هو انت كنت متوقع ايه بالظبط ؟
متوقع أنها أول ما تشوفك هتاخدك بالحضن وتقولك وحشتني ؟؟
سؤال جاسر الاستنكاري استفز صمت عبدالله لينطق معلقا / أنا عملت كدة وحسيت بيها اول ما شفتها …
اول ما شفتها نسيت كل حاجة وحسيت بس انها وحشتني …
دانا حتى قولتلها وحشتيني مردتش عليا …
نطق بجملته الأخيرة بشكل عصبي برغم صوته المنخفض لكونه بالمشفى إلا أن جملته تلك أثارت غضب جاسر اكثر لينطق معنفا / علشان انت اللي اذتها فطبيعي انت تنسى لكن هي لأ
توقف عبدالله عن المجادلة قليلا ليتذكر كم مرة تغاضى عن غضبها إما بانكاره أو عدم الشعور بها ….
تذكر كم مرة حاولت جذب انتباهه لمنع الأذى عنها ليفضل هو أسلوب التجاهل وتركها تصارع امواج الاذى بمفردها ….
اخفض نظره للاسفل وهو يحرك رأسه نافيا يحاول الهروب من الإحساس بالذنب كالذي ينازع الموت وهو يتمتم بصوت مسموع / كنت فاكرها بتحبني وهتسامحني …
كنت فاكرها مستعدة تتنازل شوية علشان نعيش مع بعضنا …
تعجب جاسر من تفكيره ليرد له مبرره بسؤاله / انت مستعد تتنازل عن كرامتك في سبيل انك تعيش معاها ؟؟
رفع عبدالله رأسه ينظر لجاسر باستنفار ليكمل الاخير مردفا وموضحا / أنا شايف انك مقدرتش تستحمل انك تتنازل مرة واحدة وتسمحلها تضايقك …..
برغم انها استحملت كتير ….
بصراحة يابن عمي ومتزعلش مني ….
أنا شايف أن يمنى بتحبك اكتر ما بتحبها …
تعجب عبدالله واستنكر تحليل جاسر ليعقد حاجبيه باستياء ورفض/ ايه اللي انت بتقوله ده انا مقدرش اعيش بعيد عن يمنى …..
يبقى تحاول مرة واتنين وعشرة وتستحملها زي ما استحملتك أنت وأهلك ….
نطق جاسر بالحل ليومأ عبدالله بالموافقة …..
تمدد على الأريكة يفكر في كيفية إرضاء يمنى وإذابة تلك الخلافات مهما كلفه الأمر من عناء…
كما فكر في ما يحتم عليه فعله وقرر أن هذا هو الوقت المناسب ليجري اتصالا بعادل زوج أخته ويطلعه على طلبه في إحضار أخته لرؤية والدتها قبل دخولها العمليات ربما كانت المرة الأخيرة لرؤيتها …
كما أبلغه بهدفه الاخر ولم يجد غيره يعينه على ذلك ….
بعد أن أنهى محادثته مع عادل التي انتهت بموافقة عادل على كلا طلبيه شعر بالراحة النفسية ليغلق عيونه قليلا حتى كاد أن يغوص في نوم عميق من أثر الإجهاد الذي عاناه باليومين إلا أنه انتبه على صدوح هاتفه باتصال لينتفض معتدلا متوقعا اتصال من يمنى إلا أنه فور رؤية هوية المتصل خاب أمله….
……………………………..
صعدت هند لشقتها ساحبة أطفالها خلفها وهى تتعجب من حال تلك العائلة إلا أن ما سردته دعاء عن حالة والدتها القى بقلبها الذعر فباتت ترتعب من عودة حكمت وتتقابل معها ثانية …
دلفت شقتها وهى تقرر اعادة التفكير في موقفها بعد الوقوف على حقيقة موقف حكمت وحالها …
أمسكت بهاتفها وأجرت اتصالا بعبدالله الذي كاد أن يغط في نوم عميق …
فور رؤية رقمها أطلق زفير الخيبة ليجيب عليها برتابة لتدعي هي الاطمئنان على حكمت وإبلاغه بعودتها للمنزل ليقدم لها الشكر وكاد أن ينهي المحادثة إلا أن سؤالها حال دون ذلك / هي الحاجة حكمت عاملة ايه دلوقتي ؟؟
عرفت يعني من دعاء أن رجلها اتكسرت بس وأنها أفضل دلوقتي وحالتها اتحسنت ….
شعر عبدالله أن هند تحاول الانسحاب من موقفها ليصمت لحظة ثم أجابها بوضوح / هند أنا عارف انك عايزة ترجعي عن اتفاقنا بس انا حقيقي معتمد عليكي وخاصة بالايام الجاية …..
دعاء متعرفش حاجة عن حالة ماما لسه ….
بس علشان تبقي عارفة ماما تقريبا اتشلت نتيجة كسر بالعمود الفقري وهتعمل عملية فيه بكرة….
وللاسف عندها صعوبة بالكلام حاليا….
فأنا بترجاكي تستحملي معايا الاسبوع ده بس وجميلك مش هنساه ابدا …..
وبعد كدة انتي حرة يا بنت الناس …..
ها قولتي ايه ؟؟
لمع بريق الشر بعيونها مرة أخرى بعد أخماده لتبتسم بجانب شفتيها وهي تجيبه بنصر وارتياح / عيوني للحاجة حكمت ….
أخدمها بعيوني …..
أنهت المحادثة لتنظر لابنها الذي يتساءل بتلقائية/ هنقعد هنا يا ماما ولا هنمشي ؟؟
أحاطت وجهه بكفيها وهي تنظر له وتجيبه بابتسامة زاهية / لو اللي في دماغي مشي زي مانا عايزة يبقى هنقعد هنا وعلى طول ..
ادعي لستك تطلع من العمليات بكرة ويطول بعمرها اسبوع كمان أنا مش طالبة غير اسبوع …..
لم يعي الطفل ما نطقت به والدته سوى طلبها بالدعاء لجدته ليردد خلفها دعائها ولكن بقلب طفل لا يحمل أي ضغائن بأن يزيد بعمرها ولو لمدة أسبوع….
………………………….
قشع النور الظلام ليسدل الصباح ستائره ويسلط اضواءه على الباطل فتنكشف حقائق البعض وتتضح الرؤية للجميع …
شرع كريم وسعيدة بالتهيىء لزيارة حكمت وبعد إلحاح طويل من والديها تأهبت يمنى اخيرا للذهاب معهم …
وصلا بعد خروج حكمت من غرفة العمليات وقد أودعت بغرفة العناية المركزة نظرا لخطورة العملية …
اقدم كريم وسعيدة وبصحبتهم يمنى في ممر المشفى المؤدي لغرفة العناية المركزة ليروا عبدالله وبجواره جاسر يتحدثون مع الطبيب …
توجه كريم ليقف بجوار عبدالله وجاسر بينما توجهت سعيدة ويمنى نحو دعاء ومن تجاورها …
العملية مكنتش سهلة بس الحمد لله عدت على خير..
دعواتكم لها الفترة الجاية أنها تعدي ال ٢٤ ساعة الجايين على خير بدون اي انتكاسة أو سخونية لا قدر الله …
كان هذا حوار الطبيب المطمئن لعبدالله ليومأ الاخير بملامح منكسرة وروح مبعثرة…
ربت كريم على كتفه ليلتفت إليه الآخر محاولا رسم ابتسامة مجاملة ليحاول كريم التخفيف عنه / متقلقش ربك كريم وهيشفيها أن شاء الله…
ادعلها انت بس ….
اماء عبدالله بتمنى مؤمنا وراءه / اللهم امين.. اللهم امين…
وصلت سعيدة ويمنى إلى مقعد دعاء والتي فور رؤيتها لهم رسمت على وجهها براءة الثعلب وبسرعة فائقة استدعت دموعها لتنهمر على وجنتيها واقبلت عليهم تشكو حزنها لتستقبلها سعيدة بصدر رحب وتربت على ظهرها كمحاولة لتهدأتها بينما يمنى لم تنخدع بمظهرها الماكر
وبينما كانت سعيدة تحاول تهدأة دعاء فإذا بأحدهم يمسح دموعه بصمت وتنهض ملتفتة لهم فإذا بيمنى تلاحظ أنها صفاء التي أقبلت عليهم بملامح حزينة للغاية لترتمي بأحضان يمنى تشكو لها حزنها بصمت تام دون التفوه بأي كلمة….
كل ما تفعله هو البكاء المرير والنحيب العالي …
لمس حزنها قلب يمنى لتحتضنها بشدة ربما هدأت من كربها …..
بينما هي تهدهد صفاء إلا أن عيونها لم تفارق ظهره حتى التفت اليها لتتقابل الأعين وتتعانق الأرواح بدون عناق
انضم إليهم عبدالله وجاسر وكريم ليتبادلا السلامات التي بعضها كان يتخللها دفء المشاعر وبعضها لامسته برودة الاحاسيس….
حينما لامست يده يدها شعر وكأنه وجد ضالته…
تمنى لو أن يرتمي باحضانها ربما تخفف عنه وطأة الموقف ..
تمنى لو بكى على أكتافها ربما أزاح همه أو اراح قلبه …
بينما شعرت يمنى بقلبها وجوارحها كلها تكاد أن تتمرد عليها …
بالكاد تحكمت باقدامها أن لا تنساق إليه وتلقي بانفسها بين أحضانه تلقائيا ..
أوشكت ذراعيها أن تحتضنه وتزرعه بداخلها …
تمنت لو احتضنته بين جنيبات قلبها لتزيح عنه هم الايام …
تغرغت عيونها بالدموع ليلاحظ كل المتواجدين حالهم ….
تقدمت صفاء من أخيها تحثه على الانصياع لأوامر قلبه فربتت على كتفه قائلة / خد يمنى واتكلموا شوية لوحدكم يمكن ربنا يبعد عنكم الغم والحسد ويريح قلبكم يا خويا ….
التفت عبدالله لأخته بابتسامة فوز وكأنها نطقت عنه ما أراد قوله……
التفت لكريم وعيونه تحمل رجاء وتمنى يستأذنه في الانفراد بيمنى قليلا فلم يجد كريم بد من الاستجابة لأمر القلوب والعيون التي تظهر جليا أمام ناظريه …..
فور أن انصرف عبدالله ويمنى دعاهم جاسر بالجلوس قليلا بمطعم المشفى لحين السماح بزيارة حكمت ….
بالفعل جلسا جميعهم والصمت يخيم عليهم…..
لم يعرف أحدهم عن ماذا يتحدث أو مع من يتحدث فكلا منهم له رؤيته …
ود جاسر لو يفاتح كريم في أمره مع يسرا …
أما سعيدة كانت تجلس توزع نظراتها بين صفاء ودعاء وتتعجب من انكسارهم الحالي وجبروتهم السابق ….
بينما صفاء كانت تفكر في محاولة إذابة الخلافات بين يمنى واخيها تعويضا عن ما سبق منها…..
أما كريم فهو يشعر أنه بدوامة ولا يرى البر الذي يلتقط فيه أنفاسه
فهو يتمنى أن تعود حياة ابنته للأفضل إلا أنه يرتعب من مجرد فكرة الاستسهال بحقها خاصة وهو لا يعلم حتى الآن سبب كل هذا الجفاء …
اخيرا قطع جاسر حديثهم بسؤال صفاء عن زوجها لتتعجب سعيدة وكريم إلا أن تعجب دعاء كان الأغرب على الاطلاق لتطلق سؤالها / هو جوزك معاكي هنا ؟؟
وزعت صفاء نظراتها بين جاسر واختها ….
فقد تعجبت من اندهاش اختها وعدم علمها بذلك لتجيب بتلقائية مطلقة / اه عادل كان هنا الصبح بدري بس راح لشغله وهيرجع ياخدني اخر اليوم ….
* مين قاله يجي ؟؟
كان هذا سؤال دعاء الهجومي ليزداد تعجب كل الحاضرين….
شعرت صفاء بالحرج الشديد لتجيبها بعفوية / عبدالله لما كلمني امبارح علشان يقولي على عملية ماما طلب عادل يكون موجود بدري جدا !!
نطقت سعيدة بطيبة مطلقة / يمكن والدتك طلبته يا بنتي علشان يسامحها …..
البني ادم مننا قبل العمليات بيبقى عايز كل الناس تسامحه ….
لم يشفي فضولها هذا الرد ولم يقنعها بالمرة ….
لتضيق عيونها وهي تحرك رأسها بالرفض محاولة أن تفكر في سبب طلب عبدالله لعادل / لا في سبب تاني ولازم اعرفه ….
لم يرغب جاسر في هذا الحوار وبهذا الشكل خاصة أمام كريم وسعيدة ليحاول قطع الحوار بالحال….
فانتصب فجأة وهو يحاول رسم ابتسامة مجاملة على وجهه وهو يسألهم بترحيب / تشرب ايه يا عمي شاي ولا عصير ولا قهوة ؟؟
حاول كريم أن يعتذر إلا أن إصرار جاسر جعل كلا منهم يطلب ما يحلو له …..
ليشير لصفاء قائلا / تعالي معايا يا صفاء علشان تشيلي معايا القهوة والشاي …
فور انطلاق صفاء وجاسر شعرت دعاء أنها اقتربت من هدفها لتقترب بمقعدها من سعيدة وهي تهامسها قائلة وكأنها ستطلعها على سر حربي/ كويس أن جاسر وصفاء مشيو خلينا نتكلم براحتنا شوية ….
التفتت اليها سعيدة باندهاش وهي ترى ملامحها قد تغيرت وكأنها تحولت لافعى سامة لينزوي بين حاجبيها وتسألها باستفسار / خير يا حبيبتي عايزة تقولي ايه ؟؟
وزعت دعاء نظرها بين سعيدة وكريم ثم أطلقت سؤالها المسموم / هو فرح يسرا وجاسر امتى أن شاء الله ؟؟
التفت كلا من كريم وسعيدة إليها فجأة باندهاش لتسألها سعيدة عن سبب هذا السؤال الغريب / فرح ايه وبتاع ايه!!!
البنت لسه صغيرة وبتدرس ….
ثم إن جاسر متقدمش ليها ….
لما يبقى يتقدم ليها رسمي نبقى نفكر إذا كان مناسب لها ولا لأ …
ارتدت دعاء وجه الصدمة لتطلق شهقة تعبيرا عن تلك الصدمة ثم نطقت بطريقة عفوية كلمات مقصودة كالأسهم المسومة وهي تصفع صدرها / يا فضحتي ….
ده جاسر وعدنا أنه هيتجوزها في اقرب وقت ….
تعلقت العيون الغاضبة بها لتسترسل هي سمومها /
معقولة متعرفوش ده كان سبب زعل يمنى…
خاصة لما اتقفشوا مع بعض وفضحتها بقت في الجام…..
*اخرصي مش عايز اسمع منك ولا كلمة ….
نطق بها كريم بصوت زلزل المطعم وجعل كل الأعين تلتفت إليه …..
انتفضت سعيدة من جوارها وهي تنعتها بالبذاءة والسفالة تزامنا بقدوم جاسر وصفاء يتساءلون عن سبب غضبهم هذا…
نظر له كريم من أعلاه لاسفله وهو يتوعد له باذاقته الجحيم….
ثم لملم كريم متعلقاته وانطلق يبحث عن يمنى وعبدالله…….
بالجانب الآخر فور أن سمح كريم لعبدالله بالانفراد بيمنى امسك عبدالله يدها وانطلق خارج المشفى يجلسون بالمقاعد التي بالحديقة ……
كادت أن تسحب يدها إلا أنه اطبق كفه على كفها…
انزوى بها بمقعد بعيد ونظر لها بعيون راجية وقلب عاشق مشتاق طالبا منها بصوت حاني ونبرة رجاء / اوعي تسيبي ايدي تاني يا يمنى مهما حصل ……
خليكي ماسكة ايدي حتى لو حاولت أنا اسيبها …..
شدي على أيدي….
عاقبيني…..
ازعلي مني……
بس متسيبهاش……
سامعة متسيبهاش مهما حصل…..
ترغرغت الدموع بمقلتيها وكادت ان تضعف وتلقي نفسها باحضانه لتغلق عيونها قليلا حتى انبثقت منها دموع الحسرة ….
مسح بابهامة دموعها وهو يؤنب حاله كيف اوصلها لهذه الدرجة ….
أحاط وجهها بين كفيه يتلمس بشرتها الغضة وهو يعاتب حاله على فعلته ويقدم لها كل سبل الاعتذار / حقك علي راسي ….
على قد ما بكيتك على قد ما بعتذرلك …..
عارف اني غلطان ومليش وش تبصيلي بس ارجوكي متحرمنيش من عنيكي ….
ارجوكي اديني فرصة واحدة بس اقدر اوصلك فيها اعتذاري ….
واوعدك اني هعمل كل اللي يريحك ….
هناخد شقة برة لوحدنا وانت اللي تقرري مين يزورنا ومين ميدخلش اصلا ….
بيتك هيبقى مملكتك وهتدريها براحتك …..
ومش هرغمك على أي حاجة لو مش عايزة تزوري اهلي براحتك ….
أنا عرفت كل حاجة يا يمنى ومقدر مشاعرك تجاههم ….
علشان كده مش ممكن اجبرك على حاجة تخصهم مهما كانت …..
افتكريلي اي حاجة حلوة تشفع لي عندك يا يمنى ….
انتي وحشتيني اوي وانا حقيقي محتاجلك اوي ….
استمعت إليه بقلبها وجوارحها….
لمست الصدق في حديثه حتى شعرت بعودة حبيبها القديم وراحة قلبها لحديثه ….
ارتسمت الراحة على ملامحها قليلا وفكرت أن تطلعه على خبر حملها ….
فتحت عيونها تنظر لعيونه باشتياق جارف وهي تحدثه بقلبها قبل لسانها / انت عارف أن محدش يعرف من اهلي لحد دلوقتي سبب زعلنا ….
جملة اسعدته جدا ليجيبها بجملة اشعرتها بالسعادة الطاغية /من ساعة ما عرفتك وانا كنت واثق أني عرفت اختار حبيبة وصديقة وزوجة صالحة اطمن معاها ….
وام لأولادي يفتخروا بيها دايما…..
اخيرا لمح الرضى على عيونها وقد ارتسم على ملامحها ….
كما أنها وجدت أنها اللحظة المناسبة لاطلاعه على خبرحملها ….
كادت أن تنطق به إلا أن صوت والدها الهادر من بعيد فور رؤيته لها افزعها وجعلها تنتفض من مكانها ….
اقدم عليهم كريم وهو ينظر باشمئزاز تجاه عبدالله قائلا / لولا الظروف اللي انت فيها أنا كان ليا تصرف تاني ….
بس هي خلصت لحد هنا يابن الحلال ….
منتظرين ورقة طلاق بنتي بعد خروج الحاجة من المستشفى وكدة يبقى عدانا العيب وازح ….
يالا يا يمنى …..
نطق باخر جملته وسحب ابنته خلفه وسط دهشة وزعر من يمنى وعبدالله اللذان حتى الآن لم يعرفا سبب هذه الثورة المتناقضة تماما مع موقفه السابق
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1