رواية وميض الحب الفصل الرابع و الاربعون بقلم لولى سامى
فور استماعها لاسمه شعرت بجسدها ينتفض وحواسها تتأهب للاسوأ ….
فمن الواضح أن أخيه يهيئ لها حضوره للمنزل ….
ظلت تضيق عينيها تحاول الوصول للخبر اليقين…
إلا أن عبدالله ظل جالسا أمامها يراوغها بالحديث…..
تارة يقدم كافة أنواع الشكر والعرفان بالجميل…
وتارة يحاول تهيئتها لسماع خبر محزن ….
حتى فاض بها الكيل ونطقت تتعجله بالنطق بعد أن انتصبت متأهبة لاى رد فعل وربما للرحيل / ادخل في الموضوع على طول يا عبدالله….
ايه اللي حصل بالظبط من صبري ؟
ولا انت عايزه يرجع تاني ؟؟
أشارت إليه بسبابتها تلقي شروطها التي لا رجعة فيها من وجهة نظرها / لو اخوك جاي يبقى أنا مليش قعاد هنا لحظة واحدة …
أنا هدومي جاهزة هاخد بعضي والاولاد وهمشي حالا ….
حرك عبدالله رأسه بقلة حيلة وحزن على أخيه وما اوصل به نفسه وبعائلته التي من المفترض أن تبحث عنه لا أن تنفر منه….
نطق مطمئنا إياها / متقلقيش يا هند احتمال ترتاحي من صبري لسنين مش بس ايام ….
عقدت ما بين حاجبيها وجلست تستفسر بفضول عارم / لا معلش قولي كل حاجة ومن غير لف ولا دوران لو سمحت ….
نظر إليها وهو يلقي الخبر لعله وجد بملامحها نظرة شفقة أو عطف على أخيه / صبري متهم بقضية قتل والأدلة كلها ضدة …
انتايها شعور الغبطة والفرح العارم…
لوهلة شعرت بالحرية التي كانت تبحث عنها حتى أنها كادت أن تطلق زغروطة تعبيرا عن فرحها….
الا أنها تراجعت فورا فهى أمام اخو زوجها وابناءها فمن المفترض ما يظهر عليها مناقض تماما لما بداخلها …
لذلك تباينت ردود افعالها من وجه مبتسم لعابس ثم متهلل وتحول سريعا للتجهم ….
كادت أن تنطق بما لا يناسب الحدث فالكلمات المناسبة للموقف تاهت منها ….
إلا أنها لحقت ذاتها لتزم على شفتيها وكأنها ترغمها على الصمت ….
ظلت صامتة فترة تبحث عن جملة غير التي تتردد بذهنها …
بينما عبدالله رأى تباين ملامحها فارجعه إلى الصدمة ..
ثم اعتبر صمتها تعبيرا عن هول المفاجأة والحزن معا ….
حاول تهدأتها وطمأنتها ربما نطقت بما يجيش بصدرها / متقلقيش يا هند انتي اختنا وأولادك في عنينا ….
ومفيش حاجة هتتغير هتفضلي عايشة معانا معززة مكرمة…
كأن صبري موجود وافضل كمان …
وهو أنا كنت معززة ومكرمة وصبري موجود !!
نطقت بجملتها بهمس إلا أن عبدالله لاحظ تحرك شفتيها واستمع إلى همهمة ليسألها عما قالته …
استعادت وعيها وبدأت تستحضر بعض الكلمات المعتادة إلا أن لسانها وسعادتها خانتها / ربنا يباركلك يا عبدالله ويسامحه على مرمطته فينا …
بس هو اتحكم عليه خلاص ولا لسه ؟؟
نظر عبدالله باندهاش إليها بعد القاء سؤالها هذا إلا أنها حاولت تصحيح ما نطقت به / قصدي يعني هينفع أزوره ولا محتاج بقى تصريح زيارة وكدة ؟؟
أطلق تنهيدة حزينة وملامحه كانت تكفي بالتعبير عن إحساسه ثم أجابها مطمئنا حسب ما أدركه / لا لسه الحكم مصدرش….
هكلم المحامي يرتبلك زيارة بأقرب وقت …
عم الصمت عليهم للحظات لتقطعه هى بسؤالها الذي حاول عبدالله بشتى الطرق الهروب منه / هو اتهم في قتل مين وازاي وليه ؟
زاغت أنظار عبدالله محاولا ايجاد مهرب من سؤالها إلا أنه رأى أنه لا مهرب من هذا السؤال فحاليا أو لاحقا ستعرف كل شيء ….
لذلك بدأ يسرد لها كل ما يعلمه حسب رواية أخيه …
عقب انتهاؤه من سرد الحادثة بأكملها انتظر منها أن تغضب أو تثور أو حتى تعلق على ما سرده إلا أنها استقامت بهدوء تام ونطقت بجملة واحدة قبل أن تنصرف بهوادة / أنا عايزة أزوره يا عبدالله …
ضروري ترتبلي زيارة …
بهت عبدالله من الهدوء وربما البرود الذي انتابها ….
فما كان منه سوى أن اماء برأسه كتعبيرا عن الموافقة وهو يراها بكم هذا الثبات الذي لم يتوقعه نهائيا …
…………………………….
بالجانب الآخر توجه جاسر إلى منزل والد يمنى وهو يشعر بامتداد الطريق وكأنه يسير على مراجل من نار ….
حاول مرارا وتكرارا الاتصال بها إلا أن الرسالة اللعينة التي تردد كلما اجرىاتصاله ( الهاتف ربما يكون مغلق ) كانت تتردد طوال مرات اتصاله ليزداد بداخله الغضب تجاه دعاء الذي أجزم بنفسه أنه لو رأها الآن لازهق روحها بيده ورحم الناس من شرها ….
وصل اخيرا البناية ليترجل سريعا من سيارته ويقفز درجات البناية بقوة كالذي يتخطى حواحز بمارثون ليفوز بالذهبية…..
وقف أمام باب شقتهم يلتقط أنفاسه ويعدل من هندامه ثم ضغط على زر الجرس …..
تعجب كريم وسعيدة فور استماعهم لرنين الباب وفي هذا التوقيت فهم لم ينتظروا أحدا …
كادت تهم سعيدة بالانتصاب إلا أن كريم أشار لها بالانتظار ليهم هو ويذهب ليفتح هو الباب ….
فتح كريم الباب ليرى جاسر يقف أمامه بوجه نادم وعابس …
* افندم ….
نطق بها كريم وهو يغلق بجسده مدخل الشقة واضعا يده على حواف الباب وكأنه استخدم جسده كسد منيع لعدم اقتراب جاسر ….
عقد جاسر ما بين حاجبيه متسائلا باندهاش / مش ممكن نتكلم جوه يا عمي …
وقف كريم أمامه باعتزاز وكأن شيئا لم يكن وهو يجيبه بصلف / لا للأسف محتاجين نرتاح ومش مستعدين لاستقبال اي حد غريب ….
شعر جاسر بالاحراج الشديد إلا أنه لم ييأس ليعلق قائلا /طب بالرغم أن الكلام ميصحش هنا بس كنت عايز اقولك اني جاي اطلب ايد الآنسة يسرا فكنت عايز….
لم يمهله كريم الفرصة لاستكمال جملته فإذا به يقطع حواره رافضا طلبه بغطرسة واضحة / معندناش بنات للجواز….
بناتي الاتنين واحدة متجوزة وهتكلق أن شاء الله….
والتانية قراية فتحتها الاسبوع الجاي على ابن عمها ابقى شرفنا……
لاحظ جاسر محاولة كريم المضنية في إنهاء اي حوار من جهته فلابد من توضيح الأمر إليه …
نظر حوله ليتأكد من خلو الدرج من الجيران ثم شرع في توضيح الأمر لعل هذا يهدأ من نفسية كريم / طب يا عمي كنت عايز اوضحلك الموضوع مش زي ما انت فاهم ولا زي ما دعاء …..
لم ينتظر كريم بقية حواره لينهي حديثه برأس مرفوعةوإشارة من يده قائلا / بنتي حكتلي كل حاجة …
أصل بنتي مبتخبيش عني حاجة…
واللي قالته بنت عمك هتتحاسب عليه ان مكنش مني يبقى من ربنا …
وعن اذنك بقى علشان محتاج ارتاح…
نطق باخر جملته واغلق الباب بوجهه ليقف جاسر مذهول مما استمع إليه …..
هل معنى هذا أن الأمر قد انتهى ؟؟
هل معنى هذا أنه لم يراها ثانية ؟؟
كاد أن يطرق الباب ثانية إلا أنه توقف باللحظة الأخيرة فهذه المواجهة لن تكون في صالحة ….
رأى أن يتروى قليلا لغدا فهناك بصيص أمل ألا وهو فترة الأسبوع الذي نطق به والدها …
لم ولن يضيع هذا الأمل من بين أصابعه ….
هبط الدرج بجزع وبطئ بعد أن صعده مهرولا ….
شعر وكأنه يحمل هموما فوق طاقته
بعد مغادرة جاسر والتي استمع اليها كلا من يمنى ويسرا …
نظرا لبعضهم بنظرات يفهمونها سويا …
ثم اسرعت يسرا بإحضار ورقة واسرعت يمنى بإحضار قلم لتدون يسرا سريعا ما يريدون اخبار جاسر به …..
توجها كلاهما إلى الشرفة ينتظرون خروجة من البناية إلا أنه قد تأخر حتى اعتقدا أنه انصرف دون أن يروه ….
كاد اليأس يتسلل إليهم وفجأة رأوه يخرج من البناية متجها إلى سيارته …
كادت يسرا أن تطلق صفيرا إلا أنه فجأة التف ونظر تجاه نافذتهم …
وكأنه شعر بهم ليبتسم لهم بعد أن كان عابسا وتهللت اواصره ….
رفع يده ليشير إليهم إلا أنه وجد معشوقته تقذف إليه بورقة…
ذهب سريعا تحت نافذتها والتقطها بلهفة ….
دلفا سويا من النافذة وقد بدت على ملامحهم بعض علامات من الرضى والسرور …
جلسا على الفراش لينفرج باب الغرفة فجأة فإذا بوالدهم يظهر بملامح غاضبة ومقتضبة قائلا بتنويه / اعملوا حسابكم هنتنقل الإسكندرية الاسبوع الجاي….
يعني يادوب تلحقوا تجمعوا حاجاتكم وترتبوا حالكم …
كاد أن يخرج إلا أن يسرا أوقفته متسائلة عن موقفها بالجامعة / طب والجامعة بتاعتي يا بابا…
توقف لحظات معطيا لهم ظهره يفكر في ذلك الأمر الذي غفل عنه تماما ليجيبهن بعناد وغلظة / من بكرة تسحبي ورق التحويل وانا هقدملك بجامعة الإسكندرية ….
نطق بجملته دون أن يستدر وخرج من الغرفة فجأة كما دلفها فجأة ….
فور خروجة هللا كلاهما فقد بدر لهما بصيص أمل عن إمكانية التواصل مع عبدالله وجاسر واطلاعهم عن مستجدات الأمور ….
جذبت يسرا ورقة أخرى وسألت اختها عن رقم عبدالله/ قوليلي بسرعة رقم عبدالله علشان أكلمه بكره ….
لوحت يمنى بيدها كتعبيرا منها عن عدم اهتمامها / سيبك من عبدالله شكله مش مهتم خلينا فيكي انتي ….
ثم ربتت على كتف اختها كمحاولة لاشغالها عن سيرة عبدالله / شكل جاسر بيحبك بجد ومش هيسيبك متقلقيش …
شعرت يسرا بحزن اختها واهتزاز صوتها فحاولت أن تطمئنها فقالت لها / هتلاقي عبدالله كان معاه بس بالعربية ولا حاجة …
أغمضت يمنى عيونها بحزن وهي تحرك رأسها برفض / معتقدتش …
مسدت يسرا على كتفها وهي تبحث له عن مبرر / متنسيش أن والدته بالمستشفى وأخته تعبانة بالبيت …
اماءت يمنى برأسها لتتسائل اختها بمكر / بس مقولتيش حصل ايه النهارده وقابلتيه ولا لا ؟؟
فور تذكرها لحديثه معها بالمشفى اتسعت ابتسامتها قليلا ولمعت عيونها وهى تخبر اختها بما تم حتى اتت تلك الأفعى وافسدت كل شيء….
أما هو فور أن التقط الورقة عاد لينظر للأعلى فلم يجد أحدا ….
ذم شفتيه وشعر بالضيق مرة أخرى ثم فتح الورقة ليجد ما توقعه ( بابا سحب مننا التليفونات ومش موافق على خطوبتنا ولا على رجوع يمنى لعبدالله …
يمنى بتقولك خلي عبدالله يتصرف وقوله إن يمنى حامل )
قبض على الورقة بكفيه حتى برزت عروقه وزفر بقوة مقررا بمعالجة الأمر بشتى الطرق وطرق كل الابواب حتى لو وصل الأمر لاختطافها ….
نعم لن يترك الشر ينتصر وتظل هي واهلها طيلة حياتها يدفعون ثمنا لخطأ إنسانة حقودة ….
سيعافر ويحاول مرارا وتكرارا حتى ييأس والدها من رفضهم أو يتحمل هو نتيجة عناده ….
بعد أن هدأ حماسه قليلا عاد وتوقد مرة ثانية ليقرر التوجه لأخته ربما وجد عندها الحل …..
………………………………
بعد انتهاء جلسته مع هند استقام يهم الصعود لأخته ليرى إلى أي وضع وصل حالها …
قبل الصعود تذكر أنها منذ أن حبسها لم تذق الزاد لذلك توجه للمطبخ يعد لها طبقا من الطعام وتوجه به إليها ….
اخرج المفتاح من جزلانه وفتح الباب ليرى أمامه منظر مدمر وكان الشقة بها وحش كاسر لم يترك شيئا سليما …
هم بالدخول إلا أنه قبل أن يغلق الباب تلقى ضربة من الخلف بشيء صلب على كتفه اسقطته أرضا …
ولولا انحرافه للخلف قليلا لتلاقاها على رأسه …
استقام سريعا يهرول خلف التي اسرعت على الدرج ….
حمد الله أنه اغلق باب البناية من الاسفل ليمسك بها وهي تحاول فتح باب البناية ….
حاولت دعاء الإفلات من قبضته واطلقت عدة صرخات لعل أحدا ينجدها الا أن سمر ما عادت تسمع شيئاً …..
بينما هند التي استمعت لصراخها ما كان منها إلا أنها خرجت تقف على عتبة الشقة ترى ما يحدث بها بعيون شامتة وقلب مبتهج مما يحدث ….
سحبها عبدالله خلفه حتى وصل لشقتها مرة أخرى وهي ما بين تعنيف واستجداء ….
بالكاد ادخلها ودلف خلفها ثم أوصد عليهم الباب بالمفتاح ثم وضعه بجزلاته مرة أخرى …
نظر لها باستنفار واستنكار محرك رأسه بالرفض مما وصلت إليه …..
شرع بالحديث معها باقتضاب وهزيمة / يا خسارة بجد ..
كنت جاي اتكلم معاكي ونحاول نوصل لحل كان أقلهم انك تعيشي وسطينا من تأتي بس من غير تدخل في حياة حد ولا تروحي في مكان من غيري …
* موافقة موافقة ….
أعلنت موافقتها سريعا إلا أنه مازال يحرك رأسه بالرفض وهو يكمل / بس بعملتك دي اثبتيلي انك ملكيش أمان ….
عايزة تموتيني يا دعاء !؟
* لا لا لا انا كنت بحاول اهرب صدبسةصدقني…..
اقتطع حديثها مصححا / كنتي قاصدة تضربيني على دماغي…. …
يعني كان ممكن تموتيني علشان حبستك كام ساعة لوحدك بس ….
ضربتك ليا دي فوقتني …
عرفتني أن مينفعش اتساهل معاكي بالمرة ….
جلست أسفل قدميه تعتذر له وتستجديه / حقك عليا مكنش قصدي ….
أنا مكنتش عارفة بعمل ايه ….
صدقني يا عبدالله واعذرني بس اوعى تحبسني….
دانا اموت يا اخويا …
اوعى تحبسني لوحدي ….
استقام ساحبا قدماه من بين ايديها ناظرا إليها من أعلى وهو يراها بمكانها المناسب بالاسفل ….
مطلقا حكمه النهائي / أنا كنت جايبلك اكل بس بعملتك دي وقعتيه وبوظتيه…
زي اي حاجة حلوة يتبوظيها …
وجزاتك تكليه وهو بحالته دي …
أما بالنسبة لعقابك انتي اللي اخترتيه….
للأسف ملكيش تعيشي وسط الناس لانك مؤذية …
كنت بتفرقي بيني وبين مراتي علشان افضل معاكوا وخيري يبقى ليكم وبس ….
وبتفرقي بين اخواتك واجوازهم علشان يفضلوا معاكي وتتحكمي فيهم وفي مصيرهم ….
مرض السيطرة زاد عندك لدرجة أنك اوهمتي جوزك أنه مبيخلفش….
علشان بس يفضل معاكي ….
يبقى جزاتك بعد كل اللي عملتيه تتحرمي من كل ده….
علشان كنت عايزة تحرميهم من حياتهم علشان انانيتك وتسلطتك …
رفضت مواجهته لها بحقيقتها وكأنه وضع أمامها مرآة تظهر قبحها ….
نهضت من جلستها وهي ترفض كل حديثه برأسها وكأنها تنفض رأسها من كلامه المسموم لها ….
أمسكت بتلاليب قميصه تهزه وتعنفه ربما تراجع عما قاله ….
مع بعض المحاولات للهروب منه وهي تصرخ عليه تاره تسبه وتاره تهدده / ولا هتقدر تعمل حاجة يا عبدالله عارف ليييه ؟؟
علشان انت اخرك كلام وبس أنا عرفاك ….
والنعمة لاوديك في داهية …
أنا بقى اللي هرميك بره انت والسنيورة بتاعتك …
أنا هخلي سيد يبهدلك في المحاكم ….
وهخلي صبري ياخد منكم البيت واطردك برة في الشارع انت ومراتك….
اوعى سيبني …
أنا هوريك يا ….. ….
لم يجيب على لفظ أو كلمة مما تلقيه على مسامعه…
بل اعتبر كل هذا دافع للإستمرار فيما انتوى عليه ….
كما أنه اعتبره عقاب لسلبيته القديمة ….
ما كان منه سوى أنه امسك بيدها الممسكه به جيدا ليهدأ من حركتها له ….
وسحبها للاسفل لينزع قبضتها من عليه ….
ثم دفعها للخلف بقوة فسقطت أرضا بعيده عنه …
ليسرع هو في الخروج من الشقة واوصد الباب خلفه جيدا بالمفتاح ….
حاولت اللحاق به إلا أنها أخفقت…
وصلت عند الباب وهو يوصده بوجهها لتعود وتطرق علىه بعزم ما فيها …..
مع بعض السباب والالقاب الغير لائقة والتي نعتت بها الجميع ….
صعد عبدالله لشقته ودلف بها حزينا ….
دار ينظر بها بندم على تبديل حالها من منزل زوجية يشع فيه الحب والدفء إلى سجن يأوى إليه كل ليلة لينال فيه العقاب الذي يستحقه….
نعم فهو يشعر بالعقاب والتأنيب كلما دلف هذه الشقة …
وكأن يمنى ألقت بها لعنة أن لا تصلح بدونها وان تصبح خربة من بعدها ….
حاول الاتصال بيمنى إلا أن هاتفها ما زال مغلقا ليفتح تطبيق الرسائل ربما كانت تتلقى رسائل فقط ….
دون لها ( وحشتيني ….
وحشتيني ومحتاجلك اوي …
مفيش غيرك دلوقتي بعد ربنا الجأ إليه …
اتمنى متصدنيش )
اغلق التطبيق حينما لاحظ عدم وصول أي رسالة ثم تمدد على الفراش ينظر الخلاء ويعيد حساباته مرة أخرى ربما وجد ثغرة يعدل منها كل ما مضى…..
……………………………………..
وصل جاسر لمنزل أخته لتفاجئ بحضوره في مثل هذا الوقت …
إلا أن ما ادهشها أكثر ملامحه المتجهمة ومنظره الاشعث وكأنه خارج للتو من مشاحرة كان بها هو الخسران ….
شهقت أخته فور رؤيته على هذا الحال ثم اوسعت له المحال ليدلف للداخل …
فور أن دلف جاسر التفت اليها يحدثها عن ما يريده إلا أنها حاولت إيقافه قائلة / استنى بس واستهدى بالله ….
ادخل اتشطف وغير عقبال ما اجهزلك لقمة شكلك مأكلتش من الصبح …
وبعد كدة ليك عليا اقعد اسمعك انشالله للصبح …
ومتقلقش الاولاد وابوهم نايمين يعني هنتكلم براخة راحتنا ….
أطلقت حديثها وتوجهت مسرعة للمطبخ بينما هو أطلق زفرة قوية تعبر عن السغير المتأجج بداخله ثم توجه للمرحاض يحاول تهدأة هذا الحريق قليلا ربما استطاع يفكر بشكل أكثر عقلانية ….
………………………………….
باليوم التالى منذ الصباح الباكر استيقظت هند وارتدت ملابسها متأهبة للخروج مع عبدالله لزيارة حكمت ….
أعدت الافطار لسمر التي تبدل حالها تماما وأصبحت منغلقة على حالها واحاطها الاكتئاب….
فلم يعد أحد يسأل عنها أو يجلس معها ….
وضعت هند الطعام بوجه عابس مرددة بعض الكلمات التي لم تسمعها سمر بالتأكيد/ كلي يا اختي واتهني النهاردة …
بكرة هطردكم طردة الكلاب…
علشان تحصلوا اخوكم الخاين اللي مبيطمرش فيه العشرة..
نظرت سمر لها تحاول استشفاف ما تقوله فلاحظت هند تركيز سمر على شفتاها لتحاول اصطناع ابتسامتها وكأنها تحادثها بحديث مفرح / اطفحي يا حبيبتي بالسم الهاري ….
جلست بالردهة تنتظر عبدالله الذي استمعت لخطواته فخرجت مسرعة تلحق به قبل أن يرحل …
خرجت تنادي عليه فتوقف عند عتبة البناية ينظر لها باندهاش / خير يا هند سمر فيها حاجة ؟؟
ابتسمت قائلة بود مزيف / صباح الخير الاول ..
اماء مجيبا / صباح النور …
اردفت حوارها لتجيبه على سؤاله / لا سمر زي الفل وبتفطر جوة…
أنا قولت اجي معاك ازور خالتي ولا هعطلك …
* طب والاولاد ؟؟
أطلق سؤاله لتجيبه بطلاقة وكأنها أعدت وخططت لكل شيء / نايمين متقلقش ….
جهزتلهم الفطار يعني عقبال ما يصحوا ويفطروا اكون رجعت ….
ده هي ساعة زمن هشوفها واطمن عليها وارجع تاني …
وجد الاصرار في حديثها ليسلم أمره قائلا / تمام هي هتفرح اوي طبعا لما اشوفك ….
هوصلك عندها عقبال ما اروح الشغل اكتب إجازة وارجعلكم …
بالفعل انطلقا بالسيارة حتى وصلا للمشفى ترجلت هي لينطلق هو لمحل عمله ….
صعدت للغرفة الذي أخبرها بها عبدالله …
طرقت على الباب وانتظرت قليلا إلا أنها لم تتلقى اي استجابة ….
أدارت المقبض ودلفت بخطوات سلحفية تنظر يمينا ويسارا ….
تتفقد الغرفة جيدا إلا أنها اطمأنت حينما وجدت الغرفة خالية تماما إلا من حكمت الغافية …
أغلقت الباب خلفها جيدا ثم اقتربت من تلك الغافية تتمعن بملامحها وهيئتها وهي على فراش المرض ..
نظرت إليها بشماتة واضحة …
سحبت مقعد لتجلس بجوارها ثم وكزتها عدة مرات بغرض ايقاظها …
فور أن رأت عيونها تفرج عن مقلتيها شرعت بالحديث الشامت / فوقي واصحيلي كدة ….
قالولي انك اتشليتي ومش قادرة تنطقي كمان ….
بس اكيد سمعاني ….
تهللت ملامح حكمت فور رؤيتها لهند اعتقادا منها أنها أتت لرؤيتها ….
فمنذ أن دلفت للمشفى لم يزورها سوى ابنها وجاسر وابنتها صفاء ….
أخبروها بزيارة دعاء إلا أنها لم تراها …
كما اخبروها بزيارة يمنى واهلها إلا أنها اعتقدت أنهم يجبرون بخاطرها ….
كانت تتوقع زيارات من الجيران والأهل إلا أنها لم تجد أحدا ….
ليمر باكرتها كل أفعالها وترى بعيونها نتيجتها …
لن تنكر سعادتها بوجود هند ….
اتسعت ابتسامتها قليلا وحاولت الاماءة برأسها تعبيرا عن استماعها إليها ….
لتتسع ابتسامة هند الشامتة وهي تسلط سهم كلماتها المسمومة تجاه حكمت / ياااااه مش عارفه اقولك فرحانة قد ايه باللي حصلكم …
وفرحانة اكتر اني شوفته بعيني …
حقيقي تستاهلوا كل اللي حصلكم واكتر …
تبدلت ملامح حكمت للحزن وحاولت رفض الاستماع اليها بتحريك رأسها يمينا ويسارا إلا أن هند لم ترحمها واردفت / لااا حكمت الجبروت دي كانت زمان…
لما كانت تسمع اللي على مزاجها وتوقف اللي مش على مزاجها …
النهاردة انتي هتسمعي اللي على مزاجي أنا وبس…. وزي ما كنت مبقدرش انطق معاكي …
اديكي قاعدة خارصة مش قادرة حتى ترفضي تسمعي …
عايزة اقولك أن كل اللي فيكي ده انا السبب فيه …
بس مش هقولك حصل إزاي دلوقتي الا بعد ما انفذ اللي في دماغي ….
صعقت حكمت من اعتراف هند بجريمتها وبجاحتها في الإدلاء بفعلتها….
بينما الأخيرة اكملت بفخر وكأنها تسرد لها حقيقة نصرها / فاكرة لما كنتي بتفتري عليا وتضربيني وتخلي ابنك يعدمني العافية ؟؟
طب فاكرة لما كنتي بتخلي بناتك يحكموا ويتأمروا عليا ؟؟
جه الوقت اللي اتحكم أنا فيكم وازلكم زي ما زلتوني …
جه الوقت اللي اشوفك فيه مكسورة ومزلولة …
ازدادت سرعة حركة رأس حكمت التي تعبر عن رفضها لما تستمع إليه وبالمقابل ازداد حدة حديث هند لتكمل بغل واضح وقلب محترق / صحيح عرفتي اللي حصل لولادك ولا لسه ؟؟
ليكونوا مخبين عليكي علشان نفسيتك متتعبش …
بس انا جاية النهاردة مخصوص علشان اتعب نفسيتك …
بنتك سمر اللي كانت بتتصنت عليا وعلى يمنى وتعرفلكم كل الاخبار اهي اطرشت ..
مبقتش تسمع خالص …
واهي مرمية زي الكلبة في البيت محدش معبرها ..
عارفة انول بس اللي في بالي وارميها لكلاب السكك …
اتسعت حدقتي حكمت حينما استمعت لحال ابنتها وما آل إليه حالها بينما الأخيرة لم ترحمها واستطردت قائلة /ودعاء اللي واخدة جبروتك ومكرك شفتي اللي حصلها ……
فور تذكرها لدعاء أطلقت هند ضحكة عالية قبل أن تردف قائلة / مش قادرة اوصفلك سعادتي وانا شايفاها محبوسة في شقتها …
محدش بيطل عليها حتى ….
دعاء اللي كانت ماشية تخرب بيوتنا كلنا اهو بيتها اتخرب …
مانتي عارفة قبل ما ترقدي أن جوزها سابها واتجوز عليها فتنة ..
اهي خدت جزاتها وبعد ما كانت هي بتأمر وتتأمر دلوقتي هي تحت سلطتي أنا ….
ممكن ابقى احن عليها واطلعلها الاكل مرة كل يومين ….
نظرت للاشيء وهي تحادث نفسها قائلة / وممكن ابقى اخليها تخدمني لما اخد البيت …
ثم وجهت انظارها لتلك العاجزة والتي تسارع دقات قلبها وجحظت عيونها لتكمل هند بكره وسخط دفين يظهر بنرة صوتها العميقة والتي تخرج من أعماقها المفتتة …
تشعر بنيرانها المتأججة بالداخل والتي تجزم أنها تخرج من مقلتيها وهي تقول / وابنك المدلل صبري…
الغالي اللي طلباته كلها أوامر …
البصباص والفلاتي اللي كان بيبص لمرات اخوه وانتي مهانش عليكي تقوليله عيب ……
اللي كنتي بتنصريه عليا دايما مهما عمل ….
صبري خلاص بح ….
مقبوض عليه في قضية قتل وان شاء الله أن شاء الله ياخد تأبيدة أو اعدام …
كدة مفاضلش غير عبدالله يا حبة عيني محتاس يمين وشمال …
أما أنا بقى جاية علشان احسرك على البيت اللي عافرتي علشان تاخديه بالزور ….
شوفي جايبالك ايه ….
نطقت بجملتها وهي تخرج من حقيبتها عقد بيع وفتحته أمام ناظريها قائلة / عقد بيع من الغالي …
قولت مستخسرش فيكي حاجة …
هتختمي زي الشاطرة كدة على بيع البيت ليا …
واهو يبقى اسمك ادتيني جزء من حقي اللي كلكوا جيتوا عليا فيه ….
والاقي أنا العوض للبهدبة اللي اتبهدلتها معاكم ….
ومتخافيش هبقى ادعيلك ربنا يرحمك مع اني اشك أنه يستجيب الدعوة دي وخاصة لوحدة زيك …
تسارعت نبضات قلب حكمت بعد أن استمعت لكل ما حدث لأبنائها ….
لم تتخيل أن يصل بهم الحال لهذه الدرجة …
أدركت أن جميع أفعالها جاء الوقت لتدفع ضريبتها وعلى حياة عينها ….
انتابها حالة عصبية ليهتز جسدها كله رافضا الواقع وما وصل إليه ….
ازدادت ضربات قلبها عن المعتاد حتى كاد أن يتوقف ليطلق الجهاز الموصل لقلبها صفيرا ينبه القائمين على رعايتها ….
اخرجت هند البصامة سريعا وهي تقول/ لا استني متموتيش دلوقتي ابصمي هنا الاول ….
كادت أن تمسك بكفها وتعدل من اصبعها إلا أن الباب انفرج فجأة لتدلف الممرضة والطبيب مسرعا يضعون جهاز التنفس الصناعي على أنفها ويحقنوها بعدة عقاقير من مهامها تهدأة ضربات القلب قليلا ….
التفتت الممرضة لتجد هند مازالت متواجدة بالغرفة …
أشارت لها للخارج لتتفهم هند مقصد الممرضة.؟.
زفرت بضيق وهي تضع ما بأيديها بحنق في حقيبتها وتتوجه للخارج وهي تمتم قائلة / ده خلاص كان فاضلي تكة ….
بس وماله ما أكثر المرض !!
………………………..
بعد أن اوصلها للمشفى توجه لعمله حتى يقدم إجازة يستطيع خلالها حل كل الكوارث التي تلاحقه …
حاول الاتصال بزوجته إلا أن نفس الرسالة البغيضة تتكرر ….
فتح تطبيق المحادثات ليجد أنها لم تستلم رسالته بالأمس …
رأى أنه لا مفر من المواجهة ليجري اتصالا بكريم الذي فور أن رأى هوية المتصل أغلق هاتفه تماما وهو ينظر للجالسين حوله على مائدة الإفطار بعد أن تعلقت به العيون فور صدور رنين هاتفه ….
لم يتلقى عبدالله ردا بل وجد بالاتصال التالي أن الهاتف تم إغلاقه ليقرر اللجوء لحماته فاجرى اتصالا بها متمنيا أن لا تغلق هاتفها هي الأخرى …..