![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل السابع والاربعون بقلم دينا جمال
- ابعدي !! .... كلمة واحدة نطقها من بين أنفاسه المتعبة اللاهثة .. لتتوسع عيني سهيلة في صدمة ... دفعها !! لا يريدها أن تقترب منه ... قلقها عليه كان أكبر من أن تأخذ ما فعل بعين الإعتبار ... اندفعت ناحيته من جديد تلتقط زجاجة مياة من الطاولة المجاورة صبت القليل علي يدها تمسح بها وجهه ليشعر بنيران تحرق وجهه مع ملمس يديها علي قسمات وجهها ينظر له غاضبا كارها ... هي فقط خائفة تسأله مرارا وتكرارا بلا توقف :
- مالك يا جاسر إنت كويس يا حبيبي .. بسم الله الرحمن الرحيم ايه اللي جرالك بس
لحظات وبدأت تلك النيران التي اندلعت في جسده تهدأ قليلا ليتنفس بعمق أشار الي الأرض أمامه ليعاود النظر لسهيلة يبتسم مجهدا :
- ابعدي احسن هدومك تتوسخ
تنفست الصعداء بعد أن فهمت موقفه يبدو أنها فقط كانت تتوهم .. تظلمه ... جلست جواره تردف قلقة :
- مش مهم هدومي دلوقتي المهم أنت ... انت كويس ايه اللي حصلك
أعطاها شبح ابتسامة صغيرة يحرك رأسه إيجابا يحاول طمئنتها لتمسك هي برأسه تضعه علي كتفها تمسح علي خصلات شعرها لتسمعه يتمتم بخفوت ناعس :
- أنا كويس ... أنا بس تعبان شوية من الطريق ... عايز أنام
تعالا يا جاسر نام هنا شكلك تعبان بجد .... قالتها لينا بتلهف .... ابتعدت عن الفراش ليميل جاسر بجسده يتسطح علي الفراش يشعر برغبة ملحة في النوم وثقل رهيب فوق عينيه ورأسه ...وضع رأسه علي وسادة شقيقته لترتسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه اشار للينا أن تقترب منه ... فعلت ما طلب ليهمس لها بصوت خفيض ناعس :
- ريحة البرفان بتاعت زيدان مغرقة المخدة
توسعت عينيها حرجا نظرت له مغتاظة ليقابلها بشبح ابتسامة عابثة وبعدها اغمض عينيه ونام بشكل مفاجئ .... اقتربت لينا من سهيلة تمسك بيدها تجذبها لخارج الغرفة ... ذهبت سهيلة لتطمئن علي والدها ... بينما جلست اعلي درجات السلم تنظر هنا وهناك الممرات فارغة الجميع منشغل بالأسفل يستعدون لحفل زفاف سارين ... ارتسم علي شفتيها شبح ابتسامة ساخرة .... وكأن ليلة زفافها تعاد من جديد ... كل شئ يعاد أمام عينيها للحظة سألت نفسها سؤال لم يرد علي خاطرها ... لو أن زيدان لم يقم بتلك اللعبة هو ووالدها هل كانت لتصبح زوجة معاذ الآن ... هل أحبت معاذ لدرجة أن يصبح زوجها .... حاول عقلها تصوير صورة خيالية لها بصحبة معاذ تقف جواره ترتدي فستان زفاف أبيض ... باءت كل محاولاتها بالفشل عقلها لا يأتي سوي بصورة زيدان يقف جوارها بحلته السوداء ابتسامته الهادئة عينيها الزرقاء كالموج يهدئ حين يصفو ويثور حين يغضب .... تنهدت تبتسم ساخرة علي حالها تشعر أنها حقا باتت مثيرة للشفقة ... اجفلت علي حركة جوارها لتراه هو يأخذ طريقه لأسفل دون أن يلقي نظرة واحدة عليها ... ولما تهتم ... ربما لأن رائحة السجائر تعلق بثيابه وهي حقا ترغب فيها ... استندت علي راحة يدها تراقب من الأعلي ما يحدث لتراه يقف أمام عامل توصيل طلبات ... يأخذ منه طرد صغير ويعطيه النقود ... طرد !! ... تري ماذا اشتري ... فضول هو فقط فضول أنثي ... ترغب في أن تعرف ماذا يوجد داخل تلك العلبة المغلقة .... التفت يأخذ طريقه عائدا .. لتشيح بوجهها سريعا تنظر بعيدا وكأن الأمر بأكمله لا يعينها .... ابتسم هو ساخرا يعرف اكثر مما تظن أنها تعرف حالها ... صعد درجات السلم ليصل إليها جلس علي الدرجة التي تجلس عليها جوارها مباشرة ليبدأ في فتح الطرد ... وهي تختلس النظرات من جانب عينيها تكاد تتحرق شوقا لمعرفة ما في الداخل وهو يزيل غطاء الطرد ببطئ مرهق للأعصاب ... لحظات ووجدته يلتقط علبة غريبة الشكل ... فتحها يخرج سيجارة غريبة من المعدن عليها نقش لاسم شركة لم تستطع رؤيته جيدا .... اشغل تلك السيجارة يضعها في فمه ينفس منها دخان كثيف ... رائحته غريبة تشبة رائحة النعناع ... رائحة مشبعة ترضي ذلك الصغير الكامن في احشائها .... الآن فقط عرفت ما في الطرد ...الطرد لها وليس له ... ارتسمت ابتسامة خفيفة علي شفتيها ... تحتضن جسدها بذراعيها تشعر ببروده لا تناسب حرارة الجو تتسرب لجسدها .... ليتحرك هو تلقائيا يلصق جسده بجسدها انتفضت في جلستها تنظر له خائفة ... لينفث هو دخان كثيف في وجهها ... دخان كان كحاجز بين وجهه و وجهها ... لحظات غريبة تمر عليهم .....مزيج من مشاعر الحيرة والغضب والخوف والنفور تمتزج تقيدهم بأساور من نار تحرق القلوب .... قيود خاصة للعشق .... قاطع تلك اللحظات صوت خالد الذي صدح فجاءة يعبر عن غضبه الشديد مما يري :
- والله عال ... ايه يا حبابيي المنظر دا ... قاعدين لازقين في بعض علي السلم والبيه بيشرب سجاير ما تشيش أحسن ما هي غرزة
ابتسم زيدان ساخرا ... هب واقفا ينظر لخاله يبتسم ... في خواء مال ناحيته يهمس ساخرا :
- بنتك بتتوحم علي دخان السجاير
قالها وغادر الي أعلي بينما وقف خالد متسمرا مكانه ينظر لابنته مدهوشا لحظات طويلة قبل أن يصيح مذهولا :
- سجاير ... سجاير .... ليه حامل في مسجل خطر .... أنا عملت إيه يا ربي في دنيتي عشان ترزقني بالعيلة الهبلة دي ... هتجلطوني يا ولاد الكلب
تركها ونزل إلي أسفل لتبتسم هي ساخرة قامت تنفض الغبار عن ملابسها تأخذ طريقها لغرفة جاسر الفارغة تود أن تستريح قليلا ....
حل المساء سريعا ...تسابقت عقارب الساعة في الركض لتصل للساعة الثامنة مساءا .... كل في غرفته يستعد لزفاف عثمان وسارين ... وقفت لينا أمام مرآة الزينة تلف حجابها ابتسمت تلتقط أحدي أدوات مستحضرات التجميل التي تملكها ما كادت تقترب بها من وجهها شعرت بها تُأخذ من يدها وصوت يأتي من خلفها مباشرة :
- القمر مش محتاج لمعان فوق لمعانه
ارتسمت ابتسامة واسعة علي شفتيها كلماته أشعبت الانثي داخلها ... التفت له لتراه يقف هناك ارتدي حلته كاملة عادا رابطة العنق ... تعرف أنه يستطيع عقدها ولكنه دائما ما يتددلل حتي تعقدها هي ... استندت بكفيها علي صدره تبتسم له ابتسامة حانية سعيدة ... التحمت مقلتيها بعينيه في حديث طويل وكأن سماء عينيها اشتاقت أشد الشوق لتلتحم بصخوره الصلبة ... هو عاشق مجنون عشقها بها انطلق لعنان السماء ... وهي تعشق العاشق بكل عقده وجنونه ... قيد من حرير يلفها بالكامل ... اغمضت عينيها لحظات من الجنون العاشق تلفهم مستسلمة لطوفان عشقه الذي مهما تعلمته تبقي تلميذة لا تفقه شيئا ... اجفلت تنتفض علي صوت دقات علي باب الغرفة حاولت الابتعاد عنه وكأنه سيتم ضبطهم بالجرم المشهود ... حاولت الابتعاد ليلف ذراعه حول كتفيها يضمها لصدره التقط أنفاسه المسلوبة ... يصيح بصوت عالي لاهث :
- ايوة مين
سمع صوت أخيه يهتف متذمرا من الخارج :
- يا عم روميو سيب جوليت شوية وتعالا عايزك
سمعته يسب أخيه بصوت عالي لتتدرج وجنتيها حرجا مما قال ... ابتعدت عنه تنظر له غاضبة صدمته علي صدره تتمتم حانقة :
- قولتلك ما تشتمش
انثني جانب فمه بابتسامة ماكرة خبيثة يقرص وجنتها بخفة مال جوار أذنيها يهمس عابثا :
- طب البسي حجابك وحصليني
قالها ليبتعد خرج من الغرفة يغلق الباب خلفه لتقطب جبينها متعجبة مما يقول ... مدت يدها تتلمس حجاب رأسها لتتوسع عينيها في دهشة أين ذهب حجابها ألم تكن ترتديه توا ... حركت رأسها يآسه من حالها قبل حاله ... التقطت حجاب رأسها تشرع في ارتدائه مرة أخري ..
في غرفة جاسر حيث توجد لينا ... تحركت من الفراش تتلمس فستانها الأسود المخملي ... ينساب بنعومة مريحة ... هادئ لا يعكر صفوه الأسود اي لون آخر ... التقطت فستانها تتوجه الي المرحاض ...اغتسلت وارتدته خرجت من الغرفة تقف أمام مرآة الزينة تمشط خصلات شعرها تطلق له العنان .... ليثور مع مشاعرها الثائرة ... اجفلت تلتفت خلفها فجاءة حين انفتح الباب دون سابق إنذار وظهر صوته يقول متعجلا :
- جاسر ال....
وصمت حين سقطت مقلتيه عليها .... لؤلؤة سوداء تخطف الأنظار كيف جعلت الأسود يضئ هكذا فقط لأنها ارتدته ... سلبت أنفاسه حتي شعر برئتيه يصرخان يطالبان بالهواء ... قلبه علي وشك أن يتوقف من عنف نبضاته المتسارعة يصيح فيه أن يذهب ويعانقها والا سيكسر قفصه الصدري ويذهب هو ويعانقها ... خصلات شعرها التي تتطاير بفعل نسمات الهواء ... شرارات نار تحرق جسده تلهب قلبه ... كيف يمكنها أن تكون فاتنة اكتر وهي في الأساس فتنة ... فتنة تاه فيها ليصل لطريق التوبة .... كان يعلم أن جاسر ليس في الغرفة وانها هي من في الداخل ... رغب فقط في الاطمئنان عليها ... وليته لم يفعل ... تحركت قدميه يسير كالمسحور متوجها إليها يسير في درب لا نهاية له كل خطوة يحطوها ناحيتها للأمام يشعر بالطريق والأرض تمتد بها للخلف وكأن القدر يرفض اجتماعهم من جديد ... وقفت هي متجمدة مكانها أن كان قلبه يدق بعنف ... فقلبها تعب من الدق ... سلبت طلته أنفاسها للحظات ربما هي هرمونات تتقلب بسبب حملها الغريب .... حلته السوداء تتمزج مع قميصه الأبيض كما امتزج فستانها مع بشرتها البيضاء كالحليب نقية .... عينيه الزرقاء التي تلمع في شغف تشعر بها تضئ .... رائحة عطره التي لفتها بالكامل ما أن دخل ... والطريق بينهم يقصر وهو يسرع في خطواته ... الي أن وصل إليها وقف أمامها ... يبعده عنها خطوتين ... يعجز لسانه عن النطق يشعر به ثقيل ... لا يرغب سوي في شئ واحد فقط أن يضمها لأحضانه يغرزها في قلبه ... يحاوطها بأضلاعه قلبه يردد جملة واحدة
« يا ضلعي الأعوج عد إلي فأنا الميت الحي »
دون أن يعد التفكير من جديد سحق المسافة بينهم يعانقها يغرزها بين أحضانه ... يتنفس بعنف لم ينطق بحرف .... وهو يشعر بها ترتجف كطير صغير خائف ... طير يظن أنه سقط بين شباك الصياد ... ولكنه لا يعلم أن الصياد لا يريد له سوي الحرية ... يريده أن يراه وهو يحلق بعيدا ... ابتعد عنها بعد لحظات قليلة ... كانت أكثر من كافية ليشحذ قلبه المثقل من جديد ... مال يلتقط تلك السترة المخملية السوداء التي تغطي الذراعين يضعه علي ذراعيها يغلق أزراره
ليخرج من جيب حلته شئ وضعه في كف يدها
ومن ثم رحل .... فتحت كف يدها تنظر لما فيها لتجد قلادة صغيرة تتوسطها شكل نبضات قلب ... قربت مجسم النبضات الذهبي من عينيها لتري نقش صغير منحوت عليها جملة قصيرة
( أنتِ والنبض سيان كلاكما يبقيني حيا )
قبضت بيدها علي القلادة لا تعرف أترتديها أم لاء ...
علي صعيد آخر قريب منهم .... في غرفة لينا .. خرجت سهيلة من المرحاض بعد أن بدلت ثيابها ... لفستان فضي اللون مطرز بفصوص لامعة ... خرجت من الغرفة تنظر للفراش حين من المفترض أن جاسر نائما عليه ... قطبت جبينها متعجبة أين ذهب ... لم تدم دهشتها طويلا حين رأته يدخل من باب الغرفة ... يجفف شعره بمنشفه صغيرة ... بدل ثيابه لقميص رمادي اللون وسروال أسود ... ابتسمت ما أن رأته وعلي العكس تماما لم يرتسم حتي شبح ابتسامة علي شفتيه رماها بنظرات باردة ليتوجه لمرآة الزينة يمشط خصلات شعره ... زادت دهشتها بما فعل ....لتقترب منه وقفت خلفه تبتسم تردف مستفهمة :
- كنت فين يا جاسر أنا دخلت الأوضة لقيتك نايم ...قولت هلبس واصحيك ...إنت كويس دلوقتي
نظر لها من خلال سطح المرآة ... نظرات غريبة اخفاتها ... نظرات فارغة لم تفهمها ابتسم هو في برود يردف متهكما :
- بقالك ساعة في الحمام ... قولت اخد هدومي واروح ألبس في أوضة زيدان
حسنا جاسر به شيئا غريب هي ليست غبية لكي لا تلاحظ ذلك ... اقتربت منه خطوتين تمسك بذراعه تسأله متعجبة :
- مالك يا جاسر فيك ايه وبعدين بتكملني كدة ليه هو أنا عملتلك حاجة ضايقتك
التفت لها مد يده يبعد يدها عن ذراعه يبتسم ابتسامة باردة سخيفة يتمتم ساخرا :
- وعايزاني أكلم ست الحسن والجمال ازاي بقي اضربلك تعظيم سلام مع كل كلمة ... روحي يا سهيلة كملي لبسك ...
قالها وغادر لتقف هي تنظر في أثره مدهوشة حقا لا تعرف ما حل به
___________________
في منزل عمر السويسي ... يقف في صالة منزله يتحرك متوترا يذهب ويأتي قلبه ينتفض بين أضلاعه ابنته الصغيرة ستتزوج بعد قليل ...ستتركه سترحل ... كيف ستعيش ... تري كيف سيعاملها عثمان ... أليست صغيرة علي الزواج .. لما وافق اذا ... كان فقط يريد أن يراها سعيدة ... والآن فقط يريد رؤيتها أمامه دائما ... لا يريدها أن ترحل ابدااا .... اجفل علي صوت رنين هاتفه ليلتقطه من جيب سروال رأي رقم عثمان يضئ الشاشة ليزفر حانقا يشعر برغبة حارقة في قتل ذلك الفتي الآن فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه يغمغم متضايقا :
- ايوة يا عثمان .... لاء خلاص روح إنت .... يا ابني ما هي كدة كدة مش هتجيبها من كوافير هي بتخلص البتاع اللي بيحطوه علي وشهم دا هنا .... اه روح واحنا هنحصلك ... سلام
اغلق الخط ليرفع يده يمسد جبينه براحته يشعر بجبينه يتفصد عرقا ... اجفل علي صوت باب غرفة ابنته يُفتح ليرفع وجهه سريعا وقعت ابصاره علي تالا ... كم كانت جميلة ملامحها فستانها حجاب رأسها ... جميلة كعروس في ليلة زفافها ... عدل من وضع حلته السوداء .... ليتوجه ناحيتها يبتسم في شغف ... وقف جوارها مباشرة ليظهرا معا في المرأة الكبيرة التي تتوسط الحائط أمامها توسعت ابتسامته ينظر لانعاكسهما معا ليغمغم مبتهجا :
- ولا كأننا احنا العرسان ... أم ما كانوش شوية الشعر الأبيض اللي مضيعين شباب الواحد
تعجب حين ابتسمت منذ آخر محادثة لهما معا لم تحادثه مرة أخري ... انشعلت كثيرا بتجهيزات زفاف ابنتها .... كانت تتهرب منه وهو يعلم تركها تفكر تقرر مصير حياتهم القادم ....تنهد حائرا سيسألها الآن مهما كان قرارها سيتقبله ... التفت ما كاد يفتح فمه يود التكلم بادرت هي تقول في هدوء :
- أنا عارفة أنت عايز تقول ايه يا عمر بيبان علي وشك .. بعد فرح سارين هقولك قراري الاخير
صمتت للحظات لتبتسم في هدوء تردف :
- مش هتدخل تشوف سارين
ابتسم متوترا يحرك رأسه إيجابا ... تحرك ناحية غرفة ابنته يدق الباب سمع صوت سارة تصيح في الطارق إن يدخل ... ادار المقبض يفتح الباب ... توترت قسمات حين وقعت عينيه عليها تلك العروس الجالسة هناك هي ابنته .... طفلته الصغيرة التي كانت تحبو قبل أيام ترتدي فستان زفافها الآن .... تاج كبير مرصع يستقر فوق رأسها كأميرة وهي بالفعل أميرته .... تسمرت قدميه ينظر لها فقط يحاول بشتي الطرق ردع دموعه .... تقدم لداخل الغرفة ... لتجذب سارة تلك الفتاة التي جاءت لتضع لهما مستحضرات التجميل ... تعتذر لها بلباقة ... اقترب عمر يجذب مقعد يجلس أمام مقعد ابنته يبتسم مرتبكا ... ينظر لها لتدمع عينيه رغم محاولته المستميتة لردع دموعه ... ابتسم يردف متوترا :
- ااا .... أنا مش عارف المفروض اقول ايه ... بس صدقيني شعور بشع اوي أنك تكون أب وبنتك خلاص هتتجوز وتسيب البيت ... مش هتشوفها كل شوية مش هتسمع ضحكتها وقلبك يفرح بس لفرحتها ... سارين أن السبب الوحيد اللي خلاني أوافق علي جوازك من عثمان اني بس عايز اشوفك مبسوطة وسعيدة .... لو في يوم عثمان زعلك ولو بكلمة اوعي تخبي عليا صدقيني هتلاقيني دايما في ضهرك ... يمكن ما كنتش عارف ابقي في ضهرك زمان بس هبقي موجود دلوقتي ... صدقيني يا بنتي أنا ما عنديش في حياتي أغلي منك انتي وسارة وتالا .... انتوا حياتي كلها ...
انهمرت دموع سارين تغرق وجهها لتندفع ناحية عمر تطوق عنقه بذراعيها ... ضمها هو لصدره يشدد علي عناقها ... يشبع قلبه منها قبل أن ترحل .... لحظات طويلة قبل أن يبعدها عنه يسمح دموعها بكفيه برفق ... قبل جبينها يتمتم مبتسما :
- يلا يا حبيبتي عثمان مستنينا من بدري في بيت عمك
جذبها برفق ليعقد ذراعها في يده .... يخرج معها من الغرفة .... لتطلق تالا زغرودة عالية منذ عدة أيام وهي تتدرب عليها ... لتنجح اخيرا في إطلاق سيمفونية صوتية مزعجة للغاية
______________
توقفت سيارة عمر في منتصف فيلا حديقة فيلا خالد قرابة الساعة التاسعة والنصف تماما ... يجلس عمر بالمقدمة جواره تالا وسارة وسارين في الخلف .... نزل عمر اولا يفتح الباب لتالا اقترب يفتح الباب المجاور لابنته ليجد عثمان يقترب منهم ... بحلته السوداء ...علي وجهه ابتسامة واسعة ولكنها متوترة ... رأي عمر توتره جيدا فقط من ابتسامته ليترك له المجال ... مد عثمان يده يفتح باب السيارة المجاور لسارين لتتوسع ابتسامتها ما أن رأته بينما اختطفت هي أنفاسه ما أن وقعت عينيه عليها ... تبادلا ابتسامة عذبة عرفت طريقها للقلب قبل الشفاه مد يده يجذبها برفق من داخل السيارة جذبها لتنحني ناحيته فقبل هو جبينها .... ومن ثم الي الداخل توجها ....
في غرفة الصالون الكبيرة في فيلا خالد السويسي .... الجميع مجتمع خالد يقف جوار لينا يلف ذراعه حول خصرها ... رجل وقور بجبة وقطفان يجلس في المنتصف بين عمر وعثمان ... والكثير من المقاعد تجلس تالا جوار ابنتها ومن الناحية الأخري تجلس سارة ... علي ولبني يجلسان متجاوران علي المقعد المجاور للاريكة التي يجلس عليها عثمان ابتسامة واسعة تغطي ثغرهم كل منهم .... اما زيدان فيقف بعيدا يستند بكتفه الي عمود من كبير من الجرانيت يراقب ما يحدث ينظر لذلك المشهد امامه ليبتسم متألما ذكري قريبة كانت سعيدة وكالعادة تحطمت سعادته .... نظر حوله يبحث عنها ... أين هي ... رأي الجميع حتي سهيلة التي تجلس جوار العروس مباشرة والجاسر الواقف هناك يحتسي كوب عصير ... الجميع حاضر الا هي ... الجميع يهتم بما يحدث وهو لا يهتم الا بها ...نظر لسلم البيت ينظر له متلهفا قلقا ...لحظات قليلة ورآها تنزل بخطي بطيئة متهملة .... راقبها قلقا عليها من أن تتعثر ... رفع عينيه سريعا ينظر لجيدها يبحث عن القلادة ليبتسم ساخرا بالطبع لم ترتديها ... وقفت جوار السلم تراقب ما يحدث بابتسامة ذابلة ليستغل هو تلك الفرصة ليتقرب منها .... اقترب يتجه ناحيتها ... ليخرج السيجارة يضعها في فمه ينفث منها ببطي وقف جوارها يحاول أن يقترب منها بحذر ... الي أن بات يفصلهم فاصل صغير بالكاد يمر منه الهواء .... تنهدت ساخرة تعرف ما يفعل ولكنها لم تعد تقدر حتي علي الكلام ...
عند لينا اقتربت من خالد قطبت جبينها تهمس له قلقة :
- خالد زيدان بيشرب جنب لينا ... دا غلط عليها
ابتسم خالد ساخرا ليلتف برأسه ينظر لابنته وزيدان ليعاود النظر لزوجته لف ذراعه حول جسدها يقربها منه أكثر بتمتم متهكما :
- انتي مش عارفة بنتك بتتوحم علي السجاير
توسعت عينيها مدهوشة مما يقول ليضحك عاليا بسخرية يردف :
- الحمل اتغير عن زمان يا لينا
حل الصمت حين حمحم المأذون بهدوء ليصغي له الجميع يوجهون أنظارهم ناحية الأريكة ومن يجلس عليها .... كان الجميع يبتسم عداها هي ... كلمات المأذون وهو يعقد القران إعادتها لذكري زفافها ... أكانت ذكري سعيدة ... هي حتي لا تتذكر ... ربما وقتها لم تكن تكره زيدان كانت مخدوعة بوجهه البرئ الناعس ...اعطته نفسها قلبا وروحا ليدمر كل شئ وينتهي الحال باكتشافها لخدعته ...اجفلت مع جملة عثمان الأخيرة ( قبلت زواج موكلتك سارين عمر محمود السويسي ) .... ليبتدل المشهد بالكامل رأت زيدان يجلس مكان عثمان وعلي الجانب الآخر كان يجلس والدها وزيدان يردد نفس الجملة
( قبلت زواج موكلتك لينا خالد محمود السويسي )
لتصرخ بأعلي صوتها ترفض ما يحدث :
- لاااا لااااا .... ما توافقش .... أنا مش موافقة ... هيأذيها زي ما اذاني
صمت مخيف طغي علي المكان لتتوجه نظرات الشك والاتهام ناحية عثمان !!!! ... الذي أصفر وجهه بأي مصيبة تلقيه لينا في ليلة زفافه ... حمحم زيدان حرجا من الموقف بأكمله يحاول أن يقل شيئا يمرئ به ما فعلت ... ابتسم يقول في هدوء :
- معلش يا جماعة لينا والحمل ... أعصابها تعبانة بس شوية ... تعالي يا حبيبتي
امسك رسغ يدها يجذبها خلفه إلي المطبخ وهي
لم تعترض فقط مستسلمة لتيار الحيرة الذي يجرفها رغما عنها ... لم تكن هي الوحيدة التي يهجامها شعور الحيرة ... التخبط ... القلق ... ففي الغرفة بالأعلي ... وقفت بدور أمام مرآة زينتها تنظر لانعاكسها قلبها علي وشك ان يتوقف من عنف نبضاته .... بعد لحظات ستصبح زوجة حمزة ... هل هي حقا سعيدة راضية ترغب في تلك الزيجة ... وهل تسأل نفسها الآن .... هي راضية وهذا يكفي ويزيد لتمضي قدما ... ما يعصر قلبها ألما حقا خالد والدها ... ليست ابنته حقا ولكن ما قدمه لها طوال تلك السنوات أكثر بكثير من رابط دم لا جدوي منه عند الكثيرين في هذه الأيام .... نظرت للفراش خلفها خالد الصغير يرتدي حلته يقفز فرحا علي الفراش ... والصغيرة سيلا بفستانها الأبيض الجميل كالفراشة تركل بساقيها في الهواء ... ابتسمت تنظر لطفليها حمزة سيكون أب جيد لهما ...اجفلت من شرودها علي صوت دقات علي باب الغرفة تلاه صوته المميز :
- درة خلصتي المأذون تحت بقاله شوية ....
تسارعت أنفاسها .... ارتجف جسدها برودة قارصة تسري بأوصالها .... تشعر بأنها زيجتها الأولي حمحمت تحاول إيجاد صوتها حين عاد يتحدث من جديد :
- درة ممكن ادخل
حركت رأسها إيجابا وكأنه سيراها لتردف بصوت ضعيف متوتر لا تعرف حتي كيف التقطتته أذنيه:
- ايوة خلصت ....
لم ينتظر أدار المقبض يفتح الباب ... كان تتوقع أن تري نظرة اندهاش وانبهار علي وجهه ... لكن جل ما حدث أن رأت خضراء عينيه تلمع للحظات ليعطيها ابتسامة هادئة ... توجه ناحية الفراش يحمل الصغيرة سيلا من فوقه ... انزل خالد الصغير بخفة ليمسك بكف يده عاد ينظر لها يقول مبتسما :
- يلا بينا
التقطت أنفاسها تحرك رأسها إيجابا ... ليتقدمها يحمل سيلا علي أحد ذراعيه ويمسك خالد بيده الاخري .... نزلا في الوقت المناسب ها هي سارين تخط توقيعها علي عقد قرانها .... الكثير من أصوات الزغاريد تملئ المكان ... بينما أغلق المأذون دفتره قام ليغادر يقول مبتسما :
- زواج مبارك إن شاء الله ... عن اذنكوا
استني يا شيخنا لسه في جوازة تانية : قالها حمزة بهدوء تام لينظر خالد له غاضبا ... يرمي بدور بنظرة حارقة لتخفض رأسها أرضا تبلع لعابها الجاف خائفة ... التفت المأذون لحمزة يقول مبتسما :
- وماله يا إبني بس بسرعة ارجوكوا عشان عندي فرح تاني في 6 أكتوبر
قام عمر من مكانه ليجلس حمزة بدلا منه بينما ابتعد عثمان بمقعده عن الجمع يجلس جوار مقعد سارين يمسك بيدها يشبك أصابعه بخاصتها رفع كف يدها يقبله يبتسم سعيدا ... بينما كان يقف عمر هناك عاي صفيح ساخن يشعر بالغيرة تحرق اوصاله .... عاد المأذون لمكانه ينظر لحمزة يقول متعجبا :
- فين وكيل العروسة
هي وكيلة نفسها .... نطقها حمزة بهدوء ينظر لبدور يشير لها أن تجلس .... وقفت متجمدة للحظات لتحرك رأسها نفيا تنظر لخالد تكاد تبكي ليشيح بوجهه بعيدا غاضبا مما يحدث ... اقتربت منه تهمس ؤصوت خفيض مختنق :
- بابا عشان خاطري
لم ينظر ناحيتها ظل ينظر بعيدا ملامح وجهه متشنجة غضبا ... يرغب في صفعها بقوة ... يرغب فئ أن يضمها ويبكي .... ابتلع غصته الخانقة يغمغم ساخرا :
- لاء يا بدور ... أنا مجرد ما احط ايدي في ايده واجوزك ليه ... مش هينفع ابقي بابا تاني ... هبقئ خسرت بنتي تاني ...
امسكت بيده تحرك رأسها نفيا تنساب دموعها لتهمس بصوت خفيض باكي :
- لاء يا بابا ما تقولش كدة ... أنت هتفضل طول عمري بابا اللي رباني وكان جنبي وفي ضهري من وأنا عيلة صغيرة ... بيمنع عني كل اذي ... بيحميني ويحافظ عليا ... ما تقولش كدة ابداا .. لا أنت ابويا بالدم ولا اسمك ورا اسمي في البطاقة .... أنت أكبر من كدا وهتفضل في حياتي لآخر يوم في عمري
ابتسم متألما يحاول إخفاء دموعه لن يبكي وسط جموع الناس ابدا ... التفت لها يمد يده يمسح دموعها المتساقطة يردف بنبرة مرح باهتة :
- أنا لما قولتلك يروح قرد يجي زين الرجال ما كنش قصدي علي الراجل دا ....
ضحكت بدور حزينة تنظر له ممتنة ليتنهد يآسا ماذا يفعل ... أمسكت بكف يده تجذبه معها ليجلس علي الجانب الآخر من المأذون ...مد حمزة يده تردد للحظات قبل ان يمد يده يضعها في يد أخيه يردد بأحرف ثقيلة خلف المأذون إلي انتهوا بجملة المأذون المعتادة
( بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير )
وقف حمزة يعانق اخيه يبتسم سعيدا ليشدد خالد علي عناقه يربت علي ظهره بخفة يوصيه علي طفلته :
- خلي بالك منها ... ورحمة أبوك يا حمزة ما تزعلها ... كفاية اللي شافته من الحيوان أسامة
ابتعد حمزة عن أخيه يبتسم له مطمئنا يحرك رأسه إيجابا .... ليخطو خطاه ناحيتها وقف أمامها يبتسم في هدوء ليميل يقبل جبينها ...
شعر بارتجافتها ليبتسم سعيدا ... بينما يقف خالد يراقبهم يعلو ثغره ابتسامة حزينة يتمني فقط ... إن يكن حمزة هو العوض لها ....
دقائق وخرج الجميع الي الحديقة المزينة .... عثمان يجلس جوار سارين في ( الكوشة ) المزينة لهما .... عدة طاولات لباقي أفراد العائلة ... زفاف عائلي لم يكن به الكثير ... اقتربت الكاميرا من عثمان الذي مال ناحية إذن سارين يردف مبتسما :
- مبسوطة
حركت رأسها إيجابا سريعا تبتسم بتوسع تردف متحمسة :
- اوي اوي ... بجد الفرح جميل ... بس غريب اوي اللي لينا عملته
تنهد حائرا يحرك رأسه إيجابا هو الآخر تعجب مما فعلت عاد ينظر لها يهمس مبتسما :
- فعلا ... بس زيدان بيقول أعصابها من الحمل ... عقبال لما أعصابك تتعب زيها
غمزها بطرف عينيه لتحمر وجنتيها خجلا تصدمه علي كتفه تتمتم غاضبة :
- علي فكرة إنت قليل الادي وأنا مش هتجوز واحد قليل الأدب اتفضل طلقني حالا
تعالت ضحكاته تشق المكان ... لتبتسم لبني تلقائيا وهي تستمع لضحكات طفلها ... بينما اقترب هو برأسه منها تنهد يردف حذرا :
- اكيد نفسك ترقصي مش كدة
نظرت له تبتسم في رفق لتحرك رأسها نفيا ... صحيح أن في تلك اللحظة تحديدا مر امام عينيها مشهده وهو يراقص تلك الحية ليلا ... ليشتعل قلبها حزنا الا أنها حركت رأسها نفيا تقول ببساطة مبتسمة :
- أنا اصلا ما بعرفش ارقص وما بحبش الرقص ...
ابتسم من جديد ليميل يقبل جبينها يتحدثات معا في حياتهما القادمة
انهت كوب العصير الثاني الذي جلبه لها منذ أن دخلا الي المطبخ وهي تجلس علي الطاولة ترتجف بعنف مخيف ... خاف من أن يقترب منها فتزداد حالتها سوءا .... ليجلب لها كوب عصير أناناس يعرف أنها تحبه ... وهل هناك شئ تحبه او تكرهه وهو لا يعرفه .. امسكت الكوب بايدي مرتعشة ترتشف منه بشراهة وكأنها كانت تركض فئ صحراء لا نهاية لها ... ليعاود ملئه من جديد ... لترتشفه من جديد .... تنهد حزينا علي حالها ليجلس علي ركبتيه أمامها ابتسم يقول مترفقا :
- انتي اللي بتعذبي نفسك ... صدقيني الفرصة دي هتفيدك هتخلصك من الحيرة والعذاب اللي عايشة فيهم ... حبنا ما يستاهلش فرصة تانية ... حياتنا ... اللي في بطنك ما يستاهلش أنه يعيش حياة طبيعية بين أب وأم بيحبوا بعض .... صدقيني يا لينا ...أنتي محتاجة الفرصة دي
لم تجبه فقط نظرت له ناقمة غاضبة ... ليقم هو من مكانه ينفض الغبار عن ملابسه ...
علي صعيد آخر ... سارة تجلس علي طاولة قريبة من ( كوشة )العروسين تنظر لهما تبتسم سعيدة ... تتخيل نفسها هي الاخري ترتدي فستان زفاف أبيض ولكن تري من هو العريس ..... اجفلت عند تلك الفكرة تحديدا حين شعرت بأحدهم يجلس جوارها وصوته الذي تعرفه جيدا يقول :
- هيييح وتينة غصة الافنان باسقة ... قالت لأترابها والصيف يحتضرُ ...
نظرت جوارها سريعا مدهوشة لتراه ذلك الطبيب المجنون حسام يتأنق بحلة باهظة الثمن يجلس علي مقعد مجاور لها متي اتي وكيف لا أحد يعلم ... ومنذ متي وهي تعلم ... دائما ما يظهر في حياتها فجاءة اجفلت من شرودها للمرة الثانية حين مد يريد مصافحتها يقول مبتسما فئ اتساع :
- بخيت مهيطل رجل أعمال ...
طريقته وهو يقولها جعلتها تنفجر في الضحك وضعت يدها علي فمها تكبح ضحكاتها ... بينما توسعت ابتسامته يشعر بقلبه يطرب فرحا لضحكاتها .... مال ناحيتها قليلا يغمزها بطرف عينيه اليسري يغمغم في مرح يحمل خلفه الكثير :
- أنتي مش عايزة تطلي بالأبيض بقي يا زهرة نيسان
تخضبت وجنتيها خجلا .... خرجت منها ضحكة خفيفة لتحرك رأسها نفيا تقول بامتعاض :
- لاء
استفزه ردها كثيرا ومع ذلك لم يغضب هو ليس بالشخصية سريعة الغضب ... مهنته كطبيب عملته جيدا كيف يضع أعصابه في ثلاجة باردة ... مال ناحيتها من جديد يغمغم ساخرا :
- طب طلي بالأسود يا زهرة البنتجان
كانت طرفة سخيفة ولكنها انفجرت في الضحك .... ضحكات عالية تردد صداها ... ليلتف عمر برأسه ينظر لها غاضبا ... اخفت ضحكاتها سريعا تضع يدها علي فمها تنظر لوالدها متوترة ... ترك عمر الجمع الصغير الذي يقف فيه ليقترب ناحيتها يرميها بنظرات غاضبة حانقة ما كاد يقترب ناحيتها وقف حسام سريعا يقف حاجزا بينهما مال ناحية عمه يغمغم بصوت خفيض مرح :
- بنتك ضحكتها عايزة كاتم للصوت فأنا رأيي أن تقتلها قبل ما تفضحكوا ... او تجوزهالي قبل ما افضحكوا أنا
توسعت عيني عمر في دهشة ينظر للواقف أمامه في صدمة الجمت لسانه عن الكلام ... لحظات وجذب يده بعيدا عن ابنته قبض علي ذراعه يهمس له غاضبا :
- اسمع ياض يا ابن خالد ...أنا صحيح لسه مش عارف أنت ابنه ازاي ... بس حركات ابوك دي مش عليا ... أنا لسه مجوز سارين النهاردة وأنت جاي عايز تتجوز سارة إنت كمان النهاردة
ابتسم حسام في توسع يغمغم ببساطة :
- بكرة طيب اجيلك بكرة ولو يومك النهاردة مزحوم
أحمر وجه عمر غضبا ينظر للواقف أمامه حانقا :
- نفس حركات ابوك المستفزة ... لا النهاردة ولا بكرة ولا السنة الجاية ... ما عنديش بنات للجواز
وهنا فقط هنا تخلي طبيب المحترم واطلق العنان لذلك الشرس بداخله امتعضت ملامحه غضبا ليهمس بصوا غاضب محترق :
- ليه يا عمي .... يعني ترفضني أنا وتقبل عيل من العيال التوتو ... دا أنا حتي ابن عمها والدم عمره ما يبقي ماية ... دا حجا اولي بلحم طوره يا جدع
نظر عمر مشمئزا ليتمتم بقرف :
- طوره وجدع ... لاء لاسع فعلا واخد أبوك كربونة
بابا تعالا يلا عشان نتصور أنا وأنت وماما .... جاء صوت ابنته العالي من عند ( الكوشة ) ليلتفت لها يبتسم في اتساع يحرك رأسه إيجابا عاود النظر لحسام ليقبض علي تلابيب ملابسه يهمس له محتدا :
- ولا علي الله اشوفك جنب سارة تاني هقول لابوك يعلقك ... عيال تقرف
قالها ليغادر سريعا متجها لابنته ... ليبتسم حسام في اتساع يدس يديه في جيب سرواله يتمتم ساخرا :
- مشي من غير ما يقولي الفرح امتي
اخذ طريقه عائدا الي طاولة سارة ليعاود الجلوس عليها من جديد تنهد بحرارة يردف :
- هيييح وتينة غصة الافنان باسقة ... قالت لأترابها والصيف يحتضرُ ... قولتيلي بقي مش عايزة تطلي بالأبيض ليه يا زهرة نيسان
التفت تنظر ناحيته غاضبة لتبتسم ببلاهة وتتسع ابتسامته اكثر ... رفع حاجبه الايسر مستهجنا ما فعلت ليلاحظ أنها تنظر خلفه مباشرة ... التفت خلفه ليري شاب يبدو في العشرينات لا ينكر أنه وسيم طويل القامة التفت ينظر لها حانقا حين سمع تنهيدتها الحارة .... بسط راحته أسفل ذقنه يتمتم ساخرا :
- ودا مين دا بقي يا حبيبتي توم كروز
عادت تتنهد من جديد تبتسم بحالمية ... نست او ربما تناست الجالس بجانبها لتطلق العنان للسانها تخرج ما يجيش بقلبها :
- هيييح دا غيث ابن عمتو ياسمين وعمو فارس ... كان مسافر لندن ولسه جاي امبارح ... بس ايه مز اوي طويل كدة وعنده عضلات وشعره بني ... وتنك تناكة ما بيتكلمش اكتر من كلمتين و.......
صمتت تماما تفغر فاهها علي آخره حين ادركت مع من تتحدث هي نظرت لها وجهها اصفر من الصدمة لترتسم ابتسامة ساخرة علي شفتيه يردف مستهجنا :
- ما تكملي وقفتي ليه ما انتي بتكلمي سوسن صاحبتك .... أما ربيتك يا سارة
القي وعيده الأخير ... ليتركها ويغادر يبدأ التجول بين أنحاء الحفل ... بينما هناك كالصقر أعين تراقب في هدوء كل ما يحدث .... جميع من في الزفاف هو يعرفهم الا ذلك الشاب ... ذلك الفتي به شبه ملحوظ من زوج ابنتها .... يتعامل باريحيه شديدة في المكان ... وكأنه مالكه ....محادثته السرية مع عمر بعيدا ... حركات وتعابير وجهه وهو يتحدث مع سارة تشبه حركات خالد لحد كبير .... غيث هنا ذراعه الأيمن جاء ... اشار جاسم له ليقترب غيث منه يميل برأسه ناحيته يهمس له بخفوت :
- خير يا جدي
اشار جاسم الي حسام الذي يتحرك هنا وهناك ... ليعاود النظر لغيث يأمره في حدة :
- شايف الواد دا ... عايز في أسرع وقت كل المعلومات عنه قصة حياته ... الحاجات اللي هو نفسه ما يعرفهاش عن نفسه ... ودي مش حاجة صعبة عليك اعتقد
حرك غيث رأسه إيجابا سريعا يعاود النظر للرجل ....
في تلك اللحظات خرجت لينا وزيدان يمسك بيدها .... ابتسمت والدتها سعيدة تدعو في نفسها أن يكونا تصالحا ... بينما ارتاب خالد يشعر بأمر خاطئ ... هل حقا سامحت ابنته !!
دون حديث توجه زيدان بصحبة لينا إلي منتصف ساحة الرقص ... جعلها تلف ذراعيها حول عنقه ليطوق خصرها بذراعيها يتحرك معها علي أنعام الموسيقي الهادئة تغمض عينيها راحة قصيرة من صراعها الدائم ... الجميع ينظر لهم يبتسم حتي العروسان ... غصة عصفت بقلب عثمان وهو يتخيل نفسه مكان زيدان وسارين مكان لينا .... يراقصها
جذب خالد زوجته الي ساحة الرقص ... ليكن قريبا من ابنته .... نظر لزيدان قلقا ليقابله الأخير بنظرة هادئة يطمئنه ...
اسندت لينا رأسها علي كتف زيدان كأنها تلقي ما بها من خوف عليه ...وهو لن يعترض ... تفكر ... هي لم تخبره أنها وافقت علي إعطائه فرصة أخري جل ما قالته جملة غريبة ليست مناسبة بأي حال من الأحوال :
- أنا عايزة ارقص
بالرغم من أنها جملة غريبة الا أنه تنهد يآسا يحرك رأسه إيجابا ...ليصطحبها للخارج ..... كان غارق في عالمه معها يُمني نفسه بأنها خطوة جيدة في طريق مسامحتها له .... فتح عينيه مصادفة ينظر لباب المنزل ليقف متجمدا مكانه ينظر لذلك الذي دخل للتو علي وجهه ابتسامة واسعة مستفزة .... تعالت دقاته الغاضبة .... لتبتعد هي عنه متعجبة مما فعل ... لاحظت غضبه لتنظر الي ما ينظر ... معاذ جاء كيف نست أنه سيأتي .... زيدان لن يدع الأمر بخير ابدا ... التفت هو لها في تلك اللحظة يرميها بنظرات نارية حارقة شد علي أسنانه يسألها محتدا :
- مين اللي عزمه ... ايه اللي جابه
صمتت للحظات لا تعرف بما تجيب التقطت أنفاسها تخفض رأسها أرضا بلعت لعابها الجاف تهمس بكلمة واحدة :
- أنا
طعنة من خنجر مسموم أصابت قلبه نيران التحمت بأوصاله هي من فعلت ... قبض علي ذراعيها يصرخ بكل ما يعتري قلبه من غضب :
- أنتي .... لييييييييه ..... ليييبيييه ..... عايزة ايه تاني ... اعملك ايييييييييه .... كل مرة بقول همشي وبرجع ... همشي وبرجع ... عشان
أنا بحبك ما قدرتش في حياتي غير اني أحبك بكل ذرة في روحي ..... ليييييه ... هفضل اتعذب لحد أمتي ....
اندفع خالد يجذب زيدان بعنف بعيدا عنها يصرخ فيه غاضبا :
- أنت اتجننت يا زيدان أبعد عنها
وهنا بلغ الغضب بزيدان مبلغه .... شعر برأسه تفور من الغضب وكأن حمم تشتعل بها ليصرخ بأعلي صوته :
- أنا فعلا هبعد ... هبعد خالص .... انتي طالق يا لينا
أنتِ طالق يا لينا ....
كلمة تردد صداها في أرجاء المكان ... كلمة كانت كصاعقة حل بها صمت مخيف طغي علي الجميع ..... الجميع صامت مذهول وكأن علي رؤوسهم الطير .... تتوجه أنظارهم جميعا ناحية ساحة الرقص ينظرون لما يحدث بدهشة عقدت ألسنة الجميع عن النطق بحرف ... زيدان طلق لينا .... الجميع يعرف أنه العاشق لزوجته ... زواجهم لم يكمل عدة أشهر ... كانت ترقص بين أحضانه قبل لحظات والآن طلقها .... كيف يحدث ذلك ... جحظت عيني لينا للحظات طويلة يملئها الذهول ... الصدمة ... لا تصدق أنه نطقها .... طلقها .... أخذت حريتها التي إرادتها ولكن لا تعرف لما في تلك اللحظات رغبت وبشدة في أن تعد لقيد عشقه الخاص ... قيد من حرير يلف قلبها ... قيد لا يؤذي بل يحمي ... حين رفعت وجهها تلاقت عينيها بعيني ذلك الواقف ... استطاعت أن تري حدقتيه تصرخ ألما بينما كانت ملامحه جامدة فارغة ..... صدره يعلو ويهبط بسرعة يبدو أنها يحاول بإستماتة كبح جماح غضبه ... يكور قبضته يشد عليها .... لحظات ورأته يرفع سبابته يشهرها أمام وجهه وسمعت نبرة صوته الحادة المعذبة :
- من أول نفس لآخر نفس في علاقتنا وأنا دايما بدي وما كنتش مستني إني أخد مقابل كان يرضيني ويسعدني ضحكتك بس ضحكتك .... أنا دايما مستعد أتنازل عن كل حاجة عشان خاطرك ... انما انتي ما اتنازلتيش حتي عن فرصة تانية.... فرصة واحدة ... استكرتيها عليها ... وما استكرتش عليكي عمري كله .... من اللحظة دي انتي برة حياتي لو هموت مش هتدخليها تاني ... كفاية اوي كدة .... عن إذنك ... يا بنت خالي
قالها ليوليها ظهره ويلتفت يغادر المكان بأكمله صاح حسام باسمه قلقا ليلحق به ... وقف الجميع ينظرون لها باسي مسكينة لينا .... يبدو أن شرخا حادا حدث في علاقتها بزيدان ... ولكن يا تري ما حدث .... هرولت لينا ناحية ابنتها تعانقها لتقف الأخيرة متجمدة بين ذراعي والدتها لم تزرف دمعة واحدة ... فقط جامدة كتمثال من حجر .... ليظهر علي مرمي بصرها معاذ وهو يرحل هو الآخر ... نظر لها حزينا مشفقا علي حالها ليغادر بعدها ... الوقت ليس بملائم علي اي حال ليطلب ما يريد ... نقلت انظارها هنا وهنا وهناك تنظر لجموع الناس التي تنظر لها مشفقة حزينة ... نظرت لجاسر تستجديه بنظراتها أن يقترب منها ... ليفهم هو حالها اقترب منها لتبتعد عن أحضان والدتها تلجئ لصدره تتشبث بقميصه كأن طوق نجلتها الوحيد في الدنيا ... دفنت وجهها في صدره بأحرف ضعيفة مبعثرة خرجت من بين شفتيها :
- أنا عايزة أنام يا جاسر ... عايزة أنام
دون كلمة اخري رفعها بين ذراعيه يتجه بها لداخل المنزل تلحقه سهيلة ولينا يهرولان خلفه ... وقف خالد مكانه يتحايل علي نفسه أنه صامد وهو علي شفي الانهيار ....ليس من الهين عليه ما يحدث ... وكأن الدنيا بأكملها تعانده .... رفع وجهه يبحث عن عون عن يد أحدهم تشد من ازره تواسيه .... أين محمد في تلك اللحظات .... من سيشد من ازره الآن ويخبره بجملته المعتادة ( اجمد يا خالد ) .... اجفل علي يد توضع علي كتفه نظر جواره سريعا متلهفا ليبتسم كطفل صغير رأي ابيه حين وجد صديقه يقف جواره يشد علي كتفه بقبضته يهمس له بصوت خفيض حتي لا يسمعهم أحد ( اجمد يا صاحبي أنت اجمد من أنك تقع دلوقتي )
اغمض عينيه يحرك رأسه إيجابا ... ارتسمت علي شفتيه شبح ابتسامة شاحبة .... ما حدث في الزفاف جعلهم ينهوا الأمر سريعا استقلت سارين سيارة والدها جوارها عثمان وفي الإمام والديها ... وسارة ذهبت مع علي ولبني ... ما إن بدأ الجميع في الرحيل توجه هو الي غرفة مكتبه يغلق الباب عليه من الداخل تهاوي علي اريكة كبيرة في الغرفة يخفي وجهه بين كفيه لم يستطع السيطرة علي دموعه فانسابت بعنف تغرق وجهه لحظات وبدأت تعلو شهقاته ... وضع يده علي فمه يمنع صوت بكائه ... قلبه يتفتت لما يجب أن تلاقي ابنته كل ذلك العذاب .... لما لا ينتهي الأمر فقط بسلام وتعد لزوجها وتستقر بينهما الحياة ... لما عليها أن تلاقي العذاب ... وزيدان هو علي اتم ثقة الآن أن قلبه يتجرع العذاب كأسا ...يعرف كم يحبها ... الحياة لا تتوقف عن تلقينه دروسا كل منهم أشد قسوة من الآخر ... قام من مكانه متوجها ناحية مكتبه يخرج من درجه الاول دفتر صور كبير اخذه وعاد للأريكة .... يفتحه يتصفح أوراقه ينظر للصور فيه توقف عند صورة ما للينا وهي تحمل الصغيرة ... كلتاهما يضحكان .... الكثير من الصور لهما ... بين صفحات المجلد ... ارتسمت ابتسامة شاحبة معذبة على شفتيه من يصدق أن تلك الصغيرة صاحبة الابتسامة البريئة ستلاقي كل تلك المعاناة ... اجفل علي صوت الباب حين انفتح ودخل محمد ... توجه يجلس جواره يتنهد حزينا علي حال صديقه ... مد يده يربت علي كتفه يقول مبتسما :
- أنا ظبطت الدنيا برة ما تقلقش ... ياسمين كانت عايزة تدخل تشوفك بس أنا قولتلها انك تعبان دلوقتي ... ما فضلش غير جاسم وغيث برة ...
حرك رأسه إيجابا ومحمد يتحدث يخبره ما حدث بالخارج وهو في عالم آخر شارد تماما ... يحرك رأسه بآلية مخيفة وكأن عقله انفصل عن جسده وفر هاربا ... لم يخرجه من بحر معاناته سوي يد صديقه الذي جذبه يعانقه ليتمسك به يبكي وينتحب كطفل صغير خائف تتعالي شهقاته :
- أنا ما كنتش عايز يحصل فيها كدة .... لو اعرف انها هتتعذب كدة ما كنتش جوزتهم ... والله ما كنت جوزتهم .... أنا حاسس اني هموت يا محمد ما بقتش مستحمل المشاكل اللي نازلة علي دماغي من كل حتة ... تعبت هو أنا مش مكتبولي ارتاح ...
ابعده صديقه عنه يمسك بذراعيه بعنف يشد عليه يحادثه محتدا :
- مالك يا خالد من امتي وأنت ضعيف كدة ... ولا كبرت وعجزت ... كان بيقع علي دماغك اكتر من كدة ألف مرة ... فاكر مرة عربيتك اتسرقت واتحولت للتحقيق بسبب أنك غبت شهر وما حدش عارف عنك حاجة والحاجة زينب كانت مقطاعك .... ومش لاقي لينا .... وأبوك كان طاردك من البيت حرفيا ... فاكر لما اتقابلنا قولتلي ايه
خرجت ضحكة خفيفة من شفتي خالد رغما عنه حين تذكر ذلك الموقف ليتمتم من بين ضحكاته :
- عايز اكل رز وبطاطس
ما إن نطقها انفجر محمد في الضحك يتذكر ذلك الموقف القديم لحظات ووجد خالد نفسه ينخرط هو الآخر في الضحك ... حين تذكر تعابير صديقه في ذلك الموقف القديم حين أخبره صارخا
(رز وبطاطس ياللي ما عندكش ريحة الدم .... دا أنت مطرود من كل حتة وتقولي رز وبطاطس من غير ما تطلب معاهم كفتة )
ادمعت عينيه من كثرة الضحك ليمد يده يمسح ما سقط من دموعه يا لها من ذكريات مشرفة في حياته .... تنهد تعبا يمسح وجهه بكف يده يغمغم تعبا :
- يا ريتنا ما كبرنا يا أخي ... طول ما هي المشاكل علي دماغي بتحصلي أنا .... كنت بعديها ... إنما لما تبقي عند مراتي وبنتي بحس ان ضهري بيتكسر عشان ما عرفتش احميهم ... ما عرفتش ابعد عنهم المشاكل ....
اعتدل محمد في جلسته يربت علي ساق صديقه يردف في هدوء :
- ما حدش ما عندوش مشاكل يا صاحبي أنت ما تقدرش تمنع عنهم المشاكل مهما عملت ... صدقني هي بتبقي فترة الخيوط كلها بتتعقد وبعدين بتلاقي كل حاجة بتتحل لوحدها ... صحيح عملت ايه مع شهد
التفت برأسه لصديقه زفر أنفاسه يحرك رأسه إيجابا يردف تعبا مهموما :
- عرضت التحاليل بتاعتها علي مستشفي كبيرة في لندن ... وخليت حسام يجبلي الباسور بتاعها علي اساس اني هاخدها ونسافر نتفسح ... واديني اهو بتواصل مع المستشفى عشان يحددولنا ميعاد للسفر ... أنا ناوي اطلقها بعد ما تعمل العملية علي الأقل ابقي كفرت جزء من غلطتي في حقها
ابتسم محمد بهدوء يشجعه ليعتدل سريعا في جلسته يحاول تحفيزه :
- طب كويس جدا اهو ... وبعدين زيدان ولينا شباب وطايشين ... وانت سيد العارفين يومين تلاتة وحالهم هيتصلح ويرجعوا لبعض ... ما تكبرش المواضيع يا صاحبي ... حاول تاخدها ببساطة ... بقولك ايه تعالا ناكل رز وبطاطس
ابتسم خالد ساخرا لا يعرف أيسخر من حديث صديقه أم من نفسه علي ما يحدث له
________________
في الخارج جلس غيث جوار جاسم في صمت تام اقترب غيث من جاسم يهمس له متعجبا :
- ايه اللي حصل دا يا جدي
احتدت عيني جاسم ينظر للفراغ غاضبا ليتمتم محتدا :
- أنا واثق أن في كارثة حصلت بين لينا وزيدان ... والا ما كنش طلقها كدة وسط الناس .... أكيد في حاجة كبيرة حصلت ... والاكيد بردوا أن رفعت ليه ايد في اللي حصل
توسعت عيني غيث في دهشة يتمتم مذهولا :
- رفعت !!! ... لا يا جدي ما افتكرش ابداا ... زيدان حفيده هو أكيد مش هيأذي حفيده
ابتسم جاسم ساخرا .... لا أحد يعلم الي مدي يمكن أن تصل حقارة رفعت سواه هو .... التفت برأسه لغيث يتمتم آمرا :
- سيبلي موضوع رفعت دا أنا هعرفه ... أنت بكرة مسافر مع جاسر ... عايزك تاخد بالك كويس من صبا احسن الواد دا يرجع يلف عليها تاني ... وتجبلي المعلومات اللي طلبتها منك عن اللي اسمه حسام دا
ابتسم غيث في ثقة يحرك رأسه إيجابا ...
صعودا الي أعلي .... في غرفة لينا السويسي ... وضع جاسر لينا علي فراشها لتحضتن جسدها بذراعيها تضم ركبتيها لصدرها ترتجف ... جسدها يهتز بعنف رغم ذلك لم يسقط من عينيها دمعة واحدة حتي أن جاسر صرخ فيها خائفا عليها :
- لينا عيطي ما تعمليش كدة في نفسك هيجرالك حاجة
حركت رأسها نفيا بعنف ترتجف تتنفس بعنف ... اقترب والدتها منها تأخذها بين أحضانها تتساقط دموعها هي تحادثها بهمس حزين :
- اهدي يا لوليتا ... خلاص ... الموضوع من الأول كان غلط ... وخلاص خلص ما تعمليش في نفسك كدة عشان اللي في بطنك حتي أنتي كدة بتأذيه ...وبتأذي نفسك
ابعدت نفسها عن أحضان والدتها تعود بجسدها للخلف لترتمي علي وسادتها من جديد ... اغمضت عينيها تهمس بصوت خفيض مبحوح :
- اخرجوا برة
حركت لينا رأسها نفيا .... ترفض حتي فكرة الابتعاد عن ابنتها وهي في تلك الحالة لتفتح لينا عيناها ارتفع صوتها قليلا تهتف محتدة :
- اخرجي برة .. كلكوا برة ... مش عايزة اشوف حد ....برة
حركت لينا رأسها نفيا حاولت احتضان ابنتها من جديد لتدفعها لينا بعيدا عنها تنظر لها محتدة غاضبة ...لتشعر بيد جاسر تقبض علي يدها يجذبها للخارج وصوته يقول :
- تعالي يا عمتي ... معلش سيبيها لوحدها دلوقتي
تعلقت عينيها بابنتها الي أن خرجت من الغرفة ليغلق جاسر الباب من الخارج ... في تلك اللحظات تحديدا سمحت لفضيان دموعها بالانهمار ... تبكي بلا توقف تدفن وجهها في الوسادة .... كانت تظن انها ما أن تحصل علي ما أرادت أنها ستكون سعيدة اذا لما تشعر بسهم من نار يخترق قلبها يحرق اوصالها تشنج جسدها تعالت شهقاتها تغرق وجهها في الوسادة لن يفهموا ابدا ما تشعر به ... تريد مسامحته قربه ... ولكن تبقي تلك الذكري البشعة عائقا ... كسد من نار يمنعها من الاقتراب خطوة واحدة تذكرت وكيف تنسي مر المشهد أمامها سريعا
Flash back
كانت في غرفتها تمشط خصلات شعرها تقف أمام المرآه يعلو ثغرها ابتسامة سعيدة واسعة لا تصدق انها تعيش تلك اللحظات السعيدة ... يكفئ أن زيدان كسر حاجز خوفها من الناس يمكنها الآن أن تعيش حياتها دون رهبة .... بعد أن كتبت رسالتها ... اليوم ستعترف له بحبها اجفلت تسقط من غيمتها الوردية حين سمعت صوته يصدح كالرعد من الخارج
- لولياااااااااااا .... لولياااااااا
خرجت فزعة علي صوته الغاضب كانت تشمط خصلات شعرها تركت المشط من يدها تهرول الخارج قطبت جبينها قلقة ما أن راته بلعت لعابها تسأله بحذر :
- زيدان أنت طلعت ليه أنا لسه ما اتصلتش بيك .... زيدان مالك يا زيدان أنت كويس
انتفض قلبها خوفا تعود للخلف بحذر حين رأته ينظر لها بتلك الطريقة كأنه حيوان مفترس وجد فريسته للتو ....تأكدت في تلك اللحظة أن به شئ خاطي هرولت الي الغرفة تحاول إغلاق بابها لتصرخ فزعة حين دفع الباب من الخارج بعنف ... دخل الي الغرفة يقف حائلا بينها وبين الباب ابتسم في توسع إبتسامة شيطانية يردف بتلذذ :
- لوليا ..... بحبك
ابتلعت لعابها تضاربت دقات قلبها تنظر له مذعورة تحركت تبتعد عنه تعود للخلف تهمس متلجلجة فزعة :
- زيدان مالك يا زيدان ... زيدان ما تبصليش كدة إنت بتخوفني
شهقت فزعة تعود بخطواتها للخلف وهو يقترب للأمام يترنح بخطواته ...يبتسم في خبث مخيف ... شهقت مذعورة حين ارتطم جسدها بالحائط خلفه وباتت بين المطرقة والسندان .... انسابت دموعها تحرك رأسها نفيا هي حتي لا تفهم ما به لما يفعل ذلك .... خاصة وأنه ظل يقترب الي أن احتجزتها بجسدها يمنعها من الفرار مد يده يلف خصلة من شعرها حول يده بقربها من أنفه اشتمها ابتسم في اتساع يتمتم في خبث مخيف :
- ريحة شعرك حلوة أوي ... زي الياسمين ... أنتي عارفة أن الياسمين لونه ابيض جميل بس حرام بيدبل علي طول
جذب شعرها بعنف لتطلق صرخة متألمة ... بينما تعالت ضحكاته هو يقبض بكفه علي رقبتها توسعت عينيها تهمس بصوت مختنق بالكاد يسمع
« زيدان لا يا زيدان .... ارحمني أنا لينا ... لينا حبيبتك
صفعة قوية نزلت علي وجهها من كف يدها ... ليقبض علي خصلات شعرها يضحك كالمجانين :
- حبيبتي تؤتؤتؤ انتي جارية عندي ... عشان مزاجي ... اعمل فيكي اللي أنا عاوزه .... صرخي زي ما تحبي .... ما حدش هياخدك من ايدي ابدا »
Back
وبعدها كان اسوء ما عاشته يوما ... كيف يريد منها السماح لما يلومها الجميع .... لم يتعذب أحد بقدرها ... هي تعرف أنه لم يكن يعي بما يفعل ولكنها كانت ... هل ذنبها أنها كانت واعية ... انتفضت فجاءة تجلس علي فراشها تلمع عينيها بالدموع وسط ظلام الغرفة تنظر للفراغ تتمتم متوعدة :
- يا أنا يا أنت يا زيدان زي ما دبحتني وعشت في دور المظلوم البرئ جه دوري أنا كمان اعيش في دور المظلومة البريئة وأخد حقي منك ....
____________________
في الخارج في غرفة مايا .... جلست جوار نافذة غرفتها تنظر للحديقة العمال يتحركون هنا وهناك سريعا ... يضبون معداتهم ليرحلوا بينما جلست هي تراقب بأعين خاوية من الحياة ... قبل قليل كانت تجلس وحيدة علي أحد المقاعد البعيدة في الحفلة تنظر للجمع حولها بنظرات فارغة خاوية من الحياة والدها أين هو ... ها هو هناك يقف بين اعمامها يتحدثون ....أين عروس والدها اذا ... ها هي تجلس جوار لينا زوجة عمها كل منهن تحمل طفل علي قدميها ... هي الوحيدة المنبوذة بين الجميع مر أمام عينيها في تلك اللحظات مشاهد عدة كثيرة لادهم في حياتها
( تسمحلي اختي حبيبتي بالرقصة دي
لحد ما الحفلة تخلص والناس تمشي لا أنا ولا انتي هنتحرك من هنا ... عشان تبقي تلبسي فستان عريان تاني
يا بنتي كفاية هدوم بقي انتي حاطة هدومك في دولابك ودولابي )
انسابت دموعها تتذكره دائما كان يملئ حياتها مع كل نفس تتنفسه كان تتشارك معه فيه ... مدت يدها تمسك بهاتفها بأصابع مرتعشة طلبت رقمه تضع الهاتف علي اذنها لا تعرف حتي لما تفعل ذلك ... كادت أن تغلق الخط ... حين سمعت صوته المتلهف يأتي من الجانب الآخر :
- الو ... ايوة يا مايا ... انتي كويسة حصل حاجة ... بابا كويس طمنيني عليكوا ... الو مايا انتي سمعاني .... الو
انسابت دموعها تقبض علي الهاتف في يدها بعنف لتغلق الخط فجاءة .... اسندت رأسها الي حافة شرفة غرفتها تنساب دموعها تفكر في حياتها القادمة .... والدها وها هو تزوج ...هل سيهملها بعد ذلك ... سينشغل بعروسه عنها .... لتبقي هي وحيدة منبوذة كما كانت دائما لولا وجوده في حياتها لظنت أن الجميع يكرهها .... اجفلت من شرودها علي صوت دقات هاتفها بنغمة رسالة .... فتحت الرسالة لتجدها منه كتب فيها
( مايا انتي كويسة طمنيني عليكوا أن شاء الله بجملة واحدة .... ما تسنبيش كدة ... هموت من القلق ... ارجوكي يا مايا )
تسارعت دقات قلبها وهي تحرك أصابعها علي لوحة الاحرف في هاتفها ... لتبعث له
( بابا اتجوز النهاردة )
لحظات واتاها الرد منه ابتسمت ساخرة حين قرأت ما بعث لها
( .. مبروك عقبال البكاري )
ضحكت ساخرة علي ما كتب لترد عليه برسالة ساخرة تقطر ألما
( ما أنت البكاري ولا نسيت )
تأخر في الرد بضع دقائق لتبتسم ساخرة ... لحظات واختفت ابتسامتها حين وصلها رده
( أنا أدهم وحيد سليمان ... يا آنسة مايا حمزة السويسي .... أدهم اللي والدك عرض عليه تمن مساعدته لبنتك ... نسيه لدرجة أنه عامله علي أنه راجل غريب وعايز يديله فلوس ..تمن مساعدته )
توسعت عينيها في دهشة تنظر لما كتب في الرسالة ... هل فعل والدها ذلك حقا ... لم تكن تعرف أن والدها بتلك القسوة قبلا
______________
في غرفة جاسر وسهيلة .... دخل جاسر الي غرفته لتدخل سهيلة خلفه تنظر له متعجبة مدهوشة ماذا حل به ماذا فعلت له ليعاملها بتلك الطريقة .... حين دخلت الي الغرفة رماها بنظرة ساخرة نافرة توجه الي المرحاض لتعترض طريقه قطبت جبينها متعجبة تسأله مذهولة :
- في ايه يا جاسر ايه اللي حصل أنت بتعاملني كدا لييه ... هو أنا عملت إيه .... فجاءة بقيت بتكرهني .... مش طايقني .... أنا عايزة اعرف أنا عملت ايييه عشان تكرهني فجاءة كدة
ابتسم ساخرا ليكتف ذراعيه امام صدره يرميها بنظرات كارهة ساخرة يتمتم متهكما :
- طب كويس أنك فهمتي أن أنا مش طايقك ... كنت فاكرك اغبي من كدة بصراحة ... اوعي بقي من وشي خليني ادخل الحمام
توسعت عينيها علي آخرهما صدمة تعجز عن فمهما كانت بين احضانه بالأمس يلقي عليها قصائد عشقه والآن ماذا يقول ... ما تلك الكلمات السامة التي تخرج من بين شفتيه حركت رأسها نفيا تمتم مصعوقة :
- جاسر إنت بتهزر صح ... بتهزر ... جاسر احنا لحد ما جينا الصبح كنت كويس جداا ... حصلك ايه فجاءة ... دا مقلب جديد من مقالبك مش كدة
اتسعت ابتسامته الساخرة ليتجوازها كاد أن يغادر ... امسكت هي بذراعه سريعا ليلتفت لها في لحظة عينيه حمراء كالدم قسمات وجهه غاضبة مرعبة دفعها بعيدا عنه بعنف يصرخ فيها محتدا :
- قولتلك ما تلمسنيش ... انتي فاهمة ... آخر مرة ايدك تقرب ناحيتي ... والا صدقيني تصرفي مش هيعجبك ابداا
من صدمة لصدمة اخري يصفعها جاسر جن بالطبع جن ماذا فعلت له ليفعل ذلك ... ماذا حل به ... تهاوت جالسة علي فراشها تخفي وجهها بين كفيها تفكر يآسه في سر ما حدث له ... لحظات وسمعت صوت الباب يغلق بالمفتاح رفعت وجهها سريعا لتراه يوصد باب الحجرة من الداخل بالمفتاح ومن ثم نزعه يضعه في جيب سرواله قطبت جبينها تنظر لما فعل مدهوشة ليتمتم هو ساخرا :
- اصل أنا ما اضمنش بصراحة تخرجي تعملي ايه وأنا نايم !!
شهقت مصدومة مما قال لتهب واقفة سريعا توجهت ناحيته تنظر له كارهة لتصرخ بقهر :
- لا أنت اكيد اتجننت ... دا مش هزار دا جنان ... أنت مش طبيعي ... ااااه
صرخت بقوة حين هوي كفه بعنف علي صفحة وجهها ليقبض علي خصلات شعرها يتمتم ساخرا :
- ايوووة بالظبط أنا مجنون ومش طبيعي ... وهتعيشي معيا غصب عنك مش بمزاجك هو ... زي الشاطرة كدة تاخدي مخدة وتترمي تنامي علي الأرض ولا الكنبة عشان أنتي مش هتنامي جنبي تاني ... أنا بتقرف !!!
قال ما قال ليربت علي وجهها بحدة ويتركها ويتوجه الي الفراش ... وهي بين صاعقة وأخري تشعر بأن عقلها علي وشك أن يفر من رأسها .... شئ ما خاطئ يحدث وهي حتي لا تعرف ما هو ... توجهت سريعا الي باب الغرفة تحاول فتحه بعنف ...وحين عجزت عن ذلك كورت قبضتها عازمة علي دقه بعنف ليسمعها أحد لتسمع صوته في تلك اللحظات يتمتم متوعدا :
- لو صرختي او خبطتي علي الباب هقوم اقطع لسانك واكسر ايديكي ...
ظلت واقفة للحظات متجمدة من اثر صدمة نا يقول لتتهاوي ارضا جوار الباب المغلق تضم ركبتيها لصدرها تتحرك للأمام وللخلف تبكي في صمت خائفة ... لا تفهم ماذا حدث له ليفعل بها ذلك
______________
في غرفة بدور وضعت سيلا في فراشها الصغير ... لتتوجه الي فراشها تجذب الغطاء تدثر خالد الصغير جيدا ... توجهت الي مرآه زينتها تنزع حجاب رأسها برفق ليتسرسل خصلات شعرها السوداء الطويلة المموجة ... وقف أمام المرآه تشعر بذلك النابض يكاد ينفجر من عنف نبضاته ... تزوجت حمزة ... تزوجت شقيق والدها الروحي .... زواجها منه لم يكن سوي احتياج ... تحتاج أن تشعر بالاحترام بالمودة بالرحمة ... اطفالها يحتاجون إليه ... يحبونه كما هو يحبهم وماذا ستريد أكثر ... جربت مذاق الحب مرة وكان مر كالعلقم ... تنهدت حائرة .... تشعر بالتخبط من تلك الخطوة التي فعلتها توا ... ربما لأن الوضع الآن جديد عليها ... اجفلت من شرودها علي صوت دقات علي باب الغرفة ... حمحمت تهمس بصوت خفيض مرتبك :
- اادخل
ادار المقبض ودخل ليطل من خلف الباب حمزة .... يرتدي قميص أبيض وسروال أسود ... يبدو أنه تخلص من سترة حلته ورابطة عنقه ... دخل الي الغرفة يبتسم بهدوء يحمل في يده علبة سوداء مخملية اللون ... تقدم بخطواته الي داخل الغرفة يغلق الباب لتتسارع دقات قلبها تفكر في اسوء الاحتمالات .... وقف امامها مباشرة يخرج سوار من الذهب الأبيض مرصع بفصوص صغيرة من الألماس خلعه من علبته امسك يدها لينتفض قلبها وتغزو برودة قارصة جسدها وهي تشعر به يلف السوار حول معصمها ... ذلك السوار الذي نفش عليه
( درة حمزة السويسي )
توسعت عينيها مدهوشة تنظر للسوار في يدها لا تنكر أن شكله جذاب من الذهب مرصع بالألماس بالطبع يخطف الأنظار ....ولكن لما نقش عليه تلك الجملة هل يوشمها بصك ملكيته لها والأهم من ذلك لما يسميها درة ... حين حاولت اختلاس النظر له تجمد جسدها لأنه هو الآخر كان ينظر ناحيتها مباشرة ... فرت الدماء من عروقها خوفا في تلك اللحظات ... حين لمحت في عينيه نظرة غريبة ليست مخيفة وليست مطمئنة هي فقك نظرة غريبة .... ابتلعت لعابها مرتبكة حين سمعته يهمس لها بصوت اجش خفيض:
- تسمحيلي
قطبت جبينها متعجبة علي ما تسمح ... توترت قسماتها لا تفهم لتتوسع عينيها مدهوشة حين رأته يقترب منها .... يلحم طوفان مشاعره الحبيسة .... بصحرائها القاحلة المتعطشة لقطرة واحدة لترويها .... توسعت عينيها مدهوشة تنظر له مذهولة لا تصدق أن حمزة يقبلها !!! ... وهي تقف كتمثال من حجر ... صامتة مستسلمة .... ابتعد عنها ينظر لها يبتسم في اتساع يلهث بأنفاسه الثائرة ... بينما تقف هي متجمدة مكانها لتسمعه يغمغم ببساطة :
- لما اقولك تسمحيلي ... ارفضي او وافقي ... عشان ما كنش بعمل حاجة ضد رغبتك .. تصبحي علي خير
مال يقبل جبينها لتغمض هي عينيها .... سمعت صوت الباب يغلق علامة انه غادر ... ولكنها بقيت مغمضة العينين ... انسابت دموعها تغطي وجهها .... تقارن بين معاملة أسامة لها سابقا وما فعله حمزة قبل قليل
_____________________
وقفت سيارة عمر وخلفها سيارة علي امام عمارة سكنية فاخرة في احدي الأحياء الجديدة .... ساعد علي وعمر عثمان ليضعوه علي مقعده ... ليصعدوا جميعا الي شقة العروسين بالأعلي ... فتح علي باب شفة ابنه لتطلق لبني وتالا الزغاريد العالية ... مال عمر ناحية علي يهمس ساخرا :
- دول بيصوتوا مش بيزغرطوا
ضحك علي يوافقه في الرأي .... في صالة المنزل بدأت عيني سارين تجوب المكان حولها ... رفضت والدتها رفض قاطع أن تأتي لهنا قبل الزفاف لما لا تعرف ... تسارعت دقات قلبها تنظر حولها سعيدة تخطط لحياتها القادمة بكل تفاصيلها .... اقتربت سارة من سارين تعانقها بقوة لتبادلهغ سارين العناق .. همست سارة بنبرة خافتة باكية :
- هتوحشيني أوي ... علي قد ما أنا فرحانة عشانك عشان اتجوزتي اللي بتحبيه ... علي قد ما أنا زعلانة عشان خلاص هتسبيني لوحدي
ادمعت عيني سارين هي الاخري لتعانق شقيقتها بقوة تهمس لها سريعا :
- أنا عمري ما هبعد عنك ابدا يا سارة في اي وقت تحتاجيني فيه أنا موجودة يا حبيبتي
وقف عمر ينظر لابنته سعيدا لتدمع عينيه رغما عنه ها هي ابنته ترحل ... تقدم ينتزع سارين يحتضنها بقوة يقبل رأسها عدة مرات يشدد علي عناقها يهمس لها متلهفا :
- ما تنسيش اللي قولتلك عليه يا سيرو في اي وقت تحتاجيني فيه ... هتلاقيني في ضهرك ... وأنا هكلمك كل يوم كل ساعة كمان ... خلي بالك من نفسك يا حبيبتي
بعد الكثير والكثير من العناقات قرروا ترك العروسين ... والرحيل ... الي ان جذب علي باب المنزل ليغلقه ظلت عيني عمر معلقة بابنته
حتي اختفت من أمامه تماما وحجبها عنه ذلك الباب .... تنهدت تنهيدة طويلة مثقلة .... ليتحرك لأسفل بصحبة عائلته عدا سارين .... في الأسفل ودع عمر علي ولبني ... ليتوجه الي
سيارته ....هو بالإمام وجواره تالا وسارة بالخلف عائدين الي منزلهم
بينما في الأعلي ... حملت سارين طيات فستان زفافها تتجول في ارجاء منزلها ... يعلو ثغرها ابتسامة واسعة سعيدة تتحرك هنا وهناك تنظر الي محتويات جميع الغرف ... لتعود في النهاية الي عثمان الذي يجلس علي مقعده ينتظرها أن تنتهي ... عادت للغرفة حيث يجلس عثمان لتجلس علي المقعد المقابل له تغمغم مبتسمة :
- الشقة جميلة اوي وذوقها تحفة بجد ....
حرك عجلات مقعده ليصل بالقرب منها مد يده يمسك كف يدها رفعه إلي فمه ... يقبله يتمتم مبتسما :
- مبسوط جدا انها عجبتك ... هتعبك تزقيني لحد أوضة النوم عايز اغير هدومي
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا لتقوم التفت تمسك بمقبضي مقعده المتحرك تتحرك معه الي غرفة نومهم فتحت الباب ليدخل وهي تدفعه وينغلق الباب عليهم
________________
علي شط النيل يجلس الدنيا بأكملها لا تهمه فقد خسرها قبل قليل ... انتهي كل شئ ... يحمل في قبضته مجموعة كبيرة من الحصي يقذفها في مياة النيل واحدة تلو اخري ... ويليها اخري مع كل واحدة يقذفها مع كل حصي يلقيها ...يلقيه عقله في احدي ذكرياته ... منذ أن كان طفلا الي الآن حياته تمر مع حصي تسقط في المياه ... وقف فجاءة ينظر لسطح المياه ليشعر برغبة ملحة يريد أن يكون هو الحصي يلقي نفسه بنفسه الي العمق يذهب بملئ ارادته ورغما عنه معا .... تسارعت أنفاسه احمرت عينيه يتذكر كم مرة أخبرها بحبه وهي ماذا ردت بالمقابل جلبت حبيبها الي الحفل .... لتلك الدرجة تراه شخص معدوم النخوة والكرامة ... يكاد ينفجر .... من غيظه وغضبه ... ما كاد يخلع قميصه ليلقي بنفسه في الماء شعر بيد تقبض علي ملابسه بعنف يجذبه بعنف للخلف وصوت حسام يصدح غاضبا:
- أنت اتجننت يا زيدان عايز ترمي نفسك في الماية دلوقتي ... مش كفاية الهباب اللي هببته كمان عايز تموت
التفت ناحية صديقه عينيه حمراء عروقه نافرة شعره مبعثر صدره يعلو ويهبط بجنون ليدفعه في صدره بعنف يصرخ :
- ما أنا ميت ... هو أنت فاكر أن أنا كدة عايش .. أنا ميت .. ميت من زمان ... أنا بعافر ليه وعشان مين فاضلي ايه في الدنيا عشان اعيش عشانه
فاضلك ابنك ومراتك ... مين هيوديه الحضانة المدرسة يمسك ايده يعلمه المشي الكلام يطبطب عليه يحميه .... عايز تيتمه زيك ...
نطقها حسام بثقة شديدة ينظر لعيني صديقه مباشرة ليري نظراته الغاضبة الثائرة تتراجع ....
ليتهاوء جالسا أرضا يخفي وجهه بين كفيه ... ليتهاوي حسام جالسا جواره يستند بمرفقيه الي فخذيه لحظات صمت طويلة قبل أن يتمتم حسام ساخرا :
- كنت فاكرك اجمد من كدة يا صاحبي طلعت خرع ... اللي حصل للينا مش سهل تنساه بين يوم وليلة ولا حتي شهر ولا اتنين ... كان المفروض نفسك يبقي اطول
قابل الصمت من ناحية زيدان .... لدقائق طويلة قبل أن يرفع الأخير رأسه يمسح وجهه بكف يده يتمتم ساخرا :
- نفس خلاص اتقطع يا دكتور ابقي ركبلي جهاز تنفس
ضحك حسام ساخرا ليصدم كتفه بكتف صديقه غمزه بطرف عينيه يلاعب حاجبيه عابثا يتمتم متهكما :
- لاء ازاي أنا هعملك تنفس طبيعي يا قلبي
نظر زيدان لحسام باشمئزاز ليسمعا معا صوت يهتف من خلفهما معا :
- اهم يا رب هما العيال دول سبب الكورونا ... منكوا لله حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا كتكوا الارف
نظر حسام وزيدان معا لذلك الصوت ليجدا رجل عجوز ظل يسبهما الي أن اختفي لينظر الاثنان الي بعضهما البعض وينفجرا في الضحك ... ضحك زائف يحاولا به تخفيف ما حدث
__________________
في صباح اليوم التالي قرابة السابعة صباحا يجلس خالد علي الأريكة في غرفة المعيشة أمام 3 أكواب فارغة من القهوة لم يستطع النوم أكثر من ساعتين ... يشعر بصداع بشع يكاد يفتت رأسه .... يضع سيجارة بين شفتيه يمتصها بعنف يفكر في القادم .... اجفل علي حركة قادمة من ناحية السلم رفع وجهه ينظر للفاعل لتتوسع عينيه حين رأي لينا ابنته تنزل درجات السلم بخفة تحمل دفتر كبير في يدها وحقيبة يدها .. يغطي وجهها المجهد طبقة كبيرة من مستحضرات التجميل ... قام من مكانه يتوجه إليها يسألها متعجبا :
- رايحة فين يا لينا
ابتسمت ببساطة ترفع كتفيها تغمغم باريحية :
- هكون رايحة فين يعني الجامعة
قطب جبينه مندهشا من حالتها ... تلك ليست الحالة التي توقعها تماما ... ابتسم برفق يتمتم بهدوء :
- حبيبتي بلاش النهاردة ... انتي اكيد تعبانة بعد اللي حصل و......
قاطعته قبل ان يكمل كلماته لتضحك بخفة تقول بسلاسة :
- حصل هو إيه اللي حصل ... ااه قصدك عشان زيدان طلقنئ .. لالا عادي .. أنا اصلا اللي كنت عايزة اتطلق ...
نظرت لساعة يدها لتتوسع عينيها تتمتم فزعة :
- يا نهار أبيض هتأخر علي المحاضرة سلام يا بابا
قالتها لتفر من أمامه سريعا قبل أن يفاجئها بسؤال آخر لينظر هو في اثرها يبتسم ساخرا من تخدع تلك الصغيرة .... تنهد يمسح وجهه بكف ليأخذ طريقه الي غرفته
_______________
في الحارة حيث منزل جدة أدهم ... يجلس كعادته منذ الصباح الباكر جوار شرفة غرفته الصغيرة يستند برأسه الي حافة الشرفة يبتسم حالما يتذكر حديثه الطويل مع مايا .... نقطة جيدة لصالحه ... من يعلم ربما تغفر قريبا ... تنهد يوجه انظاره للشارع حيث شقيقه المزعج مراد يجلس علي المقهي الشعبي المقابل لمنزلهم يدخن كعادته ... لتمتعض ملامحه مشمئزا من منظره المقزز ... لا يعرف كيف يكون ذلك المتسول شقيقه
في الأسفل جلس مراد علي مقعد خشبي أمام المقهي البلدي عينيه تجوب الشارع ... يبحث عنها عليها أن تنزل منذ أيام وهي مختفية تماما .... لحظات وتوسعت ابتسامته وغزا قلبه سعادة سوداء وهو يراها تخرج من باب عمارتهم السكنية .... ما إن خرجت لم تكد تبتعد بضع خطوات لتجد مجموعة من الشباب يقتربون منها ويحاولون التحرش بها لفظيا بكلماتهم النابية البذئية
- اوووبا مش دي اخت الواد سيد المغتصبة
- ايوة يا عم هي بس ايه صاروخ
- من ناحية صاروخ فهي عظمة جداا ..
- جري ايه يا روحية اومال لو كنتي عروسة بنت بنوت كنتي عملتي ايه
- أنتي افتحي شقتك بليل هتكسبي دهب
انسابت دموعها تستمع الي كلامهم الجارح المخزي لتسرع في خطاها تحاول الابتعاد عنهم ... شهقت فجاءة تقف حين كادت تصطدم بذلك الواقف أمامها لتسمع صوت عالي غاضب يصيح فيهم :
- جري ايه ياض أنت وهو ما تتلموا قبل ما احفرلكوا قبر يلمكوا ... مالكوش دعوة بيها خالص
سمعت صوت احد الشباب يقول سريعا :
- احنا اسفين والله يا عم مراد ... مش هنتعرضلها خالص
ابتسم مراد ساخرا ليفر الثلاثة كأنهم خائفين منه ... ليبتسم هو منتصرا وكأنه ليس هو من استأجرهم ليقولوا ذلك الكلام ؟!!! .... رفعت وجهها تنظر له بعينيها الواسعة التي تغشيها الدموع تتمتم بصوت مختنق باكي:
- ششكرا
غمزها بطرف عينيه يكتف ذراعيه أمام صدره يتمتم ساخرا :
- علي ايه دي حاجة بسيطة ... احنا في الخدمة دايما يا ... يا ... يا آنسة
أصفر وجهها حرجا من تلميحه لتسرع فئ خطاها عائدة الي منزلها أهون عندها تموت جوعا ولا تسمتع الي ما يقولون فئ حقها
_________________
ما إن دخلت الي الجامعة توجهت الي المقهي يتبقي نصف ساعة علي موعد المحاضرة ...وجدت رسالة تُرسل لجروب الطلاب من المحاضر يعتذر فيها عن المحاضرة زفرت أنفاسها المختنقة لتلقي حقيبتها علي المقعد المجاور لها تحرك ساقها اليسري بعصبية تكاد تنفجر غضبا .... لحظات وشعرت بالمقعد المجاور لها يجذب وجلس هو عليه يبتسم ابتسامة مرتبكة يتمتم معتذرا :
- لينا أنا آسف ... أنا لو عارف اني مجيي الحفلة هيعمل كل المشاكل دي والله ما كنت جيت
لم تتوقف لحظة عن تحريك ساقها اليسري بحركة عصبية مفرطة .....التفتت برأسها له تعطيه شبح ابتسامة صفراء :
- خلاص يا معاذ اللي حصل حصل ... الغلط مش عندك اصلا ... الغلط عند اللي اتلكك وما صدق ... ممكن تجبلي عصير عطشانة اوي
هب سريعا من مكانه يتمتم متلهفا :
- آه اوي اوي ... ثواني ويكون عندك
تركها ورحل لتجلس هي مكانها تقبض علي كفها تقضم اظافرها تهز ساقها تشعر بغضب حارق يحرق أوصالها تود الانتقام بأي شكل كان .... عليه أن يدفع ثمن ما فعله .... اجفلت من شرودها علي مجئ معاذ حين وضع الكوب أمامه يتمتم مبتسما :
- اتفضلي يا ستي احلي عصير أناناس لأحلي ناس
اعطته ابتسامته صغيرة لتلتقط الكوب ترتشف منه علي مهل انهت ثلاثة ارباعه تقريبا حين سمعته يتمتم قلقا:
- لينا هتعملي ايه أنا قلقان عليكي اوي ... حالتك مش كويسة أنا حاسس بيكي
رسمت ابتسامة واسعة علي شفتيها تتمتم ببساطة :
- هستني لما العدة تخلص وبعدين هبقي اقرر هعمل ايه ...
ابتسم في حنو ليمد يده يمسك بكف يدها يشد عليه يردف محزفا اياها :
- وأنا هبقي معاكي في اي خطوة ... في اي وقت تحتاجيني
حركت رأسها إيجابا ....جلست معه قليلا لتلتقط حقيبتها وقفت تبتسم تتمتم معتذرة :
- معلش يا معاذ المحاضرة كدة كدة اتلغت ...فهمشي أنا بقي ... لو احتجت حاجة هكلمك
سار جوارها الي أن اوصلها لسيارتها جلست ليغلق خلفها الباب مال ينظر لها من نافذة السيارة يتمتم مبتسما :
- لو احتاجتي اي حاجة فئ اي وقت كلميني علي طول ... أنا هبقي جنبك دايما
ابتسمت له تحرك رأسها إيجابا ليودعها حين غادرت عاد هو إلي الطاولة يلتقط كوب العصير الخاص بها يبحث عن موضع شفتيها ليرتشف ما بقي في الكوب كما فعل سابقا .....
مضي بعض الوقت وقبل أن تصل الي منزلها بدأت تشعر بألم خفيف يزداد شيئا فشئ يغزو بطنها تشنجت ملامحها الما تشعر ببروده مفاجئة تغزو اوصالها ما أن وقفت السيارة في حديقة منزلها نزلت منها سريعا ... تتحامل علي نفسها لازال الوقت باكرا في الأغلب الجميع نائم الآن ... الوجع يزداد شراسة ... شدت علي أسنانها ... تتحرك لغرفتها ما أن صعدت أولي درجات السلم سمعت صوت والدها يتمتم متعجبا :
- انتي لحقتي روحتي وجيتي
لم تلتفت له حتي لا يري وجهها المجهد فقط تتمتمت بنبرة حاولت جعلها متوازنة :
- المحاضرة اتلغت ... هروح أنام أنا بقي
صعدت الي أعلي لترتمي بجسدها علي الفراش تغمض عينيها تكاد تصرخ والوجع يزداد شراسة وجسدها يزداد برودة جل ما فعلته أنها جذبت الغطاء واغمضت عينيها
في الأسفل وقف خالد أسفل السلم يشعر بأن هناك خطب ما في ابنته ... عودتها سريعا نبرتها التي احس فيها بالألم رغم محاولاتها لإخفاءه الأمر غريب ... اخذ طريقه الي أعلي الي أن وصل الي غرفتها .... دق باب غرفة ابنته عدة مرات لا مجيب ..رائها تصعد قبل قليل هل غطت في النوم بتلك السرعة حرك مقبض الباب ليدخل ... علي ثغره ابتسامة حزينة يتطلع الي ملامحها المرهقة الشاحبة ... اقترب يقبل جبينها ... ليقطب جبينه قلقا حين رأي قسمات وجهها تتشنج من الألم جبينها يتفصد عرقا بغزارة ... بسطت راحة يده علي جبينها كان يظن انها تعاني من الحمة ولكن جسدها كان بارد كلوح ثليج ... جلس جوارها يربط علي وجهها بقلق يصيح فيها فزعا :
- لينا اصحي يا لينا .. لينا
لم ترد فقط تتلوي ألما يعصف بخلجاتها لم ينتظر اكثر نزع الغطاء عنها بعنف ليحملها متجها الي الطبيب ... ليتجمد مكانه... اتسعا عينيه فزعا حين رأي ابنته تغرق في بحر من الدماء