رواية وعد ريان الفصل التاسع و الاربعون بقلم اسماء حميدة
بعد أن صعد الشباب ليتحققوا ما في الأمر انتقل محمد إلى جوار موسى نصار الذي يراقبه عن كثب منذ أن خرج الفتية، فقد كان محمد يتقلى بمكانه ولم يقو على الثبات أكثر من دقيقتين.
ومن ثم غدى محمد يتمسح كالهرة في ساق صاحبها، متحمحما يجلي صوته يحاول أن يستهل حواره ببضعة كلمات تجعله يحظو على انتباه موسى كي يستقطبه في صفه، لما يبدو عليه من مركز وشأن، فالجميع هنا يعامله باحترام.
وبالطبع هذا الكهل يعلم ما يسعى إليه هذا الشاب منذ دخوله، فالحالة التي أتى بها تناقض نظرة الأمل التي تلوح الآن بمقلتيه، وذلك لم يزعجه بل لديه فضول لمعرفة سبب ما يسعى جاهدا لتجنيده بشأنه.
محمد كالغريق الذي يتعلق بقشة، ولكنه لا يعلم مقدار تلك القشة القادرة على قلب كل الموازين، فقال بتوقير :
-أنا سعيد جدا إني قاعد مع سيادتك.
موسى نصار بدهشة مصطنعة:
-أنت تعرفني يا أستاذ محمد؟! مش محمد بردك كيف ما جال صجر؟!
محمد بحرج وقد ظهر الإحباط جليا على ملامح وجهه بعد رده المقتضب:
-بصراحة ما حصليش الشرف بس الهيبة بتبان بردو يا باشا.
موسى بابتسامة، قائلاً باستحسان:
-عچبتني، لسانك حلو، جول يا أبو حميد، آني سامعك.
محمد بتلهف:
-تسلم يا باشا، أنا هقولك على القصة من طأطأ لسلاموا عليكم، عارف أن الغلط راكبني من ساسي لراسي بس طمعان أن حضرتك تفهمني وتقدر موقفي.
أخذ محمد يسرد عليه كل حكايته بداية من حب صغيرته الذي بدأ ينمو بداخله دون أن يدري، مرورا بقصة وفاة زوج عمته وورقة الزواج التي جعلها توقعها في غفلة منها وتواجده بغرفتها وضبط زوجة عمها له وإدعاءه بأنه دخل بها، وموقف عمته منه ووالدته وصغيرته أيضاً.
استمع إليه موسى باهتمام، وما فعله برغم قسوته إلا أنه يوضح استماتته بحبها، وهذا ما يشفع له، ولكن حل واحد سيثبت للجميع عفتها، وسيبرئه أيضاً من تلك التهمة التي ألصقها بحاله؛ كي يحظى بها.
فقال موسى بتشويق:
-مفيش جدامك غير حل واحد مالوش تاني، هو اللي هيمحي المصيبة اللي أنت عيملتها ويخلي عمتك وبت عمتك ترفع راسها وسط الخلج.
محمد متسائلا بلهفة وأمل:
-الحقني بيه الله يخليك.
موسى بإيضاح، جحظت له أعين الآخر:
-لازمن ولابد..............
"يا سنة سوخة 🙃، إيه اللي عتجوله ديه يا حچ🤔🙃"
طب نروح للچماعة اللي فوج بتوع مسرح مصر🏃♀️🏃♀️ ونسيبوا الحچ موسى يمكن يعجل ويبطل حديت ماسخ🙃
بالأعلى حيث التجمع الذي ساده الفوضى، وكلا منهم يغني على ليلاه، فلازال ريان قابضا على تلك البلوة.
والصقر أصبح في قمة ثورته عندما تجاهلت أنچيل تعقيبه على هيئتها وتلك الحقيبة التي تحملها، فقبض على ذراعها بقوة، يجذبها لتستدر بجسدها إليه ترتطم بصدره العريض، وقد ترقرقت عينيها بالعبرات مجدداً نتيجة لعنفه وحدته معها،.
ولا تعلم كم الغضب الذي تملكه بتلك اللحظة، فما من أحد تجرأ وفعلها، لا أحد يتجاهل كبير البلدة صقر الزيدي!!
وهي قد تمكن منها العناد لتصر على ما انتوته، فها قد بدأ عنفه من قبل حتى أن يغلق عليهما باب واحد، لا تعلم أن تحوله هذا ناتج عن خوفه، نعم صقر الزيدي خائف، صقر الزيدي يخشى الفقد!!
إذا خانت من سبقتها وغدرت فلم يؤلمه قلبه مثل الآن بل كي نكن منصفين نعم تألم عندما غدرت حبيبته الأولى، وتصدع قلبه وكبريائه ما إن رأها مع من تزوجته وهو ينتظر وعدها بإقناع أهلها بزواجها في الصعيد.
وذلك بعد أن استنزفته مادياً وعاطفيا، كان ألمه وقتها أنه أعطى قلبه لمن لا تستحق بل وعماه حبها عن رؤية كل عيوبها وجشعها وطمعها حتى أجزم أن جميعهن هكذا لا يملأ أعينهن سوى التراب.
لكن إحساسه بأنچيل غير، معها فقط يشعر باكتماله، صقر الزيدي معقد من النساء.
أجل صقر الزيدي برغم مركزه وهيبته وماله، ووسامته أيضاً من دونها يشعر بالنقص، فكيف لها أن تفكر بهجره بعد أن أمتلكت قلبه وروحه وعقله، هل چنت؟!
هذا هو السؤال الذي نطق به لسانه هادرا بها يهزها وهو قابضا على ذراعها بقوة، وذلك بعد محاولاتها المستميتة لنفض يده عنها.
صقر يفحها حديثه من بين أسنانه:
-إيه مكملة؟! ولا هامك اللي واجف يتحدت وياكي، شكلك چنيتي!! ومعرفاش أنت واجفة جدام مين؟!
-أوعي تفكري إني عشان أتساهلت وياكي عتسوجي فيها؟!
رفعت عينيها إليه، فشقت دموعها قلبه نصفين حتى أنه استمع إلى تهتكه بين ضلوعه.
"لاع يا واد عمي ما ياكلش 🙃أنشف عاد، ده آني ما صدجت أوجع ما بين ريو ودودتها والواد مطريلها خاالص 😏، وجولت العوض في صجر، جوم هو ينشف وأنت تچيب ورا إكده، عتركبنا العار يا راچل🙆😂"
وكزة طالت كتف ماجد مصدرها مصطفى الذي سل همس من بين الحشد؛ ليوقفها إلى جواره فقد ساد الهرج والمرج الأجواء.
بينما ماجد في عالم موازي يملأه العديد من الألعاب النارية التي تردد صداها بداخله، عندما وقعت عيناه على تلك الحسناء الصغيرة خاصته
وقد استردت عافيتها وزاد تورد وجنتيها فأصبحت فاتنة حد اللعنة، حقا مرهقة.
التفت إثر الوكزة يتوجه بنظره إلى مصطفى الذي قال بتململ:
-إيه يا عم ماجد، أنت بتنام وأنت واقف؟!
-ما تشوف قرايبك دول يا عمهم، واحد طالع يصالح شبط، واللي جاي يخلص ضرب كرسي في الكلوب.
ماجد بتشوش :
-آني ما خبرش إيه اللي بيچرى ده!!
مسح مصطفى على وجهه بضيق، زافرا أنفاسه بملل :
-لسه عيقولي ما خبرش وما أعرفش؟! يا عم اخلص، عتولع.
ماجد بتعقل يخاطب صقر :
-إيه يا صجر خبرك إيه أنت التاني؟! ما تستهدوا بالله يا چماعة كل حاچة وليها حل!!
هامت تلك السوسن بتروي وتأني ماجدها وأخذت مقلتيها تقطر قلوبا، ونظراتها الهائمة تلك فعلت به الأفاعيل فبات يسترق النظر إليها خلسة، وقلبه ينبض بقوة حتى خشى أن يستمع لهدره المجاورين، بينما أجابه صقر باستنكار :
-جول الحديت ديه لبتكوا، هي ما خبراش عوايدنا لكن أنت وريان عتعرفوها.
-كيف يعني ماشية لحالها من غير إذن چوزها، ولا آني ما هاعرفش أحكم داري، والحريم هي اللي كلمتها عتمشي عاد!!
قال ماجد بمعاتبة لينة، فهو يكره العنف :
-إيه يا إنچيل؟! ما تعجلي إنتي التانية!!
غيرة استحوذت على صقر الزيدي عندما خاطبها ماجد بتلك الهوادة لا وخرجت من شفاهه اسمها الذي ما إن يذكر في حضرته ينتعش قلبه مطالبا بها، ويشتعل جسده رغبة فيها، بينما أسدلت أنچيل أهدابها تحاول إخفاء تلك اللمعة الحزينة بمقلتيها، ومن ثم أفرجت عن جفنيها تقول بإنجليزيتها في تجبر لن يمر مرور الكرام، فاحذر يا آدم دموع قهر حواء تلك بداية الشرارة لقدرك الحالك :
-ما الخطأ ماجد؟! حقا لا أعرف!!
-لقد أنبهرت في بادئ الأمر بالمكان والبلد والأشخاص، ولكن ها قد بدأت أمل، ولعبة الزواج تلك ليست من ألعابي المفضلة، فأنا لن أتزوج من همجي مثله.
"لاه!! ما جدراش أسكت، خبرك إيه يا بت الصرمة إنتي🤔؟! مين ديه اللي همچي يا حزينة إنتي 😒، ده آني مدياكي خيرة شوباب الصعيد يا چاحدة😂"
حبس الذي فهم من المتواجدين والمتواجدت أنفاسه لا إلا يصدر عنهم شهقات ذهول مما قالت فيكفيها اشتعال حدقتيه بالغضب المهلك وذلك ما إن استمع صقورتي إلى هذه الكنية بنبرتها التهكمية حتى رفع يده ليهو بها على وجنتها بقوة أسقطتها أرضا؛ لتصرخ بوجهه يتهيأ لها أبو ابنتها في صورة هذا الذي كان رد فعل لما تلفظت به شفاهها، فقالت بعد أن نالت صفعته من قلبها وجعلت شريط حياتها بتجربتها الأولى يمر أمام عينيها :
-أكرهك، وأكره اللحظة التي رأيتك بها.
وهنا ولم يستطع الحشد من التحكم في إبداء ردة الفعل، إذ شهقت النساء، وزفر الرجال، وتقدم مصطفى يقبض على رسغ يد صقر التي امتدت لتفعل المثل بذراع أنچيل، وهو يقول محاولاً امتصاص غضبه. :
-اهدى كده وقول هديت، كلام الزعل ده ما يتاخدش عليه.
هدر به صقر وهو ينفض يده القابضة على معصمه، قائلاً :
-مصططططفى، ما تدخلش بيني وبين مرتي، واللي غلط عيتحاسب، واحد وبيربي مرته، أظن ده ما هيزعلش حد.
ومع صرخة أنچيل كان موسى ومحمد قد صعدا؛ ليتبينا ما في الأمر؛ ليجد كلا من ريان وصقر يقبض على ذراع زوجته أو لنقل خطيبته وكلا من مصطفى وماجد يحاولان كبح جماح غضب هذين الحانقين، ولكن لا من مستمع!!
حتى توقف الجميع عن الهرج ما إن هدر فيهم، قائلاً :
-إيه أنتوا الچوز!! ما فيش حد عيملى عينكم ولا إيه؟!
صقر بتهكم :
-اتفضل يا حچ موسى اسأل بتكوا كانت لامة خلجتها وراحة على فين!! ولم سألتها طولت لسانها، وهلفتط بحديت ماسخ ما لهش عازة.
نظر موسى جهة مصطفى الذي أومأ يصدق على ما قاله الصقر، فتوجه موسى بسؤال أريان :
-وأنت التاني!! ماسك فيها إكده ليه؟! هلفطت هي التانية بحديت ما لهش عازة؟!
أطرق أريان رأسه يمتنع عن الإجابة، فهو بموقف لا يحسد عليه فماذا عساه أن يقول إذا ما سأل والده عن مضمون ما قالت، أيقول أنها قالت فيما معناه أنه يحرمها حقها الشرعي بل يتحجج كي يتهرب منها كما أدعت، بينما من أومأ للتأكيد على ما طلب موسى إجابة له كانت من نصيب تلك البلوة وعد وهي تبتسم رامشة بأهدابها في براءة.
ابتسم موسى لمشاكسة وعد وهو يغمز لها خلسة، فردت له الغمزة بأخرى، ليقول موسى بحدة مصطنعة :
-طالما سكت يوبجى في مصيبة كابيرة وسوى أنت اللي غلطان أو هي اللي غلطانة اللي ما أرضهوش لبتي ما أرضهوش لبنات الناس.
قالها وهو يناظر الصقر بتحد، ومن ثم استكمل قائلاً بإقرار :
-المأذون اللي جال عليه صجر عياچي يكتب لمحمد وعروسته والتاني اللي جال عليه صجر، وأنتوا التنين عتسرحوهم بإحسان ربنا ما جالش إكده، واللي عيملتوه ديه عتتحاسبوا عليه عشان فيه كابير لازمن ترچعوله مش إكده ولا لاه يا كابير.
قالها بتهكم يقصد صقر، وهو يستكمل مربتا على كتف ماجد:
-وما تخافش على بت عمك اللي حوصل دلوك في حج بتنا ما عيحصلش من ماچد.