رواية وعد بين الغيوم الفصل الرابع بقلم اية طه
بعد فتره ومحمد وفايزة وفاطمه قاعدين فى الصاله بيشربوا الشاي....
محمد: بص يا خاله انا راجل صعيدي وقد كلمتي وجيت وطلبتها لاثبت اني رايده وبالحلال ومقدرش استغنى عنها واصل.... بس استسمحك تصبري علي بس شوي الاقيلي وظيفه اهنيه وشقه بتاعتي اللى قاعد فيها جاهزه من كل شي مش ناقصها غير فاطمه تنورها وانا بوعدك اني مقصرش على فاطمة اي حاجه واصل واللى هي رايداه كله يحضر تحت رجليها ولاجل عيونها.... وانا جاهز اقعد مع اللى انتى عايزاه يا خاله بس تعرفيني وبالنسبه للشبكه بس يومين بالكتير وتنزل تنقي اللى يليق فيها ورايداه... ها قولتي ايه يا خاله؟!
فايزه: والله كلامك كويس يا بنى ومظبوط ومحدش يغلطك ولا يقولك حاجه..... بس اعذرني فى السؤال يا بنى وعيلتك واهلك رايهم ايه... انا مش عايزه لبنتى وجع القلب كفايه اللى مرينا بيه..
محمد: الله يكرم اصلك يا خاله.. انا هكون صريح وواضح معاكي... انا اهلي لساتهم محبوسين فى عادات وتقاليد زمان وانا رايد فاطمه وماريدش غيرها واصل وشوي وشوي اكديه بنحاول نقنعهم ويرضوا عنا... وانا بوعدك محدش هيدوس لفاطمه على طرف ولا يجرحها بكلمه.... فاطمه هتكون مرتي وكرامتها من كرامتي ياخاله...
محمد: كلامك زين يا بنى بس الحماس والكلام دا انا سمعته قبل كدا وكان الاخر ان الراجل ملهوش غير عيلته واهله واصله وبيرجع ليهم دايما ومحدش بيتاذى غير البت... واللى عشته انا مش عايزه بنتي تعيش فيه..
محمد: انا اكيد متفهم خوفك وقلقك بس انا بوعدك يا خاله دا مش هيوحصول ابدا انا مقدرش من غير فاطمه وبجد انا بحياتى مستغناش عنها واصل ومستعد لاي ضمانات انتى رايداها حتى يطمن قلبك...
فايزة وهى بتبص لفاطمه اللى عيونه فيها سعاده من زمان مشفتهاش ولمحمد واصراره علي بنتها...
فايزه: ماشي يا بني انا موافقه وعلى خيره الله واللى يجيبه ربنا بس زى ما كنت صريح معايا انا هكون صريحه معاك..... بص يابنى هو احنا كدا ومفيش غيرنا يعنى لا اب ولا عم ولا خال تقعد معاه بس انا هنا واى حاجه ليها علاقه ببنتى بكون ادها ومستعد اكل اللى يغلط معاها بسناني... ها قولت ايه؟!
محمد: على راسي خاله والله.... انا لما شفت فاطمه وحبيتها مفرقش معايا هى بنت مين ولا اي حاجه واصل... وانتى يا خاله على راسي من فوق اللى تربي بنت لحالها اكديه وتخليها باشمهنديسه قد الدنيا تستحق تنشال على الراس وبتك فى عنيا الاتنين.....
فايزه: ربنا يسعدكم يا بني ويكتبلكم الخير يلا هقوم احضر العشا لقمه كدا على اد مقوسوم علشان يبقى عيش وملح....
وتقوم فايزة للمطبخ وتسيب فاطمه ومحمد قاعدين سوا بالصاله...
محمد قرب من فاطمه: شايفك ساكته يعني يابت الناس ومنطقتيش بحرف واحد... ليكون حديتي مش عاجبك؟!
فاطمه بدموع: لا ابدا والله بس اول مره حد يكون فعلا سند ليا كدا زيك ويختارني ويتمسك بيا.... خصوصا ان انا وامي يعني ملناش حد وكدا...
محمد: واه واه دموع يا فاطمه بدل ما تضحكي مسمحش بدموعك دي تنزل تاني واصل طول ما انا اهنيه.... وايه يعنى انت وست والدتك لحالكم وملكمش حد انتى احسن بنت شافتها عيني وحقيقي الموضوع ديه مابيفرق معايا...
فاطمه بتبكي: كان نفسي يبقى بابا معايا فى وقت زى دا زي اى بنت فى الدنيا تحس ان ليها ظهر وسند ادام اللى جاي يطلبها ويتجوزها واتشرف بيه قصاد اهل زوجي....
محمد: اهدي يا حبيبتي قلبي.... هو انا ممكن اسالك باباكي فين؟
فاطمه بدموع وخجل: بابا اتوفى وانا صغيره دا انا حتى مش فاكره شكله ازاى واهله مقبلوش بامي ولا بيا واتبروا مننا واتخلوا عنا.... ومن يومها انا و امي بنتلطم فى الدنيا ونسمع كلام من اللى يسوى واللي ميسواش علشان عايشين لوحدنا من غير راجل...
محمد: متقوليش الحديت ديه تاني طول ما انا اهنيه وياكم.... ولا انتي مش شايفه انى قدها..
فاطمه بضحكه خفيفه: انت العوض اللى ربنا بعتوا لينا وبعدين بجد لهجتك الصعيديه حلوة اووي....
محمد: واه واه ااه ياقلبي ضحكتك بتخربط عقلي وتشقلب حالي....
بعد العشا يقعد محمد مع فايزة فى البلكونه بيشرب الشاي...
محمد: بقولك يا خالتي رايد اعرف اهل عمى ابو فاطمه الله يرحمه... فاطمه حكتلي عنهم يمكن اقدر اوصل الود بينكم
فايزه: ملكش دعوة بالموضوع دا خالص الناس دي متعرفش ربنا وجاحده وملهمش قلب ولو سمحت متفتحش السيره دي تاني انا ما صدقت اهرب منهم وابعد....
محمد: يااه للدرجه دي يا خالتي.... طب احكيلي علشان ابقى خابر زين اللى فى الدنيا....
(فلاش باك – قبل سنين طويلة)
ليل ساكن وشارع ضلمة، فايزة شايلة فاطمة الصغيرة على كتفها، وبتجري وهي بتنهج، شعرها منكوش ووشها عليه آثار كدمات، وعنيها مليانه رعب...
فايزة (وهي بتكلم بنتها الرضيعة بصوت متقطع):
اهدي يا بنتي اهدي، ماتعيطيش... هننجى إن شاء الله، ربنا كبير...
وراها صوت خطوات تقيلة وصوت راجل بيزعق من بعيد:
راجل من أهل جوزها:
اقفــــي يا وليه... انتي فاكره إنك تهربي منا اكديه؟! دي عار ومش هنسكت عليه!
فايزة تبص وراها، تشوف نور كشاف بيقرب منهم، وتشد فاطمة أكتر لحضنها وتدخل شارع جانبي صغير، تحاول تداري نفسها في جنب بيت مهجور...
فايزة (بصوت مكسور وهي بتبوس فاطمة):
سامحيني يا ضنايا... سامحيني ع الغربة اللي هنعيشها... بس أمك مش هتسلمك ليهم... مش هخليهم يعملوا فيكي زي ما عملوا فيا...
(صوت صريخ من بعيد، وضرب نار)
راجل تاني:
دي مره قليلة الأصل و الربايه، أخدت العيله و هربت منا بعد ما وقعت راس العيله فى الوحل .. الراجل الكبير ما يرضاش بالهوان ديه!
الراجل الأول:
لو مسكتها لأدفنها بإيدي... البت دي مش بنتنا ولا لينا صالح بيها ولازم الموضوع ديه يخلص وينتهي دلوك..
تقطع فايزة أنفاسها وهي بتجري وسط الزرع والطرقات الطينية، لحد ما توصل لواحده صاحبتها في بلد تانية وتخبط على الباب وهي على وشها غبار وتراب ودم...
فايزة (وهي بتنهار):
افتحي يا أم حربي... افتحي بالله عليكي...
أم حربي (من ورا الباب):
سنيه؟! مالك يا بت؟! إيه دا؟ إنتي فـ حاله ما يرضى بيها ربنا!
فايزة (بصوت واطي):
ما تسألينيش دلوقتي... دخليني بس، البت سقعت و على صرخه واحده.....
تدخلها بسرعة وتقفل الباب وراها، وتبدأ سنيه تنهار بالبكا على الأرض وهي حضنه بنتها...
(يرجع المشهد للحاضر)
محمد (وهو ساكت ومصدووم من اللي سمعه):
والنبي.... انتي ست ب100 راجل... يعني بعد كل ديه لسه واقفة على رجلك و ربيتي بنتك احسن ربايه..
فايزة (بصوت ثابت):
واقفة علشان بنتي... علشان أربيها تبقى أحسن من أمها... علشان تكون مهندسة وتبقى ست بـ ميت راجل...
وفاكرة يا محمد، لو الزمن رجع بيا، أهرب بيها تاني وأسيب الدنيا بحالها، بس ما أسلمهاش ليهم.
محمد (بصوت كله تقدير واحترام):
والله يا خالتي، انتي ست بـ ميت راجل... وربنا يباركلك في فاطمه... وانا بوعدك وعد راجل صعيدي... إنكم من النهاردة مش لوحدكم تاني واصل... انا هكون ضهرها وضهرك.
فايزة (بابتسامة فيها وجع):
ربنا يتمم على خير يا بنى... ويهدي سرها وسرك...
(في الوقت دا، فاطمة بتكون واقفة وراهم وبتسمع الكلام ودموعها نازلة من غير صوت...)
محمد (لما يلمحها):
تعالي يا فاطمه، انتي شايفاني واقف ليه؟ عشان تبقي مبسوطه وآمنه ومطمنه... واللي يزعلك، اقسم بالله ما اتخلى عنك واصل..
فاطمه (بصوت ناعم ومليان حب):
ربنا ما يحرمني منك يا محمد... وربنا يخليك لينا...
