![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الواحد والخمسون بقلم دينا جمال
- احضني يا خالد ... احضني اوي ... ولو لمرة واحدة احضني علي اني شهد مش لينا
اندفع يطوقها بذراعيه يضم رأسها لصدره ... يغرزها بين أحضانه يعوضها ولو قليلا عن ما عانت بسبب قديما والآن ... لم يكن يفكر في أي شئ وهو يحتضنها بينما تتشبيث هي بقميصه تنساب دموعه ودموعها معا .... قاطع تلك اللحظات صوت شهقة ....يعرف صاحبة ذلك الصوت جيدا فتح عينيه ... ينظر سريعا لمصدر الصوت لتشخص عينيه فزعا حين رآها ... لينا تقف أمامه مباشرة في شقة شهد تراه وهو يحتضنها بتلك الطريقة .... والألم الذي رآه في عينيها أبشع مما قد يُوصف .... في تلك اللحظة تحديدا عرف أن النهاية التي ظل حذرا منها يخطط لها جيدا قد أتت دون أن يحسب لها حساب
احترقت مقلتيها وهي تشاهد بعينها زوجها بين أحضان اخري ... كانت تشك والآن تأكدت أنه طعنها بخنجر الخيانة مرة اخري ....
Flash back
سمعت صوت رسالة تصل لهاتف خالد الآخر ... التقطته تفتحه تنظر لما أرسل له وكانت الصدمة التي صفعتها حين قرأت علي سطح الشاشة جملة قصيرة وقعت علي قلبها كوقع النار في الهشيم نظرت لاسم المرسل حسام ... حسام هي حقا كانت تشك في علاقته بخالد يكفي الشبه الغريب بينهما .... كانت تراقب تصرفات حسام في المستشفى لتلاحظ أنه تقريبا يتصرف مثل زوجها تماما اختلافات طفيفة ... لا يمكن ملاحظة الفرق بينهما والآن فقط تأكدت جميع شكوكها من كلمة واحدة في تلك الجملة القصيرة
« بابا زيدان خلاص سافر »
بابا !!!!!!! أعادت قراءة الكلمة مئات المرات عقلها يحاول ترجمة تلك الكلمة المكونة من أربعة أحرف فقط ( ب ..ا ...ب ..ا ) أبيه خالد والد حسام .. زوجها لديه ابن آخر ... ولكن للحظات عقدت جبينها تتذكر أنها قرأت تاريخ ميلاد حسام في ملفه الخاص .. حسام أكبر من لينا عمرا ... إذا كيف يمكن أن يحدث ذلك .. توسعت عينيها فزعا وشهقة فزعة خرجت من بين شفتيها ... خالد متزوج قبلها ... كان كما تعرف رحاب وابنته منها ماتت وشهد واجهضت طفلها ... إذا كيف ... هل يمكن أن يكن جراب الساحر يحوي خدع لم تعرفها ... طوال تلك السنوات وخالد متزوج ويخفي عليها ... قضت عمرا كاملا في كذبة نسجها هو واحكمها جيدا فلم تعرف الحقيقة من الكذب ... والدها ... والدها هو الوحيد الذي يقدر علي مساعدتها ... والدها سيعرف كل شئ وحينها فقط ستعرف ما تفعل
Back
عادت من شرودها القصير تنظر له للحظات طويلة كانت او قصيرة في تلك اللحظات تحديدا الوقت نفسه توقف من وقع الصدمة ... رأي في عينيها انعاكس صورته وهو يحتضن شهد تلك المسكينة بين ذراعيه ومسكينة أخري تقف أمامه وهو الجاني في الحالتين ... لم يعبئ بصراخ حسام باسم والدته ... ولا بصفرات الإسعاف التي بدأت تدوي بعنف في المكان ... كل شئ توقف وهو ينظر لمقلتيها يري العذاب ينهمر منهما ... دون أن تنطق بحرف واحد تحركت من الغرفة ومن المنزل بأكمله ... أسرع حسام يحمل والدته التي فقدت وعيها تماما يركض بها لأسفل حيث سيارة الإسعاف ... وقف هو مكانه يغمض عينيه لا يقدر علي الإتيان بحركة واحدة حتي .... جر قدميه جرا الي الخارج ... الأفكار في رأسه تغرق في بحر موحل أسود ... يتوقع أسوء ما يمكن أن يحدث ... نزل لأسفل ليجد حسام يصيح في المسعفين أنه لن يترك والدته .... استقل حسام قسرا سيارة الإسعاف بصحبة والدته تتحرك سريعا للمستشفي .. وعلي مرمي بصره بعيدا رآها توقف سيارة أجري ترحل هي الاخري وهو يقف عند مفترق الطرق ... الخسارة حليفته من جميع النواحي ... لا لن يخسر ابدا ... سيشرح للينا الوضع كاملا لينا ستتفهم لينا تحبه لن تبتعد عنه ... هرع إلي سيارته يركض إلي المنزل تاركا كل شئ خلفه
______________
في الحارة تحديدا في شقة منيرة ... كانت تقف في المطبخ الكبير تمسك سكين كبير حاد تقطع به قطع البصل تعد الغداء ... عقلها شارد سابح في كلمات السيدة منيرة التي تلقيها علي مسامعها كل ساعة تقريبا ... إن تتحلي بالشجاعة ... إلا تكن تلك الفتاة الضعيفة ... ولكن كيف وهي فقط طفلة صغيرة انتزعت براءتها كزهرة انتزعوا رحقيها رغما عنها ... انسابت دموعها رغما عنها لتمد يدها سريعا تمسح ما سقط من دموعها ... شهقت بعنف مفزوعة حين شعرت بيد تلتف حول جسدها ... أحد ما خلفها يضم ظهرها لصدرها ... ارتجف جسدها ذعرا حين سمعت صوت مراد يهمس بخبث مقزز :
- بقولك إيه ما احنا خلاص كتبنا الكتاب بلاش بقي شغل الشرف دا ... دا انتي حتي حلالي وبكرة تبقي أم العيال
انهمرت دموعها بعنف تحرك رأسها نفيا بقوة كادت أن تصرخ حين شعرت به يحط بكفه الغليظة فوق فمها يمنعها من الصراخ تشعر بيده الأخير تعتصر جسدها بغيظ يهمس لها محتدا :
- مش هنخلص بقي من الشغل دا هو أنا كل ما اجي جنبك تصرخي ...
نظرت لباب المطبخ سريعا ستدفعه وتركض تهرب منه لتتوسع عينيها هلعا حين رأت الباب مغلق من اغلقه بالطبع هو ... حركت جسدها بعنف تحاول إبعاده عنها بأي شكل كان ... انتفض فؤادها حين سمعته يغمغم في مكر خبيث :
- أنا قافل باب المطبخ بالمفتاح ... مش هتعرفي تهربي مني ... أوعدك هاخد منك اللي أنا عاوزه وبعدين اطلقك كفاية اوي إني ادبست فيكي ... وخدتك علي عيبك
توقفت عن الحركة وكلماته السامة تنغرز في روحها كنخجر سام مشتغل يحرق روحها بنيران الظلم والقهر ... استغل هو حالة الاستسلام التي أصابتها ليدفعها علي أرض الحجرة ... يبتسم متشفيا يخلع قميصه ببطئ مخيف .... بينما هي كحجر أصم تنظر للفراغ تتذكر وهي ابدا لم تنسي حادثة قديمة سلبت روحها ... دفعت ثمنا ليس لها به ذنب ...
Flash back
خرجت من غرفتها متأففة من رائحة تلك السجائر البغضية التي تملئ المكان .... نظرت لشقيقها الذي بالكاد يفتح عينيه مستلقي علي الأريكة عقله يلهو في نشوة ذلك السم .... وقفت روحية أمامه تصيح فيه :
- حرام عليك يا سيد إنت إيه يا اخي ما بتحسش ما عندكش دم ... الناس بقت بتقرف مننا بسبب القرف اللي أنت بتبيعه وبتشربه دا .... اتقي الله بقي
جل ما حدث أنه أبتسم ابتسامة بلهاء مغيبة ولم يعقب بحرف واحد ... زفرت حانقة من حاله ليصدح صوت دقات عنيفة في تلك اللحظة أصابها الذعر من تلك الدقات المخيفة وصوت اجش يصدح من خلف الباب المغلق :
- افتح يا سيد .. افتح لاكسر الباب فوق دماغك ... أنا عايز فلوسي يا سيد
ازدردت لعابها خائفة من ذلك الصوت الأجش المخيف ... وقفت للحظات في حيرة من أمرها لا تعرف أتتقدم للأمام أم تذهب للخلف تختبئ خلف باب غرفتها المهترئ القديم ... لمحت بطرف عينيها اخيها يترنح واقفا يتوجه بخطوات مترنحة ثقيلة تجاه باب منزلهم لتتوجه هي إلي غرفتها تغلق الباب عليها ... اقتربت من الباب المغلق تلصق اذنيها به تحاول أن تسترق السمع لتعرف ما يحدث بالخارج ... سمعت ذلك الصوت الغليظ وهو يصيح في أخيها :
- بقولك ايه يا سيد أنا عايز فلوسي أنت واخد مني بضاعة بعشر تلاف جنية ... لا جبت البضاعة ولا سددت تمنها ... فتجيب فلوسي بالذوق احسنلك
سمعت صوت ضحكة تائهة تأتي من أخيها ليغمغم بعدها بهذيان مخيف :
- فلوسك بح ... طارت مع الحمام ... ما فيش فلوس .... اقولك حاجة حلوة ... شايف الباب دا ... وراه أختي خدها مكان فلوسك
توسعت عينيها في هلع كممت فمها بيمناها بينما تلطم خدها بيسراها ... بما يهذي ذلك المجنون ... لحظات وسمعت صوت ضحكات الرجل الآخر يتمتم بنبرة سوداء :
- وماله بس عارف لو طلعت مش حلوة ... هعلقك علي باب حارتكوا يا سبع الرجالة
تضاربت دقاتها ذعرا تستمع لخطوات من غرفتها لتعود هي للخلف تلقائيا تنظر ناحية الباب بهلع مفزوعة بل تكاد تموت خوفا .... والباب القديم لم يحتاج سوي دفعة واحدة وانفتح علي مصرعيه لتجحظ عينيها في فزع شهقت تنظر لذلك الرجل ضخم الجثة بشكل مخيف ينظر له نظرات سوداء مقززة ابتسامة خبيثة تعلو ثغره تفرسته عينيه ... ليغض علي شفتيه يغمغم في نهم :
- لاء تستاهلي دا انتي مش حلوة بس ... دا انتي حلوة اوي
حركت رأسها نفيا بذعر مرة تليها اخري واخري انهمرت دموعها تنظر له تتوسله بنظراتها الضعيفة الا يؤذيها ... خرجت صرخة مستجيدة من بين شفتيها تصيح باسم أخيها :
- سيد الحقني يا سيد ... ابوس ايدك الحقني
تعالت ضحكات ذلك الواقف يتوجه ناحيتها بخطي واسعة يتمتم في خبث :
- سيد خلاص مش في الدنيا أنا مديله صنف جديد يا هيعلي معاه يا هيجيب أجله ...
هرعت الي النافذة تود الصراخ عل أحدهم ينقذها ... لم تكد تصل للنافذة الصغيرة شعرت به يقبض علي خصلات شعرها يكمم فمها بكفه الغليظة يهمس لها مستمتعا :
- لا لا لا خلينا كدة حلوين مع بعض ... ما هو اكيد أنا مش اول واحد اخوكي يبيعك ليه
حاولت بإستماتة مقاومته دفعه بعيدا عنها ... ولكن كانت كصخرة صغيرة في وجه الجبل ...صفعه قوية من يده الغليظة جعلتها تسقط أرضا تصطدم رأسها بالأرض تحتها بعنف قاسي ... رفعت رأسها بضعف شديد لتراه يقف أمامها مباشرة يبتسم متشفيا يخلع قميصه ببطئ مخيف .... ربما كان الموت أقل ألما من سلخ الروح حيا
Back
تحركت مقلتيها بجنون تتذكر وتتذكر ... الموقف يُعاد الحادثة تتكرر وهي الضحية في كلا الحالتين .... نظرت لمراد بشراسة لتهب في لحظة تقف أمامه تمسك سكين المطبخ الكبيرة تشهرها أمام صدره العاري تصرخ بحرقة :
- لو قربت مني هقتلك ... إنت فاهم هقتلك ..
ضحك مراد ساخرا ينظر للسكين في يدها نظرات متهكمة .... ليعاود النظر إليها باستخفاف يغمغم ساخرا :
- ارمي يا ماما اللعبة اللي في ايدك دي وحاسبي لتعورك ... أنا قولتلك نمشيها بالذوق بس واضح كدة أنك ما بتجيش غير بالغصب
احتدت عينيه غضبا ليندفع ناحيتها ... فما كان منه الا ان صرخ بعنف متألما حين جرحت يده التي حاولت الإمساك بها جرح ليس بهين ... قبض على ذراعه يصيح متألما بينما تصرخ هي بجنون :
- مش هسيبك تدبحني زيه .. لو قربت مني هقتلك
مع تلك الصرخات تعالت صيحات أدهم يدق علي باب الغرفة بعنف يصرخ في مراد غاضبا :
- مراد أفتح يا مراد ... مراد حرام عليك يا أخي ما تأذيهاش ... افتح الباب يا مراد
حملق مراد بتلك الواقفة تمسك بالسكين بنظرات مصدومة فزعة لا يصدق أنها كادت تقتله جرحت ذراعه بذلك الجرح المخيف ... بينما كانت تقف هي ترتجف بعنف تقبض بكفيها علي السكين تتساقط قطرات الدماء من نصلها ... جسدها يرتعش تنهمر دموعها بعنف بلا توقف تهذي بحرقة :
- مش هسيبك تدبحني زيه ... لأ لأ
شهقت بعنف حين كسر أدهم باب المطبخ القديم دفعة وأخري كان سقط أرضا ... ظهر عند باب الغرفة ... توسعت عينيه مدهوشا حين رأي المشهد بالداخل ... كان يتوقع شيئا آخر تماما ... هرولت روحية ناحيته ما أن رأته وقفت خلف ظهره تقبض علي تلابيب ملابسه تهمس من بين شهقاتها العنيفة :
- ابعده عني ... أبعده عني ...
نظر أدهم مشفقا لتلك التي ترتجف بعنف تتمسك بملابسه كطفلة صغيرة مذعورة ... ليعاود النظر لمراد بإشمئزاز يصيح فيه محتدا :
- أنت ايه يا أخي شيطان ... شايل قلبك وضميرك ... دا الشيطان نفسه يصعب عليه يأذيها دي عيلة صغيرة ما كملتش 20 سنة ... إيه ما فيش في دماغك غير القرف دا ...
اشتعلت عيني مراد بنيران غضب سوداء قاتمة يكفي ما فعلت تلك البلهاء منذ لحظات والآن أخيه الأحمق يعطيه درسا في الأخلاق اندفع ناحيته يطحن أسنانه بغيظ قبض علي تلابيب ملابس أدهم بعنف يصرخ فيه :
- دي مراتي ... أعمل فيها اللي أنا عاوزه .... أبعد من طريقي .... احسنلك يا أدهم
جل ما حدث أن ارتسمت ابتسامة صغيرة متهكمة علي شفتي أدهم نظر ليدي مراد التي تقبض علي تلابيب ملابسه نظرات باردة ... رفع يده بهدوء تام يقبض بأصابعه علي الجرح النازف في يد مراد ليصرخ الأخير ألما بينما توسعت ابتسامة أدهم يتشدق مستمتعا :
- عارف يا مراد أنا تربية حمزة السويسي ... ولو مش عارف مين هو حمزة السويسي دا واحد لما كان بيتكلم كان الشيطان بيجب ورقة وقلم ويقعد يتعلم منه ... علمني كويس اوي اني ما اخدش حقي بدراعي لاء ... اخده بدماغي ... ادور علي نقط ضعف اللي قدامي وادوس عليها ...
انهي كلامه ليضعط بعنف علي يد مراد فصاح الأخير متألما ... ترك أدهم ذراع مراد ليقبض بيمناه فقط علي تلابيب ملابس شقيقه يتمتم مبتسما :
- علمني ابقي ومحترم وحنين مع الناس اللي تستاهل ... وابقي اسوء خلق الله مع اللي يفكر يدوسلي علي طرف ولا يجي علي حقي ...فاهمني يا مارو
لفظه بعيدا عنه بعنف ليرتد مراد للخلف ينظر لأدهم مدهوشا لم يعتاد منه ذلك الوجه الإجرامي .... لم يره منه فقط .... تحرك أدهم يلف ذراعه حول كتفي روحية يصطحبها للخارج بعيدا عن مراد ... خرج بها من المطبخ ناحية صالة المنزل لتتوسع عينيه في ذهول حين رآها ... هي تقف أمامه عند باب المنزل الذي فُتح توا تقف جوار جدته ... زاد وجيب قلبه ... تسارعت أنفاسه ينظر لها مدهوشا ... بينما غزا الألم مقلتيها حين رأته يلف ذراعه حول كتفي تلك الفتاة ... تري من هي ... ولما يحتضنها بذلك الشكل ... بهذه السرعة نسيها وأحب وربما تزوج من اخري ... فاض الألم من حدقتيها ... شعور بشع نهش قلبها ... التفتت تود الهروب والركض تندم لأنها جاءت إليه ... كانت فقط تريد رؤيته للمرة الأخيرة قبل أن ترحل ويا ليتها لم تفعل ... ها هو قد نسيتها بين ذراعيه داخل صدره استطونته غيرها ... ما كادت تتحرك انتفض هو ابتعد عن روحية يركض ناحيتها يمسك برسغ يدها يهتف متلهفا مذعورا :
- مايا استني ...أنتي فاهمة غلط والله فاهمة غلط
التفت له ترميه بنظرات حاقدة كارهة .. شدت علي أسنانها تحاول بعنف جذب يدها من يده ... صرخت فيه باكية :
- أبعد عني ...
دي مرات مراد اخويا والله مرات اخويا ... صاح بها متلهفا يتمسك بيدها كأنها طوق نجاته الأخير في هذه الدنيا ... توقفت مايا عن الحركة تنظر لتلك الفتاة تقطي جبينها متشككة ... لتتوسع مقلتيها في صدمة حين رأتها تمسك سكين غارقة في الدماء ... وبالقرب منهم يقف شاب ذراعه الأيمن به جرح طويل ينزف بغزارة ... ابتلعت لعابها خائفة ... تنظر لما يحدث مدهوشة ... لم تفق علي الا صوت شهقة قوية أتت من السيدة الواقفة جوارها ... ضربت منيرة بيدها علي صدرها تغمغم مذعورة :
- في ايه يا أدهم ... ايه الجرح اللي في ايد مراد دا
نظر أدهم لمراد الذي التقط قطعة قماش يلفها حول جرح يده ... ليعاود النظر لمنيرة شد علي أسنانه يغمغم حانقا :
- حادثة بسيطة مراد كان بيهزر مع روحية ويشد منها السكينة فعورت ايده ...
اقترب أدهم من روحية يجذب السكين من يدها أعطاها لجدته يبتسم في هدوء مغمغا :
- كوباية عصير يا جدتي
جذب يد مايا خلفه إلي غرفته ... لتجذب منيرة يد روحية تتوجه بها ناحية مراد تنظر له بشراسة تهمس له بصوت خفيض حانق :
- اقطع دراعي .. أنك كنت عايز تأذي البت .. مش كدة ..لو هي اللي عملت فيك كدة تستاهل ما عندكش ريحة الدم ... كاتك الارف في شكلك
احتدت عيني مراد في غيظ يرمي روحية بنظرات قاتلة يتوعدها بالاسوء دفع جدته بعيدا عن طريقه بعنف لتشهق روحية مذعورة تسرع بإسنادها ... تحرك مراد لخارج المنزل دون أن يلقي عليهم نظرة واحدة ..أسرعت روحية بإسناد منيرة إلي اقرب مقعد اجلستها تسألها متلهفة :
- انتي كويسة
ابتسمت منيرة في شحوب تحرك رأسها إيجابا ربطت علي الوسادة الخالية جلست روحية لتربت منيرة علي يدها تسألها بترفق :
- انتي اللي عملتي فيه كدة
ادمعت عيني روحية اخفضت انظارها أرضا تؤمي برأسها إيجابا بخفة .. همست بصوت خفيض مقهور :
- هو ليه مؤذي كدة أنا ما اذيتوش ... أنا عملتش حاجة عشان يحصل فيا كل دا
زفرت منيرة حزينة علي حال الفتاة وحال حفيدها قبلا عادت تربت علي يد روحية من جديد تهمس لها مشفقة :
- يعملوها الكبار ويقعوا فيها الصغار يا بنتي ... وحيد لما طلق نعمات أم مراد ما كدبتش خبر وراحت اتجوزت ورمت ابنها ... ووحيد راح اتجوز وسافر هو ومراته يشتغل في بلد عربي كان مراد عنده خمس سنين بالكتير ... وانا كنت علي قد حلاتي أوي كنت يادوب بوفرله مصاريف المدرسة ... مراد عاش محروم من حنية الأم وسند الأب .. كنت بحاول والله يا بنتي اعوضه ... بس ما فيش فايدة ... مراد بقي بيكره اي حد أحسن منه وممكن يعمل اي حاجة عشان يأذيه ... وبيحس بنصر أنه اقوي من حد وإن في حد أضعف منه ... شيطان نفسه يا بنتي هقول إيه بس حاولت معاه كتير وما فيش فايدة فيه
انهمرت دموع روحية بغزارة تنعي مأساتها هي وليست مأساة مراد فهي تعذبت إضعاف ذلك ولم تفكر أبدا في أذية من كان ولكن العكس تماما حدث ...هي من يؤذيها الناس ... هي من تقتل بكل نظرة ... زاد نشيجها لتهمس من بين شهقاتها المختنقة :
- أنا ذنبي إيه ... أنا شوفت عذاب وذل إضعاف ما هو شاف ... ابويا وامي ماتوا وأنا عيلة صغيرة ... وسيد أخويا كان بيضربني صبح وليل ... وفي الآخر ادبحت وجه هو يكمل عليا ... ليه الدنيا بتكرهني كدة أنا ما اذتش حد
والله عمري ما اذيت حد
جذبتها منيرة تعانقها تخبئها بين ثنايا أحضانها الدافئة ... لتتسمك روحية بها تنخرط في البكاء
________________
توقفت سيارته أمام أحدي المطاعم الحديثة التي تقدم الوجبات السريعة ... نزل سريعا من السيارة ليلتف حولها فتح الباب المجاور لها ينحي للأمام قليلا يتمتم مبتسما :
- تفضلي أميرتي
ابتسمت شبه ابتسامة تنزل من سيارته تلتقط حقيبتها سارت جواره إلي داخل المطعم ...إلي اقرب طاولة فارغة اسرع يتقدمها يجذب لها المقعد جلست ليدفعه للأمام قليلا برفق ...يفعل نفس الحركات التي كان يفعلها زيدان تقريبا ... ابتلعت لعابها مرتبكة حين مر طيفه في عقلها حركت رأسها نفيا سريعا تزيح الصورة من رأسها ... جلس معاذ علي المقعد المقابل لها يتمتم مبتسما في سعادة :
- ما تعرفيش أنا سعيد ازاي عشان خرجنا مع بعض ... بجد كنتي وحشاني أوي ... قوليلي بقي تحبي تاكلي ايه أنا عن نفسي واقع من الجوع
ابتسمت تمد يدها تفتح زجاجة المياة الموضوعة علي الطاولة ارتشفت منها القليل لتغلقها ... حركت رأسها نفيا بخفة ترسم ابتسامة باهتة علي شفتيها :
- لا يا معاذ شكرا أنا مش جعانة ممكن اخد عصير فراولة
ظهرت خيبة الأمل جلية علي قسمات وجهه إلا أنه ابتسم يومأ برأسه إيجابا ... أشار للنادل يمليه ما يريدان ... بينما وجهت هي انظارها لحائط الزجاج الكبير جوارها تنظر للشارع من خلاله توسعت عينيها في دهشة حين رأته يقف هناك عند إشارة المرور يبتسم يلوح لها ... تسارعت دقات قلبها أغمضت عينيها سريعا وفتحتها لتراه اختفي ... ابتلعت لعابها متوترة التفت برأسها لمعاذ الذي بادر يقول بابتسامة واسعة لا تغادر ثغره :
- قوليلي بقي ... مبسوطة في الشغل عند باباكي في الشركة ... لو مش مبسوطة أنا عندي علاقات كتير اقدر اجبلك شغل في اي مكان تحبيه
حركت رأسها نفيا ارتسمت ابتسامة متوترة علي شفتيها تغمغم في ثبات :
- لا بالعكس أنا مبسوطة جدا بالشغل في شركة بابا ...
ابتسم لها كاد أن يقول شيئا ما هو فقط من يعرفه حين دق هاتفه أخرجه من جيب سرواله نظر لاسم المتصل ليعاود النظر للينا يتمتم مبتسما :
- ثواني هرد علي الموبايل
قام من مكانه متجها لخارج المطعم وقف خارجا يتحدث في هاتفه لتسمع هي في تلك اللحظات أصوات ضحكات صاخبة لفت رأسها لمصدر الصوت لتجد فتاة شابة تجلس جوار رجل من خاتم الزواج الذي يطوق إصبع يد الفتاة اليسري عرفت أنه زوجها يجلسان متجاوران ... كل منهن يرتدي قفازات بيضاء شفافة يمسكان شطائر كبيرة من اللحم يسيل منها الجبن يغرق قطع البطاطس التي تفترش الطاولة ... يضحكان علي مشهد الفتاة والجبن يلطخ وجهها ... ارتسمت ابتسامة حزينة علي شفتيها حين اخذها عقلها لمشهد مشابة
Flash back
وقف بسيارته أمام أحدي المطاعم المتخصصة في المأكولات البحرية نزل منها ليلتف حول الباب فتح البا لها يشبك أصابعه في أصابعها يلتف الهواء البارد يتطاير معه خصلات شعرها ... إلي داخل المطعم اتجها .... مقعدين متجاورين جلست وجلس جواره ليلف ذراعه حول كتفيها خلع نظارته الشمسية لتقابل زرقاء عينيه القاتمة سمعت صوته يسألها مبتسما :
- مبسوطة
أوي .... كلمة واحدة نطقتها تعبر بها عن سعادتها في تلك اللحظة يكفي أنها ما عادت تخشي الناس باتت تتحرك بينهم كأنها جزء منهم ... اكتشفت اخيرا حبها لزوجها العاشق ... وقريبا ستفاجئه بحفلة مميزة لهما فقط تعترف له بحبها ... اجفلت علي حركة يلبسها قفازات شفافة في يدها قطبت جبينها متعجبة ليغمغم هو مبتسما :
- البسيها عشان ايدك ما تتوسخ وانتي بتاكلي ... اكل السمك ما ينفعش معاه شوك وسكاكين
ضحكت بخفة تلتقط القفاز الآخر ترتديه هي تحرك أصابعها بخفة داخل القفازات صدم كتفه بكتفها برفق .. التفتت له ليغمزها يتمتم مبتسما :
- شبه الجوانتيات بتاعت الدكاترة ...اكيد وحشتك الكلية مش كدة
اختفت الإبتسامة من فوق شفتيها تنهدت حزينة تحرك رأسها نفيا بلعت لعابها تغمغم باختناق :
- بصراحة يا زيدان أنا ما بحبش الكلية دي وعايزة اسيبها
ظهرت الصدمة جلية علي قسمات وجهه ظنها فقط تمزح بالطبع تمزح ... خرجت منه ضحكة غير مقصودة يسألها متعجبا :
- انتي بتهزري يا لينا صح .. جاية تكتشفي انك ما بتحبيش الكلية وعايزة تسيبيها بعد خمس سنين ... اخترتيها ليه من الأول
خرجت من بين شفتيها تنهيدة حارة مثقلة قيد آخر من القيود التي لفها والدها حول معصميها رغما عنها همست بخفوت حزين :
- بابا السبب ....
قاطعها قبل أن تكمل ما ستقول ليقول سريعا :
- لاء معلش انا كنت حاضر الموقف كله ... خالي سألك عايزة تدخلي كلية إيه يا لينا قولتيله مش عارفة .... قالك سهيلة صاحبتك هتدخل طب تحبي تدخلي انتي كمان ولا في دماغك كلية تانية ... قولتيله خلاص هبقيةمع سهيلة
حركت رأسها إيجابا تؤكد كل حرف يقوله اخفضت رأسها أرضا تزيح خصلات شعرها خلف أذنيها تكمل له الجزء الآخر من القصة الذي لا يعرفه هو :
- فعلا دا حصل ... بس بعدها بشهرين تقريبا ما قدرتش استحمل الدراسة في الكلية ما حبتهاش ... روحت لبابا وقولتله أنا مش عايزة اكمل في الكلية دي ... زعقلي وقالي دا اختيارك ولازم تتحملي نتيجته ورفض تماما اني انتقل من الكلية
قطب جبينه غاضبا لما يفعل خاله ذلك ... نظر لتلك الجالسة جواره مد يده يرفع رأسها برفق ابتسم يحادثها بحنو :
- أول ما نرجع القاهرة هننقل من ورقك من كلية الطب لأي كلية أنتي عيزاها
توسعت عينيها في دهشة لم تتوقع ذلك الرد منه ابدا كانت تظنه انه سيخبرها أن تتأقلم مع الوضع إلي أن تنتهي مع دراستها ولكنه حقا فاجئها وأسعدها توترت حدقتيها حين تذكرت والدها لتهمس له مرتبكة :
- بس بابا
رفع سبابته أمام فمها يمنعها من إكمال ما تقول
يحادثها بحزم لين :
- أنتي مراتي يا لينا .. يعني صاحب القرار الأول والأخير في اي حاجة تخصك ... وأنا مش هسمح أنك تكملي في دراسة انتي مش عيزاها ... أنا دايما جنبك وفي ضهرك ... يلا يا حبيبتي بقي ناكل الأكل تلج
خرجت من شرودها السعيد فجاءة علي حركة يد معاذ أمام وجهها ... تحركت عينيها ناحية وجهه لتختفي صورة زيدان ويحل محلها معاذ الذي يقف يبتسم لها يسألها قلقا :
- لينا انتي كويسة
بصعوبة زيفت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا ... تحاول إخراج قلبها من تلك الفقاعة الوردية التي تملكته فجاءة
_____________
علي صعيد آخر بعيد للغاية لم يكن حاله أفضل إطلاقا ...يجلس علي المقعد في احدي المطاعم أمامه إنجيلكا التي تتحدث بإنطلاق بلا توقف تخبره بمدي سعادتها بوجودها في مصر وتعرفها عليه ... هي تتحدث ومعه وهو في واد آخر عقله أخذ قلبه وفر في بوتقة أحلامه يذوب مع عشقه يتذكر سعادته القصيرة معها ضحكاتها ابتسامتها كلامها خجلها ... يتلف معهم جميعا في حلم وردي جميل ... حلم لم يدم طويلا استيقظ منه سريعا حين شعر بيد تحرك ذراعه بعنف ... قطب جبينه غاضبا ليجد انجليكا تنظر له قلقة تحادثه متلهفة :
- zedan are you ok
رسم ابتسامة صفراء مجاملة علي شفتيه يومأ برأسه إيجابا ... لا يعرف لما شعر في تلك اللحظة بقبضة قوية تعتصر قلبه يشعر بقلق لا يعرف له سبب علي صديقه حسام .. لم ينتظر انتشل هاتفه من جيبه يطلب رقم حسام مرة تليها أخري وأخري وأخري ... يشعر بالقلق يتفاقم عليه ... اخيرا أجاب سمع صوت حسام الباكي ما أن فتح الخط :
- أمي بتموت يا زيدان
انتفض من مكانه توسعت عينيه فزعا ليهدر سريعا :
- أنا جايلك حالا مسافة السكة هبقي قدامك
اغلق الخط يخرج النقود من جيبه وضعها علي الطاولة ليأخذ طريقه ركضا لخارج المطعم ... وصل إلي سيارته ليقفز فيها ما كاد يتحرك بها شعر بها تستقل المقعد المجاور له التفت برأسه لها يصيح فيها :
- انجليكا انزلي ... أنا نازل مصر
حركت رأسها نفيا بعنف تعقد ذراعيها أمام صدرها تقول في حزم :
- نو أنا هاجي مآك مصر
لم يكن له الوقت ليجادلها يرغب فقط في أن يصل لصديقه بأسرع وقت ممكن ... دهس مكابح السيارة بعنف يأخذ طريقه عائدا لدياره
_____________
اخيرا وصل بعد طول عناء حادث بشع علي الطريق ادي لوقف حركة المرور الوقت لا يمر ابدا ... كاد أن ينزل من سيارته ويتحرك ركضا يود فقط أن يلحق بها ... يشرح لها ما تجهله ..... سيشرح لها الوضع كاملا وهي ستتفهمه لينا تحبه لن تتركه ....من المستحيل أن تفعل .... توقف بسيارته في الحديقة لينزل من السيارة يتحرك بخطي سريعة متلهفة إلي باب منزله ... فتح الباب بمفتاحه الخاص ليراها ... وقعت عينيه عليها ما أن دخل تجلس هناك علي الأريكة تبتسم !! ... ابتسامة هادئة ابتلع لعابه مرتبكا حين رأي حقيبة ملابس كبيرة جوارها مباشرة ... وقفت ما أن رأته تحركت خطوتين للأمام ابتسمت تحادثه بهدوء شديد :
- إتأخرت ....بقالي كتير مستنياك ... ما علينا ... طلقني
توسعت عينيه مصدوما حين نطقتها بسلاسة شديدة كأنه تخبره بأن يحضر لها كوب ماء ... حرك رأسه نفيا سريعا تقدم ناحيته يحاول أن يشرح لها ما رأت بعينيها :
- لينا اسمعيني بس ... الموضوع مش
رفعت كفها أمام وجهه لترفع كتفيها بعدم اهتمام .... حقا لم يعد يهم ما سيقول بعد ما رأت وعرفت انتهي الحديث قبل أن يبدأ ... حركت رأسها نفيا بخفة تردف مبتسمة :
- مش ... لاء هو مش مهم حقيقي اي الموضوع ... المهم نتيجته ... فلو سمحت بهدوء طلقني
قطب جبينه مدهوشا من طريقتها الغريبة في الحديث ... يعرف أنها تتألم تنزف قلبها يدمي ولكنها حتي لم تزرف دمعة واحدة وربما فعلت قبل أن يأتي ... أسرع في خطواته يقف أمامها مباشرة يردف منفعلا :
- مش هطلقك يا لينا ... ما فيش اي حاجة في الدنيا دي تجبرني إني اطلقك ... انتي مراتي ولحد تخرج روحي من جسمي
ضحكت .... الموقف لم يعد به ما يستدعي الضحك ولكنها ضحكت بخفة ... علي ما يقول عادت تجلس مكانها علي الأريكة من جديد همهمت تردف ساخرة:
- امممم ... احنا هنرجع بقي لشغل الجنان بتاع زمان ... بس للأسف لينا بتاعت زمان مش هي لينا بتاعت دلوقتي ... لآخر مرة يا خالد بقولهالك بهدوء ... طلقني كدة خلصت ... خلاص ... روح لمراتك وابنك هما أحق بيك دلوقتي ... مراتك تعبانة شكلها
اشتعلت دمائه غضبا فما كان منه إلا أن اقترب منها قبض علي ذراعيها يجذبها لتقف أمامه يصيح فيها محتدا :
- مالك يا لينا فيكي إيه .... طلاق مش هطلق يا لينا وخروج من البيت دا مش هيحصل ... أنا ما اتجوزتش شهد حبا في الجواز كنت اتجوزت من زمان ... أنا بس ضميري كان هيموتني بسبب اللي حصل فيها زمان بسببي
رفعت يدها تشير لنفسها توسعت عينيها في صدمة ... ابتسمت ابتسامة متألمة معذبة تصيح بحرقة :
- وأنا .... أنا فين ... ضميرك ما بيأنبكش علي اللي عملته وبتعمله فيا ... ما حطتنيش في حساباتك ... قولت مش مهم هي كدة كدة بتسامحني
حركت رأسها نفيا سريعا يحاول امتصاص حالة الصدمة التي هي فيها ليردف سريعا :
-أنا ما حسبتهاش كدة ... أنا شوفت شهد بعد سنين أنتي أكتر واحدة عارفة أنا قد ايه بتعذب بذنبها ... طلبت منها تسامحني كان شرطها الوحيد أني اتجوزها ...حاولت بكل الطرق اقنعها اني هقدر اعوضها بأي شكل تاني بس هي رفضت ... ما كنش قدامي حل تاني صدقيني ما كنش قدامي حل تاني .... لينا أنا بحبك والدنيا كلها عارفة اني عديت مرحلة الجنان بيكي .... عمري ما افكر اجرحك او ااذيكي ابدا دي الحكاية كلها
ابتعدت عنه فكت حصار ذراعيه تعود للخلف تحرك رأسها نفيا مرة تليها أخري وأخري ... عند ذلك الحد هطلت دموعها تصيح فيه :
- حسيت بالذنب ناحيتها وما حستش بالذنب ناحيتي ... بتحبني وأنت بتتجوز عليا ... بتحبني وأنت بترمي نفسك في حضن واحدة تانية ... حب ايه دا ... أنت ما بتحبش غير نفسك يا خالد .. ومستعد تعمل اي حاجة عشان خاطرها ... بس لا خلاص يا خالد كل اللي بينا خلص ... شوفتك بعيني واخدها في حضنك ...
أنا بكرهك يا خالد بكرهك اوي !!! ... طلقني بقولك طلقني
حرك رأسه نفيا بعنف كور قبضته يشد عليها قلبه علي وشك أن ينفجر من حالتها البائسة علا صوته يصيح محتدا :
- مش هطلقك يا لينا انتي فاهمة ... هتفضلي مراتي علي ذمتي سواء وافقتي علي دا او لاء
- أنت مجنون ....
جملة واحدة صرخت بها بحرقة قلبها النازف مما عرفت روحها تصرخ وجعا مما عرفت ورأت بعينيها ... لتراه يفتح ذراعيه علي آخرهما يصرخ بنبرة عالية حادة مختلة :
- ايوة أنا مجنون ... مجنون يا لينا ... اطلبلي العباسية يحجزولي أوضة فيها .... بس بسرير كبير عشان يوم ما هدخلها هاخدك معايا ...
تسارعت أنفاسها بحدة تنظر له بكرة نافرة كارهة لتصرخ بقهر :
طلقني يا خالد .... بقولك طلقني ... طلقني لهخلعك
وقعت الكلمة بعنف علي نفسه ... وقف متجمدا للحظات ينظر له مصدوما عينيه شاخصة تحرك ناحيتها وقف أمامها مباشرة يلف ذراعيه حول خصرها جذبها بعنف لترتطم بصدره رفعت وجهها تنظر له بقهر لتحتد قسماته يهمس بكلمة واحدة :
- تخلعيني ؟!
أحمر وجهها غضبا تحاول الإفلات من بين يديه تدفعه بعيدا عنها بعنف تصرخ فيه :
- ايوة هخلعك ... طلقني بالذوق احسنلك بدل ما افضحك وتبقي خالد باشا المخلوع ... وأنت عارف بابا يقدر يخلعك في لحظات
وقف صامتا للحظات قبل أن يقترب برأسه منها يهمس جوار اذنيها بنبرة جنون تعرفها عاصرتها قديما :
- لينا هانم الشريف ... بنت جاسم باشا الشريف .. أنتي مراتي غصب عن عينك انتي وابوكي ... وخلي جاسم باشا الشريف يجيب آخره ... أنا لو عايز انسفه مش هتطلع عليه شمس بكرة ....
دفعته في صدره بعنف ليتركها بملئ ارادته عاد خطوتين للخلف لتتوجه هي ناحية حقيبة ملابسها قبضت علي ذراعها تجذبه بعنف ليخرج من مكانه شدته بقوة التفتت ناحية خالد تمسح ما سقط من دموعها بعنف تردف بثبات :
- ما تزعلش من اللي هعمله
جذبت حقيبتها لتخرج بخطي سريعة من المنزل كان بين شقي الرحي أما أن يتركها تغادر او يجبرها علي البقاء ... وهي حقا في حالة لا تسمح له بأن يجبرها علي أي شئ ربما من الافضل أن تبتعد قليلا حتي تهدئ ... لم يمنع قدميه أن تتحرك ناحية الحديقة .... رآها تتوجه الي سيارتها في لحظة وقوف سيارة ابنتهم في حديقة المنزل ... نزلت لينا من سيارتها قطبت جبينها متعجبة تنظر لحالة والدتها وتلك الحقيبة فئ يدها توجهت لها سريعا تسألها قلقة :
- مالك يا ماما ايه الشنطة دي ... وبتعيطي ليه
ابوكي طلع متجوز عليا ....نطقتها لينا بسخرية مريرة لتتوسع عيني الأخيرة تنظر ناحية والدها في دهشة ... كيف مستحيل أن يفعل والدها ذلك ... اجفلت علي جملة والدتها :
- هتيجي معايا عند جدك ولا هتفضلي هنا
ابتلعت لعابها مرتبكة لا تعلم كيف انقلب الحال فجاءة وتقف في موضوع اختيار بين والديها ... والادهي من ذلك والدها متزوج من أخري ... لما يفعل ذلك من الأساس الجميع يتغني بعشقه العظيم لوالدتها كيف يفعل بها ذلك ... جاء صوت والدها قريبا منها :
- روحي مع ماما يا لينا ما تسيبهاش لوحدها
ابتسمت لينا « الشريف » ساخرة تنظر لابنتها :
- هستناكي في العربية هاتي شنطة هدومك
استقلت مقعد السيارة الخلفي تغلق بابها بعنف ...بينما أسرعت الصغيرة للداخل لتجلب حقيبة ملابسها .. وقف خالد بالقرب من سيارة زوجته لحظات قبل أن يتحرك ناحيتها فتح الباب المجاور لها يدني بجسده قليلا ناحيتها يحادثها نادما :
- أنا عارف اني غلطان وانك مجروحة بس اديني فرصة افهمك الموضوع كله ... زمان من سنين طويلة رفضتي تسمعيني فاكرة وصلنا لحارة سد وخدتي المسدس بتاعي وهددتيني أنك هتموتي نفسك لو ما طلقتكيش ... فاكرة
رفعت وجهها تنظر لعينيه مباشرة ... رأي نظراتها الصارخة داخل مقلتيها الصامتة ... ارتسمت ابتسامة مريرة علي شفتيها تردف ساخرة :
- كنت غلطانة ... انت ما تستاهلش أموت نفسي بسببك
ويال سخرية القدر لينا كلامها بات أحد من الرصاص ... جاء ابنتهم بعد لحظات صمت قاتلة ... لتمد يدها تجذب الباب بعنف تغلقه ... اشارت للسائق بأن يتحرك ... التفتت لينا لوالدتها تحاول أن تواسيها بأي شئ ... ما إن فتحت فمها بادرت والدتها تقول :
- مش عايزة اسمع حاجة
_________________
في الحارة تحديدا في غرفة أدهم ... يجلس أمامها ينظر له بتلهف لا يصدق أنها هنا أمام عينيه يراها من جديد بعد طول غياب .. كان يشبع شوقه أن يختلس النظرات إليها من خلال كاميرات المراقبة ولكنها ها هنا الآن أمام عينيه
بصعوبة منع نفسه من أن ينتشلها ويجذبها لاحضانه يشبع روحه من شذي عبيرها الذي اشتاقه حد الموت يعشقها بل يذوب بها عشقا .. تحرك لسانه تلقائيا يهمس لها بشغف عاشق :
- وحشتيني اوي يا مايا ... أنا مش مصدق نفسي أنك قدام عينيا ... اني شايفك ... وحشتيني كلمة ما تعبرش عن شوقي ليكي
توترت حدقتيها خفق قلبها بجنون كلماته تذيب جليد قلبها العاصي ... اختنقت نبرتها حين همست تعاتبه :
- أنت كنت عايز تأذيني ... كنت عايز تنتقم من بابا ...فيا
حركت رأسه نفيا سريعا مد يده يمسك كف يدها يغمغم سريعا متلهفا :
- ما قدرتش والله ما قدرت ... صدقيني أنا بكره نفسي في اليوم ألف مرة عشان فكرت بس اني ااذيكي
رفعت رأسها إليه .... لتبدأ بينهما وصلة عتاب سيتغير بعدها الكثير
______________
في مكان بعيد ... بعيد للغاية قصر كبير ضخم بشكل مخيف ... تحطيه حراسه كثيفة من جميع الجهات ... خلف أحد ابوابه المغلقة يسمع صوت حديث اسود ملعون
- تفتكر ايه هي نقط ضعف خالد السويسي
- طبعا مراته وبنته
- بس هما دول نقط ضعفه ... لو قسمناهم هنلاقي في الأول خالص مراته وبنته وبعدين اخواته ومامته وبعدين باقي العيلة ... لما نعوز ندمره نضرب مين الأول
- مراته او بنته
- غلط ... عشان ندمره نضربه من الابعد للاقرب ... مين اقرب واحد لخالد في اخواته
- حمزة أخوه التؤام ... الدون
- بالظبط هو دا هدفنا الجاي ... رصاصة واحدة وتخلصنا منه ... وبعدين نشوف الاقرب والأقرب والاقرب لحد ما يتجنن من قهرته عليهم
في الحارة ... تحديدا في منزل السيدة منيرة
أبعدت روحية منيرة عن أحضانها بعد أن هدأت من موجة بكائها العنيفة .. مدت يدها تمسح دموع الفتاة بحنان يفيض من عينيها ... امسكت ذراعيها تشد عليهما تتمتم في حزم :
- خلاص يا روحية اللي راح ... راح مش هتفضلي طول حياتك تبكي علي اللي فات ... نبص لقدام ... أنا لقيتلك شغل علي فكرة
توسعت عيني روحية في ذهول تنظر لمنيرة مندهشة لتحرك الأخيرة رأسها إيجابا تؤكد كل حرف قالت تردف :
- واحدة معرفة من زمان .... بيتشتغل في عيادة دكتور بتدخل العيانين وتنظمهم بيقولوا عليها السكرتيرة دي ... هتقعد من الشغل عشان عيالها التؤام في ثانوية عامة السنة دي وعايزة تركز معاهم في المذاكرة ... جوزها ما شاء الله راجل كسيب وفاتح بيته ومكفيه وقالها كفاية كدة شغل مالوش لازمة ...وقصدتني اشوف حد يجي مكانها ... ها قولتي إيه
توترت حدقتي روحية في حيرة يأكلها الخوف والفزع ... بعد ما حدث لها باتت ترتعب من الناس نظراتهم أحاديثهم حتي رؤيتهم باتت تخيفيها ... لن تسلم من ألسنتهم الحادة التي تلقيها بأقذع الكلمات ... حركت رأسها نفيا بعنف ترفض الفكرة من أساسها .... لتشد منيرة علي يدها تحادثها بحدة :
- ما فيش حاجة اسمها لاء يا روحية .. أنا مش هسيبك تدفني نفسك بالحيا .. عيادة الدكتور أصلا في حتة بعيدة عن المنطقة دي بكل اللي فيها ... ويبقي حد يفتح بوقه معاكي بربع كلمة
طب ومراد .... همست بها روحية بنبرة خافتة مفزوعة .... لتشيح منيرة بيدها بلامبلاة تتمتم ساخرة :
- انتي فاكرة أنه هيجي تاني ... أنا سمعته بيتكلم في التليفون بيقول أنه مسافر ودا لما بيغيب بيقول عدولي .... المهم انتي الست هتسيب الشغل آخر الاسبوع دا .. فكري كويس
ماشي يا روحية
ابتلعت صحراء لعابها الجاف تؤمي برأسها إيجابا .... تفكر
_________
بالقرب منهم في غرفة أدهم علي فراشه يجلس هو يمد ساقه المكدومة ... وتجلس هي علي مقعد يلتصق بالفراش وجهه مقابل لوجهها ... مد يده يمسك بكف يدها يشبك أصابعه في أصابعها لترفع وجهها إليه ترميه بنظرات عتاب قاسية حزينة ليتنهد بحرقة يهمس لها بشغف :
- والله بحبك ... بحبك أكتر من روحي ... سنين وأنا بتعذب بحب الناس كلها شيفاه حرام ... يوم ورا يوم وانتي بتكبري قدام عينيا .... وبيكبر عشقك في قلبي ... بغير عليكي من روحي ... أنا عارف اني غلطت ... غلط كبير ... خنت أبويا اللي رباني ... لما حبيت بنته ... بس غصب عني ... باباكي لما اتبناني كان عندي 8 سنين كنت كبير وفاهم وعارف أن دا مش بابا ... وانتي مش اختي .. وغلطت تاني لما سمحت لشيطاني يتحكم فيا وكنت عايز انتقم من أبويا ... أنا بتعذب كل لحظة بنار الندم كل ما بفتكر هو قدملي إيه وكنت هرد جميله بإيه ... بحس إن أنا أسوء إنسان في الدنيا ... بكره نفسي لأني فكرت حتي أني ااذيكي ... سامحيني يا مايا ... أنا ما فيش في ايدي اي حاجة غير اني اقولك سامحيني أنا آسف ... أنا اقذر إنسان في الدنيا
أنا بحبك ... قاطعت سيل اعترافته وندمه الفائض بتلك الجملة القصيرة ... فقط كلمة وضمير اخرستا لسانه ... تفجرت دقات قلبه تدق قفصه الصدري بعنف تطالب بتحريرها ... ملئت الدموع عينيه ليشعر بأصابعها تشد علي كفه ... انهمرت دموع مقلتيها تهمس له :
- من زمان وأنت كل حاجة ليا في الدنيا ... من غيرك حاسة اني غريبة تايهة ... حتي نفسي مش عرفاها ... روحي بتدور علي اللي ضايع منها ... عارف أنا دلوقتي عارفة أنا مين حاسة بروحي وكياني ... لما بتبقي بعيد بحس إن أنا تايهة وسط الناس ...
خطت دموعه فوق وجهه ينظر لها متوترا همس مرتبكا خائفا :
- يعني سامحتيني مش كدة
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا لتنهار جميع حصونه الزائفة اسرع يجتذبها يعتصرها بين أحضانه ... يشدد علي عناقها بقلبه لا بذراعيه ... انهمرت دموعه انهارا
لا يجد ما يقوله لسانه يعجز عن الكلام وقلبه يعجز عن التوقف عن الصراخ فرحا ... حلقة ناعمة من المشاعر تحلق بقلبه ... حلقة تفتت فجاءة حين سمعها جملتها الخافتة الباكية :
- هتوحشني يا أدهم هتوحشني أوي
قطب جبينه متعجبا قلقا من جملتها ابعدها عنه ينظر لها يسألها متوترا :
- ليه بتقولي كدة يا مايا ... أنتي مش سامحتيني خلاص ... كل حاجة هترجع زي ما كانت
حركت رأسها نفيا بعنف صاحبه دموعها الغزيرة خرجت منها شهقة عالية تهمس بحرقة :
- دي آخر مرة هشوفك فيها ... بابا مصمم اننا نرجع دبي بكرة ... حاولت اعترض علي قراره زعقلي وقالي هتسافري بمزاجك ...او رجلك فوق رقبتك ... عشان كدة كان لازم اشوفك علي الأقل اودعك
أعطته الحياة السعادة للحظات قليلة لتعاود بقسوة سلبها منه ترحل تغادر بعيدا لن يراها مجددا بعد أن رآها أخيرا ... قلبه بعد أن كان يصرخ فرحا ... بات يصرخ ألما .. قهرا ... كمدا .... حرك رأسه نفيا بعنف يحتضن وجهها بين كفيه يهمس لها ملتاعا :
- ليه ... أنا ما صدقت سامحتيني .. ليه تبقي فرحتي عمرها قصير اوي كدة ...
اخفضت رأسها ألما ما باليد حيلة .. اندفع يطوقها بين ذراعيه من جديد ربما للمرة الأخيرة قبل أن تغادر بلا عودة ... خرجت من بين شفتيه أهه ملتاعة ممزقة يشعر بها جوار قلبه تحتضنه وهو يفعل المثل ... لحظات قبل أن يُفتح باب الغرفة بهدوء تاااام لم ينتبه له اي منهما ... لم يسرق تلك اللحظات منهما سوي صوت حاد ساخر يعرفه كلاهما جيدا :
- دا إيه المبالغة في المشاعر دي ...
توسعت عيني مايا فزعا حين سمعت صوت والدها يأتي من خلفها مباشرة ابتعدت عن أدهم سريعا تنظر لوالدها بأعين حاجظة مذهولة ... تنظر لعينيه الحادة المشتعلة غضبا ... رفع يده يصفق ببطئ شديد يتمتم متهكما :
- لاء برافو عليا حقيقي برافو ... برافو يا حمزة عرفت تربي ... بنتك في حضن راجل غريب علي سريره ... معلش لو كنت قطعتكوا قبل ما تجيبوا آسر وياسمين ....
ارتجف جسد مايا ذعرا تفكر في أسوء ما يمكن أن يفعل والدها في تلك اللحظات ... انتفضت واقفة من جوار أدهم وقفت جوار فراشه تنظر لوالدها متوترة بينما لا تتغير ابتسامة أدهم التي ظهرت فجاءة علي شفتيه .. اشار للمقعد المجاور لفراشه التي كانت تحتله مايا قبلا يغمغم في هدوء :
- اهلا اهلا حمزة باشا اتفضل اقعد أنت مش غريب بردوا
شد حمزة قبضته يرمي أدهم بنظرات قاتلة ذلك الفتي يطبق جيدا ما عمله هو ... ولكن عذرا لن يتفوق التلميذ علي الأستاذ ابدااا .. جذب حمزة المقعد يجلس فوقه يضع ساقا فوق أخري يرمي كلاهما بنظرات قاتلة شديدة الغضب يتمتم ساخرا :
- ما غريب الا الشيطان يا راجل ... دا أنا يا دوب ... الراجل اللي رباك طول عمرك ... أنا المغفل اللي بتقرطسه مع بنته ...
انتفض قلب مايا خوفا وابتسامة أدهم كما هي لم تهتز حتي ... كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم مبتسما :
- ليه حضرتك بتقول كدة ... يعني حضرتك شوفتني بحضن مايا قدامك أكتر من ألف مرة وما كنتش بتضايق يعني
انفجرت دماء حمزة غضبا لينتفض من مكانه يقبض علي تلابيب ملابس أدهم بقبضته اليمني فقط يصرخ فيه :
- أنا اللي غلطان اني ربيت تعبان في بيته ... اعتبرته إبني ما فرقتش بينه وبين بنتي ... الغلطة غلطتي أنا ... إني وثقت في عيل قذر زيك
أنت جاي تتجهم علي ابن ابني يا راجل إنت ... امشي اطلع برة ... برة قبل ما ارقع بالصوت وألم عليك رجالة الحتة كلها
صدر ذلك الصوت الحاد من منيرة الواقفة عند باب الغرفة تنظر لحفيدها مذعورة من هجوم ذلك الرجل عليه .... التفت أدهم لجدته يتمتم في مرح :
- بس بس اهدي يا جدتي ... حمزة باشا أبويا اللي رباني من وأنا عيل صغير ... يعمل اللي هو عايزه ...روحي معلش اعمليله فنجان قهوة مظبوط
نظرت منيرة لحمزة شرزا ... لتغادر علي مضض عينيها معلقتين بأدهم ... التفت حمزة لأدهم يبتسم ساخرا ... يتمتم متهكما :
- لاء أنا كدة اتثبت ... ونعمة التربية حقيقي
لفظ أدهم بعنف بعيدا عنه يتوجه ناحية مايا قبض على رسغ يدها يهمس لها بصوت خفيض حاد متوعد :
- ورحمة أمك ما هتشوفي الشارع تاني بعد اللي عملتيه دا
شدد كفه حول رسغ يدها يجذبها معه ما كاد يتحرك بها خطوة واحدة سمع صوت أدهم يردف سريعا :
- ثواني يا حمزة باشا معلش في حاجة أنت كنت وعدتني بيها وما نفذهتهاش ودا عيب كبير في حقك
توقف حمزة عن الحركة ليلتف خلفه نظر لأدهم مستهجنا يرفع حاجبه الأيسر ساخرا :
- حاجة ايه يا أدهم بيه
توسعت ابتسامة أدهم يتمتم بدهشة أجاد تصنعها :
- نسيت يا باشا معقولة افكرك ...يوم حادثة الأسانسير لما أنقذت مايا منه ...قولتلي أنك مستعد تديني اي حاجة اطلبها مكفاءة لمسعدتي لبنتك
نظر حمزة لادهم باشمئزاز ... ترك يد ابنته يضع يده في جيب سترته يخرج دفتر صغير للشيكات ... فتحه يلتقط قلمه عاد ينظر لأدهم يتمتم ساخرا :
- عايز كام
صمت للحظات طويلة رفع ادهم كف يده يشير لمايا الواقفة جوار الباب ... ليعاود النظر لحمزة يتمتم مبتسما :
- عايز مايا وقبل ما تفهمني غلط أنا عايز اتجوزها
خرجت ضحكة عالية ساخرة من بين شفتي حمزة مزق ورقة من دفتر الشيكات يضعه في جيبه من جديد ... خط بضع الكلمات علي الورقة يلقيها جوار أدهم ... نظر له باستخفاف ليرفع سبابة يمناه يشير له من أعلي لاسفل يتمتم ساخرا :
- أنت عايز تتجوز بنتي ... بنت حمزة السويسي ... أنت مين اصلا ... حتة موظف لا راح ولا جه ساكن في حارة ... أنت فين وهي فين ما تبصش فوق عشان رقبتك ما تتكسرش ... خد القرشين دول ... نظير مساعدتك لبنتي ... غير كدة مش عايز اشوف خلقتك تاني
التفت لابنته ليراها تنظر له نظرات مصدومة حانقة دموعها تغطي وجهها بعنف حركت رأسها نفيا تصيح محتدة :
- ليه ... بتعمل كدة ليه .... هو غلط ... كلنا بنغلط ... واكيد أنت نفسك غلطت ... أدهم ندمان وعايزك بس تسامحه وأنت بتدمره بكلامك ... أنا بحب أدهم ومش هتجوز غيره ... ومش هسافر معاك ... أنت خلاص اتجوزت وعايز تعيش حياتك أنت حر أعمل اللي أنت عايزه ... سيبني أنا كمان أعيش حياتي ...
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه ينظر لابنته ولأدهم ينقل انظاره بينهما بات هو شرير الحكاية الآن من يحاول التفريق بين عاشقين خاناه بسكين الثقة التي اسلمهم إياها .... دون حرف آخر قبض علي يد ابنته يجذبها خلفه للخارج متوجها بها الي سيارته ... دفعها إلى أريكة السيارة الخلفية ليستقل هو مقعد السائق
ينطلق إلي وجهته لا يسمع سوي صوت بكائها ونشجيها الحار
_____________
في منزل خالد السويسي
تهاوي بجسده علي الأريكة يخفي وجهه بين كفيه ... عقله متوقف يعجز عن تفسير ما حدث ويحدث الآن .... لينا لم تتفهم طريقتها الغريبة ... نظراتها حتي كلامها .. كأنها أخري غير التي أحبها وتزوجها وهام بعشقها جنونا ... يعذرها يعطيها كامل الحق لما تفعل ... لن يتركها مهما حدث جاسم بالطبع سيفعل ما بوسعه ليفرقهم وهو حقا لن يسمح ... في خضم موجة افكاره المبعثرة الحزينة ... نسي شيئا ... توسعت عينيه فزعا هب واقفا يصفع جبينه براحة يده يتمتم متلهفا :
- حسام !!!!!!!!!!
خرج يهرول إلي سيارته استقلها ينهش الطريق تحت عجلات السيارة ... انتشل هاتفه يطلب رقم صديقه ... لحظات وسمع صوت الخط يُفتح قبل أن ينطق بكلمة واحدة بادر خالد يتمتم بنبرة ممزقة :
- محمد أنا محتاجلك يا محمد ... أنا رايح على مستشفي (.......)
قاطعه محمد قبل أن ينطق بحرف آخر يغمغم سريعا :
- مسافة السكة وهبقي عندك .. كل حاجة هتبقي تمام .. اهدي .. أنا جايلك
اغلق محمد الخط وخالد يلتهم الطريق إلي المستشفى ... حسام لينا ابنته زيدان شهد صور كثيرة متداخلة تمر أمام عينيه ... يشعر بالعجز بل هو والعجز سيان في تلك اللحظة اغشت طبقة حارقة من الدموع مقلتيه ... صدم قبضته بعنف في المقود تنهمر دموعه قلبه يحترق مع دموع عينيه .... تسارعت دقات قلبه يشعر بألم بشع يغزو صدره ... جذب رابطة عنقه يرميها بعنف يفتح ازرار قميصه الأولي يحاول التقاط أنفاسه ... لا يعرف حتي كيف وصل للمستشفي .... اوقف السيارة نزل سريعا يسأل عن رقم الغرفة اخبرته بها موظفة الإستقبال ... ليأخذ طريقه سريعا إلي الطابق الثاني الغرفة 234 ... لم يستمر البحث طويلا وجد حسام يجلس علي أحد المقاعد أمام أحدي الغرف هرع إليه يسأله متلهفا :
- حسام أنت كويس ... طمني شهد عاملة إيه
لحظات صمت طويلة قبل آت يرفع حسام وجهه ويري خالد عينيه الحمراء ككرات دم انفجرت دموعه التي تغرق وجهه وجهه الشاحب ... ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي حسام يتمتم متهكما :
- أنت لسه فاكر تسأل ...
ابتلع خالد لعابه متوترا ينظر لحالة إبنه المذرية ... بينما رفع حسام يده يشير إلي باب الغرفة المغلقة أمامه انهمرت دموعه يتمتم بحرقة :
- أمي لو حصلها حاجة أنا مش هسامحك عمري كله ... امشي مش عايز اشوفك ... روح للينا هانم .... هي أغلي عندك من الكل .... مستعد تدوس علي الكل عشانها ... حتي أمي أنا اذيتها ودوست عليها عشانها ... وأنا استحملت ورضيت اني ابقي ابنك في الدري عشان خاطر الهانم .... سيبت أمي بتموت وجريت ورا الهانم .... امشي من هنا روحلها ... أنا مش عايز اشوفك
مد خالد يده يحاول أن يربت علي كتف إبنه عله يهدئ قليلا ... ليدفع حسام يده بعنف هب يصرخ فيه بحدة :
- بقولك امشي من هنا ... أنت ما بتفهمش
تنفس خالد أنفاس عميقة يحاول بها السيطرة علي أعصابه الثائرة من وقع كلمات ذلك الارعن ... تحرك يجلس علي المقعد المجاور له جذب كف يده بعنف ليعاود الجلوس .. ابتسم يتمتم في هدوء:
- لاء فاهم ومقدر الحالة اللي أنت فيها كويس ... والا كنت رقدتك في سرير جنب أمك وكان زمانهم بيدوروا علي دكتور يعالجك يا دكتور ...
نظر حسام له نافرا ليعاود إخفاء وجهه بين كفيه يدعي لوالدته إن يمر الأمر دون أن يخسرها منذ ساعات طويلة وهي داخل الغرفة يكاد يموت خوفا عليها ... اخيرا سمع صوت الباب يفتح هب يهرول ناحية الطبيب الذي خرج توا يسألها متلهفا كطفل صغير خائف :
- طمني عليها ... ماما كويسة ارجوك قولي آه
نظر الطبيب له مشفقا ... تنهد يهمس في حذر :
- للأسف حالة القلب صعبة ما ينفعش معاها علاج ... لازم يتعملها عملية في أسرع وقت .. وللأسف بردوا نسبة نجاحها قليلة
صدمة تليها أخري تقع علي رأس حسام عينيه علي وشك أن تخرج من مكانها قلبه توقف عن النبض صمتت جميع الأصوات من حوله حتي الطبيب ما عاد يسمع ما يقول اغمض عينيه تنهمر دموعه ليسمع صوت والده العزيز يحادث الطبيب قائلا :
- بكرة الصبح هتسافر لمستشفى (......) في لندن هما مجاهزين كل حاجة ومستعدين للعملية ....
اومأ الطبيب برأسه إيجابا يتمتم في هدوء :
- يكون افضل بردوا ... والمستشفى هتكون تحت امركوا بعربية إسعاف مجهزة لحد المطار ...
غادر الطبيب ... ليلتفت حسام لخالد يسأله محتدا :
- أنت كنت عارف أنها تعبانة ؟!!
حرك رأسه إيجابا ببطئ تنهد بحرقة يحادثه بترفق مراعاة لحالته المتأزمة :
- عرفت منها من فترة بسيطة ... ووصتني ما اقولكش
ارتسمت ابتسامة ساخرة كبيرة علي شفتي حسام يقهقه متألما عاود ينظر لوالده انهمرت دموعه بعنف يصرخ حاقدا :
- ولما عرفت عملت إيه ولا حااااااجة ... قولت اسيبها تموت اهو بالمرة اخلص منها ومن الذنب اللي لافة رقبتي بيه ... أنا بكرهك ... بكرهك أكتر مما تتخيل
حسام اهدي يا حسام ... اهدي يا صاحبي ... اندفع زيدان سريعا يقف حاجزا بين حسام وخالد يمسك بذراعي حسام يحاول تهدئته ... انهار حسام باكيا ما أن رأي صديقه ليرمي بما به من خوف وقلق وهم علي كتف صديقه رمي نفسه بين ذراعي زيدان يصيح بحرقة :
- امي هتموت يا زيدان ... أنا مش هعرف اعيش من غيرها ... مشيه من هنا قوله يمشي ... مش عايز اشوفه
اسرع زيدان يسند صديقه يربت علي رأسه برفق كأنه طفل صغير .... بينما يقف خالد بالقرب منهم قلبه يتفتت إلي شظايا تدمي روحه وصوت بكاء حسام يعلو ... اقترب منهم خطوة واحدة ليحرك زيدان رأسه نفيا سريعا يخبره إلا يفعل ... وقف يقبض كفه يمنع نفسه بصعوبة من انتشال طفله إلي أحضانه ... اجفل علي يد وضعت علي كتفه نظر للفاعل ليجد محمد صديقه ابتسم ما أن رآه ... ليمسك محمج كفه يجذبه ليتحرك معه دون ادني مقاومة ... لمحت عينيه وهو يغادر فتاة تقف بالقرب منهم ... تلك الفتاة رآها قبلا ولكنه حقا لا يتذكرها الآن تقف تنظر لهما مشفقة تحتضن سترة زيدان بين ذراعيها .... تحرك بصحبة صديقه إلي حديقة المستشفي جلس جواره علي أحد مقاعد الإستراحة صامتا للحظات طويلة لا يجد ما يقوله عينيه ثابتة جافة من الحياة ... مرتكزة في الفراغ السرمدي الي ما لا نهاية تصل معاناته ... اجفل علي حركة يد صديقه يربت علي كتفه ... ليضع رأسه علي كتف صديقه الجالس جواره ... زفر نفس حار يحرق احشائه .... سمع صوت محمد يسأله في رفق :
- إيه اللي حصل
دون جهد يذكر تحرك لسانه يخبر صديقه بكل ما حدث منذ أن رأته لينا في منزل شهد إلي تلك اللحظة ... انهي ما يقول لترتسم علي شفتيه ابتسامة معاناة لا تعبر عن ذرة ألم واحدة بداخله يتمتم ساخرا من حاله :
- لينا بقت بتكرهني ... وحسام بقي بيكرهني ... وشهد هتموت بسببي ... يا ريت أنا اللي اموت واريح الكل
بعد الشر عليك يا خالد ما تقولش كدة ... نطقها محمد سريعا ليمسك بذراعي صديقه يحادثه بحزم :
- كل حاجة هترجع لمجراها الطبيعي ... خليك جنب حسام ومعلش استحمل اي كلام هيقوله دي والدته بردوا ... وأنا هروح للينا لو هي رافضة تسمع منك هتسمع مني أنا ... اجمد كدة دا أنت شيخ الشباب يا راجل ... مش عيل سيكي ميكي ولا ناسي
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي خالد يومأ برأسه إيجابا ليربت محمد علي كتفه بحزم .. ومن ثم تحرك يغادر متجها الي منزل جاسم مباشرة ... بينما عاد خالد إدراجه الي حيث يوجد حسام ... اقترب منهم ليجد زيدان في المنتصف بين حسام وتلك الفتاة جلس علي أحد المقاعد المقابلة لهم يفصل بينهما الممر الطويل ... ينظر ناحية إبنه نادما .. بينما ينظر الأخير ناحية باب غرفة والدته المغلقة يدعو لها في كل لحظة
________________
في مكان آخر يبعد كثيرا عن سابقه في منزل حقا ضخم ... حديقة كبيرة ... مسبح ضخم وفي الداخل منزل واسع يتكون من طابقين ( فيلا ) فاخرة فخمة بكل ما تعنيه الكلمة من معني تجلس بدور في الصالة الضخمة امام شاشة تلفاز عريضة تنام الصغيرة سيلا علي قدميها ... بينما يلعب الصغير خالد ارضا بالكثير والكثير من الألعاب الغالية ... شردت عينيها لا تعرف أهي سعيدة أم لا هي حقا راضية ... يكفي ما قدمه لها إلي الآن .. ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها حين تذكرت ما حدث صباحا باكرا
Flash back
- مبروك يا مدام حمزة السويسي ....
ترددت تلك الجملة في عقلها عدة مرات سريعة متتالية لتوقظها رغما عنها من ثباتها العميق ... فتحت عينيها ببطئ شيئا فشئ ... رفعت يدها تمسد جبينها تشعر بألم حاد يطرق في رأسها ... لحظات وتوسعت عينيها حين بدأت تدرك أين هي ... تلك ليست غرفتها ابداا .. نظرت جوارها سريعا لتجد حمزة نائما جوارها ... لحظات وبدأت ذكريات الليلة الماضية تقتحم عقلها تخبرها بحقيقة ثابتة لا تقبل مجالا للشك أنها باتت زوجة ذلك النائم جوارها بكل ما تعنيه الكلمة من معني ... ابتلعت لعابها قلقة علي طفليها وخاصة سيلا الصغيرة كيف تنام بعيدا عنها ... الصغيرة تستيقظ كثيرا ليلا ... انقبض قلبها خوفا علي صغيرتها ... رغبت في التحرك سريعا تتوجه إلي غرفتها ... لتشعر بيده تمسك رسغ يدها شهقت متفاجئة تنظر له لتقابل ابتسامته الناعسة ... اعتدل في جلسته يفرك عينيه ابتسم يتمتم ناعسا :
- رايحة فين احنا لسه بدري اوي ...
حمحمت تحاول إيجاد صوتها الهارب تهمس متوترة :
- هقوم اشوف سيلا ... اكيد عيطت كتير بليل
ابتسم من جديد يزيح خصلة كبيرة غطت وجهها عن عينيه يحادثها برفق :
- ما تقلقيش علي سيلا ... أنا روحت اطمن عليها بليل ... لقيت لينا مرات خالد واخداها تبات معاها
ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها إيجابا ... أرادت ان تتحرك من جديد لتجده يسمك بيدها من جديد ... التفتت له تلك المرة تناظرها بنظرات متعجبة ليبتسم ينطق بكلمة واحدة :
- ندمانة ؟
قطبت جبينها متعجبة من سؤاله لتحرك رأسها نفيا تتمتم :
- ليه حضرتك بتقول كدة
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه تنهد يتمتم في تروي :
- عشان كلمة حضرتك اللي أنتي لسه قيلاها دي ... بدور أنا عارف إن لسه في بينا حواجز كتير وأنا تجاوزت كل دا باللي حصل بس ...
قاطعته حين ابتسمت ابتسامة متوترة مرتعشة تحرك رأسها نفيا تتمتم بخفوت مرتبكة :
- ما حصلش حاجة لكل دا ... دا حقك
قطب جبنيه غاضبا من تلك الكلمة التي نطقتها توا ... ليمسك بكفيها بين كفيه رفعت وجهها له حين سمعته يهتف سريعا :
- حتي لو يا درة ... أنا ما ينفعش افرض نفسي عليكي بأي شكل من الأشكال ... انتي بالنسبة لي درة يا درة ... فهماني
ارتسمت ابتسامة خجولة علي شفتيها تؤما برأسها إيجابا حمحمت بخفوت تسأله :
- هو احنا بردوا هنسافر
حرك رأسه نفيا ... لتتوسع ابتسامتها مد كفه يبسطه علي وجنتها يغمغم مبتسما :
- لا يا ستي مش هنسافر ... أنا قررت اننا نستقر هنا .. واشتريت بيت وجهزته من كله وبصفي شغلي عشان انقله هنا ... عشان خاطر عيونك أنتي ومايا
توسعت ابتسامة لتسمك بكفيه تتمتم بتلهف سعيد :
- بجد شكرا .. شكرا اوي ... أنا هروح افرح مايا
توسعت ابتسامة حمزة الخبيثة يحرك رأسه نفيا يغمغم في مكر :
- لاء خليكي عايز اعمل فيها مقلب
ضحك بشر مضحك ... ليتحرك من جوارها ارتدي خفيه ليتحرك إلي خارج الغرفة ... قامت خلفه سريعا تقف عند باب الحجرة من الداخل تحاول أن تعرف ما سيفعل لحظات وسمعته يزمجر غاضبا :
- اسمعي يا بنت حمزة اللي اقوله يتنفذ من غير نفاش ... مش هعرف امشي كلامي عليكي ولا ايه ... بكرة الصبح تكوني جاهزة بشنطك ... بمزاجك ...او رجلك فوق رقبتك هنمشي بكرة
رأته يخرج من غرفة ابنته يصفع بابها بعنف خلفه لتتوسع عينيها في صدمة لما فعل ذلك ... وقفت مقابلة له ما أن دخل إلي الغرفة تسأله مدهوشة :
- ليه زعقتلها كدة ... وبعدين دا مقلب وحش جداا ... لو سمحت روح قولها أننا مش هنسافر ... او أنا هروح اقولها ... مايا حساسة وبتتأثر بأي حاجة
ابتسم ينظر لها سعيدا ... احسن الاختيار حقا بدور تحب ابنته وتخاف عليها ... لحظات وانفتح باب غرفة مايا بعنف تخرج تهرول الي الخارج لتلتفت بدور إلي حمزة تردف سريعا :
- شوفت اهي خرجت زعلانة ... ألحقها بقي وقولها أنك بتهزر معاها ... ما تزعلهاش عشان خاطري يا حمزة
توسعت ابتسامته الواسعة من الاساس ليلف ذراعه حول كتفيها يغمغم سعيدا :
- قولي يا حمزة تاني كدة ... حاضر يا ستي عشان خاطرك ... البسي ولبسي الولاد ... هوصلكوا علي البيت .. وهروح لمايا الشغل افهمها اللي حصل ...
حركت رأسها إيجابا سريعا تتحرك بتلهف بدلت ثيابها هي والأولاد ضبت حقائبها أغلق آخر حقيبة تضعها أرضا في لحظة دخول حمزة الغرفة نظرت للحقائب نظرات حادة غير راضية رفع وجهه لها يتمتم :
- هاتي سيلا اشيلها وامسكي خالد في إيدك وسيبي الشنط دي مش هناخد حاجة منها .... أنا جايبلكوا هدومي ليكي وللولاد هناك
وقبل أن يعطيها فرصة للرد تقدم يحمل الصغيرة ليخرج من الغرفة ... وقفت للحظات لا تعرف ما تفعل تنهدت تزفر أنفاسها الحائرة لتمسك بيد طفلها تلحقه ... نزلت لأسفل لتجد خالد يبدو أنه استيقظ توا .... ابتسم ناعسا ما أن رآها .. ليقترب منها يقبل جبينها يتمتم مبتسما :
- خلاص هتمشوا
حركت رأسها إيجابا تبتسم له ليميل يحمل خالد الصغير يقبل وجنته وجبينه يحتضنه ... نظر لحمزة يتوعده قائلا :
- حمزة نصيحة تخلي بالك منهم ... عشان لو وزعلتها هنسي أنك اخويا وهزعلك أوي
ابتسم حمزة ساخرا يردف :
- خلاص يا أبو البنات ... يلا يا درة عشان ما نتأخرش
ودعت بدور خالد لتقترب من حمزة يتحركان للخارج لينظر خالد لحمزة يتمتم مشمئزا :
- درة ... رايح جاي يقول يا درة كاتك الأرف في دلعك اللي شبه وشك
سمع صوت حمزة يأتي من بعيد يصيح حانقا :
- سمعتك علي فكرة
ضحك خالد ساخرا ليعلو بصوته هو الاخر :
- ما أنا قاصد أنك تسمعني علي فكرة ... يلا ياض غور من هنا مش عايز اشوف خلقتك تاني ...
ضحكت بدور علي ما يحدث بينهما جلست علي المقعد جوار حمزة تنطلق بهم السيارة الي وجهتهم ... ساعة ويزيد إلي أن توقفت السيارة في تلك الحديقة الكبيرة ... توسعت عينيها في دهشة ... تنظر حولها تغزو ابتسامة واسعة ثغرها ... ليلف هو ذراعه حول كتفيها يسألها مبتسما :
- عجبتك الجنينة
حركت رأسها إيجابا سريعا ... تتحرك معه للداخل ... والداخل لم يكن أقل رقي بل أزيد
المكان حقا أكثر من رائع ... تقدمت للداخل في تلك اللحظات دق هاتف حمزة ... أجاب سريعا كل إن وقعت عينيه علي اسم المتصل يغمغم متلهفا :
- ايوة يا ماهر ... أدهم كويس حصله حاجة
احمرت عينيه فجاءة بغضب اخافها لتسمعه يصيح غاضبا :
- أنت متأكد أنها مايا ... طيب خليك عندك أنا جاي حالا
ودون أن ينطق بحرف كان يهرول إلي سيارته ينطلق بها سريعا الي حيث لا تعلم هي
Back
اجفلت من شرودها الطويل علي صوت باب المنزل يُفتح ويدخل حمزة يسبقه صوته الغاضب :
- ادخلي يا هانم للدرجة دي ما عرفتش اربي ..
وضعت بدور سيلا علي الاريكة لتهرول ناحيتهم سريعا وقفت حاجزا بين مايا وحمزة تصيح سريعا قلقة علي الفتاة :
- اهدي يا حمزة براحة عليها .. حصل إيه
نظر حمزة لمايا نظرات قاتلة حادة ... ليمد يده ينزع حقيبة أخرج هاتفها منها ليلقيه أرضا ليتهشم الأخير الي فتات نظر لها يصيح محتدا :
- وادي الزفت شوفي بقي هتكلميه ازاي وحسك عينك اشوفك خارجة برة باب الفيلا أن شاء الله حتي للجنينة ...
نظرت مايا له كارهة لتصرخ بقهر :
- أنت فاكر أنك كدة هتبعدني عنه ... أنا بحب أدهم وهو كمان بيحبني ... أنت اللي جمعتنا الأول ... مش هخليك تبعدنا تاني
اشتعلت أنفاسه غضبا لينظر لزوجته يصيح فيها :
- بدوور خديها من وشي عشان أنا لو فقدت أعصابي هموتها في أيدي
اسرعت بدور تجذب مايا بعيدا تهمس لها سريعا بتلهف قلقة :
- تعالي يا مايا ... تعالي يا حبيبتي ... وكل حاجة هتتحل ... سيبي بس بابا يهدي
جذبت بدور مايا تصعد معها إلي أعلي ... تهاوي حمزة علي أحد المقاعد يتنفس بعنف يمسح وجهه يكفيه بعنف ... اخفي وجهه بين كفيه يتذكر جملة ابنته التي اعادت فتح دفاتر ذكريات قديمة ( واكيد أنت نفسك غلطت ) نعم هو أخطأ حقا أخطأ وجاءت ابنته لتحاسبه علي ذلك الخطأ
_____________
في منزل جاسم الشريف ... اسدل الليل استاره وهي كما هي منذ أن جاءت وهي تجلس علي مقعد صغير في الحديقة تنظر للفراغ نظراتها ثابتة جافة من الحياة يمر شريط حياتها أمام عينيها تنظر لكل لحظة فيه ...منذ البداية إلي الآن ... تبحث عن مقاطع سعادتها ... لم تزرف دمعة واحدة ... قلبها يبكي كمدا وعينيها ثابتة كالجليد ... لا تذيبه حرارة قلبها الباكي ... تزوج .... متزوج .... ذهب لاخري بعد كل ما حدث بينهما حب بل تعدوا تلك الكلمة ... حياة سنوات ... عشق ... جنون .... مرا سويا بالأسوء قبل الأسعد كانت جواره في كل لحظة ... لم تتخلي عنه في أكثر لحظات حياتهم سوءً ... كيف يفعل بها ذلك ... كيف يسمح لها قلبه بأن يقتل قلبها وهو يلقي بعشقهما بعيدا ويذهب لاخري ... لما فيما أخطأت ليفعل ذلك ... لأنها نصف أنثي كما أخبرتها والدته مرارا وتكرارا ... لا تقدر علي إنجاب ولي العهد الذي سيحمل إسم العائلة فاختار أن يتزوج ... اختار أن يسحث قلبها بحذائه دون أن يرتف له جفن
اجفلت من عاصفة مشاعرها علي صوت والدها حين جذب المقعد المجاور لها جلس يتمتم ساخرا :
- أنتي هتفضلي قاعدة كدة ... أنا قولتلك من الاول أنه عامل مصيب وأنتي فضلتي تقوليلي حرام عليك يا بابا أنت دايما كدة ما بتحبش
ارتسمت ابتسامة متهكمة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا ... ليخرج والدها ورقة من جيب حلته يفتحها امامها يضع فوقها قلمه قطبت جبينها تنظر للورقة متعجبة لتعاود النظر لوالدها الذي بادر قائلا :
- توكيل ... امضي يلا عشان من بكرة هرفع عليه قضية خلع وحياتك عندي لالففهولك محاكم مصر كلها .. اخليه يقول اريد حلا
ضحكت لينا ساخرة ... قبل أن تحرك رأسها نفيا أزاحت القلم والورقة ناحية والدها تردف بنبرة خاوية :
- أنا مش هرفع قضية علي خالد يا بابا أنا هخليه يطلقني
نظر جاسم لها محتدا غاضبا كور قبضاه يصيح فيها :
- لاء يا لينا انتي مش هتخليه يطلقك .. انتي هتستنيه يجي ياكل عقلك بكلمتين زي كل مرة عشان تسامحيه وتروحي معاه وكأن ما فيش حاجة حصلت مش كدة
حركت عينيها تعاود النظر لنقطة ما في الفراغ تهز رأسها نفيا تردف بذات النبرة الخاوية :
- لاء مش كدة ... لينا اللي كانت بتسامح وتغفر خلاص راحت ... حاسة أنها ماتت جوايا ... أنا حتي مش عارفة اعيط ... حاسة أن قلبي مات منه اي شعور ناحيته .... أنا مش هرفع قضية خلع عليه عشان بس العشرة والسنين الكتير اللي يينا ... بس أنا مش هرجعله تاني ابداا ...
أغمضت عينيها تحاول حتي البكاء أن تزرف دمعة واحدة دون فائدة ... تنهد جاسم حزينا علي حالها توعد لخالد بالانتقام علي ما فعل بابنته ... تحرك من مكانه تنهد يتمتم :
- أنا هجبلك كوباية عصير واخلي الخدامين يعملولك اكل انتي ما كلتيش حاجة من ساعة ما جيتي
تحرك جاسم لذلك المنزل مرت دقائق قبل أن تتوقف سيارة محمد في حديقة المنزل ... ابتسمت ساخرة ما أن رأته بالطبع كان سيأتي ... تقدم محمد يحتل المقعد مكان والدها ابتسم يحمحم في هدوء مردفا :
- ازيك يا لينا عاملة إيه
اشاحت بوجهها بعيدا عنه ابتسمت تتمتم ساخرة :
- أكيد أنت عارف أنا عاملة ايه زي ما أنا عارفة أنت جاي ليه ... وريح نفسك عشان خلاص الموضوع خلص
نقر محمد بأصابعه علي سطح الطاولة امامهم ابتسم يردف في ثقة :
- لاء يا لينا ما خلصش ... لسه بدري أوي علي الموضوع يخلص ... لينا تفتكري ليه ممكن واحد زي خالد بيعشقك ممكن يتجوز عليكي ايه السبب الرهيب اللي يخليه يقرر فجاءة بعد ما عدي الخمسين أنه يتجوز ... اتجنن ما هو دا حلها الوحيد والحمد لله خالد عاقل لسه ما اتجننش
كورت قبضتها تغزر أصابعها في كفها تشد علي أسنانها تتنفس بعنف تتذكر مشهده في أحضان تلك السيدة .... ليكمل محمد ما يقول :
- يبقي اكيد في سبب قوي يخليه يعمل كدة ...
التفتت لمحمد تناظره بحدة لتصيح غاضبة :
وأنا مش عايزة أعرف ايه هو سببه ... المهم النتيجة أن صاحبك اتجوز عليا .. رمي كل اللي بينا داس عليه بجزمته وراح اتجوز وأنت جاي تقولي أكيد ليه سبب قوي يولع هو وسببه خلاص صاحبك ما بقاش فارق معايا
تنهد محمد يآسا يتمتم في مرح :
- خالد طبع عليكي ... ايه يا بنتي العصبية دي كلها ما كنتيش كدة
عادت تشيح بوجهها بعيدا ... ليتنهد هو يكمل بهدوء :
- يا لينا انتي عارفة حكاية شهد واكتر واحدة عارفة احساس خالد بالذنب ناحيتها معذبه ازاي ... شهد استغلت الموضوع دا اسوء استغلال ... اشترطت عشان يسامحها انه يتجوزها ... صدقيني أنا وهو حاولنا معاها كتير ... بس هي رفضت كل الحلول ... حتي جواز خالد منها كان علي الورق بس ... خالد ما لمسهاش ... يا لينا خالد بيحبك وانتي ادري واحدة بحبه ليكي ...
حركت رأسها نفيا بعنف تصيح بحرقة :
- لاء يا محمد لينا اللي كانت بتسامح بح خلاص ... أنت قولت زمان معلش يا لينا لكل جواد كبوة ... وكبوة صاحبك عدت ... رصيده في السماح خلص ... خليه يطلقني بالذوق احسنله
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي محمد يتحدث بمرح يحاول تخفيف وقع ما يحدث :
- طب ما ينفعش اشحنله أنا رصيد في السماح
ابتسمت لينا باصفرار علي مزحته السخيفة ... ليأتي جاسم في تلك اللحظة يحمل كوب عصير من فاكهة البرتقال وضعه أمام ابنته نظر لمحمد يتمتم ساخرا:
- هو دا اللي أنت فالح فيه يا محمد ... تطبل لخالد ... تطلعه ملاك ما بيغلطش .. حتي لو هو الشيطان بذاته
نظر محمد محتدا لذلك العجوز الواقف أمامه يشد علي أسنانه ... رسم ابتسامة بسيطة علي شفتيه يكتف ذراعيه أمام صدره يتمتم في ثقة :
- ايوة أنا صاحبي ملاك وما بيغلطش وما غلطش يا جاسم ... وحاسب كدة أحسن أجنحته تدخل في عينيك
اشتعلت عيني جاسم غاضبا ليصيح في الجالس أمامه :
- طب اسمع بقي يا أبو جناحات أنت وصاحبك ... قوله يطلقها بالذوق بدل ما اخلي سيرته علي كل لسانه ... خالد باشا المخلوع
تعالت ضحكات محمد ... وقف من مقعده ينظر للواقف أمامه يتمتم ساخرا :
- أنت سامع نفسك يا جاسم ... أنت عارف أنت بتتكلم عن مين طيب .. خالد باشا السويسي ...
مد محمد يده يربت علي كتف جاسم يبتسم في ثقة :
- جاسم خالد مستحملك وبيحميك عشان لينا ... فاكر آخر كذا قضية بتوع تجار المخدرات ... اللي كانوا متفقين علي موتك لولا خالد كان زمانك الله يرحمك ... ما تشعللهاش عشان أنت مش هتقدر تطفيها ... سلام يا لينا .. هجيلك تاني
قالها ليتوجه إلي سيارته وتشتعل عيني جاسم حقدا يعزم في نفسه علي تنفيذ ما نوي
____________________
تجاوزت الساعة الثانية عشر ليلا ... الجميع نيام بالطبع نيام ... فتحت باب غرفتها بهدوء شديد تتحرك علي اطراف أصابعها تنزل الي أسفل تحتضن حقيبة ملابسها ... نزلت الي الطابق السفلي لتتوجه الي المطبخ ... من الباب الخلفي ستهرب من الجيد أن الخدم رحلوا ... فتحت باب المطبخ تركض للخارج خارج المنزل والمكان بأكمله تهرول بعيدا تهرب من عشق مؤلم قاتل فتت روحها ... تسابقها دموعها في الهرب بعيدا بعيدا لن تعود من جديد ... إلي أين لا تعرف ولا يهم لاقت ما يكفي ويفيض ...
بينما في احدي غرف المنزل في الشرفة تحديدا وقفت شاهيناز تراقب سهيلة وهي تفر بعيدا تقطم تفاحة في يدها تنظر لها مستمتعة متشفية ... انتظرت الي أن اختفت تماما بعيدا من أمام عينيها ... لترسم الفزع علي قسمات وجهها توجهت لفراش جاسر توقظه بتلهف تصيح فيه :
- جاسر اصحي يا جاسر ... اصحي يا جاسر في مصيبة
انتفض جاسر فزعا يسألها سريعا :
- انتي كويسة فيكي حاجة ... اللي في بطنك كويس
حركت رأسها إيجابا سريعا تغمغم فزعة :
- الحق سهيلة ... أنا شوفتها دلوقتي ماسكة ايد غريب كان بيبوسها في الجنينة وبعدين هربت معاه شوفتها بتجري هي وهو بيهربوا من البيت !!!!!