رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الثاني والخمسون
- الحق سهيلة ... أنا شوفتها دلوقتي ماسكة ايد غريب كان بيبوسها في الجنينة وبعدين هربت معاه شوفتها بتجري هي وهو بيهربوا من البيت
احمرت مقلتيها سعير من نار الجحيم استوطن في حدقتيه نفرت عروقه توسعت عينيه ليهب من فوق فراشه كبركان انفجر فجاءة .. توجه ناحية دولاب ملابسه يلتقط سلاحه ... خرج نن الغرفة يهرول يزمجر بصوت حاد عالي كالرعد :
- سهيلة ... موتك علي ايدي
خرج غيث وصبا كل من غرفته علي صوت صراخه يتبعهم رشيد وشروق الجميع يصيح فيه متعجبين :
- في ايه يا جاسر ... حصل إيه يا ابني ... بتصرخ ليه يا ابني
اندفع بخطواته ناحية غرفة سهيلة يريد دخولها ليشعر بحرارة لاهبة تحرق جسده ما أن اقترب من غرفتها ... لم يقدر علي الأقدام ولو حركة واحدة للامام ... وقف مكانه وجه عينيه الي صبا يصيح فيها :
- صبا خشي شوفي سهيلة في اوضتها ولا لاء
نظرت صبا لأخيها خائفة من عينيه الحمراء صراخه المخيف ابتلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا هرولت سريعا ناحية غرفة سهيلة دخلتها ... تهرول لتتوسع عينيها في فزع حين رأت الغرفة فارغة تماما ... دولاب الملابس مفتوح علي مصراعيه خالي من اي ملابس ... وورقة كبيرة ملقاه فوق سطح الفراش التقطتها تقرأ ما خط عليها لتتوسع عينيها فزعا لطمت خدها الأيسر بيسراها ... لتغلق الورقة سريعا حين سمعت أخيها يصيح باسمها ... هرولت إلي خارج الغرفة تقبض علي الورقة في يدها وقفت بالقرب من اخيها تمد يدها له بالورقة تغمغم متوترة :
- الحق يا جاسر ... سهيلة هربت وسابتلك الورقة دي
انتزع منها الورقة بعنف لم يهتم فيما بداخلها فقط دسها في جيب سرواله ... لينزل الي أسفل سريعا خرج الي الحديقة يصيح باسماء غفراء والده :
- يا أمام ... يا عوض ... يا حسين
هرول إليه الغفراء وقفوا أمامهم ليصرخ فيهم :
- سهيلة هربت تقلبوا البلد وتلاقوها ... لو رجعتوا من غيرها هضربكوا انتوا بالنار ... فاااااهمين
نظر الثلاث رجال الي بعضهم في توتر ... ليتحركوا من أمامه سريعا ... بينما عاد هو الي الداخل يتحرك في صالة بيته كليث حبيس غاضب .... يتمتم بصوت حاد قاسي :
- هقتلها .... هموتها .... هدفنها بالحي .. بس احط ايدي عليكي يا سهيلة
الجميع ينظر له في صدمة عقدت ألسنتهم عن الحديث ... عدا رشيد الذي تحرك بهدوء ينزل لأسفل وقف بالقرب من جهاز راديو قديم ورثه عن والده ... فتح تردد إذاعة القرآن الكريم ... يقطع شكه باليقين ... حين رأي عيني جاسر اشتعلت غضبا ... اقترب من جهاز الراديو يركض نزع المقبس من الكهربا يصرخ غاضبا :
- مش عايز اسمع حاجة أنا في ايه ولا ايه ... الراديو دا ما يشتغلش
ابتسم رشيد في هدوء يحرك رأسه إيجابا ينتظر ما سيحدث
____________________
علي ذلك الحال يجلس منذ ساعات عينيه معلقتين بغرفة والدته يرفض الطعام حتي الماء لم يشربه ... زيدان يجلس جواره يحاول التخفيف عنه ولكن بلا فائدة .. حسام حاله كما هو ... بل يزداد سوء ... وخالد يجلس يراقب طفله الذي علي حافة الانهيار قلبه يتفتت عليه شظايا تقتل روحه المنهكة التعبة .. لم يكن حال انجليكا افضل ... بدأت تشعر بالدوار والنعاس معا ... مالت تضع رأسها علي كتف زيدان تتمتم بخمول ناعس :
- زيدان أنا تآبنة زيدان .. آيزة أنام
التفت زيدان برأسه ينظر لتلك التي احتلت كتفه تنظر له .. نظرات بريئة ناعسة ... تنهد حانقا ما كان عليها أن تأتي معه ولكن ماذا يفعل بعندها طفلة صغيرة ذات رأس صلب ... تنهد من جديد يحرك رأسه إيجابا ... لا يعرف حتي ما يفعل ... انقذه قدوم أحدي الممرضات وقفت تنظر لهم مدهوشة تتمتم في عجب :
- حضرتكوا قاعدين ليه .. مالوش لزوم وجدكوا هنا خالص ... المريضة في العناية المركزة وممنوع حد يدخلها ... اتفضلوا روحوا أفضل
حرك زيدان رأسه إيجابا يؤيد الفكرة بشدة التفت لصديقه يقبض علي كفه يحادثه برفق :
- قوم يا حسام نروح ... الممرضة عندها حق مالهاش لزوم قعدتنا كدة
حرك حسام رأسه نفيا يتنفس بعنف يوجه انظاره الي غرفة والدته يتمتم رافضا :
- أنا مش همشي من هنا ... مش هسيب أمي ...مش هتحرك من مكاني
تنهد زيدان يآسا ينظر لخاله يخبره بنظراته أن يجد حلا ... حرك خالد رأسه إيجابا تحرك من مكانه وقف أمام حسام ربت علي كتفه برفق يحادثه :
- قوم يا ابني نروح قعدتك هنا مالهاش لازمة ...
رفع حسام وجهه ينظر لخالد في حدة ليزيح يده بعنف من فوق كتفه عاد ينظر لغرفة والدته دون أن ينطق بحرف ... ليتنهد خالد حانقا من عناد ذلك الطفل الكبير ... مد يده يمسك كف يد حسام يجذب بعنف وقف الأخير رغما ينظر لأبيه غاضبا .. جذب كفه من كف أبيه يصيح فيه :
- قولتلك مش هتحرك من هنا ... أنت ايييه ما بتفهمش ... عايز تمشي امشي ... أنت ايه اللي جايبك اصلا ... يلا امشي
توسعت عيني حسام في ألم وشهقة فزعة خرجت من انجيلكا حين هوي كف خالد بعنف علي وجه حسام ... اندفع زيدان يجذب خاله بعيدا عن حسام يهتف متلهفا :
- ليه كدة بس يا خالي ...
ابعد خالد يد زيدان بعيدا عنه بعنف ليقترب من حسام قبض علي تلابيب ملابسه يقربه منه يصيح فيه :
- اسمع يلا ... أنا سايبك تغلط من الصبح وبقول معذور ومقدر ... لكن اللي بقوله ينتفذ ورجلك فوق رقبتك ... هتقعد تهبب ايه أنت مش دكتور نسا زي ما فقلتنا ... أنا دكتور نسا أنا دكتور نسا ... قعدتك مالهاش اي ستين لازمة ... قاعد بتدعي ... ممكن تدعي وأنت في البيت عادي ... يلا قدامي
احمرت عيني حسام ...ترقرقت الدموع فيها ينظر لخالد كارها نافرا ... أسرع زيدان يجذب يده يجذبه للخارج :
- تعالا بس يا حسام صدقني قعدتك مالهاش لزوم ...
تحرك حسام بصحبة زيدان يجر قدميه عينيه ملعقتين بغرفة والدته المغلقة ... وخلفه خالد قامت انجليكا تهرول خلفهم ... تحاول أن تكن بعيدة عن خالد قدر الامكان ... في السيارة جلس زيدان في مقعد السائق ... لتجلس انجليكا جواره ... وخالد وحسام بالخلف ... اشاح حسام بوجهه يرفض النظر ناحية ابيه حتي ... ليتنهد خالد حزينا علي حاله ... اجفل علي جملة زيدان :
- هنروح فين
ابتسم خالد ساخرا يتمتم متهكما :
- هنروح فين الملاهي مثلا ... اطلع علي الفيلا
التفت حسام ينظر لخالد حانقا عينيه حمراء كالجمر ... فتح فمه يريد أن يعترض ليخرس خالد ما سيقول حين صاح ينهي اي اعتراض :
- مش عايز اسمع كلمة لاء ...واطلع يلا
انتفض جسد انجليكا تقبض علي ذراع زيدان ليبتسم لها مطمئنا أدار محرك السيارة ينطلق الي وجهته ... يفكر قلبه تتسارع دقاته لن يحتمل رؤيته وهو في أشد شوقه ليلمح فقط طيفها لن يراها .. لن يدخل الي منزل خاله ... سيوصله ويأخذ انجليكا ويذهبا الي اي فندق ...
حسام كان عقله مرتكز في فكرة واحدة سوداء مخيفة ماذا أن فقد والدته ..رحلت ... تركته ... يرغب في أن يبكي بعنف كأنه طفل صغير خائف ... خالد يجلس جواره عقله سابح يفكر ... في إبنه الجالس جواره من ناحية وفي زوجته معشوقة روحه من ناحية أخري .. كم يرغب في أن يركض إليها ...يختبئ بين أحضانها يطلب منها السماح ... التفت برأسه بخفة ناحية حسام ليراه ينظر ناحية النافذة .. تتساقط دموعه رغما عنه فيرفع يده سريعا يمسحها قبل أن يلاحظها أحد ... اقترب بجسده من ولده جلس مجاورا له تماما ... مد يده يربت علي رأسه برفق يهمس له بحنو :
- امك هتبقي كويسة صدقيني ... أنا مجهز لها كل حاجة .. لما عرفت ما قولتش اسيبها تموت زي ما أنت فاكر .. بالعكس ... اتفقت مع مستشفي في لندن وكنت في انتظار يلاقوا قلب مناسب لحالتها ... هتبقي كويسة ..
التف حسام برأسه ناحية والده ينظر له كطفل صغير ضائع حرك خالد رأسه إيجابا يبتسم له لينفجر حسام في البكاء القي برأسه بين ذراعي والده يردف من بين شهقاته العنيفة :
- مش هستحمل يجري لها حاجة ... أنا آسف ... آسف علي كل اللي قولته ... آسف
ابتسم خالد في حنو يشدد علي عناق ذلك الباكي بين ذراعيه ... يحرك يده علي خصلات شعره برفق .... لتتوسع عيني انجليكا في ذهول ... تنظر لخالد مدهوشة كيف تتحول شخصيته من شخص لنقيضه في لحظات ... طبقة شفافة من الدموع غشت عيني زيدان .. تصاحبها ابتسامة ساخرة تغزو شفتيه هو لن يزرف دمعة واحدة أن رأي والدته جثة أمام عينيه .... كم يكرهها في عمره كله لم يكره أحد بقدرها ... حرك رأسه نفيا يبعبد صورتها التي اقتحمت رأسه فجاءة ... بلع لعابه الجاف .. يدهس بعنف المكابح تحت قدميه لتسرع السيارة ... بعد قليل وقفت السيارة في حديقة منزل خالد ... نزل منها أولا يجذب يد حسام ... نزل زيدان يقف جوار باب السيارة المفتوح حمحم يجذب انتباه خاله ... التفت خالد له ليردف زيدان :
- أنا هاخد انجليكا احجزلها اوضة في اي اوتيل واروح البيت عندي او اشوفلي اوضة أسهل
حرك خالد رأسه نفيا يردف برفض قاطع :
- أنت هتجيب الحلوة اللي معاك وتحصلني وما تقلقش ما حدش جوا اصلا ... لينا خدت البنت وراحت عند جاسم
توسعت عيني زيدان في ذهول .. زوجة خاله تركت المنزل ... تنهد تعبا ألن تتوقف مشاكل تلك العائلة ابدا ... اشار لانجليكا أن تنزل من السيارة ... بينما تحرك هو للداخل ... لتهرول الأخيرة خلفه امسكت بكف يده تدخل بصحبته الي منزل خالد ... جلس حسام جوار ابيه علي الأريكة وانجليكا وزيدان مقابلين لهم ... صدح صوت خالد يهتف باسم احدي الخادمات :
- فتحية حضري العشا
ابتسمت انجليكا تقول بحماس طفلة صغيرة :
Yes, please I'm very hungry
صفع زيدان جبينه براحة يده أحضر طفلة صغيرة وياليته احضرها بإرادته ... بينما ارتسمت ابتسامة طفيفة علي شفتي خالد اشار للطابق العلوي يحادث انجليكا :
- طالما بتفهمي عربي اطلعي الدور التاني ... آخر أوضة ناحية الشمال ... هتلاقي فيها هدوم ...
ابتسمت انجليكا في سعادة تحرك رأسها إيجابا ... تحركت من جوار زيدان تصعد لأعلي ليوجه خالد انظاره لحسام رفع حاجبه الأيسر يسأله ساخرا :
- مين دي يا زيدان بيه ... دا أنت مسافر ما بقالكش يومين اومال لو كنت كملت اسبوع كنت رجعتلنا بجوني
ضحك حسام رغما عنه بينما ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي زيدان ... يقص لخالد تفاصيل لقائه بانجليكا ... كتف خالد كتفيه أمام صدره يتمتم ساخرا :
- وهي اي واحدة ننقذها من الغرق ... تشبك في اللي ساعدها كدة .. كان زمان سباحين مصر كلهم متجوزين أجانب
تنهد زيدان يآسا يعرف أن خالد لن يصدق وهو حقا لم يعد يهتم ... رفع وجهه لخالد يبتسم في اصفرار مردفا :
- بص يا خالي عايز تصدقني أنت حر مش عايز أنت بردوا حر ... اقولك اعتبرها خطيبتي
شهقت الخادمة مصدومة حين دخلت الي الغرفة وسمعت زيدات يتمتم بجملته الاخيرة ... وضعت صينية الطعام من يدها تعتذر لهم عما فعلت لتهرول سريعا الي خارج الغرفة ... دخلت الي المطبخ تطلب رقم لينا إبنه خالد ... لحظات وسمعتها تجيب :
- ايوة يا فتحية في ايه بابا كويس
بادرت فتحية تتمتم سريعا بصوت خفيض مرتبك :
- ايوة يا هانم كويس ... بس زيدان باشا هنا
لحظات صمت من ناحية لينا ... لحظات طويلة لا تعرف ما حدث لها ... لتردف قائلة بقلق :
- يا هانم انتي سمعاني
حمحمت لينا تحاول إيجاد صوتها خرجت نبرتها مرتعشة تحاول إمساك زمامها دون فائدة :
- ايوة سمعاكي ... وبعدين أنا مالي هنا ولا مش هنا ...
قاطعتها فتحية سريعا قبل أن تكمل لتغمغم متلهفة :
- مش دي المشكلة ... معاه بنت شكلها كدة خواجية ... بس ما شاء الله جميلة اوي ... وأنا داخلة الأوضة بحطلهم العشا سمعته بيقول لخالد باشا اعتبرها خطيبتي ... الو لينا هانم .. يا هانم انتي سمعاني
صمت مؤلم من الناحية الاخري ... سمعت منه صوت لينا من نبرتها المرتعشة تأكدت انها كانت تبكي .. خرج صوتها متحشرجا خفيضا :
- تعرفي تصوريهالي يا فتحية
حركت فتحية رأسها إيجابا سريعا تغمغم بخفوت :
- حاضر يا هانم هصورهالك وهبعتلك الصورة علي الواتس ... سلام قبل ما الباشا يسمعني
اغلقت فتحية مع لينا .. خرجت من المطبخ لتلمح انجليكا تنزل من أعلي ترتدي احدي منامات لينا ... لتشتعل عيني فتحية غضبا تتمتم مع نفسها :
- البجحة كمان لابسة هدوم الهانم
وقفت في ركن بعيد حتي لا يراها أحد أخرجت هاتفها سريعا تلتقط مقطع فيديو قصير لتلك الأجنبية الملونة الجميلة ... ترسله لرقم لينا ... لتعاود إلي المطبخ وكأن شيئا لم يكن
_____________
في اسيوط .... بعد ساعات من البحث عاد الحراس الثلاثة خالي الوفاض بحثوا في جميع الاماكن ولم يجدوا اي أثر لسهيلة زوجة جاسر ... دخل ثلاثتهم الي المنزل ليتقدم أمام من جاسر بلع لعابه مرتبكا يغمغم متوترا :
- جاسر بيه والله احنا قلبنا البلد شرقها وغربها مالهاش أثر فص ملح وداب يا باشا
نهض جاسر من مكانه يقبض علي عنق الرجل يصيح فيه :
- ما أنا لو مشغل كلاب كانوا شمشموا ولقوها
لفظ جاسر الرجل من يده يصيح فيهم بجنون :
- امشوا اطلعوا برة مش عايز اشوف خلقة حد فيكوا برة
خرج ثلاثتهم من المنزل ... جاسر يقف يكاد يحترق ... شروق تنظر له بفزع ذلك ليس طفلها ليس جاسر أبدا ... وكأن شيطانا تلبسه وما يثير عجبها هدوء رشيد الغير مفهوم بالمرة .... تحرك رشيد من مكانه وقف أمام ولده عقد ذراعيه يقول محتدا :
- هنعمل إيه يا جاسر ... مراتك هربت وهتشيلنا كلنا العار ... هنتفضح بسببها
شهقت شروق مفزوعة مما تسمعه يخرج من بين شفتي زوجها هبت واقفة تصدم صدرها براحة يدها تصيح مذهولة :
- أنت بتقول ايه يا رشيد حرام عليك البت غلبانة واللي ابنك عمله فيها هو السبب ... اتقي الله أنت عندك بنت ...
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي رشيد ليعاود الحديث مع جاسر :
- سيبك من التخاريف اللي أمك بتقولها دي ... أنا من رأيي اننا نروح لبيت عيلة المنشاوي ونقولهم علي اللي بنتهم عملته وتطلقها قدامهم هما يشيلوا فضيحتها ... قولت إيه
أعجبت تلك الكلمات جاسر كثيرا حرك رأسه إيجابا يؤيد كل حرف قاله والده التفت برأسه لوالده يردف :
- عندك حق يلا بينا مش هنستني للصبح ... قبل ما النهار يطلع مش هتبقي علي ذمتي
ال... دي
حرك رشيد رأسه إيجابا في هدوء مخيف ينظر لجاسر متوعدا ... التفت برأسه ناحية غيث يحادثه :
- تعالا معانا يا غيث عشان تبقي شاهد علي اللي حصل
توسعت عيني غيث في دهشة كاد أن يحرك رأسه نفيا يرفض الاشتراك في جريمة تشوية سمعة الفتاة حين غمزه رشيد بطرف عينيه خفية فحرك رأسه إيجابا سريعا يتحرك معهم ... تحرك ثلاثتهم للخارج ليصدح صوت شروق الباكي :
- جاسر لو خرجت من هنا وخوضت في عرض البت بالكلام دا ... لا أنت ولا اعرفك
لم يلتفت جاسر حتي لكلام والدته بل أكمل سيره للخارج ... لتتهاوي شروق علي الاريكة تبكي تضرب فخذيها بكفيها تنوح باكية :
- اخوكي اتجننت وابوكي مطاوعه وذنب الغلبانة دي في رقبتنا كلنا
في عتمة الليل الشوارع تضيئها مصابيح الإنارة .... صوت نباح الكلاب تأتي من بعيد ... تحرك رشيد يستند علي ذراع جاسر بينما يسير غيث بالقرب منهم ... عقله شارد يفكر فيما حدث قبل ساعات
Flash back
تمدد علي فراشه في غرفته يعقد ذراعيه خلف رأسه يتنهد في ملل وجوده هنا لهدف محدد .. لا يرغب في استباق اي خطوات ... صبا فقط طفلة صغيرة يلعب برأسها شيطان محترف .. عليه أن يوقع به قبل أن يوقع هو بالصغيرة ... ولكن منذ فترة ومراد لم يحادث صبا لم يخبرها بأي شئ هل يا تري مل .. أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة ... خرج من طوفان افكاره علي صوت هاتفه يدق ... برقم مراد .. يعني أن هاتف صبا يدق برقم مراد .. اعتدل سريعا في جلسته ينتظرها أن ترد حتي يستمع هو لما سيقول ... وقد لحظات وفتحت الخط ليضع الهاتف علي أذنه يحرص علي إلا يصدر ولو صوت طفيف ... وسمع ما يقولا
- مساء الفل يا صبا قلبي ايه صحيتك
- لاء انا كنت صحية كنت حاسة أنك هتكلمني
اشتعلت أنفاسه يكور قبضته يشد عليها تلك الحمقاء ماذا تقول عاد يرهف السمع لما يقولان
- وحشتيني يا صبا وحشتيني اوي اوي اوي
- وأنت كمان يا مراد وحشتني ... مش ناوي ترجع بقي غبيتك طالت
لما لا يغلق الخط ويذهب إليها يصفعها علي وجهها ويكسر الهاتف فوق رأسها لأن جاسم علمه أن يهدئ ... إن يتحكم في أعصابه .. إن يضعها في الجليد في مثل تلك الحالات واكمل سماع ما يقولان
- هانت يا صبا ... هكون عندك يوم (... ) الجاي علي بعد الضهر كدة
سمع صوتها السعيد للغاية وهي تقول له :
- بجد والله ... أنا يومها هيكون عندي درس فئ ( .... ) دي بلد جنبنا هخلص الدرس واجي جري
- لا استني استني ... انتي تقوليلي عنوان الدرس بالتفصيل وأنا هستناكي ... أصلك وحشتيني اوي
والحمقاء لم تتردد اخبرته بالعنوان كاملا واغلقت معه الخط .. لتنغلق المكالمة امامه ... شردت عينيه في الفراغ يفكر يطرق باصابعه علي سطح شاشة هاتفه الخطوة القادمة .. اقتحام هاتف مراد ليعرف فيما يدبر ولن ينتظر لحظة ... أدهم ابن خاله حمزة علمه كيف يفعل ذلك في احدي لقائتهم سابقا وهو لا ينسي ابدا ما تعلمه من اي من كان ... زيف رابط به جائزة شحن ماتنان جنية وبعث بالنقود حقا حتي لا يشك مراد وبعثه لرقم مراد من أحد البرامج ... فقط عليه الانتظار إلي أن يبتلع مراد الطعم ... وما هي الا لحظات وابتلع الأحمق الطعم وبات هاتف مراد تحت سيطرة غيث والآن فقط سيعلم فيما يفكر ويخطط ذلك الوغد
Back
اجفل من شروده علي ابتسامة ماكرة تغزو شفتيه ذلك الأحمق يظن نفسه ذكيا سيريه مع من يتعامل ... تحرك بصحبة عمه وجاسر ناحية بيت صغير قرب المسجد .... وقف رشيد عنده
ابتلع جاسر لعابه مرتبكا يشعر برجفة مخيفة تصعق جسده كتيار كهرباء حاد ... توجهت مقلتيه ناحية والده يسأله بنبرة مرتعشة :
- أنت وقفت هنا ليه ....
ابتسم رشيد في هدوء تام ليرفع قبضة يده يدق الباب الخشب بخفة ... التفت برأسه ناحية جاسر يتمتم مبتسما :
- بقالي كذا يوم معايا أمانة للشيخ طاهر ... وناسي ادهاله خالص وبما اننا قريبين من بيته قولت أعدي اديهاله
زادت رجفة جسد جاسر حين انفتح الباب وظهر ذلك الشيخ المسن ذو اللحية البيضاء الإبتسامة الصافية البشوشة ... مد رشيد يده يصافح الشيخ طاهر :
- السلام عليكم يا شيخ طاهر معلش صحيناك من النوم
ابتسم الرجل في بشاشة ... يحرك رأسه نفيا افسح الطريق ليدخل الرجال :
- لا ابدا يا دكتور رشيد ... أنا كنت صاحي بصلي قيام الليل ... اتفضل ... اتفضلوا يا شباب خشوا
تقدم رشيد ومعه غيث بينما ظل جاسر يقف مكانه يبتلع لعابه الجاف قدميه تعدز عن التحرك خطوة واحدة للأمام يرغب فقط في الفرار بعيدا ... يشعر بألم بشع في رأسه ورجفة جسده تزداد شراسة ... حرك رأسه نفيا يبتسم ابتسامة مرتعشة يتمتم متوترا :
- لا لا أنا هستناكوا هنا ... بسرعة بس يا بابا عشان ما نتأخرش
لم تتغير ابتسامة رشيد الهادئة عاد ادراجه ناحية ولده يقبض علي كفه يشدد عليه قبضته يجذبه خلفه كأنه طفل صغير يقول ضاحكا :
- إيه يا جاسر أنت مكسوف ولا ايه ... مش فاكر الشيخ طاهر دا هو اللي محفظك القرآن وأنت عيل صغير ... خش خش تعالا هديله الأمانة وامشي علي طول
جذب رشيد جاسر بعنف الي داخل البيت ما أن دخل أغلق الباب عليهم من الداخل ...زادت حدة ارتجافه جسد جاسر بدأت يشعر وكأن مطارق ضخمة تصدمه رأسه ... ذراعه الأيسر به ألم بشع أوقفه عن الحركة تماما ... دمائه تفور حين ينظر لذلك الرجل وابتسامته الهادئة ...رغب ملحة تدفعه لأن ينقض عليه ويبرحه ضربا ... نفرت عروق وجهه يصرخ دون وعي :
- ما تخلص اديله الأمانة عشان نغور من هنا
ابتسم رشيد بهدوء ليتوجه يقف جوار جاسر وضع يده علي كتف ابنه يتمتم مبتسما :
- أكيد يا ابني حاضر
علي حين وقبل أن يعي ما يحدث ... كان رشيد يدفع جاسر بأقصي ما فيه من قوة ناحية الرجل الواقف أمامه :
- الأمانة يا شيخ طاهر
سقط جاسر علي ركبتيه من عنف دفعه والده احمرت عينيه كالدماء ينظر لذلك الرجل بشراسة مخيفة ... في هدوء تام مد طاهر يده يضعها علي رأس جاسر خرج صوته هادئ واثق
حاد وقعه إذن جاسر في الوقت ذاته :
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .... بسم الله الرحمن الرحيم
«وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ»
صرخ جاسر بشراسة صرخات مخيفة شقت سكون الليل شعر وكأن نيران تتفجر في رأسه انتفض يود أن يتهجم علي طاهر ليصيح رشيد في غيث :
- غيث امسكه معايا
انتفض رشيد وغيث كل منهما يمسك بأحد ذراعي جاسر يمنعاه من أن يؤذي نفسه او يؤذي من يعالجه .... ليعاود الشيخ طاهر قراءة القرآن من جديد آيات عدة من سور مختلفة :
«اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَيّ الْقَيّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لّهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مّنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيّ الْعَظِيمُ * لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مّنَ النّورِ إِلَى الظّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ »
زادت صرخات جاسر شراسة وبدأت يخرج من فمه رغوة سوداء قاتمة رائحتها كاريهة بشعة لا تحتمل ... حاول جاسر بشراسة أن يضرب والده وغيث لينقض علي طاهر دون فائدة كل منهم كان يتشبث به بعنف يمنعه من التحرك حركة واحدة ... ليعلو صوت طاهر بالقرآن والدعاء :
-« وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ * فَلَمّا جَآءَ السّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مّوسَىَ أَلْقُواْ مَآ أَنتُمْ مّلْقُونَ * فَلَمّآ أَلْقُواْ قَالَ مُوسَىَ مَا جِئْتُمْ بِهِ السّحْرُ إِنّ اللّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنّ اللّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ * وَيُحِقّ اللّهُ الْحَقّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ » صدق الله العظيم
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق
أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة
أعوذ بكلمات الله التامة التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، ومن شر ما يخرج منها ، ومن فتن الليل والنهار ، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن
أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ، ومن شر عباده ومن شر همزات الشياطين وأن يحضرون
اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم ، وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته
اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم ، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك ، سبحانك وبحمدك
أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيئ أعظم منه ، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق و ذرأ و برأ ، ومن كل ذي شر لا أطيق شره ، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته،إن ربي على صراط مستقيم
حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم
وبدأت صرخات جاسر تخمد وجسده يثقل عينيه زاغت ... اقترب طاهر منه يضع يده علي رأسه يتمتم بصوت خفيض هادي :
- « قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لّهُ كُفُوًا أَحَدٌ » .
• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ»
.
• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* * مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ »
زاغت عيني جاسر يشعر بنعاس شديد حل فوق رأسه ليتقرب طاهر من طاولة صغيرة التقط كوب ماء صغير يصب منه القليل في راحة يده يرشه برفق علي وجهه ابتسم طاهر في وجه جاسر يتمتم :
- حمد لله علي السلامة
ارتسمت ابتسامة صغيرة شاحبة علي شفتي جاسر قبل أن يسقط رأسه نائما اسنده رشيد وغيث إلي اقرب أريكة قابلتهم ... ليسطح جاسر جسده عليها ... يغط في نوم عميق لم يعرفه منذ مدة طويلة ... جلس رشيد علي مقعد جوار الأريكة يربت علي رأس ابنه بحنو نظر لطاهر تنهد يتمتم حزينا :
- كنت شاكك أن حالته دي مش طبيعية دا مش إبني اللي ربيته ... جاسر مهما كنا متخانقين كان اول ما يأذن يجي يقولي صلاة الجماعة هنتأخر .... بقي بيهرب من الصلاة .... بسمعه يعني بيرجع بليل ولما احاول اطمن عليه يقولي أنا كويس ... ويزقني ويهرب ... مين اللي عمل كدة يا طاهر مين اللي اذاه
نظر طاهر مشفقا لذلك الشاب النائم ليعاود النظر لرشيد يتمتم حزينا :
- الطعنة ما بقتش تيجي غير من اقرب الناس .... السواد بقي بيوصل لحد الكفر والعياذ بالله ... فلانة بتكره فلانة تكفر عشان تأذيها ... تدمر حياتها ... عشان هي خلفت ولا اتجوزت قبلها ... السواد ملا النفوس بشكل مرعب ... مهما توصل درجة الكره ما يخليش اي حد يدمر حياة اللي بيكرهه ... مرض كره .. عجز ... والعياذ بالله في ناس بتوصل لمرحلة من الجنان انها تموت نفسها بسبب حد مؤذي ... ما يعرفوش إن يوم القيامة هيقفوا قدام بعض وكل مؤذي هيقف قدام اللي اذاه وياخد منه حقه تالت ومتلت ...
تنهد طاهر حزينا يبدو أنه اسهب في الكلام كثيرا من بشاعة ما بات يراه في الآونة الأخيرة نظر للنائم يتمتم شاردا :
- لما جاسر يصحي هعرفه مين اللي عمل كدة ... صحيح من ستره ربه ما يفضحوش عبد ... بس دي جواها طاقة غل وشر كبيرة اوي تخليها تاذي تاني وتالت ورابع
_____________________
في منزل حمزة السويسي في غرفتها منذ ساعات ... طويلة تجلس علي مقعد جوار تلك الشرفة المطلة علي الحديقة ... تنساب دموعها في صمت قاتل .... لم تعبئ بدقات الباب ... الذي فُتح ودخلت بدور زوجة ابيها تحمل صينية طعام عليها بعض الشطائر وكوب حليب كبير اقتربت منها تضعه علي الطاولة امامها تردف في مرح :
- الاكل واللبن لاحلي ميوش في الدنيا ...
لم تلتفت مايا لها حتي ... لتتنهد بدور حزينة علي حالها جلست علي المقعد المقابل لها مدت يدها تربت علي ساقها برفق تحادثها بحنو :
- طب وبعدين هتفضلي من غير أكل ... دا مش هينفعك ... يا مايا انتي عارفة بابا بيحبك قد ايه واكيد هيوافق علي جوازك من أدهم ... اصبري عليه بس يومين وهتلاقيه جاي يقولك أنا موافق ... حمزة طيب أوي
ابتسمت مايا ساخرة تحرك رأسها بلامبلاة ... لمحت بطرف عينيها هاتف بدور التي تمسكه في يدها اعتدلت في جلستها تنظر له حمحمت تسألها مرتبكة :
- هو أنا ممكن استخدم موبايلك
ابتسمت بدور تحرك رأسها إيجابا سريعا اعطتها الهاتف تردف مبتسمة :
- أكيد طبعا يا حبيبتي خدي اهو ... أنا هروح اشوف سيلا وارجعلك علي طول
ابتسمت مايا لها باصفرار تاخذ منها الهاتف ... راقبتها بعينيها الي أن خرجت من الغرفة لتفتح هاتف بدور ... سريعا طلبت رقم تحفظه عن ظهر قلب وضعت الهاتف علي أذنها تنتظره إن يجيب تقطم اظافرها متوترة ... لتتوسع ابتسامتها سريعا ما أن سمعت صوته :
- أدهم أنا مايا .. ما فيش وقت احنا مش هنسافر ... ومش عند عمو خالد ... هبعتلك اللوكشين علي واتس ...
سمعت يهتف سريعا :
- من النجمة هكون عندكوا انتي ليا يا مايا وما فيش اي حاجة في الدنيا هتقدر تبعدني عنك
ابتسمت سعيدة لتغلق الخط سريعا ترسل لرقمه موقعها تحديدا ... ما إن ارسلته دخلت بدور الي الغرفة تحمل سيلا الصغيرة معها ... ابتسمت بدور لمايا تقول ضاحكة :
- سيلا مش راضية تنام خالص خليها معلش معاكي لحد ما اعمل لابوكي فنجان قهوة مش عارفة مش عايز ينام هو كمان ليه ... دا البيت اللي ما بينامش دا
ضحكت مايا ضحكة صغيرة علي مضض تجاريها ... اخذت منها الفتاة لتخرج بدور من الغرفة لتحتضن مايا سيلا تلتف بها في الغرفة تتمتم سعيدة :
- هيجي بكرة يا سيلا ... مش هنسافر
ضحكت الصغيرة وهي حقا لا تفهم ما يحدث لتشاركها مايا في الضحك تنتظر بحماس خيوط شمس غد
_____________________
في فيلا خالد السويسي صعد كل لاحدي الغرف لينام ... ولم يقدر هو علي أن يدخل غرفته وهي ليست ... التقط احدي وسادات الأريكة اتجه الي غرفة مكتبه يتمدد بجسده علي الأريكة الكبيرة في الغرفة ينظر للحديقة خارجا حزين كلمة قليلة ... التقط هاتفه يحاول الاتصال بها مرارا وتكرارا دون فائدة لا رد ... ظنها قد نامت ... اغمض عينيه هو الآخر يحلم بطيفها حين سمع صوت رسالة تصل لهاتفه التقطه سريعا يفتحها متلفها ليجدها هي بعثت له
« أنت فاكر أنك لما تبعتلي محمد أنا كدة هغير رأيي وارجعلك ... أنسي خلاص كل اللي كان بينا انتهي ... طلقني بكرامتك احسنلك ... أنا لسه عاملة حساب العشرة »
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه ليخط جملة قصيرة يبعثها لها كتب فيها
« معاكي فكة العشرة ولا افكهالك »
ضحك وهو يتخيل ردة فعلها ... ليغمض عينيه يحاول أن يريح عقله قبل أن يبدا صباحا جولة اخري من النزاعات
_________________
مع بداية خيوط الشمس الاولي الليل اختفي منذ قليل فقط .... كان أدهم يخرج من منزله ... جنون ما يفعله ... ما العشق سوي جنون ... إذا هو أعقل من يملك عقلا ... في سيارة اجري أخذ طريقه الي منزل حمزة ... في الاغلب سيرفضه كالعادة ولكنه لن يتوقف عن المحاولة .... وصلت السيارة الي وجهتها لينزل منها خالي الوفاض لا محال مفتوحة الآن ليشتري اي شئ من الأساس ... توجه إلي باب المنزل ... لا حرس ... حمزة لم يضع حرسا بعد كيف يفعل ذلك ... دق علي الباب بسرعة متلهفا ... دقائق طويلة قبل أن يسمع صوت حمزة يصيح من الداخل غاضبا :
- ايوة طيب من الزفت اللي جاي بدري كدة ...
فتح حمزة الباب بعنف ليجد أدهم يقف أمامه يبتسم في براءة طفل صغير ... امتعضت قسمات وجه حمزة يردف حانقا :
- نعم خير ... مأنسنا ليه بطلتك البهية الصبح كدة وفين الحارس الزفت اللي علي البوابة ... إنت يا صبري الزفت
تحرك حمزة ناحية غرفة الحارس بينما يقف ادهم يضحك في خفوت ... لمحت عينيه ما جعلت ابتسامته تتلاشي وعينيه تتسع فزعا ... هناك مؤشر يتحرك مع حركة حمزة يننتظره أن يقف أحدهم يريد أن يقتل أبيه ... ركض بعنف ناحية حمزة يلحق به ما أن وقف أمام غرفة الحارس وجد أدهم يعانقه بعنف صرخ حمزة فيه غاضبا :
- اوعي يا حيوان أبعد عني
توسعت عيني أدهم فجاءة بألم يقبض بيديه علي ملابس بعنف .. قطب حمزة جبينه قلقا تحول لفزع حين وجد الدماء تخرج من بين شفتي أدهم ... ابتسم يتمتم بجملة صغيرة متقطعة :
- سامحني يا بابا !!!!
_______________
«للعشق قيوده الخاصة»
«الجزء الرابع من أسير عينيها»
الفصل الثاني والخمسون
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
فزع كلمة هينة للغاية عن ذلك الشعور القاتل الذي أصاب قلبه فتت روحه بعثر شتات نفسه وهو يري صغيره يتهاوي ارضا يرتوي العشب تحته بدمائه المراقة غدرا ... صدمت جمدت جسده ينظر بأعين شاخصة فزعة لكفي يديه التي تغرقهما دماء طفله الصغير ... صرخة ابنته باسم كان ناقوس الخطر الذي انتشله من حالة الفزع تلك ... ارتمي علي ركبتيه جوار جسد ادهم يحتضن رأسه بين احضانه يصرخ فيه فزعا :
- أدهم ... أدهم ... أدهم فتح عينيك يا أدهم ... أدهم
فتح الأخير مقلتيه بقدر ضعيف للغاية ابتسم لتنساب الدماء من بين شفتيه رفع كفه يمسك بأصابع يد والده يتمتم مبتسما بصوت خفيض بالكاد سمعه حمزة :
- فاكر يا بابا لما قولتلي زمان واحنا بتدربني علي ضرب النار ... ما تخافش من صوت الرصاص يا أدهم ... الرصاصة اللي هتموتك مش هتسمع صوتها .... كان دايما حق ... أنت دايما عندك حق ...
بدأت نبرته تتقطع يخرج صوت هامس مرتجف :
- اااا نن ااا ... اااا سسس ف ... سسسس ااا مح ن ....
ولم يستطيع أن يكمل حرف جملته الأخير اغمض عينيه لترتخي يده الممسكة بيد والده توسعت عيني حمزة فزعا تسكب الدموع بلا توقف يصرخ مرتعدا :
- اااادهم ... اادهم
لحظات واندفعت مايا كسهم منطلق ناحيتهم قبضت علي تلابيب ملابس ادهم تهزه بعنف تصرخ بجنون :
- اااااادهم ... رد عليا يا ااااادهم .... مش هتموت يا اااادهم
استجمع حمزة آخر ذرة ثبات باقية في روحه قام يحمل جسد ادهم بمشقة يتحرك به مهرولا الي سيارته تركض مايا خلفه تحاول مساعدة أبيها .... بدور تقف هناك اصابتها الصدم بخرس تنظر لما يحدث بأعين مدهوشة فزعة ... هرولت ناحية غرفة الحارس ... تخبره أن يساعد حمزة .... ما إن دخلت الي الغرفة وضعت يدها علي فمها تكبح صرختها الفزعة حين رأت الحارس ملقي أرضا تنساب الدماء من رأسه .... التفت برأسها ناحية حمزة لتعاود النظر للحارس لا تجد ما تقوله ... شلت الصدمة لسانها ارتجف جسدها بعنف من هول ما يحدث .... لم تجفل سوي علي صوت سيارة حمزة التي اسرعت تشق غبار الطريق ووقفت هي أمام جسد الحارس الملقي أرضا لا تعرف حتي ما تفعل
_______________
علي صعيد آخر في منزل جاسم الشريف ... في حديقة المنزل تحديدا ... لم يزر النوم جفنيها سوي اقل القليل حين اغمضت عينيها ليلا رأت صورته تتجسد أمامها وهو يحتضن تلك السيدة مشهد لن يخرج من قلبها ابدا ... شدت قبضتيها تحاول حتي البكاء لا شئ ... عينيها ترفض أن تزرف دمعة واحدة ... قلبها لا يتوقف عن الصراخ من الألم ... بينما عقلها ساكن تماما متعب ... لا يرغب حتي في أن يفكر فيما سيحدث قادما ... والعجيب في الأمر أنها لم تشتاق إليه ... وكأن عشقه بالكامل اُنتزع من جسدها بأكمله ... ولكن لما يظل قلبها يصرخ ... كلما مر ذلك المشهد أمامها ربما هو جرح انوثتها الذي لن يندمل ... تكاد تجن ... تشعر بمخالب حادة تمزق روحها كلما جاءت صورته أمام عينيها .... شدت علي أسنانها بعنف لتنساب فقط دمعة واحدة من مقلتيها ... دمعة تمردت علي الجميع ونزلت تروي خديها بنيران الخذلان والهزيمة
لم يكن الابنة أفضل إطلاقا من حال الأم ... في غرفة لينا السويسي بالأعلي تحركت تزرع الغرفة ذهابا وايابا تقبض يسراها تشد علي خصلات شعرها باليمني ... تكاد تمزق شفتيها من كثرة العض عليها غيظا ... تلك الصفراء هي من رأتها من قبل ... جاءت معه يقول أنها خطيبته والادهي ترتدي ملابسها تتحرك بإريحية وكأنها مالكة المنزل ... ستبيت في نفس المنزل مع والدها وزيدان ... خطيبته اذا تلتصق به كالغراء ... لاء هي ليست كذلك بالطبع ليست .... زيدان يقول تلك الكلمات حتي تصل إليها ... يظن أنه سيغظيها بتلك الخدعة القديمة التي استخدمها والدها قبلا لن يحدث ... لن تقع فريسة فخه بتلك السهولة ... وقفت في منتصف الغرفة تتنفس بعنف تصيح بصوت حاد غاضب :
- انا هوريها ازاي تدخل اوضتي وتلبس هدومي ... أكيد فيلم عامله زيدان باشا ... فاكر أنه كدة هيخليني اغير عليه دا بعده ... أنا هوريكوا
هرعت إلي دولاب ملابسها انتشلت اول ما وقعت عينيها عليه ... لتهرع الي المرحاض تبدل ثيابها ... خرجت بعد لحظات تلملم خصلات شعرها في دائرة كبيرة فوق رأسها ... التقطت حقيبة يدها تتحرك لأسفل سريعا نزلت درجات السلم تركض فتحت باب المنزل تمد بخطواتها الي الخارج ... وقفت حين سمعت صوت والدتها تسألها :
- رايحة فين يا لينا ... بتجري ليه كدة
التفتت خلفها لتري والدتها ... تنهدت حزينة تنظر لإنطفاء مقلتيها ابتسامتها الشاحبة قسمات وجهها المجهدة ... تحركت للخلف بدلا من الأمام ... جلست علي المقعد جوار والدتها تنهدت ألما تربت علي يد والدتها تسألها قلقة :
- ماما انتي كويسة
ابتسمت لينا ابتسامة شاحبة تحرك رأسها إيجابا ... لتزفر الاخري حزنا تحرك رأسها نفيا بعنف تهمس لها :
- لا يا ماما مش كويسة ... ماما انتي عارفة أن أنا اكتر واحدة رافضة معظم تصرفات بابا خصوصا تحكمه الزيادة في كل حاجة في حياتنا ... بس دا ما ينفيش ابدا اني عارفة أنه بيحبنا اوي ... وخصوصا أنتي أنا عارفة بابا بيحبك قد ايه ... بابا بيحبك أكتر من الكل ... أكتر مني أنا بنته اللي من دمه ... انا ما ببررش ليه ... بس أكيد في سبب بابا مستحيل يتجوز عليكي ... الا لو في سبب قهري خلاه يعمل كدة ...
ارتسمت ابتسامة باهتة ساخرة علي شفتي لينا الشريف تحرك رأسها نفيا ابتعدت بعينيها عن ابنتها تنظر لنقطة ثابتة في الفراغ ... تهمس بجملة واحدة :
- انتي كنتي عارفة أن حسام اخوكي مش كدة
حمحمت الاخري متوترة بلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا تهمس مرتبكة :
- ايوة
توسعت عيني لينا في ألم التفت برأسها ناحية ابنتها تنظر لها مصدومة تهمس لها بحرقة :
- وليه خبيتي عليا ليه ما قولتليش
ازدردت لينا لعابها مرة أخري ... لا تعرف حقا ما تقول لتواسي والدتها تنهدت تسترسل بنبرة كسيرة خفيضة :
- يا ماما أنا ما عرفتش غير بعد .... أنا قصدي عرفت صدفة وأنا في المستشفى بعد اللي حصلي لي من زيدان
اغمضت لينا « السويسي » عينيها بألم ليمر في رأسها تلك الذكري المريرة ... ارتجفت نبرتها تعاود ما تقول :
- حسام هو اللي عالجني ... لولا وجوده جنبي وقتها كنت أكيد هموت ... كنت مرعوبة منه يقرب مني بعد اللي حصلي من زيدان .. فقالي الحقيقة وأنه اخويا ... وبعدين بابا طلب مني اني ما قولكيش لحد ما يمهد ليكي الموضوع
ادمعت عيني لينا وهي تسمع من فم ابنتها حزنا عليها لتسارع تجذبها الي أحضانها تعانقها بقوة شدت لينا علي جسد والدتها تغمر رأسها بين أحضانها ... لتسمع والدتها تتمتم بصوت خفيض باكي :
- أنا آسفة اني وافقت علي جوازك من زيدان وفضلت اقنعك توافقي ... ما كنش اعرف اني كدة بكرر نفس اللي حصلي زمان معاكي ...سامحيني يا بنتي أنا آسفة
ابتسمت لينا ابتسامة باهتة تبتعد عن أحضان والدتها تمسح من سقط من دموعها برفق تغمغم بمرح باهت :
- المكتوب علي الجبين يا ماما ... أنا هروح مشوار سريع مش هتأخر ... سلام
قامت لينا تقبل جبين والدتها لتبتسم الأخيرة يآسه تتمتم مع نفسها يآسة :
- نسخة من أبوها لما يكون خارج يعمل مصيبة يقولي رايح مشوار سريع ... ويبوس راسي ... يا تري رايحة تعملي ايه يا لينا
استقلت لينا سيارة اجري تملئ للسائق العنوان الذي لا يستغرق سوي دقائق قليلة من منزل جدها ... ربما تعمد جاسم شراء منزل قريب من ابنته ... حتي يكون جوارها بأكبر قدر ممكن ...
ما هي الا دقائق ووقفت سيارة الاجري أمام منزل والدها .... نزلت تعطي للسائق ... فتح لها الحراس الباب لتتوجه الي الداخل مشت عبر الحديقة الي باب المنزل الداخلي اخرجت مفتاحها تضعه في قفل الباب ... فتحت بهدوء شديد ليقابها صمت مخيف ... لا صوت لا حركة ... ربما لأن الوقت لا يزال باكرا فالجميع نيام .... تحركت بخفة تصعد إلي الأعلي ... توحشت قسمات وجهها في شراسة ... تبحث عن تلك الشقراء ... توجهت مباشرة الي غرفتها فتحت بابها تخطو الي الداخل لتتوسع عينيها تتأجج غضبا ... تلك الصفراء تنام بإريحية شديدة علي برأسها ترتدي أحدي منامتها الصيفية ... شدت علي أسنانها بعنف لتقترب منها مندفعة قبضت علي خصلات شعرها تصيح فيها بشراسة :
- انتي يا بتاعة أنتي ... أنتي مين ومين دخلك هنا ... انتي كدة حرامية أنا هوديكي في ستين داهية
استيقظت انجليكا فزعة تشعر بألم بشع جراء امساك لينا لخصلات شعرها صرخت من الآلم تصيح فيها بحدة :
- What are you doing , are you crazy
اشتعلت عيني لينا غضبا لتلقي حقيبتها أرضا تهمس متوعدة :
- أنا هوريكي جنان عيلة السويسي علي أصوله
اندفعت لينا تحاول ضرب انجليكا كانت فقط كانت تظنها فتاة مدللة هشة كلعبة باربي صغيرة ... توسعت عينيها في دهشة حين دفعتها انجليكا بعنف مخيف تصيح فيها محتدة :
- Don't touch me
دفعتها لينا بعنف لتسقط انجليكا علي الفراش تصيح فيها بشراسة :
- انتي بتزقيني با بتاعة انتي ... امشي اطلعي برة اوضتي برة
في اييه ... ايييه اللي بيحصل هنا ... صدح صوت خالد الغاضب من عند باب الغرفة المفتوح ... ليأتي زيدان يتبعه حسام يركضان ناحية مصدر الصوت الجميع يتسأل :
- في ايه يا خالي ... ايه اللي حصل يا بابا
وقبل أن ينطق أحدهم بحرف قفزت انجليكا من مكانها تهرول ناحية زيدان احتضنت ذراعه تخفي وجهها داخل صدره تغمغم مرتجفة :
- زيدان ... آبدها آني زيدان ... ضربتني وشدت شآعري وأنا نايمة زيدان .. أنا مش آملتلها هاجة
وحقا لم يصل لاذن زيدان حرف واحد مما قالت ... خرجت عقله عن حيز الزمان والمكان ...حين رآها تقف أمامه ...فراق قصير أشبع قلبه شوقا إليها ... عادت دقات قلبه تؤلمه من عنف طرقاتها تاهت عينيه يسبح في قسمات وجهها يرتوي حد الشبع وقلبه لا يعرف معني الشبع في عشقها ... يظل شريد جائع لا يرتوي الا بها ... كم رغب في تلك اللحظة أن يهرول إليها ينطفئ نيران قلبه بعناق قلبها ... كور قبضته يشد عليها بعنف حين مر فجاءة في رأسه جملتها « بابا معاذ عايز يجي يتقدملي .. أبلغه يجي أمت » كيف نسي قلبه الأحمق أنها قد نسيته من الأساس وعلي أعتاب الزواج من غيره بمنتهي البساطة وكأنها لم تحبه يوما ... حمحم بعنف يبتعد بعينيه عنها رفع يده الاخري يربت علي رأس انجليكا برفق نظر لخالد يردف متضايقا :
- جري ايه يا خالي .. أنا جايبها تضرب في بيتك
نظر خالد لزيدان محتدا من التصاق تلك الفتاة به وعدم إبعاده لها عنه ... ليعاود النظر لابنته حمحم يردف غاضبا :
- ايه يا لينا اللي انتي عملتيه دا .. وبعدين انتي جيتي امتي ...
توسعت عينيه فزعا في اللحظة التالية ليقترب منها سريعا أمسك بذراعيها يسألها قلقا :
- لينا كويسة ...
حركت رأسها إيجابا تنظر لتلك التس تلتصق بذراع زيدان بغل شديد يكاد يحرقها ... تنهد خالد براحة يتمتم محتدا :
- اللي خلاكي تضربيها بقي
ابعدت لينا ذراعيه عن يدي والدها تكتفهم أمام صدرها نظرت لتلك الفتاة بشراسة لتعاود النظر لوالدها ابتسمت تردف ببساطة :
- أنا دخلت اوضتي لقيتها لابسة هدومي ونايمة علي سريري وحضرتك عارف اني ما بحبش حد ياخد حاجتي
شددت علي كلمتها الأخيرة ليبتسم خالد ساخرا فهم جيدا لما ترمي ابنته ... كتف هو الآخر ذراعيه امام صدره العريض يتمتم ساخرا :
- تقومي ضرباها ونعمة التربية اللي ما عرفتش اربيها بصراحة ... اعتذري منها حالا يلا
توسعت عيني لينا في حدة تعتذر من تلك الصفراء لن يحدث أبدا ... لن تسمح لها بالانتصار عليها ابداا ... بعيدا يقف حسام يبتسم يآسا ... شقيقته تغار يري ذلك جيدا في عينيها في نظراتها التي تحاول استراقها ناحية زيدان ... في نظراته المشتعلة ناحية انجيلكا ... تدخل لينقذها من ذلك الموقف اقترب منهم يلف ذراعه حول كتفي لينا ابتسم ابتسامة باهتة يتمتم :
- خلاص يا بابا حصل خير ...
التفت ناحية زيدان وانجيلكا يعتذر مبتسما :
- أنا آسف يا انجليكا بالنيابة عن لينا ..
ابعدت انجليكا وجهها عن ذراع زيدان التفتت ناحية حسام تبتسم إبتسامة صغيرة ناعمة تحرك رأسها إيجابا ... لتشتعل لينا غيظا كم أرادت أن تنقض عليها وتمزق تلك الابتسامة اللعوب من فوق شفتيها ... حمحم خالد بخشونة يجذب انتباههم إليه :
- خلاص كل واحد يروح اوضته
انتفضت لينا من جوار حسام تصيح محتدة :
- البتاعة دي تخرج من اوضتي ما تفضلش فيها ثانية واحدة وتقلع هدومي أنا بتقرف
شهقت ناعمة حزينة خرجت من بين شفتي انجليكا نظرت لزيدان بأعين دامعة واسعة كجرو صغير برئ غمغمت حزينة :
- أنا بتآة ... يآني إيه بتآة زيدان
انفجر خالد ضاحكا ليشاركه حسام في الضحك بينما تقف لينا تنصهر غيظا ... ضم زيدان شفتيه يمنع نفسه بصعوبة من الضحك حمحم بقوة يحاول بشتئ الطرق الا يضحك .. يتذكر أحد مشاهد المسلسل قديم شهير للغاية حمحم يتذكر رد البطل ليخبرها بهدوء وهو بالكاد يمنع ضحكاته :
- something good
تعالت ضحكات خالد من جديد ليضرب حسام كفا فوق آخر يمسح دموعه التي تساقطت من شدة الضحك .. اما انجليكا فابتسمت باتساع التفتت للينا تنظر لها تقول مبتسمة :
- thank you أنتي كمان بتآة آلي فكرة
وقع حسام علي ركبتيه ارضا تنساب دموعه مما قالت تلك الشقراء توا خاصة مع نظرات عيني لينا المشتعلة أما خالد فلولا كبريائه لسقط جوار ابنه ينفجر هو الآخر ضحكا علي ما يحدث غمغم حسام من بين ضحكات الصاخبة :
- يا عم ابقي هاتها كل يوم يا عم
نظرت لينا لحسام في غيظ تشد علي أسنانها لتركله في ساقه بعنف تأوه ينظر لها متألما مسد قدمه يهمس حانقا :
- طب هي متغاظة أنا مالي ما عرفتش تتشطر علي الحمار بتتشطر علي البردعة .... يعني ايه بردعة اصلا
قاطع الصمت صوت رنين هاتف خالد التقطه من جيب بنطاله ليظهر رقم المستشفي نظر لحسام للحظات قلقلا يتمني أن يكن الأمر علي ما يرام حتي لا تختفي تلك الضحكات التي تزين ثغر صغيره ... تنهد قلقا فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه يتمتم :
- السلام عليكم
سمع الطرف الآخر يجيب بلباقة :
- عليكم السلام خالد باشا .. أنا دكتور منير . حضرتك مستشفي بتاعت لندن اتواصلت معانا وبلغتنا أن الطيارة هتبقي جاهزة لاستقبال الحالة بعد ساعتين في مطار القاهرة الدولي
تنهد بارتياح يحرم رأسه إيجابا يردف :
- تمام هكون عندك في أسرع وقت
اغلق الخط يلتف لهم ليري حسام يقف أمامه مباشرة ينظر له قلقا حرك رأسه نفيا يبعد أي فكرة سيئة عن رأسه يهمس بصوت خفيض خائف :
- دي المستشفى صح ... ماما كويسة مش كدة هي كويسة
ابتسم خالد يحرك رأسه إيجابا مد يده يربت علي وجه صغيره قص له ما قاله الطبيب ليغمغم حسام متلهفا :
- أنا هسافر مع والدتي مش هسيبها لوحدها
جاء صوت زيدان من خلفهم يغمغم في حدة :
- وأنا هسافر مع حسام
التفت حسام لصديقه يحرك رأسه نفيا يرفض ما يقول :
- أنت عبيط يا إبني تروح فين ... هتوقف شغلك وحياتك عشان خاطري
ترك زيدان انجليكا تقدم يقف أمام حسام أمسك بذراعيه يغمغم مبتسما:
- واضحي بحياتي عشان خاطرك يا صاحبي
ادمعت عيني حسام ليعانق صديقه بقوة للحظة فقط قبل ان يجفل كلاهما علي صوت تصفيق بطئ تلاه صوت خالد الساخر :
- تراني اتأثرت والله ... حلو اوي فيلم سلام يا صاحبي الجزء الثاني دا بدل بركات ومرزق زيدان وحسام ... لا انت ولا هو هينفع تسافروا ... الباسبور والتأشيرة والطيارة كل دا راح فين يا باشا إنت وهو
التفت حسام لأبيه اقترب منه يمسك بكف يده يترجاه متلهفا :
- بابا أنت تقدر تعمل كل دا بمكالمة تليفون ... ارجوك أنا مش هينفع اسيب والدتي
اقترب زيدان من صديقه وقف جواره يتمتم في هدوء :
- وأنا مش هينفع اسيب حسام لوحده
زفر خالد حانقا من أفعالهم ... كاد أن يصيح فيهم أن يتوقفوا عن أفعال الاطفال تلك ... ليتوقف يتذكر محمد صديقه منذ ولادته تقريبا ... لولا محمد لكان سقط كثيرا ... محمد دائما كان الذراع التي يستند عليها في أصعب أوقاته وزيدان وحسام كل منهما ذراع الآخر الآن تنهد يحرك رأسه إيجابا :
- حسام هتطلع علي المستشفي ... ادي الباسبور بتاعك لزيدان ... زيدان هتاخد الباسبور بتاعك وبتاع حسام وهتطلع علي (.....) هيخلصلكوا الدنيا أنا هكلمه دلوقتي ... بسرعة يلا الطيارة فاضل عليها أقل من ساعتين
تحرك حسام سريعا من الغرفة ... وزيدان خلفه قبل أن يخرج وجد أحدهم يمسك بيده نظر للفاعل لتتوسع عينيه في دهشة ... انجليكا نسي أمرها تماما ... قبضت علي ذراعه تسأله خائفة :
- وأنا زيدان ... أنت هتسيب أنا ... أنا اايزة اسافر مآك
تنهد لا يعرف ما حل تلك الورطة التي وقع فيها
دون إرادته ... أمسك بكف يدها يجذبها خلفه يتمتم مبتسما :
- تعالي معايا يا انجليكا
تحرك زيدان بصحبة تلك الشقراء للخارج .... تحت نظرات لينا القاتلة ... التفتت لوالدها لتراه يتحدث في الهاتف تبدو أنها مكالمة مهمة جداا ... تحركت ساقيها تبحث عنهم
عند نهاية الممر الطويل وقف زيدان أمام انجليكا يحجبهم عن الرؤية عمود ضخم من الجرانيت الأبيض عقد زيدان ذراعيه امام صدره يغمغم متضايقا :
- انجليكا ما ينفعش تسافري معايا بأي حال من الأحوال
قطبت جبينها حزينة ودمعات خفيفة نزلت من مقلتيها :
- ليه زيدان أنا آيزة سافر مآك ... أنت ليه قول لاء
خرجت منه ضحكة خافتة يحرك رأسه يآسا من تلك الطفلة ... حمحم في خشونة يردف بحزم :
- انجليكا إحنا هنا في مصر بلد شرقي ليه عادات وتقاليد .. يعني سافرك معايا من الغردقة لهنا وكون تباتي في نفس المكان اللي أنا فيه ....أو في رجالة غريبة عنك دا غلط ... ما ينقعش يا انجليكا اخدك معايا وأنا مسافر ... أنا آسف بس إحنا ما فيش بينا اي رابط
قطبت جبينها تسأله متعجبة :
- يآني ايه رابط زيدان
ضحك بخفة تنهد يردف مبتسما :
- يعني ما فيش بينا اي علاقة تربطنا يا انجليكا
حركت رأسها نفيا بعنف قطبت جبينها محتدة تمسك ذراعه بكفيه تغمغم سريعا بوله :
- لا فيه ... أنا بهبك ... بهبك يا زيداني
وضعت يدها علي فمها تمنع صوت شهقة حادة كادت أن تنبثق من بين شفتيها تلك الصفراء تحبه ... اخيرا وجدتهم لما يقف بها هناك مختفيان عن الرؤية شدت علي يسراها تغرز أظافرها في كفها بعنف تتنفس بحدة ... بالطبع زيدان سيرفض حبها .. زيدان يحبها هي مهما حدث .... هوي قلبها أرضا تفتت لشظايا قاتلة حين سمعته يهمس لها :
- وأنا كمان بحبك يا انجليكا بحبك اوووي
حركت رأسها نفيا بعنف تنفي ما سمعت اذنيها توا ... يحبها بتلك البساطة نسيها وأحب غيرها ... وهي الحمقاء التي أكلها الندم علي عدم إعطائه فرصة أخري ... كبحت دموعها بعنف لن تبكي من باعها ابدا ... سمعت صوت صيحة الفتاة السعيدة ... لتبتعد هي للخلف تهرب مما سمعت ... من المكان بأكمله
بينما صاحت انجليكا سعيدة حين سمعت اعترافه بعشقها رمت جسدها بين أحضانه تتمتم فرحة :
- بجد زيدان أنت بتهب أنا
اختنق من عنف عناقها ليبعدها عنه يسعل بخفة حرك رأسه إيجابا يتمتم مبتسما :
- ايوة يا انجليكا بحبك ... بس زي أختي
As my sister عشان تفهيمها بشكل اوضح ... من ساعة ما شوفتك وأنا حاسس اني مسؤول عنك كأنك بنتي او أختي الصغيرة
كسي الوجوم ملامحها مطت شفتيها بحركة حزينة حركت رأسها نفيا بعنف فتحت فمها تريد أن تتحدث ليبادر زيدان قائلا بتلهف :
- انجليكا أنا كدة هتأخر في عربية بسواق تبع خالي هترجعك الغردقة ... ماشي
اخفضت رأسها أرضا تحركها إيجابا بحزن طفي فوق قسمات وجهها ... رفعت وجهها قليلا تهمس له حزينة :
- أوادني أنك هتقولي أنت هتيجي امتي من السفر
ابتسم يحرك رأسه إيجابا ... بعد قليل كانت انجليكا تجلس في احدي سيارات خالد ... اخرجت رأسها من نافذة السيارة تلوح لزيدان بحرارة تبتسم له ... ليعطيها شبح ابتسامة صغيرة يلوح لها وداعا بخفة ... غادرت السيارة المكان التفت ليغادر هو ليراها تقف خلفه لا يفصلهم سوي خطوتين علي الأكثر ... كور قبضتيه يشد عليها بعنف كأنها مكابح تكبح زمام مشاعره الجارفة تهدجت أنفاسه يبعد مقلتيه عنها رغما عنه قبل أن ينطق بحرف سمعها تتمتم ساخرة :
- واضح أنك بتحبها أوي
قطب جبينه متعجبا للحظات لا يفهم عن من تتحدث ... قبل أن ترتسم ابتسامة ساخرة علي شفتيه ... توجه بعينيه لها رسم ابتسامة بسيطة علي شفتيه يردف :
- ما اعتقدش إن دا شئ يفرق معاكي ... أحبها او لاء ... كل اللي بينا خلص خلاص
رفعت رأسها لأعلي قليلا بإيباء تحركها إيجابا تبتسم متهكمة تردف بلامبلاة :
- أكيد خلص ... بس Really ... ذوقك مش حلو
حرك رأسه إيجابا يؤيد ما تقول يردف ساخرا :
- عندك حق هو فعلا مش حلو بس .. دا حلو أوي ... عن اذنك
تجاوزها مغادرا المكان بالكامل وقفت هي مكانها أنفاسها تغلي علي مرجل الغضب ... وجهه اشتغل بنيران الغيرة قلبها ينفجر من الغيظ والألم !!! ... رؤيته بعد طول غياب داعبت اوتار قلبها بلحن حاني حزين ... لحن تقطعت اوتاره بما سمعته يقول ... بتلك البساطة أحب اخري ... ضحكت ساخرة علي حالها ولما لا يفعل ... أليست تقريبا علي وشك الزواج من آخر ... عادت ادراجها للداخل لتجد والدها يجلس علي احدي المقاعد أمامه كوب قهوة ... البيت خلي من الجميع عداه هو والخدم ... اقتربت تجلس علي مقعد قريب منه ليعتدل يستند بمرفقيه علي فخذيه يسألها قلقا :
- لينا عاملة إيه طمنيني عليها
ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي لينا تغمغم متعجبة :
- هتكون عاملة إيه يعني بعد ما عرفت أن حضرتك متجوز عليها اكيد متدمرة ... ما اعتقدش أنها كلت او شربت اي حاجة من إمبارح ... ليه يا بابا ... ليه تعمل كدة فينا كلنا
تسارعت دقات قلبه قلقا ... أغمض عينيه يشد عليها .... يتخيل حالها الآن بالطبع أبشع ما يكون ... هب واقفا يغمغم سريعا :
- قومي يلا هنروحلها
تحرك للخارج سريعا وخلفه ابنته ما أن فتح باب المنزل توسعت عينيه فزعا حين رأي بدور تقف أمامه ... منظرها مروع بشع صاح فيها قلقا :
- بدور في ايه انتي عاملة كدة ليه ؟!!!!
________________
عودة إلي أسيوط في منزل الشيخ طاهر .. نظر رشيد في ساعة يده قلقا .. الساعة اقتربت من الحادية عشر ظهرا ... نظر لغيث النائم علي المقعد المجاور له ... ليقترب من جاسر يهز جسده برفق يحاول إيقاظه بخفة :
- جاسر .. جاسر اصحي يا إبني ... جاسر فوق
شيئا فشئ بدأت جاسر يحرك مقلتيه فتح عينيه بقدر ضئيل نظر لوالده يبتسم ابتسامة شاحبة متعبة .... يشعر بألم بشع يطرق في رأسه استند علي مرفقيه يحاول أن يعتدل في جلسته ... ليسنده رشيد سريعا الي أن اعتدل جالسا يقطب جبينه متعجبا ينظر حوله لذلك البيت يعرفه شكلا ... عاد ينظر لوالده يسأله متعجبا :
- في ايه يا بابا هو مش دا بيت الشيخ طاهر بردوا احنا هنا بنعمل إيه
استيقظ غيث علي صوت جاسر يحرك عظام رقبته المتيبسة نظر ناحية جاسر يغمغم بصوت مرِح ناعس :
- حمد لله علي السلامة يا عم ... حرام عليك دا أنت عيشتنا ليلة ولا افلام الرعب ... أنا بقيت مرعوب يطلعلي عفريت من تحت الكرسي دا
ضحك رشيد بخفة يصدم غيث برفق علي رأسه يغمغم :
- هيطلعلك عفريت في بيت شيخ الجامع يا أهبل
جاسر ينظر لهم متعجبا لا يفهم حقا ما يحدث حمحم يسألهم متضايقا :
- ممكن تفهموني أنا هنا ليه ... انا مش فاكر حاجة خالص
أنا هفهمك يا جاسر ... حمد لله علي سلامتك الأول ....
جاء صوت الشيخ طاهر من عند باب الغرفة المفتوح من الداخل ... التفت الجميع إليه ليبتسم طاهر دخل يحمل صينية طعام متوسطة الجحم وضعها علي الطاولة الصغيرة أمامهم يقول مبتسما :
- يلا بسم الله لقمة هنية تكفي مية زي ما بيقولوا
جلس طاهر جوار جاسر علي الأريكة ليلتفت جاسر له يغمغم في ضيق :
- أنا مش عايز أكل أنا عايز افهم أنا مش فاكر حاجة خالص
ربت طاهر علي يد جاسر يغمغم مبتسما بصوت هادئ :
- سمي الله وركز وحاول تفتكر
قطب جاسر جبينه يحاول تذكر ما حدث لما ذاكرته بيضاء لتلك الدرجات شيئا فشئ بدأت الذكريات تتدافع الي رأسه ... توسعت عينيه فزعا كيف حدث ذلك ... كيف فعل بها ذلك .. لم يتحكم في ذاته لم يكن يتحكم في أي شئ وكأنه آلة مسلوبة الإرادة تنفذ فقط ... حرك رأسه نفيا بعنف التفت لطاهر يصيح مفزوعا :
- في اييه ... أنا ما عملتش كدة ... مش أنا اللي كنت بعمل كدة ...
ابتسم طاهر حزينا علي حاله .. حرك رأسه إيجابا تنهد يتمتم برفق :
- مش إنت فعلا يا إبني .. جاسر أنت كنت مسحور معمولك عمل .. عشان يفرق بينك وبين مراتك ويخليك بالبلدي كدة خاتم في صباع مراتك الاولانية
توسعت عيني جاسر في صدمة حرك رأسه نفيا
يصيح مذهولا :
- لاء طبعا الكلام دا مستحيل
عقد طاهر جبينه يسأل جاسر متعجبا :
- ليه يا ابني مستحيل السحر مذكور في القرآن وفي ديانات تانية والحمد لله ربك قدر ولطف واتفك العمل ..حصن نفسك بأذكار الصباح والمساء وما تكسلش في صلاتك تاني ... هي اللي هتحميك من شر كل مؤذي
شد جاسر قبضته تهدجت أنفاسه غضبا احمرت مقلتيه لا يفكر سوي في الإنتقام التفت جاسر لطاهر يغمغم محتدا :
- شاهيناز اللي عملت كدة صح
حرك طاهر رأسه إيجابا ينظر لجاسر حزينا ... ليلتفت لوالده يهمس له راجيا :
- بابا احكيلي كل اللي أنا عملته الفترة اللي فاتت ارجوك عشان خاطري
تنهد رشيد يحرك رأسه إيجابا ليقص له ما حدث منذ أن بدأ فجاءة دون سابق إنذار تتغير تصرفاته بالكامل ... ادمعت عيني جاسر حزنا علي حبيبته التي كان اول من اذاها دون أن يدري ... تذكر تلك الورقة التي دسها في جيب سرواله ليهب سريعا يبحث عنها اخرجها من جيب سرواله يفتحها يقرأ ما كتبت بأحرف نازفة :
- أنا حتي مش عارفة أنا بكتبلك الورقة دي ليه وأنا عارفة وواثقة أنك بتكرهني وإن وجودي من عدمه مش هيفرق في حياتك ... أنا بكرهك اوي يا جاسر ... رفعتني بحبك لسابع سما عشان ترميني في سابع ... أنا بكرهك وهفضل أكرهك طول عمري .. علي فكرة أنا حامل والجنين دا أنا هنزله عشان مش عايزة اي حاجة تفكرني بيك ... طلقني
تهاوي علي الأريكة يخفي وجهه بين كفيه يشهق في بكاء عنيف قاسي ... ينتفض جسده من عنف بكاءه ...هرع رشيد إليه يعانقه ليرتمي جاسر بين ذراعيه يصيح بحرقة :
- أنا اذيتها اوي يا بابا ... اذيتها اوي .... بتقولي انها حامل وهتسقط اللي في بطنها ... مش عايزة حاجة تفكرها بيا
توسعت عيني رشيد فزعا التقط الورقة من يد جاسر يقرأ ما فيها ... ليبعد جاسر عنه بعنف يصيح فيه :
- أنت لسه هتقعد تعيط ... قوم الحق مراته .. أنا اللي هربتها ... خليت السواق يوصلها عند ابوها في القاهرة ... قوم اجري الحقها
هب جاسر سريعا يحرك رأسه إيجابا ... تحرك للخارج قبل أن يخرج التفت لابيه يغمغم سريعا :
- بابا مش عايز حد يعرف خالص باللي حصل هنا خصوصا شاهيناز
حرك رشيد رأسه إيجابا سريعا ليهرول جاسر الي الخارج يبحث عن اي سيارة اجري تقله إلي القاهرة
__________________
ضغط خالد مكابح السيارة بعنف تشق غبار الطريق يحاول الاتصال بصديقه مرارا وتكرارا ... اجاب محمد اخيرا يغمغم متلهفا :
- ايوة يا خالد عرفتلك هما في مستشفي ايه .... مستشفي ( .......) عارفها
أدار خالد عجلة القيادة بعنف يلتف مع الطريق ليصيح في صديقه :
- تجري علي فيلا حمزة بدور جاتلي منهارة تقولي انها شافت جثة الحارس في أوضته ... عايزك تقلبلي الدنيا وتجبلي اللي حاول يقتل اخويا
غمغم محمد سريعا :
- ما تقلقش أنا في طريقي ومعايا البحث الجنائي وهنوصل للي عمل كدة ما تقلقش
اغلق خالد الخط مع صديقه يدهس المكابح تحت قدميه بعنف أمامه فقط صورة بدور وهي تخبره مرتجفة باكية :
- ااادهم ... حممزة ... ادهم جري علي حمزة وقف قدامه وفجاءة وقع علي الأرض ودم كتير ...والحارس كان في الأوضة علي الأرض دم ... مات
من تلك الكلمات المبعثرة المرتجفة كون جمل مفيدة مرعبة ... أهمها أن أحدهم حاول قتل أخيه وادهم ضحي بنفسه فداءا له ... وثانيا حارس منزل أخيه قُتل هو الآخر ... من الجيد أن بدور علي ما يرام هي والصغيرين
وصل أخيرا الي عنوان المستشفي التي أخبره بها صديقه ... نزل يركض ... حقا تعب قلبه من الركض خلف مشاكل تلك العائلة ... بعد طول ركض وصل اخيرا الي حيث رأي أخيه يقف أمام غرفة العمليات ... هرع إليه يسأله فزعا :
- حمزة طمني علي أدهم
انهارت آخر ذرة ثبات عند حمزة ما أن رأي أخيه ليرتمي بين ذراعيه ينوح باكيا كطفل باكيا :
- ابني بيموت يا خالد بقالهم اكتر من خمس ساعات جوا ... يا رب .... يا رب خليهولي ... أنا كنت هسامحه والله كنت هسامحه .. وهخليه يتجوز مايا ... جري وقف قدامي وخد عني الرصاصة .... ياريته ما كان جه ... ياااارب ...
ربت خالد علي رأس أخيه يحاول تهدئته ...يهمس لها بترفق :
- بإذن الله هيبقي كويس اهدی إنت بس وادعيله
ياااارب .... صاح بها حمزة برجاء يفتت قلبه ... لم تمر سوي لحظات وانفتح باب غرفة العمليات ليهرع حمزة وخالد ومايا ناحيته .. امسك حمزة بذراعي الطبيب يصيح فيه قلقا :
- طمني ابني ... ابني حالته ايه
تنهد الطبيب حزينا ليردف مكملا :
- أنا آسف !!!!
_______________