رواية وميض الحب الفصل الثالث و الخمسون 53 بقلم لولى سامى


رواية وميض الحب الفصل الثالث و الخمسون بقلم لولى سامى


تغلي الضغينة في القلوبِ وتحتدمْ
وتظلُّ تحرقُ من يُخَبِّئها ويكتمْ
ما الغِلُّ إلا نارُ حقدٍ كامنة
تشوي الفؤادَ وتستبيحُ بهِ الألمْ
تَظنُّ أنكَ بالعداوةِ منتصرٌ
لكنَّك المسجونُ في قيدِ السّقمْ
فالصفحُ عزٌّ، والتسامحُ رفعةٌ
والبغضُ يُسقِطُ في المهاوي من ظلمْ
فاطفئ لهيبَ الكُرهِ، واجعلْ نبضَك
وَردًا يُعانقُ من جَفاكَ بلا ندمْ
كانت تتابع أسهم النظرات التي تختلسها ابنتيها نحو الشباب وهي تدعي من قلبها أن يديم الحب والود بينهم ..
تارة تزجر لهم وتارة تَّدعي عدم رؤيتهم ..
بينما الفتيات كانوا يختلسون النظرات لتشاهد كلا منهما غضب وحمقة كل رجل فيهم على الاخر وكأنهم يخرجون غضبهم في بعضهم ليصيبهم الضحك محاولين كتمها بوضع ايديهم على أفواههم ..
حاولت سعيدة أن تغض بصرها قليلا لتترك لكم مساحة طفيفة لمتابعتهم …
تذكرت حوارها مع زوجها قبل مجيئهم وهو يحذرها من التقاء الفتيات بالشباب والتشديد على منع جاسر خاصة عن التواجد مطلقا لتطلق سؤالها بتحير / انت مش قابل جاسر ليه بالشكل ده وخاصة ليسرا ؟
البنت رايداه وهو رايدها !!
ثم أنا بصراحة شايفة أنه ملوش ذنب في كل ده بالعكس ده اتصرف بعقلانية وشهامة…
واحد بنتك لجأتله علشان يخلصها من مشكلة كبيرة كانت هتحصلها بدل ما تشكره تقوله مش عايزين خدماتك ؟؟
حاول كريم التهرب من سؤالها أو حتى مواجهة نظراتها لينصرف من أمامها مدعي البحث عن شيء ما بالغرفة…
اقتربت سعيدة وامسكت بعضده ليستقيم أمامها وتنظر بداخل عيونه متسائلة / انت بتغير على يسرا من جاسر يا كريم ؟؟
وكأنها نبشت السر الذي لطالما حاول اخفاءه ..
لم يعد هناك مهربا لينظر بعيونها وهو يقر بضعفه وأبوته / أيوة غيران يا سعيدة …
لما بنتي تلجأ لواحد غيري متعرفوش علشان يخلصها من مشكلة…
وتحط فيه كل الثقة دي ومفكرتش أنها تلجألي يبقى لازم اغير منه …
لازم اقلق بدل ما ادور على بنتي ألاقيها اكتفت بيه في حياتها …
بنتك وثقت فيه اكتر مني !!
وساعتها لو جرحها محدش هيقدر يداويها حتى أنا …..
* علشان خافت منك متسمعهاش …
أطلقت جملتها الإجمالية ثم شرعت في تحليلها تفصيلا/ خافت تحكيلك متسمعهاش، ولو سمعتها متصدقهاش، ولو صدقتها متعرفش تجبلها حقها …
ربتت على عضضه وهي تؤكد له دوام حب ابنته له واحتياجها إليه مهما حدث ليجيبها بريبة وخوف أبوي / اللي بيحب اوي بيتجرح اوي يا سعيدة …
وانا خايف عليها تتجرح اوي ..
ابتسمت سعيدة باطمئنان وهي تجيبه بثقة / بس انا بقى مش خايفة وواثقة أنها مهما حبت ولا راحت ولا جت لا يمكن تستغنى عنك …
ده ياسو حبيبة قلبك …
نظر لها كريم بغضب والغيرة تكاد تقفز من مقلتيه / بس متقوليش حبت دي…
هو يحبها اه لكن هي يوم ما توافق بيه يبقى اسمها حنت عليه ….
كتمت سعيدة ضحكتها وهي تردد خلفه مع التصحيح/ عقبال ما تحن عليهم انت عن قريب…
عادت سعيدة لواقعها لتجد الشباب قد أنهوا ما أمرتهم به وكادوا أن يجلسون على اقرب أريكة فإذا بها تقول لهم / تسلم ايديكم يا شباب ويديكم العافية يارب …
ابتسم لها جاسر وهو يتصبب عرقا ويعلق عليها وعينيه تنحرف قليلا تجاه يسرا / ويجمعنا مع حبايبنا عن قريب يا حاجة سعيدة يارب قولي امين …
* أمين يا حبيبي أمين
أمنت خلفه ثم قالت معاتبة / هو انتوا بخلاء ولا ايه ؟؟
إلا ما في كوباية شاي واحدة ولا حتى ازازة ماية ساقعة طلعت ..
اتسع بؤبؤ عبدالله دليلا على نسيانه لانشغاله تماما ليهم بالاستئذان ساحبا جاسر بيده / لا ثواني بس وعيوني ليكم …
هتلاقوا هند انشغلت مع والدتي واختي ؟..
تعالى معايا يا جاسر …
حاول جاسر التملص من ذراعه وهو يبرر مكوثه معهم بابتسامة مصطنعة / طب سيبني أنا يا عبدالله معاهم علشان منسيبهمش لوحدهم …
أجابت سعيده على اقتراحه بكل وضوح قبل أن يجيبه عبدالله/ ميصحش يا ابني تقعد معانا هنا لوحدك ولا ايه ؟
دانا قولت انت عارف الأصول كويس …
شعر جاسر بالاحراج الشديد ليتمتم مستجيبا وهو يتبع خطوات ابن عمه/ لا تمام تمام انتي صح …
عن اذنكم …
……………………………..
بالأسفل كاد أن يتوقف قلبها حينما انفرج الباب فجأة فإذا بعيونها تتسع على اخرها حينما رأت ابنها يقتحم غرفة جدته وهو يقول / تيتا جت عايز اشوف تيتا ….
أطلقت زفرة من رئتيها قد انحبست مع انفراج الباب لتغلق عيونها قليلا وتهدأ من روعها …
بينما عمر قد وصل إلى جدته وقبل كفها ليرى أنها تبكي بصمت فالتفت إلى والدته متسائلا / تيتا مالها يا ماما …
وهنا خرجت عن صمتها بعد أن تماسكت قليلا وفزعت به هادرة / انت إزاي تدخل كدة مرة واحدة ؟؟
اتفضل على اوضتك ومش عايزة اشوفك قدامي دلوقتي…
فزع الطفل من صراخ والدته عليه ليفر هاربا من أمامها بينما هي خرجت خلفه وأغلقت باب الغرفة على حكمت متوجهه إلى غرفتها لتخفي ما بحوزتها …
كادت أن تدلف غرفتها إلا أن عبدالله وجاسر دلفا سويا متسائلا / فينك يا هند عمال ارن جرس الباب ومحدش فتح …
اضطربت هند قليلا وهي تجيب عليه وقد ظهر التوتر على مقلتيها وهي تجيبه بتلعثم / أصل قولت للواد يفتح …. وهو كان بيتدلع….. علشان كدة زعقتله ….
ضيق جاسر حدقتيه متسائلا كمن أراد أن يختبر قوة تماسكها / مالك يا هند في حاجة موتراكي ؟؟
التفتت إليه بأعين مزعورة وهي تجيبه بتكرار وتلعثم / أنا … ابدا ابدا …..
أنا بس عليا حاجات كتير ….
عن اذنكم ….
نطقت باخر جملتها واختفت من أمامهم لينظر كلا منهم للآخر معلقا جاسر بهمس / اقطع ايدي أن مكنتش عاملة مصيبة …
ابتسم عبدالله بجانب شفتيه معلقا / سيبها أوانها لسه مجاش ….
أنهوا حوارهم الهامس ليدلف عبدالله إليها المطبخ طالبا تحية الضيوف لمن بالاعلى بينما جاسر ظل بالردهة يحادث اقرب مطعم لطلب وجبات قيمة لهم جميعا ……
أما بالاعلى كانت سعيدة والفتيات يتسامرون ويتغامزون فيما بينهم على سيرتهم حتى اقتطعت سعيدة الحوار وهي تشير ليسرا منبهه ومحذرة / ابوكي مكنش موافق على سي جاسر بتاعك علشان بجاحتك اللي بتقفي بيها قدامه وتقولي عايزاه والكلام الفارغ ده …
تعجبت الفتيات مما ذكرته والدتهم لتعترض يسرا قائلة باندهاش / بس انا مقولتش لبابا اني عايزاه خالص …
رفعت سعيدة حاجبيها متحدثه بثقة / بس عنيكي كانت بتقول وعصبيتك ونرفزتك …
ثم أشارت بابهامها تعبيرا عن الماضي واكملت / ولجوءك له في مشكلتك قبل ابوكي بتقول أنك عينك منه ….
شعرت يسرا بالاحراج ولم تقدر على رفع عيونها بعيون والدتها وهي تحاول تبرير أفعالها / كان غصب عني يا ماما …
كل ده بيحصل غصب عني …
كانت يمنى تتابع الحوار والردود بينهم بتعجب لتتساءل باستفسار لم يدركه عقلها بعد / أيوة اي علاقة كل ده بأن بابا يرفضه بالشكل ده !!
بدل ما يقول عليه شهم وراجل !!
التفتت سعيدة توضح الأمر لكلا الفتاتين / الغيرة ….
عقد كليهما حاجبيهما لتسترد سعيدة في شرحها / لما اب يلاقي بنته بتنسحب من تحت أيده وتحط كل ثقتها في حد غيره يغير ويخاف في نفس الوقت …..
يغير أن راجل غيره خد مكانه عندها وممكن بعدين تستغني عنه….
وبيخاف من شدة ثقة بنته في راجل لسه منعرفوش وممكن يكسرها بالثقة دي…
حديث أيقظ عقل كلا منهما لتتسع حديقتي يسرا مؤكدة احساسها وحبها الأزلي لوالدها / بقى بابا ممكن يتخيل أن حد يجي مكانه ولا اني اقدر استغنى عنه…
وضعت كفها على فمها وهي تحرك راسها برفض تام مما تسمعه أو مما وصل لعقل والدها ثم أكملت ودموعها بدأت تتزاحم بمقلتيها بتأثر وندم / أنا ممكن استغنى عن بابا ازاااي ….
ازاي اقدر استغنى عن بابا وهو سندي بعد ربنا …
نظرت تجاه والدتها تؤكد ما شعرت به سعيده وأخبرت به كريم / أنا يوم ما بابا رفض جاسر مقدرتش اتكلم …
اه كنت مضايقة بس مقدرش ألومه أو حتى اعاتبه ….
انا عارفة بابا بيحبنا إزاي وواثقة أن همه مصلحتنا ….
وجهت نظرها لأختها التي لم تتحمل المشهد لتتساقط دموعها تأثرا على حال اختها وأبيها معا / يوم ما يمنى وقعت في مشكلة بابا اللي سندها ….
مهما كنا بنخبي عليه ده علشان عارفينه أنه لا يمكن يتهاون في حقنا …..
بابا لازم يعرف أن مهما كان مقام جاسر عندي لا يمكن يوصل لربع منزلة بابا في قلبي….
نطقت بجملتها وانخرطت ببكاءها ليحاولا كلا من سعيدة ويمنى بتهدأتها برغم اشتراكهم معها بالبكاء الحنيني ….
………………………..
استمعت لجلبة بالخارج منذ الصباح الباكر ثم تهادى لسمعها أصوات تعلمها جيدا نعم انها سعيدة حماة اخيها وزوجته ..
هل عادت للمنزل مرة أخرى ؟
هل ما بينهم تم إصلاحه ؟؟
بعد قليل استمعت لاصوات تحريك اثاث من فوقها لتتوقع انهم جاءوا من اجل الإلمام بالاثاث وانهاء الامر ..
تسرب إحساس السعادة قليلا الى قلبها فلم تكن بمفردها الخاسرة في هذه اللعبة ..
ولكن لما تخسر هي ؟
لما لم تكون الفائزة الوحيدة بينهم ؟
جلست بزاوية من زوايا الشقة تستعيد على عقلها ما تم وما آلت له الأمور …
مررت نظرها على المكان من حولها كيف تبدل حاله من مكان للمعيشة والهناء للسجن والتقييد…
هناء المعيشة التي لم تشعر بها حينما كانت بين يدها وتمتلكها ….
زوجها الذي كان يتمنى رضاها كيف تغير للنقيض ؟
كيف تبدل حاله من محب لكاره لهذه الدرجة ؟
هل كما يدعون انها هي السبب؟
لا والف لا فهي كل محاولاتها في الحفاظ عليه وابقاءه بالقرب منها.
حتى لو أخطأت الطريقة فيجب ان يراعي محاولاتها وسلامة نيتها .
هكذا فكرت هند في موقف زوجها فهي لم ترى له أي مبرر لأفعاله مهما فعلت له…
ترآى الى ذهنها موقف اخيها المعادي لها وكيف يحاربها بهذا الشكل من اجل أمرأة لا تسوى شيئا في نظرها سوى انها مدللة وخادعة ..
التمست له عذرا واحدا وهو انه عديم الخبرة بمكر ودهاء النساء، وانه لا يرى ما تراه من مكر وخبث من زوجته .
حتى ولو لم تقصد هذا المكر والدلال الزائد التي تستخدمه في إمالة زوجها إليها وابعاده عن عائلته كما تؤى هي …
فيجب اخضاعها لاوامرنا حتى لا تتطاول عليه في المستقبل .
رات انها يجب ان تطلعه على حقيقتها الخادعة وانها ان لم تكن ترغب في مغازلة ومداعبة أخيه لها، ما صمتت ولو للحظة واحدة حتى لو وصل الامر للطلاق ….
الا ان صمتها هذا لا ينم الا عن موافقتها…
نعم يجب اطلاعه على كيدها الذي لا يراه بفضل مرآة الحب التي تعميه عن حقيقتها .
نعم هي ترى ان هذا واجبها وعليها اتمامه حتى لو وصل الامر بينهم للطلاق فيجب ان يعلم انهم على صواب وانها هي المخطئة الوحيدة حتى لا يكون هناك أي امل جديد في عودتها…
وبهذه الطريقة سيعود اخيها طيب القلب اليهم مجددا، وسيكون ملبيا لكل اوامرها مثلما كان من قبل…
طالما لم يوجد من تحاول السيطرة عليه غيرهم حتى لو وصل الامر بعدم زواجه نهائيا فيما بعد..
تذكرت صفاء وسمر لتحاول اخراجهم من حسابتها فهم لا يستحقون العيش وسطهم فسمر يجب ايداعها دار لضعاف السمع فهي لن تتحمل خدمتها.
اما عن صفاء فيكفيها العيش بجوار زوجها وأولادها…
فهي من اختارت وعليها تحمل نتيجة خطأها، وتحمل ذلها من زوجها مادامت هي من تريد ذلك.
اضاء سؤاال بزهنها عن مرضها الحالي وكيفية التعايش معه لترى ان اذا تم كل شيء كما خططت له ستتعايش معه بكل سلاسة …
فمن سيكون حولها سوى والدتها التي تعشقها وترى فيها شبابها ….
واخيها بعد انفصاله سيكون شغله الشاغل توفير سبل الحياه لها ولوالدتهم ….
اما هند فيجب ان تظل بعصمة اخيها بغرض خدمتهم جميعا فمن المؤكد عدم رفض صبري لهذا الحل فهو يعشق تعذيبها وازلالها سواء ظل بالسجن او خرج منه ….
وحتما هي سترضى فمثلها ليس امامه خيار آخر سوى قبول الإهانة من اجل العيش….
مثلها مثل اختها صفاء التي لم تجد لها مبرر لقبول هذا الذل لها.
ابتسم شيطانها لمخططها الذي تخطى قدراته لتسقط ابتسامتة على ملامحها الخارجية فيخيل للرائي انها تبتسم .
قررت تحديد جلسة حديث مع اخيها بطريقة اكثر هدوء ومنطقية لتخبره بذلك حينما صعد لها بالطعام بمنتصف اليوم ليوافقها الرأي ولكن ليس باليوم ….
تذكرت مرض والدتها ولكنها لم تحن الفرصة لسؤال عبدالله عن تطورات حالها لتؤجل السؤال عليها لجلسة حديثهم بالغد….
…………………
انتهى اليوم الذي كانوا يرسمون له احلام وردية ولم يتحقق منه شيئا مما حلما به …
عادت سعيدة والفتيات لمنزلهم وهم يشعرون بارهاق جسدي كبير إلا أن يسرا ويمنى فور رؤية والدهم ارتموا عليه يحتضنونه ويقدمون له كامل الاعتذرات وسط بكاءهم الحار…
كاد أن يخيل لكريم أمر سيء قد حدث لهم إلا أن نظرة سعيدة السعيدة والمليئة بالابتسامة جعلته يطمأن قليلا …
نظر الى سعيدة مستفسرا لتومئ له مطمئنة، ليصل لعقله وقلبه أنها مجرد مشاعر بالامتنان تجاهه….
شدد من احتضانهم ودعى سعيدة بالاقتراب لمشاركتهم لترتمي عليهم فينقلب المشهد من بكاء لضحك هستيري يشوبه بعض الدموع المتضاربة بين حنين واعتذار وندم وفكاهه …
………………..
بالجهة الأخرى بمنزل الشباب لم يستطيع جاسر العوده لمنزله من شدة الإجهاد ليظل ممدا بجوار ابن عمه على نفس الفراش وهو يسبه ويلعن كل ما يجمعهم سويا ..
لم ينطق عبدالله ببنت كلمة بل كل ما يفعله أنه ينظر للسقف بابتسامة حالمه ..
من يراه يجزم أنه لم يستمع لسباب جاسر ..
عقد جاسر ما بين حاجبيه وهو ينظر إليه ويميل برأسه تارة يمينا وتارة يسارا ليحاول فهم سر تلك الابتسامة إلا أنه لم يصل لسببها فإذا به يوكزه بعضده حتى انتبه عبدالله منزعجا ومتزمرا / ايه الغتاتة دي ؟؟
انت شايف فيا حيل للضرب دلوقتي ولا انت فيك حيل لضربة زي دي ؟
ابتسم جاسر بوجهه ابتسامة سمجة وهو يستنكر ويتسائل / أيوة أنا عايز اعرف سرحان في ايه ومبتسم بالشكل ده وسايبني مكسر بالشكل ده ؟؟
وكأنه بسؤاله هذا قد اعاده لحلمه الجميل لتعود الابتسامة الحالمة مجددا ترتسم على شفتي عبدالله وهو يجيبه / كل ما افتكر أن فاضل اسبوع بس واتجمع أنا ويمنى بكون عايز اطير من السعادة …
اكمل حديثه وهو يلتفت لجاسر الذي كان يحترق شوقا وحرمانا / يااااه يا جاسر حاسس ان مشاكلي كلها اتحلت …
حتى لو متحلتش كفاية اني هلاقي اللي يسمعني ويشيل همي ويفكر معايا ….
كفاية اني هرجع احس أن قلبها عليا مش حاسس الدنيا كلها ضدي …
وكزه جاسر مرة أخرى أعنف من السابقة لينتفض عبدالله على إثرها ويلفت ساببا إياه ليجيبه جاسر بوجهه عابس ومحتقن / تصدق يالا انت معندكش دم ولا ريحته …
لما سايبني محروق دمي ولسه منولتش الرضى وقاعد تعيش في دنيا الاحلام بتاعتك ….
ثم تعالى هنا هو ايه اللي اخيرا هتلاقي اللي يسمعني ويشيل همي ويفكر معايا ؟؟
وانا طول الفترة اللي فاتت كنت ايه يا حيلتها؟؟
ولا من لقى أحبابه نسي أصحابه ….
ضحك عبدالله بملئ حنجرته ليزداد غضب جاسر اشتعالا ثم اقترب منه محاولا اضاءه وأخذه تحت ابطه إلا أن الأخير أبى ذلك ليعلق عبدالله قائلا / مقدرش أنكر فضلك ووقوفك جانبي يا صاحبي بس المثل بيقول ايه ؟
اثير فضول جاسر حول المثل الذي يتناسب مع وضعهم الحالي لينظر بفضول تجاه عبدالله الذي لم يتأخر في إشباع فضول ابن عمه / بيقولك وقفة الراجل بمية ست بس اذا جت الست يغور الراجل على طول …
وهنا لم يتمالك جاسر نفسه ونسيى تماما ألم جسده ليهم بالانقضاض على عبدالله كالفهد بينما الاخير لم يتماسك نفسه من الضحك وكلما زادت ضربات جاسر زاد ضحك عبدالله……
بالاسفل ووسط هدوء الليل وصل لسمعها ضحكاتهم ليزداد غضبها وغلها من سعادتهم …
نعم هي حققت كل ما تريده ولم ينقصه سوى خطوات بسيطة من تحقيق حلمها بالكامل إلا انها دائما ما تشعر بالنقص ….
انتصبت من مكانها مقررة التوجه للأعلى حيث شقة عبدالله …
تقافزت على الدرج حتى وصلت أمام شقته ودقت الباب بعنف علها تخرج به غليلها الداخلي …
نظر جاسر لعبدالله متساءلا / مين جاي السعادي ؟؟
رفع عبدالله كتفيه وهو يهم بالوقوف معلقا / مش عارف ده حتى جرس الباب اللي تحت مرنش !!
فتح الباب سريعا ليفاجئ بهند تقف أمامه …
انزوى ما بين حاجبيه متساءلا عن سبب قدومها لتطلب منه بمسكنه وضعف مصطنع / اسفة يا عبدالله اني صحيتك بس كنت عايزة اطلب منك طلب ضروري اوي وملحقتش اكلمك طول اليوم علشان كنت مشغول ..
بدأ القلق ينتاب عبدالله خوفا من أن يكون الأمر يتعلق بأخته أو والدته حتى أن جاسر شاركه نفس الاحساس ليقترب متساءلا بدلا من عبدالله/ خير يا هند حد حصله حاجة ؟
شعرت بخطأها وهي تجيبه مسرعة / لا لا مفيش حاجة أنا بس كنت عايزة ازور صبري ضروري ..
لم ينطق جاسر بل اكتفى بالانسحاب خيرا من أن يتلفظ بألفاظ نابية ..
بينما عبدالله جز على أسنانه وهو يسألها متهكما محاولا ضبط أعصابه قليلا / وتفتكري دي وقت مناسب للطلب ده؟؟
كادت أن تجيبه إلا أنه قرأ مبررها فأجاب قبل أن يستمع إليها / وحتى لو ملحقتيش تكلميني الصبح ممكن تكلميني بكره او بعده الزيارة مش هتطير ….
ولا هو وحشك اوي لدرجة انك هتموتي لو مشفتهوش ….
شعرت بضئل حجمها لتعتذر مرة أخرى وتنسحب عائدة لشقتها …
………………..
بالصباح الباكر وبرغم جسدهم المنهك الا ان كلا منهم استيقظ لغرض اتمام مسؤولياتهم بهذا اليوم فبدأ عبدالله بالدخول للمرحاض لاخذ حماما يزيل به عناء الليلة الماضية ثم
ارتدى ملابسه بنشاط منعدم مهيء نفسه بانهاء عمله اليوم بوقت مبكر حتى يتفرغ للذهاب لشقته ومتابعة اعمال الصيانة بها .
بينما جاسر كان ينتظر خروج عبدالله من المرحاض بعيون مغمضة برغم جلوسه على الفراش .
لم يفكر في شيء سوى تحديد موعد النوم المقبل .
خرج عبدالله من المرحاض ليحقد على جاسر لمجرد انه ينعم بقليل من النوم حتى وهو جالسا .
اقترب بخطوات سلحفية ليقترب من اذنه ويصرخ بها قائلا / اناااا خرجت .
انتفض جاسر فزعا وحاول النهوض الا ان قوته لم تسعفه ليقول لعبدالله بصوت واهني ولكن يملئه التهديد والوعيد / اصبر عليا بس افوق كده واروح شقتك والنعمة لأعملك ديكور تحتار في ازالته و يطفش يمنى شهرين عند والدها .
حاول عبدالله استمالة ابن عمه وتقديم له الاعتذارات الكافية ولكن من عن بعد / خلاص يا جاسر حقك عليا انا كان قصدي افوقك والله .
ادعى جاسر المسامحة ليمد يده طالبا مساعدته في النهوض ليبتلع عبدالله الطعم ويقترب بغرض معاونته إلا ان وفجأة فور الامساك بكفه لم يشعر بحاله الا وهو اسفل جاسر والأخير يكيل له بعض اللكمات باجزاء متفرقة بجسده .
توقف كلاهما بعد لحظات نتيجة لانهاكهم العضلي فالضارب والمضروب لم يتحملا المواصلة….
سقطا كلاهما طريحا الفراش يلهثون بشدة ويتمنوا لو ان أحدا ثالث اتى لمساعدتهم في النهوض .
هبط كلاهما للاسفل ليخبر عبدالله جاسر بالمطلوب / هتخلي السباك يشيك على السباكة كلها واي حجة محتاجة تتغير يشتغل فورا.
ومتنساش تعدي على النقاش علشان يجهز عدته والوانه عقبال ما اجي .
اومأ جاسر متأففا ومعلقا بسخرية / يكش يتمر والاقيك واقف في شقتي .
ابتسم عبدالله باخوة وهو يجيبه بتمني / ان شاء الله محدش هيقف فيها ويخلصها غيري .
لوح جاسر بكفه بيأس معلقا / بس يوافقوا .
كاد ان ينصرف الا انه توقف والتفت منبها ومهددا / متتاخرش عن خمسة يا عبدالله….
انا هموت وانام .
يا اما لو اتاخرت هسيبلك كل حاجة وامشي وانت حر ……
حرك عبدالله رأسه باماءة بسيطة مصحوبة بابتسامة امتنان….
انطلق جاسر لوجهته وبدأ عبدالله بمقابلة مشاكله المنتظرة والمتمثلة في هند الواقفة خلفهم..
فور ان انصرف جاسر شرعت هند في التحدث الا ان عبدالله نظر لها بغضب امرا إياها بصلف / حطيتي الفطار للحاجة ؟
توترت قليلا لتحاول البحث عن سبب لإنقاذها قائلة بتلعثم / انا ….. انا كنت لسه هحطه تفطر معاها ؟
ضيق عيونه واقترب منها قليلا قائلا بهمس لا تسمعه إلا هي / ياريت اللي حصل امبارح ميتكررش تاني…
واهتمي شوية بمواعيد اكل الحاجة وسمر لحد ما ربنا ييسر وافضى …
وكل واحد هيرتاح ان شاء الله.
ابتلعت لعابها بصعوبة وهي تومأ له بسرعة فنظراته باتت مرعبة وكلماته اصبحت غامضة .
توجهت على الفور تجاه المطبخ ليتمتم عبدالله هامسا لنفسه / يا ترى بتخططي لإيه يا هند ؟
افوق بس من حوار الشقة وافضالك وألاعبك على المكشوف.
توجه لغرفة اخته ليوقظها بغرض مشاركة والدته الإفطار الا انه وجدها رافضة بشكل غريب .
لم يضغط عليها بسبب تأخره عن العمل ولكنه رأى ان هناك مشكلة عليه ان يبحث خلفها ومن المتوقع ان تكون هند أساسها .
مر على والدته ليلقي عليها تحية الصباح ويقبل رأسها ويعطيها بنفسه الادوية الخاصة بها .
دلفت عليهم هند الغرفة حاملة صينية الإفطار الا انه لاحظ تبدل ملامح حكمت من سعيدة لمقتضبة وادارت وجهها للجهة المعاكسة لتواجدها وكأنها لا تريد رؤيتها…
لم يعلق حاليا على سبب عبوسها هذا كلما بل استدار يطلب من هند اعداد صينية إفطار أخرى لاخته دعاء وشرع باطعام والدته وهو يطلعها على مجريات الأمور عندما لاحظ نظراتها الفضولية فور النطق باسم ابنتها.
بدأ باخبارها بحالة دعاء التي تستدعي عزلها عنهم…
حزنت حكمت حزنا شديدا وزرفت عيونها دموع الحزن والقهر على ابنتها .
حاول هو تهدأتها باخبارها باحوال سمر وانها في تحسن ملحوظ لتسعد قليلا وتنظر للسماء وكانها تدعي الله بأن يتم شفاءها على خير …..
برغم ملاحظته عن نظراتها الفضولية عن باقي اخوته الا انه ادعى الغباء قليلا وقام بتغيير هذه السيرة المحزنة / الحاجة سعيدة بتسلم عليكي كتير
كانت هتنزلك امبارح بس لما تعبنا والوقت أتأخر انا اللي قولتلها انك اكيد نايمة.
بس هي هتجيلك مخصوص مرة تانية.
كانت حكمت سعيدة بما يبلغها به ابنها ولكن عيونها بها هالة حزن لم يستطع عبدالله على تفسيرها .
تريد ان تخبره بافعال تلك الحية التي تسكن منزلهم الا ان حالتها لمرضية لا تساعدها نهائيا .
ربت عبدالله على كتفها محاولا طمأنتها قائلا / انا حاسس انك عايزة تقوليلي حاجة مهمة .
اماءت برأسها بالإيجاب بسعادة بشعوره بها الا انها شعرت بالإحباط مجددا حينما اكمل حديثه / بس مش قادر اعرفها ولا اتوقعها .
عبست ملامحها مجددا الا انه أراد طمأنتها ليردف قائلا / بس انا عايزك تطمني ومتقلقيش من حاجة
انا عامل حساب كل حاجة كويس ان شاء الله ومعايا ربنا وجاسر ….
ثم أكمل بابتسامة وزارة راحة / ويمنى هانت وترجعلي بقى .
اتسعت ابتسامة وجهها حينما رأت السعادة بوجه ابنها ….
قبل رأسها وانطلق لواجهته.
لم ينسى الصعود لاخته بالافطار كما وعدها بالتحدث معها عند عودته بالمساء .
حينما وصل لعمله اجرى مكالمة هاتفية بعادل يستأذنه في ذهاب صفاء لوالدتها ربما كانت تلك الزيارة الأخيرة .
بالفعل وافق عادل على مضض منبها ومشترطا / اهم حاجة عندي متقابلش دعاء بعد اذنك يا عبدالله.
وافق عبدالله على شرطه ففي كل الحالات لم تتقابل مع دعاء …..
ولكنه شعر بنغزة بقلبه حينما شعر برفض الجميع لاخته .
لو كان الامر بيده لوضع بقلب الناس حبا لها .
انتهى اليوم بعد عناء طويل ما بين العمل والشقة إلا انه كان يشعر بسعادة طاغية .
عاتب نفسه على عدم مهاتفة معشوقته طوال اليوم فهو يشتاق لصوتها العذب ويفتقد حديثها الجذاب ليقرر مخاطبتها واطلاعها على مستجدات اليوم ولكن حينما يختلي بنفسه في شقته بالاعلى…
فهو في اشد الحاجة لجرعة كبيرة من الحب والحنان .
أعاد كَرة الاهتمام بعائلته مرة أخرى قبل ان يتوجه لدعاء لاخبارها بأمر ايدعاها بالمستعمرة .
دلف عليها ليجدها بحال غير الحال فقد بدلت حال الشقة تماما من مبعثرة لمرتبة ونظيفة .
بدأ شعور الراحة يتسرب لقلبه وظن انها قد عادت لعقلها وربها .
ابدى اعجابه بالشقة معلقا / الله ايوة كدة الله ينور عليكي ….
تسلم ايدك يا دعاء .
جلست امامه تتحدث بعقلانية افتقدها بها الآونة الأخيرة لتقول / انا خلاص لاقيت ان العند ملوش لازمة وحقيقي وحشتوني اوي ووحشني القعدة معاكم .
بدأ يؤنب حاله عن ما سيفعله معها لتكمل هي بمهارة / انا نفسي نتجمع تاني مع بعض …
انا تعبت يا عبدالله من القعدة لوحدي، والنومة لوحدي، والاكل لوحدي .
انتوا وحشتوني اوي وماما وحشتني .
انا عرفت انها رجعت البيت مش معقولة مشفهاش .
اضطرب قليلا لا يعرف كيف سيفاتحها بالأمر …
حاول تبسيطه لاقصى درجة / وانتي كمان وحشتينا يا دعاء، ووحشتنا دعاء الهادية الجميلة .
اجابت عليه بوجه مبتسم تخفي خلفه الكثير من المشاعر المبطنة / خلاص نرجع تاني زي ما كنا زمان…
نتجمع مع بعض واوعدك هتلاقي دعاء حبيبتك رجعت تاني .
اخفض بصره قليلا يتحاشى النظر اليها بشكل مباشر لما يشعر من احراج شديد وتأنيب للضمير الاخوي …
رمش باهدابه وتصبب عرقا فقد شعر بموقفه المحرج هذا..
هل اتخذ قرار سريعا ومتهورا بلحظة غضب ؟
إلا ان عقله أجاب سريعا عليه ب (لا ) فمرضها يحتاج لعناية خاصة وعدم المخالطة الدائمة .
رفع نظره يخبرها بصعوبة الامر بطريقة بسيطة / مش هينفع يا دعاء على الأقل دلوقتي
انتي عارفة طبيعة مرضك وللأسف محتاج عزل.
لم تتقبل الامر بغضب بل وافقته الرأي بشكل جعله يزيد من تعنيف حاله / خلاص مفيش مشكلة ….
حدد ليا ساعتين بالظبط انزل اقعد معاكم فيها ونتجمع سوا وبعدين اطلع تاني …
ساعتين مش طمعانة في اكثر من كدة …
وجد ان الامر يزداد صعوبة ليؤجل اخبارها بامر المستعمرة الان فالطبيب اخبره بان الامر ربما يقتضي أسبوع .
لذلك قرر بموافقتها الان ربما اثر هذا على حالتها النفسية بطريقة إيجابية فيما بعد.
اماء برأسه بالموافقة لتقفز فرحة ….
كادت ان تحتضنه الا انها تذكرت مرضها فتراجعت معتذرة وممتنة / معلش من فرحتي محستش بحالي
بجد وحشتوني اوي
انتصب واقفا وهو يخبرها بشروطه / انا وافقت لما حسيت انك اتغيرتي ورجعتي دعاء بتاعة زمان .
اوعى تخليني اندم على قراري يا دعاء … اوعي .
بابتسامة ثعلبية اماءت برأسها مطمئنة إياه .
كاد ان ينصرف الا انها اوقفته قائلة باستجداء / وحياتي يا عبدالله افتح محبس الغاز بتاع الشقة من بره ؟..
وخلي هند تطلعلي لبن وشاي نفسي في شاي بلبن انت عارف بعشقه ازاي….
واهو يسليني في وحدتي ..
نظر لها بشك ليخبرها بمخاوفه / دعاء انتي اخر مرة حرقتي ايدك !!
لتخفض عيونها بحزن معلقة بنبرة أسف / كنت غبية ولا يمكن اكررها .
زم شفتيه واماء برأسه ثم خرج واغلق الباب خلفه.
نظر لمحبس الغاز بالخارج مترددا في تشغيله إلا انه سلم للامر واستجاب لمطلبها …
🌹
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1