رواية وميض الحب الفصل الرابع و الخمسون بقلم لولى سامى
ياله يشتاق للحياة الروتينية يتمنى أن يستيقظ باكرا ويذهب لعمله ثم يعود لمنزله وهو مجهد ليجد زوجته تعد له كل ما لذ وطاب ليتلذذ بما اعدته ..
حتى الشجار بينهم اشتاق اليه بل اعتبره من ضمن الروتين اليومي الذي يرجو عودته من جديد ….
اكتفى من حياة المفاجآت …..
المحطة الوحيدة التي لم يلحق بها الضرر حتى الآن هو عمله…
فلولا تقدير صاحب العمل لظروفه ما كان سمح له بالاستمرار بعد كل هذا الانقطاع وعدم الالتزام …
شكر الله كثيرا أن هناك جزء بسيط مضيء بحياته يستند عليه وسط كل تلك الأزمات…
جلس بمكتبه حتى انتهاء ساعات العمل…
فقد مر وقت طويل لم يعمل يوم كامل بعمله …
قدم كل الشكر والامتنان لاصحاب الشركة…
واعدا إياهم بمضاعفة مجهود بالفترة القادمة لتعويض كل ما سبق …
لملم أغراضه عندما حان وقت الانصراف ليتوجه إلى منزل والدته ليطمئن عليها قبل الذهاب لشقته الجديدة لاستكمال أعمال الصيانة بها …
استقل سيارته تزامنا مع صدور هاتفه ليجد أن الاتصال من المحامي الخاص بأخيه …
فتح المكالمة سريعا ليخبره المحامي بأنه وفر له إذن زيارة باسم هند كما طلب منه …
كما أخبره بموعد الزيارة والتي ستكون بالغد قبل جلسة الحكم في قضيته بيوم واحد …
أنهى عبدالله المكالمة دون السؤال عن تطورات القضية والحكم المحتمل لأخيه …
اغمض عيونه قليلا وهو يؤنب حاله على عدم اهتمامه به إلا أنه شعر بنغزة في قلبه جعلته يتذكر ما مضى …
فتح عيونه محاولا عدم التذكر أو التفكير بالماضي….
بدء في إدارة محرك السيارة وهو يدعي الله من قلبه أن يظهر الحق اينما كان وكيفما يشاء ….
وصل المنزل ليجد صفاء هي من تفتح له الباب …
سعد كثيرا بوجودها لترتمي هي باحضانه تبكي ما آلت له حالتهم…
وبالأخص والدتها وكأنها كانت تتمالك نفسها حتى قدومه …
سحبها ومازالت باحضانه تبكي بنحيب عالي …
اجلسها على اقرب أريكة ومازال محتضنا إياها..
ربت على ظهرها وهو يبث لها من عطفه محاولا اشباعها من حنانه …
شعر بهدوء حدة بكاءها قليلا ليخرجها من صدره محتضنا وجهها بين راحتيه…
اخذ يزيل دموعها العزيزة على قلبه …
ادعى الابتسامة برغم تمزق روحه بالداخل وهو يشد من أزرها / أنا لما كلمت عادل قولت هتيجي تقفي جنبي وتقويني على اللي انا فيه …
معرفش انك ضعيفة كدة …
ياريتني ما كنت كلمته …
بالكاد نطقت من بين نحيبها وهي تخبره بمدى حزنها / أنا مش مصدقة اللي شايفاها جوة دي تبقى حكمت …
حكمت اللي كانت كلمتها تهز رجالة بشنبات ..
حكمت اللي كانت ميهمهاش حد …
عارف اول ما جيت وشافتني فضلت تعيط كتير أنا مصدقتش أنها بتعيط …
حاولت امسك نفسي قدامها بس مقدرتش …
بس حاولت اني منهارش …
لكن لما شفتك مقدرتش يا عبدالله مقدرتش …
مسد على كتفها يبث فيها من حنانه وهو يحاول تهدأتها وتخفيف وطأة الأمر عليها / يا حبيبتي احنا كنا فين وبقينا فين…
ثم نقول الحمد لله أن ماما بقت احسن ورجعت لربنا قبل فوات الاوان ..
ولا انتي كان عجبك الشخصية المفترية اللي قبل كدة …
اماءت بالرفض وسط ابتسامة طفيفة من بين دموعها بينما هي تساءلت باندهاش / بس انت أقنعت عادل إزاي ….
كان رافض خالص أن اجي البيت …
مازال محتضن وجهها لينظر بداخل عيونها ويجيبها بعطف وحنان اخوي/ عايز اطمنك أن في حاجات كتير اوي اتغيرت هتعرفيها في وقتها…
واوعدك ان راسك هتفضل مرفوعة دائما لفوق طول مانا عايش على وش الدنيا …
استشعرت صفاء بوجود خطب ما لتعقد ما بين حاجبيها متسائلة / في حاجة مخبيها عليا يا عبدالله ؟؟
ابتسم بسعادة ظاهرة بعيونه وهو يجيبها بحديث مخفي / كل خير يا حبيبتي…
كل خير..
بس اللي لازم تتاكدي منه أن مقامك فوق وراسك عالية دلوقتي…
واعذريني لو مش هعرف تجاوبك…
بس كل حاجة هتظهر في وقتها …
ابتسمت له بثقة وهي ترتمي باحضانه مرة أخرى وتدعو الله أن لا يحرمها منه ومن عطفه …
خرجت من أحضانها تتساءل بحيرة وهي تتحاشى النظر بعيونه / هو …. هو يعني مينفعش … اطلع اطمن على دعاء … انا مش هقول …….
لم يتركها تكمل حديثها ليومأ برأسه رافضا وهو يقطع حديثها قائلا / أنا وعدت جوزك انك مش هتشوفيها….
وانا اتعودت لما اوعد اوفي ولا انتي عايزة تصغريني قدام جوزك …
حاولت طمأنته وإقناعه / مانا مش هجيب سيرة لعادل اني…
اقتطع حديثها ثانية مؤكدا على رأيه / من غير ما تجيبي سيرة ومن غير ما يعرف…
انا لو وافقتك هيكون منظري ايه قدام نفسي …
ثم انك لازم تطيعي كلام جوزك في حضوره و غيابه …
مش علشان مش شايفك تعصي كلامه ورغبته …
تبقي انتي كدة مش بتحترميه ….
حاولت تبرير موقفها / لا والله ابدا دانا بحترم عادل جدا وبحبه كفاية أنه مش بيسمح لحد يقل مني ولا يكلمني بطريقة وحشة …
بس اختي وحشتني وكنت عايزة اطمنها أننا بنحبها ونتمنى ربنا يشفيها ….
مدحها بزوجها كان بمثابة خنجرا بين ضلوعه…
تساءل حاله هل هذا رأي يمنى به أيضا ؟؟
شعر حينها بحقارته حينما كان يترك أهله يخوضون في سيرة زوجته …
أطلق زفيرا من رئتيه عله يقلل من حنقها ثم ربت على كتفها يطمئنها / صدقيني لو حال اختك ينفع انك تشوفيها كنت هخليكي تشوفيها …
ووعد مني يوم ما تتحسن جسديا ونفسيا ونحس كلنا بتغييرها عادل بنفسه اللي هخليه يقولك شوفي اختك براحتك …
زي ما دلوقتي بيقولك شوفي والدتك ….
تذكرت أمر ما لتتلفت يمينا ويسارا وكأنها تبحث عن أحدهم …
اندهش من حركتها ليتساءل عن السبب …
اقتربت تهمس بإذنه / عايزاك لوحدنا فوق تعالى نطلع شقتك ….
……………………………..
كان ينتظره بالشقة وسط عمال الصيانة …
شعر بتأخره ليحاول الاتصال به إلا أنه وجده مشغولا ….
اتخذ جانبا وحاول الاتصال على يسرا فإذا بالهاتف يعطيه رنينا
قفز بسعادة وهو يبتعد عن العمال حتى دلف للشرفة …
انتظر أن تجيبه إلا أن الاتصال انتهى دون إجابة ….
أعاد الكرة مرة أخرى فإذا بالخط يفتح ويستمع لانفاس عالية دون اجابة….
توقع أن تكون هذه الأنفاس تعود لوالدها فالانفاس حادة وعالية …
حاول عدم الوقوع بالفخر ليطلق سؤاله فورا / عم كريم معايا لو سمحت ؟؟
لم ينخدع كريم بدهاء ذلك الجاسر ليطلق هو الآخر سؤاله / ولما سيادتك عايز كريم بتتصل على بنته ليه …
جز جاسر على أسنانه حتى أجزم أن صوتهم قد وصل لذلك الكريم ثم ادعى الابتسامة وهو يجيبه ويكمل خدعته / أصل يا عمي مش معايا رقمك ولاقيت رقم الآنسة يسرا متسجل عندي من ساعة موضوع الجامعة…
فقولت احاول اتصل بيها واطلب اكلمك بس دي كل الحكاية ….
كل ما عبر به كريم جملة واحدة اشعرت جاسر بالغرور / انت مش سهل يا جاسر ..
لم يجيبه جاسر على تلك الجملة بل تعامل وكأنه لم يستمع إليها ليلقي عليه سؤاله الذي يؤكد حجته السابقة / طب يا عمي أنا كنت بتصل بيك علشان اشوف حضرتك فاضي امتى علشان اقدر اجي اتقدم لكريمتك ونقرا الفاتحة بعد اذنك طبعا ….
شعر كريم باليأس والتقييد ليجد أن كل ما يستطيع فعله هو تأجيل الأمر قليلا.
اجابه على مضض / أن شاء الله منتظرك تاني يوم رجوع يمنى بيتها …
حاول بكل جهده تقديم الموعد ليقترح قائلا / طب ما نخليها بكرة حتى علشان مدام يمنى تبقى جنب اختها …
اجابه بصلف وبحسم قاطع / والله المسائل العائلية دي ملكش دخل فيها ….
ها مستعد تيجي تاني يوم رجوع يمنى ولا نأجل الموضوع شهرين كدة….
علشان بصراحة أنا مش فاضي غير اليوم ده …
نظر جاسر تجاه الهاتف بيده وهو يتمتم لنفسه / ليه وراك الوزاره …
شكلنا مش هنعمر مع بعض …
أعاد الهاتف على أذنه وهو يجيبه ببرود متناهي / مستعد يا عمي طبعا …
ميعادنا الجمعة الجاية أن شاء الله على خير…
أنهى المكالمة ليزفر بأنفاسها وهو يعلق متسائلا / هو الراجل مش طايقني ليه مش فاهم…..
حاول مجددا الاتصال بعبدالله ولكنه لم يجد منه ردا ليخرج للعمال يحدثهم بانفعال ويخرج بهم طاقته العصبية التي شحنها من قبل كريم وعبدالله معا ……
……………………
جلس يستمع لما تسرده على مسامعه وهو يكظم غيظه بداخله …
لا يعرف كيف يتصرف ؟؟
اذا طرد تلك العقربة التي تتمتع بخيرهم فمن سيعتني بوالدته واخته ؟؟
واذا لم يطردها فلم يأمن شرها ؟؟
استمع لرنين هاتفه ليجد جاسر من يريد مهاتفته فيغلق المكالمة ويكمل حواره الشائك مع أخته …
أخذت صفاء تفكر معه عن حل لتطلق اقتراحا ربما يحظى بموافقته / احنا نواجهها باللي حصل وسمر موجودة تأكد كلامنا …
حتى الكراسة الغبية سايبة فيها الكلام …
يعني لو أنكرت نوريها خط أيدها …
ضيق عبدالله عيونه وهو يجيبها برفض / مش هينفع مواجهة دلوقتي خالص …
لأن بعدها لازم ناخد قرار فوري …
مضمنش بعد ما اواجها اسيبها وسط امي واختي …
أخذت تفكر معه قائلة / طب ما هي دلوقتي برضه ملهاش امان …
نظر عبدالله للاشيء وهو جيبها وكأنه يسرد تفكيرها / متقدرش تعمل حاجة دلوقتي علشان هي اللي معاهم …
لو حصولهم اي حاجة هي المسؤولة …
ثم إن طول ما احنا مدينها الامان كبيرها توقع بين ماما وسمر زي ما عرفتي كدة ….
خلينا نفكر في حل سريع قبل ما الأمور تطور …
عايزين دلوقتي ندور على ممرضة تقدر تقعد بماما وسمر ….
وانا هكلم عادل بحيث تبقي تتابعي معايا الممرضة…
يعني انت يوم وانا يوم كدة ايه رايك ؟؟
ولو لاقينا الممرضة ساعتها هند ملهاش لازمة واقدر اخد معاها الموقف المناسب …
أبدت موافقتها سريعا وهي تتساءل عن دعاء ربما غفل عقله عنها / موافقة طبعا وان شاء الله عادل ميرفضش….
بس انت كدة نسيت دعاء هنعمل ايه معاها؟؟
تذكر طلب دعاء وتوسلها إليه بانضمامها إليهم…
وجد استحالة الأمر وكأن القدر قد أعاد توزيع تلك العائلة ليخبر صفاء بما قرره / للأسف دعاء مش هينفع تفضل هنا لازم تروح مستعمرة الجذام …
وانا كلمت الدكتور ياخد الإجراءات اللازمة علشان يجهز الورق ويوفرلها مكان هناك …
وبالحال اللي احنا فيه للأسف مفيش قدامي خيار تاني …
أغمضت عيونها حزنا على اختها وهي تدعو لها بالشفاء العاجل ….
اعتقدت أن الحوار قد انتهى إلا أن عبدالله القى بسؤالا لم تفكر فيه من قبل / المشكلة دلوقتي في اولاد صبري ….
كانوا قاعدين معانا بياكلوا ويشربوا وبنوفرلهم كل حاجة……
بنت ال…. مفكرتش في اولادها خالص …
كل همها الانتقام حتى بعد ما لاقت المعاملة الحلوة …
دي تقريبا بقت ست البيت زي ما بيقولوا…
عارفة لو كانت قالتلي مش قادرة على خدمتهم أنا كنت وفرت لها واحدة تساعدها وهي تباشرها بس …
لكن لما حسيت بالغدر من ناحيتها قولت استفاد من وراها لحد ما اعرف نيتها علشان مبقاش ظلمتها ….
بس لسه نيتها مش ظاهرة ليا لكن هيبان …
كل حاجة هتبان …
حركت رأسه يأسًا وسأمًا على حالها معلقا / كان كفاية عليها حقها اللي ربنا اخده لها ….
اخرج لهيبا من فمه وكانه يخفف من الحمل الذي يثقل كاهله …
نظر للأعلى وأخذ يتحدث عما بداخله / الهم كبير اوي يا صفاء ….
مبقتش عارف اعمل ايه ولا اروح فين …
تعبت يا صفاء تعبت …..
مسددت على كتفه كمحاولة لتخفيف الضغط عليه / متشلش فوق طاقتك يا اخويا ….
اولاد صبري مش هنسيبهم وهنبعتلهم كل شهر الشهرية اللي تكفيهم …
وان شاء الله صبري يخرج بالسلامة ويبقى يلم ولاده …
لم يجد أمامه بد غير ذلك ليومأ برأسه موافقا وهو يحسم الأمر وتوقيته / يبقى اتفقنا مش هنتكلم دلوقتي لحد ما تشوفي اللي هتقعد بماما وسمر…..
ومن هنا لحد ما نلاقي هتتعبي شوية وهتيجي كل يوم علشان اكون مطمن وانت وسطيهم …
انتي عارفة اني مشغول شوية الايام دي في شقتي الجديدة …
وبالنسبة لعادل متشليش همه أنا هكلمه وافهمه الوضع كله ….
* طب وسمر افهمها اللي العقربة دي قالته ملوش أساس ….
ابتسم بطرف شفتيه وهو يخبرها بطريقة اخبارها / مش هنقولها دلوقتي…
بكرة هند هتروح زيارة لصبري تقريبا هتقضي نص اليوم في الرايحة والجاية والزيارة …
ساعتها ابقى اقنعي سمر براحتك أنها تدخل لماما وطبعا متنسيش تفهميها الموقف كله ….
عاد جاسر بهاتفه مرارا وتكرارا وبكل مرة ينهي عبدالله المهاتفة فهو يعلم أنه يريد أن يتعجله…
أنهى حواره مع أخته ليجمع أغراضه على عجل قائلا / يالا همشي أنا علشان جاسر هيولع فيا …
وانتي ابقي قولي لهند انك كنتي بتلمي حاجات بالشقة اكيد هتسالك كنتوا بتعملوا ايه ….
اومأت برأسها ليشير إليها منبها قبل رحيله / ومتنسيش تقوليها تستعد بكرة لزيارة صبري ….
اشوفك بكرة على خير ….
نطق بجملته وقبل جبينها وانطلق لوجهته …
…………………………
دلفت للمكتب تنتظره على احر من الجمر ….
تهيء نفسها للقاء المنتظر وتملأ قلبها بنار التشفي ….
دلف صبري مطأطأ الرأس اعتقادا منه أن أخيه هو من أتى لزيارته ….
رفع رأسه ونظره حينما استمع لجملتها / يااااه اخيرا شفتك مذلول قصادي ….
تفاجئ بوجودها ليضيق عيونه ناطقا بغضب دفين / ايه اللي جابك ؟؟
وفين عبدالله ؟؟
اقتربت على مهل بخطوات تعنخية وهي تنظر له باستخفاف وتجيبه / عبدالله مش طايق يبص في وشك ….
مفيش غيري اللي قولت اجي اتشفى فيك شوية …
وابلغك باللي عملته مانت جوزي ولازم تعرف ..
يمكن تتجلط وتموت بالمرة ….
حاول كظم غيظه ليخبرها بعدم رغبته في حضورها ليعطيها ظهره قائلا بنبرة حادة اقرب للطرد/ امشي يا هند ومتجيش تاني مش عايز اشوفك …
وابعتيلي عبدالله…
وقوليله اخوك عايزك في موضوع ضروري …
ضحكت بصوت رنان حاولت كتمه بيدها باعتبارها بمكتب أمن ..
أخذت تقترب منه وتدور حوله تخبره بصوت اقرب للفحيح / خلاص زمن الطرد راح عليكم يا اولاد حكمت وجه وقتي دلوقتي….
ده مش بيتك علشان تطاردني منه …
واه صحيح بالنسبة لبيتك اوعدك في اقرب وقت هطردكوا كلكوا براه ….
ضيق عيونه خيتساءل عن معنى حديثها / قصدك ايه بكلامك ده ؟؟
ابتسمت بطرف شفتيها بتهكم وهي تخبره بما أتت من اجله / البيت اللي قاعدين فيه بقى بتاعي خلاص …
اقترب باذنه من فمها اعتقادا منه أنه اخطأ السمع يطلب منها الإعادة / بتقولي ايه ؟؟
عيدي كدة تاني اللي قولتيه ….
عادت تدور حوله وكأنها تنسج خيوط شرنقتها حوله وهي تعيد مقولاتها بشكل اوضح / نقول كمان …
البيت بتاعكم بقى بتاعي بتنازل رسمي من ايد الحاجة حكمت ….
انقض عليها ممسكا بشعرها بين يده بغرض الانتقام ….
دلف العسكري مخبرا بانتهاء الزيارة فإذا به يجد الوضع محتد ليهرول نحوهم محاولا الفصل بينهما ….
سحب صبري بعيدا عنها لإعادته للحبس مجددا ….
التقطت بالكاد أنفاسها وهي ترتجف رعبا …
ارتشفت كوب من الماء كان بالمنضدة التي أمامها على جرعة واحدة ثم انصرفت عائدة للمنزل …
………………………..
كانت تبكي بجوار والدتها تخبرها بمدى حبها واشتياقها لها والأخيرة تستمع لها بعيون نازفة ….
قدمت كافة الاعتذرات لتأخرها في القدوم إليها ولكنها تعللت بمرضها كما أخبرتها صفاء ….
جلست تبكي حالها وحال والدتها / شفتي وصلت لايه يا ماما ….
بقيت طرشة مبسمعش …
وفلوسي كلها اتسرقت ….
والإنسان الوحيد اللي افتكرته بيحبني طلع بيكدب عليا ةبيستغلني ….
طلع بيستغلني زي ما استغلتوني ….
كلكم كنتوا بتستغلوني وخلتوني اسمع كلامكم ……
وفي الاخر بقيت مش قادرة حتى اسمعكم ….
كانت تستمع لابنتها وكل كلمة تخرج من فمها كانت بمثابة سهم مسموم يرشق بقلبها ويمزق روحها ….
احدهم يستطيع التحدث ليخرج سهام مسمومة تطعن بها من تستطيع الاستماع دون المقدرة على التحدث أو حتى اخبارهم بما تم….
لم تتحمل حكمت حديث ابنتها وما وصلت إليه نتيجة أفعالها فأخذت تجلد بذاتها محاولة التحدث ولكن لم يصدر منها إلا مهمة وصرخات غير مفهومة ….
حاولت تحريك أطرافها لعلها تخبرهم باعتذارها أو تطلب منهم العفو والسماح…
أرادت ان تخبرهم بأفعال الحية التي تعيش بينهم إلا أن جسدها أبى أن يطيعها ….
أدت كل محوواتها تلك إلى رفض جسدها لعجزه فإذا به ينتفض بطريقة لا إرادية حتى أنها لم تستطيع السيطرة على حالها ….
اخذ جسدها يتحرك بعنف وكأنه يتصل بتيار كهربائي عالي صاحبهه بكاء شديد ….
سارعت صفاء وسمر في محاولة تثبيتها وتهدأتها إلا أن حالتها تزداد تدهورا ….
أجرت صفاء اتصالا باخيها تبلغه بتدهور حالة والدته ليخبر بدوره الطبيب طالبا منه الحضور بأقصى سرعة ….
لينطلق هو من عمله عائدا إليهم …..
عادت هند لتجدهم جميعا بغرفة حكمت يحاولون السيطرة على حالتها …
دلفت لتجلب اولادها خارج الغرفة فإذا بها ترى أن حالتها في تدهور مستمر ….
وقفت لتستمع لتقرير الطبيب الذي حقنها بحقنة مهدأة والتف يطلعهم على حالتها بأسف / للأسف هي عندها حالة انهيار حادة…
وطبعا مع عدم قدرتها عن الكلام والحركة سبب بداخلها زي شحنات كهربائية عالية أدت للحالة اللي هي فيها …
يستحسن تتنقل فورا للمستشفى لأن في الغالب اللي فيها ده نفسي ومحتمل يتكرر حتى وهى واخدة مهدأ …
………………………..
انصرف الطبيب ليقوم عبدالله باجراء عدة مهاتفات من بينهم المشفى لارسال سيارة إسعاف على الفور وابلاغهم بالعنوان ثم ابلاغ جاسر بما تم الذي بدوره اطلق سراح العمال ليتجه إلى المشفى ينتظرهم فيها ….
ابلغ عبدالله صفاء بالاستعداد للذهاب معه ثم أجرى اتصالا بعادل الذي لم يمانع في مصاحبة أخيها للمشفى ….
التفت لهند يوصيها بما سيتم وكأنه يستشعر حدوث أمرا سيئا / خلي التليفون جنبك يا هند اول ما اتصل تردي عليا …
ومتنسيش تطلعي اكل لدعاء …
خدي المفتاح اهو….
مش هوصيكي ….
التقطت منه المفتاح وهي تحاول طمأنته ببذل كل جهدها في سبيل الاهتمام بسمر ودعاء / متقلقش خالص سمر ودعاء في عيوني الاتنين …
توكل على الله انت وطمنا على الحاجة…
انطلق عبدالله وصفاء فور وصول سيارة الإسعاف يجاورون والدتهم …..
وصلوا المشفى وبدأت الحالة في الاهتزاز مرة أخرى وكأن عقار المهدأ قد فقد تأثيره ….
بسرعة اجتمع حولها فريق من الأطباء والممرضين وتوجهوا بها لغرفة العناية المركزة …
كانت تهرول خلفها هي واخيها بقلوب ممزقة وعيون دامعة …
تشعر بتوديع امها لها ولكنها لا تريد الاعتراف بذلك ….
تزامن دلوفها غرفة العناية المركزة مع توقف القلب ليشرع الأطباء فورا في محاولة انعاشه ….
رأى عبدالله هذا الموقف ليعلم أن موعد النهاية قد حان ….
اقترب يحتضن أخته كمحاولة زائفة منه في زرع روح المثابرة…
بذل الأطباء أقصى طاقتهم إلا أن الجسد والروح أبى أن يجتمعان مرة أخرى ليتم تسجيل لحظة الوفاة ….
استمع كلا منهم لصفير الانذار …
تشبثت صفاء بأأخيها تحاول غلق أذنيها حتى لا تستمع لما تتوقعه إلا أن مقولة الطبيب كان بصوت يكفي لاختراق اذنها ( البقاء لله الحاجة توفت ) .
…………………………..
بعد ذهابهم وقفت هند تنظر للمنزل وكأن لحظة امتلاكه قد حانت ……
تطلب منها سمر بأن تهاتف اخيها وتطمئن على حالة والدتها إلا أن الأخيرة لوحت بكفها وهي تجيبها قائلة / اخرصي بقى يا شيخة ..
يعني مكنش ينفع تتطرشي وتخرصي في نفس الوقت ….
لم تسمع سمر ما قالته هند لتطلب لها التوضيح / بتقولي ايه انا مش سامعة ….
لوحت بكفها وتركتها قائلة / سمعتي ولا عنك ما سمعتي هشيل همك ليه
صعدت لشقة دعاء وأخذت تطرق على الباب حتى تتشف فيها / سمعاني طبعا وتلاقيكي بصيتي من العين السخرية …
وقتك قرب اوي وهرميكوا كلكم في الشارع ….
زمانك جعانة يا عيني ولا عطشانة يا حرام ….
انا معايا المفتاح وممكن اجبلك اكل حالا ….
بس انا شايفة انك تقضي يومك خفيف زي ما كنتي بتزلي اولادي على اللقمة فاكرة ولا نسيتي ….
دلوقتي جه دورك واللقمة هتطلعلك بحساب ….
ده إذا كملتي في البيت ده من اساسه ….
أصل أنا مقولتلكيش شكل والدتك بتودع ….
لاحظت صمتها وعدم التعليق لتطرق مجددا على الباب تحثها على الرد بشكل استفزازي /
مبترديش ليه ولا عاملة فيها نايمة ….
مش مهم المهم أن خلاص انا وصلت للي أنا عايزاه وكلكم خسرتوا …
كانت تستمع لها من خلف تلك الكتلة الخشبية عقلها لا يستوعب ما تستمع إليه أذنها …
هل حكمت مصدر قوتها على وشك الرحيل ؟؟
ماذا ستفعل بدونها ؟؟
كانت تبني كل خططها على وجودها ؟؟
لا لن تتقبل فكرة رحيلها فحكمت قوية وقادرة على هزيمة المرض …
اجل لن تهتم بحديث تلك الحمقاء فاوانهم لم يذهب بعد …
وستؤجل أمر تحكمها في طعامها لوقت لاحق وحتما ستدفع ثمن ذلك لاحقا
تذكرت أن عبدالله قد اشغل لها الغاز للتوجه
للمطبخ تعد لها طعاما خفيفا من المعكرونة فهى لن تحتاج سوى الماء والمعكرونة وكلاهما موجود لديها ……
……………………….
باليوم التالي وبعد اتمام عملية الدفن ..
نُصب الصوان وتعالت الأبواق بقراءة القرآن واصطف الرجال عبدالله يليه جاسر يجاورهم عادل يتبعهم كريم يستقبلون العزاء…
يتوافد عليهم المعزيين ما بين أتي ومراحل …
بينما بالمنزل تتوالى النساء في القدوم مقدمين واجب العزاء لبناتهن صفاء وسمر..
بينما تقوم كلا من هند ويمنى باستقبال القادمين وتقديم لهم واجب الضيافة ….
كان المشهد غريب على كل من تأتي للعزاء باحثة عن دعاء بينهن فالجميع يعلم انها الأقرب لقلب حكمت ولكنها غير موجودة …
تساءل بعض الفضوليين عليها فكان الرد المتفق عليه / جالها صدمة عصبية يا حبيبتي ومش قادرة تقف على حيلها ….
وكأنهم يصفون حالها دون علمهن فقد انتابها بالفعل حالة من عدم التصديق …
أخذت تهرول بالشقة يمينا ويسارا كالثور الهائج لا تصدق أن صوت هذا العزاء بمنزلهم أو لوالدتهم ….
أخذت تصرخ بهستيريا دون توقف تحاول إبلاغهم بكذب ما يدعون ….
ولكن هيهات فصوتها يذهب سُدى وسط اصوات مكبرات الصوت التي تحاوطها وتصم أذنها علها تستمع لأية واحدة مما تقرأ …
إلا أن قلبها قد اوصد باقفال يحرسها شياطين ….
ظلت على حالها ذلك بالساعات حتى فقدت وعيها ….
بالاسفل كانت تتنقل هنا وهناك وسط المعزيات وكأنها صاحبة المنزل الاصلي ….
ولما لا وهى تمتلك ما يؤكد ذلك …
انتهى العزاء وانصرف المعزيين ليخلو المنزل علي الأسرة واتباعها ….
استاذن كريم بالانصراف تاركا يمنى ويوصيها بأن تشد من أزر زوجها وصفاء وسمر …..
جز جاسر على أسنانه حاقدا على عبدالله متمتما لحاله / يا ابن المحظوظ امك تموت وتأجل خطوبتي…
لكن انت مراتك ترجعلك علشان تاخد بخاطرك ….
انا منحوس مفيش كلام …
شعر أن وجوده لم يعد له حاجة ليستقم ناهضا مستاذنا بالرحيل إلا أنه استمع لكلمة هند حينما تفوهت بصوت عال وهي تثبت يدي والدتها التي نهضت للانصراف مانعة اياها / رايحة فين يا ماما ؟؟
انتي هتقعدي معايا في بيتي من النهاردة …
ماهو ميبقاش عندي بيت كبير واسيبك تعيشي بشقة حوق …..
🌹🌹🌹🌹
يالا يا قمرات عايزة تعليقات كتير ترفع البارت
تعليقات على كل جزئية وعلى كل شخصية …
رايكم في خطوبة جاسر اللي اتاجلت !!
طب توقعاتكم دعاء هتسكت ولا ايه اللي هيحصلها؟؟
وايه رايكم بالقنيلة اللي هتفجرها هند 🧨🧨🧨
وتفتكروا عبدالله هيتعامل إزاي ؟؟