رواية اسرت قلبه الفصل التاسع والخمسون 59 بقلم سولييه نصار


 رواية اسرت قلبه الفصل التاسع والخمسون 

"الحقيقة"

-رمشت بصدمة وهي تنظر إليه وقالت:
-خطفتني ازاي يعني ؟؟
ابتسم ببساطة وقال:
-شيلتك من بيتك وجيبتك هنا ....ببساطة يعني .....
-ازاي شيلتني ....
ثم نظرت لملابسها وقالت :
-انا مكنتش لابسة اللبس  ده ...ازاي ...
نظرت إليه بغضب وقالت:
-مين غيرلي هدومي ؟!!
ابتسم وهو ينظر إليها بخبث وقال:
-يعني لو شغلتي عشرة في المئة من ذكاءك هتعرفي مين ....
توسعت عينيها بغضب وقالت:
-انت اللي غيرت هدومي...انت اللي عملت كده ؟!
نظر إليها ورد ببساطة مغيظة :
-ايوة ...أكيد مش هجيب ناس من برة تغير لمراتي هدومها ...أنا اللي غيرت هدومك  ...
كانت مصدومة من وقاحته ...كانت تتنفس بسرعة وغضب ...كادت أن تبكي من شدة الخجل ...هو زوجها ...وهي تحمل طفله  ورغم هذا هي تخجل منه !!
-انت اتجرأت وعملت كده ؟!!!
قالتها بغضب ....ليضحك بمرح ويقول :
-ايه الافورة دي يا قلبي ...أنا جوزك يعني ...وبعدين أنا يعني مشوفتش حاجة جديدة ...
قالها ثم غمز لها  لتمسك الوسادة التي بجوارها ثم تدفعها نحوه 

أمسك الوسادة وهو يضحك وقال:
-مقبولة منك يا روحي ....
نهضت واقفة على قدميها حتى شعرت بنفسها تترنح ... أمسكت بمسند الفراش وهي متسعة العينين لينهض عاصي بسرعة ويتجه نحوها وهو يضمها إليه ويقول :
-بس بس اهدي ...
استكانت إليه وهي تضع رأسها على صدره وتغمض عينيها ....حاوط هو خصرها ثم جذبها نحوه أكثر بينما شفتيه على شعرها ويغمض عينيه...لقد اشتاق اليها ...أدرك أنه سعادته الفترة الماضية كانت بسببها هي ...في الوقت الذي تركته شعر أنه الجحيم ..لذلك هرب بعيداً كي ينساها ..هرباً خوفاً من أخاها الذي قد يحضره مجبراً لكي يطلقها ...هرب وحاول أن ينسى أو يبدد خوفه فلم ينساها ولم يبدد خوفه...وقد أتى وصُدم بطلبها للطلاق...وبوقوف شقيقها بجوارها ...ولن ينسى البساطة الذي أخبره بها أنه سوف يزوج رحيق لشخص آخر بعد عدتها ...لقد تحلى بكل ما يمتلكه من ضبط النفس كي لا يشوه وجه أمجد ...فما اراد فعله وقتها هو أن يقتل أمجد لانه تفوه بهذا الهراء ... تجرأ واخبرها بهذا أمامه !!!!لكنه لم يفعلها من أجل رحيق 
لذلك بدلاً من أن يقتله قرر أن يخطف زوجته ...هو لن يترك رحيق ...رحيق له رغماً عن الجميع وهو لن يتخلى عن ما هو ملكه ....
-ابعد..ابعد عني ...
قالتها رحيق وهي تشعر بالدوار ثم دفعته عنها وهي تحك جبهتها بتعب وتقول :
-أنا ليه حاسة الدنيا بتدور بيا ...
ثم نظرت حولها لتجد أن المكان التي هي به غريب 
-انا فين ؟!
قالتها بحيرة وهي ما زالت تشعر بالدوار ...امسكها كي لا تسقط وقال :
-احنا في البحر ...
توسعت عينيها بصدمة ليكمل :
-أنا أجرت يخت لكام يوم ......
-انت مجنون ...انت عارف أمجد ممكن يعمل ايه ؟!...وبعدين انا ...أنا ...
وضعت كفها على رأسها وهي تكمل بهمس :
-أنا دايخة اووي ....الدنيا بتلف بيا ...رجعني البيت ....
استغل ارهاقها واقترب منها ثم حملها بين ذراعيه ...حاولت أن تقاوم إلا أنه احبط مقاومتها بكل سهولة وهو يجلس على الفراش ...
-ابعد يا عاصي لو سمحت ....
-ياريتني اقدر ابعد ...أنا عمري ما بهدلت نفسي البهدلة دي ...متخيلة اني ادخل بيتك زي الحرامي عشان اخدك وأنتِ نايمة ...كنت خايف تصحي لكن الحمدلله نومك تقيل اووي ...مكنتش هخاطر واخدرك عشان انتِ حامل ....
-أمجد لو عرف ه....
-زمانه عرف ومتقلقيش مش هيوصلنا ...احنا مش هنمشي من اليخت الا واحنا سمنة على العسل ....
هزت رأسها بتعب وهي ما زالت تقاومه ..
-انا بحبك يا رحيق ...
قالها بصدق وهو يحبط مقاومتها بكل سهولة....
لم تتوقف وهي تحاول أن تبعده عنها بينما تقول بضيق :
-ابعد عني لو سمحت يا عاصي ...لو سمحت ....
امسك ذراعيها وهو يقول بغضب :
-قولتلك بحبك ..هو كلامي ملوش اي لازمة عندك!!!
نظرت إليه وقد ترطبت عينيها بفعل الدموع وقالت :
-لا كل كلمة بتقولها ليها قيمة عندي يا عاصي ...حتى كلمتك ليا اني اتجوزتك عشان فلوسك....
سيطر على ملامحه الشعور بالذنب لتقول بينما تنهمر دموعها :
-فاكرة كل كلمة ليك يا عاصي ....فاكرة كل حاجة ...
-رحيق ...
قالها بتوتر لتهز رأسها وتقول :
-متحاولش تبرر لنفسك لاني كنت بعمل كده ...لأيام حاولت ابرر ليك قدام قلبي المكسور بسببك بس ملقيتش ليك اي مبرر ...بحاول افتكر اني في مرة طلبت منك حاجة كبيرة أو غالية عشان تتهمني الاتهام البشع ده ملقيتش اني عملت اي حاجة تخليك تقول كده ....هتجنن وانا بسأل نفسي ليه ؟!للدرجادي يا عاصي انت لحد دلوقتي معرفتنيش ...للدرجادي ...
اسكتها وهو يقبلها بقوة ...وضع كفه على رأسها ليمنعها من أن تتحرك بينما يعمق قبلته ...رغم أنها حاولت أن تقاوم في البداية ...كانت تبعده وهي تشعر بالوهن وكأن مقاومتها تتلاشى ....دمعت عينيها وهي تشعر أنها تستجيب له ...وقد تلاشى غضبها تماماً وهي تتمسك به ...انهمرت دموعها وهي تتمسك به بقوة ....كم هي غبية ...تغفر بتلك السهولة بعد أن قتلها بكلماته ...لماذا هي بهذا الضعف نحوه ...نحو اي شخص يبدى ندمه عندما بخطئ بحقها ...الى متى سوف تظل بهذا الغباء ....
عبس وهو يتذوق دموعها ...أراد أن يكمل ...أن يجعلها تستلم له لعلها تسامحه ...ولكنه تراجع عن تلك الفكرة ...هي لا تريد تقارب يخبرها بمدى اشتياقه لها ...هي تريد اعتذار حقيقي ...أن يخبرها بمدى ندمه ...أن يشاركها أحزانه ومخاوفه ....
ابتعد عنها وعانق وجهها وهو يمسح دموعها برفق ...يرى نظرات الإنكسار بعينيها فيختنق وهو يدرك أنه سبب كل هذا ....
-أنا اسف ...اسف ....
ابعدت كفيه عنها وابتعدت عنه وجلست على السرير وهي تطرق برأسها أرضاً بينما الدموع ما زالت تنهمر من عينيها بينما هو عابس بقوة ....ملامحه تعبر عن مدى ندمه ....
........
-أنتِ اللي عملتي كده يا جيلان صح ؟!...أنتِ اللي ساعدتي عاصي يخطف رحيق وياخدها من البيت !!!
قالها أمجد وهو يمسك ذراع جيلان التي اتسعت عينيها وقالت ببراءة مزيفة وهي تشير إلى نفسها :
-أنا ...أنا أعمل كده ...اخص عليك يا أمجد مكانش العشم...انا معملش كده أبداً ...دي اكيد نوران ....
نظر أمجد لنوران التي تمسك المسبحة وتسبح بها وقد عبست وهي تجده قد نظر إليها وقالت بضيق مزيف :
-ما تصلوا على النبي ...ايه نوران دي ...هي اي حاجة تحصل في الكون تلبسوهالي أنا ...نوران كمان اللي اكلت الجبنة صح ...ما اي حاجة تحصل في البيت تتهموني أنا كمني غلبانة ومليش لا حبيب ولا قريب ولا غريب حتى ...اتقوا الله الوش البرئ اللي هو وشي ده بيعملش التصرفات دي أبداً ...
ضحك أمجد بسخرية وقال:
-لا بقولكم ايه ...احسنلك تنطقوا انتوا الاتنين والا والله هتشوفوا مني وش تاني ....انطقي يا جيلان ....
تراجعت جيلان قليلا بتوتر ليأتي صوت والدته وتقول :
-أنا اللي قولت لجيلان ونوران يعملوا كده ....
توسعت عيني أمجد وهو يستدير وينظر إليها بعيني متسعة ويقول :
-أنتِ يا ماما ....
-ايه يا بني المبالغة في رد الفعل ده وكأنك شوفتني بشرب سجاير...دي مراته ولازم يتصافوا مع بعض !!
زم شفتيه بضيق ثم اتجه خارجاً من المنزل لتقول والدته:
-رايح فين ؟؛
-رايح اجيب رحيق مستحيل اسيبها لوحدها ....
ثم خرج لتضحك دلال وتقول:
-ده لو لقيتها يا أمجود ...
........
-أنا اسف ...اسف ....
قالها وهو يجلس بجوارها ...يحاول لمسها بينما هي تنظر للجهة الآخرى وهي تحارب دموعها ...تحارب رغبته في عناقه ...فالطريقة التي اعتذر بها جعلت قلبها يذوب ...لقد شعرت بالسوء لانه اعتذر لأن قلبها الأحمق لان فورا وتبدد الغضب داخله ..لم يتبقى الا حبها واشتياقها إليه ..والأمر ليس مع عاصي فقط ...هي تسامح وتنسي سريعاً ما أن يعتذر أحدهما وهذا حدث مع نوران أيضاً...الأمر أنها تشعر هي بالذنب عندما  يعتذر  من اخطأ بحقها لها ......كانت تلك ميزتها أو عيبها ...لا تعرف بالضبط .....
-أنا عمري ما كنت محرومة من حاجة يا عاصي ....اخويا أمجد مش حرمني من اي حاجة وقبلها بابا ...حتى لما اشتغلت أمجد كان بيصرف عليا ...اخويا مهندس والحمدلله بيقبض كويس...وانا عمري ما بصيت لفلوسك ابدا والله ...ولا اتجوزتك عشان فلوسك ....
شعر بالسوء وكره نفسه لأنه جرحها لم يشعر بنفسه الا وهو يمسك كفيها ويقبله بلهفة ويقول :
-أنا اسف...أنا غبي ...
ثم رفع رأسه وقال وبريق الدموع بعينيه:
-أنا هحكيلك كل حاجة ....
ابتلعت ريقها بتوتر وهي تنظر إليه .....كان يبدو عليه الانهيار...لم تراه حزين بتلك الطريقة من قبل د...وكأن الألم الذي كان يصر على أن يخفيه ظهر على السطح أخيراً....
ضم كفيه بقوة ...الذكريات التي حاول الهروب منها التي فعل المستحيل لنسيانها ها هو بنفسه يستحضرها كي يخبرها عن معاناته...
-دارين ....مراتي السابقة ...حبي الاول ...والست اللي خلت ثقتي بالحب تتدمر ....
ابتلعت ريقها وهي تقبض على الفراش بقوة بينما تشعر بالإختناق دون أن تدري ...
اكمل كلامه وهو يشرد وكأنه ينفصل هذا المكان ليعود الماضي ...
-كانت شغالة عندي سكرتيرة ...افتكرتها غير كل البنات اللي حاولت تقرب مني بسبب فلوسي...قدرت تلعب عليا صح ...تجاهلتني وخلتني أنا اللي ألف وراها زي المجنون. ...حبيتها وطلبت اتجوزها على طول ..مفكرتش اماطل بالعكس عرفت اني بحبها وروحت اتقدمت علطول ...صحيح ماطلت واترددت كتير بس في النهاية وافقت... .حتى لما عرضت عليها تسيب الشغل وافقت فورا ...وبقت  تعيش حياتها ...تصرف من فلوسي بشكل غريب ...هدوم وميكب  خواتم ...سلاسل ..حلقان ...دهب ...اي حاجة تشوفها تشتريها ....حاولت ألفت انتباهها بس هي زعلت ...أنا عمري ما استخسرت فيها حاجة بس هي كانت بتصرف زي المجنونة...بس سكتت عشان بحبها ...وعشان مش عايز ازعلها ابدا ....بعدها بدأت المشاكل تحصل بيننا بسبب انها مكانتش عايزة تخلف ...كان مبررها أنها خايفة على جسمها لاحسن يبوظ ..الموضوع ده كان فعلا هيوصلنا للطلاق ..وعشان متخسرش العز اللي كنت معيشها فيه وافقت تخلف...
ضحك بسخرية وأكمل :
-وعشان كنت غبي..كنت فاكر أنها عشان بتحبني عملت كده ...
أغمض عينيه وأكمل بإختناق :
-حملت وخلفت أملاك  اللي كانت أكبر نعمة في حياتي ...حبيتها اوووي ...كانت ملاك فعلا ...كل اللي كان يشوفها يحبها بس الا دارين اللي مكنتش بشوف ابدا الحب في عينيها لبنتها ...كانت مهملاها خالص ....بتخرج وتتفسح وعايشة حياتها بالطول والعرض وسايبة أملاك للمربية...مكانتش عندها اي اهتمام بيها ...كنت بتخانق معاها كل يوم بسبب ده ....حياتنا بقت جحيم ....وبعدين اكتشفت الكارثة الكبيرة أنها بتخونني ...شكيت فيها في يوم لما تليفونها رن بالليل وخرجت تتكلم وهي فاكراني نايم ...خليت حد يراقبها ...واكتشفت أنها بتخوني مع قريبها ....اكتشافي ده قطم ضهري ...حسيت اني زي المجنون ...عايز اعمل اي حاجة عشان أذيها كان نفسي اقتلها ...يومها واجهتها بالصور ...ضربتها لحد ما اترجتني اقتلها ..بس انا كنت مصر اني اعذبها ...حبستها في البيت ....بس هي عشان تنتقم مني في يوم اخدت بنتي وركبت عربيتها وقدرت تهرب ...بس انا من حسن حظي وصلي الخبر بسرعة وروحت وراها ....
انهمرت الدموع من عينيه وهو يتذكر...اصوات احتكاك عجلات السيارة بالأرض ...صورة السيارة وهي تنقلب بزوجته وابنته...صدمته وتوقف عقله عن التفكير   ...كل تلك الأشياء اقتحمت عقله بقوة .....
-كانت بتسوق بسرعة ....بسرعة جدا ....وانا كنت وراها. ...معرفش ايه اللي حصل فجأة لقيت العربية بتطلع لفوق وتنزل على الأرض ....حسيت وكأن العالم وقف بيا ...مكنتش عارف افكر ...مكنتش عارف اعمل ايه ....
مسح دموعه وقال:
-دارين ماتت ...وبنتي بقت مشلولة .....
توسعت عيني رحيق والدموع تنهمر من عينيها بصدمة ليبتسم هو بحزن ويقول :
-أنا السبب ...أنا ...لو كنت رميتها بعد ما اكتشفت خيانتها مكانتش ده حصل ....أنا ...
أغمض عينيه وهو يتوقف عن الحديث ثم قال بصوت مختنق :
-كان مفروض أطلقها واخد بنتي ...لو كنت عملت كده كانت بنتي مش هتتأذي ....
فتح عينيه مجددا وهو ينظر إليها ...كانت تبكي من اجله ...الدموع تنهمر من عينيها دون توقف ...ابتسم بحزن وأكمل:
-أنا فقدت ثقتي في الحب يا رحيق ...فقدت ثقتي في أي ست ممكن تدخل حياتي بس جيتي انتِ يا رحيق ....مكنتش مصدق أن فيه حد ممكن يكون برئ بالشكل ده ..عاملتي بنتي احسن ما كانت امها الحقيقية بتعاملها....عمرك ما طلبتي حاجة مني ...كنتِ راضية بأي حاجة أنا اجيبها ...بعد القذارة اللي عشت فيها مكنتش مصدق اني اعيش مع النقاء ده كله ...حسيت أن الحواجز اللي بنيتها جوايا ناحية اي ست بتتهد قدامك ....بسبب حبك أنتِ أنا رجعتلي ثقتي بكل اللي حواليا ...بس انا اذيتك ومش هنكر ده وعمري ما هسامح نفسي لاني جرحتك ...وليكي الحق تعملي اي حاجة ....أنا قدامك يا رحيق ..خدي حقك مني بأي طريقة عايزاها ....
مسحت دموعها وهي تقول :
-أنا مش مستعدة اكمل !!!

🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤

"قوتي وضعفي"
أنتِ كل شئ ...
.....
ارتجفت اطرافه وهي تخبره بهذا ...شعر انه يختنق ...اقترب منها واراد ان يمسك كفها ولكنه تراجع وهو يبتلع ريقه ويقول :
-رحيق ..رحيق أنا عارف اني غلطان....بس ده عقاب كبير أنا مقدرش اتحمله...لو عايزة تاخدي وقت عشان تصفيلي ماشي...لكن متنهيش كل حاجة ...شوفي ايه اللي عايزاه وانا هعمله بس بلاش الطلاق ....
أطرقت برأسها والدموع تنهمر من عينيها  يؤلمها ان تراه بهذا الضعف ولكن عليها محطم للغاية ...لقد كسر قلبها بكلماته ...كيف تعود بتلك البساطة ...كيف !!!
اغمضت عينيها والدموع تنهمر منها  وهي تقول بإختناق:
-انا عمري ما اعرف اتعامل معاك بشكل طبيعي ابدا يا عاصي ...هبقى متحسسة ناحية أي كلمة تقولها ...ازاي ارجعلك وانت شايفني بتاعة فلوس ...اللي عشته صعب أنا عارفة ...بس أنا ازاي هرجعلك .....ازاي هقدر اشوفك بتصرف عليا من غير ما اتحسس من غير ما افتكر أنك في يوم قولت عني كده...أنا مش هقدر...صدقني ...أنا مش قاسية يا عاصي ...بس مش قادرة اتخطى اللي قولته .....
امسك كفيها وهو يقبلهما بلهفة بينما يقول والدموع محبوسة بعينيه :
-انا آسف ...آسف سامحيني ....
شدت كفيها وهي تقول بإختناق؛
-متعتذرش لو سمحت لما بتعتذر بنسى اللي عمله  وانا مش عايزة انسى .  مش عايزة اكون هبلة بعد كده تجرح فيا براحتك واسامحك ....
هز رأسه بقوة وهو يمسك كفها ويقول :
-لا عمري ما هزعلك تاني والله ....رحيق متقوليش أنك عايزة تبعدي عني ابوس ايديكي ...خدي وقتك وانا هستنى ....
حكت جبينها بتعب وقالت:
-محتاجة وقت ....
وكأنها ألقت عليه حبل النجاه...إذ أمسك كفها وهو يقول بلهفة:
-براحتك ...براحتك اووي...خدي الوقت اللي عايزاه أنا مش هضغط عليكي ابداً....
هزت رأسها ثم سحبت كفها مجددا وهي تمسح دموعها بينما تنهد هو براحة على الأقل اقنعها انها تبقى معه ...على الأقل تخلت عن فكرة الطلاق وهذا جعله مرتاح نوعاً ما ....
نظرت إليه وهي تقول :
-طيب خلاص رجعني البيت دلوقتي .......
-لا. ..
نظرت إليه بحيرة فأبتسم وقال:
-خلينا لبكرة وهرجعك....
فركت كفيها بتوتر وقالت:
-ايوة بس أنا بخاف من البحر كده مش هعرف انام لطول الليل ....
ابتسم وهو يقول :
-مش مشكلة أنا هحضنك ....
نظرت إليه بضيق وقالت:
-قولت هتديني وقت !
هز كتفيه ببراءة وقال:
-انا هحضنك بس والله ....
-لا شكرا مش عايزة ...
قالتها بغيظ....

......

ولج أمجد المنزل وهو يشعر بالضيق ...قابلته شقيقته نوران وهي مبتسمة ببراءة :
-ها يا أمجود لقيتهم ؟!
رمقها بنظرات نارية وقال:
-ايه رأيك يا نوران تبعدي عن وشي اللحظة دي يدل ما أطبق وشك حرفيا ...أنا عفاريت الدنيا بتتنطط قدامي ....
كتمت نوران ضحكتها وهي تبتعد بالفعل عنه وتلج لغرفتها متمنية ان يكون عاصي حل الأمر ....
......
عجزت عن النوم مجددا وهي تشعر بالخوف ....خوفها من البحر ولأنها بمفردها فقد طلبت من عاصي أن يخرج من الغرفة لكي تستطيع النوم ورغم مشاكسته لها الا انه احترم رغبتها تلك ...ولم تنكر الأمر أثر بها قليلاً...ضمت جسدها إليها وهي تحاول ان تغمض عينيها لكي تنام ولكنها فشلت في هذا ...ما زال خوفها يتحكم بها ...رباه كيف ستقضي الليل بطوله في هذا المكان وهي تشعر بهذا الرعب...ربما عليه ان تطلب من عاصي أن يظل معها بنفس الغرفة .....احمر وجهها من الفكرة ..وهي تحاول إزاحة تلك الفكرة عن عقلها الذي أخبرها أنها مشتاقة له ....ربما تضع المبررات ليكون معها في نفس الغرفة ولكنها هزت رأسها وهي تقول بهمس؛
-لا مش بتلكك عشان يكون معايا في نفس الاوضة ولا حاجة ...أنا بس بخاف من البحر وهو هينام جنبي في نفس الاوضة لكن هنومه على الكنبة الصغيرة دي ....
ثم نظرت وهي تشعر بقليل من الذنب عندما رأت الأريكة الضيقة.....ولكنها نفضت هذا الشعور ....ليعاني قليلاً.....
نهضت من الفراش وهي تهندم نفسها قبل أن تخرج ...بحثت بعينيها عنه حتى وجدته يجلس امام البحر وهو يغني :
في البحر سمكة سمكة بتزق سمكة سمكة

عالشط واقف واقف صياد بشبكة

في البحر سمكة سمكة بتزق سمكة سمكة

عالشط واقف واقف صياد بشبكة

في البحر موجة بتزق موجة

و الشط زحمة و زعيق و هوجة

في البحر موجة بتزق موجة

و الشط زحمة و زعيق و هوجا

و نونة تضحك تضحك و تقولي بابا بابا

يا بابا هات لي هات لي بسكوت و نوجة....
-عاصي ....
قالتها وهي تكتم ضحكتها لينهض وهو يقترب منها ويقول:
-قلب عاصي من جوا...غيرتي رأيك صح وانتم جنبك صح في الاوضة ....
ابتعدت قليلاّ وقالت بحدة:
-لا ....أنا بس خايفة انام لوحدي ....
ابتسم بمشاكسة وقال:
-لا يهمك أنا هاجي وانام جنبك وهحضنك  ومش هتحسي بالخوف أبداً.......
هزت رأسها بيأس وهي تستدير لتلج للغرفة ليذهب هو خلفها ويبتسم أكثر ابتسامة سعيدة كانت على وجهه يوماً....
وما أن وقفا في الغرفة اتجهت هي إلى الفراش الواسع بتعب واتجه خلفها ولكنها استدارت وهي تفرد كفها لإيقافه وهي تقول:
-نعم رايح فين ؟
عبس وقال :
-هنام جنبك وهحضنك ....
رفعت حاجبيها وقالت:
-انت قولت هتديني وقت ....
احتلت خيبة الأمل ملامح وجهه وقال :
-يعني ايه مش هحضنك؟!
ربعت ذراعيها ليبتسم بلطف ويقول :
-خلاص يا جميلتي انام بس على الجنب بتاعي وأنتِ على الجنب بتاعك ....
-لا طبعا انت هتنام في حتة تانية...
نظر للأعلى وقال بمشاكسة :
-لا مش معقول هلزق في السقف وأنام؟مش معقول يا رحيق هو أنتِ فاكراني عنكبوت هيلزق في السقف ...عامليني كأني انسان لو سمحتي مش عنكبوت !!!
-بطل دراما ممكن ...انت هتنام على الكنبة ....
نظر بصدمة. إلى الأريكة الصغيرة وقال بإستهجان:
-ده أنا  ألزق في السقف احسنلي بكتير....كنبة ايه ؟!
لم ترد بل نظرت إليه بجمود فقال وهو يستعطفها :
-رحيق يا حبيبتي ...أنتِ مش قاسية للدرجة دي ...حرام حبيبك ينام على الكنبة افرض ضهري وجعني !!
رق قلبها لحاله وكادت أن تسمح له أن تنام بجواره فقالت بهمس:
-أنا بس عايزة وقت...
-نوميني جنبك ومش هلمسك وعد ....
رفعت حاجبيها وهي تنظر إليه فقال؛
-بصراحة أنا كداب مقدرش اوعدك بده...
تنهد وهو ينظر للأريكة وقال:
-هنام على الكنبة وأمري لله يا مفترية....
.......
بعد قليل ..
اخذ يتقلب في الأريكة دون راحة .
وقد شعر بألم في ظهره ...نظر إلى رحيق التي تعطيه ظهرها وقال:
-ايه رايك أغنيلك أغنية اصالحك بيها ....
-لا شكرا....
قالتها وهي تحاول أن تغمض عينيها وتنام ولكنه لم يستمع إليها وبدأ الغناء ؛
حبيبي لو زعلان البحر هناك مليان

اشرب علي قد ماتشرب

متشرب حبه كمان

حبيبي لو عشمان أنا مش زي زمان

احلم علي قد ماتحلم

مفيش تحقيق أحلام

وانت جاي عليا سألت

أنا قلبي انشف من الإسفلت

ايام مكنت ماسك مقلمتك

كنت أنا يابني ماسك أسفلت

ألوم علي النقص ولا الناقص

واحد مبحلق التاني باصص

الغل مولتو ماجنم باظظ

حاشو الجدعنه كان صايص

حبيبي لو مقموص

أشرب عرقسوس

اشرب علي قد ماتشرب

وليك جركن مخصوص

حبيبي لو متغاظ ممكن تلعب جمباظ

هتنط مهما تنط اخرك تعمل شقلاباظ
استدارت وهي تنظر إليه فابتسم وقال:
-ايه الأغنية عجبتك دي لكزبرة ؟
-خير من امتى الكزبرة  بتغني ...أنا كنت بحطها في السلطة ؟
-لا يا حبيبتي ده واحد اسمه كزبرة ...
وضعت كفها على وجهها وقالت ؛
-هو بعيد عن صوتك في الاغاني اللي بعتبره تكفير عن ذنوبي والحمدلله يارب أنا راضية بقدري انت شايف كلمات الأغنية دي تصالح بيها حد ...جاي تصالحني وتقولي اشرب من البحر مليان؟ ...
-محدتش بالي ..
قالها وهو يكتم ضحكته فكادت أن تستدير فقال بلهفة :
-طيب اغنيلك اغنية تاني لشاكوش
-شاكوش؟ ذوقك في الاغاني مريب غير أنها حرام مش عايزة اسمع حاجة ونام لو سمحت ...
-لا دي لازم تسمعيها حلوة اووي ...
-يا عاصي لا .. 
إلا أنه لم يستمع إليها وبدأ يغني لها 
حبيبتي افتحي شباكك أنا جيت
أنا واقف تحت البيت
مش هعمل زيطه وسيط وحشتيني
بتلفي وتدوري عليّا ليه
مش عايزة تحني ليه
طب بصي يا بنت الإيه مش هحلك

بلاغيكي قولتلك بهوايا
لو مش جايّا معايا
هعمل ألف جناية هقلب زومبي
أنا جايلك وبقولك وحشاني
انتي النص التاني
وبقيتي بالنسبة لي أم عيالي

اسم الله
محروسه من العين ما شاء الله
يا غزال بيطل الطله
كعبك مرسوم بالحنة يا أميرة
شغلاني ومن العالم وخداني
حضنك لاقيتو مكاني
لو غيبتي عني بعاني يا روح قلبي

بالعافية أنا جوَّا في منطقتك
واقف تحت بيتيك
وبسمّع حتيتيك انتي تخصيني
من الآخر اللي يقربلها
أو يجي يوم عندها
هخطفو في وقتها أنا دمي حامي
-بسسسس....اسكت حرام عليك صوتك هيجيبلي انهيار عصبي حرام عليك أنا حامل ...
قالتها رحيق وهي تسد أذنها ...
عبس وقال:
-على فكرة لازم تقدري المواهب الصاعدة ...
-دي مش موهبة نازلة حتى دي اللي عندك ...الموهبة اللي زي دي لازم تتوأد بدري حفاظاً على صحتي النفسية....
احتل الحزن ملامحه فضحكت وهي تقول :
-تعالى يا عاصي ...
ثم فتحت ذراعيها ....الحمقاء لم تتحمل ذلك الحزن على ملامحه ...شعرت أنها احزنته لذلك قررت أن تضمه ....قلبها رقيق ...ضعيف ....هذة هي طبيعتها ولا تريد أن تغير شخصيتها ....
اقترب بسعادة وهو يضمها ويقبل رأسها وهو يقول :
-لو هتحضنيني بعد كل مرة تزعليني فيها زعليني كل يوم ...كل ساعة ...وكل دقيقة ...كل ثانية لو تحبي ....
ضحكت بقوة لينظر إليها بسعادة وهو يتلمس شعرها وقال:
-لو خسرتك كنت هكون اغبى واحد في الحياة ...كنت عايش مرعوب انك متقبنليش...خوفت اخسرك وأخسر ابني اللي في بطنك ....أنا عرفت اني كنت خايف ...بس عرفت كمان انك نقطة قوتي ...وكمان ضعفي ...أنتِ كل حاجة يا رحيق ...أنا مش هقاوم مشاعري ولا هخاف أنا هحبك بس ...
انهمرت دموعها تأثراً فمسح دموعها وهو يقول :
-أنا اقتنعت برأيك أن اودي أملاك دكتور نفسي...
ابتسمت بأمل ليكمل :
-وهروح كمان معاها...
توسعت عينيها بدهشة ليقول هو :
-لازم اكون انسان تاني عشانك ...أنتِ تستاهلي كل الحب اللي في الدنيا ....
ابتسمت وتألقت عينيها بعشق ليقبل عينيها ثم خدها ويقول وهو يضمها لصدره :
-ايه رايك اقولك شعر ...
-بالله عليك لا !!
ضحك وقال :
-لا هقول ... اسمعي يا ستي ....قصيدة: "الحلزونة"!

تقول كلمات القصيدة: 

الحلزونة يامّه الحلزونة.. خبيني يامّه يا حلزونة..

الحلزونة انتحرت.. كانت تعبانة.. تعبانة.. تعبانة..

والحلزون خبطته عربية..

في ميدان التحرير.. ميدان التحرير.. ميدان التحرير..

كان بيعدي الشارع.. وباصص يمين.. 

كان السنونَوْ.. واقف ينونَوْ.. كان السنونو.. بينونو

هناك.. أصل الميدان.. كان فيه زحمة كمان.. إنسان غلبان 

.. خارج من شغله تعبان.. وأهو كله فوق بعضه.. كله

فوق بعضه.. إديها إنسان..

إديها في الكليتش كمان..

إنت عارف الساعة اللي معاك دي بكام.. بكام.. بكام.. 
وضعت كفها على عينيها وأخذت تضحك وهي تقول:
-يارب هو ده عقابك ليا وانا هتحمله ...الحمدلله على كل حال....
-ايه مش عجبك الشعر ؟
-بقولك ايه بما اننا هنقعد حبة حلوين مع بعض رجاء شخصي بلاش تغني أو تقول شعر ....لو عايزني اكمل معاك متجلطش ولا حاجة ....
ضحك وهو يضمها ويقول :

-أنتِ تؤمري يا ست البنات......
........ 

في اليوم التالي ....
كان عاصي قد احضر ملابس لرحيق تناسبها ولم ينسى غطاء الوجه عندما توقفا على اليابسة ...ارتدت هي ملابسها وخرجت معه من اليخت يد بيد....لم يدوم غضبها منه كثيرا  ..هي قررت أن تعود ....لن تهتم أن ظن الكثير أنها دون كرامة ...ولكنها تعرف أن عاصي يحتاجها وهي لم تتخلى عنه ...لن تتخلى عن من تحبه ...كانت تنظر إليها بسعادة ...لا تصدق متى تعود إلى المنزل وترى أملاك ....
........
-أنا خايفة من رد فعل أمجد ...معرفش ممكن يعمل معاك ايه ...
قالتها رحيق وهي تقف أمام منزل والدها ...
ابتسم عاصي وقال:
-عشانك أنا هتحمل اي رد فعل من اخوكي.  
رن جرس المنزل لتفتح دلال المنزل ويشرق وجهها وهي ترى رحيق يد بيد مع عاصي ...
-اتصالحتوا...الحمدلله يارب ....
قالتها بسعادة وهي تفسح لهم الطريق ....ولج عاصي وهو يمسك كف رحيق وهو مبتسم ....بينا يقول :
-السلام عليكم ....
توقف وهو يرى أمجد يقف في صالة المنزل ...عينيه العسلية تشتعلان بالنيران  ...
اقترب أمجد من عاصي ثم بتهور لكمه...صرخت رحيق وهي تضع كفها على فمها بينما اقتربت دلال من أمجد وهي تمسك كتفه وتقول :
-اخزي الشيطان يا أمجد متخلهوش يسيطر عليك .....
أغمض عينيه بتعب وهو يقول :
-اعوذ بالله مش الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ....
ثم نظر الى عاصي وهو يشعر بالذنب ...فهو قد تصرف بتهور.....
.  .
بعد قليل ... 
كان يجلس أمجد على الأريكة بينما تجلس رحيق وهي تمسك كف عاصي ....
كان عاصي يطرق برأسه وبدأ يتكلم:
-أنا بحب رحيق يا أمجد ...مش هنكر اني غلطت في حقها ....وعقابي اني اتحرم منها لأيام ...العقاب كان الخوف اللي كان بينهش قلبي من خوفي ورعبي أنها تسيبني وتمشي ...أنها تنفصل عني ....
رفع عينيه وهو يكمل :
-أوعدك من هنا ورايح أنا عمري ما هزعلها ...اوعدك أن كرامة رحيق هتكون من كرامتي عمري ما هخليها تنزل دمعة من عينيها أبداً .. بس متحرمنيش منها يا أمجد عشان خاطري .....
تنهد أمجد بتعب وقال أخيراً:
-أقسم بالله لو شوفت دموع في عيون رحيق بسببك أنا بنفسي هطلقها منك !!!
.......
في المشفى ... 
كانت ماريانا تمسك بكف زوجها بينما عينيها متسعتان بصدمة بسبب كل ما حدث ....
كان جورج يضغط على كفها ليدعمها.....نهض فجأة وهو يجد بتول تتقدم منهما وهي تقول بإنهيار:
-اللي أنت قولتهولي ده ؟ 
ابتلع جورج ريقه وقال:
-سيلا ماتت يا بتول !!!

🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤🖤

انهمرت دموع بتول وهي تسمع ما يقوله جورج ...تراجعت للخلف مترنحة إلا أن جورج امسكها وهو يساعدها لكي تجلس على المقعد ....
-اهدي يا بتول ....
-,ماتت.   ماتت ازاي ؟!
قالتها ببحة بسبب البكاء .......

أغمضت جورج عينيه وهو يشعر بالآشر بينما يتذكر اللحظات الأخيرة في حياة سيلا ...تلك المرأة التي دمرت حياته ....لم يتخيل ابداً أن تموت بتلك الطريقة البشعة !!!
......
-أنتِ....بتعملي ايه هنا تاني مش ناوية تسيبينا في حالنا ولا حابة تترني  علقة تاني مني !!!
صرخ جورج بقوة واتجه لسيلا بتهور ألا ان ماريانا أمسكت كفه وهي تقول. بلوم :
-جورج لو سمحت ميصحش كده ....
-دي دمرت حياتنا ....دي شيطانة شيطانة ...
أطرقت سيلا وجهها الباهت الذي فقد جماله ولكن جورج لم يلاحظ هذا ...بل ماريانا ....فقد لاحظت أن جمال سيلا تراجع كثيراً وكأن هناك شئ خاطئ ببشرتها ...بقع غريبة لم تراها من قبل 
-انا جاية وعايزاكم تسامحوني .. 
قالتها وهي تبكي ليضحك جورج بسخرية ويقول':
-أنتِ عمرك شوفتي وقاحة بالشكل ده ...شوفتي أنها واحدة ****
-جورج بس ...
قالتها ماريانا بحدة وهي تسمع السبة التي أطلقها على سيلا  ...كانت مصدومة حقاً من غضبه العنيف ...صحيح أن سيلا دمرت حياتهما ولكن جورج بدا وكأنه على وشك قتلها ...ورغم أن سيلا أذتها الا أن ماريانا لم ترغب أبداً أن تؤذيها..وخاصة وهي بتلك الحالة المريعة

-انا عارف اني استحق اي كلمة تقولها عليا ...استحق اي معاملة ...استحق كل اللي انتوا هتعملوه ...أنا مش بريئة ...انا زي ما قال جورج اني شيطانة ...أنا دمرت حياتكم ....لعبت بيكم ...في الاول كسرت قلب جورج وبعدين رجعت عشان اكسر قلبك يا ماريانا ...كنت عايزة اخرب بيتك ...وسيبتك تواجهي مصير بشع في الليلة دي مع أن كنت قادرة اساعدك بس رفضت بسبب انانيتي...أنا صحيح حبيت جورج ...بس حبيت نفسي اكتر .....لدرجة اني مكنتش عايز اشوفه سعيد غير معايا...رغم اني كنت عارفة أن سعادته هتكون معاكي بس يا ماريانا ....بخططي الشيطانية حاولت افرق بينكم...بس حبكم كان أقوى بكتير ...ورجعتوا وانا اللي خسرت ....وانا اللي بتعاقب حاليا ....
شهقت وهي تمسح دموعها وتنظر لماريانا بينما تكمل بإختناق ؛
-انا عندي سرطان ...سرطان الجلد ...للاسف حالتي صعبة .....اكيد لاحظتو العلامات الغريبة اللي بقت منتشرة في وشي....أنا بفقد جمالي كل يوم ...بحاول اعالج نفسي بس بفشل ...حالتي كل يوم بتسوء...أنا عارفة أن ده عقابي ....ومش زعلانة ...أنا بس عايزاكم تسامحوني ...سامحوني على كل اللي عملته
نظرت إليها ماريانا بشفقة ...تلك كانت سيلا المرأة التي دمرت حياتها بالكامل !!لقد عاشت أسوأ أيام حياتها بسببها ...لقد ظنت أنها سوف تكرهها طوال حياتها ولكن حقاّ هي الآن تشفق عليها ...هي تعاني الآن ...
انهمرت دموع ماريانا وانفلت نشيج من شفتيها وهي تبكي على حال سيلا ....
شعر جورج بالتوتر...هو لم يهتم بسيلا في تلك اللحظة ولا حتى قليلاً!! ...هو خاف على ماريانا أن تنتكس مجدداً....
حاوط كتف ماريانا وهو يهمس :
-اهدي يا حبيبتي ......
ثم نظر لسيلا بكره شديد وقال:
-أخرجي من حياتنا بقا ...ابعدي عننا ...احنا اصلا مش مهتمين بيكي ولا بتيجي على تفكيرنا من اساسه ...تموتي متموتيش....دي مش مشكلتي ...خلاص ابعدي عني وعن مراتي ...اطلعي برا حياتنا .....
أخذت تبكي بإنهيار ...لم تراها ماريانا بهذا الإنهيار من قبل ....سيلا كانت دوما امرأة قوية ...جبارة ....تخطط وتطلق السهام من فمها ولكنها الآن بدت في أضعف أيام حياتها ....لم يهتم جورج بها وكاد أن يمسك ذراعها ويخرجها من المنزل 
إلا أن ماريانا أمسكت كفه وهي تنظر إليه ...ثم هزت رأسها وهي تنظر لسيلا بشفقة ....
-انا مسامحاكي ...
قالتها ماريانا بهدوء ...توسعت عيني جورج بحدة وقال :
-بعد ده كله .....
لم ترد ماريانا عليه بل ركزت على سيلا وهي تقول :
-متستسلميش ...روحي اتعالجي ...متفكريش في أي حاجة غير علاجك وبس .....
وضعت سيلا كفها على فمها وهي تبكي بعنف وتقول :
-شكرا ...شكرا....
ثم اقتربت وضمت ماريانا بضعف وقالت:
-انا دلوقتي اقدر اموت وانا مرتاحة ...
شكرا يا ماريانا....
كان يبدو على جورج عدم الرضا بما يحدث ولكنه لم يرغب ابدا ان يضايقها ....
....
بعد أن ذهبت سيلا ...
-انا بجد مش مصدق سامحتيها بالبساطة دي ...بعد كل اللي عملته كل .....
اقتربت ماريانا من جورج وعانقته...أغمضت عينيه وهي تضم نفسها لصدره وتقول :
-مش عايزة اعيش كل حياتي في حقد يا جورج ..
عايزة اعيش سعيدة ومرتاحة معاك وبس ...مش عايزة أحقد على واحدة مريضة ...احنا عايزين نخرجها برا حياتنا والطريقة الوحيدة أننا ننساها ونسامحها...
...
-انا مستاهلش واحدة زيك يا ماريانا ...بعد اللي عملته مستاهلش واحدة بطيبتك ونقاءك بس مقدرش ابعد وتقولك تستاهلي احسن مني عشان أنا اناني في حبي ليكي ...أناني وعارف اني لو سيبتك هنتنهي وانا مش عايزة انتهي يا ماريانا ....
رفعت عينيها وهي تنظر إليه ...بدا جمالها يخطف الأنفاس ....بعض من خصلاتها السوداء تسقط على عينيها .....
عانق وجهها وقبل رأسها وهمس :
-بحبك......
ثم اقترب ليقبلها ولكن صوت مرعب اخترق أذنيه ....
-ايه ده ...
قالتها ماريانا برعب ...ثم خرجت للتراس لتتجمد وهي تنظر للأسفل وتجد أن سيلا ساقطة على الأرض وأمامها سيارة  ...
-سيلا !!!
قالتها برعب وعينيها متسعة .....
......
بعد قليل ....
كان جورج وماريانا يقتربان من سيلا بفزع بينما يقف الشاب الثلاثيني بجوار سيارته وعينيه تزوغان من التوتر ويقول :

-والله العظيم ما خبطتها...هي اللي وقعت قدام عربيتي ...أنا ملمستهاش حتى ...
اقترب جورج من سيلا وهو يفحصها ويدرك أنها فارقت الحياة. ......
.........
عاد من شروده وهو يقول بحزن :
-الدكتور بيقول قلبها وقف .....اللي حصل انها جات تتكلم معانا ...طلبت أننا نسامحها وقالت إنها عندها سرطان في الجلد وبعدين نزلت ....مكانتش واخدة بالها من الطريق وكانت عربية هتخبطها بس قبل ما يحصل حاجة وقعت وقلبها وقف وماتت...الشاب مش خبطها .....
وضعت بتول كفها على فمها وهي تبكي بعنف ....تتذكر أنها من تخلت عن شقيقتها ...كان يجب أن تساعدها لا أن تتخلى عنها ...لقد كانت سيلا بحاجة إليها وهي تصرفت بأنانية ...لن تسامح نفسها ابدا ....أغمضت عينيها وهي تبكي بعنف ....نظرت ماريانا إليها بشفقة واقتربت منها وهي تضمها إليها وهي تقول بإختناق:
-اهدي ...خليكي قوية ...
-انا السبب...أنا السبب...أنا اتخليت عنها لحد ما وصلت للحالة دي أنا عمري ما هسامح نفسي أبدا !!! اختي كانت محتاجاني وانا ..أنا سيبت ايديها....أنا كان مفروض افضل جنبها ...صحيح كانت بتغلط ..كان لازم أوقفها مش اطردها من بيتي ...أنا خسرت اختي بسبب اللي عملته ..أنا عمري ما هسامح نفسي ..ابدا .. ابدا ...
كان جورج ينظر إليها بشفقة وهو لا يصدق أن سيلا غادرت حياتهما للأبد ...
......
-شكلك مبسوط ومرتاح....
قالها مروان صديق جاسم بإبتسامة وهو يرى امارات الراحة تعلو وجهه ...عكس حالته الكئيبة تندما كان مرتبط بحورية .....
ابتسم جاسم براحة ...منذ زمن لم يشعر بتلك الراحة ابداً....مواجهته مع حورية جعلت حمل ثقيل من قلبه ينزاح ....تقبله أنه ما زال يحب نوران لم يخنقه أو يضايقه على العكس تماماً..جعله يشعر بالراحة ....تنهد وهو يتذكر مواجهته بحورية ..تلك المواجهة التي جعلته يدرك الكثير .....
.........
-ممكن تطلع من حياة بنتي بقا وكفاية اللي عملته !!!
قالتها والدة حورية وهي تقف امام الباب وتنظر إليه بضيق وكره شديد .....
ابتلع جاسم ريقه وهو يقول بلطف:
-انا بعتذر من حضرتك ومن آنسة حورية بس انا محتاج اشوفها ضروري ....لو سمحتي ....
-انت بجد معندكش دم ولا ضمير ...أنا بنتي بتعاني بسبب من اول ما شافتك وهي حياتها اتدهورت ....لما انت لسه متهبب وبتحب مراتك ليه بترتبط ببنتي ...ليه بتكسر قلبها بالشكل ده ....ليه تدخل واحدة حياتك وانت في قلبك واحدة تاني !!!
-شوفي انا مقدر غضبك ومش بتملص من اللي عملته بالعكس أنا غلطان جدا كمان ...بس الحقيقة أنا عمري ما كدبت على بنت حضرتك ...عمري ما وعدتها بحاجة أنا مش هقدر عليها ...
نظرت إليه بحرقة وقالت :
-بس اديتها امل ...خليتها تتعلق بيه...وده حصل اياك تنكره ....
ابتلع ريقه وهو يطرق برأسه أرضاً ...ثم قال بندم شديد :
؛انا غلطان فعلاً...عشان كده حاجة أنا جاي اعتذر من حورية واطلب منها تسامحني ...وجاي كمان اعتذر منك ...أنا مليش مبرر لغلطي ...
رفعت رأسها وقالت :
-ودلوقتي عايز ايه يعني؟!!،
-عايز اعتذر لحورية ...لو سمحتي اسمحيلي اعتذر منها .....
تنهدت وهي تقول:
-خلاص لو سمحت روح وسيب بنتي في حالها ....
كاد أن يتكلم مجددا إلا أن صوت ملهوف أتى من خلف والدة حورية :
-جاسم ....
للحظات نظر إليها جاسم ليدري اي حال سئ وصلت إليه بسببه وأطرق برأسه أرضاً والذنوب ينهش داخله. . .
-جاسم انت جيت عشان ترجعلي صح 
...
-حورية لو سمحتي ادخلي جوا !!!
قالتها والدتها بغضب شديد وهي تنظر لإبنتها بينما جاسم يطرق برأسه أرضاً وإمارات الذنب تحتل وجهه ...
-ماما لو سمحتي خليه يدخل ....
قالتها حورية بلهفة ثم اقتربت وهي تقول بأمل :
-أنت جاي ترجعلي صح ؟!
نظرت والدتها إليها بشفقة وقد أدركت أن ربما جاسم الوحيد الذي سوف يساعد ابنتها في تجاوز تلك الحالة المثيرة للشفقة ....
نظرت إليه ببغض وقالت :
-بنتي وصلت للحالة دي بسببك ...اتصرف بقا وفوقها !!!!
فرك جاسم كفيه وقال :
-لا يا آنسة حورية أنا جاي اعتذر منك على اللي سببته ليكي من جرح ....أنا اسف جدا ....حقك عليا ....
تصاعدت الدموع لعينيها وهي تقول بإختناق :
-يعني ...يعني ايه ؟!
-يعني انتِ إنسانة مفيش منك ...محترمة وناجحة تستاهلي اللي احسن مني ...لكن أنا قلبي مش معايا للاسف عشان ادهولك ...ومقدرش اتجوزك وانا قلبي مع غيرك ... غلطت وارتبطت بيكي وانا بحب حد تاني ومش هغلط الغلطة دي . .أنا بس جاي اطلب منك تسامحيني على الغلطة دي !

-غلطة !!!شايف تدميرك لحياتي غلطة ؟!
قالتها بنحيب ليرد بألم :
-غلطة كبيرة وحاجة أنا ندمان عليها ...أنا آسف ...آسف ...سامحيني !!!
-انت ..انت .. 
انهمرت دموعها وهي لا تستطيع أن تتكلم وكأن الكلمات توقفت بحلقها ...كيف يفعل هذا ...انها تموت هنا وهو يقول خطأ !!!
-انت دمرت حياتي !!!
صرخت به ليقول بخجل:
-أنا اسف سامحيني. . ....
هزت رأسها وهي تنظر إليه بكره وتقول :
-لا لا ...ده مستحيل ...مستحيل اسامحك !!!أنا هفضل طول حياتي اكرهك .. هفضل طول حياتي احقد عليك. ...وانا بتمنى يجي يوم يتكسر قلبك زي ما كسرت قلبي ...روح يا شيخ يارب ما تدوق السعادة طول حياتك ...تعيش في غم ونكد ..تبكي بدل الدموع دم ....يتحرق قلبك من اللي بتحبها زي ما حرقت قلبي....غور من هنا أنا عمري ما هسةمحك...هفضل طول حياتي ادعي عليك ...طول حياتي هكرهك....امشي من هنا ...
صرخت بها وهي تبكي بعنف جعلت والدتها تضمها بقوة ليذهب هو ...رغم ضيقه من انهيارها الا أنه سعيد أنه اتخذ تلك الخطوة ...لقد اعتذر وهي شوف تغفر له عندما تجد الرجل الذي يحبها لذاتها لا يتخذها وسيلة فاشلة لينسى بها حبه الحقيقي ...نعم هو لم يتجاوز نوران ...لن يكذب على نفسه مازالت نوران تسيطر عليه ...
عاد من شروده وابتسم ....الراحة التي يشعر بها الآن لم يشعر بها منذ زمن ...

......
بعد شهر ...

كان يمسك كفها قبل أن يتم تجهيزها للجراحة يقبله بلطف وهو يشعر بالتوتر ....ينظر إلى عينيها ويبتسم لها ليطمئنها ...يحاول أن يخفي قلقه عنها كي لا تخاف ...ماذا أن فشلت تلك الجراحة ...هل ستنتكس حالتها وتحزن ....ولكن دعا الله أن يتحقق لها ما يريد....
-مياس ....عايز اقولك ...
ولكنه لم تدعه يكمل كلماته بل قالت وهي تقبل رأسه :
-مهما كانت النتيجة انا مش زعلانة...عشان دلوقتي ربنا عوضني بالاحسن...
ابتسم وتألقت عينيه وقال:
-مين الاحسن اللي ربنا عوضك بيه ؟!
تألقت عينيها عشقاً :
-أنت يا حبيب العمر♡
..........
-حامل ..
قالتها ماجدة بإبتسامة سعيدة وهي تنظر الى يوسف الذي قال بزهو:
-مش قولتلك ...انا اصلا كنت متأكد عيب عليكي يا حبيبتي ....
ضحكت ماجدة وقد انهمرت دموع السعادة من دلوقتي ليزفر يوسف بضيق مصطنع وينظر للطبيبة ويقول :
-اهي من دلوقتي هتعيط وتقول هرمونات وبتاع واحدة غيرها كانت زغرطت من السعادة 
ضحكت ماجدة لتقول الطبيبة:
-طبعا مش هوصيكم على الراحة التامة...
-متقلقيش يا دكتورة مش هخليها والله تشيل طبق .....
قالها يوسف بلهفة .... لهفته أسعدت ماجدة وأوجعت قلبها في وقت واحد ....تشكر الله أنه حقق أمنية حبيبها فهو يستحق ..يستحق كل السعادة...
بعد قليل . خرجا متشابكا اليد من غرفة الطبيبة كانت يبدوان كأنهما عروسين شابين جديدين بذلك الحماس الذي يعلو وجهيهما...توقفا فجأة بذهول وهما ينظران إلى  منير الذي كان معه عبوة ضخمة من الشيكولاتة الفاخرة وكان يوزع منها على المرضى بعيادة الطبيبة .....
عندما رأى صديقه اشرق وجهه وهو ينظر إليه ثم اقترب منه وهو يحتضنه ويقول:
-مبروك يا غالي ....
ثم أعطاه شيكولاتة هو وماجدة واكل توزيع الشيكولاتة ...رفعت ماجدة حاجبيها وهي تقول :
-هو مين اللي قال لمنير ...ازاي عرف اصلا من قبل ما اطلع من العيادة ؟!
ابتسم يوسف وهو يحك رأسه وقال:
-أحم أنا قولته قبل ما تكشفي حتى . .
ضحكت ماجدة وهي تشد على كف يوسف بينما تنظر إلى منير الذي بات كشقيق لهما وتتمنى له كل الخير ...

تعليقات