رواية احلام ما بعد البرميل الفصل الخامس 5 بقلم بسنت محمد



 رواية احلام ما بعد البرميل الفصل الخامس بقلم بسنت محمد



أرتطام الموج فى مقدمة السفينة يجعل الرعب يتسلل رويداً رويداً إلى نفوسهم، خصوصاً وأن الأمطار تزداد تدريجياً، وبدأت العاصفة تأخذ مساراً مخيفاً، ليردد عبدالرحمن:

-هو أحنا باقى لنا كتير فى البحر؟ المسافة لسه كبيرة على الشط؟


ليرد عليه أحمد :

-لسه باقى أقل من نص المسافة .


-يارب عديها على خير.


-يارب/يارب.


 خوف تملك من الثلاثة، بل من الجميع، علت الأصوات بالتضرع إلى الله أن تمر العاصفة مرور الكرام .


 ليتحدث سالم مرتجفاً:

-يارب تعدى على خير، أحنا إيه اللى عملناه فى نفسنا ده؟


ليرد أحمد عليه:

-هتعدى إن شاء الله، ربنا هينجينا كلنا .


 وقتها تذكروا وقت قرارهم بالسفر.

بعد ظهور نتيجة عبدالرحمن، خرج مسرعاً إلى مكان تجمعهم، فقد كان بجوار قارب لم يتم إكماله على شاطىء البحر، كان ينتظر رفاقه بقلب محترق، ف بعد حديث والده تحرك نحوهم لعله يجد ما يهدىء من ألمه قليلاً، ليأتى بعده بقليل أحمد وسالم وملامحهم لا تدل على الخير.


-أنتوا سقطوا ولا إيه؟


كان عبدالرحمن فى كلية تجارة الشعبة الإنجليزية ولكن فى جامعة خاصة أما أحمد وسالم فى جامعة عادية.


ليرد أحمد بأختصار:

-نجحنا الحمد لله.


-أومال شكلكم عامل كده ليه؟


قص عليه أحمد ما حدث لسالم ثم أكمل:

-بس يا سيدى، ف كذا دكتور أتدخلوا علشان بيحبوا سالم وبيحترموه وطلبوا من العميد التنازل عن المحضر اللى عمله فيه لكن العميد شرط أن سالم ينسي حوار التظلم ده قصاد أنه يتنازل عن المحضر.


هب عبدالرحمن واقفاً يتحدث بغضب:

-يعنى إيه؟ يعنى درجات سالم أتغيرت علشان ابنه يتعين فى الكلية؟


ليرد أحمد بغضب مكتوم:

-دا اللى واضح .


-دا جنان، يضيع مستقبل واحد مجتهد زى سالم علشان ابنه، إيه الظلم ده ؟


-وأنت عملت إيه؟


نظر إلى الأسفل ثم تحدث بإحباط:

-جبت جيد جداً.


أبتسم أحمد ورد عليه:

-اللهم بارك، طيب دا جميل، أنا جبت جيد وفاضل شويه هزغرط، أنت بقي زعلان كده ليه؟ أبوك؟


هز عبد الرحمن رأسه بإيجاب ليربت أحمد على كتفه بحزن على حال رفيقيه .


رن هاتفه فأستأذن للرد، حينها وقف سالم على شاطىء البحر ينظر إلى البرميل الموجود على مد البصر، ليقف بجواره عبدالرحمن.


-بتبص علي إيه؟


-عليه، على البرميل.


-البرميل!


-أنا عايز أعدى البرميل يا عبدالرحمن.


-مش فاهم، أنت عايز تعوم دلوقت؟ أحنا المغرب، ثم برميل إيه اللى تعديه دا أنت بتغرق على الشط .


 -مش قصدى أعوم، أنا ههاجر، أنا مش قاعد هنا تانى.


-تقصد إيه؟ وأبوك هتعمل معاه إيه؟


-هظبط حالى سنتين تلاتة وهرجع أخده إن شاء الله، أنا مش هقعد هنا تانى.


نظر إليه عبدالرحمن بتمعن ثم نظر إلى البرميل هو الأخر ليعم الصمت المكان، إلى أن قطع ذلك الصمت صوت أحمد :

-أنا نسيت أبلغ الجماعة عندى أنى نجحت.


لم يأتيه الرد من أصدقائه، فأقترب منهم متسائلاً:

-في إيه؟


لم يأتيه رد، فنظر إلى موضع نظرهم، فلم يعي ماذا يحدث.

-أنتوا عاملين كده ليه وبتبصوا على إيه؟


 ليأتيه رد عبدالرحمن :

-البرميل.


تعجب أحمد من كلمته فعقد ما بين حاجبيه متسائلاً:

-ماله؟


ليأتيه رد عبدالرحمن الغير متوقع:

-هنهاجر.


لينظر إليه سالم بدهشة وأحمد بصدمة .


 اشتدت حدة العاصفة، أنطلقت أصوات أستغاثة من السفينة، عم الهرج والرعب حولهم، أيات قرآنية يتمتم بها الكل، أقترب الرفاق من بعضهم أكثر، الخوف سيطر على القلوب، يتردد على ألسنتهم فقط "يارب" .


-هنموت؟


قالها عبدالرحمن لينظر إليه أحمد ويضغط على كفه محاولاً بث الأمان فى قلب صديقه، الأمان الذى لايمتلكه الأن.


 الهرج على السفينة يشبه الهرج الذى سيطر على حياتهم الشهور الماضية فى فترة ما بعد ظهور النتيجة إلى يوم السفر .


ف بعد تجمعهم يوم ظهور النتيجة، قرر سالم الهجرة، يليه فى اتخاذ القرار عبدالرحمن، حاول أحمد أثنائهم عن القرار لكنه باء بالفشل، كان قرار أصدقائه سرياً لا يعلم عنه شيء سوى ثلاثتهم .


عاد أحمد يوماً من عمله كعامل توصيل طعام فى أحد مطاعم الوجبات السريعة، يشعر بالتعب والإحباط، خاصة بعد أن كان أحد زبائنه فى ذلك اليوم هو ابن عمه الذى أخذ شقته.


 دخلت رحمة أخته إلى غرفتهم المشتركة لتجده ممدداً على فراشه .

-أنت جيت أمتى يا أحمد؟ ومالك قاعد كده ليه ؟


كان صامتاً ساهماً ينظر إلى دبلته بتركيز .


-يا ابنى بكلمك، مالك؟


قالتها أخته وهى توكزه فى كتفه، ف نظر إليها بنظرة خاوية.


-إيه يا بنتى .


-أنت فين؟ أنا بقالى ساعة بتكلم معاك.


-النهاردة كان عندى أوردر لمكتب محامى، بعد ماروحت لقيته أمير ابن عمك .


-ما شاء الله، الفاشل ده بقي شغال فى مكتب محامى وبيطلب أوردرات من مطاعم كمان؟


أعتدل فى جلسته متحدثاً بغضب.

-بمجرد ماشوفته حسيت أنى هرتكب جناية، خصوصاً نظرته وابتسامته السمجة اللى زيه، لأ وبعد ما أخد الاوردر برجعله باقى فلوسه بيقولى خليهالك أنت أولى بيها.


 هبت رحمة واقفه تصيح بغضب:

-وأنت ممسكتش الفلوس دى رميتهاله فى وشه ليه؟ وممسكتوش هو ضربته ليه ؟


-أضربه! بعد إيه؟ بعد ما أخدوا كل حاجة مننا وأحنا سكتنا؟ بعد ما عايش ومتمتع فى شقتى اللى شقيت عليه أنا وأبوكى، دا أنا كنت بخلص جامعة وأجرى على شغلى أتنطط من هنا لهنا علشان أقدر أعملها، أخلص جامعة أطلع على مكتب محاسبة ومن مكتب المحاسبة أروح على المطعم أستلم المكنة طول الليل لغاية ما كنت بنام وانام واقف.


 -ااااه يا مين يسلمنى زمارة رقبتهم؟ أنا مش عارفه أحنا سبناهم يعملوا فينا كده ليه؟ مكسرناش البيت على دماغهم ليه؟


-أحنا؟ أحنا مين؟ أبوكى المريض اللى بنخاف نتكلم أو نحسسه بأى مشاكل علشان قلبه؟ ولا أمك اللى ملهاش أى حيلة، دى حتى مش قادرة تسكت خالتك اللى كل شويه عايزه تفركش الخطوبة وتجوز البنت لحد مرتاح مادياً، يعنى أنا فى يوم وليلة ممكن رانيا تروح منى، ولا أنتى اللى هتقفى لهم بعد ما مرات عمك خلت مديرة الحضانة صاحبتها تطردك من الشغل ؟ ولا أنا اللى بقيت شبه التور المربوط فى ساقيه، أجرى من المكتب للمطعم ومن المطعم للمغسلة، دا أنا بقيت أغسل سجاد وبطاطين يا رحمة.


 أقتربت منه رحمة بعدما لمحت تجمع الدموع فى عينيه، دموع من لا حيلة له، شاب فى بداية حياته، تضغط عليه الحياة من كل الجوانب غير عابئه بأنه مازال فى ربيع العمر، أى ربيع عمر هذا الذى أسقط قلوب شباب وبنات فى خريف الحياة .


 طموح يُقتل، أحلام تُهدم، وفتافيت أموال يحصلوا عليها لا تسد الجوع حتى .


 شباب تلقى بأنفسهم فى التهلكة، غير عابئين بأى شىء حتى ولو لقيوا حتفهم، طالما أصبحت حياتهم فى مهب الريح، وأحلامهم مستباحة ومدنسة من الأقوى سلطة ونفوذاً، ف مرحباً بتحقيق أحلامنا من قلب العاصفة، والحصول عليها من معقل الشيطان حتى وإن سلكنا فيها دروب الموت.

الفصل السادس من هنا


تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1