![]() |
رواية زواج تحت التجربة الجزء الثاني (حاجز الصمت) الفصل الخامس بقلم رباب حسين
ما كنت أعرف أنني أملك هذه المشاعر.... ظننت أنني شخص لا يعرف معنى الحب أو العشق ولن أشعر بهما.... ومازلت لا أشعر بشئ..... هل الحب يجافينا عن النوم؟..... هل أنا أحبها حقًا أم أتوهم؟.... وكيف أعبر عن هذا الشعور وأنا لا أعلم شئً عنه؟ فمن الممكن أن تكون أمي مخطئة ولكن ما هذه الراحة التي يشعر بها جسدي وأنا بجوارها.... مهلًا..... لا يجب أن تقترب مني فستعلم سري وتعلم بشأن مرضي فبالنهاية لا أريد أن يعلم أحد هذا الشئ عني.... من الأفضل أن أبقى بعيدًا عنها وأحاول ألا أتعلق بها هكذا
كان يوسف يفكر وهو ينظر إلى وجهها وهي نائمة بين ذراعيه....ثم تأمل ملامحها الهادئة ومرر أنامله على وجهها وقال في صوت خافت : إنتي فعلًا جميلة أوي
تملمت بين يديه فابتعد عنها ببطء ودخل إلى المرحاض وبعد وقت خرج وذهب إلى غرفته دون أن تشعر به ثم ارتدى ثيابه واستعد إلى العمل ونزل إلى أسفل ولحقت به روح بعد قليل عندما وجدته غادر الفراش.... كانت سعيدة بأنها بقت داخل أحضانه طوال الليل واحتضنت وسادته التي تحمل رائحة عطره ثم أخذت حمام دافئ وبدلت ثيابها سريعًا لتراه قبل أن يغادر
كان يوسف يجلس بجوار إيمان على الطاولة ثم قالت إيمان : ها إتأكدت؟
يوسف : إنتي متأكدة إن كده معناه إني معجب بيها؟
إيمان : اللي إنت قولته إمبارح معناه كده ومع الوقت هتتأكد زيادة
نزلت روح واقتربت منهما وهي تبتسم وقالت : صباح الخير
نظرت إيمان إلى يوسف كي يخبرها ما قالته فقال : صباح النور
إيمان : شكلي لازم أتعلم لغة الإشارة أنا كمان..... مش هفضل على طول كده مش فهماكي
كتبت لها روح : ياريت..... عشان نفسي أتكلم معاكي كده من غير كتابة
إيمان : خلاص.... هتعلمها عشان خاطرك
طُرق الباب فقال يوسف : منار جت
نظرت له روح واختفت ابتسامتها ولاحظ يوسف تعابير وجهها ولكن تغيرت ملامحها فجأة عندما سمعت صوت آسر يسأل عنها فركضت إليه فنظر يوسف إليها وهي تركض إليه ولاحظت إيمان ذلك
أما آسر فابتسم في سعادة عندما رآها تقترب منه وهي تبدو سعيدة فقال : روح.... عاملة إيه؟
روح : الحمد لله..... معلش مجتش المستشفى بس يوسف قالي إنك كويس وجي النهاردة
اقترب منها آسر وقال في همس : إنتي كويسة؟.... شكلك مبسوطة
روح : اه.... يوسف مختلف بس هو بيعاملني كويس
آسر : مش عارف بس حسيته مش بيضحك حتى..... إنتي كويسة فعلًا ولا اتجوزتيه عشان يحميكي من سليم؟
روح : لا
نظر يوسف إلى إيمان وقال : هو بيقولها إيه؟ وموطي صوته ليه كده؟
نظرت له إيمان وابتسمت ثم قالت : ده بقى شعور الغيرة اللي كانت روح بتقولك عليه.... عرفت ليه بتضايق لما بتشوف منار معاك؟
يوسف : لا أنا مش حاسس بحاجة بس الفكرة يعني..... إنه مينفعش يقرب منها ويكلمها كده
إيمان : هو يقربلها إيه أصلًا؟
يوسف : باباها اللى مربيه وكمان خلاه متصرف في شئون إدراة ورثها كله مش عارف وثق فيه ليه كده..... بس أنا هدور وراه شكله مش عجبني
إيمان : خلينا نقوم نرحب بيه طيب مهما كان ده ضيف وباين على روح بتعزه أوي
ذهبت إليهما وكان يوسف ينظر إليه في جمود ويراقب تعابير وجه روح ثم دخلت منار المنزل وقالت : صباح الخير
إيمان : صباح النور
يوسف : حمد الله على السلامة يا آسر
آسر : الله يسلمك يا يوسف بيه..... أنا جيت أبارك لروح واطمن عليها
كانت روح تنظر إليه وتبتسم في سعادة فهو بمثابة أخ لها وضحى بنفسه كي لا تتزوج سليم رغمًا عنها ثم اقتربت منار من يوسف بعد أن لاحظت سعادة روح ونظرات يوسف إليها في ترقب فقالت في همس : مين ده؟.... شكل روح بتحبه أوي
نظر لها يوسف وقال في همس : بتحبه؟!.... ليه بتقولي كده؟
منار : أول مرة أشوفها مبسوطة كده
لاحظت روح حديثهما الجانبي فاختفت ابتسامتها ولاحظ آسر ذلك فقالت له : استنى متمشيش
آسر : حاضر هستناكي هنا
ثم اقتربت من يوسف ورتبت على ذراعه فنظر لها وقالت : تعالى ثواني.... عايزة أقولك على حاجة
أماء لها يوسف وذهب بعيدًا عنهم قليلًا ثم قالت له : ممكن متخليش منار تيجي هنا..... هي موظفة عندك في الشركة يبقى تفضل في الشركة.... ملوش لزوم تيجي هنا وتبقى وراك في كل حتة
يوسف : مش هينفع....منار مراياتي ومقدرش استغنى عنها
نظرت لها روح في صدمة من حديثه فتعجب يوسف من تعبير وجهها فقال : مالك؟
روح : مصدومة من كلامك..... يعني إيه منار مرايتك؟
يوسف : بصي هي حاجة مش هتفهميها..... بس ممكن نأجل كلام شوية عشان عندي مواعيد كتير النهاردة ولازم أمشي
ذهب يوسف وأخذ منار معه تحت نظرات الصدمة التي مازالت ترتسم على وجهها ولاحظ آسر ذلك أما منار فصعدت بالخلف داخل سيارة يوسف وقالت له : غريبة..... طالما روح بتحبه متجوزتهوش ليه؟..... ولا هما كانو هربانين عشان يتجوزو؟
يوسف : لا هو قالي إنه كان بيساعدها بس.... وبعدين ليه بتقولي إنها بتحبه؟
منار : وهو يعني يا يوسف هيقولك إنه كان عايز يتجوزها وانت رايح تقوله إنك جوزها.... وبعدين يا حبيبي إنت متفهمش في الحاجات ديه أنا فهمت نظرتها ليه وبعدين مش شايفها بتضحك إزاي وهي بتبصله؟
شرد يوسف يفكر لا يعلم حقيقة الأمر وأيضًا لا يعرف حقيقة مشاعرها أما منار فنظرت له في انتصار فقد أصابت بحديثها ما يجعله يفكر في خيانتها وينفر منها
كان سليم يجلس مع عديلة بالمنزل وتخبره بما حدث بالأمس فقال : تفتكرى البت ديه اللي اسمها منار فعلًا ريداه يا عمة؟
عديلة : البت فدوى جالتلي إكديه
فكر سليم قليلًا ثم قال : لو ريداه صوح تبجى الموصلحة واحدة وأكيد عتساعدنا
عديلة : إنت مش عرفت علوان شركته ديه؟.... خلاص روح إهناك وجابلها وشوف مايتها إيه؟
سليم : ماشي..... هروح دلوك
أما روح فجلست بالحديقة مع آسر يحاول أن يستدرجها بالحديث ليعلم ما سر هذا الحزن الذي بها فقالت : إحنا لسه بس في الأول والجواز جيه بسرعة وأنا معرفوش ولا هو كمان.... بس هو بدأ يتعامل معايا عادي.... متقلقش عليا أنا هعرف اتصرف.... المهم إنت هتقعد فين؟
تنهد آسر وقال : أنا مش هتدخل أكتر من كده بس أنا مش محتاج أقولك إني أخوكي وفي أي وقت تحتاجيني تعالي فورًا وأنا هعرف أساعدك..... بالنسبة بقى لهقعد فين ديه أنا هشوف فندق هنا لحد ما أجيب حد ينضف شقتي عشان بصراحة عايز أنام معرفتش أنام في المستشفى خالص
روح : طيب روح ارتاح بس متنسانيش
آسر : ده معقول برده
قامت إيمان بالإتصال بيوسف لتذكره بأمر الطبيب النفسي فأخبرها أنه أسند الأمر إلى منار وسوف يسألها وعندما سأل عن روح أخبرته إيمان أنها تجلس مع آسر بالحديقة منذ أن غادر.... لا يعلم يوسف لما هو مهتم بذلك الأمر ولكن ربما بسبب حديث منار عنهما والشك الذي دب داخل قلبه تجاههما ولكن نفض التفكير من رأسه وسأل منار عن الطبيب النفسي وأبلغته أن هناك طبيب مشهور قد أخذ شهادة الدكتوراة من الخارج وعاد إلى مصر مؤخرًا ويتحدث بلغة الأشارة وقامت بحجز موعد معه اليوم مساءًا واتصل بإيمان وطلب منها أن تبلغ روح بأنها ستذهب اليوم مع يوسف إلى الطبيب.... كانت روح ترفض الأمر ولكن عندما علمت أن يوسف سوف يذهب معها وافقت لسعادتها بأنها ستخرج معه لأول مرة بعد زواجها..... استعدت روح وجاء يوسف إلى المنزل كان يفكر بشكل مستمر طوال اليوم ولكن عندما رآها وهي ترتدي ثوبها البرتقالي نسي ما كان يفكر به..... لا يعلم كيف توقف عقله عن العمل فجأة ولكن كان ينظر إليها وكأنه ينقش ملامحها داخل ذاكرته أما هي عندما رآته تذكرت ما قاله لها بالصباح فظهر اليأس على ملامح وجهها ثم اقتربت منه وقالت : هنمشي دلوقتي؟
كان يهيم داخل عينيها دون إدراك لما تقوله فكررت السؤال فقال : اه..... يلا بينا
ذهبا معًا وظلت روح تنظر من النافذة طوال الطريق تفكر بمعنى هذه الجملة التي قالها لها أما هو فكان ينظر إليها بين الحين والأخر لا يستطيع أن يبعد نظره عنها وبعد وقت وصلا إلى عنوان العيادة فنزلت روح وتقدمت منه فأمسك يدها وجذبها خلفه ثم دخلا إلى المصعد وقال لها : الدكتور ده كويس..... بس لو حسيتي انك مش مرتاحة قوليلي وأنا هدورلك على دكتور تاني
أماءت له بنعم فقال لها : هو أنتي زعلانة ليه؟
نظرت له روح وقالت : مش دلوقتي
وصل المصعد ودخل يوسف وسأل الإستقبال على موعدها مع الطبيب ودخلا معًا فورًا ونهض الطبيب ليستقبلهما فقال وهو مبتسم : أهلًا وسهلًا
يوسف : يوسف خالد رفيق
نظر له الطبيب وقال في تعجب : إبن خالد رفيق؟
يوسف : اه... وديه المدام روح مراد
نظر لها الطبيب ولمح نظرتها إلى يوسف وكأنها ترى العالم من خلاله فعلم على الفور بعشقها له ثم قال : دكتور مازن
نظرت له روح وتعلق نظره بعينيها الساحرة فابتسمت روح له وقالت : روح
فتحدث معها بلغة الإشارة : نورتي العيادة.... إتفضلي
جلسا أمامه وبدأ يسألهما بعض الأسئلة عن علاقتهما ومتى تزوجا وأعطى يوسف له نبذة بسيطة فقال مازن : طيب يا أستاذ يوسف هستأذن حضرتك تستنى برا شوية
أماء له يوسف وخرج من الغرفة ثم نظر مازن إليها وقال : قوليلي بقى عايزة تقوليلي إيه؟
روح : حضرتك مش هتسألني عن سبب إني مش بتكلم؟
مازن : لو ده اللي إنتي عايزه تتكلمي فيه معنديش مشكلة..... أنا بسألك إنتي..... عايزة تقولي إيه؟
نظرت له روح قليلًا ثم قالت : هو يعني إيه حد يقول إن فيه شخص في حياته هو مرايته؟
مازن : امممم.... يا أما الشخص ده بيوجهه بعيوبه يا أما حد قريب منه جدًا وعارف عنه كل حاجة
روح : طيب لو راجل بيقول على واحدة كده يبقى بيحبها؟
مازن : هنا العلاقة تختلف.... يعني لو جوزك قالك كده يبقى أكيد بيحبك.... لأنه شايف نفسه فيكي أو حاسس إنك عارفاه كويس مبقاش متضايق لما تعرفي عنه عيوبه قبل مميزاته لأنه متأكد إنك هتتقبليه بكل الأشكال
روح في حزن : طيب لو قالها على واحدة غيري؟
مازن : كده هسألك عن علاقته بيها إيه؟
روح : هي المساعدة بتاعته وفي نفس الوقت هي صديقته من زمان
مازن : إنتي حاسة إنه بيحبها؟ أو شاكة؟
روح : مش عارفة
مازن : المواجهة أحسن حل
صمتت روح تفكر قليلًا وتذكرت تحذيره بعدم التحدث معه عن الحب أو الكراهية ثم أردف مازن : أنا عرفت إن اللي عندك نفسي بس الغريب إن طول الفترة ديه مقدرتش تتخطي اللي حصل.... تفتكرى ليه؟
روح : الدكاترا قالو إن أنا مش متقبلة العلاج
مازن : وإنتي شايفة إنك كده فعلًا؟
صمتت روح ولم تجيب فنظر مازن إلى عينيها طويلًا ثم تحمحم وقال : طيب أنا بقول كفاية النهاردة كده في أول يوم ونتقابل تاني قريب إن شاء الله لو حابة يعني
روح : هاجي تاني
ابتسم مازن وقال : تمام
خرجت روح وطلب مازن يوسف إلى الغرفة وطلب منه رقم هاتفه فأخرج يوسف الهاتف وكتب الرقم السري فلمح مازن أنه كتب أربع أصفار فابتسم بداخله وأخذ رقمه وقال : إن شاء الله السكرتيرة هتبعت لحضرتك المواعيد ولو حضرتك مش عايز تيجي معاها مفيش مشكلة
يوسف : هي فعلًا مش عايزة تتكلم؟
مازن : أعتقد كده... على العموم كل حاجة هتبان مع العلاج إحنا لسة أول جلسة
أما منار فقد أنهت عملها وخرجت من الشركة فوجدت سليم يقف عند الأمن وأحد أفراد الأمن يقول له : أنسة منار أهيه
نظرت له منار ثم اقترب منها وقال : مساء الخير
منار : مساء النور..... إنت مين؟
سليم : أنا إبن عم روح مرت يوسف
منار : بتسأل عليا ليه؟
سليم : عشان عرفت إن عينك من يوسف والصراحة أنا كمان عايز اتزوج روح فالموصلحة واحدة.... لو تحطي يدك بيدي هنبجى إحنا الأتنين كسبانين.... جولتي إيه؟
نظرت له منار قليلًا ثم قالت : الكلام مش هينفع هنا.... تعالى نروح أي مطعم نتكلم فيه
ذهبا معًا وبعد أن جلسا على الطاولة قالت منار : ماشي المصلحة واحدة بس إنت هتساعدني في إيه؟
سليم : عيجلي أخبار عن روح من عمتي مع أخبار يوسف من عنديكي نجدر نستغل الكلام من عندك وعندي ونخرب عليهم
منار : تمام.... معنديش مشكلة
سليم : ديه رجمي واديني رجمك إنتى كومان واللي يعرف خبر عن التاني يبلغه
عاد يوسف وروح إلى المنزل ولاحظ يوسف أن روح تتحدث عبر الرسائل بهاتفها فقال لها : هو إنتي بتكلمي مين؟
روح : آسر
يوسف : ليه؟
روح : عايزنا نتقابل بكره ضروري عشان نتكلم في الشغل
يوسف : هو أني هتفضلي عاملة توكيل ليه بالإدارة؟
روح : اه
يوسف : أنا شايف إن مبقاش ليه لزوم
روح : لولا إني عارفة إنك اتجوزتني من قبل ما تعرف أي حاجة عني كنت افتكرت إنك طمعان فيا
يوسف : وأنا هطمع فيكي ليه؟.... الحمد لله مش محتاج..... بس الفكرة إني شايف معاملتك ليه غريبة شوية.... يعني كنتي مهتمة وزعلانة عليه لما كان واقع في الأرض وعايزة تروحي تشوفيه ولما شفتيه النهاردة شفت ابتسامة على وشك مشفتهاش قبل كده
روح : آسر ده أخويا.... بابا اللي مربيه
يوسف : وأهله فين؟
روح : بابا لقاه في الشارع وكان عنده ٦ سنين ومش عارف مين أهله
يوسف : لقيط يعني
روح في صدمة : بلاش الألفاظ ديه هتخلي الناس تكرهك
يوسف : الناس ولا أنتي؟
روح : وأنا أكرهك ليه؟.... أنا مش بعرف أكره حد
يوسف : بتكرهي منار..... مش عارف ليه
كادت أن تقول له أن منار تحبه ولكن امتنعت فهو قالها صريحة لن اتركها تذهب بعيدًا عني فقالت : أنا عايزة أنام
يوسف : وأنا كمان.... تصبحي على خير
ظل يوسف في غرفته ولم يذهب إلى غرفة روح وعلى الرغم من أنه لم يستطع النوم إلا أنه أرغم نفسه على عدم الذهاب إليها وظل مستيقظ إلى وقت متأخر أما روح فكانت تبكي بشدة تقف حائرة لا تقوى على سؤاله ولا منعها من الاقتراب منه وشعرت بأن العلاقة بينهما أقوى من الصداقة كما قال مازن اليوم فمن المؤكد أنه يحبها.....