رواية قبلة على جبين الوهم الفصل الخامس
خرج من المكتب بدري، وراح قهوة صغيرة في الزمالك، قعد في الركن اللي بيحبّه، طلب قهوته، وفتح الملاحظات في موبايله.
كتب:أنا بدأت أتوه كنت داخل اللعبة وعارف أنا رايح فين.
كنت ناوي أوصلها للقمة وبعدين أرميها، عشان أبوها يحس بالوجع اللي خلاني أكبر بدمعة سودة على خد أمي.
بس هي مش لعبة.
هي بنت قلبها نظيف،
وكل مرة تضحكلي، بحس إني أنا اللي اتعرّيت.
جه له اتصال من كريم، صاحبه: رامي، إنت فين يا نجم؟ ليلتنا اللي فاتت ناقصة من غيرك.
مش فاضي، عندي شغل.
بقى يا راجل! شغل ولا حب؟
ساكت شوية لااااا بجد؟ هو انت وقعت؟
رامي قفل المكالمة من غير ما يرد.
هو كان دايمًا بيتحكّم، دايمًا بيمشي الناس على كيفه.
بس ليان، بخجلها، بحنيّتها، بخوفها.
خليته يحس إنه ضعيف بس لأول مرة مش رافض الإحساس ده.
لكن جواه صوت تاني، بيقول:افتكر هي بنت مين.
دي بنت الراجل اللي قتل أبوك من غير سكين.
الحب هنا مش ضعف بس ده خيانة لوجعك.
قام، شرب آخر رشفة قهوة، ومسح الملاحظة اللي كتبها.
لكن في قلبه الكلام لسه محفور.
ولما رجع البيت، لقى رسالة من ليان:بحبك لما تسكت، لأنك وانت ساكت بحس بيك أكتر.
ضحك وبعدين وشه اتشد، وضهره تقوّس قدام موبايله كأنه شايل جبل.
وقال بصوت واطي:يا ليان ما تستاهليش كل ده.
وفي يوم من الأيام ليان كانت قاعدة في أوضتها، النور مطفي، بس قلبها منور بالأسئلة.
فيه حاجة غلط، حاساها من فترة.
رامي بقى مشغول على طول، مش بيرد بسرعة زي زمان، ولما بتسأله عن حاجة، يضحك ويغيّر الموضوع.
ولمار؟
ما بقتش تيجي زي زمان، ولو جات، تبقى متوترة، تبص كتير في الموبايل، وتضحك فجأة من غير سبب.
ليان ما كانتش بتحب الشك، بس كانت بتحب الحقيقة أكتر… حتى لو وجعتها.
وفي يوم، وهي قاعدة جنب رامي في عربيته، رايحين فرح قريبتها، قال لها:ممكن تبقي تمسكي الموبايل وتشوفيلي العنوان على واتساب؟
حاضر.
فتحت الموبايل وراحت على واتساب وقبل ما تدور على العنوان، لمحت إشعار رسالة جاي من لمار .
ماكانتش ناوية تفتح بس الإشعار كان واضح من برّه:وحشتني ضحكتك ليان قالتلي إنها هتيجي الفرح متأخرة، يعني نلحق نضحك شوية من غير تمثيل .
الدنيا وقفت القلب وقع والنَفَس اتحبس في صدرها.
لكن رامي ماخدش باله كان بيركّز في الطريق، بيغني مع الأغنية اللي شغّالة.
ليان كانت ساكته لكن في عنيها كان فيه سيل وفي عقلها فيلم كامل بيتعرض.
وصلوا الفرح.
نزلت وهي ماشية جنبه، زي أي اتنين بيحبوا بعض، بس كل خطوة كانت تقيلة.
وفي الحمّام، قعدت تبص لنفسها في المراية…
وشّها باين عليه حاجات كتير: قهر، قرف، خيبة.
وبين صوت الضحك اللي جاي من برّا، وهي في عزّ الانهيار، بعتت لنفسها الرسالة من موبايله اللي كانت حافظاه من قبل.
فتحت موبايلها، لقت الرسالة جايه من رقمه:ليان قالتلي إنها هتيجي متأخرة يعني نلحق نضحك من غير تمثيل .
اتأكدت ما بقاش فيه شك.
الرسالة كفاية.
خرجت من الحمّام، شافت لمار واقفة بعيد، لابسة فستان فخم، وبتضحك وهي بتبص لرامي من بعيد.
وعينيهم، لما اتقابلوا كانوا بيتكلموا بلغة ما كانتش أبداً لغة الصداقة.
ليان ما واجهتش، ما صرختش،
بس عينيها واجهتهم، بصّت لهم، وهمّ الاتنين سكتوا لحظة.
كأنّهم شافوا شبح الندم قبل ما ييجي.
ومشيت وأول ما وصلت باب القاعة، خدت نَفَس كبير.
وقالت لنفسها: اللي بيننا مات بس أنا لسه عايشة.