رواية قبلة على جبين الوهم الفصل السادس 6 بقلم خضراء القحطاني


 رواية قبلة على جبين الوهم الفصل السادس 

سمير شاهين رجل خمسيني، له هيبة في الشغل وبين الناس، لكنه في البيت طاغية صامت. لا يمدّ يده، لكنه يهين بالكلمة، ينكّل بالنظرة، ويكسر الروح بالصوت الهادئ القاسي.
يكره الاعتراض، ويعتبر الطاعة حقًا لا نقاش فيه.
فريدة زوجته، سيدة في الأربعين من عمرها، كانت زمان مرحة ومثقفة، لكن سنين الزواج قتلت فيها الحماسة.
أصبحت صدى، ترد وتخدم وتُطأطئ رأسها، لكنها تكتب سرًا في دفتر صغير تخبّيه تحت وسادتها، تكتب عن وجعها وعن أيامها اللي ماحدّش عرفها.
لُجين 17 سنة ابنتهم الكبرى، شخصية متمردة في صمت، ذكية، حساسة، لكنها بتخاف من صوت أبوها حتى لما ما يكونش بيزعق.
تحلم إنها تهرب من البيت، تدرس فن أو تصميم، وتعيش حياتها على طريقتها.
جاسر 12 سنة الولد الوحيد، بدأ يتعلم من أبوه يقلده، يقلّ صوته، يتعامل مع أمه وأخته بنفس طريقته.
فريدة تحاول تحميه من التلوّث النفسي، لكنه بيبعد يوم بعد يوم.
يبدأ بموقف عادي جدًا: فريدة بتطلب من سمير يبدّل نغمة صوته قدام الولاد، لكنه بيرد بهدوء مخيف:ماذا كنتِ تسميني؟
سيدي سمير إذا لم تعجبك هذه الطريقة، فلا مانع لديّ من الإشارة إليك بما يناسب مزاجك.
وتضحك لجين من جوّاها بسخرية مرة حتى ماما بقيت تخاطبه زي موظفة عند مديرها.
نبدأ نكشف حياة فريدة من جوّا: الدفتر اللي بتكتب فيه ليلًا، فيه كل جمل الذل، كل المواقف اللي كانت فيها كأنها هواء شفاف لا يُرى.
ونكتشف إنها من زمان حاولت تهرب، لكنها كانت حامل، وضعيفة، وما كانش عندها مكان تروحه.
لُجين في المدرسة متميزة، لكن بتتعرض للتنمر بسبب تصرفات أبوها الصارمة اللي الكل سامع عنها.
تبدأ تكتب قصص قصيرة، عن بنات زيّها، بتخاف ترفع صوتها في بيتها.
وفي لحظة جرأة، تنشر قصة باسم مستعار على الإنترنت وتنتشر.
سمير يعرف بالقصة ويشك فيها ويبدأ التوتر.
في جلسة عائلية، يتكلم سمير عن المرأة اللي تنسى مكانها.
فريدة ترد عليه فجأة، ولأول مرة بصوت ثابت:فيه ستات فاكرين مكانهم في المطبخ لكن نسوا إن قلبهم مكانه في صدرهم، مش تحت رجلك.
والبيت يسكت.
جاسر يبص لأمه وكأنها غريبة.
لجين تدمع لكنها تبص لمامتها بإعجاب لأول مرة من سنين.
البيت كان ساكت.
فريدة في المطبخ بتغسل الصحون، ولُجين بتراجع في كشكولها على السفرة.
جاسر دخل صوته عالي، ومشيته متغطرسة، ماسك تابلت في إيده وبيزعق:ماما! قلتلك مية مرة ما تلمسي حاجتي! مين اللي حرّك التابلت من فوق الكنبة؟!
فريدة رفعت عينيها بهدوء: ما لمستش حاجة، يمكن إنت اللي ما ترديش عليا وانتِ غلطانة!
قاطعها بجفاف، بنفس نغمة صوته أبوه نفس النبرة اللي كانت بتخليها تحبس أنفاسها.
لُجين رفعت راسها وقالت بحزم: اهدى يا جاسر، ليه بتزعق لماما كده؟!
التفت لها، ووشّه اتغير، وشاف فيها تحدي،
فصاح: اسكتي إنتِ كمان، طول عمرك شايفة نفسك علينا، آخرك كتب ودوشة!
ورمى الكشكول بتاعها على الأرض.
في اللحظة دي، سمير كان واقف على باب الصالة.
واقف مكانه، ما تحرّكش.
شاف كل حاجة، سمع كل كلمة .
عينه على ابنه.
على نبرة صوته.
على طريقته في الكلام.
على الوش اللي اتلوى غضب، وعضلة الفك اللي اتشدّت بالظبط زيه زمان.
لكن الجديد؟
هو شاف فريدة وهي ما بتبصش بتطأطئ رأسها بنفس الطريقة اللي كانت بتعملها معاه.
وشاف لُجين وهي بترفع عينيها بتحدي وخوف في نفس اللحظة زي نظرة مراته من عشر سنين.
ولأول مرة، قلبه اتخضّ.
كأنه اتصفع على وشه بكلمة واحدة:هو ده اللي كنت بربّيه؟
ولا ده أنا في نسخة صغيرة؟
اتكلم صوته كان أوطى من العادي، لكنه مرعب:جاسر تعالى هنا.
الولد اتجمّد، فريدة بصت بسرعة ووشّها اتبدل.
نعم يا بابا؟
كرّرت كلامي تعالى هنا.
جاسر قرّب، وعينيه مليانة خوف مش فاهم سببه.
سمير قعد على الكنبة، وبصله:ليه زعقت لأمك؟
علشان علشان حرّكت التابلت.
وهل ده يديك حق تهينها؟
ما قصدتش.
هنا قالها سمير، بصوت واطي، لكن تقيل زي
الطلق: قصدت قصدت لأنك اتعلمت مني.
أنا علمتك إن الرجولة صُريخ وفرض وسيطرة.
وأنا اللي غلطت.
سكت شويه، ومسح وشّه، وقال وهو باصص
لفريدة: فريدة.أنا محتاج أتكلم معاكي مش كراجل البيت كراجل لسه بيحاول يتعلّم يبقى بني آدم.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1