رواية احفاد المحمدي الفصل الخامس 5 بقلم ساره ياسر

 

 

رواية احفاد المحمدي الفصل الخامس بقلم ساره ياسر


"اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، عدد ما كان وعدد ما يكون وعدد الحركات والسكون.
اللهم اجعل لنا مع كل بداية فصل سترًا، ومع كل مشهد خيرًا، ومع كل كلمة نورًا، وبارك لنا في أقدارنا، ولا تجعل في طريقنا إلا ما كتبت لنا فيه الخير.
{ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 10]"

****

كان الليل ساكن حوالين قصر المحمدي، والنجوم متفرقة في السما كأنها بتراقب أسرار أهل القصر في صمت.
ياسين واقف في بلكون جناحه، لابس قميص أبيض مفتوح أول زرارين وبنطلون أسود بسيط، شعره متلخبط شوية من نسمة الهوا الباردة.
سيجارة مولعة بين صوابعه، والدخان طالع منها ببطء، بيدوب مع نسمة الهوا.

عينيه كانت شاردة، مش بتبص قدامه، لكنها غرقانة في دوامة أسئلة، ووش البنت اللي شافها النهارده ما بيفارقوش...
إزاي وقفت قدامه بالجرأة دي؟ وإزاي أول مرة يحس بخبطة غريبة في قلبه من نظرة واحدة؟

سمع صوت خطوات هادية ورا ظهره...
لف بباله وهو عارف مين، دخل مراد، لابس بدلة بيت غامقة، إيديه في جيوبه، وعينه بتراقب أخوه الكبير بهدوء.

مراد قال بنبرة فيها هدوء ظاهر، لكن جواه كان بيدور:
"ياسين... من ساعة ما رجعنا وانت مش على بعضك... مين البنت دي؟"

ياسين خد نفس عميق من السيجارة، ورماه مع آخر نفس للدخان في الهوا، وبنظرة ثابتة قال:
"مش عارف... بس عرفت حاجة واحدة... إن الليلة دي كانت البداية... بداية لحاجة كبيرة... حاجة ما تعرفش هتودينا لفين."

مراد قرب، وسند على سور البلكونة جنبه:
"إحنا مستعدين لأي حاجة يا ياسين... المهم إنت تكون جاهز."

ياسين بص له بنظرة الأخ الكبير، نظرة قائد مش بيهتز، حتى لو جواه ملايين الأسئلة:
"أنا جاهز يا مراد... بس المرة دي، الحرب شكلها غير كل الحروب اللي عرفناها."

سكتوا لحظة... والهوا كان بيزود التوتر في الجو.
وفي اللحظة دي...
سمعوا صوت خطوات تقيلة جاية من جوه القصر...

طلع محمد المحمدي بنفسه، واقف قدام ولاده، ظهره مرفوع رغم السنين، عينه مليانة حكمة وتجارب الدنيا.
قال بصوته اللي بيهز القلوب:
"إنتو ولادي... ومافيش حاجة هتعدي علينا إلا واحنا سوا... واللي جاي، لو نار، هنتحملها مع بعض... ما تخافوش من اللي ما نعرفوش... الخوف عمره ما كان في دم المحمدي."

ياسين بص لجدّه بنظرة احترام وافتخار، وابتسامة هادية ظهرت خفيفة على وشه، كأن كلماته كانت البلسم اللي محتاجه قلبه.
مراد قال بنبرة أهدى:
"حقك علينا يا جدي... إحنا طول عمرنا متعودين نتحرك بشجاعة، بس ساعات القلق بيغلب الواحد، خصوصًا لما اللي جاي مجهول."

محمد المحمدي قرب منهم، مد إيده، وربت على كتف ياسين بقوة الأب والجد:
"إحنا بنواجه المجهول بإيماننا، وبعقولنا اللي عمرها ما خانتنا... اللي جاي يمكن يكون أصعب فعلاً... بس إحنا قدّه... والمحمدي ما بينحنيش إلا لربنا."

في اللحظة دي...
خرجت زينب الجدة، لابسة عباية بيت بسيطة، طرحتها مغطية شعرها، لكن عيونها بتلمع بالقلق والحنان.
وقفت جنب جوزها، وبصتلهم كلهم:
"أنا مش عايزة غير أشوفكم دايمًا كده... سوا... القصر ده ما ينور إلا بوجودكم مع بعض... واللي في قلبكم، قولوه لبعض... الضعف مش في إننا نخاف... الضعف في إننا نخبي خوفنا عن اللي بيحبونا."

سادت لحظة صمت...
الهوا كان بيحرّك شجر الجنينة، وصوت العصافير الخافت بيقول إن لسه في خير في الدنيا دي.

محمد مسح على راس زينب بحنية، وقال لها بصوت كله دفا:
"طول ما إنتي جنبي، الدنيا بخير يا زينب... والبيت ده عمره ما يتهد طول ما إنتي عموده."

زينب ابتسمت، ودمعة فرح خرجت غصب عنها:
"وربنا ما يحرمني منكم... ولا من لمّة المحمدي اللي بتحيي القلب."

مراد شد نفسه شوية، وقال وهو بيبص لإخوته:
"إحنا لازم نتحرك، في شغل بكرة... وفي أسئلة لازم نلاقي لها إجابة... واللي بدأ النهاردة، مش هينتهي إلا لما نكسبه."

ياسين أخد نفس عميق، وبص للكل بنظرة قائدهم:
"وأنا أولكم... ومافيش حاجة هتمنعنا نوصل للي عايزينه."

****

في الوقت اللي كان فيه قصر المحمدي هادي وملفوف بنسمة ليل دافية، في فيلا الألفي كان رأفت قاعد لوحده في الجنينة، بعد ما بناته دخلوا يجهزوا عشاهم.
الهوا كان بيحرّك شجرة الياسمين، وريحة الورد مالية المكان... لكنه رغم الجمال ده، كان قلبه مش مرتاح.

رفع عينه للسماء، شاف القمر بنوره الناعم، وهمس لنفسه: "يارب... استرها عليهم... سلمى بالذات، قلبي مش مطمن... البت دي حِملها أكبر من عمرها."

قبل ما يكمل خواطره، خرجت ملك، شعرها مربوط بسرعة، عيونها فيها شوية نعاس وشوية قلق: "بابا... متأخر كده وقاعد لوحدك ليه؟ الجو بقى برد."

ابتسم لها بحنان، وقال: "جاي يا حبيبتي... كنت بس باخد نفس شوية."

ملك قربت منه، مسكت إيده بإيدها الصغيرة، وقالت بنبرة دافية: "تعالى جوا... وساعتها خد نَفَسك وانت وسطنا."

قام معاها، خطواته تقيلة من التعب، لكن قلبه خفيف من لمسة بنته.
دخلوا الفيلا، والدفا كان مالي المكان، ريحة الأكل الطيب جاية من المطبخ، وليلى بتغني أغنية قديمة بصوت واطي وهي بتوضب السفرة، وجودي بتراجع شوية ورق في إيدها.

رأفت قعد على الكرسي، وبص عليهم، وقال: "ربنا يخليكم ليا يا بناتي... إنتو نعمة من ربنا."

ملك ضحكت وقالت: "وإحنا عندنا أحلى أب في الدنيا."

لكن قبل ما الكلام يكمل...
رن جرس الباب.

ليلى بصت باستغراب: "في حد بييجي عندنا في الوقت ده؟"

رأفت قام بهدوء، وقال: "أنا هفتح... خليكم هنا."

فتح الباب...
وكانت المفاجأة.

وجه غريب، شاب في أوائل الثلاثينات، طويل، ملامحه رجولية، عينه فيها لمعة مش مفهومة بين الجد والخطر.
كان لابس بدلة شيك لكنها بسيطة، ووشه عليه غبار السفر.

قال بنبرة هادية لكنها تقيلة بالمعنى: "مساء الخير... أنا آسر... ابن عمتكم... وجاي من بعيد أهو... والقدر قرر يجمعنا."

رأفت اتفاجئ للحظة، وبعدين اتسعت ابتسامته، وخده بالحضن: "نور البيت يا ولد أختي... خش يا بني خش... دي ليلة كلها خير."

آسر دخل، عينه مسحت المكان بسرعة، ومن بعيد شاف لمحة من سلمى وهي طالعة من فوق، وشعرها سايب وعيونها مستغربة مين الضيف.

وهنا...
وأهو القدر كان بيكتب أول سطر في حكاية جديدة...
بين آسر... وسلمي.

آسر خطى جوه الفيلا، وعيونه كانت بتلقط التفاصيل بعين خبيرة... كأن الليلة دي مش مجرد زيارة عيلة، دي بداية مشوار مرسوم له من زمان.

جلس جنب رأفت، والدفا انتشر مع كلامهم البسيط، لكنه كان بيرمي نظرات سريعة من طرف عينه ناحية السلم، كأنه بيستنى تاني يشوف اللمحة اللي شافها فوق.

وسبحان الله...
سلمى نزلت، بهدوء البنت اللي مش عارفة تقرر تنزل ولا تسيبهم، شعرها نازل على ضهرها، عيونها فيها استغراب وخجل، وملامحها فيها البراءة ممزوجة بقوة البنات اللي اتربوا على الكرامة.

آسر، أول ما شافها، عينه سكنت عليها لحظة...
لحظة طويلة كفاية إنها تحفر في قلبه أول علامة.
ما نطقش، لكنه جواه قال بصمت:
"وأهو... لقيت اللي كان ناقص الحكاية."

سلمى بصت له، حسّت بنظراته، وارتبكت، لكنها بسرعة عدلت وقفتها وقالت بأدب: "أهلاً وسهلاً."

آسر ابتسم ابتسامة خفيفة، فيها وقار، وقال بنبرة هادية: "الشرف لي والله."

رأفت ضحك وقال: "أهو اتعرفتوا خلاص... والليلة ليلة خير."

وكانت ليلة فعلاً، بس خيرها مخبي وراها ألف حكاية ولسه البداية...
في الوقت اللي كان فيه في قصر المحمدي، زين واقف قدام شاشة المراقبة، وعينه على حاجة مش واضحة...
وجاسر بيشحن سلاحه بصمت، كأنهم بيستعدوا للي جاي.

والليل...
كان بيفرش ستاره على أسرار هتتفتح، وقلوب هتتعلق، وحروب هتبدأ.

فضلت الأجواء في فيلا الألفي دافية وبسيطة، آسر قاعد بيتبادل الكلام مع رأفت، وليلى وملك قاعدين على جنب، بيحاولوا يكتموا ابتسامتهم على نظرات آسر اللي مش قادر يخفي اهتمامه.

سلمى كانت بتحاول تشغل نفسها بأي حاجة، كل شوية تقوم تمسك كوباية، ترتب حاجة، بس الحقيقة إنها ما كانتش مرتاحة لنظرات آسر... مش عشان مش عجباها، لا، عشان قلبها دق بطريقة غريبة، أول مرة تحسها.

آسر لاحظ ارتباكها، لكن فضل محافظ على هدوءه، وما زادش في كلامه، لأنه عارف إن اللي جاي محتاج صبر...
"البداية لازم تكون ذكية"، ده اللي كان بيقوله عقله، لكن قلبه كان بيغني لحن تاني.

وفي اللحظة دي، رن موبايل رأفت...
بص فيه، وجهه شد شوية، وقال بنبرة فيها قلق خفي: "استأذنكم لحظة."

خرج من الترابيزة، وآسر عينه اتعلقت عليه، حس إن فيه حاجة مش عادية في المكالمة.

أما في قصر المحمدي...
كان الجد محمد المحمدي قاعد في مكتب قديم من خشب الجوز، ووشه مليان وقار وخبرة سنين، قدامه ملف كبير مفتوح، وزين وجاسر واقفين، وكل واحد فيهم بيحمل همّ ما بيتقالش.

محمد رفع عينه وقال بنبرة تقيلة: "اللي بيحصل حوالينا مش صدفة... ولازم نفوق قبل ما النار توصل لينا."

زين قال بهدوء، لكنه مليان نذر: "إحنا صاحيين يا جدي... ولسه الخير في الساكت."

جاسر شد على سلاحه، وقال بصوت خافت: "اللي هيقرب... هيندم."

محمد ابتسم ابتسامة حزينة، وقال: "بس أنا خايف عليكم من نفسكم... القسوة لما تزيد، بتكسر صاحبها قبل عدوه."

وكان الصمت هو اللي ختم الكلام... صمت فيه ألف معنى، وألف خوف على اللي جاي.

والليل كان بيغطي البلد، والدنيا بتجهز لموجة جديدة من الأحداث...
كل واحد فيهم في طريقه، وكل قلب فيهم بينبض بحكاية...
وإحنا واقفين على باب فصل جديد... فصل هيغير ملامح اللعبة كلها.

****

في صباح جديد، كانت ملك الألفي خارجة من بيتهم، لابسة جيبة جينز بسيطة وبلوزة بيضاء، شعرها سايب بنعومة، عيونها مركزة في دفاتر المعمار اللي في إيديها. كان هدفها توصل لمكتب المقاولات اللي بتتعامل معاه عشان مشروعها الصغير.

الدنيا زحمة والشارع مليان ناس، لكن القدر كان بيجهز لحظة غريبة...
وهي ماشية بسرعة، خبطت فيها بالصدفة كتف حد كان خارج من باب شركة كبيرة، الملفات وقعت من إيديها، وهي اتلخبطت تمامًا.

رفعت وشها بسرعة، تلمح شاب طويل، جسمه رياضي، بدلة سودة شيك جدًا، شعره بني غامق، وعينه السودا كانت بتبص لها بنظرة استغراب الأول، وبعدين ابتسم ابتسامة خفيفة، فيها ذوق، بس كمان ثقة.

جاسر المحمدي...

قال بصوت هادي لكن فيه قوة: "معلش... أنا السبب."

وانحنى يلمّ معاها الملفات، وهي مش عارفة تقول إيه، ارتبكت، لكنها شكرته: "لا لا... أنا اللي ماشية من غير ما أشوف قدامي... شكراً."

هو سلّمها الملفات، وعينه كانت بتتعلق بنظرتها، فيها حاجة شدت قلبه من أول لحظة. لكنه قال بنبرة وقورة: "خدي بالك من نفسك... الدنيا مش مستاهلة العجلة."

ابتسم ابتسامة صغيرة، ومشى... بس قلبه كان بيقول: "مين البنت دي؟ وليه حسيت إني لازم أعرف عنها أكتر؟"

أما ملك... وقفت لحظة، قلبها بيتحرك بسرعة، ولسان حالها بيقول:
"هو مين الشاب ده؟ نظراته مش عادية... وابتسامته ليها معنى."

ومشت تكمل طريقها... لكن اللحظة دي كانت شرارة... شرارة بين طرفين كانوا فاكرين إنهم بعيد... والقدر بيقربهم.

ملك حاولت ترجع تركيزها، لكنها كل شوية عينيها ترجع تتخيل ملامحه... النظرة اللي في عينه، وصوته الهادي اللي فيه قوة خلت قلبها يدق غصب عنها.

وصلت لمكتب المقاولات، لكن دماغها كانت سرحانة، حتى المهندس اللي بيشرح لها خطة التوسيع، كلامه كان بيدخل من ودن ويخرج من التانية.

أما جاسر... كان واقف عند عربيته، ماسك بابها، لكنه اتأخر إنه يركب.
عقله بيرجع يعيد اللحظة، نظرة البنت اللي خبط فيها، ابتسامتها البريئة، ارتباكها الجميل، وطريقتها البسيطة... حاجة فيها مش شبه البنات اللي بيشوفهم كل يوم.

ركب العربية أخيرًا، لكنه قبل ما يشغل الموتور، رفع الموبايل، طلب رقمه الخاص، وكلم الحرس: "عايز أسمع عن بنت شابة، كانت ماشية الصبح قدام الشركة، شعرها أسود، عيونها سودا... عايز أعرف مين دي... بسرعة."

وقفل التليفون، ومسح على وشه، كأنه بيحاول يطفي الشعور الجديد اللي تسلل لقلبه فجأة.

قال لنفسه بصوت واطي: "غريبة... أول مرة حاجة تهزني كده."

في نفس الوقت، ملك خرجت من المكتب، وقفت تاخد نفس عميق... نسمة هوا عليلة عدّت عليها، لكن معاها عدّى نفس الإحساس الغريب اللي حس بيه جاسر... كأن القدر بيقول: اللعبة ابتدت.

رفعت عينيها للسماء، والابتسامة لمعت على شفايفها، وقالت جواها: "يا ترى هشوفه تاني؟"

****

ملك رجعت البيت، كانت بتحاول تبان طبيعية قدام باباها وأخواتها، لكن في شرود بسيط في عينيها ما كانش بيعدي على ليلى.
ليلى قربت منها، لمحت في ملامحها حاجة مش معتادة، وقالت بنغمة فيها شوية دلال أخت كده:
"مالك يا ملك؟ داخلة علينا ووشك فيه سُرحة كأنك شفت عفريت ولا ملاك؟"

ملك حاولت تضحك، وهزت راسها:
"مفيش... يمكن من الزحمة، أو تعبت شوية من الشغل."

لكن ليلى ما سابتش الفرصة، غمزتلها وقالت:
"ولا يمكن قابلتي فارس الأحلام في الطريق؟"

ملك اتكسفت، وعيونها هربت من نظرة ليلى، وده كان كفاية يخلي أختها تقرأ الحقيقة.

****

في نفس اللحظة في قصر المحمدي...
جاسر واقف في أوضة المراقبة، وشاشة قدامه بتعرض تسجيلات كاميرات الشركة.
وقف عند لحظة مرور ملك، شاف ملامحها واضحة، وقلبه خبط غصب عنه.

دخل عليه زين، كان في إيده كوب قهوة، وقال وهو بيقرب:
"بتراجع تسجيلات ليه؟ في حاجة شاغلاك؟"

جاسر اتشد، وخد نفس عميق، وقال بنبرة رخيمة:
"مجرد تأمين... حاجة في بالي."

زين ضحك ضحكة خفيفة، قال وهو بيبص في الشاشة:
"أو يمكن حد شاغل بالك... ما شاء الله، دي حتى الكاميرات اتشغلت لحسابها!"

جاسر بصله بنظرة جدية، لكنه ما قدرش يخفي لمعة العيون: "يمكن... ويمكن اللعبة بدأت من غير ما إحنا ناخد بالنا."

**

وفي جناح الجد والجدة، كانت زينب قاعدة بتطرّز شال جديد، ومحمد بيقلب في جريدة.
زينب رفعت عينيها وقالت بهدوء:
"حاسه يا محمد إن ولادنا هيجري عليهم وقت... وقلوبهم هتتجرب. وكل واحد فيهم هيتعلم يعني إيه قلبه يدق."

محمد ابتسم، بص لها وقال:
"لو ده حصل... يبقى الدنيا لسه بخير."

وهنا... نسي الريح ياخد سره، وساب أول لمحة من لعبة الأقدار...
لأن في طريق المحمدي والألفي، الخيوط ابتدت تتشد، ولسه المفاجآت جاية!

****

ليل القصرين نزل بهدوء...
في فيلا الألفي، كانت ملك واقفة عند شباك أوضتها، الهوا يلعب في شعرها، وعينها سرحانة في السما.
قلبها بيرجع يعيد نفس اللحظة: النظرة اللي شافتها، وملامح مهابته اللي سابت أثرها فيها.
همست لنفسها:
"إيه اللي حصللي؟ وليه قلبي بيدق كده؟"

وفي قصر المحمدي...
جاسر واقف قدام الشباك الكبير في جناحه، عينه بعيدة في الضلمة، لكنها شايفة ملامح بنت عدت زي نسمة...
شد نفس عميق وقال بينه وبين نفسه:
"إيه السحر ده؟!"

وفي نفس الوقت، ياسين كان واقف في مكتب جده مع مراد وزين وجاسر، والجد والجدة قاعدين.
محمد المحمدي قال بصوته العميق:
"يا ولادي... الدنيا دي لعبة كبيرة. ووقت الجد، مافيش غير العيلة اللي تسند وتشد الظهر."

زينب لمت طرحتها، وبصت لهم بعين أم مليانة دعاء:
"ربنا يحفظكم... ويهدي قلوبكم للحق."

مراد بص لإخوته وقال بنبرة هادية لكنها مليانة معنى:
"إحنا قد اللعبة دي... واللي جاي هيثبت مين أقوى."

وكل واحد فيهم كان جواه صوت خفي بيقول...
"واللي جاي... هيفرق."


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات