رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل الخامس
منذ أكثر من عام، اتصلت بها عندما عادت إلى البلاد، لم ترها منذ أكثر من عشر سنوات، ولا تعرف كيف أصبحت الآن.
شاهدت سارة الفيلّا الفاخرة ويبدو أنها عاشت حياة جيدة خلال السنوات الماضية.
بعد توضيح هدفها، قادها الخدم إلى غرفة الجلوس، حيث جلست سيدة أنيقة وجميلة، كما في ذاكرتها.
"يا سارة." نظرت إليها بعينيها الجميلتين.
لكن سارة لم تستطع بأي شكلٍ من الأشكال مناداتها بـ "أمي".
نور غادرت عندما كانت سارة في الثامنة من عمرها. كان ذلك يوم عيد ميلاد رشيد. عادت سارة إلى المنزل مملوءة بالفرح استعدادًا للاحتفال بعيد ميلاد والدها، ولكن ما استقبلته كان ورقة الطلاق من والديها.
سارة سقطت على الدرج وهي تتدحرج، ولم تكن تشعر بشيء حتى بعدما سقطت حذاؤها. كانت تتشبث برجلي نور وتصرخ: "أمي، لا تذهبي!"
لمست المرأة
النبيلة وجه سارة الطفولي وقالت: "أنا آسفة."
"يا أمي قد حصلت على أعلى درجة في الصف، ألم ترَ ورقتي بعد، تحتاج إلى توقيع الوالدين."
"يا أمي، لا تتركيني، سأكون مطيعة، أعدك بأنني لن أذهب إلى الملاهي مجددًا، لن أُغضبكِ مُجددًا، سأُحسن التصرُف، أرجوك..."
كانت تُعبر عن حزنها وقلقها وتأمل أن تبقى المرأة معها، لكن نور أخبرتها أن زواجها من والدها لم يكن سعيدًا، وأنها الآن وجدت سعادتها الحقيقية.
رأت سارة رجُلًا غريبًا يضع حقيبة السفر في السيارة، ثم رحلا مُتشابكي الأيدي.
لاحقتها القدمين لمسافة مئات الأمتار حتى سقطت بشدة على الأرض وجرحت ركبتيها وراحة يديها. نظرت بذهول إلى السيارة التي ابتعدت عنها ولا يمكنها اللحاق بها.
في ذلك الوقت، لم تفهم لماذا، لكن عندما كبرت، وعندما اكتشف الأمر، طلبت الطلاق وخرجت بلا
أي ممتلكات، بما في ذلك ابنتها.
تدمر كل شيء استمرت سارة في كرهها لسنوات حتى أنها اعتقدت أنها لن تلتقي بها مجددًا.
ولكن القدر كان ساخرًا، ففي النهاية وجدت نفسها مضطرة لطلب العون منها.
كان حلقها مكتظًا، ووقفت بلا حراك. كانت نور على دراية بمشاعرها فنهضت لتجلس بجانبها.
"أعلم أنكِ تكرهينني، في ذلك الوقت كنتِ صغيرة جدًا وكان هناك أشياء كثيرة لا يمكنكِ فهمها، فلم أتمكن من تفسيرها لكِ."
مسحت نور وجه سارة برفق، "إن ابنتي كبرت، يا عزيزتي سأستقر هنا في الوطن، وأعلم أن عائلة رشيد تواجه مشاكل و لكن لا داعي للقلق فـأنا سأعتني بكِ جيدًا."
فهمت سارة أن مشاعر الكراهية لا تساوي شيئًا أمام كلمة "أمي"، وتوقفت عن التنفس قائلةً "أمي."
"يا فتاتي المُطيعة، ابق لتناول العشاء، خلال هذه السنوات كان عمكِ يوسف لطيفًا معي، لديه ابنة
أكبر منك بسنتين، ستأتي مع خطيبها لتناول العشاء، سأقدمكِ إليهم."
لم يكن لدى سارة أي نية للاندماج في عائلتها الجديدة، وقطعت حديث نور بسرعة، "يا أمي، جئت هنا بسبب قضية أبي. فأنتِ تعرفين أن عائلة رشيد قد أفلست، ووالدي الآن يعاني من أزمةٍ قلبية، ولا أستطيع تدبير تكلفة العملية.
هل يمكنك مساعدتي؟ أعدك أنني سأرد لكِ المال."
قبل أن تجيب نور، سمعت سارة صوتًا مألوفًا: "يا سيدة سارة، يبدو أنكِ في حاجة ماسة للمال، حتى أنكِ جئت إلى منزلي تطلبينه."
صُدمت سارة عندما رأت الأشخاص الذين دخلوا من الباب، كانوا صفاء وأحمد.
القدر قدم لها مرة أخرى مزحة قاسية، فلم تكْن تتوقع أن أُمها قد أصبحت زوجة أب لصفاء، ويبدو أن زوجها أصبح قريبًا لأمها.
كما أن طلبها المال من والدتها قد تم كشفه من قبل صفاء وأحمد.
لاحظ أحمد سارة وهي في حالة
من القلق، لكنه اكتفى بالنظر إليها بصمت.
"أووو"...