رواية منيفة الفصل الخامس 5 بقلم فاطمه النعيمي

 

رواية منيفة الفصل الخامس بقلم فاطمه النعيمي



أَرى كُلَّ مَعشوقَينِ غَيري وَغَيرُها
يِلذّانِ في الدُنيا وَيَغتَبِطانِ
وَأَمشي وَتَمشي في البِلادِ كَأَنَّنا
أَسيرانِ لِلأَعداءِ مُرتَهَنانِ
أُصَلّي فَأَبكي في الصَلاةِ لِذِكرِها
لِيَ الوَيلُ مِمّا يَكتُبُ المَلَكانِ
ضَمِنتُ لَها أَن لا أُهيمَ بِغَيرِها
وَقَد وَثِقَت مِنّي بِغَيرِ ضَمانِ(1)

لم تعرف منيفة كيف مضت تلك الايام 
مسرعة رغم مرارتها،
ربما لانها كانت لاتريد ان ينتهي الشتاء ابدا،
 ولكن الزمن لايخضع لأماني الناس
رحل الشتاء بكل احزانه،
 وحل الربيع ببهرجه ولبست الارض ثوبها الاخضر المطرز بكل انواع الزهور
لكن القلوب الحزينة لاترى الجمال في اي شيء

للحزن ايديٍ خفية تقبض على النفس وتغلق
عيون الروح فلاترى غير الهموم مخيمة في الافق
فتحجب كل جمال الدنيا عن الحزين
فالحزن كالمرض العضال،
يغير حتى كيمياء الجسم ،
فيتغير طعم الاشياء ويصبح 
كل شي باهت لاطعم ولا لون له،

كانت منيفة خلال الأشهر الثلاث الماضية صامدة كالجبال لم تهزمها مشاعرها لحظة
لكنها لم تعد تجلس مع احد من اسرتها
كلما ناداها والدها تحججت بالعمل،
وكانت تعمل فعلا
لم تترك شيء الا وعملته،
افرغت جميع الوسائد،
 ونفشت صوفهن وغسلت وجوههن
 واعادت حشوهن بالصوف،
نزعت وجوه الالحف وكذلك جميع فراش البيت
وغسلته،
غزلت صوف النعاج المخزن في احد الغرف،
كانت تجلس في غرفة المؤونة،
وتنام فيها لم تعد تختلط باحد،

كلما سالتها امها 
-ليش ما تاكلين معانا ؟
تقول
- آني مشغولة اريد اخلص كل شغل البيت 
گبل ما اروح وتضلين وحدچ،

كانت امها تقف عند باب المخزن تتنصت عليها 
لعلها تسمع منيفة تبكي،
كي تشعر ان ابنتها بخير ،
فالبكاء يريح النفس المعذبة
لكن منيفة لم تبكي
ذات يوم دخلت أمها اليها 
وقالت لها زاجرة

-منيفة أنتي من شنو خلگج ربچ؟
من حديد؟!!!!!
لو من حجر......
أبچي يمنيفة ...
ابچي يمة حتى لاتنفجرين ،
ابچي حتى ترتاحين،

رفعت راسها الى امها وسالتها بجمود عجيب قائلة

-ليش ابچي؟....
واش راح يفيد البچي يمة؟...
اشگد بچيتي على جدي لمن توفى
هم فاد البچي ورجع جدي

جلست امها امامها وقالت
وهي تبكي
-منيفة يمة ابچي،
اني خايفة عليچ ....
خايفة يصير بيچ شي

ردت منيفة 

-لاتخافين اني اختاريت مصيري،
ويكفيني اشوف ابوية واخوية الوحيد.... بخير 
ماتدرين ......
اشكد چان يموت من ربعنا...ومن اهلي....
لو ماگبلت ،
يمة شنهو عيشتي بحضن حاتم....
واني اشوف نساوينا ارامل...
وجهالنا ايتام
يمة باب الشر اذا انفتح ماينسد بالهين...
وهذا جزاتنا .....
عبن كلنا سكتنا لمن ذنون اخذ مزنة ،
لو انتي او ابوية وگفتو بوجهو،
يمچن چان هالشي ماصار
والي صار صار وانتهى كلشي....
مابعد يفيد....
لاحچي ولابچي،

اما حاتم فلم يدخل بيت السيد احمد ابدا
بل كان هو وذنون يجلسان على الشاطيء
ويتحدثان عن لوعتيهما 
حتى انتهى كل كلام يقال،

ذات يوم قال حاتم لذنون

-ماراح اتزوج ابدا راح اتانيها....
وراح ترجع اني متوكد من هالشي....
وراح انتجوز.....

رد عليه ذنون وقال 

-والله اني ما اريد شوفة وجهها....
هي الي دمرتني بشرطها ذاك،

صرخ به حاتم قائلا

-هية الي دمرتك لو انت الي دمرتها ها؟
دمرتها ودمرتني
يكفي ياذنون يكفي يرحم والديك
منيفة فدتك وفدتني
وفدت الكل بنفسها 
وانت السبب 
انت الي جبتلنا ذيچ الدايحة للبيت غصبا عنا كلنا
وعشت معاها مثل الاعمى.....
تدري چم نوبة شفتها مع فليح وجويسم وخويلد النجس
أتختل هين وهين؟
وهي على ذمتك،
ولمن چنت اگول لمنيفة تگلي
-دير بالك تگول لذنون،
خليه متونس بيها
لكن ياذنون.....
انت ماتكره منيفة عالمود شرطها لااااا والله
انت تكره منيفة ....
عبنها احسن منك ،
عبنها ارجل منك......
والله لو انت بمكانها فلا تسوي الي سوتو هية
وتنطي نفسك حتى غيرك يعيش....

صمت ذنون لكن قلبه كان يغلي قهرا من منيفة
فمنيفة حرمته من حب حياته،
مزنة تلك الفتاة التي،
ما ان خرجت من بيته،
حتى بدأت بعلاقة حب جديدة،
و كانت اخبارها تصل لذنون،
فيكاد ان يقتل منيفة من شدة قهره
لكن حاتم تركه وابتعد عنه...
ولم يرى ذنون حقيقة مزنة بكل قبحها 
ولم يرى أخته منيفة بكل شهامتها وأصالتها
فبعض البشر يرى من خلال رغباته فقط
وهذا اشد درجات العمى،

...........

وجاء ذلك اليوم اخيرا....
ذلك اليوم الذي سترحل به منيفة
في صباح اليوم الذي سبقه...

جاء دحام الى بيت سيد احمد
وقف عند الباب ولم يدخل
وقال

-يا أبو ذنون گول لمنيفة باچر من الصبح نجي ناخذها 
خلها تجهز روحها

رد ابو ذنون بقهر حاول كتمها

-ان شاء الله
ورجع دحام الى اهله وسيد احمد يراقبه وهو واقف على الجرف يعبر النهر
وما ان عبر دحام حتى ذهب سيد احمد
الى البستان يبحث عن حاتم ولم يجده كان حاتم قد نزل للموصل مع خضار بستانه ليبيعه ويرجع نهاية النهار
فقال لشريك حاتم

-اذا رجع حاتم گلو ابو ذنون يريدك

في مساء تلك الليلة جاء حاتم الى عمه يركض
واخبره ابو ذنون بالخبر
حين سمع حاتم بهذا الامر شعر كأنه يساق للاعدام،
قال له سيد احمد

-مگدر اتحمل هالامر ياحاتم
اخذها وانهزم بيها هي وذنون
وشيصير خل يصير
خرج حاتم من غرفة الضيوف مسرعا
واتجه الى عمته يسالها 

-وين منيفة؟

قالت له وهي تمسح دموعها

-هي ساجنة نفسها بالمخزن هاي ثلت اشهر....
ماطلعت منو بس لمن تغسل هدوم بالحوش
روح واحچي معاها ...
بلچي بس تبچي ويبرد گلبها

طرق حاتم عليها الباب
ودفعه ودخل...

فزت منيفة واقفة وعينيها الواسعتين قد تجمدتا حين راته امامها وقد دخل واغلق الباب
وقال لها....

-منيفة باچر راح يجون ياخذوچ....
اسمعيني....
نحنا نگدر ننهزم....
اني وانتي وذنون...
وابوچ وامچ يلحگونا بعدين....
عگب مانلگيلنا ديرة ونگعد ....
اسمعي اني عندي فلوس چثيرة .......
جمعتها وچنت اريد اسويلچ عرس ماصار بهل ديرة،
گولي اي.....
وجهزي نفسچ ونمشي....
بعد غياب الشمس......
باول الليل وراح نروح مشي سريع......
الما نبعد چثير عن كل القرى الجريبة منا ....

وكتها اول سيارة تمر من يمنا نطلع بيها ..
ومانركب سيارات النقل نركب سيارات المخضر
حتى اذا نشدو علينا اهل سيارات النقل مايلكون جواب

ومانگف الا نصل الموصل....
الموصل چبيرة ونكدر انضيع بيها ....
واذا شفنا الموصل مو أمان.....
نروح لبغداد،
اسمعي مني وخل ننهزم اش گلتي؟

كانت منيفة ترتجف كأنها محمومة عيناها مفتوحتان على سعتهما لم ترمش حتى
بل وقفت تنظر لحاتم كأنها تحاول ان تخزن صورته في عقلها لأيامها القادمة

كأنها تصارع نفسها كي تصمد أمامه
ولاتنهار وهي تسمعه وتتخيل طريقهم للهروب خطوة خطوة
لكنها كانت جامدة،
فهي قد صمدت خلال الثلاثة اشهر الماضية ولم تنزل حتى لجنتها خوفا ان تراه فتخونها عزيمتها

قال لها حاتم 

-ها منيفة اش گلتي گولي بساع
اروح اجمع فلوسي وغراضي ونمشي؟

لم تنطق......
لكن دمعتين كبيرتين هطلتا من عينيها....
كأنهما صخرتين سقطتها من حافة سد عظيم....
انفجر
ونزلت دموعها سيول جارفة 
وقالت من بين الدموع 

-اطلع يا حاتم أطلع...
ما اروح لاي مكان...
انت نسيت انهم گضبو عجدي على زيدان....
آني حرمة مرت رجال اشلون انهزم معاك.....
اشبيك 
اشبيك انت ماتعرف نفسك اش جعد تحجي

اني ما اروح واكسر..... 

(وابتلعت ريقها مع دموعها)

واكسر ابوية جدام الرجال 

صرخ بها حاتم وقال

-ابوچ هو الي چان يقنعني اخذچ..
وانهزم بيچ گبل شوية

اسمعيني اسمعيني وكومي ننجد برواحنا
من هالمصير الاسود
اتعرفين شنو فصلية؟
فصلية يعني عبدة مملوكة
والله ابوچ هو الي گلي...
گلي اخذها وانهزم بيها ...
وخلهم يذبحوني ولا ارزل بنتي هالرزالة
ردت عليه وهي تنشج وانفاسها تتقطع متلاحقة
وقالت
-اني ادري ليش ابوية گلگ هالشي
عبن يحبني ...
ويخاف عليا ....
عبني مثل روحو.....
اني ادري بهل شي..

لكن اني الي ما اگبل اكسر ابوية ....
واكسر نفسي.....
جدام الشيخ ابو مجحم
اني گلت للشيخ طالبهم واني بضهرك...
اشلون اكسر بنفسي...
واطلع عجية مو كد كلمتي...

رد عليها بتوسل وقال

-منيفة يابعد عمري لاتذبحينا...
اني والله فلانمت بهل ثلت اشهر غير غفوات....
كلما اغفي اصحى من النوم على دموعي....
يولي خل ننجد برواحنا 
تعالي نروح يامنيفة.....
انتي روحي يولي راح تذبحيني،

شعرت ان قوتها ستنهار حين غص حاتم بالدموع 
وخافت ان تتنازل لهذا صرخت به قائلة

-ما راح اطلع...
وراح اروح واتجوز زيدان.....
وانتهى الموضوع 
روح وتجوز انت هم وعيش حياتك

وتقدمت منه ودفعته وفتحت الباب واخرجته خارجا واغلقت الباب خلفه وهي تصرخ به

- روح تجوز وعيش حياتك اني امري انتهى

صرخ بها من خلف الباب قائلا 

-والله وتالله وبالله فلا اصير غير لمنيفة وتحرم عليا النسوان للموت...

فجلست خلف الباب وبدأت تضرب،
نفسها ضربات متتالية...
ضربت نفسها لتشغل دماغها... بتعذيب بدنها ...
كي ينشغل عن تعذيب روحها...
التي تمزقت من القهر
كانت تضرب نفسها وتردد
بصوت عالي ليسمعها حاتم

-ما اطلع ما اروح لاي مكان...
وراح اروح فصلية وما اكسر...

ابوية ......
وامي ....
واخليهم شرايد بين الناس 
والكل ايتعوذون منا 

ما اصير .......
مثل القرچية.....
كل يوم بديرة،
ما اصير ......
مثل العبيد الي ماعدهم كلمة،
آني ......آني.....
گلت للشيخ طالبهم واني بضهرك ،
واني ما اخون كلمتي...
ما اخون كلمتي لو ذبحني حبك
ماكو حب يعيش بگلب وحدة.....
وحدة خايسة ماعدها كلمة شرف
خل هالسالفة ابالك ولاتنساها...
الي ماعدها كلمة شرف
ماعدها شرف....
ياحاتم واني والله الشريفة بنت الأشراف

صرخ حاتم بكل صوته وهو واقف خلف الباب
-احبچ يابنت گلبي احبچ وماليا حياة من غيرچ
والله فلاعيني تشوف مرا غيرچ واشهدو عليا ياناس
ياناس ياناس
وخرج يصرخ ويضرب نفسه ويركض كالمجنون

ولم تنم منيفة الا لحظات بعد ان خضبت يديها بالحناء وهي تبكي لم تتوقف دموعها لحظة واحدة 
كل تلك الليلة
حتى افرغت مافي ثلبها من احتقان

نهضت فجر ذلك اليوم
وسخنت لنفسها الماء
واستحمت وجهزت صرر ثيابها
وثلاثة صناديق كبيرة تحوي الكثير من المتاع
ولبست ثوبها الابيض ومصاغها
وجلست تنتظرهم

حين جاء دحام وابو محمود وثلاثة شباب معهم
كان دحام يحمل صرة ثياب جلبها معه لمنيفة 
وكعادة عرب العراق 
حين تزف احدى بناتهم لايبقى اي رجل
من اهل العروس في البيت
لهذا
طلب دحام من أم منيفة ان يدخل لمنيفة
قالت أنها وهي باكية

-هي بهاي الغرفة(في المخزن)

ودخل دحام ونظر اليها وجدها مخضبة الكفين وقد تزينت زينة العروس
فقال لها بغضب

-شمسوية بروحچ يامجنونة بلچي عبالچ انتي عروس مثل كل العواريس ولابسة ابيض وذهب ومحنية اديچ
ولاچنچ تعرفين
انو اخوچ زرع الحزن ابيتنا
وانج فايته على بيت ناس عدهم حزن
گومي گومي زتي هذا الثوب عنچ وارمي ذهبچ 
والبسي هذا الثوب الي بهل بقچة

قالت له بشموخ
-مامحتاجة منكم شي ابوية اشترالي كلشي
صرخ بها قائلا
-مو على كيفچ .....
گومي البسي هذا الثوب ...
ماتفوتين ابيتنا وانتي ملونة أبد
يلا بساع لا اجي اني بنفسي ابدل ثوبچ

والقى عليها الصرة لتضربها بوجهها
وخرج فتحت الصرة لتجد فيها،
ثوبا اسود متسخ بالتراب
كأن احد قد فركه على الارض قبل وضعه في الصرة

حملته ونفظته جيدا ونزعت ثوبها الابيض ونزعت كل المجوهرات التي تلبسها ووضعتها في وسط فستانها الابيض 
ولبست الثوب الاسود ونادت امها 
وقالت لها 

- يمة خلي هذا الثوب عندچ هو والذهب 
اخذت امها الثوب وهي تبكي وتلطم وجهها على هذا الزفاف وعلى هذا الزواج المحزن الذي لم تتخيل مجرد خيال ان يحصل لابنتها الوحيدة
خرجت الام تصرخ على دحام 
وتسبه لكنه لم يرد عليها
وما ان انهت منيفة لبسها 
حتى خرجت بثوبها الاسود المتسخ
ومشت معهم كذبيحة تقاد للمسلخ

حمل بقية الشباب متاعها ونزلوا الى حوض النهر
وركب الجميع القوارب وذهبوا يجدفون
حتى عبروا النهر،

وفي الخلف هناك حيث جنة منيفة
كان يقف حاتم في ذلك الركن من تلك الجنة التي غادرتها حوريتها لتذهب للجحيم
واقف على الشاطيء ينظر...
الى حبيبة قلبه وهي تغادر.....
ولايعرف ماذا يفعل غير البكاء والصراخ 
وهو يودعها بكلمات محملة بشجن الفراق 
ولوعة الحب الصادق وهو يردد

-وداعة الله يعين ابوي
وداعة الله يبنت گلبي...
وداعة الله ياكل دنيتي انتي...
أوف يمنيفة اووووف

اما منيفة...
حين نزلت من القارب طلب منها دحام ان تلوث يديها بالوحل كي تخفي اثر الحناء قال لها

-اسمعي اخذي من هذا الوحل ولغمطي اديج
ترى امي اذا شافت اديج محنية 
بالله الكريم تشحطچ=تسحلك

انحنت منيفة على الشاطي...
وقبضت على القليل من الوحل...
ولطخت يديها ومشت مع الرجال...
محنية الراس
حتى وصلت بيت أبو دحام

دخلت منيفة بيت أبو دحام في ذلك اليوم
واستقبلتها حماتها بالسباب والبصاق واللعنات
لكن منيفة لم تلتفت اليها ...
ادخلها دحام احدى تلك الغرف.....
واغلق عليها الباب
ورحل
كانت الغرفة فارغة تماما الا من صناديق منيفة الثلاثة وصرتين كان الشباب قد سبقوها...
وادخلوا اغراضها الى غرفتها...

جلست على احد الصناديق الثلاثة ووضعت يديها متشابكتين في حجرها .....
وسرحت تفكر بحالها 
ولم تبكي لحظة واحدة...
بل كانت تقول لنفسها

-زين خل نشوف اش عندچ بعد يعمتي

في نهاية ذلك اليوم دخل زوجها اليها .....
يحمل بيده فراش واحد ووسادة....

ولم يسلم عليها بل قال لها زاجرا
افرشي هذا الفراش...

والقاه امامها
نهضت من مكانها وفرشت الفراش ووقفت...
ذهب الشاب وجلس...
ولم ينظر اليها بل اشار لها ان تجلس قربه...
فجلست
قال لها
-انا زيدان رجلچ

اجابته بثبات قائلة

-ياهلا بيك اعرفك

نظر اليها وقال 

-اسمعيني زييين أمي ثم أمي ثم أمي

اذا گالتلچ موتي.....
تموتين واذا گالتلچ عيشي.....
تعيشين فهمتي؟
اجابت بثبات
- اي نعم فهمت

كانت منيفة واثقة من قدرتها على التحمل فهي أبنة هذه الاعراف وتعرف جيدا ماذا ينتظرها ،
فهي تعرف من هي الفصلية...
تعرف تماما ماسيحصل لكنها كانت مستسلمة لقدرها
ومصرة على الصمود

بعد اسبوع جائت امها لزيارتها...
وهي تجر خلفها ثلاث قوارب محملة ....
بفراش غرفة عروس كاملة......
وساعدت منيفة على فرش غرفتها كأحسن مايكون....
رغم سباب أم زيدان وصراخها طول الوقت
ولم تذق امها في بيتهم حتى الماء
حين خرجت من غرفة منيفة قالت لأم غزالة

-ترى الگبر شبر واربع اصابع ولاتشوفيه...
بعيد ترى اليوم لو باچر يجي ....
وتصيرين وحدچ گبال ربچ 
عمشة عذبت غزالة 
ووصلتها للموت عبنها بنت ضرة أمچ
بس ترى منيفة مالها شغل بشي....
وجت حتى اطفي الشر فلا تشعلين انتي....
هالشر واذا اندگيتي بمنيفة والله....
لسويها كونة نسوان
والا نجي هينا ابيتچ ونملخچ تمليخ
والاعراف الي خلت منيفة تجي عدكم
هي نفسها الاعراف الي ما تتدخل بشغل النسوان
يعني ماكو عرف يحميج منا
فديري بالچ اتعدين
منيفة سباعية وماتخاف من الشغل مثل بنتج
الي ماعرفتي تربيها چنة اجناب
منيفة مربية زين واشلچ من حگ عليها راح تسويه

كانت ام دحام
ستتهجم على ام منيفة لكن دحام منعها
وقال لها وهو يحتضنها

-يمة مايصير عيب المرا ضيفة عدنا

وذهبت ام منيفة بعد ان طمأنتها منيفة...
ان كل شيء تحت السيطرة..
وانها مستعدة لكل شيء...

واصبحت منيفة زوجة
لذلك الشاب الصغير الذي كان يكبرها 
بثلاث سنوات،
و الذي لم يكن يعرف قيمة تلك الاميرة .
التي رماها القدر بين يديه.
ليترك امرها بيد امه التي اذاقتها...
كل الوان العذاب لسبع سنوات...
حتى ماتت أم دحام....
وحتى بعد موتها لم تعش منيفة بسلام
تحملت الكثير من الذل والاهانة
ورزقها الله...
بعبدالله وأمينة....
واضطهدتها أم زوجها...
حينها حتى ذهبت الى اهلها...
تريد من والدها الحل
لكن والدها أرجعها الى بيت زوجها وقال لها

-انتي يبنتي قبلتي تصيرين فصلية اشگد ردت منچ تنهزمين وتخلصين نفسچ...
وچنت اني راضي باي شي يصير عليا...
بس انتي رفضتي خلاص الفاس وگع بالراس...
والفصلية مو مثل اي مرا....
ما اگدر اخليچ تضلين ابيتي....
الا اذا تنازل عنچ رجلچ،
وترى اذا تنازل عنچ ماراح ايتنازل عن ضناه..
وهالولد والبنية امانة برگبتچ...
واذا عفتيهم ايضيعون من بعدچ.

ورجعت لزوجها لتستمر رحلة عذابها سنين اخرى
واستغلها زيدان ابشع استغلال...
حيث كان يشتري لها البقر لتقوم بتربيتهم...
ثم ياخذها لتعمل معه في البستان
وفي الحصاد وأعمال البيت
كان رجال القرية يوبخون زيدان بقولهم

-هلالله هلالله بحرمتك ترى محد يسوي الي تسويها انت
كلنا عدنا حريم ونشغلهن معانا ونجيبلهن حلال
بس ترى نجيب حلال على كد طاقتها
وانت رايح جاي تشتري بگر وتحط على چتاف هالمسكين

كان يرد عليهم بوقاحة وعدم رحمة ويقول

مو شغلكم اذا انتم تخافون من نسوانكم اني ما أخاف
وها ها شوفوها....
شايلة كل هالشغل ......
وموكفة راسها ماتنخ...
عرمة عرمة ادوس بيها وماتنداس

وبعد ثلاث عشر سنة من الذل والقهر..
وحين جمع زيدان المال الكافي....
ليصبح له بيت ومال وحلال
ذهب وخطب نوفة العبد...
تلك الفتاة الثلاثينية...
والتي كان يطلق عليها ابوها اسم حصان شرطة
فشرطت على زيدان ان يطلق منيفة...
لكنه رفض
وقال لها
-اذا طلكتها راح تروح وتعوف عجاياها عليا
وتبتلين بيهم
واني اريد اعيش حياتي معاچ مرتاح
خلها تربيهم الما يكبرون حتى يفيدوج ويخدموچ
وعود اعوفها
لكني احلفلچ يمين ....
ماتشوفيها ابيتي ومن هالليلة

عاد للبيت
وطرد منيفة واطفالها الاربعة خارجا
في ليلة من ليال الصيف.. 
والقى خلفها متاعها وثياب اطفالها

فلم تجد مكان تاوي اليه...
الا بطن احد الوديان قرب بيت زوجها
جمعت اغراضها وجلست قربهم

وحين اصبح الصباح.......
سمع أبو محمود بماحصل لمنيفة
فذهب اليها....
بعد ان وبخ زيدان الذي لم يهتم...
لكل تلك المسبات والاهانات
وطلب منها ان تاتي الى بيته....
لكنها رفضت فاعطاها ارض قريبة على بيته في طرف القرية الجنوبي...
ونقلت اغراضها كلها الى تلك الارض
وجمعت هي واولادها وبعض اهل القرية الشرفاء الاحجار......
وعجنت الطين وبنت لنفسها غرفة بأطراف القرية
بعد ان باعت جزء من مجوهراتها...
لشراء بعض مستلزمات البناء
وسكنت في هذه الغرفة
بعيدا عن بيت زيدان
واصبحت تعمل لنساء القرية كل شيء لتستطيع اعالة اطفالها مثل خياطة الفراش والغزل وشك القرنفل والكثير من الاعمال الاخرى

وحين سمع ابوها بماحصل معها ارسل لها...
مع اخوها ذنون قارب مليء بالمؤنة والفراش والدجاج 
لتتمكن من العيش وكان بعض اهل القرية يتصدقون عليها

وحين توفي والدها .....
قطع ذنون عنها كل معونة
لكن حاتم ......
كان يعطي المال لامها كي توصله لها ......
حين تذهب منيفة لزيارة اهلها....
أو تذهب امها وتبقى عندها ...
لشهر او اكثر تساعدها.....
على تحمل الحياة ....
خصوصا بعد ان تزوج ذنون.....
من فتاة محترمة ذات سمعه طيبة 
من قبيلة الشيخ أبو مجحم 
خطبتها له امه

وكافحت منيفة كل الضروف الصعبة
وشيءفشيء حتى كونت بيت كامل....
دام للدجاج ودام للوقود ودام كبير لها ولاولادها ومطبخ وحمام وسياج وباب
واصبح لها كيان مستقل

واخيرا قررت ان تبيع بقية مصاغها الذي اشتراه ابوها لها يوم زفافها لتشتري بقرة وتربي اطفالها بعز وكرامة.

_________________________________________

عودة لذي بدء.........

في ذلك اليوم 
بعد صلاة العشاء
جائت ابنتها أمينة اليها وايقضتها وقالت لها

-گومي يمة انتي نايمة من گبل صلاة المغرب وهسع اذن العشا كومي نامي فوگ على فراشچ الدنيا حارة واخاف عليچ من الدبيب
واني خلصت كل الشغل وعجنت واريد ارگا وانام

نهضت منيفة بضعوبة وهي تشعر ان عظامها مكسرة

وتوضأت وصلت المغرب والعشاء 
وصعدت الى السطح 
ارادت ان تنام
لكنها ما ان تمددت في فراشها....
حتى شعرت بتلك الكتلة بين ضهرها والفراش
اعتدلت في فراشها ومدت يدها لتعرف مالذي يزعجها
فتلمست تلك الصرة واخرجتها....
فتذكرتها
نظرت اليها وهي في يدها بدت اثقل بكثير من قبل
وحاولت ان تفتحها
لكنها كانت مربوطة بقوة
نظرت حولها....
فوجدت كل ابنائها نائمون
كانت تريد...
ان تطلب من احدهم ....
ان ينزل ويجلب لها سكين او مقص... 
لتفتحها وتعرف ماذا يوجد فيها....
لكنهم كانوا يغطون في نوم عميق

وضعت الصرة تحت وسادتها وحاولت ان ترجع للنوم
لكنها....
كانت قد نامت ....
مايقرب من ساعتين... 
في وقت مزعج جدا....
بل إنها نامت وقد اكلت توا ....
برغل وبيض وبصل 
وهؤلاء الثلاثة مزعجات للمعدة جدا....
اعتدلت في فراشها....
وحاولت ان تفرك معدتها...
التي انتفخت
تذكرت ....
ان هناك صرة في سلة من الخوص....
في مطبخها تحوي القليل ...
من الحبة الحلوة
قررت ان تنزل....
لتاكل قليلا من تلك الحبوب السحرية
لعلها ترتاح من الانتفاخ...
وقفت بهدوء وخرجت من دكتها
ونزلت واضائت الفانوس....
الذي تتركه امينة على الدرج.....
وقربة علبة الكبريت،
في حال لو احتاج احد ان ينزل للخلاء
ودخلت المطبخ...
بحثت عن صرة حبة الحلوة في السلة...
وجدتها واخرجت بضع حبيبات...
وضعتها في فمها ومضغتها.....
وذهبت الى دن الماء وشربت 
وارتاحت قليلا 
ثم تذكرت تلك الصرة تحت مخدتها
كانت تريد ان تعرف ماذا يوجد فيها
فتركت الفانوس ....
فوق الدرج وصعدت الى فراشها..
مدت يدها تحت وسادتها ....
حتى قبضت على الصرة......
اخذتها ونزلت
واخذت الفانوس ودخلت المطبخ
بحثت عن المقص.....
الذي كانت قد وضعته في احد جيوب الحائط(1)
لم تجده....
فبحثت عن السكين الوحيد...
في ذلك البيت الفقير ولم تجده ايضا...
قالت لنفسها ....

-يعني آني اذا غبت .....
يوم واحد عن البيت ....
كلشي بهالبيت يضيع....
اريد شي افتح بيه هالصرار....
دعرف شنهو الي بيه...
لمن گليتو=وزنته
بيدي بالسيارة چان يبين اخف من هسع
اشو هسع احسو صار اثگل
يمچن عبن چنت شادة حيلي وهسع ارتاحيت

تلمسته بيدها شعرت....
كان كأن يحوي اقراص
قالت لنفسها
-يمچن دراهم عبالك دراهم....
يارب يكون بيه دراهم

وصارت تتلفت عن اي شيء ،
لتفتح به الصرة فلم تجد
اخيرا قررت ان تمزق القماش باسنانها
عضت القماش ....
اصطدمت اسنانها بشيء صلب
عضته من عدة اماكن
مرة ومرتين ....
ومزقت اجزاء بسيطة منه 
حتى استطاعت اخيرا ان تحدث ثقب صغير فيه
فامسكت الصرة بيدها وعضت
طرف القماش عند الثقب 
وجرته بقوة فتمزق القماش
كانت الصدمة التي لم تتخيلها منيفة
ابدا حتى في احلامها


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1