![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الوحد والستون بقلم دينا جمال
- زيدان !!!
همس ضعيف خافت مشتاق صدر منه تهمس بأحرف اسمه ... لتتوقف دقات قلبه برودة قارصة تغزو خلاياه ... صوتها هي ... لم يكن يعرف أن اسمه أكثر عذوبة من الماء إلا الآن ...
اغمض يديه يشد قبضته يلتقط أنفاسه السبية من همسة واحدة ... مهلا يا زيدان مهلا لن تعود لتلك الدوامة من العشق المؤلم من جديد ... تمالك نفسك ... التقط أنفاسه بصعوبة بالغة ... حمحم يحاول إظهار الثبات في نبرة صوته :
- ازيك يا لينا ... يا رب تكوني أحسن ... أنا كنت متصل عايز حسام هو جنبك ولا اطلبه في وقت تاني
أغمضت مقلتيها لتنساب دموعها تغرق وجهها آه من نبرته الجافة التي اصابت شتات قلبها المبعثر وماذا تنتظر منه إن يأخذها بين ذراعيه يغرقها في طوفان عشقه بعد كل ما حدث ... بعد أن جرحت كرامته كبريائه عشقه لها ... شدت قبضتها علي الهاتف تغمض عينيها تنهمر دموعها في صمت قاتل ... ليسارع حسام باختطاف الهاتف من يدها .... وضعه علي أذنه سمعت حديث متوتر من جهة أخيها يحادثه به .... ينظر لها بين حين وآخر بينما هي عينيها شاردة في الفراغ البعيد في خدعة قضت فيها عمرا كاملا ... كيف كانت بتلك السذاجة لتقع فريسة فخ لافعي دمرت حياتها بالكامل ... رفعت يدها تزيل دموعها تنظر للفراغ البعيد ... زيدان يحبها ... تعرف أنه لازال يفعل ... زيدان حقها هي .. وهي ستسترد حقها ... التفتت لأخيها لتراه يبتسم لها ابتسامة هادئة حنون ... مد كف يده لها ... لتبسط كفها داخل كفه قامت بصحبته تنفض حبات الرمال عن ثيابها ... تحركت بصحبته للداخل حيث سهيلة تجلس علي أحدي الارائك تمد قدميها المتورمة من أثر الحمل أمامها ... جلست لينا بالقرب منها ترسم ابتسامة مرحة علي شفتيها بسطت يدها برفق علي بطن صديقتها المنتفخ تغمغم :
- قوليلي بقي يا سوسو تفتكري البيبي هيبقي ولد ولا بنت
عند تلك النقطة انفجر حسام الجالس بالقرب منهم في الضحك ظل يضحك الي أن أدمعت عينيه ... نظرت لينا لسهيلة في عجب لترد لها الأخيرة نفس النظرات لا تفهمان علي ما يضحك لتلك الدرجة هدأت ضحكات حسام شيئا فشئ بقيت بقايا ضحكات بسيطة تخرج بين لحظة وأخري من بين شفتيه ... نظر لهما يمسح دموعه الساقطة من الضحك :
- معلش اصل الموقف فكرني بموقف مريضة كانت جاية تعمل سونار هي ووالدتها ... طلعت علي جتتي السبع سنين بتوع طب .. مقتنعة أن بنتها حامل في بنت من مناخيرها ... بعد الكشف بتاعها كنت مقرر اقفل العيادة واسرح بعربية ترمس
ضحكت لينا وسهيلة علي ما يقول هو ... ليتحرك حسام من مكانه ... يجلس علي مقعد بالقرب من سهيلة يسألها عدة أسئلة طبية معتادة ليطمئن علي حالتها ... بينما لينا تنظر له تبتسم في امتنان كم تحب حسام كم هي سعيدة لوجوده في حياتهم ....حسام علي الرغم من الشبة الكبير بينه وبين والدها الا أن طباعهم مختلفة تماما ... حسام أكثر مرحا سهل الحديث ... سلس في المعاملة ...عكس والدها تماما .... يكفي روحه المرحة التي دائما ما تطغي علي اي مجلس يكون فيه ... اجفلت من شرودها علي صوت دقات هاتفه من جديد تلك المرة برقم جاسر ....نظر حسام لسهيلة يغمغم :
- اتفضلي يا ستي جوزك ... ما هو اصل أنا شغال سنترال ... كل شوية واحد يتصل يسأل علي مراته
أغمضت لينا عينيها ما أن نطق جملته الأخيرة ليشد حسام قبضته ندما نطقها تلقائيا لم يكن يقصد تماما أن يجرحها ... حمحم بخفوت يفتح الخط يضع الهاتف علي أذنه ليقابله صوت جاسر الملتاع :
- أيوة يا حسام ... طمني علي لينا وسهيلة اخبرهم ايه .... والجنين بخير ... اوعي يكون حصلهم حاجة ومخبي عليا
ابتسم حسام في هدوء زوج عاشق يبدو أن زوجته غاضبة منه لسبب هو يجهله ... ابتسم يحادث جاسر يطمأنه علي الجميع ليبادر قائلا بتلهف :
- هي سهيلة جنبك ... لو جنبك خليني اكلمها بالله عليك
نظر حسام لسهيلة يشير للهاتف في يده لتحرك رأسها نفيا تشيح بوجهها بعيدا .. تنهد حسام حانقا النساء !! ... حمحم بخفة يحادث جاسر :
- لا يا جاسر مش جنبي مع لينا
ابتسم جاسر ابتسامة حزينة لم يراها حسام بالطبع ... سهيلة لا ترغب فئ الحديث معه حسام فاشل في الكذب تنهد تنهدية حارة ملتاعة يحرقها جوي الشوق ليغمغم في هدوء حزين :
- أنا عارف انها جنبك ومش عايزة تكلمني ... قولها تخلي بالها من نفسها كويس ... وأنا هتصل دايما اتطمن عليها ... سلام يا حسام
اغلق حسام الخط مع جاسر ينظر لسهيلة يضيق عينيه ينظر لها مغتاظا كأنه طفل صغير غاضب ... لتنظر سهيلة له حانقة قطبت ما بين حاجبيها تصيح بحرقة :
- ما تبصليش كدة ... أنت ما تعرفش هو عمل فيا ايه
تنهدت لينا حزينة علي حال صديقتها لتتحرك من مكانها جلست جوار سهيلة علي الاريكة تمسك بكفي يدها ابتسمت في حنو تحاول ترقيق قلبها قليلا :
- بس أنا عارفة يا سهيلة جاسر حكالي .. صدقيني جاسر ما كنش فئ وعيه ... ما كنش مدرك لأي حاجة بيعملها أنا عارفة جاسر بيحبك قد ايه ... وشوفت حالته من غيرك عاملة ازاي
ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة علي شفتي حسام ينظر لشقيقته حقا ... ما تقولين .. هل رأيتي حالة زيدان في غيابك الرجل كان يحتضر تقريبا ... تنهد حسام يزفر أنفاسه حانقا .... حين نظر لشقيقته مرة أخري رآها ترميه بنظرات نارية قاتلة رفع حاجبه الأيسر ساخرا يتمتم متهكما :
- تبتصيلي كدة ليه ... مش كلنا مصطفي أبو حجر علي فكرة
ضحكت سهيلة بخفة تمسح دموعها المتساقطة .... لتبتسم لينا في سماجة تتمتم ساخرة :
- لاء وأنت الصادق كلكوا مجانين وعندكوا كام برج ضارب ... عايز تتجوز سارة البسكوتة اللي بتخاف من ضلها يا ذكر التور إنت
شهقة متفاجاءة خرجت من بين شفتي سهيلة تنظر لحسام في ذهول رفعت يدها تشير إليه إشارة شاملة تتمتم بذهول :
- يا نهار اسوح بقي سارة الكتكوتة تتجوزك أنت ... دا أنت لو سلمت عليها بس هتكسر ايديها
ضيق حسام عينيه حانقا يرمي شقيقته وصديقتها بنظرات سوداء قاتلة ... رفع كف يده يبسطه أمام وجه سهيلة يتمتم في غيظ :
- الله أكبر ... أهو القر دا هو اللي جايبنا ورا ... ولا هعرف اتجوزها في سنتي البيضا دي ... أنا طالع اوضتي وعلي الله اسمع نفس واحدة فيكوا .... هبلعها !!
تعالت ضحكات لينا وسهيلة من جديد يراقبان حسام وهو يأخذ طريقه لغرفته .... التفتت لينا لسهيلة تحادثها مبتسمة بحنو:
- سهيلة ... جاسر بيحبك زي ما أنا واثقة أنك بتحبيه ... يا سهيلة صدقيني جاسر ما كنش في وعيه !
حركت سهيلة رأسها نفيا مرة تليها أخري وأخري أحمر وجهها وعينيها نزلت قطرات الدموع تغطي وجنتيها لتصيح بحرقة قلبها الملتاع ألما وشوقا :
- مش قادرة يا لينا ... افهميني ... أنا حبيت جاسر حبيته اوي هو اول وآخر حب في حياتي ... بس اللي عمله فيا صعب ... صعب اوي بجد .. صعب اني اسامحه عليه .... ما تقوليش ما كانش في وعيه لأن زيدان بردوا ما كنش في وعيه وانتي ما سمحتيهوش
قطمت شفتيها تنظر لصديقتها نادمة لا تعرف كيف اوجعتها بتلك الكلمات دون قصد منها ... بينما تحجرت عيني لينا تنظر للفراغ نظرات متألمة تتعذب ... مدت سهيلة يديها سريعا تمسك بكفي لينا تحادثها بحرقة :
- لينا سامحيني أنا بجد آسفة ما كنش قصدي افكرك باللي فات .... أنا آسفة
لا تعرف كيف رسمت ابتسامة ... فقط ابتسامة خالية من الحالية ... ابتسامة بالكاد وصلت لشفتيها ولم يعرفها قلبها تحركت مقلتيها ناحية سهيلة لتري الأخيرة دمعات حبيسة داخلها ... دمعات قوية ترفض الهبوط ... وصوت هادئ كالجليد خرج من بين شفتي لينا :
- عشان كدة عيزاكي تسامحيه ما تكرريش غلطتي يا سهيلة ... ما تضيعيش من أيدك حب كان كل كياني ... أمان وحياة وعشق ... ما صدقتوش وما سامحتوش ... ومشيت ورا الشيطان اللي دمرلي حياتي .. ما تغلطتيش غلطتي ارجوكي .
ابتسمت لينا لصديقتها ابتسامة صغيرة لتتركها وتأخذ طريقها لأعلي عبر السلم تسير ... وصلت لغرفة حسام لترفع يدها تدق الباب .. سمعت صوته يأذن لها بالدخول لتدير المقبض رأته جالس علي فراشه يمسك بهاتفه يتصفحه ابتسم ما أن رآها بينما ظلت تعابيرها جامدة جملة واحدة فقط هي ما نطقتها :
- أنا عايزة ارجع بيتنا يا حسام
______________________
شهر كامل لا يصدق أن الأيام تمر بهذه السرعة الرهيبة تحسنت صحته كثيرا عن السابق ...قاب قوسين أو أدنى من التعافي تماما ... وقف في شرفة غرفته في منزل جدته ينظر للشارع امامه تحديدا تلك القهوة التي اعتاد مراد أن يجلس هناك ... تنهد يغمض عينيه يبتسم ساخرا ... هو حقا أشتاق له ... أشتاق لشقيقه المتسول ... ذو الأخلاق الفاسدة واللسان السليط ولكنه يبقي شقيقه اولا واخرا ... اختفائه الغريب يقلقه ... أحلام او الارجخظح كوابيس جدته عنه كل ليلة دفعته للبحث عنه ... في خضم موجة شروده الهادئة قاطعة صوت رنين هاتفه ... توجه الي الفراش يلتقطه ... فتح الخط سريعا ما أن أبصر اسم المتصل :
- ايوة يا كارم عرفت هو فين
صمت للحظات يستمع إلي الطرف الآخر لتتوسع عيني أدهم في ذهول يتمتم فزعا :
- محبوس .... ليه وفي قضية ايه ولمين
صمتت للحظات أخري عينيه تزداد دهشة مراد شقيقه في السجن علي ذمة قضية شروع في قتل وقتل من تحديدا ... قتل جاسر رشيد الشريف ... جاسر !!!!!!! .... كيف لا يعقل ... أخذ كافة التفاصيل من صديقه ليشكره ويغلق معه الخط .... ظل للحظات جالسا ينظر أمامه في ذهول .... جاسر ومراد ... ما علاقة مراد بجاسر ولما قد يحاول شقيقه قتل جاسر ... الكثير من الأسئلة تدور في رأسه بلا إجابة واحدة ... جاسر من يملك كل تلك الإجابات هو يملك رقم جاسر ... بحث في هاتفه سريعا الي أن وجد الرقم ... سريعا كان يتصل بجاسر ينتظر أن يجيب دقة اثنتين ثلاثة إلي أن اجاب اخيرا :
- اهلا اهلا ازيك يا ابو الاداهيم واحشني يا جدع فينك مختفي
حمحم أدهم يحاول إيجاد أيسر طريق لسؤال جاسر لم يجد سوي الطريق المباشر :
- جاسر أنت هنا ولا في بلدكوا
تعجب جاسر من سؤال أدهم ليجيبه سريعا في عجب :
- لاء في أسيوط في حاجة يا أدهم خير
تنفس أدهم بعمق يرد بإيجاز :
- هفهمك كل حاجة لما اجيلك مسافة السكة وهبقي عندك ...سلام
قام سريعا يبدل ثيابه ... أخذ هاتفه ومحفظته ونقوده ابتسم حين تذكر سيارته الفاخرة التي كان يعشقها أكثر من حياته ... مفتاحها الخاص الذي نقش عليه اسمه ... تغير الوضع كثيرا الآن عن السابق ولكنه سعيد رغم ذلك ... تحرك للخارج ليجد جدته تخرج من غرفتها ... ابتسم ما أن رآها ليقترب منها يقبل رأسها يحادثها بحنو:
- أنا عرفت أدهم فين ... مش هرجع غير وهو معايا
اشرق وجه جدته الحزين ... تنظر للماثل امامها بابتسامة كبيرة ممتنة ... قلبها يقتلها خوفا علي ذلك الارعن التي لا تعلم أين هو او ماذا حل به ...ربتت علي يده تدعو .. تحرك ليغادر لتستوقفه سريعا :
- أدهم استني ... خد المفتاح علي الترابيزة قبل ما تمشي
قطب جبينه متعجبا اي مفتاح تحرك ناحية الطاولة لتشخص عينيه في ذهول حين رآه مفتاح سيارته هو بنفسه كيف حدث ذلك ... أمسك المفتاح في يده يرفعه امام عينيه ينظر له في دهشة .. ليسمع صوت جدته يأتي من خلفه :
- الراجل اللي اسمه حمزة بعتلك المفتاح دا امبارح وبيقولك العربية جت من الجمرك ومستنياك تحت البيت
ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيه ادمعت عينيه ليرفع كفه يمسح دموعه سريعا .... أمسك المفتاح في قبضته يشدد عليه .... تحرك يودع جدته .... خرج من المنزل ليجد روحية تنزل من أعلي ابتسمت علي استحياء ما أن رأته ليعطيها ابتسامة صغيرة ... من الجيد أن جدته اعطتها الشقة الفارغة في الطابق الثالث حتي تصبح قريبة منهم وحتي لا تنالها ألسنة الناس بالباطل ...لوح لها وداعا ليأخذ طريقه إلي أسيوط حيث سيجد إجابات جميع الاسئلة التي تشغل عقله
_________________
مسابقة الخيل السنوية ها قد جاء موعدها من جديد .... عمار بطل الساحة الآن فوق صهوة جواده الاسود ... الخيول علي اهبه الاستعداد ... تبقي فقط دقائق وتبدأ مسابقة الخيول السنوية ... الكثير من الأصوات تأتي من مدرجات المشاهدين .... كل منهم يتوقع بطل السباق الجديد ... من سيفوز اليوم .... لحظات وفقط وخيم الصمت علي المكان الجميع ينظر لما يحدث في دهشة بأعين جاحظة ... مذهولة .... يرون ذلك المشهد العجيب عثمان ... الصياد هنا ... علي مقعد متحرك جواره جواده الذي يصهل بصوت عالي همهمات من كل مكان علي أن الصياد جُن وأنه بالطبع سيخسر وأنه سيسقط من فوق خيله ما أن يمطته .... بينما هو فقط يبتسم في هدوء وثقة الصياد .... ساعده أحد العمال ليمتطي صهوة جواده .... رفع يده يغللها في خصلات شعره الاسود الكثيف ... ليسمع صوت ضحكة سمجة سخيفة تأتي من الجالس علي الجواد المحاذي له :
- ايه يا عثمان إنت ضربت ولا ايه جاي تعمل نفسك مسخة الكل
التفت عثمان برأسه لذلك العامر يعطيه فقط ابتسامة ساخرة ... قبل أن يتوجه بعينيه إلي الطريق امامه ... رفع يده يربت علي رأس جواده ليصهل الأخير عاليا ....انطلقت الاعيرة النارية تعلن عن بداية السبق ... ليبدأ المذيع بحماس عرض تفاصيل المبارة :
- سيداتي وسادتي اهلا ومرحبا بكم في مسابقة الخيل السنوية زي ما احنا شايفين قدامنا الخيول والمتسابقين في طريقهم للأمام .... ولكن مفاجاءة السبق السنة دي الصياد رجع تاني ....رغم حالته ... إدارة المسابقة بلغتنا أن الصياد كتب علي نفسه تعهد عشان يدخل المسابقة ... ربنا يستر بصراحة وتعدي المسابقة دي علي خير .... عمار متقدم لحد دلوقتي ... الصياد ما بيحركش رحله الفرس بتاعه بس هو اللي بيجري بيحاول يسبق خيل عمار .... قربنا من اول حاجز .... مش عارف بصراحة الصياد هيعمل ايه .... ايه دا في ايه ؟!!!!!!!!!!!!! ..... أنها احدي ألعاب الصياد يا سادة
ما حدث تحديدا الخيول تركض تثير حولها حمم من الغبار الأصفر عمار يبتسم في ثقة هو من سيفوز .... من سيغلبه عثمان بعد أن بات عاجزا ... اقترب اول حاجز ... كم اراد أن يري الصياد وهو يسقط من جديد من فوق خيله ليصبح اضحوكة للناس ....شد سرج حسانه بطريقة معينة ليهدئ من سرعته قليلا الي أن اصبح محاذيا لخيل عثمان ... ابتسم عمار في سخرية قبل ان يصل الخيل للحاجز بقليل ارتفع عثمان بجسده يحرك ساقيه بسهولة ... صدمة اذهلت الجميع وخاصة عمار ... صاح فرس عثمان بقوة يقفز من فوق الحاجز بمهارة في لقطة فريدة التقطها جميع العدسات .... ليصبح هو المتقدم .... غلت الدماء في عروق عمار يحاول بشتي السبل اللحاق به ولكن عثمان كان ولازال بطل أي سباق يدخل فيه .... ها هو الصياد يستعيد مكانه من جديد خلف خط النهاية هو اول من وصل .... قام من في المدرجات جميعا يصفقون للصياد بحرارة بينما يقف هو خلف خط النهاية يبتسم في ثقة يصعب تقليدها .... نظر ناحية عمار الذي يكاد يتميز من الغيظ ... لتتعالي ضحكاته .... عينيه تمشط المكان بأكمله تبحث عنها لتجدها هناك جوار والديه تقف مع الجماهير تصفق له بحرارة ... قفز بسهولة من فوق صهوة جواده ليتحرك إليها راكضا ....امسك بكف يدها يجذبها بعيدا عن الأضواء وعدسات الكاميرا التي لا تتوقف عن إلتقاط كل حركة يفعلها ليضمها بين ذراعيه ... بكت وعلا نشجيها تلف ذراعيها حول رقبته تدفن رأسها في صدره تغمغم من بين نشجيها الحار :
- نجحت يا عثمان .... الصياد رجع تاني
أبعدها عنه قليلا يحتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها بإبهاميه ... مال يقبل جبينها قبلة شغوفة ممتنة محبة يهمس لها بولة عاشق :
- نجحت بيكي يا سارين .. لولا وجودك جنبي ما كنتش زماني بقيت هنا تاني ... انتي معجزتي ... اللي جت عشان ترجعني للحياة تاني ... بحبك يا سارين ... بحبك اوي اوي
ختم كلامه ليعاود ضمها إليه من جديد لتلف هي ذراعيها حول عنقه تشدد علي عناقه ... لحظات طويلة قبل أن تبعده عنها مدت يدها تمسح ما سقط من دموعه تدفعه ناحية الخارج :
- يلا اخرج ....روح عشان تاخد جايزتك
حرك رأسه إيجابا يبتسم لها في اتساع امسك بكف يدها يجذبها معه للخارج لتتوسع حدقتيها تسأله في دهشة :
- أنت بتعمل ايه يا مجنون
التفت لها برأسه يطالعها بنظرات متيمة عاشقة غمز لها بطرف عينيه يغمغم مبتسما :
- انتي جايزتي !!
جذبها معه للخارج لتبدأ عدسات الكاميرا تتوجه ناحيتهم ... لف يده حول كتفيها يتحرك بها ناحية منصة استلام الجوائز كم شعرت بالحرج الخجل يكاد يغزوها خاصة وهو يرفض ترك يدها ولو للحظة واحدة ... وضع رئيس المسابقة القلادة الذهبية حول رقبته ليسلمونه كأس الفائز .... تحرك يلقي كلمته كما اعتاد في كل مسابقة يفوز فيها وقف أمام مكبر الصوت يحمحم بهدوء يردف :
- مساء الخير يا جماعة .... طبعا كلكوت عارفين الأخبار الفظيعة اللي حصلت من شهور طويلة وازاي الصياد وقع واتشل وخلاص مات الصياد وماتت اسطورته ... اتعودت بعد كل سبق افوزه اطلع اشكر في نفسي وفي ذكائي وفي اجتهادي ... إنما النهاردة عايز اشكر اكتر من حد .... عايز اشكر رب العالمين علي أنه حطني في الإختبار دا ...عشان اشوف الدنيا علي حقيقتها ... عشان أراجع حساباتي من اول وجديد ... عشان اعرف أن كل شر بيحصل لنا وراه خير عظيم ... عايز اشكر والدي ووالدتي ... وعايز اعتذرلهم علي اني كنت عثمان الشاب الصايع اللي علي طول جايبلهم المشاكل .... في نهاية كلامي عايز اوجه شكري لاحب إنسانة علي قلبي ... صديقتي وحبيبتي ومراتي وعكازي اللي لولاه ما كنتش هبقي هنا النهاردة ... مش أنا اللي استحق الجايزة دي لاء .... هي البطلة هي اللي عملت المعجزة ... هي استحق جوايز العالم كله ... بحبك ... بحبك اوي يا سارين
تستمع إلي كلماته الجديدة عثمان تغير جذريا تغير ... قلبها ينبض بعنف يصيح باسمه يصفق له .... عينيها تملئها دموع الفرح .... إلي أن وصل الي كلماته الأخيرة زاد وجيب دقات قلبها اختفت أنفاسها برودة قارصة غزت اطرافها ... عثمان يقول تلك الكلمات لها يعترف بحبه لها أمام الجميع دون خجل ... الوقح يخجلها أمام الناس أجمع .... أحمر وجهها من شدة الخجل تكاد تبكي .... تحرك هو من مكانه وقف أمامها
يطالعها بنظرات عاشقة متيمة ليخلع القلادة من رقبته يلبسها إياها ليصفق له الجميع بحرارة .... علا هتاف الجماهير باسم الصياد .... وهناك من يقف يغلي غضبا ... بعد قليل كان يقف معها بصحبة والديه ... في دائرة صغيرة .. اقترب علي يعانق عثمان بفخر يغمغم :
- قد ايه أنا فخور بيك يا عثمان
عانق عثمان والده يبتسم لم يشعر بسعادة قط بقدر ما شعر بها الآن مع كلمات والده ... عانقت لبني سارين بقوة دمعت عينيها تهمس لها ممتنة :
- أنا بجد مش عارفة أشكرك ازاي يا سارين ... انتي قدمتي لعثمان في فترة قصيرة اللي أنا ما عرفتش اقدمه ليه في عمري كله ... ربنا يسعدكوا يا بنتي ... ويخليكوا لبعض
ابتسمت سارين في خجل تعانق والدة زوجها لم تشعر بالسعادة بقدر ما تشعر بها الآن تكاد تغرق فيها ... تنظر لعثمان وهو يقف علي قدميه يتحدث مع هذا وذاك ضحكاته تصدح في المكان ... يتشاكس مع والده وكأنهما طفلين يلعبان .... اجفلت علي يده تمسك بيدها يجذبها معه لخارج المكان بأكمله يتوجهان الي السيارة .... وهي تصيح فيه مدهوشة :
- عثمان براحة يا عثمان ... في اي يا عثمان بتجري بيا كدة ... انت يا ابني هقع مش كدة
تعالت ضحكاته وصل بها إلي سيارته ليجلسها جوار مقعد السائق ليجلس هو خلف المقود يشق الطريق بسرعة جبارة نظرت له مدهوشة تصيح في عجب :
- في ايه يا عثمان ... شدتني وجريت بين الناس هو دا ينفع بردوا
ضحكت بخشونة ضحكات قوية شرسة ... التفت لها برأسه ... يغمز بطرف عينيه يغمغم في خبث :
- فاكرة أنا وعدتك بإيه يوم جوازنا .... إن جوازنا هيفضل علي ورق لحد ما اقوم علي رجلي واثبتلك حسن نيتي وإني مش بستغلك
توسعت عينيها في خجل اغرق وجهها بماء الورد الجوري يكسيه بالكامل ليضحك هو من جديد ... يغمز لها من جديد :
- واديني اثبت حسن نيتي وقومت علي رجلي
وضعت يديها علي وجهها من الخجل ... ذلك الوقح هو عثمان الذي تعرفه قديما ... كانت تظن أن كل شئ تغير فيه حتي وقاحته ولكنه أثبت العكس تماما ... اوقف السيارة في جراش منزلهم تحرك يفتح لها باب السيارة ... يحملها بين ذراعيه يتجه بها الي طابقهم نظرت للمصعد لتعاود النظر إليه رمشت بعينيها تهمس بصوت مبحوح من الخجل :
- الأسانسير اهو
حرك رأسه نفيا قاطعا دني بمقلتيه ينظر لعينيها نظرات طويلة عاشقة مال يهمس جوار اذنيها بشغف :
- ما شلتكيش يوم جوازنا ... وانتي لسه عروسة بالفستان ... بس هشيلك دلوقتي ... وهعوضك عن كل اللي صبرتي عليه معايا ..
ابتسمت في سعادة تخفض رأسها خجلا ... توجه ناحية باب منزلهم بصعوبة بالغة فتح الباب وهو يحملها يرفض تماما أن ينزلها من بين ذراعيه ... تحرك بها الي الداخل يصفع الباب خلفه بعنف يسطر معها اولي صفحات عشق الصياد !!
_________________
بعد رحلة طويلة ... وصلت سيارته اخيرا الي المكان المتفق عليه أن يقابل جاسر هناك نزل من السيارة يصافح جاسر .... اتجها معا الي مقهي قريب جلس أدهم أمام جاسر الذي بادر يسأله قلقا :
- في ايه يا أدهم قلقتني .... حصل حاجة
تنهد أدهم يحاول تجميع ما سيقوله الآن سيكون صادما حقا خاصة وأن لا أحد في العائلة يعلم سوي عمه خالد .... ابتسم في هدوء حمحم يردف :
- أنا عارف إن اللي هقولهولك يبان صادم بس ارجوك ما تقاطعنيش ... مراد أنا ومراد اخوات
في لحظة شخصت عيني جاسر في ذهول حتي شعر أدهم أنها علي وشك أن تخرج من مكانها ..... ابتسم اجهزة في بساطة يحرك رأسه إيجابا يؤكد ما يقول يردف :
- أنا عارف أنك مصدوم بس دي الحقيقة ... ما حدش في العيلة يعرف بس الحقيقة أن أنا مش ابن حمزة السويسي بالدم ... بالتبني ... ولما كبرت ... وقررت اعرف مين هما أهلي الحقيقين ... غلطت غلطة كبيرة اوي بدفع تمنها لحد دلوقتي .... بس مش دا موضوعنا ... أنا عرفت أن مراد محبوس علي ذمة قضية شروع في قتلك دا صحيح
كم الصدمات التي ألقاها أدهم في وجه جاسر الآن وضعته في موقف لا يحسد عليه ... مراد صديق عمره الخائن شقيق قريبه ادهم ... هي حقا حلقة مغلقة من العلاقات المتشابكة تبدأ حينما تظن انها انتهت اخيرا ... تنهد جاسر حائرا يحرك رأسه إيجابا ... تجلدت بنبرته بجفاء قاسي يتمتم في خواء :
- زي ما أنت حكتلي ... أنا بردوا هقولك الحقيقة أنا ومراد كنا اصدقاء عمر كامل ... كنت بعتبره اخويا وصاحبي ودراعي اليمين ... و
وبدأ يقص علي أدهم كل ما فعله مراد به شاهيناز المطعم ... محاولته لاختطاف شقيقته .... يحكي في صلابة فارغة من الحياة لازال قلبه يتمزق كلما تذكر أن من فعل به كل تلك الأشياء هو صديق عمره ... انهي جاسر كلامه ينظر لادهم الذي بانت إمارات الغضب والحزن علي وجهه شقيقه الأحمق خائن ...دمه اسود قاتم ملئ بالحقد ... تنهد حائرا يمسح وجهه بكفي يده ... عاد ينظر لجاسر لا يجد ما يقوله إطلاقا .... تنهد يغمغم في حرج :
- جاسر أنا عارف اني ماليش وش زي ما بيقولوا اني اقولك خرجه ... بس دا أخويا ... وجدتي ست كبيرة ... خبر زي دا ممكن يدمرها مش هتستحمله ... جاسر أنا يعني عشمان في كرم أخلاقك وأنا اوعدك والله أنه مش هيتعرضلك تاني ابداا ... لا إنت ولا اي حد من طرفك ... من حقك ترفض طبعا ... بس أنا عارفك يا جاسر أنت قلبك طيب ... وصدقني والله مش هتشوف وشه تاني ابدا لآخر عمره
صمت جاسر للحظات ينظر لادهم الجالس أمامه اضطربت حدقتيه يفكر أيعفو ويصفح ... ام يترك ذلك الخائن ينال جزائه ... يري نظرة الرجاء المختبئة في عيني أدهم ... هو لم يكن يوما بالشخص القاسي ولكن ما فعله به مراد اسوء من ان يسامحه عليه ... تنهد بحرقة يعزم أمره نظر ناحية أدهم يبتسم في هدوء يحرك رأسه إيجابا !!!
ارتسمت ابتسامة سعيدة ممتنة علي شفتي أدهم ينظر لجاسر الجالس أمامه في امتنان يبتسم له سعيدا ... مد يده يقبض علي كف جاسر يغمغم متلهفا :
- متشكر يا جاسر متشكر اوي ...
قاطعه جاسر بإشارة من يده جذب يده من يد أدهم تجلدت نظرات عينيه يغمغم في جفاء قاسي :
- العقل والمنطق يقول إن أنا ما اسامحش اخوك واسيبه مرمي في السجن زيه زي الكلب ... دا حتي الكلب ما بيعضش الأيد اللي اتمدتله ... وأنا دايما واقف جنب أخوك ... أنا عارف إن مالكش ذنب .... وعشان خاطرك أنت بس أنا هخرجه بس صدقني لو لمحته تاني في حياتي او في حياة اي حد قريب مني ... مش هسجنه لاء هقتله ... واضح يا أدهم
حرك أدهم رأسه في هدوء تام مد يده يصافح جاسر يغمغم في ثقة :
- اوعدك أنه مش هيتعرضلك تاني ابدا لا إنت ولا اي حد يقربلك
قام جاسر يتحرك لخارج المكان ليلحق به أدهم كل في سيارته أدهم يتحرك خلف سيارة جاسر ... إلي أن وصلوا إلي قسم شرطة بعيد عنهم كثيرا ... اوقف جاسر سيارته يترجل منها ليلحق به أدهم نظر أدهم في ساعة يده ليجدها الثانية والنصف صباحا ... قطب جبينه متعجبا ... هل سيستطيع إخراج شقيقه في تلك الساعة المتأخرة ... تحرك للداخل يسير جوار جاسر إلي أن وصلوا إلي غرفة رئيس المباحث ... تحدث جاسر مع العسكري ... دخل الأخير لغرفة الضابط غاب للحظات ليخرج يسمح لهم بالدخول ... دخل جاسر يتبعه أدهم اقترب جاسر من الضابط يصافحه ليقوم الأخير من مكانه يبتسم في توسع يصافحه يغمغم :
- اهلا اهلا ازيك يا جاسر اخبارك واخبار جاسم باشا الشريف ايه ... اقعد .... اقعدوا يا شباب
جلست أدهم وجاسر متجاورين ... نظر جاسر لحاتم ابتسم له يسأله مازحا :
- أنت بتطبق في الشغل ولا ايه ... دي الساعة داخلة علي 3
ضحك حاتم بخشونة ضحكات عالية اقترب بجسده يستند بذقنه الي راحة يده زفر يغمغم يآسا :
- اسكت دا الواحد اتنفخ من ساعة ما جه عندكوا الصعيد ... خصوصا موضوع التار دا ... في اي لحظة تلاقي الدنيا اتقلبت ... الواحد بقي يخاف يتلفت كدة يلاقي مصيبة حصلت
ابتسم جاسر مجاملا يردف في هدوء نسبي :
- ربنا يعينك ... بصراحة يا حاتم باشا أنا كنت جايلك في موضوع
حرك حاتم رأسه إيجابا سريعا ينظر له مهتما ليحمحم جاسر في فتور يردف :
- الواد اللي كان جاي هنا في القضية إياها حصل معاه إيه
قام حاتم من مكانه ليجلس علي المقعد المقابل لجاسر ... ابتسم يغمغم متهكما :
- اهو مرمي في الزنزانة ... بجدلله 15 فئ 15 علي ما ترفع القضية ... شهل شوية يا جاسر .... دي قضية شروع في قتل مش سرقة موبايل
نظر جاسر لادهم ليراه ينظر ناحية حاتم نظرات غامضة غاضبة في آن واحد ... تنهد حائرا عقله يرفض بكل المقاييس ما سيفعله ... عاد ينظر لحاتم من جديد يغمغم في هدوء حذر :
- لاء أنا هتنازل عن المحضر ... ويا ريت لو تعرف تخلص إجراءات خروجه في أسرع وقت
نظر حاتم لجاسر متفاجاءً .... بعد جدال طويل يحاول حاتم إثناء جاسر عن رأيه بينما أدهم يجلس صامتا يتابع ما يحدث في هدوء تام ... انتهت المفاوضات اخيرا حين زفر حاتم يتمتم مستاءا :
- أنت يا جاسر أنا نصحتك وأنت مش عايز تسمع كلامي ... النوع اللي زي الواد بيكره أي حد أحسن منه مش بعيد يإذيك تاني
تحرك حاتم من مكانه ناحية مكتبه يضغط الجرس الصغير ليدخل العكسري ادي التحية لحاتم ليردف الأخير آمرا :
- هاتلي مراد وحيد مختار من الحجز يا ابني
حركت العسكري رأسه إيجابا يؤدي التحية خرج من الغرفة يوصد الباب خلفه غاب بضع دقائق ... ليصدر بعدها صوت دقات منظمة علي باب الغرفة سمح حاتم للطارق ... دخل العسكري يمسك أدهم من ذراعه الأيسر دفعه للداخل يؤدي لحاتم التحية مرة أخري قبل أن يخرج من الغرفة يوصد الباب خلفه ... في اللحظة التي دخل فيها مراد إلي الغرفة توقفت عقارب الساعة عن الدوران ... توسعت عينيه الذابلة في دهشة لم يستطع إخفائها أدهم أخيه هنا ... يجلس جوار من ... جاسر ... جاسر الذي القي به بين غياهب السجون ... وها هو يجلس كملك ينظر له باحتقار كأنه خادم ذليل إليه ... أما أدهم فكست الشفقة نظرات عينيه ... ينظر لوجه مراد الشاحب عينيه الذابلة جسده الهزيل ... لحيته التي طالت .. أما السهم المسموم كان من نصيب جاسر ... ها هو يقف أمام صديق عمر سنوات طوال مرت امام عينيه ذكريات كثيرة اغلبها ضحكات يركضان كالأطفال بين الأزقة ... يتسابقان في العوم في عرض البحر ... يتذكر أنه كاد يغرق في مرة حين اصر أن ينزل للمياه بعد منتصف الليل ... وحين بدأ يغرق هرع مراد إليه هو من أنقذه من الغرق في تلك الليلة ... كيف وصل بهم الحال لهنا ... يشعر بألم بشع يجتاح صدره .... صديق العمر ماهو الا خائن يسعي لطعنه في ظهره بكافة السبل ... حتي شقيقته لم تسلم من أذاه لولا وجود غيث .... عند تلك النقطة شعر بالدماء تفور في خلاياه كم رغب في أن ينقض عليه يمزق رقبته ثم يحتضنه ويبكي .... خرج من أمواج ذكرياته العاتية علي صوت حاتم يصدح حادا :
- تعالا هنا يالا
اقترب مراد من مكتب حاتم ليدفع حاتم له ورقة فوقها قلم يحادثه ساخرا :
- جاسر اتنازل عن المحضر فللأسف البيه هيغور ... بس قبل ما تمشي تمضي علي عدم التعرض دا ... عشان لو فكرت تتعرضله تاني هجيبك من تحت الأرض ...
لم يفعل مراد شيئا سوي أنه امسك القلم بأصابع ترتجف من الضعف في المدة التي قضاها بالداخل لم يكن أحد يعرف أين هو لم يكن يزوره احدا ... كان المساجين يعطفون عليه ويعطونه بعض الطعام ... خط اسمه علي سطح الورقة ... ما حدث بعدها شعر بيد أدهم تجذبه ... وقام جاسر يصافح الضابط ... جذبه أدهم للخارج وقف أمام سيارته ينظر لجاسر مد يده يصافحه ممتنا :
- متشكر يا جاسر حقيقي مش عارف أشكرك ازاي
لم تتغير تعابير وجه جاسر الحادة فقط مد يده يصافح أدهم ... في نفس اللحظة التي دق فيها هاتفه برقم والده فتح الخط يجيب ليسمع والده يصيح فيه :
- جاسر ... شاهيناز بتولد .... انا خدتها وطالع علي المستشفى اللي في البلد ... حصلني
زفر جاسر حانقا يصيح محتدا :
- ما تولد ولا تغور في ستين داهية ... لا هي مراتي ولا اللي في بطنها ابني ...
اغلق الخط مع ابيه نظر لادهم يصيح ساخرا :
- عشيقة البيه بتولد ... مبروك هيبقي أب ...
قطب أدهم حاجبيه مستنكرا ما يحدث لا يفهم حقا ما يقول جاسر ... ليخبره جاسر أن يتبعه بسيارته ... وقد فعل استقل سيارته يتحرك خلف سيارة جاسر .... التفت برأسه ينظر ناحية مراد ليراه ينظر للفراغ شاردا ... عينيه منطفئة ذابلة لا يري فيهما نظرة السخرية الدائمة ... تنهد يزفر أنفاسه تعبا ليسمع صوت ضعيف خرج من بين شفتي مراد فقط كلمة واحدة :
- شكرا
وبعدها صمت ظل صامتا ... لا ينطق بحرف وادهم ما يجد يقوله هو حقا لا يفهم ما يحدث من الأساس .... وصلت سيارة جاسر إمام مدخل مستشفي نزل منها ليوقف أدهم سيارته ... تحرك لينزل ليتحرك مراد معه ... سارا معا خلف جاسر لاحظ أدهم أن مراد ينظر أرضا دائما ... وكأنه لا يرغب في رؤية العالم من حوله .... وصلت الخطوات أمام غرفة العمليات وقف جاسر يبتسم ساخرا الأمر برمته لا يهمه ولكنها اوامر أبيه ... دقائق طويلة قبل أن يصدح صوت صياح طفل قادم من داخل الغرفة ... صوت صياح الطفل جعل مراد يرفع عينيه ينظر لباب الغرفة المغلق ليجده يُفتح من الداخل وظهرت ممرضة تحمل طفل او طفلة صغيرة نظرت للثلاث رجال نظرة حزينة تغمغم بخفوت :
- مين والد الطفلة
ابتسم جاسر ساخرا يشير بيده ناحية مراد لتتقدم الممرضة منه تعطيه الطفلة حملها بين ذراعيه ينظر لها مدهوشا ... توسعت حدقتيه الذابلة ينظر لقسمات وجهها البريئة ... نقاء العالم كله يحمله بين يديه ... بينما في داخله السواد والشر والغيرة ... اجفل علي صوت الممرضة تتمتم حزينة :
- البقاء لله والدة الطفلة تعيش أنت ... ربنا يخليك ليها
شخصت عينيه من جديد تلك المرة في فزع شاهيناز ماتت ... ماتت هكذا فجاءة ... شعر بقدميه ترتخي تمسك بذراعيه جيدا بتلك الصغيرة التي يحملها ... ليتهاوي علي المقعد خلفه ينظر للفراغ ذاهلا ... شاهيناز ماتت ... ماتت في لحظات ... ماتت دون أن تصبح تلك الثرية التي حلمت أن تكون ... ماتت بعد أن أخطأت مئات المرات ... ولم تسنح لها الفرصة للتوبة ... لم يكن هناك وقت ... انتشلها الموت فجاءة .... صدق من قال أن الحياة ليست سوي ومضة .... الحياة بكل زيفها عقدها تلك الحكبات الغريبة التي نتشابك ونتصارع فيها ما هي إلا ومضة سريعة تُجبرك علي فتح عينيك أو غلقهما ... تصل بك للنهاية او تدفعك للبداية ...
ومضة تري فيها حياتك كاملة عرض مسرحي سريع الحركة تراقب من بعيد تشاهد نفسك وأنت بطل الحكاية
... ومضة تلفك بالكامل داخل نفق سرمدي تعلو بك لتطفو بعيدا بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول ... أنت هنا الآن وربما غدا لا.... انهمرت الدموع من مقلتيه بعنف .... لا يعرف ايبكي عليها ام علي حاله .. ام علي الزمان الذي أوصله لما هو عليه الآن ... شهق يبكي بعنف يتمسك بتلك الرضيعة بين يديه ... نظر أدهم له مشفقا ...ليتحرك سريعا يجلس جواره يربت علي كتفه برفق ... بينما توجه جاسر ناحية مراد وقف أمام مباشرة يطالعه بنظرات قاسية حادة :
- مش عارف اقولك مبروك ولا البقية في حياتك ... أنا مش عايز اشوف خلقتك تاني يا مراد ... صدقني أنا طلعتك بس عشان أدهم ... انما لو لمحتك تاني هنسفك ...
اشار للطفلة الساكنة بين ذراعي مراد يحادثه ساخرا:
- ابقي ربيها كويس يا مراد وخد بالها عليها كويس ... أحسن يجي عيل صيع يضحك عليها ويضيع شرفك ... خد بالك الدنيا دوارة
خفق قلب مراد هلعا ما أن جالت الفكرة برأسه ... ليضم الطفلة لصدره يحرك رأسه نفيا سمع صوت بكائها الجائع في تلك اللحظات ليبعدها عنه يبسط كفه تحت رأسها الصغير ينظر لوجهها بأعين تنهمر منها الدموع بلا توقف يغمغم :
- ما تخافيش أنا مش هسيبك زي ما هما عملوا فيا زمان ... هربيكي كويس ... كويس أوي
أدمعت عيني أدهم ينظر لشقيقه حزينا مشفقا وكانت فقط نظرة أخيرة التي ألقاها جاسر علي مراد قبل أن يغادر المكان بأكمله مع بداية شروق الشمس
___________________
لا يصدق حقا لا يصدق أنه يقود سيارته الآن الرابعة فجرا عائدا الي منزل والدهم لأن شقيقته الحبيبة التي يود خنقها حالا أصرت علي السفر وهو لقلبه الطيب لم يكن ليرفض ... سحقا لقلبه الطيب ... التفت برأسه ينظر للجالسة جواره نظرة سريعة خاطفة ليراها تنظر من خلال نافذة السيارة المفتوحة عينيها شاردة تسبح في الفراغ البعيد ... رأي دمعة تهبط من مقلتيها لترفع يدها سريعا تمسحها قبل أن يراها ....تنهد حزينا علي حالها ... لينا مرت حقا بفترة بشعة ولكنها الآن تتحسن ... يعرف ما يؤلمها الآن ... شعورها بالذنب والألم ... قلبها الجريح ... يعرف أنه من المستحيل أن يتجاوز زيدان بسهولة ما حدث ويعودا ولكنه فقط يتمني ... رسم ابتسامة حانية علي شفتيه ... ليمد يده يخرج قطعة حلوي من جيب سترته يعطيها لها ابتسمت له ابتسامة شاحبة تأخذها منه ... ليسمع صوت يغمغم ساخطا :
- وأنا فين الشوكولاتة بتاعتي ... انا بتوحم وعايزة شوكولاتة
ضحكت لينا بخفة بينما حسام لسهيلة من خلال مرآة السيارة الأمامية رفع حاجبه الأيسر يردف ساخرا :
- لاء حضرتك أنا الدكتور مش جوزك ... بتفكريني بواحدة بعتتلي رسالة قبل كدة علي الواتس بتسأل سؤال متخلف ، دكتور معلش هو أنا ممكن ابلع شامبو عشان اغسل شعر البيبي .... انا شوفت الرسالة وقومت اخد حباية الضغط .... رجعت لقيتها بعتالي
إنت ازاي تشوف الرسالة وما تردش عليا ... أنا الدكتور يا امي مش جوزك
انفجرت لينا وسهيلة في الضحك حتي أدمعت أعينهم حسام حقا يملك حس فكاهي يُحسد عليه ... قذف حسام قطعة حلوي ناحية سهيلة لتبتسم سعيدة فتحتها تأكلها بنهم .... استمر الطريق ضاحكا خاصة مع حكايات حسام مع المرضي التي لا تنتهي ابداا ...
____________________
علي صعيد آخر تتحرك هنا وهناك ... حركتها مضطربة سريعة بين المطبخ وغرفة الطعام تخرج للصالة تنظر أن جاء أحدهم أم لا ... نزل هو من أعلي في تلك اللحظات ليجدها تطل برأسها من غرفة الطعام تنظر ناحية باب المنزل المغلق تحرك بخفة يسير علي أطراف أصابعه الي أن صار خلفها ليغمغم فجاءة :
- بتعملي ايه يا لينا !
قفزت من مكانها تشهق مذعورة التفتت له ترميه بنظرة حانقة مغتاظة كورت قبضتها تصدمه علي صدره بعنف تصيح غاضبة :
- مش هتبطل حركاتك دي جبتلي صرع
ضحك بملئ شدقيه علي منظرها الغاضب خاصة وجنتيها الحمراء ... جبينها المعقود تشبه طفلة غاضبة ... كتف ذراعيه أمام صدره يحرك حاجبيه عبثا :
- بصراحة ما قدرتش ما اخضكيش وانتي واقفة عاملة زي الجواسيس كدة ... كنتي بتبصي علي الباب ليه
تنهدت حانقة من كلماته السخيفة كتفت هي الأخري ساعديها تحرك ساقها اليسري بسرعة متوترة :
- كنت بشوف لينا جت ولا لسه ... وحشتني اوي يا خالد مش مصدقة أن شهر كامل عدي من غير ما اشوفها وخصوصا وهي في حالتها دي
ابتسم لها برفق ليمد يديه يحتضن وجهها بين كفيها نظر لزرقائها الساحرة يغمغم مترفقا :
- بقت كويسة ... صدقيني بقت كويسة ... أنا متابع قاسم خطوة بخطوة ... دلوقتي هتشوفيها
اطمأن قلبها قليلا فقط قليلا لن تهدئ إلا حين تري ابنتها أمام عينيها ... ارتسمت ابتسامة متوترة علي شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب ... ليميل هو برأسه يقبل قمة رأسها ... ابتعدت عنه سريعا خجلة حين سمعا معا صوت زيدان يغمغم بصوت خبيث ماكر عند أسفل درجات السلم :
- جري ايه يا خالي ... صباح التحرش
نظر خالد لزيدان محتدا بينما ابتسم الأخير ابتسامة واسعة بريئة استفزازية للغاية ... حين اقترب زيدان من خالد صفعه الأخير علي رقبته من الخلف يغمغم حانقا :
- عيل رخم
مسد زيدان رقبته من الخلف ينظر لخالد كطفل صغير غاضب ولينا تقف تضحك علي مشاحنتهم معا .. قاطع تلك اللحظات صوت جرس باب المنزل ... شهقت لينا فرحة لتهرول ناحية الباب تفتحه صرخت سعيدة باسم ابنتها لتضمها إلي أحضانها تبكي بلا توقف ....
يقف هو كان كتمثال من حجر له قلب من نار!
... دقات قلبه تتصارع تفور كحمم بركانية تأكل صدره .... لما لم يخبره أحد أنها ستأتي ... كان سيرحل قبل أن تأتي ... يكفي ذلك الشعور الذي يسلب لبه يسيطر علي كيانه كاملا ما أن يراها كأنها جنية خرجت من أعماق الجحيم لتؤرجحه علي لهيب العشق ... يحبها بل يعشقها ولا يكره أحد في الدنيا سواها
بعد عناق حار مع والدتها تركتها تنظر له ... يقف بعيدا عنهم بضع خطوات فتح لها ذراعيه ما أن رآها لتهرول إليه ترتمي بين أحضانه تبكي بلا توقف :
- سامحني يا بابا أنا آسفة....
قاطعها قبل أن تكمل ما تقول حين ابعدها عنه احتضن وجهها بين راحتيه ينظر لها مبتسما يغمغم في ترفق :
- هششش ... خلاص اللي فات هننساه مش هنتكلم عنه ولا هنتفكره حتي ... كلنا بنفتح صفحة جديدة ... خلاص
صفحة جديدة ابتسم ساخرا ما أن خاله تلك الجملة ... كيف يبدأ صفحة جديدة وصفحاته القديمة لا زالت تحرق جوا روحه كل حرف فيها كتبه بدماء عشقه ... دماء ترفض الاحتراق تتجدد من جديد مثل العنقاء تحيي كلما احترقت ... شعر بحرارة جسده تزداد حين رآها تتقدم ناحيته بصحبة والدها .... يشعر بالاختناق انفاسه تحتضر داخل رئتيه وكأنه كان يركض في صحراء لاهبة شمسها كجمر في كبد السماء .... توقفت أنفاسه في اللحظة التي وقفت فيها أمامه وتلاقت مقلتيها بعينيه للحظات بسيطة .... قبل أن يشيح هو بوجهه يلتقط بأنفه إعصار هواء يخمد نيران قلبه ... يمسك به زمام مشاعره ... التفت لها يبتسم في هدوء مد يده ليصافحها يتمتم مبتسما :
- حمد لله علي سلامتك يا لينا .... حسام اخيرا يا جدع رجعت
تلك الجملة الصغيرة فقط هي من نطقها قبل أن يتركها ويغادر مهرولا ناحية حسام يعانقه بقوة ... اختفت الابتسامة التي نبتت علي شفتيها ... كان يرحب بها برسمية شديدة حتي ابتسامته كان فقط من باب المجاملة ... نغز حاد مؤلم عصف بقلبها ... شعرت بيد والدها تجذبها خلفه ببطئ ليتحرك بها ناحية غرفة أخري تلك ليست غرفتها فتح الباب دخل إلي الغرفة يجذبها معه نظرت للغرفة حولها في دهشة ... الغرفة تشبه غرف الاطفال يكفي رسومات ديزني التي تملئ الحوائط ... دولاب الملابس يشبه دولاب الملابس المتكلم في فيلم الجميلة والوحش ... غرفة لطفلة لا تتعدي الخامسة ... عادت تنظر لوالدها تسأله بعينيها عما يحدث .... ليبتسم هو في حنو اقترب منها يمسك ذراعيها بكفيه يحادثها مبتسما :
- احنا قولنا هننسي اللي فات كله حتي اوضتك القديمة أنا قفلتها علي كل الذكريات الوحشة اللي فيها ومش هتتفتح تاني ابدا ...
ابتسمت للحظة واحدة فقط قبل أن تندثر ابتسامتها تختفي شيئا فشيئا توترت حدقتيها سؤال يتردد في عقلها تود النطق ويرفض لسانها فعل ذلك قرأ خالد حيرتها المضطربة في مقلتيها ليجذبه جلست علي حافة الفراش وهو جلس جوارها يسألها مترفقا :
- عايزة تقولي حاجة ؟
حركت رأسها إيجابا تنهدت بحرقة قلبها الرافض لذكر ذلك الاسم من جديد رفعت حدقتيها المضطربة تنظر لوالدها تسأله بتوتر ظاهر :
- ههو فيين
استشف عن من تسأل ذلك الثعلب الخبيث الذي كاد يودي بحياة ابنته إلي الهاوية ... بسط يده أسفل ذقنها ابتسم يردف بتروي :
- احنا مش قولنا مش هنجيب السيرة دي تاني .... هو مش هيظهر تاني في حياتك خلاص ... مرمي في السجن هو وامه تحت حراسة مشددة تحت عينيا ... ما تخافيش
أبيها ذكر فقط اثنين ذلك الرجل العجوز أين هو .... قطبت ما بين حاجبيها تغمغم في عجب :
- والراجل اللي كان قاعد علي كرسي راح فين
رفع خالد كتفيه لأعلي علامة علي جهله ابتسم ساخرا يتمتم يآسا :
- والله يا بنتي ما اعرف ... عمك حمزة خفاه تقريبا ما تفهميش عمل إيه ... بس هو ما قتلوش دا اللي أنا أعرفه ... عمل فيه ايه بقي ... عمك حمزة دا عدي توب السفاحين فأنا حقيقي مش عارف
خرجت ضحكة صغيرة للغاية من بين شفتي لينا سرعان ما تلاشت ... ويحل محلها غضب قاسي ينخر في قلبها بعنف نظرت ناحية والدها تغمغم في شرود قاسي :
- أنا عايزة أشوفه يا بابا
حرك خالد رأسه نفيا بعنف يرفض مجرد الفكرة لن يجعلها تفعلها ذلك قريبا او بعيدا حتي ... مد يده يقبض علي كف يدها يحادثها بصرامة :
- لا يا لينا انتي لسه ما وصلتيش للمرحلة اللي تخليكي تشوفيه تاني ... انتي لسه في اول العلاج وهو كائن مستفز كلامه هيرجعك لنقطة الصفر تاني ... لما احس أنك هتقدري أنا بنفسي هخدك من أيدك ... عشان تشوفيه مرمي زي الكلب ... عشان يعرف أن بنت خالد السويسي ما فيش حاجة تقدر تكسرها ... انما دلوقتي لا بكل المقاييس
ابتسمت شاردة تحرك رأسها إيجابا ... في لحظة دخول والدتها تحمل صينية كبيرة عليها الكثير والكثير من الأطعمة ابتسمت تنظر لابنتها تحادثها في حماس مشتاق :
- ايه رأيك في الأوضة أنا اللي مختارة كل حاجة فيها ... يلا كلي ... الواد حسام ما رديش ياكل وطلع ينام والله لاصحيه يروح العيادة بتاعته .... وزيدان مشي بس قولتله لازم يجي علي الغدا ..و جاسر جاي كمان لما عرف انكوا جيتوا اتصل وقال ج .مممممم
صمتت تماما حين قام خالد سريعا يضع كفه علي فمها يمنعها من الاسترسال في حديث لا نهاية له ... نظر لها مدهوشا يتمتم في ذهول :
- بسسسس .... ايه كل الرغي ... هي لينا اللي كانت وحشاكي ولا الرغي اللي كان وحشك ...
نظر لابنته يردف مازحا :
- معلش يا حبيبتي ماما شكلها هنجت من الفرحة ... كلي انتي وارتاحي من السفر ...
لف ذراعه حول خصر لينا يجذبها لخارج الغرفة يسير بظهره بينما هي تحاول عض كفه باسنانها ليبعد يده عن فمها ... خرج بها من الغرفة ليجذب الباب سريعا يغلقه خلفه ... ضيقت لينا عينيها تنظر لزوجها حانقة رفعت حاجبيها في توعد تغمغم :
- بقي أنا رغاية وهنجت ... طب اعمل حسابك بقي أنك هتنام في الأوضة التانية
قالتها لترفع رأسها بغرور انثي ومن ثم تركته ورحلت سريعا من أمامه لتتوسع عينيه في فزع مضحك يتمتم متحسرا :
- يعني كان لازم اقول رغاية البس يا ابن السويسي !
________________________
مرت عدة ساعات طويلة الساعة الآن الثانية عشر ظهرا في منزل عمر .... تحديدا في غرفة نومه هرولت تالا للمرة الخامسة تقريبا خلال عشر دقائق الي المرحاض تخرج كل ما في جوفها حتي لم يعد يسكن احشائها شي ... اقترب عمر منها يسند جسدها برفق إلي الفراش ينظر لحالة الهذال التي تملكتها فجاءة مد يده يمسح علي خصلات شعرها يغمغم قلقا :
- مالك بس يا تالا من الصبح وانتي وشك أصفر وشكلك تعبان بجد
حركت رأسها إيجابا تمسد بكفها علي بطنها انكمشت قسمات وجهها ألما تهمس بصوت ضعيف متألم :
- مش عارفة يا عمر تعبانة أوي ... حاسة بوجع جامد
دقت سارة باب الغرفة في تلك الأثناء سمح لها عمر بالدخول لتدخل تمسك في يدها كوب عصير اقتربت من والدتها تنظر لها قلقة تحادثها بتلهف :
- أنا عملتلك عصير ... يا ماما قومي نروح نكشف مش هينفع حالتك دي بجد
حرك عمر رأسه إيجابا سريعا يؤيد فكرة ابنته بينما حركت تالا رأسها نفيا تهمس بنبرة خاملة :
- ما فيش دكاترة نسا بيبقوا فاتحين دلوقتي يا سارة ... كلهم بيفتحوا بليل
تحرك عمر من مكانه يخرج ثيابه من الدولاب يغمغم سريعا في قلق :
- يا ستي هندور مش هنخسر حاجة ... أنا هروح اغير في الاوضة التانية ... سارة ساعدي ماما تلبس
حركت سارة رأسها إيجابا سريعا بينما تحرك عمر لخارج الغرفة ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي تالا ... ها هو عمر الذي أحبت قديما يعود من جديد ... قامت ببطئ تستند علي يد ابنتها لتبدل ثيابها بأخري
_____________________
تذمر حسام حانقا مع صياح زوجة أبيه الشريرة التي ظلت جوار رأسه ما يقارب نصف ساعة تصيح بجملتين فقط :
- اصحي يا حسام ... والله لهتقوم تروح العيادة
زفر حانقا يضحك ساخرا لينا الشريرة ... اسم لا يليق عليها تماما ... زوجة أبيه تحاول جاهدة أن تعامله كوالدته الراحلة ولكنه لن يسمح بذلك بالطبع ... صحيح أنها قصيرة ولكن صوتها المزعج يفوق منزل أبيه في الارتفاع ... لم يجد حلا آخر سوي أنه استيقظ ينظر لها حانقا كطفل صغير ... لتبتسم هي ابتسامة لطيفة قرصت وجنته برفق تغمغم مبتسمة :
- شطور يا حسام صحصح بقي علي ما اعملك الفطار عشان تروح تفتح العيادة اللي مقفولة بقالها قرن دي
ثم خرجت في هدوء تام وكأنها لم تحدث إعصار للتو ... قام حانقا من فراشه يضرب الأرض تحت قدميه لا يرغب سوي في النوم ... التقط هاتفه يحادث الممرضة يخبرها أن تذهب إلي العيادة وتخبر المرضي بأنه سيأتي اليوم ... تثأب ناعسا يمط ذراعيه في الهواء تحرك الي المرحاض اغتسل وبدل ثيابه بقميص أسود وسروال من نفس اللون وضع نظارته الطبية علي عينيه يلتقط حقيبة جهاز « اللاب توب » ... نظر لصورته في المرآة ليصدح في رأسه جملة والدته التي تقولها له دائما
« بسم الله ما شاء الله ... ربنا يحرسك يا ابني»
ادمعت عينيه حين تذكرها وهو لم ينساها أبدا .. ازاح نظارته يمسح دموعه ليخرج سريعا من الغرفة توجه الي أسفل ليجد لينا زوجة ابيه تضع الطعام علي الطاولة ... تحرك هو ناحية باب المنزل ليلحق به صوتها تغمغم متلهفة :
- مش هتفطر يا حسام ...
التفت برأسه لها يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يحرك رأسه نفيا :
- معلش ماليش نفس مش جعان
تنهدت حزينة علي حاله ..... ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تحادثه برفق :
- طب يا سيدي ممكن ما تتأخرش عن الساعة 5 عشان هنتغدي كلنا مع بعض
ابتسم لها من جديد يحرك رأسه إيجابا ... تحرك للخارج منها الي سيارته يأخذ طريقه الي عيادته الخاصة ... كان ينهي عمله في مستشفي الحياة ويذهب إليه ليلا مرتين او ثلاث علي الأكثر في الأسبوع ... مر بعض الوقت إلي أن وقف بسيارته أمام العمارة السكنية التي تقع فيها عيادته ... نزل من السيارة يلتقط حقيبته الخاصة ... توجه الي اعلي لتتوسع عينيه في دهشة حين رأي العيادة مزدحمة لا موضع لقدم فيها تحرك بصعوبة بين الناس يلج الي غرفته الخاصة ... نظر للمرضة قبلا يحادثها :
- عشر دقايق وهاتيلي ورقة الكشوفات
حركت رأسها إيجابا سريعا ...تنفذ ما يقول
بينما في الأسفل وللصدفة البحتة الغير مقصودة بالمرة !!!!! ... وقفت سيارة عمر بعد بحث طويل عن عيادة لطبيب النساء تعمل الآن لم يجد للأسف سوي تلك ... نظر لاسم الطبيب الذي يعلو لافتة العيادة ليبلع لعابه يغمغم في نفسه :
- يارب يكون تشابه أسماء
نزل سريعا من السيارة يسند تالا يصعد بها إلي العيادة نظر مدهوشا لاعداد الناس الضخمة ليقترب من الممرضة سريعا يغمغم متلهفا :
- لو سمحتي معلش أنا مراتي تعبانة جدا ومش هتقدر تستني. .. لو في كشف مستعجل عاجل .... حتي لو بعشر اضعاف السعر
حركت الممرضة رأسها بالإيجاب تأخذ منه البيانات تملئ بها الاستمارة أمامها ... تحركت تأخذ الأوراق لمكتب حسام دقت الباب تدخل الي المكتب وضعت الأوراق أمام حسام علي المكتب تغمغم سريعا :
- دكتور في واحد برة بيقول أن مراته تعبانة جدا ... استمارته عندك اهي ... ادخله الأول اصله جاي آخر واحد
نظر حسام للاستمارة الماثلة امام عينيه ليرتفع جانب فمه بابتسامة خبيثة عمه الحبيب هنا ... يلا فرحته العارمة ... رفع وجهه ينظر للممرضة يتمتم في هدوء تام :
- دخليه أول واحد ... وما تستقبليش كشوفات تاني عشان أنا مش هطول النهاردة
تحركت الممرضة للخارج لحظات فقط وسمع دقات علي باب الغرفة سمح للطارق بالدخول دخل عمر يُسند تالا زوجته ... توسعت عينيه في دهشة حين أبصر حسام يجلس أمامه بينما ارتسمت ابتسامة كبيرة واسعة علي شفتي حسام يغمغم مرحبا :
- عمي حبيبي وجد عيالي ... دا ايه الطلة البهية دي
احتقن وجه عمر غضبا الوقح ابن ابيه هنا ... مال برأسه علي إذن تالا يهمس لها حانقا :
- تعالي نشوف دكتور تاني بدل الواد دا
حركت تالا رأسها نفيا تهمس بصوت خفيض مرهق :
- يا عمر أنا تعبانة مش قادرة حقيقي
زفر حانقا يحرك رأسه إيجابا التفت خلفه ليجد سارة تدخل إلي الغرفة تغلق الباب خلفه ... نظر ناحية حسام سريعا ليجد عينيه علي وشك أن تخرج قلوب حمراء ... حمحم عمر حانقا يتجه بزوجته جلست تالا علي المقعد المجاور لمكتب حسام وقف عمر مواجها لها لأن الكرسي الآخر مكسور ... ذلك الطبيب المهمل لم يكلف خاطره ويصلح الكرسي المكسور .... تحركت سارة بقلب يسمع صدي نبضاته في المكان ناحية والديها تحاول بشتئ الطرق أن تبعد عينيها عن ذلك الوسيم الذي يجلس هناك ... لا مقاعد أخري لها وقفت جوار والدتها لتسمع صوته يحادث والدتها :
- قوليلي بقي يا مدام تالا حضرتك بتشتكي من ايه
قطبت تالا جبينها متعجبة حين رأته يقوم من مكانه حمل مقعده الكبير يضع جوارها نظر لسارة للحظات يبتسم في ولة في ولة :
- اقعدي
ليعاود النظر لتالا ينظر لها باهتمام بمعني اكملي أنا أستمع ... بدأت تالا تقص عليه ما تشعر به من آلام هو يقف خلف مكتبه يحاول اختلاس النظرات بين حين وآخر لتلك التي تجلس تكاد تنصهر خجلا ... عاد ينظر لتالا ما أن انهت ما تقول ليشير لها لفراش الكشف يغمغم مبتسما :
- طب اتفضلي حضرتك نعمل سونار نطمن علي الجنين
استندت تالا علي يد سارة تساعدها للتوجه إلي الفراش تحرك حسام يتجه ناحيتهم ليجد عمر يقف أمامه يحادثه حانقا :
- أنت رايح فين يالا
ابتسم حسام في استفزاز يكتف ذراعيه أمام صدره يغمغم :
- رايح اعمل سونار
لكزه عمر في صدره بحدة يردف في غيظ :
- ما هي قالتلك ايه اللي تاعبها لزمتها ايه السونار ... يا دكتور علي ما تفرج إنت
لم تتغير ابتسامة حسام الاستفزازية السخيفة فقط مال برأسه علي إذن عمر يهمس له مستمتعا :
- ما تقلقش لما بيجي راجل غيران علي مراته بقوله ما تقلقش زي اختي ، أمي ... إنما مرات حضرتك أنا هعتبرها زي حماتي بالظبط ... وبالعدين أنا البيبي دا يهمني جدا ... دا هيبقي خال العيال
اشتعلت أنفاس عمر غضبا كم ود لو يمسك في عنق ذلك المستفز شبيه أبيه يخنقه حتي الموت ...بينما توسعت ابتسامة حسام تحرك ناحية فراش الكشف ... يوجه عينيه للشاشة أمامه يحرك رأسه إيجابا يهمهم في هدوء :
- لاء تمام ... تمام ما فيش اي مشاكل ... هي عامة الأعراض دي طبيعية جدا بس ممكن عشان حضرتك ما حملتيش من مدة طويلة فحاسة الموضوع جديد عليكي
حركت تالا رأسها إيجابا بوهن تغمغم بخفوت :
- ايوة فعلا عندك حق ما حملتش من بعد سارة وسارين
وجدها حسام فرصة ذهبية ليلتفت برأسه ناحية سارة يبتسم في وله مراهق يغمغم لها :
- ينفع كدة يا سارة ماما تخضنا عليها وهي زي الفل
خرجت ضحكة خافتة من بين شفتي سارة تشيح بوجهها بعيدا في خجل ليقبض عمر علي وجه حسام يدير وجهه بعنف ناحيته هو يصيح فيه :
- أنت مالك ومال سارة خليك في اللي بتعمله
حمحم حسام في حرج يعدل من وضع تلابيب ملابسه يغمغم مبتسما :
- عامة احنا محتاجين نعمل صورة دم كاملة ... أنا ممكن اخليك تلف علي المعامل ... بس أنا هاخد بنفسي العينة وابعتهى للمعمل
التفت برأسه مرة أخري ناحية سارة يغمغم مبتسما :
- شوفتي أنا حنين ازاي
جذب عمر رأسه بعنف مرة أخري بعيدا عن ابنته ... اعتدلت تالا في جلستها بينما قام حسام ناحية صيدلية غرفته الصغيرة يخرج ( سرنجة فارغة ) .... اقترب من تالا لتنكمش قسمات وجهها خوفا تختبئ بين أحضان زوجها :
- لا انا بخاف من الحقن
رفع حسام حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد المبتذل أمامه ... ليلتفت برأسه ناحية سارة من جديد يسألها بنفس النبرة الحالمة :
- انتي بتخافي من الحقن يا سارة
عند ذلك الحد ترك عمر زوجته ليندفع ناحية حسام قبض علي تلابيب ملابسه يصيح فيه :
- لا بقئ ما أنا مش قرني قدامك اتلم يا ابن خالد بدل ما اطلعك في صفحة الحوادث ... عم يقتل ابن أخيه ويمثل بجثته
ابتسم حسام في براءة يلتفت برأسه ناحية سارة يغمغم بحالمية :
- طب ما تيجي نغير عنوان الخبر ... ويبقي عم يزوج ابنته لابن أخيه الطيب الغلبان وأنا أكشف عليكوا بالمجان ... الله عليا في الشعر !