رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الثاني والستون
عشقهما معا حقق المعجزات ... سطرت معه اولي صفحات عشق الصياد لمعجزته !!
كانت نائمة بين طيات غيمة وردية تلحق بها في اقاصي السحاب ... حين شعرت بلساعات من أشعة الشمس تحرق وجهها ...قطبت ما بين حاجبيها تحاول الابتعاد بوجهها عن تلك الحرارة تأفتت حانقة تفتح مقلتيها بصعوبة لتبصر شرفة غرفته مفتوحة علي مصراعيها ومن أشعة الشمس الحارقة يبدو أن الوقت قد تعدي الظهيرة .... تمطت بذراعيها تشعر بالخمول كم ترغب في العودة للنوم من جديد ... لحظات فقط وبدأت تتدفق ذكريات عدة الي رأسها عثمان السباق الجائزة كلمات عشقه التي نطقها بلا خجل بين جموع الناس في السباق ... السيارة ... عثمان يحملها ... الباب يصفع ... ومن ثم
اجفلت فجاءة علي حركة جوارها لتجد عثمان يدخل إلي الغرفة يحمل صينية طعام متوسطة الحجم يحمل عليها أصناف عدة تفوح رائحتها الشهية في الغرفة بأكملها تجعل معدتها تموء جوعا .... نظرت لساقيه وهو يتحرك بسهولة لترتسم علي شفتيها تلقائيا إبتسامة صغيرة عاشقة ... كم كانت الفترة السابقة صعبة بكل ما تعنيه الكلمة من معني ... إلي أن بدأ يتحرك الخطي الثقيلة صارت اخف ... إن استغني عن العكاز وباتت هي عكازه وها هو الآن يكمل طريق نجاحه للنهاية ... يتحرك متوجها إليها ... رمشت بعينيها عدة مرات حين اقترب منها يمسك بوردة بيضاء صغيرة امسكها بين يديه يضعها برفق بين خصلات شعرها يتمتم مبتسما في عشق خالص :
- صباح الفل يا مدام عثمان الصياد
ابتسمت خجلة تشيح بعينيها بعيدا عنه نظرت لاصناف الطعام الموضوعة علي الصينية تقطب جبينها في عجب ... رفعت رأسها تنظر له تسأله بخفوت :
- أنت اللي عملت الاكل دا ؟
ضحك بخفة يحرك رأسه نفيا مد يده يقرص مقدمة أنفها برفق يغمغم عابثا :
- لاء طبعا أنا ما بعرفش اعمل كوباية شاي .. طلبته جاهز ... قولت لازم لما سارين تصحي تلاقي فطارها جاهز ... عشان تاكل وتقوم تاخد شاور وتجهز عشان هنسفر الجونة بعد ساعتين
توسعت عينيها في دهشة من كم الكلمات التي ألقاها فئ دهشة ... من سيسافر وإلي أين ولماذااا ... فغرت فاهها تسأله مدهوشة :
- حيلك حيلك مين اللي هيسافر الجونة وساعتين ايه ... أنا مش فاهمة حاجة
تنهد عثمان يآسا لما يجب أن تري النساء كل شئ بذلك القدر من التعقيد والدته تفعل نفس الشئ لما لا يتصرفون فقط بسلاسة ... وما الغريب فيما قال .... ابتسم يلتقط قطعة بسكويت صغيرة من فوق الصينية يدسها داخل فمها برفق يغمغم ضاحكا :
- هنسافر الجونة شهر عسل ...دراستك هتبدأ بعد اسبوعين ... فاحنا نلحق نخطف الأسبوعين دول بدل شهر العسل اللي ما عرفناش نسافره .... يلا بقي افطري ... أنا حضرت الشنط بتاعتنا وحجزت الاوتيل
ابتسمت في سعادة تدق قلبها بعنف لا تصدق أن ما يحدث .... يحدث فعلا ادمعت عينيها فرحا تهمس بنبرة مختنقة باكية :
- مش عارفة اقول إيه يا عثمان ... بس بجد أنا مبسوطة أوي ... اللي بتعمله دا كتير أوي
أبعد الصينية الفاصلة بينهما ليقترب منها احتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها الساقطة بإبهاميه ابتسم يهمس بنبرة حانية شغوفة :
- كتير ... لا سارين ... اللي عملتيه عشاني ... ما يعوضهوش دلع الدنيا كلها ليكي ...أنا هعيش اللي جاي من حياتي عشان بس اعوضك عن كل لحظة وقفتي فيها جنب عثمان العاجز ... أنا بحبك يا سارين ... بحبك أوي
كلماته لم تزد دموعها سوي انهمارا ... ضمها يعانقها بين ذراعيه لتطوق عنقه بذراعيها تبكي فرحا تشدد علي عناقه زوجها وحبيب القلب الذي لم يعرف نابضها البرئ سواه ...خرجت من بين شفتيها ضحكة خجولة حين سمعته يغمغم عابثا :
- أنا رأيي أنك تقومي تجهزي ... قبل ما اعمل حاجات هموت واعملها
دفعته بعيدا عنها تصدمه في كتفه بخجل تحركت ناحية المرحاض توصد الباب خلفها .... توسعت عينيها في دهشة حين رأت المرحاض معد سلفا المغطس ملي بالماء الدافئ يغطي سطحه فقاقيع الصابون مناشف نظيفة ... حتي ملابس السفر معلقة خلف علي حامل بعيدا عن المغطس حتي لا تبتل ... ابتسمت في عشق كم تعشق ذلك الرجل .... اغتسلت وبدلت ثيابها بأخري نظيفة ...خرجت من المرحاض تبحث عنه بعينيها لا أثر له ... الفراش نظيف مرتب يبدو أنه قد رتبه للتو ... توجهت ناحية مرآة الزينة تجفف خصلات شعرها بمجفف الشعر الكهربائي ... دقائق إلي أن انتهت ابتسمت تعقد خصلات شعرها علي شكل جديلة متوسطة الطول .... وقفت تنظر لانعاكسها مبتسمة ... شردت في حياتها السابقة وفيما هو قادم لتشهق فجاءة حين ظهر خلفها في سطح المرآة شهفت بخفة تغمغم :
- خضتني يا عثمان
ضحك هو بخفة يسقط برأسه برفق علي كتفه ابتسم يغمغم :
- ما انتي اللي كنتي في دنيا غير الدنيا ... مين اللي واخد عقلك اكيد أنا صح
ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب نظرت لانعاكسهما معا في المرآة للحظات طويلة قبل أن تختفي ابتسامتها سلطت مقلتيها علي عينيه تسأله دون أن تلتف له :
- عثمان هو إنت فعلا بتحبني بجد !
قطب ما بين حاجبيه مستنكرا ما تقول بما تهذي تلك الحمقاء ... نظر لها متعجبا لتبلع هي لعابها تغمغم بصوت خفيض متردد :
- يعني أنت هتفضل تحبني عشاني أنا ... عشان بتحب سارين ... ولا عشان سارين هي اللي وقفت جنبك ومع الوقت هتمل من حب الامتنان دا
زفر أنفاسه حانقا صدق حين قال إن النساء تعقد جميع الأمور ها هي حبيبته الحمقاء تفسد لحظاتهم السعيدة بأوهام غريبة لا توجد سوي في عقلها فقط ... امسك بذراعيها من الخلف يلف جسدها إلي أن باتت مواجهة له ... بسط يده أسفل ذقنها يرفع وجهها له نظر لمقلتيها حرك رأسه نفيا بخفة يهمس لها بهدوء :
- شيلي اي فكرة وحشة من دماغك عثمان بتاع زمان مش هو عثمان اللي واقف قدامك دلوقتي ... عثمان القديم كان شخص تافة بيجري ورا دماغه حياته كلها غلط في غلط ... إنما دلوقتي لاء ... أنا اتغيرت يا سارين ... بمجرد ما نرجع من شهر العسل هنزل شركة السويسي وهتسلم شغلي فيها مهندس برمجة ... ومشروع التخرج بتاعي أنا خلاص قربت اخلصه ... سارين أنا ببدأ معاكي أول خطوة ليا في كل حاجة حلوة ... بكرة الأيام تثبتلك أن أنا فعلا بحبك أوي يا سارين
اندفعت تعانقه بعنف تغرز رأسها في صدره تطوق ظهره بذراعيها انهمرت دموعها بين أحضانه تهمس بصوت خفيض باكي :
- وأنا كمان بحبك ... بحبك اوي يا عثمان
____________________
في منزل خالد السويسي ... تحديدا في غرفته هو ... فتح عينيه يتمطي بذراعيه ... انتصف جالسا يعبث في خصلات شعره قطب ما بين حاجبيه يحاول أن يتذكر كيف انتهي به الوضع نائما آخر ما يتذكره أنه كان يعمل علي جهاز « اللاب توب» الخاص به وجاءت لينا جلست جواره علي الفراش ...ليترك هو الجهاز بعيدا قليلا ويسقط برأسه علي قدميها لتضحك هي بخفة مدت يدها تعبث في خصلات شعره وبعدها لا يتذكر شيئا سوي أنه شعر بثقل في جفنيه مع حركة يديها الحنون ... تحرك ينزل ساقيه عن الفراش ليسمع صوت المياة تتدفق داخل المرحاض ... ابتسم في خبث لينا في المرحاض في الاغلب تستحم .. لينا عاشقة النظافة تستحم ما يزيد عن عشر مرات يوميا ... تحرك بهدوء حافي ناحية باب المرحاض وقف خلفه حتي إذا فتحته يختفي هو خلفه ولا يظهر لحظات وسمع صوت المياة تتوقف لتتوسع ابتسامته الخبيثة ...سمع الصوت يُفتح ليصبح هو خلفه سمعها تغمغم متعجبة :
- ايه دا هو راح فين ... دا أنا سيباه من عشر دقايق نايم ... معقول يكون راح عند لينا ممكن
خرج هو من خلف الباب المغلق في هذه اللحظة يطوق خصرها من الخلف يحملها عن الأرض صرخت من المفاجأة بينما ضحك هو بخشونة قرب فمه من اذنيها يهمس لها بصوت خفيض ضاحك :
- مش معقول يا لينا بتستحمي كل عشر دقايق أنا بحس جنبك اني معفن
ضحكت بخفة لتصدمه علي كف يده الممسكة بخفة تغمغم في ضيق :
- اوعي يا خالد ما تهزرش ... وبطل حركاتك دي بقي ... هتجبلي القلب
ضحك عاليا بخشونة ليحملها بين ذراعيه يتوجه بها إلي مرآة الزينة ... انزلها أرضا لتهز رأسها يآسة من أفعاله الصيبانية التي لا تتغير ... مدت يدها تلتقط فرشاة شعرها ليدني برأسه يقربها من رأسها ابتسم يغمغم ببراءة طفل صغير :
- سرحيلي شعري
ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب التفتت له ترفع يدها بالفراشه تحاول تمشيط خصلات شعره بينما هو ينظر لها يبتسم في وله عاشق مراهق يري معشوقته سرا .... رفعت حدقتيها تنظر لعينيه حين شعرت به يطيل النظر لتهمس له بصوت خفيض مبتسم :
- بتبصلي كدة ليه
حرك رأسه نفيا بخفة أخذ الفراشة من يدها يلقيها بعيدا علي سطح الطاولة يغمغم لها بصوت ببحته الخاصة في تلك اللحظات :
- مش عارف هعشقك أكتر من كدة إيه ... عارفة مجرد ما بصحي من النوم ابص جنبي والاقيكي نايمة دي السعادة في حد ذاتها ... لينا أنا عارف أنك سمعتي منك كتير بحبك بعشقك ... بس صدقيني لو في كلمات تانية وجودها توصف الحب ... كان هتبقي موجودة عشان توصف عشقي ليكِ ...
أحبك يا من تربي فؤادي فقط علي عشقك
أحبك يا من ازهرتي صحراء قلبي بربيع عشقك
أحبك يا من اخرجتي فؤادي من حجيم فراقك إلي جنة عشقك ... أحبك قبل أن تُخلق أنفاسي وحتي تتوقف نبضاتي ... فأنا قد حييت حين سقط فؤادي صريع عشقك
ادمعت مقلتيها وكالعادة عجز لسانها عن النطق بحرف أمام طوفان عشقه الجارف ... طوقها بذراعيه لتلحم جسدها بجسده تخبره كم تعشقه ... لحظات طويلة وهي تتمسك به وكأن حياتها تنبض داخل صدره ... لحظات كانت تعرف أنها لن تمر هكذا ... سيختمها بطريقة أخري هي خير من يعرفه ... وقد صدقت حين سمعته يغمغم جواار اذنيها بصوت خفيض عابث :
- ايوة يعني بعد العشق والشعر دا كله ... ماوحشتكيش البسبوسة
ضحكت يأسة كانت تعرف أنه لن يتغير ... ابتعدت عنه قليلا تصدم صدره بكفها تضحك وتنساب دموعها السعيدة فئ ان واحد تزجره بدلال :
- يا ابني بقي ... هو إنت لو كملت جملتين من غير قلة أدب ... هيقولوا اللي ما قالش أدبه أهو
ضحك عاليا قبل أن يميل يحملها بين ذراعيه يلاعب حاجبيه عبثا ... يغمغم لها في خبث :
- سوري دي ثوابت ...
قاطع ضحكاتهم صوت رنين هاتفه ليقطب جبينه غاضبا يشتم المتصل في سره انزلها أرضا برفق ليتوجه ناحية الهاتف قطب جبينه قلقا ما أن رأي اسم المتصل فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه سريعا يستمع الي الطرف الآخر عدة لحظات قبل أن ترتسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يغمغم في هدوء :
- أنا جايلك مسافة السكة
أغلق الخط بنظر له يضيق حدقتيه بغيظ يتمتم حانقا :
- قريتي يا أختي ... مش مسامحك .. شعر راسي غضبان عليكي
ظل يتمتم حانقا وهو يتوجه الي المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه بينما هي تضحك علي ضيقه ... خالد هو خالد لن يتغير
________________
في الغرفة القريبة منهم ... فتحت عينيها بهدوء تنظر لسقف الحجرة ترتسم على شفتيها شبح ابتسامة صغيرة ... فارقتها الكوابيس منذ مدة ... ليحل هو مكانها باتت تراه في جميع احلامها ... تارة يرقصان ... وتارة اخري في زفاف كبير لهما ... وأحيانا تري مشاهد سعيدة من شهر عسلهما القصير ... أغمضت عينيها متألمة حين ادركت هي أنها لا تعشق غيره ... يبدو أنه توقف عن عشقها ... إلي متي سيظلان في تلك الدوامة احدهما يركض خلف الآخر لما لا يلتقيان وينتهي الأمر ... زيدان غاضب وربما توقف عن عشقها ... ابتسامته باتت فاترة ... كلماته مجاملة بلا اي حياة .. من الاهون عليها أن يتوقف عن محادثتها من الأساس كانت وقتها ستتأكد أنه لازال يعشقها هو فقط غاضب ولكنه يتصرف بشكل طبيعي مؤلم لاعصابها ... وكأن أمرها لم يعد يعينه .... قامت من فراشها تنفض عنها الغطاء الخفيف ... توجهت الي مرآه زينتها تنظر لنفسها في المرآة تبتسم في شحوب .... لازالت جميلة ولكن تلك الشقراء تفوقها جمالا ... هل انجذب زيدان للشقراء ونسيها .. هي لا تملك ادني حق لتلومه بعدما حدث ولكنها تتألم بشدة ... قلبها ينخر من الألم عقلها يصرخ فيها وقلبها لا يتوقف عن البكاء ... تحركت إلي المرحاض تغتسل بدلت ثيابها بأخري ... خرجت من غرفتها لتجد والدها يخرج هو الآخر من غرفته ابتسم ما أن رآها ليقترب منها يطوق كتفيها بذراعيه مال يقبل جبينها يسأله بحنو :
- عاملة ايه دلوقتي يا حبيبتي
ابتسمت في شحوب تحرك رأسها بالإيجاب ليربط علي وجهها برفق يغمغم بترفق :
- طب أنا عندي مشوار سريع وهجيلكوا علي الغدا ... عايزة حاجة وأنا جاي
حركت رأسها نفيا تبتسم ... ليودعها خالد ويرحل ... توجهت هي تنزل لأسفل ... حيث غرفة المعيشة تشاهد التلفاز وقعت عينيها علي ذلك المقعد البعيد تتذكر ذكري بعيدة قريبة في الوقت ذاته حين كان يهمس لها عاشقا
« - وحشتيني يا حبة البندق ... صورتك ما بتغبش عن عيني طول الوقت بس الصورة
ما تغنيش عن جمال الأصل يا بندقتي
كلماته عاشقة محبة لطيفة ولكنها تنزل كالحمحم علي قلبها تجعله يزداد
سخطا عليه وخوفا منه تكرهه تمقته تخافه وهو مستمر بالالتصاق بها كالعلكة صعب التخلص منه .... ترقرقت دمعتين في عينيها تنظر له بمقت شديد :
_ بكرهك
مد يده ممسكا بخصلة ناعمة من شعرها الطويل الناعم كشلالات من الشكولاتة الذائبة .... ابتسم بثقة يحرك رأسه إيجابا :
_ عارف انك بتكرهيني بس وعد مني اني هخليكي مش تحبيني لاء ... تعشقيني ...تعشقي كلامي صوتي لمستي ... وعد من زيدان الحديدي وأنا عمري ما اكسر وعدي يا بنت خالي »
وقد صدق في وعده كم تشتاق في تلك اللحظة لتسمع صوته يمطرها بكلمات عشقه اللامتناهي ... كم تطوق لاحتضانه ... لتخبره أنه كان الأمان وهي فقط لم تكن تري .... أغمضت عينيها تشعر بسائل ساخن يجري علي وجنتيها .... كيف خسرت عشقه بتلك الطريقة ... فتحت مقلتيها سريعا حين شعرت بلمسة يد حنونة تمسح كم تمنت أن يكون هو .... ولكنه لم يكن رسمت ابتسامة زائفة علي شفتيه حين رأت جاسر أمامها ينظر لها قلقا يسألها :
- مالك يا لينا بتعيطي ليه يا حبيبتي
حركت رأسها نفيا تحاول إيجاد عذر تبرر به بكائها له ولكنه لم يقتنع فقط ضحك يغمغم يآسا :
- كدابة كدب الإبل ... ما تحاوليش ... أنا عارف أنتي بتعيطي ليه بس صدقيني كل حاجة هتتصلح ...
رفع عدة حقائب من الأرض جواره يفتحهم أمام وجهها يغمغم ضاحكا :
- تعالي بقي اوريكي أنا جايبلك كمية حلويات معايا يكفوكي 3 قرون قدام
ضحكت رغما عنها تنظر للحقائب الكثيرة أمامها قبل أن ترفع وجهها له تسأله سريعا :
- روحت لسهيلة
تنهد حزينا يحرك رأسه إيجابا عبث بأحدي الحقائي يتمتم شاردا :
- ايوة روحتلها ... حاولت اشوفها ... بس أبوها قالي أنها نايمة ... هي مش عايزة تشوفني يا لينا وأنا مش عارف اعمل ايه عشان أراضيها ..
شردت عيني لينا تنظر في الفراغ بحزم لن تسمح لصديقتها أن تتمادي في عنادها فتضيع عشقها كما فعلت هي قبلا
_____________________
علي صعيد آخر وقفت سيارة خالد بعد مدة أمام احدي المستشفيات نزل منها يتحرك لداخل المستشفى ... حيث يعرف جيدا اين سيذهب .... الي الطابق الثاني الغرفة 234 ... هناك حيث يوجد هدفه .. توجه إلي الغرفة ليجد الطبيب يخرج منها اقترب خالد منه يسأله باهتمام :
- اخباره ايه
حرك الطبيب رأسه إيجابا يغمغم بلهجة عملية مطمئنة :
- الحمد لله حالته بدأت تتحسن كتير عن الأول الرصاصة كانت قريبة جدا من القلب ... ولولا أنه اتلحق كان مات ... تقدر تشوفه بس ما تطولش
ابتسم خالد في هدوء تحرك ناحية الغرفة يدق بابها ... حرك المقبض ودخل ليجد شاب في منتصف العشرينات تقريبا ينتصف جالسا علي الفراش يلف شاش أبيض كبير صدره بالكامل ابتسم يخلع نظارته الشمسية اقترب خالد من فراشه يتمتم مبتسما :
- حمد لله علي سلامتك يا معاذ !!
ابتسم الفتي ابتسامة شاحبة مرهقة ينظر للواقف أمامه ممتنا ... لولا انقاذه السريع له لكان مات بالفعل ... ذلك المختل الذي اختطفه اطلق عليه الرصاص ولكن حمدا لله أن الرصاصة لم تقتله ...عرف بعد أن آفاق أن خالد اشاع خبر موته حتي يبعده عن اي مؤامرات قادمة قد تقلته ... جذب خالد مقعد يجلس جوار فراش معاذ ظل صامتا للحظات قبل أن يتنهد يغمغم مبتسما :
- أنا مش عارف اقولك ايه والله يا إبني ... أهم حاجة دلوقتي أنك بخير .... حظك معلش أنك وقعت مع عالم مجانين ... قوم أنت بس بالسلامة وأنا هفضل جنبك ... صدقني مش هسيبك
ابتسم معاذ ابتسامة شاحبة متعبة للغاية نظر لخالد يحادثه بصوت بالكاد يُسمع :
- أنت بتعمل معايا كدة ليه ... المفروض تكون بتكرهني ...هما خدعوا بنتك بشخصيتي أنا ...
ابتسم خالد مد يده يربت علي يد معاذ ذلك الشاب المسكين ... تنهد يحادثه مبتسما :
- أنت مالكش ذنب في حاجة ... ودي أقل حاجة اعوضك بيها عن سنين عمرك اللي سرقوها منك عشان ينتقموا مني ... اتحسن إنت بس ... ومالكش دعوة بأي حاجة تانية ... أنا مضطر امشي ... بس هجيلك تاني ... عايز المرة الجاية الاقيك احسن من كدة
ابتسم معاذ له ممتما لتدمع عينيه يحرك رأسه إيجابا ... قام خالد يودعه يتحرك عائدا لبيته ... ما إن نزل إلي السيارة دق هاتفه برقم عمر أخيه ما أن فتح الخط اندفع أخيه يصرخ حانقا :
- بقولك ايه يا خالد أنت تبعد ابنك عن بنتي بدل ما والله هزعلهولك ...أبنك ما شافش بجنية ونص تربية بيعاكسها قدامي ... وعمال يتنحنح بشكل سخيف ولا عاملي اي اعتبار
زفر خالد حانقا يزمجر غاضبا يقاطع سيل صياح أخيه :
- بس يا حيوان ... ودني في ايه ... فهمني براحة ايه اللي حصل ... وشوفت حسام فين اصلا
صمت عمر حانقا يقص علي أخيه ما حدث كاملا ... علت ابتسامة صغيرة شفتي خالد ... ذلك الشاب يثبت كل يوم أنه ابن ابيه حقا ... حمحم يتمتم بصوت جاد غاضب :
- لاء طبعا ما يرضينيش اللي عمله دا .. أنا هتصرف معاه لما أروح ... ما تقلقش
اغلق الخط مع أخيه لينفجر ضاحكا يردد داخل نفسه :
- هذا الشبل من ذاك الأسد
_________________________
وقفت السيارة بعد رحلة طويلة من أسيوط إلي القاهرة ... أدهم يوجه تركيزه كاملا للطريق ... بينما مراد عينيه لا تنزحان عن تلك الصغيرة النائمة بين احضانه ... يحمل في يده زجاجة حليب صغيرة اعطتها له الممرضة بعد أن قامت باطعامها مرة .... الصغيرة تنام في هدوء كملاك نزل إلي الأرض خطاءً .. كيف يمكن أن تكن بذلك النقاء ... هل كان يوما مثلها ... هو حقا لا يتذكر ... منذ أن بدأ يكبر وهو يشعر بالحقد والكرة علي الجميع .... لن يدعها تشعر بما عاني هو ... لن يبدد هالة النقاء التي تحيط بها ابدا ... صغيرته طفلته ... ابنته ... رفع وجهه ينظر لأخيه بأعين دامعة يسأله متلجلجا :
- تفتكر لما تكبر هتبقي زيي يا أدهم
تعجب أدهم حقا من نبرة مراد الباكية ... يشعر بالشفقة تأكل قلبه عليه ... حرك رأسه نفيا يحاول التخفيف عنه قليلا يهمس له مترفقا :
- هتبقي احسن منك ومني ومن الكل يا مراد ..
ابتسم الأخير في سعادة كطفل صغير يحرك رأسه بالإيجاب اخيرا وقفت السيارة نزل ادهم ومن خلفه مراد يحمل الصغيرة بين ذراعيه بحرص شديد ... وكأنه قطعة غالية من الألماس يخشي فقدها ... نظر لدكان جدته ليجده مغلقا ... قلق أدهم كثيرا من أن يكون أصاب جدته مكروها ... وذلك نفس الشعور الذي تسرب لقلب مراد ... تحرك الرجلين لأعلي يدق أدهم الباب سريعا ... هو حتي لا يتذكر أين مفاتيحه في تلك اللحظة ... لحظات ووجد جدته تفتح الباب ليندفع أدهم الي الداخل يعانقها بقوة يغمغم متلهفا :
- انتي كويسة يا جدتي ... المحل مقفول و
قاطعته منيرة تغمغم ضاحكة :
- ما تقلقش يا واد أنا بخير ... بس قولت أريح النهاردة شوية ..
أبعدها عنه يتنهد بارتياح ... ليخطو مراد إلي داخل المنزل في تلك اللحظات يحمل الصغيرة النائمة بين ذراعيه نظرت له منيرة لتدمع عينيها شوقا ... خاصة وهي تري حاله البائسة ... قطبت جبينها تنظر للرضيعة التي يحملها مراد بين ذراعيه اقتربت منه تسأله سريعا بتلهف :
- مراد كنت فين يا ابني حرام عليك حرقت قلبي عليك من الخوف ومين اللي انت شايله ولا شايلها علي دراعك دي
نظر مراد أدهم ليقترب الأخير منه يأخذ الطفلة من بين يديه برفق ... اقترب مراد سريعا من منيرة يرتمي بين أحضانها يعانقها كطفل صغير خائف يجهش في بكاء احتبسه لأيام وأيام :
- أنا آسف يا ستي ... آسف ... كنت غبي مغيب ... بجري ورا شيطاني ... ما سمعتش كلامك ... بس خلاص فوقت والله فوقت ... سامحيني
انسابت دموع منيرة لتشدد علي احتضانه تغمغم له سريعا :
- أنا مسمحاك يا قلب ستك ... أنا عارفة انهم السبب هما اللي عملوا فيك كدة ... ما تعيطش يا مراد عشان خاطري يا إبني
ابعدته عنها تسمح وجهها بكفيها ليمسك كفي يدها يقبلهما ... ادمعت عيني أدهم علي ما يحدث ... قبل أن يصدح صوت بكاء الصغيرة من جديد ... انتفض أدهم مفزوعا ينظر لتلك الباكية بين ذراعيه لا يعرف ما يفعل نظر لشقيقه يصيح مفزوعا :
- مراد ... دي بتعيط ... خدها ... خدها اهي
تحرك مراد يود أن يأخذ ابنته من بين ذراعي أخيه ... ليشعر بيد منيرة تقبض علي كف يده التفت له لتسأله محتدة :
- ما تفهموني أنت وهو مين البنت دي
ابتسم مراد في شحوب معذب اقترب من أدهم يأخذ الصغيرة من بين يديه ... اقترب بها من منيرة مد يده لها بها لترفع يديها سريعا تحمل الصغيرة الباكية .... نظرت لها للحظات لتعاود النظر لمراد تسأله بعينيها عن هويتها ليبتسم الأخير في شحوب يتمتم :
- ياسمين حفيدتك ... بنتي يا ستي
توسعت عيني منيرة في دهشة تنظر للصغيرة بين يديها في ذهول ... ابنه حفيدها من من ... وكيف حدث ذلك ومتي ؟!!!!
______________________
في منزل خالد السويسي
جلس جاسر مع لينا في غرفة الصالون ... دقات الباب فتحت الخادمة كان حسام الذي توجه مباشرة إلي غرفته دون أن ينطق بحرف .... دقات الباب مرة أخري ... تلك المرة والدها الذي ابتسم لهم يحي جاسر وتوجه مباشرة إلي غرفته هو الآخر .... ودقات الباب للمرة الأخيرة خلعت قلبها ... حين رأته يدخل من الباب بمفرده ... تقسم أن دقات قلبها تكاد تصل إليه من سرعتها ... كم اشتاقت إليه وقد رأته فقط قبل ساعات ... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها ما أن رأته .... ابتسامة سرعان ما تلاشت حين لحقت به تلك الشقراء تمسك بكف يده تبتسم في سعادة وكأنها تملك العالم أجمع تفتت قلب وهي تري يدها تعانق كف يدها ... تسارعت أنفاسها تنظر له نظرات مقتولة يائسة لها بنيران تكاد تحرقها ... الشقراء تسعي لسرقته منها ... تقدم بصحبتها للداخل ... اقترب من جاسر يصافحه ... ومن ثم توجه إليها مد يده لها يبتسم في هدوء قاسي يحطم القلب مد كف يده لها يغمغم مبتسما :
- ازيك يا لينا ... اتمني تكوني أفضل دلوقتي
مدت يدها تضعها في كفها تكاد تقسم انها شعرت بكهرباء تصعق جسدها ارتعش جسدها بعنف ... لتسحب يدها من يده سريعا ... بينما ابتسم هو في هدوء ما أن جذبت يدها من يده أسرعت تلك الشقراء تمسك كفه من جديد أخذها وخرج من الغرفة يجلسان في الغرفة الخارجية بينما لينا تراقب بأعين كالجمر اقتربت برأسها من جاسر
- هطق يا جاسر همووووت أنت ما شوفتهاش بتتلزق فيه ازاي ... دا مجرد ما ساب ايدي جريت مسكت ايده
شدت علي أسنانها تهمس بها بغيظ شديد ... ليبتسم جاسر في إعجاب اطلق صفيرا عاليا يغمغم بولة :
- بس بصراحة البت صاروخ اوربي علي ابوه .. يا بختك يا زوز
احتقنت عيني لينا غيظا لتمد يدها تقرص ذراع جاسر بعنف تأوه الأخير متألما نظر لها حانقا يمسد بكفه ذراعه يتمتم حانقا :
- ايه يا لينا الغباء دا ...
قبضت لينا علي تلابيب ملابس شقيقها تجذبه ناحيتها قليلا تهمس في غيظ :
- جاسر نتشقلب كدا وتبعد اللزقة الامريكاني دي عن زيدان قبل ما اقتلها
ارتسمت ابتسامة متشفية علي شفتي زيدان يلاعب لها حاجبيه يتمتم ساخرا :
- جرب نار الغيرة ... صحيح ما يكدش المزة الا مزة امز منها
اشتعلت النيران في عيني لينا تنظر لأخيها نظرات قاتلة ليحمحم متوترا ابتعد عنها يعدل من تلابيب ملابسه ابتسم يغمغم في ثقة :
- اتفرجي وشوفي چينيس العيلة هيعمل ايه
راقبت بأعين فضولية متمنية أن يحرقها جاسر حية ... ابتعد جاسر عن الغرفة يتوجه إليهم ... في نفس اللحظات التي صدح فيها صوت عراك حاد يأتي من الأعلي ... تناهي الي الجميع صوت خالد الغاضب ... يناطحه صوت حسام
- أنا هتجوز سارة يعني هتجوزها يا خالد يا سويسي
- دا بعدك يا ابن خالد إن كنت أنت دماغك ناشفة فأنت واخد صخرة من جبل ... فاهم يا ابن خالد
- لا مش فاهم ... كل واحد فيكوا بيعمل اللي هو عايزه وعلي مزاجه ... اشمعني أنا
- اللي اقوله هيتنفذ يا حسام مالكش دعوة بسارة خالص مفهوم
- لاء مش مفهوم .... وهتجوزها غصب عنكوا
- أنت قليل الأدب .... بعدها صدحت صوت صفعة قوية ساد بعدها صمت تام .. لحظات وسمعوا صوت خطوات تنزل مهرولة علي سلم البيت ليجدوا حسام ينزل سريعا من أعلي بخطي سريعة غاضبة عينيه حمراء كالجمر ...
تحرك ناحية باب المنزل كاد يفتحه ليخرج ليصدح صوت خالد من أعلي السلم يصيح فيه :
- حسام قسما بالله لو رجلك عدت الباب دا لهكسرهالك
اشتعلت عيني حسام غضبا ... التفت ينظر لخالد نظرات سوداء حانقة .... لينزل خالد من اعلي بهدوء تام تحرك خالد ناحية غرفة مكتبه نظر لحسام يتمتم في هدوء قاتل :
- ورايا يا بيه !!
________________
«للعشق قيوده الخاصة»
«الجزء الرابع من أسير عينيها»
الفصل الثاني والستون
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
صمت تام يطغي علي المكان بعد ما حدث الجميع ينظر في صمت ... مشادة حادة بين حسام ووالده قامت في لحظات ... هل حقا ضرب خالد حسام ... توجهت أعين الجميع ناحية السلم حين شعروا بحركة تخطو متوجهة نحوههم .... نزلت لينا زوجة خالد من أعلي لتسرع ابنتها إليها تسألها قلقة :
- في إيه يا ماما ... ايه الزعيق دا .. هو بابا ضرب حسام فعلا
تنهدت لينا يأسة من أفعال زوجها ... نظرت ناحية باب غرفة المكتب المغلقة لتشرد عينيها فيما حدث قبل دقائق فقط
Flash back
كانت تجلس جوار الشرفة في غرفتهم مكانها المفضل ... تفضل الجلوس هناك ... مع كوب قهوة بالحليب ... وكتاب أدب إنجليزي بلغته الأصلية .... نسمات الهواء المختلطة برائحة الأشجار تلتف حولها ... حالة خاصة من الانسجام .... أبصرت عينيها وهي جالسة دخول سيارة حسام ... لتبتسم ما أن رأته ... تنظر له حزينة ... من المفترض كما تروي الحكايات أن زوجة الأب الشريرة تكره ابن زوجها ولكنها حقا تشعر بصلة غريبة تربطها بذلك الشاب ... وكأنه من دمها هي ... من الممكن لأنه شديد الشبه بأبيه ... او هي وصية شهد التي رمتها فوق عاتقها أن تصبح هي مسؤولة عنه ... رأته يتوجه للداخل ... ولحظات أخري ووقفت سيارة خالد عندئذ ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيها حين رأته يهبط من سيارته مازال قلبها يدق بعنف في كل مرة تراه فيها وكأن سنوات العمر لم تتحرك لحظة ... شعر بها هو دائما ما يفعل رفع رأسه لها يغمزها بطرف عينيه لتتورد وجنتيها خجلا ... ذلك الرجل كم تحبه تعدت حدود الجنون في عشقه الخالد ... لحظات فقط وسمعت صوت مقبض الباب يُفتح بالطبع هو من غيره يقتحم الغرفة وكأنها أحدي عمليات الضبط ... ابتسمت تلتفت برأسها له ... لتراه يخلع سترة حلته نظر لها يردف محتدا :
- حسام باشا عاملنا مشاكل مع عمر عشان سارة ... أما نشوف البيه اللي عايش مراهقة متأخرة دا
قالها ليجذب رابطة عنقه يزيح أكمام قميصه للخلف ... عقدت هي جبينها قلقة من ردة فعله ...
تحرك خالد ناحية غرفة حسام يفتح بابها فجاءة دون سابق إنذار ... دخل إلي الغرفة لتشخص عيني حسام في ذهول ضم ضفتي قميصه الذي كان علي وشك خلعه ينظر لوالده في ذهول يتمتم :
- ايه يا بابا في اي ... خضتني ... وبعدين خبط قبل ما تدخل .. افرض قالع ولا بغير هدومي
ضحك خالد ساخرا يرفع حاجبه الأيسر ينظر. لحسام نظرات متهكمة ساخرة :
- ايه يا حبيبي أنت بنت هتتكسف ... أوضة اختك الوحيدة اللي أنا بخبط عليها باقي الأوض بفتح واخش عادي اتعود علي كدة بقي
زفر حسام حانقا ينظر لوالده في غيظ عقد ساعديه أمام صدره ابتسم في اصفرار يردف :
- حضرتك عايز مني حاجة ... ولا ادخل أغير هدومي في الحمام
- عمك عمر حكالي علي اللي بيه عمله النهاردة يا دكتور يا محترم ....
أردف بها خالد محتدا ينظر لحسام نظرات حادة غاضبة ... ليبتسم الأخير بلامبلاة يتمتم في هدوء تام :
- عملت ايه يعني هو اللي مش راضي يجوزني بنته ...وبعدين أنا كنت بهزر
اقترب خالد من حسام خطوتين إلي أن صار أمامه مباشرة ارتفع جانب فمه بابتسامة ساخرة يتمتم متهكما :
- بنته اللي أصغر منك ب12 سنة علي الأقل عيلت اوي منك يا حسام ... عيب عليك يا دكتور دا أنت لو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت قدها
اشتعلت عيني حسام بلهيب نيران كلمات والده الساخرة .... تهدجت أنفاسه بعنف مخيف ينظر لوالده وشزرات نار تأكل قلبه ليصدح صوته عاليا :
- أنا هتجوز سارة يعني هتجوزها يا خالد يا سويسي
اخفي خالد ابتسامة بسهولة هو يريد أن يعرف لأي مدي سيحارب ابنه للوصول الي ما من أحب رسم الغضب ببراعة علي قسمات وجهه ليدفعه في صدره بعنف يزمجر غاضبا :
- دا بعدك يا ابن خالد إن كنت أنت دماغك ناشفة فأنت واخد صخرة من جبل ... فاهم يا ابن خالد
حرك حسام رأسه نفيا هو يعاني منذ زمن من مشاكل مع الغضب ... تتلبسه حالات حادة تجعله لا يسيطر علي انفعالاته لم يشعر بنفسه سوي وهو يتحرك باضطراب يصرخ بقوة :
- لا مش فاهم ... كل واحد فيكوا بيعمل اللي هو عايزه وعلي مزاجه ... اشمعني أنا
عقد خالد ما بين حاجبيه قلقا غاضبا في الآن ... قلقا من تلك الحركات المضطربة التي يتحرك بها حسام ... غاضبا من صوته وحدته في الكلام ... تنهد يصيح بصوت مرتفع غاضب :
- اللي اقوله هيتنفذ يا حسام مالكش دعوة بسارة خالص مفهوم
وقف حسام للحظات ينظر للواقف أمامه ليرتعش جسده بعنف اضطربت حدقتيه يصيح محتدا وكأن شيطانا تلبسه :
- لاء مش مفهوم .... وهتجوزها غصب عنكوا
قلق خالد من ارتجافه حسام العنيفة ....رفع يده يصفعه علي وجهه بعنف عله يهدئ قليلا ... نطق تلك الجملة تبريرا لما فعله
- أنت قليل الأدب ....
توقف حسام عن الارتجاف ينظر لوالده نظرات حادة غاضبة ليندفع لخارج الغرفة يهبط لأسفل سريعا ... تحرك خالد خلفه ليجد لينا تقف هناك تنظر لحسام حزينة وهو يغادر التفتت برأسها لخالد تطالعه بنظرات عتاب للحظات تقدمت ناحيته تحادثه محتدة :
- في إيه يا خالد ... ليه الزعيق دا كله ... ما اعتقدش إن هو اجرم يعني عشان بيقولك أنه بيحب بنت عمه وعايز يتجوزها ... اتفضل لو سمحت الحقه
تنهد خالد قلقا يحرك رأسه إيجابا سريعا تحرك يلحق بولده
Back
اجفلت لينا من شرودها .... تنظر ناحية باب غرفة المكتب المغلقة ... تود لو تعرف ما يحدث بالداخل
وما كان يحدث هو ... دخل خالدة إلي الغرفة ... يجلس علي المقعد المجاور لمكتبه انتظر للحظات ... قبل أن يدخل حسام إلي الغرفة ينظر بعيدا عنه حانقا ... اشار خالد للمقعد المقابل له يتمتم حانقا :
- اقفل الباب واترزع
زفر حسام في غيظ أغلق باب الغرفة ليتوجه للمقعد المقابل لأبيه تهاوي إليه ينظر بعيدا يشعر بالغضب ... تلك ليست المرة الأولي التي يصفعه والده وهو ليس بطفل ليحدث ذلك ... قبض خالد علي فك حسام يدير وجهه إليه قطب ما بين حاجبيه يسأله مترقبا :
- أنت فيك إيه ... جسمك كان بيترعش ... أنا قولت هتدخل في حالة صرع ... عشان كدة ضربتك بالقلم .... مالك إنت كويس
تنهد حسام يحرك رأسه إيجابا يتمتم بخواء ساخر :
- ما تقلقش دي مشكلة قديمة ... أنا شخص عصبي طالعلك ... ومختار والدي اللي رباني الله يرحمه كان شخص مسالم وهادي جداا ... كان ممنوع أن أنا اتعصب حتي لو الموضوع بشع ... فبقيت دايما يحاول اخبي عصبيتي وغضبي تجاه اي موقف وحش يحصل لحد ما بقتش اقدر اسيطر علي الحالة دي ...
اضطربت حدقتي خالد في قلق ... قلبه ينبض خائفا ليتمتم سريعا فزعا :
- من بكرة هنروح لدكتور مخ واعصاب ودكتور نفسي ...
ابتسم حسام في خواء دون أن يجيب ... يتحرك بعينيه بعيدا عن والده ... ابتسم الأخير يحادثه مترفقا :
- أنت بتحبها أوي كدة
ايمائه واحدة فقط صدرت من رأس حسام بالإيجاب دون أن ينظر ناحية أبيه ... ظل خالد صامتا للحظات ... ينظر لحسام يبتسم في هدوء ليزفر الأخير حانقا التفت برأسه ناحية أبيه يتمتم منفعلا :
- ايوة بحبها ... مش ذنبي أنها أصغر مني بالشكل دا .... مش ذنبي أن قلبي ما حبش غيرها .. مش ذنبي بردوا اني مش شايف غيرها تنفع تكون مراتي ... أنا بحبها صدقني ... أنا ...
أنا موافق ... نطقها خالد في هدوء تام تصاحبه ابتسامة صغيرة .... لتتوسع عيني حسام في ذهول افقده النطق للحظات طووووويلة ينظر لوالده مدهوشا ... حرك رأسه إيجابا ينظر لوالده يسأله بعينيه إن كان حقا ما سمعه صائب ليضحك خالد بخفة يومأ برأسه إيجابا ... صاح حسام فرحا ليندفع ناحية والده يعانقه بقوة يصيح متلعثما من فرحته :
- بجد .. بجد موافق ... يااااه اخيرا .... الحمد لله يارب .... اخيرا هنتجوز يا سوسو ... بت يا سعدية يا سوسو
ضحك خالد عاليا ضحكات سمع صداها للواقفين خارجا ينظرون ناحية باب الغرفة يترقبون بحذر ما يحدث .... رفع خالد كفيه يبعد حسام عنه يتمتم ساخرا :
- اوعي ياض ... كاتك الهم عيل عبيط ... أنت خدت موافقتي فاضل موافقة عمك عمر ... لو أنت ابن ابوك صح ... خليه يوافق
قالها خالد يبتسم لحسام في خبث .. ليربت علي كتف حسام بحزم ... تركه وغادر المكتب ليقف حسام ينظر في أثر أبيه للحظات شاردا قبل أن تتوسع ابتسامته الخبيثة سيستمع كثيرا هو وعمه الحبيب
دقائق وكان الحشد يجتمع حول طاولة الطعام .... لينا تجلس في المنتصف بين جاسر وحسام .... زيدان يجلس علي الجانب الآخر في المنتصف بين لينا والدته وانجليكا ... وخالد بالطبع علي رأس الطاولة ... اختسلت لينا النظرات ناحية زيدان قلبها يطرق بعنف ... تشعر بألم بشع ... خاصة حين رأت تلك الشقراء المدللة تشد ذراع قميصه وهو يأكل ليميل برأسه ناحيتها شدت يدها علي السكين الصغيرة التي تمسكها .... كم تود غرزها في رقبة الشقراء ....ارهفت السمع تحاول أن تستمع إلي ما تهمس به تلك الشقراء له ... لتراه تشير إلي أحد أطباق الطعام تهمس له بنعومة بالطبع تتصنعها الشقراء الماكرة :
- زيدان هو ايه دا !!
نظر لما تشير ليبتسم بخفة يحدثها برفق وكأنها طفلة صغيرة :
- دا يا ستي حمام ... اجبلك منه
حركت رأسها إيجابا تبتسم برقة ليمد يده يأخذ واحدة يضعها في طبقها لتمسك انجليكا شوكتها تحاول غرزها فيه ليضحك زيدان بخفة علي ما تفعل ... تلك الطفلة يقسم أنه يشعر أنها طفلة صغيرة تائهة ... حرك رأسه نفيا يشير برأسه ناحية خالد الذي يأكل هناك دون أن يعيرهم انتباها ليهمس لها بصوت خفيض :
- ما بيتاكلش كدة ... شايفة خالي بياكله ازاي كليه زيه
نظرت انجليكا عن كثب إلي خالد تحاول تقليده وهو يأكل تفعل نفس الحركات التي يفعلها خالد بالضبط ... حين مد خالد يده ناحية لينا زوجته يطعمها ... ابتسمت في حماس هي الاخري لتمد يدها ناحية زيدان تحاول اطعامه في فمه ... توسعت عيني زيدان حرجا بينما تنحنح جاسر ... وغص حسام في طعامه يلتقط كوب مياة سريعا نقلت لينا انظارها بين زيدان وتلك الشقراء التي تنظر لزيدان تسبل عينيها ببراءة تحادثه برقة :
- كلها زيدان .. زيهم
تنحنح زيدان في حرج يفتح فمه قليلا لتطعمه انجليكا ... في تلك اللحظة هبت لينا واقفة ارتسمت في حدقتيها نظرات قتيلة تصرخ بعذاب ... رسمت شبح ابتسامة باهتة علي شفتيها تغمغم سريعا :
- أنا شبعت عن اذنكوا
قالتها لتهرول في خطاها تركض إلي غرفتها بالاعلي .... تبادل الجميع نظرات صامتة عدا زيدان الذي رفض مشاركتهم في تلك النظرات ووجه انظاره لطبق الطعام أمامه تنهد يبتسم ساخرا ... دون أن ينطق بحرف واحد
__________
علي صعيد آخر في منزل حمزة السويسي ... وقفت في المطبخ أمام المقود عينيها تتباع حركة القهوة وهي تنضج ببطئ تحت النيران الهادئة الرقيقة ... تلاطفها ... تدفعها للأمام ... تصنع من مرارتها مشروب حلو ... يُنسي مرارة الذكريات ... ارتسمت ابتسامة صغيرة اعلي ثغرها تنظر للفراغ شاردة ... لو كان أخبرها احدا سابقا أنها ستتزوج من رجل يكبرها بكل تلك الأعوام لضحكت ساخرة واتهمته بالجنون ... يبدو أن الجنون هو ما أصابها فعلا ... هي فقط لم تتزوج رجلا يكبرها بأعوام واعوام بل تشعر أيضا انها سقطت في حبه ... كيف لا تعرف .... متي لا يهم ... كل ما تعرفه أنها تشعر بسعادة من نوع غريب خاص حين تراه ... ابتسامته كلحن هادئ ناضج يداعب اوتارها بتروي ... حمزة باحتوائه وحنانه مراعاته لها في جميع الحالات ... هو الزوج المثالي كما يجب أن يكون .. فقط لو كان أصغر قليلا لكانت اكتملت المعادلة ... ولكن المعتاد الا تكتمل المعادلة ابداا .... اطفئت المقود سريعا قبل أن تحزن قطرات القهوة وتفور تعبر عن غضبها .... صبتها في كوب صغير ابتسمت حين تذكرت جملته المعتادة « أنا بحب اشرب القهوة من ايديكي » ... تحركت للخارج لتراه يجلس علي أحدي الارائك يضع جهاز « اللاب توب» علي قدميه ... سيلا تلعب بين مجموعة ضخمة من الالعاب ... أما خالد الصغير فيمسك بطائرة صغيرة يركض بها في أنحاء المكان يصدر أصواتا مزعجة وكأنها طائرة علي وشك السقوط ... تحركت ناحية حمزة تضع القهوة علي الطاولة أمامه تنهدت تتمتم بعتاب لطيف :
- خالد حبيبي بطل دوشة ... وألعب مع سيلا باللعب
تهدل كتفي الصغير يمط شفتيه للامام علامة علي حزنه حرك رأسه إيجابا كاد أن يترك الطائرة حين صدح صوت حمزة يحادثه :
- ألعب يا حبيبي بالطيارة ... يلا طيرها زي ما كنت
ضحك الصغير في مرح ليعاود الركض في أنحاء المكان يصدر تلك الأصوات المزعجة من جديد ... نظرت بدور لحمزة تتمتم بصوت خفيض متوتر :
- أنا قصدي عشان بس ما يضايقكش وأنت بتشتغل
ابتسم لها في رفق يحرك رأسه نفيا ترك جهاز الكمبيوتر من يده ليلتقط كوب القهوة ارتشف رشفة صغيرة منه يتمتم مبتسما :
- أحسن واحدة بتعمل قهوة ... وبعدين يا ستي هو مش مضايقني خليه يلعب دا طفل ... وأنا في سنه كدة ... كان بيبقي نفسي ألعب بس مش عارف ... خليه يلعب
ابتسمت ابتسامة صغيرة متوترة لم تفهم ما يقول ... ولم تكن تملك الجرئة لتسأل ... فقط نظرت له تتمتم بخفوت خجول :
- أنت حنين أوي يا حمزة ... عشان كدة الاطفال بتحبك ... الاطفال بتحس بالشخص الحنين وتحب تروحله ... تعرف سيلا اللي ما بتنامش غير في حضنك دي ... كانت بتترعب وتفضل تعيط لو باباها فكر يشيلها .... كانت شايفة جواه اللي ما عرفتش اشوفه
وضع الكوب من يده ليمد ذراعه يلفها حول كتفيها يقربها من صدره قبل قمة رأسها يحادثها مترفقا :
- مش قولنا مش هنجيب سيرة الموضوع دا تاني .... انسيه لأنك مش هتشوفيه تاني ابدا
ابتسمت متوترة تحرك رأسها بالإيجاب ... ليصدر من خلفهم صوت حمحمة جعلتها تنتفض بعيدا عنه تكاد تنصهر خجلا ... قلبت مايا عينيها تنظر لزوجة أبيها في سخرية ... تقدمت ناحية أبيها وقفت أمامه تردف في هدوء :
- بابا لو سمحت أنا كنت عايزة اتكلم مع حضرتك في موضوع
قامت بدور سريعا من جوار حمزة حمحمت تهمس متوترة :
- طب أنا هقوم اشوف الأكل عن اذنكوا
تحركت بدور سريعا ناحية المطبخ لتجلس مايا مكانها التفت حمزة بجسده ينظر لابنته مبتسما يتمتم :
- خير يا ست مايا ... موضوع إيه اللي عيزاني
- بابا أنا عايزة اتجوز أدهم ...
نطقتها هكذا فجاءة دون اي مقدمات لتتوسع عيني حمزة في صدمة ... بما تهذي ابنته ... هل جُنت لتخبره أنها ترغب في الزواج ... أولم يكن يعلم قبلا ... رفع حاجبيه ينظر لابنته ساخرا :
- ايه دا في اي .... مين عكس الأدوار ... هو مش المفروض اللي بيجي يقول الكلام دا الراجل مش البنت ... هو أنا يعني عشان مش عايز اقسي عليكي تركبيلي قرون ... ايه بحبه وعايزة اتجوزه دي ... المفروض اخدك من أيدك ونروح نتقدمله يعني
زفرت مايا حانقة من وصلة السخرية التي امطرها بها والدها للتو ... رسمت ابتسامة لطيفة علي شفتيها تعرف جيدا أن العند لا ينفع تماما مع والدها لذلك ابتسمت تتمتم بهدوء :
- يا بابا يا حبيبي إنت عارف من زمان أن أنا وادهم بنحب بعض .. وأنت اخيرا وافقت علي ارتباطنا وبعد ما أدهم كان هيجي هيتقدم قولت استنوا عشان المشكلة بتاعت لينا ... واهي المشكلة بتاعت لينا اتحلت ورجعت يعني بقت كويسة ... وادهم مستني بس مكالمة منك او مني عشان يجي يتقدم ...
زفر حمزة أنفاسه حانقا هو كان يريد أن يؤجل تلك الزيجة لأبعد وقت ممكن ولكن إلي متي سيفعل ... ابتسم يتمتم ساخرا :
- بغض النظر عن الكلام اللي ما ينفعش اي بنت تقوله لابوها عادي ولا كأنها بتكلم صاحبتها ... بس هنعمل ايه أنا ما عرفتش اربي ... اتفضلي يا هانم روحي بلغيه أن أنا مستنيه يوم الخميس بعد بكرة في فيلا عمك خالد علي الساعة 8
صاحت مايا فرحة لتلقي بنفسها بين أحضان والدها قبلته علي وجنته بقوة تصيح سعيدة :
- ميرسي يا بابي أنت احلي بابي في الدنيا ...
قالتها لتهرع سريعا إلي غرفتها بالأعلي بينما ابتسم حمزة ساخرا يتمتم في تهكم :
- حاسس اني اتقرطست
________________
في الحارة تحديدا في منزل منيرة ... حيث تجلس منيرة في صالة المنزل تحمل الصغيرة ملك علي قدميها بعد أن استقروت علي تغيير اسمها من ياسمين الي ملك ... تمسك زجاجة حليب صغيرة تطعمها بها ... تنظر له تبتسم في حنان ... علي الأريكة الأخري كان يجلس مراد يراقب طفلته الصغيرة وهي بين أحضان جدته يفكر في المستقبل البعيد ... تعصف به الكثير من الأفكار السوداء القاحلة ... هل ستصبح مثله حين تكبر ... هل سيأتي شاب مثلما حاول هو أن يفعل مع شقيقة جاسر ويغوي ابنته ... هل ستحمل الصغيرة ذنبه هو .... الكثير من الافكار السيئة كان تتلاطم داخل روحه ... لم يجفل منها سوي علي صوت صراخ أدهم وكأن مس أصابه اندفع من غرفته يصرخ كالمجنون :
- هتقدملها يوم الخميييييس .... هتقدملها يوووووم الخميييييس .... حمزة وافق ... هتجوزها اخيرا هتجوزها .... أنا مش مصدق نفسي ...
ضحك مراد عاليا علي ما يفعل أخيه ... ليتحرك من مكانه وقف بالقرب من أخيه مد يده يربت علي كتفه يحادثه مبتهجا بصدق !! :
- ألف مبروك يا أدهم ... ألف مبروك يا أخويا ... ربنا يسعدك ويتم فرحك علي خير
توسعت ابتسامة أدهم ليندفع يعانق أخيه بقوة يربت علي كتف مراد يتمتم سعيدا :
- الله يبارك فيك يا مراد ... عقبال ما تفرح بملك ...
ابعده عنه قليلا يمسك بكتفيه يحادثه مبتسما بحماس :
- المهم تفضيلي نفسك عشان هتروح معايا اتقدملها
اختفت ابتسامة مراد ليحرك رأسه بالنفي ابتعد عن أخيه ارتجف جسده قليلا يشعر باحتقار ذاته ارتعشت حدقتيه توترت ابتسامته يهمس مرتبكا :
- بلاش أنا يا أدهم ... عشان بس شكلك ... هيقولوا واخد أخوك رد السجون معاك ...روح أنت وخد منيرة معاك
نظرت منيرة لهما صامتة كم ترغب في أن يصر أدهم علي رأيه ويأخذ مراد معه ولم يخيب ظنها ابداا ... اقترب أدهم من مراد يضع يده علي كتفه ابتسم يتمتم في اصرار :
- هتروح معايا بصفتك أخويا الكبير ... أنا مش هروح من غيرك يا مراد .. كلنا بنغلط ... كل واحد ليه فرصة تانية ... ودي فرصتك وأنا واثق أنك مش هتضيعها ... وبعدين أنا مش هروح اتقدم من غيرك ... انسي الموضوع دا خالص
نظر مراد لادهم لتدمع عينيه ممتنا ... اندفع يعانق أخيه لتتساقط دموعه بعنف يهمس بصوت مرتعش باكي :
- متشكر يا أدهم ... أنا بجد مش عارف اشكرك ازاي علي كل اللي عملته عشاني
بعد عناق أخير توجه أدهم لغرفته من جديد بينما نزل مراد ليحضر علبة الحليب لابنته التي وصفتها له طبيبة الأطفال ... وجلست منيرة علي الأريكة تهدهد الصغيرة ... حين سمعت صوت دقات علي باب المنزل ...قامت منيرة تحمل الصغيرة بين ذراعيها فتحت الباب لتبصر وجه روحية أمامها ابتسمت ببشاشة ما أن رأته تفسح له المجال لتدخل :
- روحية تعالي يا حبيبتي ادخلي ما تقلقيش ما فيش حد غيري أنا وملك
ابتسمت روحية أول الامر سرعان ما اختفت ابتسامتها ... عقدت جبينها تنظر لتلك الصغيرة نظرات متعجبة رفعت وجهها لمنيرة تسألها في عجب :
- مين دي يا ست منيرة
ضحكت منيرة في خفة جذبت يد روحية تُدخلها ...تغلق الباب تتمتم ضاحكة :
- طب خشي الأول
ما إن دخلت روحية تقدمت منيرة منها تعطيها الصغيرة تحادثها مبتسمة :
- خلي بالك منها علي ما أشوف الأكل اللي علي النار
توسعت عيني روحية للحظات في دهشة قبل أن توما برأسها إيجابا ... تحركت تجلس علي أحدي الارائك تهدهد الصغيرة برفق تحادثها بحنو وكأنها ستفهم ما تقول :
- بسم الله ما شاء الله ... ايه القمر دا ... اسم علي مسمي فعلا .. اسمك ملك وانتي زي الملاكية .... انتي جعانة بتاكلي صوابعك ... نظرت حولها لتجد زجاجة حليب الصغيرة قامت سريعا تجلبها ... تطعمها برفق ... تمسح بيدها الأخري علي رأسها برفق شديد ... في تلك اللحظات كان يقف هو عند باب المنزل المفتوح يبدو أن جدته العزيزة لم تغلقه بالكامل ... من حسن حظه وجد علبة الحليب في الصيدلية القريبة من المنزل صعد لأعلي ليتفاجئ بذلك المشهد أمامه روحية تحمل ابنته بين ذراعيها تطعمها .. تهدهدها برفق ... أدمعت عينيه ألما ... ها هي ضحية أخري من ضحاياها ... تخبره كم كان شخص معدوم المشاعر يملئ الحقد قلبه ... تسيطر شهوته علي أفعاله ... اغمض عينيه نادما ... تحرك يغلق الباب برفق ... انتفضت هي سمعت صوت الباب نظرت خلفها سريعا لتتوسع حدقتيها هلعا ... رأته كان يقف هناك ... بالقرب منها ... زاد وجيب دقات قلبها تسارعت أنفاسها بحركة غريزية احتضنت الصغيرة لصدرها وكأنها تحميها معها ... حركة بسيطة كانت كالسهم اشعل النيران في منتصف قلبه .. تنهد يزفر أنفاسه نادما حين رأي نظرة الهلع تكسو عينيها لديها كامل الحق بأن ترتعد منه ..
لم تعرف ما تفعل فقط تقف تتخبط في وقفتها تنظر حولها خائفة أن تترك الصغيرة مع ذلك الرجل هي خير من تعرفه هو شخص سئ ... سئ للغاية لا يؤتمن ابداا ... لمحت عينيها منيرة تخرج من المطبخ لتهرول ناحيتها تعطيها الصغيرة تغمغم سريعا بتلهف :
- عن اذنك يا ست منيرة
اعطتها الصغيرة لتهرول حرفيا خارج المكان بأكمله مرت من جواره بسرعة البرق ... لترتسم ابتسامة شاحبة علي شفتيه ... وضع علبة الحليب من يده يغمغم في هدوء مثقل :
- أنا نازل المحل
تحرك ناحية دكان جدته الصغيرة يفكر يعيد حساباته من جديد ... أول ما يشغل رأسه حقا ... ابنته كيف سيستخرج لها شهادة ميلاد ... طرقت في رأسه فكرة شيطانية ليحرك رأسه نفيا سريعا روحية لا ذنب لها ...لتعاود الفكرة تطرق رأسه من جديد .. هو لن يطالبها بأي شئ فقط اسمها سيكون في وثيقة رسمية لاستخراج شهادة ميلاد لابنته ... قسمية الزواج الشرعية الوحيدة التي يمتلكها باسم روحية ... انشغل ما تبقي من سويعات قليلة من النهار حتي حل الليل في المحل يعيد ترتيب الأغراض من جديد ينظفه ... يبيع للزبائن .... حتي باتت العاشرة مساءا الآن ... ارتمي بجسده علي مقعد صغير من الخشب يستند بمرفقيه علي فخذيه ينظر لأسفل حياته بالكامل تمر أمام عينيه هو من اختار طريق الشر ... ورغم ذلك عادت الحياة لتعطيه فرصة جديدة ... فرصة تتمثل في ملك الصغيرة ...تناهي إلي اسماعه صوت شجار حاد يأتي من مقدمة الشارع ... ترك المحل يتحرك ناحية الشجار يستمع الي ما يقال ... في الاغلب صوت صياح سيدات
- ما تتلمي بقي يا بت مش كفاية معيشينك معانا في الحتة بعد المصيبة بتاعتك ... كمان جايلنا في عز الليل
- علي رأيك يا اختي البت ال*** مش لاقية راجل يلمها ماشية علي حل شعرها
ليسمع صوت أحد الرجال يصدح يعنفهم :
- يا ست أنتي وهي اتقوا الله ... احنا ما شوفناش عليها حاجة واحشة
سمع صوت شهقة سوقية تأتي من أحدي السيدات لتصيح ساخرة :
- حاجة واحشة ... هي حاجة واحدة دا احنا شوفنا حاجات ومحتاجات ... الأول اللي عمله صاحب أخوها ... واهي قاعدة دلوقتي في بيت الست منيرة وهي عارفة أن عندها اتنين رجالة ... وتقولئ حاجة وحشة
عند تلك النقطة توسعت عينيه فزعا يتحدثون عنها ... تلك المنطقة السوداء سيريهم ... اندفع يركض ناحيتها ليجدها أرضا تبكي تنظر للسيدات التي دفعنها في فزع فقط تحرك رأسها نفيا ...اندفع ناحيتها يقبض علي كف يدها يجذبها لتقف علي قدميها وقف للسيدات أمامه نظرات حارقة ... نظرات سوداء ... جميع من في المنطقة يخشون مراد صاحب اللسان السليط .... نظرت السيدات لبعضن البعض في توتر .... وقف مراد في منتصف حارتهم الشعبية يصدح بصوت جهوري يقبض علي رسغ يدها بقوة :
- اسمعوا بقي كويس لكل راجل وست وعيل صغير ... الست دي مراتي ... علي سنة الله ورسوله .... أي حد هيخوض في سمعتها بحرف مش بكلمة هقطعله لسانه ... اي واحدة هيوزها شيطانها تقولك ألقح عليها ... أصل مش هيمد أيده علي ست ... لاء أنا مش متربي اصلا ... التربية دي ما عدتش قدام بيتي ... هترمي عليها هزفك بفضيحة من أول الشارع لآخره ... اي دكر يفكر يمده ايده ولا لسانه بكلمه هقطلعه ايديه ورجليه وامشيه يزحف زيه زي البرص ....لو كلمة واحدة اتقالت في حقها ... هحرقلكوا الشارع عاليه واطيه ... مفوم .... يلا غوروا في ستين داهية ... اللي هلمحها هكسحها
فر الجميع من أمامه سريعا .... ليبتسم هو ... بينما صدحت زغرودة منيرة التي وقفت تراقب من البداية من شرفة منزلهم ورأت كيف دافع مراد عن روحية ... للحظات فقط التقت عيني روحية بعيني مراد ... هل يحلم أم أنه رأي شبح نظرة امتنان في عينيها قبل أن تسحب يدها من يده وتفر سريعا إلي منزلها ...
_______________
مر يومين أنه يوم الخميس المنتظر ... في منزل خالد السويسي يبدو أن جميع الأمور تسير علي خير ما يرام المكان يبرق من النظافة كعادته ... مايا في غرفتها تستعد بصحبة لينا زوجة خالد ومعها بدور ... لينا الأخري في غرفتها لا ترغب في مقابلة اي أحد بعد آخر موقف حدث .... حمزة يجلس في غرفة الصالون يضع الهاتف علي أذنه يحادث شقيقه :
- يعني مش هتيجي يا عمر
اعتذر عمر أن زوجته مريضة بسبب حملها ولا يستطيع تركها ليردف حمزة بنزق :
- طب إبعت سارة بالعربية او ابعتلها أنا العربية
تردد عمر للحظات خوفا من أن يبعث ابنته في مكان بالطبع سيكون فيه ابن أخيه المنحرف الا أنه خاف أن يظن حمزة أنه لا يرغب أن تحضر ابنته خطبة إبنة عمها تنهد يهمس مترددا :
- ماشي هبعتلكوا سارة بس خلي منها يا حمزة بالله عليك ما تخليش الواد اللي اسمه حسام دا يجي جنبها
ضحك حمزة عاليا يحادث أخيه يغمغم في سخرية :
- عشان كدة خايف تبعت البنت ... ما تخافش يا سيدي هنحط بينهم حدود دولية اخلص بقي العريس قرب يوصل
أغلق الخط مع شقيقه لينظر لخالد الذي يقف عند باب الغرفة يغمغم ضاحكا :
- عمر خايف يبعت سارة عشان حسام ... هو الواد دا عمل إيه
ضحك خالد يقص عليه سريعا ما حدث لينفجر حمزة فئ الضحك حتي ادمعت عينيه اقترب من أخيه يهتف من بين ضحكاته :
- طب والله دمه عسل .... ما تجوزهالوا يا عم
ارتسمت ابتسامة صغيرة ماكرة على شفتي خالد ينظر لحمزة في خبث يغمغم :
- هيحصل ... أنا بس عايز اشوف حسام هيعمل إيه
دقائق ووقفت سيارة أدهم داخل حديقة منزل خالد ... نظر أدهم لمراد متوترا يغمغم قلقا :
- شكلي حلو
ضحك مراد عاليا يعدل من وضع رابطة عنق أخيه يتمتم ساخرا :
- قمر ... أحلي من توم كروز
زفر أدهم أنفاسه حانقا متوترا .... لتضحك منيرة علي مشاكستهم ... نزل ادهم اولا يفتح الباب لتنزل منيرة جدته ومن ثم نزل مراد يحمل ابنته الصغيرة ... تحركوا جميعا الي الداخل ... دق أدهم الباب ... فتحت الخادمة افسحت لهم المجال ترشدهم الي غرفة استقبال الضيوف ... ما إن دخلوا الي الغرفة قام حمزة سريعا متوجها ناحية أدهم يعانقه .. بينما وقف خالد بعيدا قليلا ينظر لهم مبتسما ... خاصة لمراد ... ما وصل له عن مراد في الآونة الأخيرة ليس بسار تماما ... ولكنهم ضيوف في بيته ... تقدم ناحيتهم يعانق أدهم هو الآخر صافح مراد ينظر له يبتسم في هدوء قاتل لتتوتر حدقتي مراد من نظرات خالد المخيفة ... أخذ الجميع مقاعدهم ... يجلس أدهم متوترا ... كاد أن يفتح فمه ليبادر بقول اي شئ ولكن جملة خالد أوقفته :
- أنت بتشتغل ايه يا مراد
توتر مراد من نبرة خالد علي الرغم من كونها هادئة ولكنها حادة كالنصل بلع لعابه يغمغم متوترا :
- هاا ... ااا ... ااانا خريج كلية تجارة ... بس بشتغل في محل بقالة بتاع جدتي
ابتسم خالد في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بحرف ....
علي صعيد آخر في غرفة لينا السويسي القريبة للغاية من غرفة مايا ... وقفت لينا أمام المراءة تنظر لفستانها الازرق اللامع داكن اللون هو يحب اللون الأزرق وهي تحبه هو ... ادمعت عينيها تشد علي قبضتها ... حين عاد في رأسها ذلك المشهد للمرة الألف تقريبا .... الشقراء سرقته بالكامل لم يعد لها ادني حق فيه ... رفعت وجهها تنظر لانعكاس صورتها في المرآة للحظات قبل أن تبتسم في خبث ..سثبت له قبل نفسها أنه لا يزال يعشقها ... سمعت صوت صياح مايا المزعجة يأتي من الغرفة المجاورة لها :
- يا انطي بقولك أدهم جه أنا شوفت عربيته في الجنينة يلا بسرعة بقي
ضحكت لينا علي ما تفعل الصغيرة لتزجرها برفق :
- يا بنتي اهمدي بقي بدل ما يقولوا عليكي مدلوقة
- يا ستي أنا مدلوقة ... حلو كدة ... خليني انزل بقي
صاحت بها مايا بنزق لتضحك لينا السويسي في سخرية مما قالت تلك الصغيرة التي لا تزال تري الحياة بوجه واردي حالم كالأطفال ... تنهدت تنظر لصورتها للمرة الأخيرة ...قبل ان تتحرك لخارج الغرفة قابلت حسام في طريقها يتوجه لأسفل اقترب منها يشبك يده في يدها يتوجهان إلي أسفل في لحظة ظهور زيدان بصحبة سارة التي التقاها مصدافة في الحديقة ... دخلت سارة ومن خلفها زيدان توسعت ابتسامة حسام الخبيثة ما أن رآها ترك يد لينا يتوجه ناحيتها ... سريعا اختطف يدها يختفي بها بعيدا ... ابتسمت لينا ساخرة تنظر لشقيقها لتعاود النظر لزيدان ابتسمت له ابتسامة صغيرة عاشقة تحركت ناحيته ببطئ تري عينيه التي لا تنزحان عن عينيها ... اقترب منه صارت أمامه أمسكت بكف يده ...نظر لها في ذهول ساخر لتبتسم هي دون أن ترد ... لفت يديه حولها تتمايل معه دون موسيقي علي الحان قلبها العاشق ... استندت برأسها لصدره تهمس له بشغف عاشقة :
- أنا بحبك ... بحبك اوي يا زيدان !!!!!