![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الثالث والستون بقلم دينا جمال
- أنا بحبك ... بحبك اوي يا زيدان !!
نطقتها ليلتحم زرقاء عينيه الهادرة ببندق عينيها المحلي بعشقهم ... لحظات طويلة توقف فيها الزمن .. توقفت عقارب الساعة ثبتت حركة الكرة الأرضية حين التقت السماء بالأرض واندمج موجه الهادر بنعومة عينيها الذائبة كالقهوة مرة في البداية ذات نكهة خاصة تجعلك مدمن لها رغم أنفك ستقع في النهاية صريع عشق رشفة واحدة منها ... عناق حار جمعهما في عقلها فقط !!! .... هي لا تزال تقف عند نهاية السلم تنظر له بعد أن اخذ شقيقها سارة الصغيرة وغادر وهي تقف هناك فقط تتخيل ما يمكن أن يحدث ... ما أرادت أن تفعل ولكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة خوفا من الرفض !! تهربت بمقلتيها بعيدا للحظات لتختلس النظر إليه ... تراه إن كان ينظر إليها كعادته ... وكانت الصدمة كان ينظر في ساعة يده قبل أن يتوجه إلي غرفة الضيوف ... دون أن يلقي عليها نظرة واحدة ... توسعت عينيها ألما تشعر بخنجر قاسي وصمه جفاءه في قلبها ... وقفت للحظات تستعيد شتات ثباتها المبعثر ... تحركت هي الأخري تجاه غرفة الضيوف حيت الجميع بابتسامة صغيرة ... تبحث بين المقاعد عن مقعد فارغ لها ... توجهت لذلك المقعد الفارغ والذي للمصادفة الغريبة !! قريبا منه للغاية ... جلست علي المقعد تنظر للجمع أمامها تراقب في صمت ضحكات والدها وعمها مع أدهم ... تلك السيدة العجوز تشاركهم في الضحك .... أما ذلك الشاب الجالس هناك علي قدميه طفلة صغيرة يجلس صامتا ينظر لهم متوترا وكأن علي رأسه الطير ... توجهت عينيها مباشرة صوب الطفلة الصغيرة تنظر لها عن كثب تراقب حركاتها الطفولية البريئة ... لم تشعر بتلك الدموع التي غزت مقلتيها ... رفعت كف يدها تلقائيا تضعه علي بطنها برفق ... تتذكر هنا كان لديها طفل صغير ... طفل قتله غبائها ، عنادها وذلك الشيطان نائل .... رفعت يدها سريعا تمسح قطرات دموعها قبل أن يراها أحد ... لم تشعر بما تفعل وهي تتحرك من مكانها تتوجه صوب مراد مباشرة ... تنظر للطفلة تبتسم في توتر :
- ممكن اشيلها
قطب مراد جبينه في عجب شعر بالقلق علي ابنته من تلك الفتاة ولكنها تبدو من أهل البيت ابتسم لها مرتبكا يحرك رأسه بالإيجاب لتسرع لينا بحمل الفتاة برفق بين أحضانها .. تعود بها إلي مقعدها من جديد ... تمسد علي وجنتيها الناعمة تقبل جبينها بحنان فطري ... أسرت قلبها ... ساد الصمت للحظات الجميع ينظر للينا ... نظرات تتراوح بين التعجب والشفقة والحزن والألم !!! ....نظر خالد لابنته وهي تحمل الصغيرة علي المقعد المجاور لها يجلس زيدان الصورة مكتملة ... أب وأم وطفلتهما ... صورة من يراها من بعيد يظن انهما أسرة صغيرة سعيدة .... ومن يعرف ما خلف فلاش الكاميرا سوي صاحب الابتسامة الزائفة ... أبعد خالد عينيه عن ابنته حين ربت حمزة علي كتفه يبتسم له برفق كأنه يخبره بأن كل شئ سيصبح علي خير ما يرام .... الجميع انشغل في الحديث من جديد عداه هو ... كان يراقب كل حركة همسة ... نفس صغير يصدر منها يختلس النظرات إليها من البداية ... رأي دمعات عينيها التي تغزو مقلتيها حين ظنت أن لن يراها أحد .... يشعر بما تشعر به وهي تحمل تلك الصغيرة ... فذلك الملعون نائل حين سقط تحت يديه تفاخر أمامه أنه السبب هو من قتل طفله الصغير قبل أن يري نور الدنيا صحيح أنه ظل يضربه الي أن ادمي جسده كاملا ... ولكن نيران الانتقام لم تنطفئ بعد ... تنهد يستعيد سيطرته الواهية ... اجفل علي جملة حمزة التي وجهها له مباشرة :
- وأنت بقي يا عم زيدان مش ناوي تتجوز ولا ايه
نطق حمزة الجملة بمكر هادئ يوجه انظاره ناحية لينا ... ذلك الثنائي يحتاج الي من يشعل شرارة العشق بينهم من جديد وهو سيكون أكثر من سعيد لفعل ذلك ...ابتسم زيدان ببساطة يتمتم بهدوء تام :
- إن شاء الله يا خالي قريب ... انا سني بيجري زي ما أنت عارف
لم تتغير ابتسامة حمزة الواثقة يراقب بهدوء شديد رد فعل لينا ... كفيها المنقبضة جبينها المعقود ... تنفسها السريع ... لينا تشبه والدها لا تستطيع إخفاء غضبها ... خالد حين يغضب ينفجر وابنته تشبهه ... عاد ينظر لزيدان يحادثه مبتسما :
- كلامك دا بيقول أنك حاطط عينك علي واحدة بعينيها .... ها يا سيدي حد نعرفه
انتظرت إجابته بفارغ الصبر قلبها يتلظي بلهيب عشقهم القاتل ... انتظرت أن تستمع الإجابة ولكن بدلا من أن تستمع الي إجابته صدح صوت زغاريد عالية تأتي من ناحية باب الغرفة رفعت وجهها سريعا تنظر لهم لتري مايا ابنه عمها تدخل إلي الغرفة تحمل صينية كبيرة عليها قطع الحلوي ... وبدور زوجة عمها تحمل صينية أخري عليها المشروبات ... تطلق الزغاريد العالية ... ووالدتها تدخل خلفهم تحمل صينية أخري عليها قطع شوكولاتة ... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها حين رأت سعادة مايا ... ونظرات أدهم الحالمة الذي هب واقفا يلتقط الصينية من يد مايا يضعها علي الطاولة
يبتسم إبتسامة واسعة بلهاء تغطي وجهه بالكامل .... ينظر لها بعشق جارف قبل أن يجذبها حمزة لتجلس جواره ينظر لادهم يرفع حاجبه الأيسر يرميه نظرة ساخرة تحمل معني « الا تراني » ... ضحك ادهم بخفة يعبث في شعره يشعر بالحرج كأنه طفل صغير عاد يجلس مكانه من جديد ... بينما لينا الشريف تجلس جوار زوجها .... ليسمك خالد كفها يشبكه في كفه برفق ... نظرت له وابتسمت ليقابلها بابتسامة عاشقة لن تتغير ابدا ... جلست بدور علي مقعد قريب منهم .... حين جاءت العروس نظر أدهم لأخيه متوترا يخبره بعينيه أن يتحدث ليبتسم مراد في توتر خائف من أن يفسد سعادة أخيه ... حمحم بخشونة يجلي صوته يستعد للحديث ...وجه انظاره ناحية حمزة يتمتم في رزانة غير معهودة بالمرة :
- حمزة باشا ... طبعا حضرتك عارف احنا جايين ليه النهاردة
مد يده يربت علي ساق أخيه يكمل حديثه مبتسما :
- وطبعا أدهم إنت أدري بيه من أي حد تاني ... اللي أنا عايزة اقوله في الفترة اللي عيشتها مع أدهم عرفت بجد هو بيحب بنتك قد ايه ومستعد يعمل أي حاجة عشانها واحنا طبعا تحت امركوا في أي طلبات ...
حرك حمزة رأسه إيجابا حقا أعجب بطريقة شقيق أدهم في الحديث ذلك الفتي يبدو ذكيا ربما يكون هناك تعاون قادم بينهما ... يستعين به فيما بعد .. نظر حمزة لابنته ليراها تبتسم كلعبة بلهاء تنظر لادهم تسلط مقلتيها عليه ... امسك بذقنها برفق يبعد وجهها عنه قرب رأسه منها يغمغم ساخرا بصوت خفيض :
- ما تتقومي تتحرشي بيه أحسن .... أنا كنت المفروض هسألك موافقة ولا لاء ... بس واضح أن المفروض اسأله هو
زمت مايا شفتيها بضيق تنظر لوالدها في غيظ أحمق ... رفع حمزة وجهه ينظر لادهم يغمغم مبتسما في حبور :
- رغم رفضي الأول لفكرة الجوازة دي ... بس أنا واثق أن أدهم هيحافظ علي مايا ... ويا سيدي احنا مالناش طلبات ... هي بس الشبكة و الشقة والعفش والادوات الكهربائية ... واوض النوم والسفرة والضيوف والليفنج واحنا علينا الباقي
- مش عايز تنازل عن كليته بالمرة ... نطقتها منيرة في سخرية لاذعة ... لتتعالي ضحكات حمزة ينظر لادهم في مرح ... مال بجسده ناحيته يربت علي كتفه يغمغم ضاحكا :
- أنت شكلك هتبقي حما صعبة اوي يا ست منيرة ولا ايه يا ادهم
نظر أدهم لجدته يبتسم في سعادة ليعاود النظر لحمزة حرك رأسه نفيا يغمغم :
- ابدأ والله دي ما فيش أطيب منها ...
ابتسم حمزة متفاخرا وهو ينظر لادهم ابتسم يربت علي وجه أدهم برفق :
- وأنا يا سيدي بهزر ... وبعدين أنت ابني .. يعني لما تتجوز ... حقك عليا أن أنا اللي اجهزلك دنيتك ... يعني بالبلدي كدة أنا بجهز فرح ولادي هي صحيح جوازة مريبة شوية ... بس انتوا ولاد كلب بتحبوا بعض اعمل إيه
تعالت ضحكات كل من في الغرفة بينما ادمعت عيني أدهم ... حرك رأسه نفيا بخفة يغمغم في اصرار :
- أنا ابنك دي ما فيهاش نقاش ... بس أنا اللي هجهز كل حاجة اديني شهر واحد وهتكون الشقة جاهزة من كله ونعمل شبكة وكتب كتاب وفرح مع بعض
ضحك حمزة بخفة يحرك رأسه إيجابا دون تردد :
- ماشي يا سيدي معاك شهر ... عارفة لو اتأخرت عن شهر ... هنستناك عادي بردوا وتتعالي الضحكات من هنا وهناك ... الجميع سعيد ... او ربما يحاول أن يكون كذلك ...
- طب نقرا الفاتحة بقي ولا ايه
خرجت تلك الجملة من بين شفتي خالد ليرفع الجميع أيديهم يقرأون الفاتحة ... أدهم يحاول اختلاس النظرات لمايا وهي تفعل المثل ... ابتسامة واسعة تزين ثغر كل منهم ... سعيدة كلمة قليلة عن ذلك الشعور المخملي الذي يجتاح قلوبهم ....
بينما هناك بعيدا تجلس هي تنظر للسعادة الصارخة علي وجوههم بأعين حزينة مشتاقة ... كانت السعادة بين يديها ولكنها اضاعتها رغما عنها ... كانت ضحية خدعة كبيرة ... حاولت اختلاس النظرات إليه لتري عينيه الشاردة ينظر لوجه أدهم بابتسامة شاحبة ربما يتذكر ليلة عقد قرانهم وسعادته التي تشبه سعادة أدهم الآن ... وسط تلك اللحظات الجميلة الملئية بالسعادة ... قطبت لينا الشريف ما بين حاجبيها تنظر للحاضرين في عجب تسألهم :
- هو حسام فين ؟!!
توسعت عيني خالد وحمزة ينظران لبعضهما البعض نظرات مرتعبة فزعة ليصحيا معا :
- حسام / سارة
تحرك حمزة يهرول لخارج الغرفة وخلفه خالد التفت حمزة لأخيه يصيح فيه :
- عمر هيولع في أبنك ... تفتكر عملها حاجة
توسعت عيني خالد في فزع يهدر قلقا :
- عملها حاجة !!! ... دا زمانه جاب منها عيلين ... ابن الكلب لما أشوفه هقتله ... حسام إنت فين يا زفت
صعد حمزة يبحث بين الغرف في الأعلي بينما خرج خالد إلي الحديقة يبحث عن ابنه يتوعد لحسام بأن يمزق عنقه أن مسها بسوء ... خرج إلي الحديقة لينتفس الصعداء حين رأي حسام يجلس علي مقعد حول طاولة وسارة تجلس علي الإتجاه الآخر أمامها كوب عصير وقطعة كعكعة كبيرة ... توجه إلي إن بات بالقرب منهم جذب المقعد الفارغ المجاور لسارة جلس عليه يرمي حسام بنظرات سوداء قاتلة ... التفتت بوجه ناحية سارة ابتسم لها برفق يردف :
- ايه يا حبيبتي اللي مقعدك هنا ... ما دخلتيش جوا ليه
مال برأسه قليلا ناحيتها صك أسنانه يهمس لها بصوت خفيض :
- الواد دا عملك حاجة
نظرت ناحية حسام نظرة خاطفة لتعاود النظر لخالد ابتسمت متوترة تحرك رأسها نفيا حمحمت تجلي صوتها لتهمس في توتر ظاهر :
- ااانا كنت مخنوقة فقولت اقعد هنا في الجنينة شوية .. دكتور حسام لما لاقني هنا جه يقعد معايا
ابتسم حسام في براءة شديدة ينظر لوالده ليقابله الأخيرة بنظرة حادة ...سارة تكذب وحسام يعلم أن خالد سيعلم أنها تكذب ... ذلك الفتي يكره كونه يشبه في التصرفات لتلك الدرجة .... قام من مكانه يجذب يد إبنة أخيه يحادثها مبتسما :
- طب تعالي يا حبيبتي نقعد جوا الجنينة برد دلوقتي
ابتسمت سارة مرتبكة تتحرك بصحبة خالد للداخل ما أن ابتعدوا بضع خطوات التفت خالد برأسه ينظر لحسام يرميه بنظرات قاتلة يتوعد له بالأسوء في حين لم تتغير ابتسامة حسام درجة واحدة ... يتذكر ما حدث قبل قليل
Flash back
لم يصدق حقا أنه يراها أمام عينيه أشتاق لها لدرجة مؤلمة وهو قد رآها قبل قليل فقط كيف يحدث ذلك ... بات لا يرغب سوي في رؤيتها ... لم يشعر بنفسه سوي وهو يتحرك من جوار شقيقته يجذبها لخارج المكان بأكمله ... متوجها بها إلي صالة الرياضة الملحقة بالمنزل ... ادخلها ودخل خلفها ... ترك باب الصالة مفتوح حتي لا تُفزع منه ... التفت ينظر لها .. ليري حدقتئ عينيها المضطربة قلقا ... لما تخافه لذلك الحد صحيح أن تصرفاته غريبة مندفعة ولكنه ليس مبرر لأن تخافه كما يري هو !! .... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه يتذكر كلام لينا زوجة والده ... حين علمت بعشقه لتلك الماثلة أمامه
« حسام سارة حساسة جدا ومرت في حياتها بموقف بشع أكيد مأثر فيها ... فما تبقاش عصبي ولا مندفع في تعاملك معاها ... ما تعملش زي خالد ... أبوك مرة زمان عشان يقنعني اني اتدرب عشان أعرف ادافع عن نفسي قفل علينا الصالة وفيلم رعب عمله جوا ... لو كان قالي أنا عايزك تتدربي والله ما كنت هقوله لاء ... اتناقش مع سارة في اي ... ما تاخدش قرار كدة وتفاجئها بيه .. ما تجبش للبت صرع »
تعالت ضحكات حين تذكر جملتها الأخيرة لينا حقا سيدة مثالية ... لا يعرف كم يمكنها أن تحب الجميع بذلك القدر الفائض ... هي حقا مميزة ... عاد ينظر للواقفة أمامه يهمس مع نفسه :
- دكتورة لينا عندها حق ... هي شكلها مخضوض مني فعلا
حمحم بخفة يشير لها لمقعد قريب يخبرها مبتسما أن تجلس ... حركت رأسها إيجابا سريعا في توتر ... تحركت تجلس علي المقعد ... ليجذب هو مقعد آخر جذبه ليصبح بالقرب منها بعيدا عنها بالقدر الكافي لكي لا تفزع منه ... ابتسم ينظر لقسمات وجهها للحظات طويلة قبل أن يتشجع ويخبرها بما يريد أن يقول :
- سارة ... أنا بحبك ... اعتقد أنا قولتلك دا قبل كدة ... وهقولهالك تاني وتالت وعاشر ... بس مش في الضلمة ... حبي ليكي مش غلط ... أنا هاجي اتقدملك ... بس قبل كدة ... عايز اعرف أنتي كمان بتحبيني ولا أنا فارض نفسي علي حياتك
رفعت وجهها له ليري حدقتيها تضطرب بسرعة وجنتيها تشتغل بلهيب نيران خجولة اخفضت رأسها سريعا تنظر أرضا .... تفرك يديها بعنف .... التقطت أذنيه نبرة صوتها الضعيفة المتوترة :
- اااناا ... ككنت الأول بخاف منك ... عشان كنت علي طول متعصب ... بس بعد كدة يعني
- حبتيني صح صح ... قولي صح
قاطعها يغمغم بها بتلهف لتضحك خجلة تشيح بوجهها بعيدا عنه ... هبت واقفة تتحاشي النظر لعينيه تغمغم مرتبكة :
- عن إذنك أنا جاية لمايا
تحركت لتغادر لتجده يقف سريعا يقف حاجزا بينها وبين الباب توسعت حدقتيها تنظر له مذعورة ليتذكر هو سريعا جملة لينا وهي تصرخ فيه « ما تجبش للبت صرع » ... تنحنح ينتحي سريعا عن الباب يغمغم مبتسما :
- ايه رايك نقعد في الجنينة الجو حلو دلوقتي وهنبقي قريبين منهم ... نتكلم في اي حاجة
ابتسمت مرتبكة توما برأسها في خجل ... لتتوسع ابتسامته يعبث في شعره كمراهق أحمق رأي معشوقته خلسة دون أن يعلم والدها ..... تحركت هي أولا وهو خلفها وصلا إلي الطاولة ليجذب لها مقعدها جلست عليه ليبتسم لها يغمغم سريعا :
- ثواني وجاي
تحرك بخطي سريعة مهرولة ناحية المنزل غاب تحرك بخفة حين وصل لغرفة الصالون مرورا بالمطبخ كي لا يراه أحد ... جلب كأس عصير وقطعة كعك ووضع قطعة أخري في فمه ... تحرك من باب المطبخ الخلفي المطل علي الحديقة عائدا إليها وضعهم أمامها يغمغم مبتسما :
- اتفضلي
جلس علي المقعد المقابل لها ... ليلاحظ انها تحاول إخفاء ضحكاتها قطب جبينه مستنكرا ما تفعل لتشير بأصبعها إلي فمه ... اخرج هاتفه ينظر في الكاميرا الامامية لتتوسع عينيه للحظات سرعات ما انفجر هو الآخر في الضحك الكثير من صلصلة الشوكولاتة تتنشر حول فمه ويصعد منها القليل الي أنفه ... مدت يدها في حقيبتها تخرج منديل ورقي تعطيه له ... التقطه منها ليخرج قلم من جيب سترته امسك المنديل يخط عليه بضع جمل يثنيه أعطاها لها يغمغم مبتسما:
- افتحيه لما تروحي ... ممكن واحد تاني معلش
ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب تعطيه منديل آخر تأخذ منه المنديل في يده تدسه في حقيبتها سريعا ... وكان ذلك آخر ما حدث قبل أن يخرج خالد الي الحديقة
Back
حين عاد من شروده رأي أدهم ومن ومعه يخرجون من المنزل صافح أدهم يودعهم ... دقائق أخري وخرجت سارة هي الأخري يمسك حمزة يدها كأنها طفلة صغيرة ستهرب ... نظر حسام لحمزة في غيظ ليقابله حمزة بابتسامة واسعة .... اقترب حسام منهم سريعا يغمغم متلهفا :
- أنت مروح يا عمي ... طب عنك سارة أنا هروحها بدل ما تروح مع السواق
كاد حسام أن يمسك بيد سارة ليمسك حمزة بيده يمنعه من فعل ذلك نظر حسام له ليبتسم حمزة في اصفرار يردف :
- هروحها في طريقي ما تتعبش نفسك يا دكتور ...
زفر حسام حانقا ينظر لحمزة في غيظ ليقابله الأخير بنظرات ثابتة ساخرة ... رفع يده يطوق كتفي سارة بذراعه يغمغم مبتسما :
- يلا يا حبيبة عمك عشان اتأخرنا
تحرك بصحبة سارة للخارج ووقف حسام يشتعل بنيران غيرته هنا .... توجه للداخل بعد أن انفض الجمع .... ارتمي بجسده علي الأريكة يحرك ساقه اليسري في سرعة متوترا يغمغم في نفسه حانقا :
- ما أنا هتجوزها يعني هتجوزها ما فيهاش نقاش دي .... يا حبيبة عمك نينيني ... هتنقط ... طب أروح اخطفها واكتب عليها .. وبعدين بقي في العيلة بنت المجانين دي ... ما فيش جوازة فيها بتم سلكة ابداااااا
اجفل حين شعر باحدهم يتهاوي جواره نظر للفاعل ليجده زيدان ... التفت حسام بوجهه ناحيةة زيدان حين غمغم الأخير بنزق :
- أنا مسافر رايح البلد ... عمي عمال يتصل بيا كل يوم يقولي ستك تعبانة وعايزة تشوفك ... ما تيجي معايا أنا ما بحبش أشوف خلقهم
ولما لا حرك حسام رأسه إيجابا سريعا يغمغم مبتسما :
- اشطة ... اهو منها نغير جو ... واحرق دم عمك اللي شبه فزاعة الغيطان دا ... حبيبي دا بحبه حب الأرملة السوداء لجوزها وهي بتقتله
ضحك زيدان عاليا يتذكر قديما اخذ حسام معه في زيارة سريعة لمنزله هناك ... كاد عمه إن يطلق عليه الرصاص من كلمات حسام المستفزة فقط ... تعالت ضحكات حسام هو الآخر قبل أن يصمت تماما حين تهاوي كف والده علي رقبته من الخلف تاوه متالما ليغمغم خالد في حدة :
- بتضحك يا بيه دا أنا هولع فيك ... فكراني قرطاس ... عارف لو كنت قربت من البت في الصالة كنت سحلتك
الأحمق لا يعرف أن صالة الرياضة بها كاميرات مراقبة رأي خالد ما فعله ولده العزيز ... تحرك خالد يجلس علي الأريكة المقابلة لهم نظر ناحية زيدان يحادثه :
- هتسافر بكرة بليل مش كدة
حرك زيدان رأسه بالإيجاب يشير لحسام الجالس جواره :
- وحسام هيجي معايا
ابتسم حسام في براءة يلوح لأبيه ليبتسم خالد ساخرا :
- أحسن اهو يبعدنا عن مشاكله هو وعمر يومين ...
- ايه دا حسام رايح فين ... جاء الصوت من خلفهم مباشرة من لينا ابنه خالد ...تقدمت تجلس جوار والدها تنظر لحسام تسأله بعينيها توتر الأخير لم يعرف بما يجيب ... تولي خالد مهمة الرد بهدوء تام :
- حسام مسافر مع زيدان ... جدة زيدان تعبانة وهيروح يشوفها
ابتسمت لينا متوترة تنظر لوالدها مرتبكة اقتربت منه تهمس له بخفوت :
- هو أنا ممكن أسافر مع حسام أغير جو
رفع خالد حاجبه الأيسر ساخرا ... هل تظن لينا حقا أنه بتلك السذاجة ... ولكن ذلك لا يهم الآن ... لن يوافق بالطبع لينا ... إن ذهبت لهناك ستعرف أن ما حدث لم يكن حلما كما حاول اقناعها قبلا هو وزيدان حرك رأسه نفيا بخفة يغمغم بنبرة قاطعة :
- لاء ما ينفعش انتي لسه جاية من سفر .. خليكي هنا وغيري جو زي ما انتي عايزة
ابتسمت لينا يآسة تقترب برأسه أكثر لتهمس جوار إذن والدها بخفوت :
- أنا عارفة أن اللي حصل هناك ما كنش حلم زي ما اتفقت مع زيدان تقنعوني
شخصت عيني خالد في ذهول كيف عرفت ابنته بتلك الحكاية ... لتندفع الأحرف من بين شفتيه بلا وعي :
- عرفتي إزاي
نظرت بطرف عينيها ناحية زيدان لتعاود النظر لوالدها ... هل تخبره أن زيدان هو من أخبرها في شهر عسلهم القصير ... تنهدت تتمتم :
- عرفت يا بابا وخلاص ... لو دا الموضوع اللي قلقك من السفر ... فأنا عارفة ... ينفع بقي اسافر
- ما فيش مشكلة يا خالي ... كدة كدة انجيلكا جاية هي كمان لو لينا حابة تيجي عشان ما تبقاش قلقان عليها
نطقها بهدوء تام قاتل للأعصاب .... اشتعلت أنفاسها غضبا الشقراء قادمة ...ستغرقها داخل المياة وتخبرهم أن نداهة الحقول هي من فعلت ذلك لأنها تقززت من لطافتها المفرطة ... ابتسمت في شر ... ستستمع كثيرا وهي تقتل الشقراء وتنتقم من سيدات المنزل علي ما فعلوه بها قديما ... تقسم أنها ستسمتع
____________
في صباح اليوم التالي علي صعيد بعيد ... بعيد للغاية في الجونة
تحديدا في غرفة الفندق الخاصة بعثمان وسارين ... وقفت سارين أمام مرآة الزينة تنظر لملابسها التي ارتدها استعداد لقضاء اليوم بأكمله علي الشاطئ بصحبة عثمان كما كان في الأيام الماضية كانت حقا نعيما لم يقلقه سوي تذمر عثمان الدائم علي ملابسها ... يراها جميعا قصيرة وهي تغطي كاحلها .... وضيقة وشفافة وعدة مسالب تشعرها بأنه ينظر لاخري وهو ينتقد ملابسها ...
خرج عثمان من مرحاض الغرفة يجفف خصلات شعره بمنشفة صغيرة .... ابتسمت سارين ما أن رأته أبعد هو المنشفة عن رأسه ينظر لها لتختفي ابتسامته فتنهدت هي ضجرة عثمان لن يعجبه ما ترتدي تعرف تلك النظرة جيدا .... تقدم ناحيتها ينظر لملابسها نظرة شاملة يغمغم محتدا :
- البنطلون ضيق والبلوزة ضيقة والجاكيت اللي عليهم قصير ... البسي فستان احسن يا سارين
تخصرت تزفر أنفاسها في ضيق ما باله عثمان بات متحكما بشكل لا يحتمل ... عادت تنظر للمرأة تحادثه من خلال انعاكسها بنزق :
- البنطلون واسع .. البلوزة طويلة ... واكبر من مقاسي كمان أنت اللي مختارها ... والجاكت معدي البلوزة .... حقيقي يا عثمان أنا زهقت مش كل يوم خناق علي اللبس اومال لما اروح الجامعة هتعمل ايه ...
رأته من خلال المراءة يتقدم ناحيتها الي أن صار خلفها مباشرة ابتسم لها يغمغم بحنو :
- يا حبيبتي ... أنا بحبك وبغير عليكي ومش عايز اي حد يبصلك بصة مش كويسة ... ويكون في علمك لما نرجع هنعمل فرز كامل لدولاب هدومك ... وفي فيديوهات أنا نزلتها علي موبايلي لما نرجع بليل ابقي شوفيها هتغير فكرتك في حاجات مهمة أوي
ابتسمت له تحرك رأسها بالإيجاب ... لتلتقط حقيبة يدها تحادثه :
- طب يلا بقي ننزل
شبك كفه بكفها ينزلان لأسفل توجها مباشرة إلي المطعم جلست امامه يطلبان الطعام يتحدثان عن خططهم اليوم ... إلي أن جاء الطعام بدأ يأكل وهي معه إلي أن توقف فجاءة عن الطعام حين رآها تأتي من خلف سارين تتقدم ناحيتهم ... اقتربت منهم مباشرة مالت تقبل وجنته برقة تنظر لعينيه مباشرة تغمغم بنعومة قديمة يعرفها :
- وحشتني يا صياد ... وحشتني أوي ... كدة تتجوز واحنا لسه مخطوبين !!!!
_______________________
استيقظت اخيرا تشعر بثقل مؤلم في قدميها حسام أخبرها بأنه أمر طبيعي والا تقلق ... ما إن كادت تتحرك من فراشها شعرت بدوار حاد ورغبة ملحة في التقئ تحركت تهرول ناحية المرحاض لتتقئ جسدها يرتجف بعنف مخيف .... شعرت بأنها علي وشك أن تسقط حين سمعت باب الغرفة يفتح سريعا وسمعت خطوات سريعة تهرول ناحيتها ظنته والدها ... ولكن تلك الرائحة التي تسللت لانفها أخبرتها بالعكس تماما ... تقدم جاسر منها سريعا يسند جسدها بذراعه يعيدها للفراش ... ما إن جلست عليه دفعت يده بعيدا عنها بضعف قطب جبينها تسأله محتدة :
- أنت إيه اللي جابك هنا
ارتسمت ابتسامة واسعة بريئة علي شفتيه اشار لنفسه تنهد بحرارة يغمغم مبتسما :
-هقولك يا ستي ... اتخانقت مع عمك راشد فراح طردني من البيت ... جيت عند عمك خالد راح طردني من البيت ... لسه همشي اعيط واقول جئت لا أعرف من أين جئت ولكني أتيت لقيت بيتكوا في وشي .. قومت داخل ... ابوكي راجل عسلية صراحة قرر يستضفني عنده المدة البسيطة الجاية يعني حوالي خمس ست سبع تمن سنين مش كتير يعني
توسعت عينيها في دهشة .... خاصة حين ارتمئ بظهره علي فراشها يغمغم ناعسا :
- سريرك مريح اوي يا سهيلة ... اطفي النور بقي عشان عايز أنام وشدي الباب وراكي وأنتي خارجة ... آه علي فكرة أنا رصيت هدومي في دولابك ... حسيته مريح بردوا ... ارتحتله نفسيا جداا ... يلا يا حبيبتي تصبحي علي خير !!!!!
هي حلقة مفرغة من البديات والنهايات ... تبدأ حينما تظن أن كل شئ قد انتهي لا رجعة ... تُفتح أبواب الماضي القريب بإرادتك كان أو رغما عنك ... في الجونة تحديدا في المطعم حيث يجلس عثمان بصحبة سارين ..التي تجلس متجمدة وكأن صاعقة حلت عليها هي فقط ... تنظر لتلك التي تتمايل بجسدها علي زوجها ... والغريب في الأمر أن عثمان لم يبدئ اي رد فعل مهما كان لم يثور لم يغضب لم ينطق حتي بحرف ... فقط ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه يبعد حين جلست ليلا علي المقعد الفارغ جواره ... هبت سارين واقفة تصفع بكفيها سطح الطاولة نظرت لهما في ذهول لتصيح محتدة :
- ايه في إيه ... أنتي ازاي تبوسيه وتقربي منه كدة وأنت إزاي ساكتلها ...
مد عثمان كف يده يمسك بها كف يد سارين يحادثها مبتسما :
- اقعدي يا سارين واهدي وأنا هفهمك كل حاجة
حدجته بنظرة قاتلة قبل أن ترتمي بجسدها علي المقعد تكاد تشتغل غضبا بينما لم تتغير إبتسامة عثمان ولو لثانية جل ما فعله أنه نظر لليلا ليعاود النظر لسارين يحادثها في هدوء تام :
- بصي يا سارين احنا كبار وعاقلين بما فيه الكفاية .... وانتي عارفة أن أنا بحبك ...
صمت للحظات ليعاود النظر لليلا يكمل مبتسما :
- وبحب ليلا !!!
نطقها بهدوء تام وكأنها يخبرها أنهم ذاهبون لنزهة بالطائرة مثلا ... جحظت حدقتيها في صدمة الجمت جسدها حاولت أن تنطق بحرف فلم تجد ما تقول وكأن أحدهم يمسك لسانها يمنعها من النطق بحرف واحد ... جسدها يرتجف من عنف ما تلاقي .... أما عثمان فتحرك من جوار ليلا اقترب يجلس علي المقعد المجاور لها لف ذراعه حول كتفيها يحادثها برفق :
- سارين حبيبتي ما فيش داعي للي انتي عملاه دا .... ليلا ما عندهاش اي اعتراض انها تكون الزوجة التانية ... صدقيني لما تعرفي ليلا كويس هتحبيها بجد
توسعت عينيها في صدمة أحدهم جن بالطبع هي أم هو ... هل ما يقوله طبيعي حقا يخبرها أنه يحب اخري وعلي وشك ويطلب منها أن تتقبل الأمر ... ما زاد الطين بلة كما يقولون حين بدأت تلك الحية الحديث بنبرتها الناعمة السامة:
-come on سارين ... انتي عارفة أن عثمان بيحبني وكنا فعلا مخطوبين لولا الحادثة اللي حصلتله .. بابي رفض تماما أني افضل معاه وخدني سافر غصب عني ... بس دلوقتي أنا رجعتله ... أنا وعثمان رجعنا نتكلم من يوم السبق ... ورغم غيرتي الشديدة من حبه ليكي الا أني ما عنديش اي مشكلة انك تشاركيني حبه
ها هي مجنونة اخري كلامها لا يمت للعقل بصلة ... تشعرها الآن انها هي الضحية وسارين هي الشريرة التي سرقت حبها منها يال السخرية ... حين بات الظالم هو المظلوم تنقلب موازين الحكاية بالكامل ... نظرت سارين ناحية عثمان نظرة اخيرة ... نظرت طويلة تحمل مزيج مؤلم من العذاب والألم والقهر ... نزعت يده من يدها لتتحرك من مكانها تترك لهم المكان بالكامل .... تنهد عثمان يآسا نظر لليلا يتمتم مبتسما :
- سارين صغيرة مع الوقت هتتقبل الوضع الجديد
ابتسمت ليلا في سعادة ظنا منها أن الأحمق قد سقط للمرة الثانية في شباكها الناعمة !!!
_________________
في الحارة تحديدا في منزل منيرة ... مراد الذي كان لا يستيقظ سوي بعد الظهيرة بساعات بات يقفز من فراشه منذ شروق الشمس ... يتوجه صوب دكانهم الصغير ... يفتحه ينظف المكان .... بات هو المسؤول عن الدكان بالكامل رافضا تدخل جدته في أي شئ ... ابتسمت منيرة في سعادة تطل برأسها من خلال نافذة المنزل لتري مراد يقف في الدكان يعمل بجد ... يأخذ بعض البضاعة يدخلها للمحل ... يحاسب أحد الزبائن .... مراد تغير كثيرا عن السابق ... لم تظن يوما أنها ستظل حية لتري مراد الجديد هذا ... أدهم في عمله ... ومراد أيضا لا يوجد سواها هي والصغيرة ملك ... أغلقت الشرفة تتوجه ناحية فراش الصغيرة الذي اشتراه أدهم هدية لها ... حركته برفق لتدوي ضحكات الصغيرة ... ابتسمت لها بحنو تحادثها :
- حبيبة تيتا منيرة أنتي ... بس تيتا منيرة مش هتعشلك علي طول يا ملك ... لو بس الحال ينصلح بين روحية ومراد ... روحية حنينة أوي وأنا عارفة انها هتحبك زي بنتها بالظبط
قاطع حاديثها مع الصغيرة صوت دقات علي باب المنزل ... توجهت سريعا تفتح الباب لتجد روحية تقف أمامها مباشرة ... ابتسمت لها تجذبها للداخل :
- تعالي ما فيش غير ملوكة
ابتسمت روحية رغم حزنها العميق ... توجهت ناحية فراش الصغيرة مباشرة تحملها بين ذراعيها بحنو ... جلست بها علي أحد الارائك جوار منيرة ... نظرت منيرة لهم تبتسم في سعادة ... صورة جميلة لا ترغب في أن تتلاشي أبدا ... تبدلت ابتسامتها بأخري عابثة حين تشدقت مبتسمة :
- بس ما قولتليش أي رأيك في اللي مراد عمله في الستات اللي لسنوا عليكي ... دا مسح بكرامتهم الحتة كلها ... دلوقتي ما حدش يقدر يفتح بوقه ويقولك تلت التلاتة كام
ارتسمت ابتسامة بائسة علي شفتي روحية ... الأمر برمته لم يعد يعينها صحيح أن ما فعله مراد قبل أن أيام يُحسب له ولكن رصيده السئ عندها يفوق بكثير موقف واحد جيد فعله لأجلها ... رفعت وجهها تنظر لمنيرة التي تجلس أمامها مباشرة تنهدت تتمتم في خمول حزين :
- انتي شايفة أن عمله دا صح .. لما يقول بالكذب اني مراته يبقي صح ... هو آه دافع عني مرة بس الوحش اللي عملهولي اكتر بكتير ... مراد كان بيستغل ضعفي كان يفرض قوته عليا ... أنا مش عارفة اعمل ايه تعبت والله تعبت ... لما بحاول امشي في حياتي خطوة واحدة لقدام ... بيرجعوني ألف خطوة لورا ... واضح أن محكوم عليا اني اعيش طول عمري استخبي من الناس علي ذنب ماليش ذنب فيه
صاحب حديثها قطرات دموعها التي غزت وجنتيها الوردية الشاحبة أغمضت عينيها شهقة ضعيفة خرجت من بين شفتيها .... تلقائيا ضمت الصغيرة لصدرها لا تعرف لما ولكنها أرادت أن تحتمي ببرائتها مما فعله بها العالم ...
لم تكن تدري أنه يقف خلف الباب الشبه مغلق يستمع إلي كل حرف خرج من بين شفتيها ... هل يخبرها بما فعل الآن ... من الأفضل الطرق علي الحديد وهو ساخن .... دفع الباب بتروي ما أن لمحته يدخل من باب المنزل انتفضت واقفة تعطي الصغيرة لمنيرة كما اعتادت ... تهرب ما أن تراه ... تحركت لتغادر ليقف هو يمنعها من فعل ذلك ... توسعت عينيها في هلع تنظر له مذعورة ... ليتنهد هو حزينا علي حالها حمحم بخفة يحادثها :
- استني يا روحية عايز اتكلم معاكي كلمتين ...
منيرة ادي ملك لروحية وحضرلينا الفطار
تقدمت منيرة تودع الصغيرة بين يدي روحية تتحرك ناحية مراد لكزته بمرفقها في ذراعه تغمغم ساخطة :
- نفسي مرة تقولي يا ستي ولا يا جدتي حتي زي أدهم ...واد يا مراد علي الله تزعلها ... أنا بقولك اهو هتلاقيني جيالك بالشبشب
ضحك مراد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب سريعا ... تحركت روحية بأرجل مرتجفة للخلف جلست علي الأريكة بعيدا عنه ليجذب هو مقعد من الخشب لم يرد أن يقترب منها يكفي حالها المرتعد منه .... ظل للحظات طويلة لا يجد ما يقوله ... يختلس النزرات إليها ليعاود النظر أرضا تعبث يديه في علاقة المفاتيح متوترا ... حمحم يتمتم بخفوت :
- هو انتي سيبتي شغلك ولا ايه ما بقتيش بتنزلي تروحيه
ارتسمت ابتسامة عذاب ساخرة علي شفتيها تتمتم بهمس متهكم :
- انزل وسط الناس في الشارع عشان اللي هيخاف يقول كلمة هيبص بقرف ... هشوف في عينيهم اللي خايفين يقولوه ... لاء معلش أنا عندي اموت من الجوع بكرامتي احسن
شعر بالدماء تفور في عروقه شعر بمدي دناءة ما كان سيفعله بصبا والتي تعاني منه روحية الآن ألسنة المجمتع القاسية التي لا ترحم تترك الجاني وتجلد المجني عليه ... وصل حقده علي صديقه لدرجة بشعة كان سيدمر بها فتاة بريئة لا ذنب لها من الجيد أن ذلك لم يحدث .. رغم كل ما حدث له ولكنه الآن فقط يمتن لما فعلوه .... تحرك من مكانه يجلس علي الأريكة بالقرب منها كثيرا نظرت له فزعة بينما حرك هو رأسه نفيا بعنف شديد يحادثها منفعلا بحرقة :
- أنتي ما غلطتيش يا روحية ... انتي مالكيش ذنب ... ربنا أعلم أنك عمرك ما كنتي خاطية وإن اللي حصل دا كان غصب عنك .... حتي أنا ... يوم ما شيطاني ساقني ليكي ... قاومتيني كان عندك تموتي ولا أنك تقعي تحت رحمة شيطان تاني .... إنت المفروض تبقي فخورة بنفسك ... وأنا ما كذبتش لما قولت أنك مراتي ... لأنك فعلا مراتي علي سنة الله ورسوله أنا رديتك لعصمتي يوم ما رجعت ... وفي حاجة كمان أنا عملتها ... هي من غير علمك بس صدقيني ما كنش قدامي حل تاني ... كان لازم اطلع شهادة ميلاد لملك وأنا للأسف ما عييش قسيمة جواز غير بتاعتنا ...
صمت للحظات ليمد يده في جيب سرواله يخرج ورقة مطوية فتحها يرفعها أمام عينيها لتشخص عينيها في صدمة تكمل سيل الصدمات التي تلقتها منه توا ... اولاها كلامه الغريب مراد يريد منها أن تفتخر بذاتها ... مراد !!!!!! هو من يقول ذلك الكلام ... والاسوء عادت لعصمته ... هي لا تزال زوجته ... واكتملت الحلقة حين رأت شهادة ميلاد الصغيرة باسمها ... سجل ابنته الصغيرة باسمها باتت ابنتها هي ايضا كيف يفعل ذلك دون أن يخبرها ... كيف تتحمل كل تلك الصدمات في آن واحد ... آخر ما شعرت به هو يهرول ناحيتها يأخذ الفتاة سريعا من بين يديها وبعدها ذهبت في دوامة بعيدة سوداء لفتها بالكامل شعرت بجسدها يترنح ولكنها لم تسقط أرضا بل سقطت علي صدره آخر ما سمعته كان دقات قلبه المتسارعة
____________________
بعيدا في منزل بعيد ... بعيد للغاية يقف هو خارج الغرفة ... ينتظر بفارغ الصبر خروج الطبيب من الغرفة ليطمأنه علي حالة والده ... اقتربت زوجته منه تنظر له حزينة توجهت تقف جواره رفعت يدها تضعها علي كتفها تربت عليه برفق ليلتفت برأسه لها أعطاها ابتسامة شاحبة ليعاود النظر امامه تشرد عينيه في الفراغ قلقا ... تنهد ترانيا تحادثه برفق :
- محمد هون علي نفسك عمي هيبقي كويس ... الحمد لله احنا كنا فين وبقينا فين ... الدكتور هيطلع يطمنا
دعي في نفسه كثيرا أن يمر الأمر حقا علي خير ... اغمض عينيه يتنهد قلقا منذ أشهر ووالده في حالة حرجة بسبب ارتفاع ضغط دمه المفاجئ مما سبب له جلطة ... جعلته قعيد الفراش ... ترك الدنيا بأكملها وجاء لمنزل والده ليعتني به بصحبة زوجته وابنه فراس ... حالة والده ليست مستقرة إطلاقا ... ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتيه يتذكر صديقه ... خالد وهو يصيح فيه يوميا :
- انشف يا محمد ... أبوك هيبقي كويس ... أنا متابع حالته مع الدكاترة ... وما تقلقش أنا سادد مكانك في الشغل
اجفل من شروده علي صوت الباب يُفتح هرول سريعا ناحية الطبيب يسأله متلهفا :
- طمني يا دكتور ... حالته ايه دلوقتي
ابتسم الطبيب في هدوء يردف في جدية :
- لاء دلوقتي الحمد لله الحالة اتحسنت كتير عن الأول ... نكمل بس علي الأدوية دي ... عشان الدنيا ما تبوظش مننا تاني
حرك رأسه إيجابا سريعا التقط ورقة الأدوية من الطبيب يصيح بصوت عالي :
- فراس ... مع الدكتور ... وهات الدوا دا
اقترب شاب تقريبا في الثامنة عشر من عمره حرك رأسه إيجابا سريعا اخذ الورقة من والده يتحرك بصحبة الطبيب للخارج ... ليندفع محمد ناحية الغرفة دخلها يغلق الباب عليهم لتبتسم رانيا في هدوء ... انسحبت تتوجه ناحية المطبخ تعد الغداء لحماها العزيز
دخل محمد إلي غرفته والده اقترب من فراشه مد يده سريعا يمسك كف أبيه يقبله عدة مرات .... فتح رفعت عينيه بضعف شديد وشبح إبتسامة ارتسمت علي شفتيه يغمغم بصوت ضعيف متهالك :
- رغم قسوتي عليك زمان يا محمد .. الا أنك دايما بتجري عليا لو حصلي اي حاجة ... ربنا يبارك في عمرك يا ابني ... ويريحك من همي
ادمعت عيني تتساقط منها الدموع بغزارة وكأنه طفل صغير حرك رأسه نفيا بعنف يتمتم منفعلا :
- ربنا يخليك ليا ... إنت عمرك لا كنت ولا هتكون هم عليا ... أنا مستعد أعيش خدام تحت رجليك بس إنت يفضل نفسك في الدنيا ...
ابتسم رفعت في ضعف جذب يده من يد ولده يحاول بضعف جذب جسده ليعانقه ... اقترب محمد يعانق أبيه ينفجر في البكاء بين أحضانه بينما يمسح رفعت علي رأسه ... تساقطت دموعه يغمغم في شوق :
- نفسي اشوف اختك يا محمد ... لوجين وحشتني أوي ... «علي» علي الأقل بيجي كل يوم يطمن عليا ... انما لوجين أنا بقالي سنين ما شوفتهاش
رفع محمد رأسه ينظر لوالده في هدوء يحرك رأسه إيجابا يحادثه مترفقا :
- هتشوفها ... خالد بيدور عليها وقالي أنه قرب يوصلها ....
ارتسمت ابتسامة حزينة متألمة علي شفتي رفعت ينظر له متألما تساقطت دموعه يغمغم حزينا معذبا :
- خالد !! ... تفتكر خالد سامحني علي كل اللي عملته فيه زمان ... شيطاني ساقني يا محمد ... دايما خالد كان ابني اللي مخلفتوش ... دايم واقف جنبك وأنت جنبه كنت بحس بالفخر وأنا شايفكوا انما شيطان الفلوس خلاني ااذيه بالشكل دا .... قوله يسامحني يا محمد ... أنا اذيته كتير أوي ... قوله إن ربنا خدله حقه مني ... وبقيت عاجز
سالت دموع محمد فتح فمه يرغب في قول شيئا ما ولكن قاطعه دقات الباب ... دقتين فقط وفُتح الباب ليظهر خالد من خلفه يبتسم لهم يحمل عدة حقائب بلاستيكية سوداء توجه ناحية صديقيه ... قام محمد ما أن رآه ليدفع خالد إليه الحقائب يغمغم تعبا :
- شيل يا عم عني الأكياس قطعت نفسي
قطب محمد جبينه متعجبا ينظر لما داخل الحقائب لتتوسع عينيه في اندهاش حين رآها تحتوي علي فاكهة « التفاح والموز والبرتقال والعنب وبطيخة كبيرة الحجم » نظر لصديقه مدهوشا يتمتم في عجب :
- ايه يا خالد اللي أنت جايبه دا
نظر خالد لصديقه يبتسم يغمغم في ببراءة :
- والله دورت علي برقوق ما لقيت ... أنا عارفك بتحبه
خرجت ضحكات محمد رغما عنه ... نظر خالد لمحمد ليحرك الأخير رأسه إيجابا حمحم يغمغم في مرح باهت :
- هروح اغسل الفاكهة ... مش عارف تجيب مانجا يا معفن ... وبعدين لقيت برتقال فين في الصيف
ضحك خالد دون أن يرد لينسحب محمد من الغرفة يغلق الباب خلفه ... اقترب خالد من فراش رفعت يجلس علي المقعد بالقرب منه ابتسم في هدوء يحادثه :
- حمد لله علي سلامتك يا خالي
انهارت دموع رفعت بعنف ما أن نطق كلمته الأخيرة يشهق في بكاء مرير يتوسله راجيا :
- أنا آسف يا ابني حقك عليا ... اذيتك واذيت مراتك ... بجشع وانانية سببتلكوا وجع كبير .. سامحني يا ابني وقول لمراتك تسامحني علي اللي عملته ... ما فضلش في عمري كتير ... سامحني يا ابني ابوس إيدك
حاول رفعت أن يمسك كف خالد ليبعد الأخير يده سريعا .... رفع يده يربت بها علي كتف رفعت برفق لحظات صمت قبل أن يغمغم بهدوء :
- مسامحك يا خالي ... عشان خاطر ذكريات حلوة كتير عيشتها في بيتك ... وعشان خاطر محمد .... اللي من اول نفس في الدنيا لينا وهو واقف في ضهري ... رامي عليه دايما همي ... قوم أنت بس بالسلامة عشان خاطر محمد ... هعدي عليك تاني ... أنا بس مستعجل عندي شغل مهم ... حمد لله علي سلامتك
تحرك يغادر الغرفة بأكملها ما أن فتح بابها رأي صديقه يقف خارجا ... اندفع محمد ناحيته يعانقه بقوة ليبتسم خالد برفق يربت علي رأسه كأنه طفل صغير ... حين تمتم محمد ممتنا :
- شكرا يا خالد ... حقيقي مش عارف اشكرك ازاي
ابتسم خالد في رفق يبعده صديقه قليلا قبض بكفيه علي ذراعيه يحادثه متعجبا :
- بتشكرني علي ايه ... هو مين المفروض يشكر التاني ... يا ابني دا من كرم ربنا عليا وجودك في حياتي ... خلي بالك من أبوك يا صاحبي ... وأنا هجيلك تاني ... وما تقلقش علي الشغل كله تحت السيطرة
ابتسم محمد في هدوء يعانق صديقه ليودعه بعد قليل ...
______________________
إلي منزل خالد السويسي .... بعد أن انهي عمله وانهي زيارة صديقه عاد لمنزله حين وصل وجد سيارة شحن تقف خارجا والحرس يمنعون المندوب من الدخول .... ترجل من سيارته يقترب منه يسألهم :
- ايه اللي بيحصل
التفت المندوب إليه يحادثه بنزق :
- يا افندم أنا بقالي ساعة وهما رافضين يستلموا الاوردر
نظر خالد للصندوق الذي يحمله الفتي ليعاود النظر إليه من جديد يسأله :
- مين اللي طلب الاوردر دا .. باسم مين
نظرى المندوب للورقة في يده ليعاود النظر لخالد يغمغم :
- الاوردر طلباه آنسة لينا خالد السويسي ومدفوع بالكريدت كارد ..... حتي التوصيل مدفوع ... ممكن بقي حد يستلم مني الاوردر عشان لسه عندي طلبيات كتير
حرك خالد رأسه بالإيجاب أخذ الطرد من المندوب يوقع له علي إيصال الاستلام ... ليأخذ الطرد يتوجه به للداخل ... صحيح أن الشك يكاد يقتله أن يكن بداخله قنبلة او شيئا ما ... حرك برفق ليتسمع إلي صوت بعض العلب الصغيرة ترتطم ببعضها بعضا ... قرب اذنه منه لا يسمع صوت اي عداد لقنبلة ... هو يعرف صوته جيدا ... توجه للداخل ليجد لينا ابنته تشاهد التلفاز جوار حسام شقيقها ... اقترب منها ينظر للينا يسألها :
- لينا أنتي طالبة اوردر
توسعت عيني لينا في حماس ... لتهب من مكانها سريعا تأخذ الطرد من والدها تغمغم في انتصار :
- ايوة يا بابا أنا طلباه كويس أنه ما اتاخرش
أخذت الطرد وصعدت تركض لأعلي ... ليقطب خالد جبنيه مندهشا .... قام حسام هو الآخر يأخذ طبق الفشار معه يغمغم مبتسما :
- أنا هروح اغير هدومي واحضر شنطتي زيدان قالي أنه قدامه ساعتين ويجي
قالها ليصعد إلي أعلي هو الآخر ليتهاوي خالد علي الأريكة يصفع كف بأخر يغمغم ساخرا :
- يا ولاد المجانين ... دا أنا هقلبها عباسية
لحظات ودق هاتفه زفر حانقا يخرجه من جيب سترته لتتوسعه عينيه في تلهف فتح الخط سريعا يحادث الطرف الآخر بالإنجليزية :
- سام ... توصلت إليها ... نعم نعم ... كم المبلغ ... سأكون عندك في أسرع وقت ممكن ... تصرف سام سأدفع النقود للبنك أن أرادوا ... غدا علي الأكثر سأكون أمامك ... لن أتأخر
أغلق الخط لينتفس بارتياح يمسح وجهه بكفي يده عثر عليها اخيرا شقيقه الحمقاء وجدها ... لينا أخبرته مؤخرا بما فعله بها معتز ومن يومها وهو يبحث عنها في جميع ... لا يعرف أيضع الذنب عليها ام علي نفسه ... لا يعرف حتي أهي جانية أم بريئة مجني عليها ... مثل زيدان ... وذلك المختل معتز اوقعها في شباك فخه ... تنهد حائرا يعبث في هاتفه يحجز اقرب طائرة متجهة إلي لندن والتي لحسن حظه ستقلع بعد أربع ساعات ... ولكن تبقي المشكلة ... لينا ستسافر مع حسام وزيدان ... لن يترك لينا بمفردها هنا ... حتي وإن كانت زيارته قصيرة ... ماذا سيفعل ... رآها تقترب منه تحمل كوب قهوة وضعته أمامه تتمتم مبتسمة :
- سمعت صوتك قولت اعملك قهوة أنا عارفة أنك بتبقي جاي مصدع
- لينا تسافري معايا لندن ... يوم واحد بس بالكتير وهنرجع
نطقها هكذا فجاءة دون مقدمات لتتوسع عينيها في دهشة .... رمشت بعينيها تنظر له مذهولة .. ليبتسم هو يغمغم سريعا :
- يبقي موافقة هحجزلك تذكرة معايا
خالد مجنون ذلك شئ لم تعرفه توا .... فعلها قبلا وفاجئها بسفرهم قبلهم بعدة دقائق ... الآن علي أقل تقدير يعطيها فرصة قليلة لضب حقائبهم ....
مرت ساعتين تقريبا قبل أن ينزل حسام من أعلي يحمل حقيبة ملابسه في يده ومن خلفه لينا التي ما ان اقتربت منه القت الحقيبة عليه تغمغم ساخطة :
- ما تشيل عني الشنطة ...
حدجها حسام بنظرة قاتلة مضحكة ليلقي الحقيبة علي وجهها يغمغم ساخرا :
- وانتي اتشيليتي ... لما تتشلي كدة يا حبيبتي هبقي اشيلك انتي والشنطة
- بس يا حمار أنت والبقرة اللي جنبك
صاح فيهم خالد غاضبا ... ابنه البكر الذي تجاوز الثلاثين وشقيقه التي تصغره ببضع أعوام يتصرفون وكأنهم أطفال في الصف الأول الابتدائي ... اقترب خالد منهم بينما اطرق حسام ولينا رأسيهم أرضا وقف خالد أمامهم يعقد ذراعيه خلف ظهره يغمغم أمرا :
- مش عايز مشاكل وتاخد بالك من اختك يا حسام ...اهل زيدان ناس سم ... لو حصل أي حاجة ولعوا فيهم ... انا اللي بقولكوا ابتسم حسام في خبث ينظر لشقيقه لتقابله الأخيرة بنفس الابتسامة ... وصل الطرد وستلاعبهم جيدا كيف يفعل محرك الدمي بعرائسه ... ستنقم شر انتقام علي لحظات الفزع التي وضعوها بداخلها قسرا ...تحركوا للخارج بعد أن ودعهم خالد ولينا ... هناك في سيارة يجلس زيدان وبجانبه تلك الحية الملونة .... كم أرادت أن تنقض عليها وتغرز أظافرها في عنقها ... تحركوا ناحية سيارة زيدان اقترب حسام من زيدان يغمغم:
- نزل المزة عشان أنا هركب قدام
ضحك زيدان رغما عنه نظر لانجليكا يحادثها مبتسما :
- معلش يا انجيلكا حسام بيحب يركب قدام ...
ابتسمت انجيلكا بلطف شديد لتتحرك من مكانها توجهت ناحية الأريكة الخلفية تجلس جوار لينا التي حدجتها بنظرة قاتلة ما أن جلست .... فابتسمت انجليكا برقة شديدة ..
ادار زيدان محرك السيارة يشق بها الطريق الي الصعيد .... يقطع المسافة يتذكر مع كل ميل يخطوه للأمام ... حين كانت تجلس جواره ... في الطريق قبل أشهر ... تبدل فيهم الحال ... اجفل علي صوت أنجيلكا تهتف برقة :
- زيدان أنا جآنة أوي
ابتسم لها في هدوء خاوي من المشاعر ...يحرك رأسه إيجابا يحادثها :
- حاضر يا انجليكا في استراحة بعد عشر دقايق هنقف واطلبلك اكل
ابتسم تشكره بالإنجليزية .... بينما لينا كانت علي وشك أن تسبها بكل لغات العالم أجمع ... نظرت ناحية شقيقها تغمغم في غيظ :
- حسام أنا جعانة
رفع حسام حاجبه الأيسر ساخرا يغمغم متهكما :
- دا انتي واكلة سبع مرات قبل ما نيجي ... جعانة إيه ... تعالي كوليني
أحمر وجه لينا غضبا ... بينما نظر حسام لزيدان يغمغم ساخرا :
- شايف الفرق بين الاجنبي والمصري ... بتقولك جآنة أوي ... كفاية بس كلمة جآنة ... مش حسام أنا جعان ... تسرعك كدة
ضحك زيدان يشاركه حسام في الضحك ... عند أول إستراحة وقفت سيارة زيدان نظر لانجيلكا يسألها :
- تحبي تاكلي ايه
اسبلت انجيلكا عينيها تتغمغم بلطف :
- علي ذوآك
- يا عم جوزهالي يا عم مش شايف بتتكلم ازاي
غمغم بها حسام منفعلا بطريقة مرحة مضحكة ليصدمه زيدان علي رأسه برفق ... نزل متوجها إلي الإستراحة غاب بضع دقائق ليعد ومعه اربع حقائب مغلفة اعطي واحدة لحسام وواحدة لانجيلكا ... التفت برأسه ناحية لينا يمد يده لها بواحدة يغمغم مبتسما في هدوء :
- اتفضلي
نظرت لوجهه وهو يبتسم تسرح حدقتيها بين قسماته ... لتشعر بدقات قلبها تتضارب ... قبضة مؤلمة تسحق روحها لما لم يعد ينظر لها كما كان يفعل .... أين عشقها لما لم تعد تراه في عينيه ... هل أحبت تلك الجالسة جوارها ... ادمعت عينيها رغما عنها تشيح بوجهها بعيدا سريعا غمغمت بغصة مختنقة :
- شكرا مش جعانة
وضع الحقيبة جوارها علي الأريكة الخلفية يغمغم بهدوء :
- علي راحتك
شخصت عينيها في دهشة هكذا ببساطة ... عاد هو يدير محرك السيارة يشق الطريق من جديد الي منزل عمه ... قرب سطوع الشمس وقفت سيارته في حديقة المنزل .... نزل منها ليجد عمه وعمته يقفان في الحديقة اقتربت عمته إلهام من لينا سريعا تعانقه بود زائف تغمغم بترحاب مصطنع :
- اهلا اهلا بمرت الغالي ... اتوحشناجي جوي جوي
شخصت عيني لينا في دهشة ... لا زالوا يعتقدون أنها زوجته ...زيدان لم يخبرهم انهم انفصلوا ... ابتعدت عن عمته تغمغم في دهشة :
- لاء مش
- مش قادرة تقفي أنا عارف بتتعبي من السفر يا حبيبتي
غمغم بها زيدان في هدوء تام لتنظر لينا إليه في دهشة .... حجظت عينيها أكثر حين سأل عمه عن تلك الشقراء المقززة فاجابهم زيدان مبتسما :
- انجليكا خطيبة حسام اخو لينا مراتي !!!
________________
ضحية
جلاد
جانية
مجني عليها
أخطأت وربما لم تفعل
بل فعلت
سلمت حياتها لشيطان دمرها هي وصغيرها خسرت كل شئ والآن ها هي تأخذ عقابها علي ما فعلت ملقاة في سجن داخل مصحة لمعالجة الإدمان صحيح انهم تخلصوا من ذلك السم ازالوه تماما من دمها الا انهم يبقون عليها هنا لتمام علاجها ...ستبقي مسجونة إلي اجل غير مسمي وهي حقا تستحق ما فعلت يكفي أنها اضاعت صغيرها ... كانت سبب عذابه الأول ... لم تحمه من بطش شيطان اراد به سوء الانتقام ..... اجفلت من موج يلطمها بلا رحمة علي صوت الممرضة تخبرها بأن هناك زيارة لها ... زيارة من ؟؟ ... لا أحد يعلم أنها هنا ...التفتت برأسها للقادم لتشخص عينيها في ذهول للحظات لا تصدق ما تراه أمامها انهمرت دموعها .... تغرق وجهها هو ... هو هناك يقف أمامها .... تحركت بخطوات ثقيلة تهرول ناحيته ... ترتمي بجسدها بين ذراعيها تنوح في بكاء قاسي تردد اسمه بلا توقف :
- خالد ... خالد ... أنت هنا صح ... ابني يا خالد زيدان فين !!!!!
ضياع ما كانت تشعر به هو الضياع الكامل ...وكأنها داخل نفق بدأ ولم ينتهي ابداا .... تركض بلا توقف حتي ركضها بلا داعي ... ممن تهرب من ذكريات كالجحيم من شعور قاسي مخيف بالندم يركض خلفها ينهش ما تبقي من فراغ روحها ... يدخلها داخل دوامة سريعة عنيفة من الذنب والألم والمعاناة ... دوامة تنخر فيما تبقي من ثبات زائف تقضي علي الروح تنهش القلب .... دوامة لم تختفي ... تتراجع ... تهرب بعيدا ... الا حين ارتمت بين أحضان أخيها تشعر بالحياة بالدفي والأمان ... أمان كانت قد نسيته منذ سنوات في دوامة السكر التي سبحت فيها بملئ إرادتها ... بحر من السكر المر تدمن عذوبته القاسية رغما عنك ... شدت بذراعيها علي جسد أخيها تخبئ روحها الفارغة داخلة تجهش في بكاء قاسي مرير مؤلم ...بكاء يخرج كل ما يتصارع داخل قلبها المكلوم ... تشعر بيد أخيها تربت علي رأسها ... لحظات طويلة قبل أن يبعدها عنه قليلا يمسك ذراعيها بكفيها ينظر لقسمات وجهها الذابلة ... لوجين جميلة العائلة كما كانوا يلقبونها ... لا يري منها سوي شبح امراءة خائفة ... عينين ذابلة ... شفاه مرتجفة .... بشرة شاحبة ... خصلات بيضاء تغزو رأسها ... يشك أنها من الزمن .... لوجين التي كان يتسابق الخطاب إليها وفي النهاية فاز بها صديقهم المقرب زيدان لتكتمل سعادتهم ... ولكن دوام الحال من المحال ... لا أثر للسعادة في تلك اللحظات حتي الابتسامة التي رسمها علي شفتيه لا أثر للسعادة فيها .... جل ما فعله أنه مد يده يمسح دموعها عن وجهها ... يحادثه بترفق :
- أنا هنا ومش همشي ... هاخدك معايا ... أنا خلاص دفعت الدين للبنك وبقيتي حرة ... والمستشفي تفاوضنا معاهم وهخرجك علي مسؤوليتي ...
مد يده لها بحقيبة ورقية كبيرة وضعها علي الفراش جوارها يحادثها بترفق :
- غيري هدومك ... يلا عشان نمشي
ارتسمت ابتسامة مرتجفة علي شفتيها تومأ برأسها بالإيجاب قلبها يقرع بعنف مخيف داخل صدرها ترحل سترحل ... ستخرج من سجن ظنت أنه أبدي ... ستري صغيرها اخيرا .... كم تتوق لاحتضانه ... تخبره بمدي ندمها ... تحرك خالد يقف خارجا .... يغلق الباب خلفه ... لتبصر عينيه لينا التي تجلس علي مقعد أمام الغرفة من نظرة عينيها الشاردة استشف أن هناك ما يضايقها ولكن تري ما هو ..ماذا حدث ...اقترب يجلس علي المقعد المجاور لها وضع يده علي كتفها يسألها :
- مالك يا لينا
اشاحت بوجهها في الإتجاه الآخر تقبض كفيها تشد عليهما بعنف .... تحاول أن تبدو هادئة وهي علي وشك الانفجار .... تنهدت تغمغم بجفاء :
- ما فيش ... هي لسه ما خلصتش مش هنمشي بقي أنا زهقت
قطب جبينه متعجبا من لهجة لينا الحادة ... لينا بها شئ غريب منذ أن علمت أنهم هنا لأجل لوجين والدة زيدان ... وجه انظاره ناحية الباب حين سمعه يُفتح لتطل لوجين من خلفه بعد أن بدلت ملابسها بالملابس الشتوية الثقيلة التي في الحقيبة اقترب خالد منها يبتسم لها لف ذراعيه حول كتفيها يحادثها :
- يلا يا حبيبتي
حركت رأسها إيجابا في توتر لم تنطق بحرف آخر ... إلا أنه شعر بجسدها يرتجف ... فما كان منه الا خلع معطفه الاسود الكبير يلبسها إياه ... ابتسمت في شحوب واضح ... وجه انظاره ناحية لينا ... لتتوسع حدقتيه قليلا حين رآها تنظر ناحية لوجين ترميها بنظرات قاتلة حادة هو بذاته خاف من نظرات لينا التي توجهها للوجين اقلقته حقا ... لينا تبدو غاضبة وللغاية .... تنهد يحاول أن يمد أن يبتسم مد كف يده ناحية لينا .... لتقبض علي حقيبتها بعنف قامت من مكانها تتقدمهم للخارج ...آخر ما سمعه منها كان زفرة غيظ قوية تعبر بها عن حنقها ... توجه مع لوجين لخارج المكان ... ما إن خطت قدميها خارج المصحة وقفت تنظر لأشعة الشمس التي تختبئ علي استحياء خلف الغيوم ... الهواء البارد .... رائحة المطر ... أناس يتحركون هنا وهناك ... شعر خالد بحاجتها ان تقف هكذا تستعيد شعور أنها بين الأحياء من جديد ... فوقف جوارها صامتا ... للحظات طويلة قبل أن تطل لينا برأسها تغمغم مستاءة :
- احنا هنفضل في الشارع طول اليوم !!
نظر خالد لزوجته معاتبا بينما حمحمت لوجين مرتبكة تحرك رأسها بالإيجاب ... تقدم خالد يفتح لها باب السيارة الخلفي ... جلست ليغلق الباب عليها بهدوء ... أخذ مكانه خلف المقود ... نظر للينا نظرة خاطفة يعاتبها بها ....وهي حقا لم تهتم فقط اشاحت بوجهها بعيدا عنه ... ليزفر حانقا التفتت برأسه ناحية لوجين يحادثها مبتسما :
- احنا هنطلع علي الاوتيل دلوقتي ... الطيارة هتتحرك الساعة 3 الفجر ... الباسبور بتاعك معايا ما تقلقيش ...
بالكاد ابتسمت تحرك رأسها إيجابا ... ليدير خالد محرك السيارة يتوجه مباشرة إلي الفندق ... يختلس النظرات بين حين وآخر لتلك الجالسة جواره يحاول أن يفهم ما بها لينا ... لما تغيرت فجاءة وكأنها أخري لا يعرفها !!
_____________________
هناك علي صعيد آخر في حديقة منزل أهل زيدان يقف حسام أمام صديقه ... ينظر لها حانقا مغتاظا طحن أسنانه يهمس له بصوت خفيض غاضب :
- دا علي أساس أن أنا قرني ... مراتك منين يلا ... أنت ازاي تقول أنها مراتك اصلا ... أنت اتجننت يا زيدان
كان يقف ينظر لمجري المياة الصغير الذي يشق الصخور أمامه يتدفق ببطئ ورفق ... يحي اليابس من جديد انتظر إلي أن انتهي صديقه من عتابه .. ليلتفت بجسده له وقف أمامه للحظات يدس يديه في جيبي سرواله تنهد يغمغم في هدوء :
- أنا عملت كدة عشانها وعشان كرامتي .... صدقني لو عرفوا أننا متطلقين ... مش هتسلم من لسانهم اللي هيخافوا يقولوه قدامي هيقولوه من ورايا ... وهي حالتها النفسية ما تسمحش لأي كلام منهم ... وأنا ... لسه فاكر كويس ... يوم ما طردتهم في البيت لما كنا مسافرين شهر العسل .... إلهام صرخت في وشي تقولي ( أنت بتطردنا عشان مراتك بكرة تسيبك زي ما أمك سابتك ... أنت محكوم عليك تعيش منذوب ) ... كان نفسي ارميهم في الشارع لولا ابوك رفض عشان الاطفال الصغيرين
تنهد حسام حائرا جزء منه حزين يتألم علي مأساة صديقه وجزء آخر يشعر بالغضب منه ... عاد ينظر لزيدان يغمغم ساخطا :
- طب ماشي ... ما فكرتش وأنت بتقول أنها مراتك ... إن من المنطقي أن مراتك تبات معاك في أوضة ... وأنا علي جثتي لو دا حصل
تنهد زيدان في هدوء يرسم شبح ابتسامة طفيفة علي شفتيه يغمغم في هدوء :
- لاء فكرت يا حسام ..... أنت فاكر اوضتك جنب اوضتي لزقين في بعض ويفصل بينهم باب ... يعني لينا تقدر تدخل أوضتك بمنتهي البساطة
زفر حسام متضايقا .. صحيح أن الفكرة بأكمله لا تروق له ولكن زيدان قد ما قال ووضعهم أمام الأمر الواقع ... حرك رأسه بالإيجاب يردد ساخرا :
- طب وانجليكا ايه نظامها دا أنت فجاءة عملتها خطيبتي يا مفتري ...
ضحك زيدان بخفة تقدم يربت علي كتف حسام يحادثه ساخرا :
- مش كنت لسه هتموت وتتجوزها اديني خطبتهالك اهي ...
قالها ليترك حسام يقف مكانه ويتحرك هو الداخل وقف حسام للحظات ينظر في أثر صديقه تنهد يغمغم في غيظ :
- مجنون علي الطلاق مجنون ... يا نهار اسوح لو سارة عرفت !!!
توسعت عينيه للحظات في خوف مضحك ... قبل أن يهرول خلف زيدان يأخذ طريقه للداخل اتبع مصدر الصوت ليتوجه ناحية غرفة كبيرة للضيوف ... رأي لينا تجلس علي أحدي الارايك وانجليكا علي مقعد ... ولا أثر لزيدان ...تقدم يجلس جوار شقيقته ... لم تشعر به ... عينيها هناك تسبح في الفراغ البعيد تفكر ... لما فعل ذلك ... لما بكلمات صغيرة نطقها تشعر بالحياة تدب في قلبها من جديد ... لما هي سعيدة من الأساس ... منذ أن قال ما قال وهي تنظر لانجليكا نظرات انتصار شامتة وكأنها تخبرها بتشفي انظري من فاز في النهاية .... اقتربت انجليكا تجلس جوار لينا مالت عليها تهمس جوار اذنيها بصوت خفيض هامس غاصب :
- مش تفرهي كتير ... زيدان قالي أنه قال كدة آشان جدته تآبة ومش تتآب أكتر ... زيدان بتآي أنا مش هسهملك تهديه مني ابداا ... يا لينا
قالت ما قالت لتعود لمقعدها من جديد ... تحت نظرات لينا المشتعلة بنيران غيظها من تلك الشقراء المستفزة ... لحظات ورأت حسام يميل علي اذنها هو الآخر يهمس لها بخفوت هادئ :
- لينا زيدان قالي أنه قال كدة عشان ما حدش من عماته يضايقك بكلمة .... وما تقلقيش من موضوع النوم ... في باب فاصل بين أوضتي واوضة زيدان هتعدي منه لاوضتي
هل ستكون وقحة إن أخبرت أخيها أنها حقا تريد قضاء ليلتها في غرفة زيدان بالطبع ستكون ... يا ليت الزمان لم يفرقهم ... ستظل تندم إلي متي ... ما حدث قد حدث ولا يمكنها تغيير الماضي ... تنهدت حزينة تحرك رأسها بالإيجاب حين سمعت صوته المميز يحادثها هي !!! ... رفعت رأسها له سريعا لتراه يبتسم إبتسامة صغيرة يتحدث بهدوء :
- لينا جدتي عايزة تشوفك
جدته تلك العجوز الشمطاء المخيفة لا ترغب في رؤيتها من جديد ولكنها ترغب في أن تكون بصحبة زيدان ولو لبضعة لحظات ... تنهدت تحرك رأسها بالإيجاب قامت من مكانها تتحرك ناحيتها يسبقها قلبها يهرول إليه ... بينما هي تمشي بهدوء ... سارت جواره يتحركان داخل ممر طويل في الطابق الأرضي لم تره من قبل ... تحاول اختلاس النظر إليه دون أن يراه لتسمعه بعد لحظات يغمغم في هدوء :
- أنا بعتذر لو قولت اننا لسه متجوزين ... انا عارف إن حكايتنا خلاص انتهت ... بس أنا ما يرضنيش إن حد يكلمك واحدة مالهاش لازمة انتي بنت خالتي اولا واخرا
إبنه خاله !!!! هل ذاك ما بات يربطهم ... علاقتهم اختفت اقتصرت في قرابة عميقة إبنه خاله ... لا أكثر ولا أقل ... كم أرادت أن تصرخ في وجهه وتخبره بأنه كاذب مخادع هي تعرف انه يحبها كما تفعل هي ... ولكنها صمتت حين وقف اخيرا أمام باب غرفة مغلقة ... رفع يده دق الباب ... ليمسك بكف يدها في اللحظة التالية ... كم اشتاقت لدفئ كفه حين يحتوي يدها يشعرها حقا بالأمان ... دخلت بصحبته لداخل الغرفة لتجد جدته ... تلك السيدة التي لا تتذكر اسمها ... تتكأ علي فراشها خلف ظهرها الكثير من الوسادات ... كم أرادت في تلك اللحظة وهي تنظر إليها وتتذكر ما كادت تفعله بها أن تأخذ احدي تلك الوسادات وتضعها علي وجهها حتي تنقطع أنفاسها حد الموت .... ولكنها ابتسمت اجبرت شفتيها علي رسم إبتسامة لطيفة للغاية حين سمعى زيدان يقول :
- حمد لله علي سلامتك يا جدتي ... لينا قالت تيجي تسلم عليكي وتقولك حمد لله علي سلامتك
نظرت له في دهشة ماذا يقول هذا ... ألم يخبرها منذ لحظات أن جدته هي من أرادت رؤيتها ... ولكنها ابتسمت مرة أخري رسمت ابتسامة كبيرة للغاية علي شفتيها اقتربت من فراش جدته تعانقها بقوة تغمغم بود مبالغ فيه :
- حمد لله علي سلامتك يا تيتا ... يارب تقومي بالسلامة وتبقي كويسة علي طول دايما
خفضت صوتها حتي بات هامسا تبدلت ابتسامتها بأخري شيطانية تطوقها بشر قاسي تهمس لها متوعدة :
- حمد لله علي سلامتك يا تيتا ... يا حرام بتموتي ... أهو من أعمالك صبرك عليا انتي وستات البيت دا ... أما وريتكوا لينا بنت خالد السويسي هتعمل فيكوا ايه ... يا أنا يا انتوا في البيت دا
جحظت عيني توحيد في فزع تنظر لزيدان بهلع ليعلو صوت لينا من جديد تصيح قلقة :
- ارتاحي يا تيتا شكلك تعبان خالص ... أنا هطلع أغير هدومي وانزل اعملك الأكل بإيدي !!!!!!!!
ابتعدت عنه تبتسم لها ببراءة كأنها طفلة صغيرة مطيعة للغاية ... تحركت من جوارها ليتسأذن زيدان للرحيل ... تحرك هو اولا وهي خلفه ...التفت برأسها لمحة خاطفة ناحية توحيد تحرك يدها علي عنقها كأنها تذبحها تبتسم لها في خبث مخيف ... لتتوسع حدقتي توحيد في فزع
تحرك الجميع لأعلي زيدان وحسام غرفهم متجاوزة انجليكا في غرفة الضيوف البعيدة ... ولينا بما أنها من المفترض زوجة زيدان يعني أنها ستكمث معه في الغرفة ... نظرت لحسام وهو يدخل الغرفة المجاورة لهم ... ليتقدم زيدان يفتح باب غرفتهم !! ... اشار لها لتدخل يبتسم في هدوء جاف :
- اتفضلي
دخلت إلي الغرفة تنظر حولها للحظات تبدل المكان واختلف الزمان باتت في غرفة أخري في وقت سابق في لحظة مختلفة ... بعد يوم طويل قضوه علي الشاطي دفع باب غرفتهم وهو يحملها بين ذراعيه بملابسها المبتلة ... ضحكت بقوة تنفض خصلات شعرها المبتلة ليضحك بقوة يردف :
- يا بت بس كفاية هو انتي اصلا سمكة مش عارف اخرجك من الماية
ضحكت بقوة تؤرجح قدميها في الهواء تردف مبتسمة :
- بس دا ما يمنعش أني كسبتك في العوم 3 مرات ....
نظر لها ساخرا يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا يغمغم في غرور :
- وأنا كسبتك 9 مثلا !!
عبست تنظر له في غيظ لتعلو ضحكاته وتشاركه هي الاخري في الضحك ... كم كانت سعيدة بتفاصيل تمنت أن لا تختفي أبدا لما عليها أن تحسر سعادة كتلك ... لما .... اجفلت من شرودها السعيد علي حركة يد حسام أمام وجهها ... نظرت له سريعا لتجده يقف داخل الغرفة ينظر لها حانقا :
- ايه يا بنتي انتي روحتي فين ... يلا
امسك كف يدها يخرج بها من الباب الفاصل بين الغرفتين ... القت نظرة أخيرة ناحية زيدان بالكاد لمحته عينيها قبل أن يغلق حسام الباب ... نظرت للغرفة الاخري لتجد فراشين صغيرين ومرحاض ملحق بالغرفة ودولاب كبير .... توجهت ناحية حقيبة ملابسها تخرج لها بعض الملابس العملية ... نظرت ناحية حسام لتجده يرتمي بجسده علي الفراش وقفت أمامه تضع يده علي خصرها نظرت له في توعد تتمتم بغيظ :
- عمال تتريق عليا وتمدح في الصفرا وعايز تتجوزها ... ماشي يا حسام صبرك عليا أما قولت لسارة ...يا أبو عيون زايغة
توسعت عينيه في ذهول هبت يحاول الامساك لتركض هي إلي المرحاض تغلق الباب عليها من الداخل اقترب من باب المرحاض يدق عليه يهمس لها محتدا :
- بت يا لينا علي الله تقوليلها هموتك مسمومة هديكي حقنة هوا ... مش هيطلع عليكي صبح يا لينا
- أنت بوق اصلا
صاحت بها لينا من داخل المرحاض ليضيق عينيه في غيظ يركل باب المرحاض بقدمه بغيظ .... تحرك ناحية فراشه يلقي بجسده عليه من جديد يغمغم ناعسا :
- لما اصحي ابقي اضربها
قالها ليغط في نوم عميق ... من تعب الطريق ... دقائق وخرجت لينا من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة ... نظرت لحسام النائم ... لتنظر ناحية الباب الفاصل بين غرفتها وغرفة زيدان ... تنهدت قبل ان تتوجه الي الفراش تضع رأسها علي الفراش لا تعرف حتي متي غطت في النوم
_____________________
علي صعيد بعيد ... بعيد للغاية في الجونة في غرفة سارين وعثمان ... يقف عثمان أمام مرآه الزينة في غرفتهم يصفر لحن طويل هادئ ... يصفف خصلات شعره بعناية فائقة ... وضع الفرشاة من يده ليلتقط زجاجة عطره القليل فقط يكفي .. القي نظرة أخيرة علي هيئته قميصه الأبيض المفتوح حتي منتصف صدره ... سروال من الجينز الأسود القصير يصل لبعد ركبيته بقليل .. حذاء أبيض فاخر ... نظارة شمس سوداء معلقة في جيب قميصه الصورة مكتملة ... توجهت عينيه ناحية باب المرحاض حين خرجت سارين منه تجفف وجهها بمنشفة صغيرة ... اقترب منها مبتسما يقبل قمة رأسها :
- صباحك فل يا حبيبتي ... لسه بردوا مصرة ما تخرجيش معانا
اشاحت بوجهها بعيدا عنه تتمتم بكلمة واحدة فقط :
- لاء
ابتسم يآسا ليميل سريعا يطبع قبلة صغيرة علي وجنتها حين سمع صوت دقات الباب ليهمس لها بشغف :
- علي راحتك يا قلبي ... خلي بالك من نفسك مش هتأخر
توجه ناحية الباب يفتحه لتظهر ليلا من خلفه بفستان أصفر تتداخل فيه بعض الألوان الصيفية ... بحملات رفيعة يصل لقبل ركبتيها ... ابتسمت بنعومة ما إن رأت عثمان ليمسك كف يدها يقبله يغمغم مبتسما :
- صباح الفل يا قلبي ... يلا عشان ما نتأخرش
ابتسمت في دلال تومأ برأسها بالإيجاب .. شبكت كفها في كفه ... هي فقط لمحة خاطفة التي جاءت من رأس عثمان ناحية سارين التي تقف هناك ليغمز لها خفية بطرف عينيه ... لتشيح الأخيرة بوجهها بعيدا في غيظ ... ما إن خرجا من الغرفة توجهت ناحية الباب تصفعه بعنف جلست علي سطح فراشها تهز ساقيها بحركة هستيريا سريعة ... الحية كم ترغب في نزع عينيها .... تمزيق رقبتها ولكنها خطة عثمان التي يجب أن تلتزم بها ... حتي لا يضيع انتقامهم هباءً ... وقفت تلتفت حول نفسها تتنفس بعنف تغمغم في غيظ :
- خطة مش خطة أنا هنفجر البتاعة دي بتقرب منه ... وأنا المفروض اسكت ... هطق يا رب تطلع سمكة قرش تاكل رقبتك يا بعيدة ....
توجهت ناحية الشرفة في غرفتهم تنظر للخارج لتري تلك الحية تمسك بكف يد عثمان يتحركان معا ناحية مركب كبير ينتظرهم علي الشاطئ ... شدت كف يدها تعض علي شفتيها بغيظ ... الحية كم تكرهها الآن وقبلا ... كم هي حمقاء ... تظن أن عثمان سيقع مرة أخري في فخها غبية ... تقسم أن جسدها المثالي يملك عقلا فارغا .... توجهت ناحية برأسها تلقي بجسدها عليه تتذكر ما حدث في اليوم التالي للسباق
Flash back
ابتعدت عن أحضانه تبتسم له في عشق لا ينتهي ... قبل أن تسأله :
- اشمعني الجونة يا عثمان ... أنا عارفة أنك بتحب تروح الساحل وكل اجازة هناك
ضحك عثمان في خفة مد يده يقرص وجنتها برفق يلاعب حاجبيه في عبث :
- دا انتي حافظة بقي
احمرت وجنتيها خجلا .... ليمسك بيدها يتحرك بها ناحية الفراش جلس يجلسها جواره يحتضن كفيها بين كفيه رفعت وجهها إليه تنظر له قلقة حين رأت نظرة عينيه الشاردة يبدو أنه في حيرة من أمره ... تنهد بقوة يحسم قراراه نظر لها يبتسم في توتر ليغمغم قلقا :
- بصي يا سارين كان ممكن اقولك بمنتهي البساطة عشان أنا حابب نقضي شهر العسل في مكان مختلف ... وكان ممكن اعمل الفيلم الجاي من غير ما أعرفك ... بس أنا وعدتك يوم فرحنا اني ما اعملش حاجة من غير ما اشاركك فيها ... احنا رايحين الجونة عشان ليلا هناك
شخصت عيني سارين في ذهول بينما حرك عثمان رأسه إيجابا ... يكمل ما كان يقول :
- امبارح قلقت بليل علي صوت رسايل كتير بتيجي علي موبايلي فتحته لقيتها منها رسايل كلها اعتذار وندم ... وإن باباها هو اللي اجبرها انها تسيبني وانها ندمانة فكراني اهبل وهتعرف توقعني تاني ... أنا بقي همشي خطتها زي ما هي رسماها بالظبط ... وفي اللحظة الأخيرة هقلب الطرابيزة علي الكل ... أنا عرفت مين اللي ورا ليلا وعرفت هدفه إيه ... كل اللي طالبة منك ... انك تتصرفي كأي واحدة شايفة جوزها بيحب واحدة تانية ... سارين أنا كان ممكن اعمل كل دا من غير ما اقولك بس أنا ما يهونش عليا اقهر قلبك أبدا ... هتساعديني
توترت حدقتيها قلقة تلك الحية عادت لحياتهم من جديد ... نظرت له للحظات تنهدت خائفة تحرك رأسها بالإيجاب ...
Back
عادت من شرودها علي صوت رسالة تدق علي هاتفها لتجدها من عثمان بعث لها بكلمة واحدة :
- بحبك
_________________________
في لندن ... في أحد الفنادق الفاخرة هناك ... تململ بعد ساعات سقط فيهم نائما لم ينم منذ الأمس تقريبا ... ما إن استقل الطائرة وعقله يفكر في شقيقته و زيدان والخطوة القادمة في حياة الجميع ... ما إن نزل من الطائرة توجه مباشرة إلي البنك يحاول التفاوض معهم ليدفع الدين عنها ...واستخراج جواز سفر بديل لها واستعادة أوراقها الشخصية .... ومن ثم إلي المصحة ... وجداله الحاد مع الطبيب حتي سمح له باخراجها علي عهدته الشخصية ... وما زاد العتمة ظلاما معاملة لينا الغير مفهومة منذ أن جاءوا لهنا وعلمت انهم هنا من أجل لوجين وكأنها تبدلت ... لم تتحدث معها حتي لو بكلمة ... اوصلها لغرفتها .... وتوجه يوصل شقيقته لغرفتها .... ما إن عاد لغرفته وجدها نائمة او تصتنع النوم وهو حقا كان تعبأ فارتمي بجسده علي الفراش يغط في النوم في لحظات .... ولكنه الآن استيقظ يشعر بالخمول يجتاح جسده ولكنه فتح عينيه رغم ذلك انتصف في جلسته ينظر جواره لم تكن هناك ... قام من الفراش يتوجه ناحية المرحاض دق الباب لا صوت ... أدار المقبض وفتحه لا أثر لها ... ترك المرحاض يتوجه ناحية الشرفة ليجدها تقف في شرفة غرفتهم ... تنظر لحديقة الفندق بنظرات خاوية اقترب منها بخفة يضع يده علي كتفها برفق ... بهدوء سألها :
- مالك يا لينا فيكي إيه من ساعة ما جينا وانتي متغيرة
حركت رأسها نفيا بخفة ... ابتعدت بعينيها بعيدا عنه تتمتم باقتضاب :
- بيتهيئلك أنا كويسة جدا
رفع حاجبيه في عجب ... ما بها تلك الحمقاء ماذا حدث ... هو لا يتذكر أنه فعل شيئا يضايقها فئ الآونة الأخيرة ... امسك احذ ذراعيها يجذب جسدها ناحيته لتنظر له رغما عنها قطب جبينه يسألها محتدا :
- في اي يا لينا مالك ... من ساعة ما وصولنا و عرفتي اننا جايين عشان لوجين وانتي اتغيري 180 درجة ... أنا مش فاهم حاجة ...
- مش هيسامحها ... أنت فاهم ... زيدان عمره ما هيسامحها ..... رجعوها لحياته تاني هيفكره بالعذاب اللي شافه زمان بسببها ... اديك خرجتها من السجن ... ابعدها عن حياتي ابني
انفجرت لينا تصرخ بتلك الكلمات تصيح محتدة بجنون لتتوسع عيني خالد في دهشة من طريقتها .... لينا تبدلت تماما .... نزعت ذراعها من يده تتوجه لداخل الغرفة ليتحرك خلفها يتمتم مذهولا :
- لينا انتي غيرانة من لوجين
التفتت له في تلك اللحظة تنظر له بأعين حمراي مشتعلة كالجمر تتنفس بعنف تقبض علي كفيها تصيح بحرقة :
- دا ابني أنا ... مش ابنها هي .... ابني أنا اللي ربيته من وهو طفل عنده 10 سنين ... هي ما عاشتش معاه قدي ... ما كبرش قدام عينيها يوم ورا التاني .... هي رمته وهو طفل ... أنا اللي أمه ... أنا اللي كبرته ... أنا اللي كنت بموت من القلق عليه لما يتعب ... أنا اللي كتت ببقي حاطة ايدي علي قلبي لو طلع اي مأمورية ولا عملية من بتوعكوا .... ما تحملش أنه هيسامحها لأنه عمره ما هيعمل كدة ... رجعوها تاني لحياته هيعذبه ... وهو اتعذب بما فيه الكفاية زمان ودلوقتي ...
ما حدث توا الجم لسان خالد من الصدمة لا يصدق ... كان يظن أنه المتملك الوحيد هنا ... وقف صامتا فقط ينظر لها مدهوشا ... كيف تغيرت لينا في لحظة ... لا يجد ما يقوله حقا لا يجد ... قاطع ما يحدث دقات علي باب الغرفة توجه ناحية الباب يفتحه ليجد لوجين تقف هناك من دموعها الغزيرة تأكد أنها استمعت لكل ما قالته لينا توا ... ارتجفت حدقتيها ... تهمس بذبول مُعذب :
- هي عندها حق يا خالد ... أنا بيعت ابني ... بيعته بالرخيص أوي ... سيبت معتز يطلع عقده وجنانه عليه وأنا غايبة في الدنيا غير الدنيا .... أنا مش هرجع معاك يا خالد .. مش هعذبه تاني ... كفاية اللي عملته
التفتت لتغادر ... ليقبض خالد علي كف يدها يجذبها لداخل الغرفة ... دخل بها إلي الغرفة يصفع الباب خلفه اقترب من لينا ليترك يد لوجين وقف في المنتصف بينهما يردف بنبرة حادة قاطعة :
- اسمعي انتي وهي ... لوجين هترجع معانا مصر ... و زيدان لازم يعرف الحقيقة كلها ... لينا لوجين ضحية زيها زي زيدان .... من واحد مجنون كل هدفه الإنتقام
- وهي سهلت الهدف دا لما سلمتله مشاعرها بكل بساطة من غير ما تعمل حساب ابنها الصغير
صرخت بها لينا بقسوة ترمي لوجين بنظرات حادة ... ليزمجر خالد باسمها علها تصمت ... نظرت لينا له في حدة لتتوجه ناحية المرحاض تصفع الباب خلفها تنهد خالد حانقا من تصرفاتها ليتقدم ناحية لوجين اقترب منها يلف ذراعه حول كتفيها يقربها لصدره يحادثها مترفقا :
- ما تاخديش علي كلامها يا لوجين ... لينا بس غيرانة علي زيدان ... هي متعلقة بيه جداا ... وخايفة أنك تاخديه منها ... انما هي طيبة اوي والله ...
لم تبتسم لم تتوقف دموعها عن الانهمار لينا محقة في كل ما قالت ... رغم كرة لينا لها الا انها سعيدة ... لان زيدان وجد من تعوضه عن حنانه الذي لم يأخذ منه سوي أقل القليل
____________________
العودة حيث البداية .... في منزل أهل زيدان في غرفة حسام ... كم من الوقت مر عليها وهي نائمة لاتعرف .... فتحت عينيها ناعسة تنظر لفراش شقيقها لتراه فارغ وقعت عينيها علي ساعة الحائط لتجدها تجاوزت الثالثة عصرا ... حان وقعت اللعب الكلمة التي جعلتها تقفز من فراشها بحماس مفرط ... توجهت الي المرحاض تغتسل تصفف شعرها بدلت ثيابها بأخري ... اخرجت ثلاثة علب هدايا ... ابتسمت في خبث تنظر للعلب ... تحركت ناحية باب الخروج من غرفة حسام لتتذكر أنها من المفترض أن تخرج من غرفة زيدان عادت إدراجها تدق الباب ... تتنفس بتوتر دقات قلبهى صاخبة لكن لا اجابة ادارت مقبض الباب ودخلت تطل برأسها الغرفة فارغة يبدو أن زيدان قد أستيقظ هو الآخر ... دخلت إلي غرفة زيدان توجهت ناحية فراشه .... جلست عليه ... مدت يدها تلتقط وسادته تضمها إليها تستنشق عطره العالق فيها لتدمع عينيها ألما ... ليت الزمان يعود قليلا للوراء .... حين فتحت عينيها الدامعة وقعت عينيها علي حافظته الجلدية مدت يدها سريعا تفتحها تبحث عن غايتها لتجدها ... تصارعت دقات الشوق حين وجدت صورتها كما هي في حافظته زيدان لازال يحبها ... لازال يحتفظ بصورتها ... اغلقتها تعانقها تطبع علي سطحها قبلة قوية ... وضعتها مكانها لتلتقط علب الهدايا ... تهرع لخارج الغرفة ليخرج هو من شرفة غرفته في تلك اللحظة مراقبتها من خلف زجاج الغرفة ليري ما فعلت اشعلت لهيب عشق ظن انه انطفئ .... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه لا يعرف كيف منع نفسه من أن يهرع إليها يعانقها حين يطحن عظامها داخل صدره ... رفض عقله العاصي ... وصرخ قلبه ألما ... يذكره بأنها ألقت عشقه وذهبت لاحضان آخر ... دخل إلي الغرفة يتلمس بيده الحافظة التي كانت تعانقها لترتسم ابتسامة ذبيحة علي شفتيه تنهد يهمس ملتاعا :
- أنا بكرهك يا لينا ومش عارف احب حد في الدنيا غيرك !!!
بينما اخذت لينا طريقها لأسفل المكان فارغ للغاية تتبعت الصوت لتصل إلي المطبخ ابتسمت مستمتعة ضحيتها الأولي تقف هناك .... رانيا زوجة عم فاروق عم زيدان الأوسط ... تلك السيدة التي قيدت يدها لم تنسي نظراتها المتشفية ابداا ... وحان وقت الانتقام رسمت ابتسامة لطيفة علي شفتيها تتوجه للداخل حمحمت برقة لتلتفت رانيا إليها ... تنظر لها في حقد للحظات قبل أن ترسم ابتسامة زائفة علي شفتيها تحادثها :
- خير يا مرت الغالي ايه اللي مدخلك
ابتسمت لينا في هدوء لتتوجه ناحية طاولة المطبخ جلست فوق سطحها تؤرجح قدميها نظرت لرانيا في تشفي تتمتم ببراءة :
- والله زيدان قالي أن دا بيته يعني بيتي وادخل المكان اللي يعجبني
طحنت رانيا أسنانها في غيظ كم أرادت أن تنقض علي تلك الفتاة تقبض علي شعرها الطويل الناعم تمزقه غيرة منها ... اسبلت لينا عينيها في براءة تنزل من مكانها توجهت ناحية رانيا تعطيها علبة مغلفة فاخرة للغاية تحادثها مبتسمة في ود :
- تعرفي يا طنط رانيا أنا حبيتك اوي أنتي شكلك اطيب واحدة في البيت دا عشان كدة أنا جبتلك الهدية دي ... دا زيت للشعر بيطوله ويفرده ويخليه زي شعري كدة أنا دايما بستخدمه وعارفة كمان معاه بادي لوشين هايل يجبنن بعد ما تستحمي وتنشفي جسمك كويس حطي منه ريحته جنان فظيعة
توسعت ابتسامة رانيا تنظر للعلبة الفاخرة في يد لينا لتلقطها منها سريعا تغمغم مبتهجة :
- تسلمي وتعيشي يا مرت الغالي
ابتسمت لينا لها بود ... كم تكون بريئة حين تستخدم تلك النظرات الناعسة التي ورثتها من والدتها تغطي عقل والدها السام .... تحركت من باب المطبخ المطل علي الحديقة ..تحادث رانيا مبتسمة :
- أنا هروح اتمشي في الجنينة شوية ... علي فكرة ريحة اكلك تجنن
خرجت لينا من المطبخ تقف خلف الباب تطل برأسها بخفة تنظر للمطبخ تنتظر خروج رانيا منه ... لحظات وسمعت صوت خشن يناديها من الارجح أنه زوجها .... فهرعت رانيا للخارج وجاء دور لينا ... دخلت الي المطبخ الي علبة الملح .... افرغتها بالكامل داخل الأواني لتخرج سريعا قبل أن يأتي أحد ... في طريقها من الحديقة الخلفية رأت زوجة عمه الكبير ... ماذا كان اسمها تحسين تجلس امامها كومة كبيرة من حبوب الغلال الصفراء لا تعرف ما تفعل بها ولكنها اقتربت منها انحنت قليلا ناحيتها تتمتم مبتسمة :
- مساء الخير يا طنط تحسين
مصت تحسين شفتيها في تهكم تغمغم ساحظة بصوت خفيض وصل لاسماع لينا :
- ايه اللي جابها دي الساعة دي يا اباي عليها وعلي اللي خلفوها
ابتسمت لينا في براءة تنظر لوجه تحسين الغاضب ... السيدة تبدو أنها علي وشك قتلها ... مدت لينا يدها بعلبة أخري تعطيها لتحسين تتمتم في ود ناعم :
- أنا قولت ما ينفعش اقابل حضرتك من غير ما اجبلك هدية ... دا كريم تحفة هايل هيخلي بشرتك فاتحة جداا ...
مدت تحسين يدها تأخذ منها العلبة بريبة فتحتها لتجد علبة « كريم » بالفعل ... نظرت لينا مرة أخري لتبتسم الأخيرة تغمغم في ود :
- صدقيني دا كريم هايل جاي من برا أنا وماما بنستخدمه ... عايزة اقولك ماما لما بتخرج مع بابا بيفتكروها بنته ... ما بيخليش علامات الشيب ولا السن تظهر علي الوش ابداا ... بس أهم حاجة ما يتعرضش للماية ابدا ... يعني ما تاخدوهوش معاكي الحمام ابدا ... دا كريم حساس جداا .... لو قررتي تحطي منه ابقي بلغيني قبلها عشان اقولك تعملي ايه بالظبط عن اذنك
ابتسمت لها للمرة الأخيرة قبل أن تتركها وتغادر ... تبدلت ابتسامتها اللطيفة باخري خبيثة تتردد كلمات تلك التحسين في اذنيها :
- بجي بيجولنا أنك صاحبة السرايا ... احنا بجي يا حلوة ما هنخلكيش تعرفي ترفعي رأسك في حد واصل ..
ابتسمت تتنهد بسخرية مسكينة تحسين ستحتاج حتما لنقاب لتغطي وجهها بعد أن تضع من الكريم السحري
بقيت آخر علبة في يدها أين حسنة زوجة عم زيدان تلك التي صفعتها علي وجهها لديها لها هدية خاصة ... في طريقها وصلت للحديقة الأمامية توسعت عينيها في ذهول تحول لغضب ناري حين رأت .......