رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل الرابع والستون
تأفتت حانقة للمرة الألف تقريبا ... زوجها المستفز يصر علي جعلها تفقد أعصابها ماذا يفعل لا شئ أبدا فقط يدور حولها وكأنه ذبابة مزعجة يتعمد الاصطدام بها في طريقه وكأنها بمحض الصدفة البحتة ... شدت علي أسنانها تنظر له مغتاظة هل يظن بما يفعل أنها ستصفح عنه كما كانت قبلا ..... تلك المرة لا هي أحبته بكل ذرة فيه لم تخجل من أن تخبره بحبها ... تغاضت عن الكثير حين وافقت علي البقاء معه وهو متزوج باخري ... ولكن ما فعله بها ليس بالهين إطلاقا ... نعم نعم لم يكن يشعر بما يفعل كان مسحورا مجبرا علي فعل ... ولكنها كانت تعي تشعر تتألم .. هي من عانت ... زفرت أنفاسها الثقيلة قبل أن تمد يدها تلتقط فنجان القهوة ترتشف منه بضع رشفات تتابعه بعينيها وهو يتحدث مع أبيها بشأن الحديقة ... والدها يريد زراعة اشجار الفاكهة فيها ...ومن أفضل من يساعده في تلك الأمور .... سرحت مقلتيها في قسمات وجهه دائما ما تخونها عينيها حين تنظر إليه ... يبدأ قلبها بالتقافز وكأنها تراه للمرة الأولي ... تنظر له وهو يقف قامته الطويلة بشرته السمراء ... ابتسامته الرائعة ... خصلات شعره السوداء الكثيفة التي يتدلي القليل منها ليغطي غرته وهو يتحدث مع والدها بعملية شخص خبير في مجال عمله ... ارتبكت واحمرت وجنتيها تشيح بوجهها بعيدا عنه حين نظر لها خلسة يغمزها بطرف عينيه الوقح لازال يظن أن له تأثيرا عليها !!! .... حاولت أن تبدو طبيعة فرفعت الفنجام لفمها ترتشف منه عدة رشفات سريعة ... تري طيفه يقترب منها من بعيد ... تسارعت دقات قلبها حين انحني بجزعه العلوي منها يحاول اخذ الفنجان من يدها يتمتم قلقا :
- هي مش القهوة غلط علي الحوامل ولا أنا بيتهيئلي
ابعدت الفنجان عنه تنظر له محتدة في غيظ ... تبحث بعينيها عن والدها لتراه يتحرك لداخل المنزل ... تنهدت حانقة ترفع الفنجان لفمها ترتشف ما بقي فيه دفعة واحدة وضعته علي الطاولة تغمغم حانقة :
- مش شغلك ... غلط صح ... مش شغلك
كادت شهقة متفاجاة تخرج من بين شفتيها حين مد يده يمسك بطرف ذقنها برفق ... يدير وجهها إليه يأسر مقلتيها داخل عينيه ... تغوص في عتمة ليله المضئ ... اختفت أنفاسها حين خرج صوته الهامس الشغوف :
- اومال شغل مين يا سهيلة ... مين اللي يخاف علي مراتي حبيبتي أم ابني او بنتي .... أنتي عارفة اللي حصل كان غصب عني ... وعارفة كمان اني بحبك أوي ....
حسنا توقف توقف قبل أن تنهار مقاومتها الواهية وترتمي بين ذراعيه تبكي تخبره بأنها حقا اشتاقت له ... لم تحب غيره ولكنها غاضبة تتألم مما فعل ... تبدلت مشاعر الاشتياق بشعور قاسي بالألم عصف بأمعائها فجاءة .. ورغبة بشعة في التقئ .... رغبة لم تقاومها بل دفعت جاسر بعيدا عنها تميل بجسدها ناحية العشب أرضا تخرج كل ما تحوي امعائها وخاصة القهوة ... اندفع جاسر إليها يلف ذراعه حول كتفيها يحكم سيطرته علي جسدها كي لا تسقط أرضا ... يمسح بيده علي شعرها وطهرها يحدثها قلقا :
- خدي نفسك ... براحة يا حبيبتي
لحظات أخري إلي أن توقفت عن التقئ ... عادت بجسدها للخلف لترتمي علي صدره ...تتنفس بعنف ... تنظر لحالتها المقززة المذرية ... تجثو علي ركبتيها أرضا علي عشب الحديقة يديها ملطخة بطين العشب ... ملابسها مزيج قذر مما خرج من فمها ومن الطين والأعشاب .... آخر ما سمعته منه كان صوته يهمس معاتبا :
- ما قولتلك بلاش قهوة يا سهيلة
شعرت بجسدها يُحمل بخفة بين ذراعيه ... اغمضت عينيها تشعر بالنعاس والألم ... رغما عنها غاصت في دوامة النوم ... لمدة بسيطة ربما هي ساعة علي أقصي تقدير حين شعرت بوخز مؤلم في ذراعها قطبت ما بين حاجبيها متألمة فتحت عينيها قليلا لتري رجل يتحرك من جوارها حاولت التركيز قليلا لتسمع جاسر يشكره :
- متشكر اوي يا دكتور حقيقي مش عارف اشكرك ازاي
لما يشكره من الأساس ماذا حدث ولحظة واحدة لما هناك طبيب في غرفتها ... سمعت ذلك الطبيب يقول :
- لا أبدا لا شكر على واجب يا أستاذ جاسر ...أنا وحسام أصدقاء هو مجرد ما بلغني أن مرات حضرتك تعبانة جتلكوا علي طول ... أهم حاجة تاخد الادوية دي بانتظام ... وتبعد عن القهوة والشاي واي حاجة فيها كافيين وبإذن الله هتبقي بخير
ومرة أخري عاد جاسر يشكر الطبيب ليصطحبه لخارج الغرفة ... تقدم والدها من فراشها مهرولا جلس بالقرب منها ينظر لها معاتبا ... لتتحدث فئ تلك اللحظة بصوت ضعيف خامل :
- هو إيه اللي حصل
تنهد والدها بارتياح قبل أن يمد كف يده يمسح علي رأسها برفق يحادثها بحنو :
- الحمد لله يا بنتي أنك بخير ... دا أنا قلبي كان هيقف لما لقيت جاسر شايلك وداخل يجري وانتي مغمي عليكي ... الحمد لله
ابتسمت بوهن ... تريح رأسها علي الوسادة فقدت الوعي ... نظرت لملابسها توقعت أن تجد ثيابها المتسخة لتُفاجئ بثوب أبيض طويل كادت أن تسأل والدها مذعورة من بدل لها ثيابها ليبادر هو قائلا في هدوء :
- أم حسن الشغالة هي اللي غيرتلك هدومك ... جاسر حطك علي السرير وطلع يجري برة البيت وهو ييكلم حسام إبن عمك خالد ... وقالي حد يغير لسهيلة هدومها علي ما اجيب دكتور
تنهد بارتياح تحرك رأسها بالإيجاب ... سمعت صوت رنين هاتفها ... ليلتقطه والدها من الطاولة المجاورة لفراشها نظر للاسم لينظر لابنته :
- حسام
ابتسمت سهيلة في ضعف ... مدت يدها تأخذ الهاتف من والدها ليربت الاخير علي رأسها برفق يخبرها بأنه سيذهب لأسفل يخبر الخدم بأن يعدوا الطعام لها ... خرج والدها من الغرفة لتقرب هي الهاتف من اذنها فتحت الخط ... خرج صوتها هامسا ضعيفا :
- أيوة يا حسام
- ما أنتي صوتك زي القرد اهو ... اومال جاسر بيتصل بيا يصوت ليه الحقني سهيلة اغمي عليها وبترجع
أردف بها حسام بنبرة ساخرة مرحة ... مما جعل ابتسامة صغيرة ترتسم علي شفتي سهيلة دون رد .. لتسمعه يكمل كلامه موبخا اياها :
- هو أنا مش قايلك يا أنثي كلب البحر أن القهوة ممنوعة ... ايه الكيف بيذل ...
ضحكت رغما عنها من كلماته علي الرغم من توبيخه إلا أن طريقته في الكلام اشعرتها بأنها تريد الضحك .... ضحكات اخرستها جملته التي نطقها في مكر :
- اضحكي اضحكي ... علي العموم أنا موصي عليكي صادق يكتبلك علاجك كله حقن ... سلام يا سرسورة
توسعت عينيها في هلع تقبض بيدها علي الهاتف تهتف سريعا في توتر :
- حسام ما تهزرش ... حسام ألو ألو
ولا حياة لمن تنادي سمعته ضحكته المتشفية الأخيرة ليغلق الخط في وجهها ... توسعت عينيها قلقا للحظات تحاول طمئنة نفسها بأن حسام صاحب الظل الخفيف بالطبع يمزح ابتلعت لعابها تحاول أن تهدئ في لحظة دخول جاسر إلي الغرفة ينظر لحقيبة العلاج في يده يغمغم في عجب :
- ايه الدكتور الغريب دا ... العلاج كله حقن !!
توسعت عيني سهيلة في هلع ... مع تقلب هرموناتها في تلك المرحلة انفجرت في البكاء كالأطفال ... توسعت عيني جاسر في هلع من حالتها .. اقترب جاسر منها سريعا يغمغم في هلع :
- سهيلة .. اهدي يا سهيلة والله العظيم كنت بهزر ... بصي حتي اهو اهو
افرغ حقيبة الدواء جوارها علي الفراش يغمغم متلهفا :
- اهي والله بصي ... حسام الحيوان منه لله بس اشوفه هعلقه ...
شد جسدها برفق انتفصت قليلا في جلستها بينما هو يخفيها بين ذراعيه ... يمسح علي شعرها برفق يحادثها بحنو ونبرة مرتعشة قلقة :
- اهدي يا سهيلة خلاص ... كدة توقعي قلبي ... مش قولتلك القهوة غلط ... أنا هموت من الرعب لما اغمي عليكي ... الحمد لله يا حبيبتي أنك بخير
ارتسمت ابتسامة طفيفة ناعسة متعبة علي شفتيها ... اسندت رأسها علي صدره ... رفع رأسه قليلا ينظر لها ... وعينيها تغيب في النعاس ليقبل جبينها يهمس لها في عشق :
- بحبك
ابتسمت في خمول يبدو أنها غاصت في دوامة النعاس وما تقوله هو حلم وردي سعيد تسمعه يقول فيه أنه يحبها لتهمس له هي الاخري :
- وأنا كمان بحبك أوي يا جاسر
كلمة واحدة نطقتها قبل أن تغوص في النوم تبتسم وكأنها طفلة صغيرة تحلم بأنها تلعب في مدينة ألعاب للاطفال مصنوعة خصيصا لها ... بينما يشق ثغره هو إبتسامة واسعة عاشقة اراح جسدها برفق شديد إلي الفراش ليتسطح جوارها يجذبها لصدره يبتسم حين ينظر لبطنها المنتفخ !
_________________
الغيظ الغضب الغيرة مشاعر سوداء عنيفة ملتهبة كالنيران اشتعلت بقلبها تحرق اوصالها حين رأت الشقراء كما تسميها تمتطي صهوة جواد أسود ضخم ... خلف من ... خلف حبيبها هي .... حبيبها التي تحاول الشقراء سرقته ... بأفعالها الماجنة اللعوب ....قدحت مقلتيها شررا تستمع إلي ضحكاتها الناعمة ... كم رغبت فئ ان تمزق تلك الضحكات من علي وجهها تقطع كفيها للتي تجرأت لتحاوطان بها زوجها ... زوجها هي .. كان وسيظل ... شدت بيديها علي العلبة التي تمسكها حين سمعتها تحادثه برقة وهي تضحك :
- زيدان ... تأرف أنا مش ركبت هصان من كتير اوي
شدت علي أسنانها بعنف حتي لا تصرخ نظرت حولها لتجد حجر صغير ... امسكته في يدها تنظر الشقراء في غل ... من الجيد ان ظهر الشقراء مقابل لها رفعت يدها تلقي عليها الحجر بعنف ليصطدم بظهرها .... صاحت انجليكا متألمة بينما التفتت لينا سريعا توليهم ظهرها تضع هاتفها علي اذنيها كأنها تتحدث فيه ... التفت زيدان سريعا ناحية انجليكا يسألها قلقا :
- مالك يا انجليكا بتصرخي ليه
تأوهت من الألم تمسد ظهرها تهمس بصوت خفيض متألم :
- مش آرفة زيدان في هاجة هبطتت في ضهري ... بتوجآني أوي
قطب جبينه متعجبا ... ينظر حوله ليجد حجر صغير بالقرب منهم ... نظر خلفه من اتجاه الحجر ليجد لينا تقف هناك توليهم ظهرها في الظاهر تختلس النظر إليهم ... تنهد يآسا .. جذب لجام الحصان ليوقفه ... قفز من فوقه بخفة ليمد ذراعيه يمسك بانجليكا ينزلها أرضا ... حملها بين ذراعيه إلي اقرب مقعد في الحديقة لتتوسع عيني لينا في غيظ ...يحملها ... يحمل الشقراء بين ذراعيه ... اقترب حسان منه ينظر لما يحدث متضايقا يبحث بعينيه عن حسام توجه ناحية زيدان يحادثه محتدا :
- في ايه يا زيدان إحنا مش في البندر اهنه ... عشان تركبها وراك الحصان وتلفحها علي درعاتك اكدة ... فينها مرتك وخطيبها
اتي حسام في تلك اللحظات مر من جوار لينا التي تكاد تنفجر غيظا رأي غيرتها الواضحة للغاية ليبتسم ساخرا ... تقدم ناحية زيدان هو وانجليكا ليبادر حسان صائحا في حدة :
- وبعدهالك يا دكتور ما تلم خطيبتك ... كيف جابل علي نفسك أنها تركب الحصان ورا جوز أختك ... أنا فكرتك راجل
ابتسم حسام متهكما كتف ذراعيه أمام صدره ينظر لحسان في هدوم ساخر يتمتم متهكما :
- غريبة أنا كمان لما شوفتك افتكرتك راجل !!
امتقع وجه حسان غضبا من سخرية حسام اللاذعة ليرميه بنظرة حادة قبل أن يتركهم ويغادر .... وقف حسام أمام انجليكا يتمتم مبتسما في اصفرار :
- انتي هنا خطيبتي ... يعني ما ينفعش تركبي ورا زيدان الحصان ... اتفضلي علي اوضتك لحد ما الغدا يجهز يلا
قطبت جبينها تنظر له محتدة من هو ليحادثها بذلك الشكل ... فتحت فمها تريد أن ترد ليصيح فيها حسام بحدة طفيفة :
- أنا مش يلا ... يلااااا
انتفضت انجليكا واقفة تنظر لزيدان خائفة لخبئ الأخير ضحكاته بصعوبة ... توترت قسمات انجليكا تنظر لحسام قابلت نظراته المشتعلة لتسرع في خطاها ... إلي الداخل ... خرجت ضحكت خفيفة من بين شفتي زيدان يصدم حسام في كتفه يغمغم ساخرا :
- نسيت تقول الحمشنة حلوة ما فيش كلام ... خالي دايما بيقولها .... ضحك حسام من جديد ... قبل أن يدق هاتفه ... ابتعد عن حسام يرد علي أحدي المرضي ... حادثها لدقائق قبل أن يعود في طريقه لزيدان يحادثه :
-زيزو يا زيزو يا زوز ... ايه يا عم اللي أنت عامله دا ... هتف بها حسام ضاحكا
التفت زيدان له بوجهه يعقد عقد ساعديه امام صدره يبتسم ابتسامة هادئة يردف في ثقة :
- عملت ايه
نظر حسام له مدهوشا في سخرية ضاحكة ليصدم كفه بذراع زيدان يغمغم في مرح:
- لا ولا اي حاجة ... لينا واقفة بتغلي هناك ... بتفكرني بأغنية جرب نار الغيرة وقولي
ابتسم زيدان في اتساع ينظر بطرف عينيه إلي تلك التي تقف بعيدا تكاد تنفجر غيظا ... ربت علي كتف حسام ليتركه ويغادر مر من جوارها ليسمعها تنادي باسمه التفت لها يبتسم يردف في هدوء :
- خير يا لينا
حمحمت في حرج تحاول إيجاد عذر لمنادتها له ماذا تقول لا تحادث تلك الشقراء والا اقتعلت عينيك تنهدت متوترة لتردف سريعا :
- اااا ...أنا عايزة اركب خيل
عقد ذراعيه أمام صدره ابتسم في هدوء جاف يشير لحسام الواقف بعيدا :
- ما تركبي اخوكي واقف هناك اهو اركبي معاه
احتدت عينيها تشد علي أسنانها غيظا الأحمق ... الا يفهم ام يتعمد عدم الفهم ... ابتسمت تسبل عينيها تقول برقة :
- حسام ما بيعرفش يركب خيل ممكن تركب معايا
قطب جبينه للحظات كأنه يفكر قبل أن يوليها ظهره مغادرا يتمتم في لامبلاة :
- هفكر وارد عليكي ...
تركها تقف كالبلهاء تنظر في اثره في ذهول مؤلم بينما ابتسم هو إبتسامة الباهتة في طريقه للداخل ... تنظر هي في اثره يختنق قلبها بغصة مريرة رفضها بطريقة مهينة لكبريائها ... كيف يفعل ذلك ... تأوهت متألمة حين شعرت بيد حسام تهبط علي رقبتها من الخلف يتمتم محتدا :
- عايزة تركبي خيل معاه يا بنت المستخبي ... شيفاني بقرون زي حسان
نظرت له في غيظ لتدوس بكعي حذائها علي حين غفلة علي قدمه بعنف ...صاح متألما لتضحك متشفية تركض للداخل ... اصطدمت في طريقها بحسنة زوجة نجيب تلك السيدة التي صفعتها ... اصطدمت لينا بها دون قصد وهي تركض تبتعد عن حسام لتنظر حسنة لها في غيظ كم أرادت أن تصرخ في وجهها تصفعها مرة أخري رغم ذلك اجبرت شفتيها علي الابتسام ... تغمغم في اصفرار :
- مش تاخدي بالك يا مرت الغالي
ابتسم لينا في وداعة قطة صغيرة تحرك رأسها بالإيجاب اسبلت عينيها في براءة تغمغم مبتسمة :
- سوري يا طنط حسنة ... ما خدتش بالي ... اتفضلي
مدت يدها بالعلبة الفاخرة المغلقة تعطيها لحسنة تردف مبتسمة في أدب :
- اتفضلي يا طنط حسنة ... دي هدية بسيطة لحضرتك ... بيرفان هايل جدا ريحته رائعة دا من باريس
نظرت لها حسنة ساخرة للحظات قبل أن تأخذ منها العلبة تشكرها بابتسامة صفراء مصطعنة ....
دقائق وتوجه الجميع ناحية طاولة الطعام لينا تجلس جوار زيدان فهو زوجها كما يعرف الجميع وحسام جوار انجليكا ... بدأت السيدات تضع الطعام علي الطاولة حين نظر حسام ناحية فاروق يبتسم في وجهه بخبث يتمتم ببراءة :
- بقولك ايه يا عم فاروق ...شنبك دا ولا سالفه أصله مش لايق علي وشك خالص
ضحك زيدان بخفة ... ووضعت لينا يدها علي فهما تخفئ ضحكاتها ... نظر فاروق لحسام نظرات قاتلة ... كم يود لو يقتله ولكن يمنعه سببين اولهما زيدان ... الذي لن يتواني عن طردهم أن اخطئوا في حق اي من ضيوفه والأهم ... والد حسام خال زيدان ذلك الرجل المخيف ... يسهل عليه أن يسحقهم بإشارة من يده ... وضعت السيدات الطعام أمامهم ... ليشرعوا جميعا في الأكل .... ما إن وضع زيدان المعلقة فمه بثقها سريعا في المنديل المجاور له امتعضت ملامحه باشمئزاز يصيح محتدا :
- ايه القرف دا الأكل حادق صبر ... مين اللي عمل الأكل دا
نظر حسان لزوجته يحادثها غاضبا :
- انتي اتخبلي يا ولية الاكل حادج اكدة ليه
اشارت زوجة حسان لرانيا الجالسة هناك جوار زوجها تتمتم مرتعدة :
- والله يا اخوي ما اني ... الدور النهاردة علي رانيا
أصفر وجه رانيا هلعا ليقم فاروق عم زيدان الأوسط من مكانه لطمها أمام الجميع يصيح فيها :
- بجي اكدة يا بنت المركوب تخلي شكلنا شين جدام الناس
حركت رانيا رأسها نفيا بهلع ... تشير إلي لينا الجالسة جوار حسام تغمغم سريعا :
- لا والله يا فاروق ما حصل ... اسألها حتي كانت في المطبخ وأنا بعمل الوكل
نظر حسام لشقيقته يرفع حاجبه الأيسر في سخرية يسألها بعينيه اانتي فعلتي ذلك ... فابتسمت لينا في براءة تسبل عينيها ببراءة خبيثة كأنه تقول نعم أنا ... عادت تنظر ناحية فاروق تغمغم بخفوت هادئ :
- ايوة فعلا أنا كنت في المطبخ وحضرتك بتعملي الأكل ... بس ممكن يكون حضرتك نسيتي وحطيتي ملح زيادة بتحصل ... ما فيهاش مشكلة ... زيدان اعتقد يعرف مطعم ولا حاجة يقدر يطلبنا منها ... مش كدة يا زيدان
ابتسم زيدان في هدوء تام ينظر لكتلة الشر الجالسة جواره الآن فقط تأكد أن لها يد في كارثة الطعام تلك رأسه بالإيجاب يغمغم مبتسما :
- طبعا يا حبيبتي
كلمة نطقها بهدوء كان لها فعل الثورة علي قلبها ...روحها ثنايا عقلها انتفض الجميع يصرخ مطالبا بحقه في العشق من جديد ... ارتبكت ابتسامتها الخبيثة بأخري متوترة ترتعش ... لا تعرف حتي كيف قامت من مكانها تهرب لأعلي كلمة واحدة إعادتها لسرداب البداية من جديد
__________________
علي صعيد آخر .... في العمارة السكنية التي تسكن فيها منيرة تحديدا في الطابق الرابع .. حيث الشقة المغلقة التي كانت تسكن فيها روحية وحيدة ... ولكنها فقط كانت الآن هي تجلس هناك في أحدي الغرف علي فراش متوسط الحجم ... الشقة دهانتها حديثة ... بها كافة المرافق ... السكان القدامي ... لم يمكثوا فيها سوي عدة أشهر قبل أن يرحلوا من المكان بأكمله ... تنهدت في حيرة ... تنظر للصغيرة النائمة علي الفراش تركل بقدميها في الهواء صوتها الطفولي العذب كنغمات هادئة ... اقتربت روحية منها تمسد برفق علي خصلات شعرها القصيرة تحادثها بحنان فطري :
- تعرفي أنك احلي حاجة حصلتلي من مدة طويلة أوي ... أنتي جميلة اوي يا ملك ... يمكن أنتي العوض اللي جالي بعد عذاب طويل مع الدنيا
ضحكت الصغيرة عاليا تحرك يديها عشوائيا في الهواء ... لتسمك روحية كف يدها الصغير تقبله بحنو ... رفعتها بين أحضانها تحادثها مبتسمة في مرح :
- جعانة ... أكيد جعانة ...
جلبت زجاجة الحليب التي اعدتها سلفا ... تطعم الصغيرة برفق تنظر لها بأعين تقطر حنانا وحبا .... تنهدت ... تنهيدة طويلة حارة خرجت من بين شفتيها ... حين تذكرت ما حدث لها قبل أيام
Flash back
آخر ما تذكرته أنها فقدت الوعي مما قاله مراد ... فتحت عينيها شيئا فشئ ... تنظر حولها تلك هي الشقة التي تسكن فيها في منزل منيرة ولكن لما تسمع صوت بكاء طفلة صغيرة ... قامت بصعوبة تتحرك بوهن لتجد فراش ملك الصغيرة جوار فراشها اقتربت من الصغيرة تحملها من فراشها رفعتها بين أحضانها .... شعرت بالدوار في تلك اللحظات لتأخذها وتعود لفراشها تهدهدها برفق إلي أن توقفت عن البكاء ... لتنهمر دموعها هي في صمت قاتل ... عاد لعصمته من جديد ... لما فعل ذلك ... ألم يكتفي بما فعله قديما ... هل لأنه لم يحصل عليها قبلا اراد اخذها الأن ... ولكن كلماته الغريبة التي قالها لها قبل أن تفقد الوعي تقول بالعكس تماما ... ماذا يريد منها ... وكيف يجعلها والدة تلك الطفلة دون علمها ... هي والدتها الحقيقية من الأساس ... كيف تترك طفلتها .... اجفلت تشهق مذعورة علي صوت الباب يُفتح ... نظرت للفاعل لتجدها منيرة تحمل صينية طعام صغيرة وضعتها أمامها علي الفراش اقتربت تجلس بالقرب منها .... تمسح علي رأسها برفق تحادثها بحزم :
- بصي بقي .... الكلام دا مش هعيده تاني ... كفاية يا روحية .. كفاية قهر في نفسك ... أنا حاولت معاكي بالكلام بدل المرة عشرة وانتي ولا حياة لمن تنادي .... أنا عارفة أنك مش طايقة تشوفي وش مراد ودا حقك ... بس والله يا بنتي مراد اتغير ...دا كأنه شخص تاني ما اعرفوش ... الدنيا ربته ... أنا ما بقولكيش سامحيه دلوقتي لاء ... طلعي عينه لحد ما يقول حقي برقبتي لحد ما تسامحيه ... عيشي يا بنتي خدي فرصتك من الدنيا ... لو فضلت علي حالك دا اللي هيسكت النهاردة هيتكلم بكرة ... انما لما تبقي زوجة وأم ... تكبري ملك وتخاويها وتربيها أحسن تربية الكل يشهد باخلاقها ما حدش هيفتح بوقه بربع كلمة ... عيشي يا روحية ... وأنا جنبك يا بنتي ... لو فكر مراد يزعلك بربع كلمة نادي بس عليا وأنا اطلعله بالشبشب
Back
وهذا ما فعلته تعايشت ... منذ أيام وهو يسكن معها في تلك الشقة ... هو في غرفة وهي وملك في الاخري ... الغريب في الأمر أنه لا يحاول مضايقتها ... بأي شكل ... تواجده في المنزل قليل فقط يأتي للنوم ... وهي تقريبا لا تخرج من غرفتها يتعيشان كغريبين تحت سقف واحد ... تسارعت دقاتها حين سمعت دقات علي باب الغرفة هو ... ولكن متي جاء ... لم تعرف ما تفعل ... فقط خرج صوتها مرتبكا قلقا :
- ااادخل
لم يفتح الباب بعنف كعادته بل برفق شديد تحرك مقبض الباب لينتفتح بهدوء ...ظهر هو يقف خارجا يحمل في يده حقيبة من البلاستيك تحمل اسم محل ملابس في منطقتهم .... حمحم يشيح بوجهه بعيدا مرتبكا ... خطي خطوتين للداخل ...يحاول اختلاس النظرات لها يتمتم مرتبكا :
- أنا ما كنش قصدي اضايقك أنا بس كنت عاوز اشوف ملك
حركت رأسها إيجابا سريعا تقرب الصغيرة منه حملها بين يديه يضمها لصدره بحنو ينظر لها سعيدا .... ضحكة تلك الصغيرة كمسكن قوي المفعول بعد يوم عمل شاق طويل .... اختلس النظر لروحية بطرف عينيه ... ليمد يده بتلك الحقيبة حمحم يهمس متوترا :
- دي .. دي يعني حاجة بسيطة ...اتمني تعجبك
شخصت عينيها في ذهول ... مراد جلب لها هدية !!!!!!!! ..... مدت يدها مرتبكة تأخذ منه الحقيبة فتحتها تنظر لما فيها لتجد جلباب بيتي أبيض اللون عليه عليه ورد صغيرة وردية اللون ... جلباب هادئ بسيط جميل ... أحبته لم يحضر لها أحد هدية قبلا ... ولم تتصور ابدا أن مراد هو من سيحضرها لها ... ارتسمت شبح ابتسامة صغيرة للغاية علي شفتيها تشكره بصوت هامس ... لتتوسع ابتسامته في سعادة تغمره وشعور غريب يمتكله ... تلك الابتسامة الصغيرة اشعرته حقا بأن شخص جيد ... غير ذلك المراد الدني الذي كان يراه دائما في عينيها .... حمحم في ارتباك يتمتم :
- ممكن تحضرلينا العشا أدهم هيجي يتغدي معانا النهاردة ... أنا جبت شوية حاجات في المطبخ
حركت رأسها بالإيجاب سريعا .... تركته تتوجه ناحية المطبخ لينظر هو في اثرها مبتسما تلك الفتاة تعبت بقلبه بشكل غير جيد إطلاقا بل أكثر من ممتاز
___________________
تعلن شركة مصر للطيران عن وصول الرحلة رقم 355 القادمة من مطار لندن ... وقفت الطائرة رست اخيرا في أرض المحروسة ...نزل خالد من الطائرة يمسك في يمناه يد لينا ويسراه يد لوجين ... إجراءات الوصول لم تأخذ سوي لحظات ... ليس هو من ينتظر انتهاء اجراءات روتينية .... تقدم إلي السيارة التي تنتظرهم بالخارج مع حسن حارسه الشخصي ... الذي اسرع يفتح باب السيارة الخلفي ما أن رآه يخرج من المطار يحادثه قي احترام :
- حمد لله علي السلامة يا باشا ...
ابتسم خالد له ترك يد لينا لتدخل اولا إلي السيارة ... جلس في المنتصف بينها وبين لوجين ... انطلقت السيارة في رحلة صامتة ... يشعر بشرارات الغضب المنبعثة من لينا تشعره بأنه علي أعتاب حرب طاحنة ... بعد مدة بسيطة وصلت السيارة الي وجهتها ... نزلت لينا أولا تركتهم تدخل الي منزلها امسك خالد بيد لوجين الصامتة يجذبها للداخل ... يبتسم لها يشجعها علي التحرك ... ما إن وطئت قدميها المنزل ... نظرت حولها وكأنها تبحث عنه ... تمشط عينيها المكان بتلهف لتسمع صوت لينا الساخر وهي تقول :
- ماتدرويش عليه ... زيدان مسافر ... ابني أنا أعرف هو فين ..
تنهد خالد غاضبا يحاول إخفاء غضبه من تلك القصيرة الواقفة هناك تنظر للوجين تتحداها بنظراتها ... ابتسم هو يحادث لوجين :
- اطلعي انتي يا حبيبتي ارتاحي ... عندك أوض بالهبل اختاري الأوضة اللي تعجبك
نظرت لشقيقها قلقة بلعت لعابها الجاف تهمس بصوت خفيض مرتجف :
- عايزة اقعد في أوضة زيدان
كاد خالد أن يخبرها بأن لا مشكلة في ذلك طبعا حين انفجرت لينا كالقنبلة الزمنية :
- أوضة مين انتي اتجننتي ... أوضة ابني ما حدش يقرب منها ...
التفت خالد في تلك اللحظة ينظر لزوجته يرميها بنظرات نارية قاتلة يصيح فيها :
- لينا وبعدين معاكي انتي اتجننتي ايه اللي بتقوليه دا
- بقوب الحقيقة اللي أنت مش عايز تقولها ليها ... زيدان ما بيحبهاش وعمره ما هيسامحها .... مكانها مش هنا .... مشيها يا خالد يا أنا يا هي في البيت دا
صرخت بها بجنون حاد تنصل عقلها عن اي منطق ...رمت لوجين بنظرة قاتلة قبل أن تاخذ طريقها إلي أعلي دون أن تلتفت لهم من جديد !!
_________________
يالهوووووووي يالهووووووي الحقوني يا خلق
صدرت تلك الصرخات الانثاوية العالية من غرفة حسان عم زيدان الكبير ....ليندفع الجميع الي غرفتها
فتح حسام الباب بعنف لتشخط عينيه بفزع وهو ينظر لتلك السيدة التي تقف امامه.... هتف مذعورا :
- سلاما قولا من رب رحيم إن كنت جن انصرف....لا تأذينا ولا نأذيك ....اعوذ بالله من الشيطان الرجيم نظر الجميع بفزع لتلك السيدة الواقفة امامهم بشرتها حمراء كأنها جمر ملتهب ... بينما هي تبكي تصيح بحرقة :
- جن ايه يا اخويا أني تحسين مرتك
شخصت عيني حسان في ذهول ينظر لها مفزوعا ليصيح محتدا :
- ايه اللي هببتيه في خلقتك دا يا ولية
قدحت يعينيها غضبا تشير بسبابتها ناحية تلك الواقفة تنظر لها بخبث تبتسم في شماتة ....لتصرخ حاقدة :
- هي البت دي السبب هي اللي ادتني علبة الكريم وقالتلي حطي منها علي وشك عشان تبقي كيف القمر ....شايف ايه اللي حُصلي بقيت كيف العفريت الكريم بتاعها خلي وشي أحمر كيف الدم
توجهت أنظار الجميع إليها منهم من ينظر لها بدهشة ومنهم من ينظر لها بغضب وغيظ وحسام ينظر لها مذهولا اقترب زيدان منها وقف أمامها هو أتم يقين أنها من فعلت ذلك رغم ذلك حمحم يسألها بهدوء :
- الكلام اللي بتقوله دا صح يا لينا ....احنا مش بنتهمك بأي حاجة أنا بس بسألك
اسلبت عينيها
تنظر له في براءة خبيثة ابتسمت تقول ببساطة :
- انا هرد علي سؤالك بس عملي
اتجهت ناحية تلك السيدة لتأخذ علبة الدهان الموضوعة علي طاولة الزينة فتحتها لتأخذ كمية كبيرة في يدها تضعها علي وجهها ويديها تدلكهم بقوة ... لحظات والجميع يرتقب ما سيحدث ولكن لم يحدث شئ بقي لون جلدها كما هو لم يتغير ولو للحظة ... توجهت أعين الاتهام ناحية تحسين خاصة حين صاح زوجها محتدا :
- انتي اتخبلتي في مخك يا تحسين عاد ما البت اهه حطت منيه وما حصلش ليها حاجة .....قسما بالله يا
قاطعته لينا في تلك اللحظة تحادثه برقة لطيفة بريئة :
- خلاص يا عمي أنا مش زعلانة منها زي جدتي قصدي زي والدتي...وعشان اثبتلكوا اني مش زعلانة
اقتربت لينا منها تعانقها بقوة تشدد علي عناقها بقسوة تهمس لها متشفية :
- صبرك عليا انتي لسه شوفتي حاجة دا أنا هوريكي النجوم في عز الضهر !!!!
علا صوتها تصيح برقة جميلة :
- خلاص يا عمتو تحسين أنا مش زعلانة منك خالص خالص دا انتي حبيبتي .. حبيبتي .. حبيبتي
____________________
«للعشق قيوده الخاصة»
«الجزء الرابع من أسير عينيها»
الفصل الرابع والستون
الجزء الثاني
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
انتهي الموقف تماما حين صدح صوت حسان الغاضب ينظر لزوجته بلهيب مستعر يقدح من حدقتيه :
- كل واحد علي اوضته خلاص ... واني هشوفلي حل مع البلوة والهباب اللي علي خلقتها دا
ابتسمت لينا في براءة ناعمة سامة لتخرج من الغرفة ... تحرك حسام يلحق بها ليقبض علي يدها سريعا ... يدخلها إلي غرفته وقف أمامها ينظر لها مقطب الجبين يسألها عابسا :
- انتي اللي عملتي كدة يا لينا صح
ابتسمت بوداعة طفلة تخبر أبيها أنها حصدت الدرجة النهائية في امتحان الرياضيات الصعب ولم تخبره أنها غشت الإمتحان كاملا من صديقتها !!
Flash back
حين صعدع تركض لأعلي ... دخلت من باب غرفة حسام مباشرة ... لا أحد بالأعلي ... لا أحد سيراها ... دخلت إلي الغرفة تغلق الباب عليها توجهت مباشرة إلي حقيبة ملابسها ... تبحث بين أغراضها إلي أن وجدت ضالتها زجاجة عطر خاصة بزيدان وتلك الرسالة التي كتبها لها قبلا من فقط ثلاثة كلمات
« فكري .. فكري كويس»
جلست ارضا تستند بظهرها إلي دولاب الملابس الكبير تحتضن زجاجة العطر والورقة تغمض. عينيها تشدد علي عناقهم .... كلمة حبيبتى التي نطقها منذ لحظات فعلت بها الافعايل ... اعادتها لذكريات حقا كانت قليلة ولكنها سعيدة .... وكأنه عرض طويل لفيلم حزين ... تتخلله بعض اللحظات السعيدة فخرج الجمهور مبتسما متأثرا فقط بابتسامة .... شددت كفها حول الزجاجة تتخيله هو مكانها ... روحها بحاجة ماسة إليه ... ترغب في عناقه بأي شكل كان .... انهمرت دموعها في صمت ... لا تعرف ما عليها أن تفعل ... أتذهب وتخبره أنها تحبه ... وإن رفضها بعد ما فعلت ... سيتدمر قلبها وهي طاقة لها لأي دمار من جديد بالكاد تعيد بناء نفسها تريد يده تستند عليها قلبه يحتويها ... طوفان عشقه ليغرقها به لتحتي في سرمدية عشقه الأبدي الي لا نهاية الزمان ... لحظات طويلة لم تفق منها الا صوت الباب وصوت حسام يستأذن بالدخول قامت سريعا تدس الاغراض في حقيبتها ... لتتوجه ناحية المرحاض .... تغسل وجهها بالماء بعنف .... تمحي آثار الدموع ... خرجت تجفف وجهها بمنشفة صغيرة لتجد حسام يتكأ بجسده علي فراشه يعبث بهاتفه .. رفع وجهه ما أن رآها يتمتم ساخرا :
- فالحة بوظتي الأكل ...هناكل احنا ايه دلوقتي ... يا مصيبة عصرك وزمانك
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها ... كادت أن تقول شيئا حين دق الباب الفاصل بينهما وبين زيدان ...توجهت هي سريعا قبل أن يقوم حسام تفتح الباب ... لتراه أمامها مباشرة ما أن فتحت الباب ... اختفت أنفاسها للحظات قبل أن تسمعه يحمحم يهمس في هدوء :
- لينا ... تحسين مرات عمي عايزاكي في حاجة ...
كادت أن تبتسم كشيطانة ها هو الجزء الأول من انتقامها علي وشك الحدوث ... اخفت ابتسامتها تحرك رأسها بالإيجاب تهمس سريعا :
- ثانية واحدة
هرولت ناحية حقيبة ملابسها تلتقط علبة منها تدس في جيب ملابسها دون أن يراها أحد ... خرجت من غرفة حسام لغرفة زيدان ... توجهت ناحية باب الغرفة تحادث تحسين تبتسم في رقة :
- خير يا طنط تحسين ... معلش كنت باخد شاور
مدت تحسين يدها تمسك خصلة من شعر لينا المبتل تبتسم في خبث تتشدق :
- حمام الهنا يا مرت الغالي ... أنتي قولتيلي لما اجي احط من الكريم اقولك ... ها اعمل ايه بقي
حافظت علي ابتسامتها اللطيفة وتعابير وجهها الصافية وبداخلها شياطين تتراقص فرحا تحركت لخارج الغرفة تجذب الباب خلفها اقتربت من تحسين تهمس لها بخفوت :
- بصي يا ستي .. انتي هتفتحي العلبة وتحطي منه علي وشك وايدك هتلاقي لونه أحمر كدة ما تقلقيش .. اياكي تاخدي العلبة معاكي الحمام .. تحطي علي وشك وايدك وتدخلي الحمام تفركيه حوالي عشر دقايق وبعدين تغسلي وشك بماية من الحنافية عادي وتنشفيه
ابتسمت تحسين تشكر لينا ...توجهت سريعا إلي غرفتها ووقفت لينا خارجا تراقب ... مر خمس دقائق لتتحرك بخفة ناحية غرفة تحسين .... ادارت المقبض تفتح الباب بخفة اطلت برأسها الغرفة فارغة وها هي العلبة علي طاولة الزينة ... دخلت سريعا تتحرك بخفة بدلت العلبة بعلبة أخري كانت في جيبها اخذت العلبة لتخرج سريعا قبل أن يأتي أحد ... ضحكت بخفوت ضحكة شريرة توجهت تلقائيا إلي غرفة زيدان تدير المقبض ...دخلت للغرفة تغلق الباب خلفها لتبصر زيدان يقف في شرفة الغرفة يدخن أحدي سجائره ... التفت ما أن سمعت صوت الباب ... ابتسم يتمتم في هدوء :
- في حاجة يا لينا
تكره طريقته تلك ... تكره ما يفعل ... تكره تعامله الرسمي معها .. هي تستحق كما يري ... هي جانية في حكايته ... وضحية في حكايتها ...متي ستتضافر كلمات الحكايتين ... لتصبح بطلة حكايته ويصبح أمير أحلامها من جديد .....
Back
عادت من شرودها تنظر لحسام الذي يقف بالقرب منها ينظر لها ساخرا :
- بقالي ساعة بنادي عليكي ... روحتي المريخ ولا لسه
ابتسمت بخواء فارغ ... تركته تتوجه ناحية فراشها ... القت بجسدها عليه ... هو لا يأتي في الواقع ولكنه لا يتركها في الحلم
بالقرب منهم في غرفة رانيا زوجة فاروق ...وقفت أمام مرآة زينتها تتغنج بجسدها .... رائحة معطر الجسد الذي اعطته لينا لها رائع بل أكثر من رائع ... وزيت الشعر وكأن له مفعول السحر .. شعرها الخشن للحظات شعرت به أنعم من الحرير ... وقفت بعباءه منزليه وردية تضع كحل عينيها تطلي شفتيها بحمرة غامقة ... نظرت ناحية الفراش تبتسم في مكر تحادث نفسها :
- البتاع دا ريحته حلوة اوي ... أنا هرش منه علي السرير يخلي ريحة السرير حلوة اكدة
اقتربت بالزجاجة تغرق الفراش ... لحظات ودخل فاروق زوجها ذلك الرجل متوسط الطول ممتلئ الجسد ذو الشارب الكثيف العريض ... نظر حوله في دهشة حين اشتم تلك الرائحة العطرة تغزو غرفتها يسألها مدهوشا :
- هي الريحة الحلوة دي جاية من اهنه
ابتسمت رانيا في غنج تقترب منه رفعت يدها تداعب شاربه الكثيف تغمغم متغجنة :
- ايوة يا سي فاروق ... رغم اني زعلانة منك عشان ضربتي بالكف جدام الناس ... بس جولت لزمن تيجي تلاجي مرتك حبيبتك مستنياك ...
لم تتغير تعابير وجه فاروق الباردة فقط ازاحها من طريقه ... خلع جلبابه يرتدي آخر للنوم ... توجه ناحية الفراش يرتمي بجسده عليه يغمغم ناعسا :
- طفي النور يا رانيا وخلي ليلتك الغبرة دي تعدي علي خير ... مش كفاية هم ولاد السويسي
شدت علي أسنانها حانقة توجهت ناحية اضاءة الغرفة تغلقها ... شعرت بحكة بسيطة في ذراعها ... حين تسطحت علي الفراش ... تتأفف حانقة من زوجها الجلمود ذو مشاعر الصخور الجافة ... توسعت عينيها فجاءة حين بدأت الحكة تزداد بشكل بشع انتصف جالسة تحك جسدها بالكامل بكفي يدها وكأنها مصابة بمرض جلدي خطير يسبب الحكة ... قام فاروق حانقا من حركتها فتح الإضاءة المجاورة للفراش ينظر لها محتدا يتمتم في غيظ:
- جري ايه يا ولية انتي اجربيتي ولا ايه ... عمالة تهرشي اكدة ليه
زاد الحكة بشكل بشع لا يحتمل ... ليبدأ هو الآخر يشعر بأن هناك شيئا خاطي ... جسده بدأ يحكه ... والحكة تزداد بسرعة رهيبة .. انتفض من الفراش يخلع جلبابه يلقيه أرضا يصرخ فيها غاضبا :
- يا بنت المركوب عديتيني ... قسما بالله لهطلع روحك يا بت سعفان
قالها ليندفع الي المرحاض يحاول التخلص كن ذلك البشع بالماء بينما بقيت هي خارجا تتلوي من شعورها القاسي بتلك الحكة البشعة ...
_______________
في الغرفة الثالثة من هنا لهناك ننتقل في غرفة حسنة زوجة نجيب ... نظرت لزجاجة العطر التي جلبتها لينا لها ... في حذر ... فقط رشة صغيرة حذرة منها تشتمها رائحتها جيدة ... بل أكثر من جيدة ... انتظرت طويلا أن يظهر علي يدها علامة حمراء او شعور بالحكة مثلا ... او شي غريب ... ولكن لم يحدث شي بتاتا ... ابتسمت في توسع تغرق نفسها بذلك العطر الرائع .... أغمضت عينيها تشتنقه بهيام رائحته هادية جذابة ... فتحت عينيها حين سمعت صوت الباب اقترب نجيب زوجها منها ... نجيب كان الأكثر وسامة بينهم بطوله الفارع ...
ملامحه الوسيمة السمراء عينيه الزرقاء التي اخذها مثل أخيه زيدان من عيني والدته ...كما أخذ قسوتها ... اقترب منها يبتسم في مكر وقف خلفها بالقرب منها كثيرا يمسك احدي خصلات شعرها يلفها حول أصابعه يغمغم مبتسما :
- كيف الجمر ... ايه الريحة الحلوة دي
ابتسمت حسنة في غنج تلتفت ناحية زوجها تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له بدلال :
- اتوحشتك جوي ... الا جولي هو المخفي زيدان هيمشي ميته ...
تغضنت ملامح نجيب في غيظ .... اسودت حدقتيه حقدا يغمغم محتدا :
- بيجول بكرة هيغور بكرة ... يارب ما يرجع .. هنفضل تحت رحمته هو وخاله لحد ميتا أنا مش عارف ... دا بيت أبوي ... الله يسامحك يا أبوي يوم ما جسم املاكه كتب البيت دا لزيدان اخوي ... يقوم زيدان الله يجحمه ... يكتب البيت باسم ابنه ... لو ما كنش عمل اكده كنا زمانا خدناه من زمان ...
ابتسمت حسنة في مكر تنظر له تغمغم في هدوء خبيث :
- طب ما هو انتوا لو خلصتوا من زيدان ولد اخوك اكدة السرايا والأرض ترجع لأصحابها
ابتعد نجيب عن حسنة توجه ناحية الفراش جلس عليه يخلع حذائه يتمتم ساخرا :
- عيزاني اقتل ولد أخوي ... عشان خالد السويسي يشيلنا من علي وش الأرض ... وبعدين ريحي بالك ... البيت اصلا باسم خالد السويسي ... الناصح خلي زيدان يكتبه البيت باسمه عشان ما نعرفش ناخده ...
اقتربت حسنة منه تجلس جواره علي الفراش تحادثه في غنج :
- خلاص يا نجيب ما تشغلش بالك أنت ...هما بكرة يغوروا وإن شاء الله ما هيجوش تاني واصل
ابتسم نجيب في سخرية ينظر لها نظرات جائعة نهمة ليمد يده يغلق اضاءة الغرفة ليسود المكان عتمة لن يسطع شمسها قريبا
________________
بعيدا في منزل مراد يجلس مراد علي مقعد في الصالة الصغيرة يحمل الصغيرة بين يديه يداعبه وضحكاتها تطرب الجميع ... بالقرب منهم في المطبخ الصغير تتحرك روحية هنا وهناك تقطع الدجاجة وحبات البطاطس ... تحضر عصير الطماطم ... تضع المياة الساخنة والملح علي الازر حتي ينضج ... تمزق أوراق« الملوخية » بتلك المخرطة اليدوية ... حانت منها التفاتة للخارج حين سمعت ضحكات الصغيرة ملك ... لتري مراد وهو يجلس هناك يداعب الصغيرة ... كم بدت الصورة جميلة بحق ..... للحظات هرب عقلها من قوقعة الحزن وفر هاربا يتخيل حياة سعيدة هي وملك ومراد !!!!!!! .... الأمر غريب مخيف ... لازالت لا تثق في مراد تمام الثقة ...مرت نصف ساعة إلي أن أنهت صنع الطعام ... وقفت تنظر لما حضرت يداها بابتسامة صغيرة ... خرجت من المطبخ لتجد ملك نامت علي ذراعي مراد ... اقتربت تريد أن تأخذها منه ليهمس بها بخفوت :
- سيبيها انا هدخلها تنام انتي تعبتي
توسعت حدقتيها في ذهول تنظر له في دهشة من أبدل مراد بآخر ...من الصعب أن تصدق أن بات النقيض تماما ... تخلي عن شخصيته الدنيئة ... اجفلت علي صوت دقات علي باب المنزل ... توجهت ناحية الباب مدت يدها كادت أن تمسك بيده لتسمع صوت خطوات سريعة ويده سبقت يدها نظرت له في توتر ليشير بعينيه إلي ملابسها وشعرها المكشوف يهمس بخفوت حتي لا يسمعه أحد :
- العباية بنص كم من غير حجاب ... واللي برة دا اكيد أدهم ... ما ينفعش يشوفك كدة
يغار ... أيغار عليها ... أم أنها فقط تتوهم ... مراد يغار ... حركت رأسها بالإيجاب تأخذ طريقها إلي غرفتها تغلق الباب عليها ليفتح هو الباب رأي أدهم يقف أمامه وخلفه تقف منيرة ... تحدث أدهم ضاحكا :
- ايه عم سنة علي ما تفتحوا دا أنا افتكرتوا نمتوا وكنت هنزل اتعشي فول بقوطة
ضحك مراد بخفة يربت علي كتف أخيه ... دخل أدهم لتدخل منيرة خلفه سريعا نظرت لمراد تتمتم بشراسة :
- اومال فين البت روحية ... اوعي تكون زعلتها ولو بنص كلمة ...هتقولي وساعتها بالشبشب علي وشك
ضحك ادهم يصدم مراد في ذراعه يحادثه بهمس ساخر :
- أنا تعبت من شبشب جدتك دا يا مراد .. محسساني أنه سلاح نووي
ضحك مراد عاليا ضحكات خشنة ... اشار بيده لباب غرفة روحية المغلق ينظر لجدته يتمتم ساخرة :
- اهي يا ستي عندك اهي ...ادخلي اساليها عشان تعرفي اني برئ ومظلوم وانتي ظلماني
ضيقت منيرة عينيها تنظر له بشك لتتحرك ناحية غرفة روحية دخلت تصفع الباب في وجه مراد وأدهم .... ضحك الاخوان ... يتحرك ناحية الشرفة الصغيرة الملحقة بالشقة التفت أدهم لمراد يحادثه :
- اخبارك ايه مع روحية ... مراد البنت دي غلبانة اوي ... وأنت كنت هتأذيها أوي
انطفأت نظرات مراد تبدلت بأخري نادمة حزينة حرك رأسه بالإيجاب استند بمرفقيه علي سور الشرفة يوجه انظاره للشارع امامه تنهد يتمتم نادما :
- أنا اذيت ناس كتير اوي مش هي بس .. أنا حتي مش عارف اعوضها ازاي ... أنا بقيت خايف اتكلم معاها لاذيها بكلامي من غير قصد ... وأنا مش عايز ااذي حد تاني ... كفاية اللي عملته .. كفاية اوووي
انسابت دمعة من عيني مراد حين مرت صورة جاسر أمام عينيه كم يرغب في تلك اللحظة ف أن يركض إليه يطلب منه السماح .. ولكن جاسر لن يقبل أن يراه من جديد يكفي ما فعله قبلا ... اقترب أدهم من أخيه يربت علي كتفه يحادثه مترفقا :
- روق يا مراد ... انت غلطت وأنا غلطت كلنا بنغلط ... كل واحد ليه فرصة تانية ... فرصة يا اما يصلح فيها الغلط دا ويبدأ من أول وجديد .. يا أما يكمل ... ويتحمل نتيجة اختياره وأنت اخترت الطريق الصح .... أنت لو وحش كنت كملت فئ طريق الغلط ... صدقني يا مراد ... أنت شخص كويس .. كويس جدا وبكرة الأيام هتثبتلك كلامي
ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي مراد يحرك رأسه بالإيجاب .... ليغمغم أدهم ضاحكا :
- فين يا عم الأكل أنا واقع من الجوع ...
ضحك مراد يجذب يد أدهم للداخل ... دخلا الي صالة المنزل ليجدوا منيرة تخرج من غرفة روحية تنظر لمراد تبتسم في مكر حين قالت :
- ما إنت حلو اهو وبتجيب هدايا
حمحم مراد متوترا شعر للحظات بأنه مراهق أحمق انكشف سره الصغير ... رفع يده يضعها خلف رقبته يحاول إخفاء حرجه ليكزه أدهم بمرفقه في ذراعه ابتسم في خبث يهمس له :
- اوووبا هي الحكاية فيها هدايا وتقولي خايف اكلمها ... ها هبقي عمو تاني امتي
ضحك مراد متوترا ضحكات صغيرة خفيفة ... دقائق وتجمعوا جميعا حول طاولة صغيرة يتراص أمامها الطعام فتح أدهم ازرار ذراعي قميصه يزيحه للخلف يغمغم باشتهاء :
- يلا بسم الله أنا واقع من الجوع ...
بدأ يأكل بنهم ليضحك مراد عليه اعطاه رغيف من الخبز ليتلقطه أدهم منه ... بينما سأله مراد متعجبا :
- ايه يا ابني أنت ما كلتش من الصبح ولا ايه
تقصلت قسمات وجه أدهم بحسرة امسك كوب الماء يرتشف ما فيه يغمغم بنواح حزين مضحك :
- كلت ... دا أنا كلت في نفسي ... يا دوب خلصت الشغل ولف يا أدهم مهندس الديكور عايز كذا وكذا وكذا ... السباك عايز كذا كذا .. بتاع الازاز عمل اللوح بشكل غلط ... وبعدين قابلت مايا قولت الحمد لله يا رب هنتغدي ... الهانم عاملة دايت عشان قال ايه حاسة أن وزنها زاد .. عايزة تبقي فراشة طايرة في فستان الفرح ...رفضت تخليني اجيب اكل بنت اللذين .... يا دوب روحتها وكملت مشاوري ... ولسه جاي من ربع ساعة ... سيبني بقي اكل عشان صينية البطاطس دي بتغريني وأنا بصراحة بضعف
ضحك مراد ومنيرة ينظران لادهم وهو يأكل بنهم كطفل صغير جائع ... تحركت عيني مراد يختلس النظرات ناحية روحية ليري عينيها الشاردة ... رأي لمحة حزن الحرمان الذي يعرفه جيدا يتجسد في حدقتيها .. ربما حديث أدهم عن مايا والزفاف والفستان .... حقا آلمها ... بالطبع كانت ترغب في زفاف مثلها مثل المئات ... إن تظهر وهي عروس جميلة في فستانها الأبيض ... ولكن يبدو أن للقدر رأي آخر ... أراد أن يقل شيئا عله يخفف ما يري من حزن في عينيها فابتسم يهمس لها :
- تسلم ايدك الأكل حلو اوي
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب ... تنظر للطعام أمامها ليبتسم هو في حزن شاحب ... راقبت منيرة ما يحدث تدعو لهم في قلبها ... أما أدهم فكان منشغل في الطعام !!
______________________
من هنا لهناك في فيلا خالد السويسي ...توجه اخيرا بعد أن أقنع لوجين بشق. الأنفس أن تبقئ معهم وإن لينا لم تكن تقصد ما قالت ... وأنها حقا ستحبها كثيرا ما أن تتعرف عليها ... اوصلها إلي غرفة زيدان ... ليتوجه إلي غرفته فتح بابها يبحث بعينيه عنها ليجدها تتسطح علي الفراش تولي الباب ظهرها ... اتجه سريعا إلي المرحاض يبدل ثيابه ... تسطح جوارها يعقد ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة شاردا هل ما فعله صحيح ... هو لم يكن ليترك شقيقته ابداا ... هو فقط لا يعرف إن كانت عودة لوجين لحياة زيدان من جديد هو الاختيار الصحيح أم ألم جديد جلبه بيديه ليؤذيه ... تنهد حائرا يلتفت برأسه لتلك النائمة جواره ... موقف لينا تجاه لوجين حقا هو ما يزيد قلقه ... لينا لا تتقبل لوجين ... لينا تعامل الجميع كأنهم أطفالها زيدان منذ أن كان طفلا ... جاسر ابن رشيد .. حتي حسام ابنه من شهد .. حتي هو أحيانا تعامله وكأنه طفل صغير دائما ما تحنو علي الجميع لما صبت غضبها كاملا علي المسكينة لوجين ... مد يده يريد احتضانها ... في أصعب أوقاته يلقي بنفسه بين أحضانها دون كلام ... حين شد جسدها إليه رأي تلك الدموع التي تهبط من مقلتيها في صمت قاتل ... رفع يده يمسح دموعها برفق :
- لينا فتحي عينيكي أنا عارفة أنك صاحية ..
اطلت بزرقاء عينيها ....تنظر له مقلتيها حمراء كالدماء تتجمع فيهما الدموع بغزارة مخيفة رفعها بين ذراعيه يغزرها داخل صدره ليسمع صوت شهقة بكاء عنيفة تخرج من بين شفتيها رفع يده يسمح علي شعرها يحاول أن يهدئها ... ليسمع صوتها تهمس بحرقة :
- ما تخليهاش تاخده مني يا خالد ... دا ابني أنا والله إبني أنا .... أنا اللي ربيته ... ربنا حرمني من الأطفال بعد لينا ... بس عوضني بيه هو ... مش هستحمل ابقي علي هامش حياته ... مش هستحمل أنها تاخد مكاني عنده ...
شعر بالغيرة حقا شعر بالغيرة من حب لينا المفرط لزيدان ... إلا أنه ليس وقت الغيرة تماما ابعدها عنه قليلا يمسح دموعها بكفيه يزيح خصلاتها التي تغطي وجهه احتضن وجهها يحادثها بحنو :
- هو عيل صغير يا لينا ... زيدان عدي ال30 ... مش عيل هتاخده في ايدها وهي ماشية يا حبيبتي .... انتي أمه اللي ربته وما حدش يقدر يغير دا ابدا ... بس هي أمه يا لينا ... صدقيني لوجين عانت كتير ... زيدان لو سامح لوجين دا مش معناه إنه هينساكي ... ما حدش بينسي أمه ... حبيبتي اهدي وشيلي كل الاوهام دي من دماغك ... وخليكي جنب لوجين ... هي محتاجانا كلنا الفترة دي
لم توافق ولم ترفض ظلت صامتة تنظر لحدقتيه تنساب دموعها في صمت مخيف ... جذب رأسها لصدره يحاوطها بذراعيه تنهد يهمس لها تعبا :
- عارفة نخلص بس من حكاية لوجين ... وهخدك ونختفي بعيد عن مشاكل العيلة الخلل دي ..
خرجت ضحكة خافتة للغاية من بين شفتيها ليبتسم هو حين سمع ضحكتها الصغيرة ... يشدد علي عناقها
بالقري منهم في نفس المنزل في نفس الطابق في غرفة بعيدة ... غرفة زيدان ... علي فراشه تجلس لوجين هناك تتحسس بكفيها سطح الفراش ، الوسادة ، الغطاء ....أدمعت عينيها هنا ينام طفلها الصغير ... لم يعد كذلك ... لم يعد طفلا ... علي الحائط للمقابل للفراش صورة له وهو بحلة العمل الرسمية ... كم يشبه أبيه نفس الابتسامة زرقة العينين الملامح الشعر البني ... امسكت وسادته تحتضنها بعنف بين ذراعيها لتقع عينيها علي صورة في برواز صغير مجاور للفراش .. صورة له هو ولينا زوجة خالد ... يبدو كفتي ووالدته يضحكان صورة مثالية ... لا يوجد مكان لثالث فيها ... قامت من مكانها صوب دولاب ملابسه تفتحه تنظر للملابس المعلقة جذبت قميص اسود اللون تقربه منها تحتضنه بقوة وكأنها تحتضن صاحبه ... تحركت تبحث بين أغراضه لتجد زجاجات عطره ... عدة ساعات لليد ... حافظات جليدية للنقود ... أوراق قديمة مرتبة بشكل منتظم ... توجهت إلي مكتبه جلست عليه تنظر حولها تبتسم هنا جلس ولدها ... ذاكر أو قرأ هنا كانت لينا بجواره ولم تكن هي ... مدت يدها تفتح احد الأدراج تبحث بينهم ليقع عينيها علي دفتر رسم كبير ... زيدان يرسم ... فتحت الدفتر لتجد اسم لينا مرسوم ...بخطوط عربية قديمة تعرفها .... زيدان ماهر في رسم الخطوط ... بحثت بين الأوراق بتلهف تمني نفسها أن تجد اسمها ولو بخط صغير ... ولو لمرة واحدة ... لا شئ ... الدفتر يخبرها بقسوة أنه قد نسيها لا مكان لها فئ حياته .. وضعت الدفتر في مكانه تخفي وجهها بين كفيها تبكي ندما ... هي من أخطأت في حقه والآن تدفع الثمن ... ثمن قاسي مؤلم ... يحرق قلبها .... استندت بمرفقيها علي سطح المكتب ... شعرت حين حط مرفقها علي سطح المكتب ان سطح المكتب مجوف فارغ ... سمعت صوت هواء ... قطبت جبينها مدت يدها أسفل السطح تحاول فتحه ليُفتح جزء صغير كأنه باب صغير في اسفل السطح ما أن انفتح سقط دفتر ازرق كبير منه ... مدت يدها سريعا تلتقط الدفتر ... مسحت الغبار عنه ... لتجد كلمة مذكرات تعلو سطحه ... ذلك الدفتر تعرفه ذلك الدفتر كان ملكا لزيدان زوجها .... فتحت الدفتر لتجد الأوراق التي خطها زيدان كما هي بخط يده حركت بين صفحاته بسرعة لتجد أولي الصفحات بخط طفل صغير ... يعرف عن نفسه ببراءة
- أنا اسمي خالد زيدان ... ودا الدفتر بتاع بابا هو ادهولي هدية ليا ... انا أسعد واحد في الدنيا ... بابا بيحبني اوي وماما كمان ... بروح المدرسة والعب مع أصحابي ... ماما بتنادي هرجع تاني
حركت عدة صفحات أخري تنهمر دموعها بلا توقف حين قرأت :
- أنا خايف ... ماما جت معاها راجل شكله يخوف أوي ... بتقولي هيبقي بابا ... أنا مش عايزه يبقي بابا ...
شهقة بكاء عنيفة خرجت من بين شفتيها احرقت دموعها خذيها لتغلق الدفتر تضمه لصدرها بعنف تهمس بحرقة :
- سامحني يا ابني أنا آسفة ... انا آسفة أوي !!
______________
حين حل الصباح استيقظ الجميع علي صوت صراخ قادم من غرفة حسنة زوجة نجيب ... هب كل ما في البيت علي صوت الصياح ... تقدم حسان يدق باب غرفة أخيه يصيح متلهفا :
- افتح الباب يا نجيب ... نجيب في ايه يا نجيب ... نجيب رد عليا يا نجيب
لحظات وفتح نجيب باب غرفته عينيه متسعة في ذهول وجهه شاحب وكأنه رأي الموت بعينيه .... حسان يصيح فيه هو صامت تماما ... اندفعت إلهام لداخل الغرفة لتصرخ هي الاخري ... مما جعل الجميع يندفع للداخل توسعت أعينهم في ذهول حين رأوا حسنة تقف امامهم وجهها لا يكاد يري من علامات التقرح الحمراء والزرقاء التي تغطي وجهها بالكامل ويديها ... لم يكد أحدهم ينطق بحرف سمعوا صوت صرخات أخري قادمة من غرفة رانيا ... اندفعوا جميعا ناحية الغرفة المجاورة ينظروا بذهول لشعر رانيا الضخم المنفوش الذي يشبه شعر راقصي الديسكوا قديما ...
الجمع يتحرك من هنا لهنا ... بينما تقف هي عند السلم تبتسم في تشفي هو الوحيدة التي تعرف ماذا يحدث ... حسنة تعاني من تقرحات في الجلد غير معدية ستسمر لأسبوع علي الأكثر قبل أن تبدأ في الاختفاء .. أما رانيا فشعرها يحتاج لجلسة علاج بروتين في اقرب وقت ... كم تشعر بنشوة السعادة تختلج صدرها .... خرجت إلهام من غرفة رانيا تقدمت ناحيتها ترميها بنظرات غاضبة وقفت بالقرب منها تحادثها بهمس غاضب :
- انتي اللي عملتي فيهم اكدة
ابتسمت لينا في هدوء تام تشير لنفسها لحظات صمت قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تغيرت فئ لحظة نظراتها البريئة لاخري متشفية :
- ايوة أنا ... مش انتوا استقويتوا عليا زمان ...جه دوري اني اخد حقي منكوا واحد واحد ... أنا خدت حقي منهم فاضل انتي ...
توترت نظرات إلهام تنظر لتلك الواقفة امامها في ريبة :
- وهتاخديه ازاي يا مرت الغالي
- هوريكي
نطقتها لينا بابتسامة واسعة متشفية لتصرخ فجاءة مذعورة :
- حرام عليكي يا طنط إلهام أنا عملتلك ايه ااااااااااه
دفعت بنفسها من فوق درجات السلم تتمسك خفية بسور السلم حتي لا تقع وقعة عنيفة ارتمت بجسدها علي اقرب درجة عريضة تسمع صوت صراخ زيدان الفزع باسمها ... لتغمض عينيها كأنها فقدت الوعي !!!!!
___________
«للعشق قيوده الخاصة»
«الجزء الرابع من أسير عينيها»
الفصل الرابع والستون
الجزء الثالث
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تأوهت بخفوت تحركت مقلتيها بضعف شديد تحاول كشف الستار عن بندق عينيها الماكر البرئ .... شيئا فشئ بدأت تفتح عينيها تنظر للملتفين حولها رأت وجهه القلق لم يستطع عناده أن يخفي قسمات وجهه التي تنضح قلقا عليها يقف جوار الفراش هناك امامها مباشرة لا يفصلها عنه سوي حسام الجالس جوارها علي الفراش يمسك زجاجة عطر ... زجاجة تعرفها جيدا ... لولا الموقف التي من المتفرض إن تكن فيه لكانت تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها تلك الزجاجة التي تحتفظ بها في حدقتيها بين اغراضها كيف عثر عليها حسام .... مد الأخير يربت علي وجهها برفق يصيح قلقا :
- لينا أنتي سمعاني ... لينا مركزة مع صوتي سمعاني
شتمته في نفسها الأحمق هي يظنها صماء ... رفعت مقلتيها في وهن برعت فيه تهمس له بصوت ضعيف خفيض متألم :
- اااه ... حسام ... هو اييه اللي حصل
رفع حسام حاجبه الأيسر في سخرية .... أدائها التمثيلي مبالغ فيه بشكل يثيره للضحك ... حمحم يحاول إستعادة ثباته كي لا ينفجر ضاحكا .... فتح فمه يريد أن يقول شيئا ... لكنه سبق زيدان ... الذي رغم ما به من خوف يفتت قلبه خرجت نبرة صوته هادئة للغاية وكأن شيئا لم يحدث إطلاقا :
- حمد لله علي سلامتك يا لينا ... أنا كلمت الوحدة وفي دكتور هيوصل بعد دقايق ... أنا بعتذرلك عن اللي عملته عمتي ... عن اذنكوا
قالها ليلتفت يوليها ظهره يأخذ طريقه لباب الغرفة هكذا ببساطة دون أن يهرع إليها يحطم أضلاعها داخل صدره يخبرها بأنه كاد يموت قلقا عليها ... رأت والدها يفعل ذلك الأمر مئات أن أصاب والدتها ولو خدش بسيط ... أليس هو تلميذ والدها النجيب ... ما إن تعد ستخبره بأن تلميذه فاشل لم يأخذ منه شيئا ابدااا ... تعلقت حدقتيها به وهو يغادر تتمني لو يلتفت لها ... امسك مقبض الباب بيده ليخونه قلبه التف برأسه يرغب فقط في أن يراها ... لو كان بينه وبين الموت دهر ... سيعيشه فقط لكي يراها ... حين التفت اصطدمت مقلتيه بمقلتيها .. عانقت السماء الأرض للحظات قبل أن ترحل ... اضطربت دقاته حين اصطدمت أعينهم ليدير مقبض الباب سريعا يخرج من الغرفة .... ما إن خرج تبدلت نظراته القلقة بأخري شرسة تسارعت أنفاسه ثائرة علي ما فعلوه يكفي لقد لاق منهم ما يكفي ويطفح به كيله ... حرق الأرض تحت قدميه غاضبا ... ينزل لأسفل بخطي سريعة في الأسفل كان يقف كل من حسان ونجيب وفارق ومعهم إلهام اندفع الرجال يصرخون فيه ما أن رأوه :
- مرتك السبب
- هي اللي عملت اكدة في شعر مرتي
- حسنة قالتي انها اللي ادتها الهباب اللي خلي وشها أحمر
- مرتك خلت وش مرتي ما باينش
- أنا ما ذقتهاش هي اللي رمت نفسها
وقف أمامها صامتا هادئا تمام يطالعهم وهم يعوون كالكلاب ... بينما عقد هو ذراعيه أمام صدره توجهت حدقتيه ناحية صورة والده التي تعلو صالة البيت جوار صورة جده الراجل نظر للصورة يمعن النظرات إليها يتمتم في نفسه ساخرا :
- أنا مش فاهم حقيقي أنت كنت مستحمل الناس دي ازاي ... دا أنت ربنا رحمك منهم
أزاح مقلتيه من علي صورة والده ينقلها بين اعمامه الثلاث وعمته الفاضلة تحرك امامهم ... الي بات في المنتصف منهم عقد ذراعيه خلف ظهره يبتسم ساخرا :
- أنا واقف قدام اعمامي ... أخوات أبويا الله يرحمه ... كنت فاكر أنهم ممكن يكونوا فيهم من حنيته ... بس طلعت غلطان ... هما شوية كلاب بيجروا ورا الفلوس
- زيدان اتحشم ولم لسانك لاقطعهولك
زمجر بها حسان غاضبا ... ليقترب زيدان منه وقف امامه يرفع حاجبه الأيسر في سخرية ... مد يده في حركة مفاجأة يقبض علي تلابيب ملابس حسان ابتسم يتمتم :
- خالد ... خالد زيدان ... ابن أخوك ... اللي ما رعتش اي صلة دم ...وكنت عايز تسرق حقه وهو لسه عيل صغير
ترك ملابس حسان الذي توسعت عينيه في ذهول مما يفعل زيدان بينما عاد الأخير عدة خطوات للخلف توسعت ابتسامته يردف ضاحكا :
- بس الصغير مصيره في يوم هيكبر ... واهو كبر وعدي ال 30 ... وبقي راجل ملو هدومه يقدر بإشارة واحدة من صباعه أنه يمحيكوا خالص ...
اختفت ضحكاته تجهمت قسمات وجهه ينظر أهم بأعين تملئها الغضب ليزمجر غاضبا :
- رغم كدة عمري ما اذيتكوا ... سايبكوا عايشين في ملكي وأنا ممكن بكل بساطة ارميكوا برة ... عامل حساب لابويا ... مش عايز ازعل اخواته ... اخواته اللي ما فيش جواهم غير الكره والحقد والغل .... ما افتكرش أنهم زعلوا دقيقة واحدة علي موت اخوهم ... لا دول كانوا بيفكروا ازززاي هياخدوا حق عيل صغير ... ما كنش عندكوا اي مانع انكوا تموتوا طفل صغير ... وأنا واثق أن كل واحد وواحدة فيكوا بيتمني موتي او نفسه هو اللي يموتني عشان بيت وأرض .... خدووووهم ... خدوا البيت والأرض ... خدوا كل اللي عندي ورجعولي أبويا دقيقة واحدة ... دقيقة واحدة بس ...
صمت يلهث بعنف ينظر لوجوههم جميعا ... نظراته قاسية خالية من اي مشاعر ... لحظات وارتسمت إبتسامة ساخرة علي شفتيه يردف متهكما :
- مش هتعرفوا صح ... انتوا بس بتعرفوا تنهشوا في لحم الضعيف ...
توجه ناحية إلهام يرميها بنظرات حادة سوداء قاسية يتمتم محتدا :
- استقويتوا علي لينا زمان كنتوا عايزين تكسروها ودلوقتي جاية ترميها من علي السلم عايزة تموتيها .... روحك كانت هتسبق روحها لو كان حصلها حاجة
قاطع جلسة كلامه الحادة صوت طرقات على باب المنزل توجه ناحية الباب يفتحه ... ليطل شاب تقريبا يماثله عمرا ملامحه هادئة بشوشة يرتدي نظرات طبية شفافة ... مد يده يصافح زيدان يتمتم مبتسما :
- مروان ساهر !! ... أنا الدكتور اللي
قاطعه زيدان يهمس له سريعا بتلهف :
- ايوة ايوة كويس انك ما اتأخرتش .. اطلع السلم دا تالت اوضة علي ايدك الشمال
حرك مروان رأسه إيجابا يعدل من وضع نظارته الطبية تحرك لأعلي يمسك بحقيبة يده السوداء .... بينما عاد زيدان اليهم ارتمي بجسده علي أحد المقاعد المقابل لهم ابتسم يتمتم ساخرا :
- ايه ساكتين ليه ... علي العموم انتوت ما بقاش ليكوا مكان هنا .. دا بيتي وأنا إن كنت استحملتكوا زمان فأنا مش مجبر تماما اتحملكوا دلوقتي ... وبلاش جو المسكنة يا إلهام هانم ... أنا عارف انكوا شارين بيت كبير من الناحية الغربية للبلد يعني مش هتباتوا في الشوارع ولا حاجة ...
وقف من مكانه ينظر لدهشتهم للحظات بابتسامة ساخرة رفع يسراها يشير لباب المنزل يصيح محتدا :
- اطلعوا برة ... يلا برة .... مش عايز جنس مخلوق فيكوا هنا ...
انتفخت اوداج حسان ونجيب وفاروق يكاد الغضب ينهشهم يطردهم بكل وقاحة ... يطردهم من بيتهم هم ... هو الغريب هنا وليس هم اندفع ناحيته في لحظة رفع يده يود صفعه ليشعر بيد تقبض علي تلابيب ملابسه من الخلف يجذبه بعنف ... نظر مدهوشا للفاعل ليجد حسام يقف خلفه يبتسم في توسع يتمتم ساخرا:
-الكلام اللي هقوله دا مش هعيده تاني .. ايدك تتمد علي صاحبي هقطعالك ... آمين ... وأنت عارف بمكالمة واحدة هجيب اللي هيزحفكوا علي ايديكوا ورجليكوا ... الحج ما هيصدق هو نفسه يولع فيكوا اصلا ... دا موصيني اي قلة أدب منكوا اني اولع فيكوا ... عود كبريت وهتنورا قدامي بدل ما انتوا مضلمين كدة
دفع حسان يد حسام ينظر له حانقا غاضبا تجهم وجهه ينظر لاخوته للحظات قبل أن يندفع لأعلي وخلفه البقية .. اقترب حسام من زيدان يبتسم له في هدوء رفع يده يربت علي كتفه .... تبدلت ابتسامة زيدان بأخري حزينة ... قبل أن ينظر لحسام يحاول أن تبدو نبرة صوته طبيعية :
- هي لينا كويسة
حرك حسام رأسه بالإيجاب كاد أن يضحك ساخرا يخبره من تحاول أن تخدع بنبرتك الهادئة تلك فأنا الشاهد الأول علي ملحمة عشقك الضارية ... حين تناهت إلي اسماعهم أصوات صرخات ... انجليكا !!! ... ركض زيدان وخلفه حسام لأعلي يتوجهان مباشرة إلي غرفة انجليكا ... اندفع زيدان يدير مقبض الباب يدخل الي الحجرة لتشخص عينيه في ذهول ... وشهقة قوية خرجت من حسام ... ينظر مدهوشا إلي المنظر العجيب أمامه ... انجليكا كان أمامه حرفيا تغرق في العسل الأسود رائحته النفاذة تملئ الغرفة ... شعرها ، يديها ، جسدها ، ملابسها ... من فعل ذلك ... بالطبع ليست لينا البريئة التي انتظرت إلي أن خلد الجميع للنوم وتحركت علي أطراف أصابعها إلي غرفة الشقراء ... فتحت بابها تدخل الي الغرفة مدت يدها تخرج زجاجة صغيرة بها مخدر رشته علي وجه انجليكا حتي لا تستيقظ ... امسكت العلبة الكبيرة التي جلبتها في الطرد هي والأشياء الاخري فتحتها تسكبها علي الشقراء وهي نائمة لا تعي ما يحدث ... لما يظلمها الجميع هي لم تكن تقصد اي شر إطلاقا .... هي فقط علمت مصادفة أن العسل الأسود مفيد جدا للبشرة فقررت أن تهديها كمية كبيرة منه
انفجرت انجليكا في البكاء تنظر لجسدها المغطي بتلك المادة السوداء اللزجة نظرت ناحية زيدان تنوح باكية :
- زيدان الهقني زيدان ... مين أمل كدة ...
حرك رأسه بالنفي لا يعلم حقا لا يعلم ... او لا يريد أن يعلم ... بالطبع من غيرها ستفعل ذلك ... لينا باتت خطرا جسيما علي المجتمع بأفكارها الشيطانية تلك ... اجفل علي صوتها تصرخ وهي تبكي :
- اامل هاجة زيدان ...
ماذا يفعل ...لا يعلم .. نظر لحسام ليراه في حالة بلهاء هو الآخر يفغر فاهه حتي آخره ينظر لها بأعين متسعة تحملق فيها بدهشة ... زفر يحاول أن يفعل شيئا .... إن يجد حلا لتلك الورطة ... توجه ناحيتها جذب يدها يخرجها من الفراش الموحل ... ناحية باب المرحاض تركها يحادثها مترفقا بحالها :
- انجليكا خدي دش ..وأنا هقول لحد من الخدامين ينضفلك الأوضة توجهت للمرحاض توجه هو ناحية حسام جذبه لخارج الغرفة ليجد ذلك الطبيب يقف هناك في منتصف الردهة توجه زيدان ناحيته سريعا يسأله متلهفا :
- أخبارها ايه حصلها حاجة ؟!
ابتسم الطبيب في هدوء يحرك رأسه بالنفي يعطيهم ورقة خط عليها نوع واحد فقط الدواء :
- كدمات بسيطة ... المرهم دا هيبقي مناسب ليها جداا ... واضح انها اتزقت بس كويس أن الوقعة ما كنتش جامدة
احمرت مقلتيه ... شد علي أسنانه كور قبضته يطحن أصابعه لو لم تكت عمته فقط امراءة لكان هشم عظامها أجمع علي ما فعلته بها ... شكر الطبيب حاول أن يعطيه نقوده ليرفض الأخير رفضا قاطعا يردف بجملة واحدة قبل أن يغادر :
- لاء طبعا مش هاخد فلوس ... دا جزء صغير من دين قديم .... عن إذنك
لم يفهم زيدان عما يتحدث ذلك الشاب ولكن حسام فهم جيدا ...ابتسم شاردا ما يفعله والده قديما يصب في مصلحتهم الآن
Flash back
حين خرج زيدان من الغرفة التفت حسام لشقيقته ينظر لها ساخرا أسبل عينيه يحاول تقليدها بشكل مبتذل :
- اااه .. أنا فين ... انتي مين علمك التمثيل يا بنتي ... ادائك مبتذل ولا الفنانة اللي كانت في الفيلم اللي شوفته امبارح ومش فاكر اسمه
ضيقت لينا حدقتيها ترميه بنظرات قاتلة حادة رفعت يدها تقرصه في ذراعه بغيظ تتمتم حانقة :
- وأنا همثل ليه يعني هي اللي ذقتني
ضحك حسام متهكما يحرك رأسه بالإيجاب يجاريها ساخرا :
- طبعا ... اومال
حسام يذكرها بوالدها لا تنطلي عليه خدعها ببساطة هكذا ... فتحت فمها تود أن تقول شيئا ليقاطعها صوت زيدان الغاضب الذي صدح من أسفل يبدو أنه يتشاجر مع عائلته .. صمتت تنظر لحسام لتري في عيني الأخير نظرات حزينة حسام خير من يعرف معاناة زيدان مع عائلته التي لم تكن له عائلة يوما ... جميعهم يسعون خلف نقوده بجشع وانانية مخيفة ... وقلبها هي يتمزق مع كلمة تسمعها ... الجميع شارك في ايذائه حتي هي ... دمرت قلبه ولكنها لم تكن ظنته الجاني وهو مثلها مجني عليه .. انسابت دمعة من عينيها لترفع يدها تمسحها سريعا قبل أن يراها حسام ... في اللحظة التالية صوت دقات علي باب الغرفة ... قام حسام يفتح الباب ليطل ذلك الشاب من خلفه يحادث حسام مبتسما :
- أنا الدكتور ... الإستاذ اللي تحت قالي اطلع هنا
حرك حسام رأسه بالإيجاب يفسح للطبيب المجال ليدخل ... تحرك ذلك الشاب لداخل الغرفة ... وقف للحظات ينظر لحسام في عجب يقطب جبينه مال برأسه قليلا ناحية اليمين ينظر له عن كثب ... لاحظ حسام نظراته ليرفع حاجبيه يسأله ساخرا :
- ايه يا دكتور أنت بتشبه عليا ولا ايه
حمحم الطبيب في حرج يحرك رأسه بالإيجاب توجه ناحية فراش لينا يحادث حسام :
- بصراحة آه ... اصلك شبه واحد أنا أعرفه
اقترب الطبيب من فراش لينا يجلس علي حافته الفارغة نظر للينا للحظات يسألها مبتسما :
- خير ... ايه اللي حصل ... وقعتي ولا ايه اللي حصل
ابتلعت لينا لعابها مرتبكة لا تعرف ما تقول نظرت لحسام بعينيها عله ينقذها من ذلك المأزق ليحمحم الأخير يردف في هدوء :
- اتكعلبت وهي نازلة علي السلم وقعت ...
نظر الطبيب لحسام من جديد يتمتم مدهوشا :
- لاء حقيقي شبهه أوي ... حتي في طريقة الكلام ... إنت تعرف خالد السويسي !!
توسعت أعين لينا وحسام في دهشة ينظران لبعضهما البعض ليعاودا معا النظر للطبيب يتمتمان في صوت واحد :
- أنت تعرف بابا !!
توسعت إبتسامة الشاب حتي غطت وجهه ينظر للينا وحسام ينقل انظاره بينهما يتمتم سعيدا :
- أيوة طبعا أعرفه ...
وضع يده علي صدره موضع قلبه يتمتم ممتما :
- بسببه بعد رحمة ربنا أنا عايش النهاردة ... خالد السويسي كان السبب في أن والدي ربنا يديله الصحة يلاقي شغل في شركته ... واداله فلوس العملية ... كنت مريض قلب ومحتاج عملية ضروري ... أنا قابلته كذا مرة بعد ما كبرت حقيقي الراجل دا عظيم اووووي
نظر للينا يبتسم يسألها ضاحكا :
- أنتي لينا صح
قطبت لينا ما بين حاجبيها في شك تحرك رأسها بالإيجاب كيف عرف ذلك الرجل أسمها لتجده يردف ضاحكا :
- مش هتفتكري بس انتي بوستيني وانتي صغيرة
توسعت عيني لينا في اندهاش ... بينما نظر حسام لشقيقته نظرات حادة مدهوشة ولسان حاله يقول :
- آه يا سافلة يا سهلة يا رخيصة بتبوسيه
بينما ضحك مروان بخفة يذكرها بذلك الموقف البعيدددد للغاية
« ابتسم مروان للصغيرة ببراءة : ممكن اشيلها
وضع خالد الصغيرة علي قدمه فوق الفراش
مد مروان يده ليداعب وجنتها الصغيرة الممتلئة فغضته الصغيرة بسنتيها
مروان متألما : آه ، دي بتعض
ضحك خالد وساهر ومنال
منال : بسم الله ما شاء الله زي القمر
ابتسم بحرج: متشكر
نظرت الصغيرة لمروان الذي ينظر لها بألم من عضتها له
خالد ضاحكا : معلش يا مارو اصل انا بنتي مؤدبة ما بتحبش رجالة غريبة يشيلوها
ما كاد خالد ينهي جملته حتي شبت الصغيرة وقبلت مروان علي وجنته ... لتتسع عيني خالد بفزعيهدر بصدمة: نهار ابوكي اسود دا انا لسه بمدح في كرم اخلاقك بتعملي ايه، دا انا لسه ما خلصش كلامي »
انهي مروان كلامه ليحمر وجه لينا خجلا لا تتذكر حقا أنها فعلت ذلك ... الوضع برمته محرج للغاية ... بينما اقترب حسام منه جلس علي مقعد بالقرب منه يربت علي ساقه يتمتم مبتسما :
- بص يا مارو طالما طلعت معرفة قديمة ... هي البت دي زي الفل ... بس الموضوع مشكلة عائلية كدة ... اكتب أنت بس اي مرهم للكدمات ... ولو الراجل الحليوة ابو عيون زرقا دا سألك ... قوله أنها اتزقت بس الوقعة ما كنتش جامدة
بالطبع وافق مروان .... في تلك اللحظة دق هاتف مروان برقم والدته ... خرج بصحبة حسام من الغرفة يستأذن منه إن يرد علي والدته ... في تلك اللحظات علا صوت الشجار بشكل مخيف ... ليترك حسام مروان يقف خارج الغرفة وينزل يهرول لأسفل
Back
عاد حسام من شروده الطويل علي حركة زيدان يتوجه صوب غرفته التي تقطن بها لينا قطب جبينه متعجبا ليجد زيدان يدق الباب ... سمعا صوت لينا يأذن بالدخول ... دخل زيدان وقف بالقرب من فراشها لتتوتر دقات قلبها ظنت انه هنا ليطمئن علي حالها ... إلا أن صدمتها كان قاسية حين بدأت يتحدث في جمود كجلمود صخر :
- بصي يا لينا ... أنا عارف إن كل اللي حصل لستات البيت دا أنتي السبب فيه ... وما اتكلمتش ... لإني بقول حقها ... اللي عملوه مش شوية ... هما بدأوا بالاذي ... انما أنجيلكا ما اذتكيش اصلا عشان تعملي اللي عملتيه دا ... لو سمحتي مالكيش دعوة بيها ... أنا عامل حساب أنك بنت خالي لولا كدة كان هيبقي تصرف تاني ... عن إذنك
قال ما قال بمنتهي القسوة ... كلماته كمطارق تنزل علي حطام قلبها تفتته ... زيدان يحادثها بذلك الشكل البغيض المؤلم القاسي لأجل الشقراء ... بات يحبها ... بالطبع فعل والا ما كان سيغضب لتلك الدرجة علي ما فعلت ... لم تنزل دمعة واحدة من عينيها وهي تنظر له رغم أن قلبها يقطر دما بدل الدموع ... تحرك لخارج الغرفة ... ليدخل حسام في تلك اللحظة اقترب من فراشها يجلس جوارها ... يري عذابها الممزق الذي يصرخ في حدقتيها ... لف ذراعه حول كتفيها يجذبها لصدره حين وضعت رأسها علي صدر أخيها سمحت لدموعها الحزينة بالهطول
___________________
علي صعيد آخر في منزل خالد السويسي ... استيقظت في وقت متأخر ... لم تكن تريد أن تفتح عينيها ... بعد ما حدث ... تلك السيدة ومجئيها إلي منزلها ... ستخطف طفلها الصغير منها ... فتحت عينيها تنظر لقسمات وجهه خالد وهو نائم بالطبع سيكون متعب بعد اليومين الماضيين ... تنهدت قلقة رفعت رأسها عن الوسادة ... تتحرك من جواره بخفة لا ترغب في إيقاظه ... تحركت ناحية المرحاض وقفت أمام الحوض تصفع وجهها بالماء مرة تليها أخري وأخري ... رفعت وجهها تنظر لسطح المرآه أمامها للحظات طويلة قبل أن تهبط دموع صامتة تغرق وجنتيها ... ليس ذنبها أنها أحبت الفتي كطفلها الذي لم تلده ... ليست بتلك البساطة سيسلبونه منها ... اغتسلت وبدلت ثيابها باخري خرجت من الغرفة بحذر حتي لا توقظه ... تحركت للخارج وقفت أمام غرفة زيدان للحظات تنظر للباب المغلق نظرات حادة كارهة ... كم ترغب في أن تدخل إليها وتتشاجر معها حتي تبتعد عنهم ... ولكن بدلا من ذلك توجهت إلي المطبخ ... دخلته تعد الإفطار ...وقفت تقطع حبات الخيار والطماطم حين سمعت صوتها يأتي من خلفها مباشرة من ناحية باب المطبخ :
- صباح الخير يا لينا
شدت علي أسنانها غاضبة ... لم ترد تجاهلتها تماما وكأنها غير موجودة من الأساس تكمل ما تفعل ... ارتبكت نظرات لوجين ... ستحاول وتحاول وتحاول اكتساب ود وصداقة لينا قدر الإمكان .... فلينا هي طريقها المباشر والوحيد لزيدان ... لينا فقط من يمكنها مساعدتها في استعادة صغيرها من جديد ..خطت لداخل المطبخ وقف خلف لينا بالقرب منها تحادثها :
- معقولة بتعملي الفطار بنفسك ... ما فيش شغالين هنا يساعدوكي .. بدل ما تتعبي
وكأنها جذبت فتيل وهمي لقنبلة غضب تلك الواقفة التفت فجاءة بعنف ناحية لوجين تصرخ فيها بشراسة :
- والله أنا حرة اعمل بنفسي ... اجيب حد يعمل مكاني ... وبعدين دا بيتي أنا اللي مسؤولة عن كل واحد وواحدة فيه ... خالد ولينا وزيدان أولهم
توسعت عيني لوجين هلعا من صراخ لينا الشرس المخيف .. ملئت الدموع حدقتيها ارتجفت شفتيها تصيح بقهر :
- انتي ليه بتكرهيني ليه بتعملي كدا ... دا ابني !!
تلك الكلمة التي نطقتها هي خوف لينا الكامل ...أنها هنا لتأخذ أبنها ... ابن لينا هي الأحق به لوجين لن تأخذه منها ابدا ... احمرت مقلتيها تسارعت أنفاسها اقتربت منها خطوتين حتي باتت بالقرب منها نظرت لحدقتيها في تحدي لاهب تصيح محتدة غاضبة :
- دا ابني انااااا .... لو انتي اللي خلفتيه فأنا اللي ربيته ... انتي ما عشتيش معاه قدي زيدان لما جالي كان طفل عنده 10 سنين طفل ... ما يعرفش معني الطفولة طفل ما بيضحكش حتي ... طفل دمرتيه بانانيتك لما روحتي اتجوزتي من غير ما تعمليله حساب في حياتك ... كبر قدام عيني يوم بعد يوم ... من طفل لشاب لراجل ... ذكريات سنين طووويلة اووووي ... ما تفتكريش انه هينساها بسهولة كدة ... ما تفتكريش أنه ممكن برجوعك يبعد عني تبقي بتحلمي
تحركت لخارج المطبخ تاركة لوجين ترتجف تبكي تحسرا وندما ... مرت لينا من جوارها ما أن وصلت لباب المطبخ سمعتها تتمتم بنبرة حزينة نادمة ممزقة :
- أنتي ليه فكراني عايزة أكرهه فيكي او اسرقه منك ... بالعكس أنا بشكرك ولو فضلت عمري كله اشكرك علي اللي عملتيه لابني مش هوفيكي حقك علي اللي عملتيه مع زيدان ... أنا بس نفسي يسامحني ... نفسي اخده في حضني ... ساعديني ارجوكي ساعديني
وقفت عند باب المطبخ خارجا توليها ظهرها كلماته تطعنها بقسوة .... غرزت اظافرها في كف يدها حين شعرت بقلبها يدق بعنف مشفقا عليها ... كم أرادت أن تخلع قلبها وترميه أرضا فذلك الأحمق دائما ما يضعف ببضع كلمات ... التفتت برأسها ناحية لوجين تهمس لها :
- أنا آسفة ... بس مش هقدر !!!
_________________
- بجد يا عثمان بجد أنا مش مصدقة نفسي ... صاحت بها ليلا في سعادة تغمرها حين اخبرها عثمان بكل عشق أن زفافهم سيكون خلال أيام في القاهرة في حفل كبير ضخم ... مد يدها تقبض علي كف يده تسبل عينيها تهمس بنعومة حزينة سامة :
- أنا بحبك اوي يا صياد .. حقيقي بحبك أوي ... صدقني بُعدي عنك زمان كان غصب عني .. بابا هو اللي اصر ... علي الاقل كنت هبقي جنبك ... وقلبك ما يدخلوش غيري
ابتسم عثمان تلك الابتسامة البراقة التي يعرف بها جيدا كيف يخدع ضحيته شبك أصابعه في أصابعها يهمس بصوت عاشق خفيض حاني :
- ليلا انتي عارفة اني بحبك ... بحبك اوي ... اي واحد تاني مكاني ... كان هيقول دي اتخلت عني في أصعب وقت في حياتي .. لكن أنا لاء ... أنا بحبك ... وجود سارين في حياتي أمر مفروض منه دي مراتي ... وانا بحبها زي ما بحبك يمكن انتي اكتر شويتين تلاتة لكن وجودها أساسي في حياتي واحنا متفقين علي كدة ولا ايه
عبست في نعومة ظريفة وكأنها طفلة بريئة غاضبة من صديقها في الروضة لأنه يحادث فتاة أخري ويعطيها الحلوي بدلا منها ... لتهمس بخفوت حزين :
- ايوة يا عثمان ... أنا بس بغير عليك ... بس طالما هتبقي معايا خلاص ... كله يهون عشان نبقي مع بعض
رفع كف يده الذي يمسكه في كفه يقبله بنعوومة ينظر لحدقتيها نظرات تتوهج بنيران العشق كما تظن هي والانتقام كما يضمر هو ...اوصلها لغرفتها ... ليتوجه مباشرة إلي غرفته ... التقط هاتفه من جيب سرواله يحادث والده :
- زي ما قولتلك يا بابا ... أنا عايز حفلة كبيرة اوووووي ... وأنت عارف الباقي ... ماشي يا بابا سلام
أغلق الخط مع والده يخرج كارت الغرفة الإلكتروني وضعه في الباب ليدخل بحث عنه بعينيها يتقدم للداخل يبحث عنها لفت انتباهه باب الشرفة الشبه مفتوح ...توجه ناحيته يفتحه بالكامل خطي داخل الشرفة يجدها تجلس هناك كملاك حزين تجلس علي مقعد ترفع قدميها تحتضنهم بذراعيها نسيم الهواء يداعب خصلات شعرها بدلا منه ... خطي ناحيتها .. شعرت بخطواته لتلتف برأسها ناحيته بخفة ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتيها تهمس له بصوت متحشرج :
- رجعت أمتي
توجه ناحيتها وقف أمامها مباشرة مد ذراعيه يحملها كأنها عروس شهقت من المفاجأة بينما ضحك هو يغمغم مشاكسا :
- لسه جاي دلوقتي حالا ... ولقيتك قاعدة زي حورية خرجت من الماية عشان تنادي الناس بجمالها ... فقررت اخطف الجمال دا ليا لوحدي
خرجت من بين شفتيها ضحكة خفيفة لفت ذراعيها حول رقبته ليتوجه بها لداخل الغرفة وضعها علي الفراش لتنظر له عينيها تخبره أنها تود قول الكثير وشفتيها خرساbء صامتة .. ابتسم لها يهمس بشغف :
- عايزة تقولي إيه
زفرت أنفاسها المختنقة تفرك كفيها ببعضهما البعض تشعر بالقلق ينهش قلبها الصغير رفعت عينيها إليه تهمس بخفوت حائر :
- أنت هتعمل بعد كدة مع ليلا وليه رافض تقولي ..
ابتسم ... إبتسامة واسعة ماكرة ... إبتسامة تخفي خلفها ما تخفي هو فقط الادري بها ... مد يده يمسح علي وجنتها برفق يحادثها مبتسما :
- مفاجاءة اللي جاي كله مفاجأة عمرك ما هتتخليها ابدا !!
كلماته لم تطمئنها بالعكس تماما زادت قلقا خوفا من أن تكن هي الخاسرة في تلك اللعبة ... بينما تبدلت ابتسامته هو باخري مشاكسة يتمتم عابثا :
- سمعتي عن ابو قردان اللي غرق من زمان
ضحكت رغما عنها تحرك رأسها يآسة منه لتتعالي ضحكاته يشاركها في الضحك ويده تتسلل خلسة لتغلق إضاءة الغرفة وتتوقف الضحكات ويسطر الصياد قصائد اخري من عشق الصياد
_________________
رحلة العودة كانت صامتة حقا صامتة بشكل مبالغ فيه حتي حسام وضع سماعات الإذن الخاصة به واغمض عينيه ولم ينطق بحرف يستمع الي هاتفه ... أنجيلكا تجلس بالخلف جوار لينا تعبث في هاتفها تلتقط لنفسها الصور ... جوارها تجلس لينا بينهما فاصل صغير ... تستند برأسها الي ظهر الأريكة تغمض عينيها تتذكر كلماته التي قالها مرارا وتكرارا ... لترتسم إبتسامة شاحبة علي شفتيها ... قديما كان يحميها من أي خطر ولو صغير كما يفعل مع انجليكا الآن .... اعتدلت في جلستها تنظر له من خلال مرآه السيارة تلك المرة لا تختلس النظر بل تنظر له ... وهو منهمك لتلك الدرجة في قيادة السيارة ... حانت منه التفاتة خاطفة للطريق ليراها تنظر إليه أصابته الدهشة من عينيها المرتكزتين علي وجهه بتلك الطريقة ... عينيها كانت تقول الكثير ... نظراتها كان مزيح ساحر من العشق والألم والندم ... ما القادم لا يعلم كلما يشعر أنه تفادها هرب من عشقها له ... يجد نفسه يعود ليسقط صريعا لعشقها المؤلم ... كلما حاول أن يتناسي مع حدث ... ليعود لقيود عشقه القديمة ... يتذكر بأنها ذهبت لاحضان غيره الفكرة لذاتها تقتله كلما يتذكر ... عقله يصور له مشاهد بشعة ... مشاهد تقتل رجولته ألف مرة ... يقف علي حبال الهوي لا يعرف أين الخلاص إيقفز في بوتقة من النسيان أم يتأرجح بين العشق والكره ... كفتان كلما رحجت احداهما تطالب الاخري بحقها ... تحركت مقلتيه ناحية الطريق من جديد يزيد سرعة السيارة ساعة أخري ووصل الجميع ... بيته لم يكن بعيدا إطلاقا عن منزل خاله فقط ساعتين .... وقف بالسيارة لتنزل لينا اولا تلاها حسام وزيدان وانجليكا يتحركان للداخل ... دخلوا جميعا إلي المنزل بعد ترحيب حار من خالد ولينا زوجته ... اقتربت لينا من زيدان تنظر له بأعين دامعة ... أصابت قلبه في مقتل خوفا عليها نزع يد انجليكا يبعدها عنه .. توجه ناحيتها يسألها فزعا :
- مالك يا ماما بتعيطي ليه .... انتي كويسة
حركت رأسها بالإيجاب ليتنهد خالد حانقا من أفعالها .... اقترب هو من زيدان ربت علي كتفه يحادثه بهدوء :
- زيدان في ضيق مهم مشتاق جداا أنه يشوفك
قطب جبينه في عجب من ... من ذلك الذي يتحرق شوقا لرؤيته ... صعد خالد لأعلي تتابعه عيني زيدان ينقل أنظاره بينه وبين لينا والدته التي ازدادت دموعها انهمارا بشكل اخافه ما بها تبكي ... لم يهتم من ذلك الضيف فقط امسك يدها يجلسها علي الأريكة يسألها قلقا :
- مالك يا ماما بتعيطي ليه .. ما تقلقنيش عليكي فيكي ايه
مدت يسراها تمسح دموعها بينما ربتت بيمناه علي وجهه برفق ليمسك كف يدها يقبله ...
وجهه المقابل لسلم البيت جعله يري خالد وهو ينزل يمسك يد سيدة تنظر لأسفل وجهه لا يظهر بسبب رأسها المنحني ولكنه شعر بدقات قلبه تتسارع بشكل مؤلم ... تلك السيدة يعرفها ولا يذكرها .... أين رآها فقط لو ترفع وجهها ... وصلت بصحبة خاله إلي أسفل ... بينما هو يضيق عينيه ينظر لها حذرا ... والجميع يراقب ما يحدث في صمت ... لينا ابنه خالد تجلس جوار حسام علي أريكة بالقرب منهم نظرت لأخيها متعجبة كأنها تسأله بعينها إن كان يفهم ما يحدث ليحرك رأسه بالنفي يتابع ما يحدث هو الآخر ... بينما لينا الشريف يدها تقبض علي كف زيدان الجالس جوارها ... حين رفعت تلك السيدة وجهها شخصت عيني زيدان حتي كادت تخرج من مكانها ... هي ... كيف ينساها وهي تجاور والده في جميع الصور ... صورتها ترفض الخروج من عقله ... ما إن رآها ضرب في رأسه سيل عنيف من الذكريات المؤلمة يتخللها بكاء طفل صغير
- ماما أنا جعان عمو معتز مش راضي يديني اكل
- يا ماما بيضربني ... أنا ما بحبوش يلا نمشي
- ماما أنا بردان ... يا ماما ردي عليا
احمرت مقلتيه لا يعرف أهو غاضب ام هي دموع الماضي المؤلم ... تلك المرة هو من شدد علي كف يد لينا الجالسة جواره كأنه يستشعر منها الأمان ... تسارعت أنفاسه ... صدره بات يعلو ويهبط بجنون ... صمت رهيب ... الجميع صامت مترقب والبعض يجهل ما يحدث ... أنفاس لوجين انقطعت ما أن رأت طفلها أمام عينيها زيدان كبر حقا ... نسخة عن والده الراحل .... رأته في الصور ولكن الواقع أشد جمالا ... كم أرادت أن تركض إليه تعانقه تصرخ بندمها ... رأت كيف شبك يده بيد لينا كأنه ينفر منها ... صمت لم يقطعه سوي جملة خالد التي وجهها مباشرة لزيدان :
- مش هتسلم علي مامتك يا زيدان
توجه بحالته الغاضبة ينظر لخاله ابتسم ... رغم كل ما فيه الا انه ابتسم ... ينظر للينا الجالسة جواره .... رفع كف يده يقبله ليقبل رأسها يحادثها مبتسما :
- ازيك يا ماما وحشاني اوي والله اعذريني اني ما سلمتش عليكي لما دخلت ... عايز احكيلك حاجات كتير أوي بس مش دلوقتي ...
- زيدان ما تستعطبش
هتف بها خالد بنزق يوجه انظاره ناحية زيدان ... لينظر الأخير ناحية خاله في براءة طفل ... قام من مكانه يتوجه إليه يتمتم مبتسما :
- في اي يا خالي ...أنا عارف أنك بتغير علي ماما بس مش مني يعني ... حد يغير علي أم من ابنها بردوا
كلماته عادية للغاية ولكنها تنزل كالنيران تلهب قلب تلك الواقفة تنظر لصغيرها شوقا يمزجه الألم وهي تراه يحب أخري يعاملها كأنها هي والدته يقبل يديها ورأسها ... لم تحتمل هي لا تريد فقط سوي أن تضمه تركت يد خالد تندفع ناحيته ما كادت تلمسه شهقت متألمة وشهقة لينا وابنتها في ذهول حين دفعها زيدان بعنف قاسي حتي كادت تسقط أرضا لولا يدي خالد التي امسكت بها سريعا ... نظر خالد لزيدان يصيح فيه غاضبا :
- أنت اتجننت بتزق أمك
توسعت عينيه في هلع يشير لنفسه ينظر ناحية لينا يتمتم سريعا :
- تتقطع ايدي لو فكرت اعمل كدة في يوم يا ماما
ابتسم لها عاود النظر لخالد قست نظراته ينظر لتلك التي بين يديه تشع الكراهية من مقلتيه صدح صوته عاليا كارها :
- اللي واقفة جنبك دي مش امي ولا عمرها كانت ولا هتكون ... دي مجرد رحم ... زيها زي اللي بيبعوا عيالهم وياخدوا فلوس ... بس الفرق أنها باعت بالرخيص .. بالرخيص اووووي ... وأنت اللي علمتني يا خالي ... اللي يبيعك ... اعرضه في مزاد واخسر فيه وهتبقي إنت الكسبان ... الست اللي واقفة جنبك دي شيطانة لا عندها لا قلب ولا رحمة ولا مشاعر ...
- دي أمك يا زيدان ... صرخ بها خالد محتدا ... ليحمر وجه زيدان من الغضب نفرت عروقه تصرخ غضبا ... توجه ناحية لينا جذب يدها وقفت يجذبها خلفه إلي أن وقفت جواره نظر لخالد يصرخ بحرقة :
- دي أمي .... دي أمي اللي أنا أعرفها .... انما اللي جنبك دي .... مش أم اصلا ... ما فيش ابنها بيبقي بيعيط من الجوع ماما أنا جعان وهي كل اللي بتقوله بس يا زيدان عندي صداع ....
نظر ناحية يكمل ما يقول بحرقة :
- إنما ماما اللي كل دقيقتين تقريبا بتسأل حبيبي مش جعان ...
عاود النظر ناحية خالد احمرت عينيه نزلت دموعه رغما عنه يصيح غاضبا :
- انهي أم اللي بتسيب ابنها مرمي في البرد نايم علي الأرض في البلكونة ... ماما لحد دلوقتي بتدخل تشوفني احسن اكون رميت الغطا وأنا نايم ... وأنا راجل عدي ال30 .... باعتني زمان مش هشتريها دلوقتي ... أنا ليا أم واحدة اسمها لينا جاسم الشريف ... الست اللي جنبك دي أنا ما اعرفهاش وما يشرفنيش أني أعرفها
مد يده يمسح دموعه التي سقطت بعنف يزيحها من علي وجهه ... التفت ناحية مال يقبل رأسها يحادثها في هدوء وكأن شيئا لم يكن :
- هوصل أنجيلكا الأوتيل واطلع علي البيت ... هكلمك لما اوصل ... سلام يا حبيبتي
تحرك للخارج ليلحق به حسام سريعا لن يتركه في حالته تلك ابداا ... سقطت لوجين أرضا علي ركبتيها تنظر في أثر صغيرها وهو يرحل زيدان يكرهها لدرجة مخيفة ...تحركت لينا ابنه خالد تتوجه ناحيتها جذبتها تسندها تنظر لها مشفقة تلك السيدة ضحية مثلها .. ضحية لعبوا بخيوطها حتي تظهر هي الجانية ... كما حدث معها هي !!!!
_______________