رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل السادس والستون 66 بقلم دينا جمال


 رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل السادس والستون 

سعادة يكاد عقله ينفجر منها ... أخيرا حصل علي موافقة عمه ... ستزوجها لو الأمر بيده لتزوجها في الحال .... انتفضت ذرات جسده أجمع تصرخ من الفرحة بينما هرول هو ناحية عمر يعانقه بقوة يصرخ فرحا :
- موافق ... بجد موافق .. قول والله العظيم أنك موافق 

ضحك عمر يآسا ينظر لذلك الشاب الذي من المفترض أنه تجاوز الثلاثين .. رفع يده يحاول إبعاده عنه يغمغم ضاحكا :
- يا سيدي موافق اغنيهالك ... اوعي ياض بقي خنقتني 

ابتعد حسام عن عمر ينظر بأعين لامعة لسارة الجالسة هناك وجهها يكاد ينصهر من شدة خجلها .. لما تخفض رأسها بتلك الطريقة لما تمعنه من رؤية ما يبقيه حيا يتنقس .... تحركت قدميه ناحيتها مسلوب الإرادة ليشعر بيد تقبض علي كتفه تمنعه من التقدم نظر خلفه ليجد عمر يقبض علي تلابيب ملابسه ... ينظر له باستهجان يتمتم ساخرا :
-  إنت رايح فين لمؤخذة ... جو الأفلام الاجنبي و she said yes وتاخدها بالحضن وتلف بيها دا هناك عند ولاد العم سام ... إنما هنا تجيب أبوك وتيجي تتقدم رسمي ... فاهمني يا حوسو

امتعضت قسمات وجه حسام غيظا فقط تصبح تلك الصغيرة زوجته ويقسم أنه سيذيق عمر مما يفعله به الآن ... تحركت عينيه تلقائيا حين شعر بنظرات حارقة تحدق فيه نظر صوبها ليجد أبيه يرميه بنظرات قاتلة حادة متوعدة ... رأي وعيد حاد في عيني أبيه كأنه يقول له انتظر الي أن ينتهي الزفاف ... وسأجعل من بقايا عظامك عصير فراولة ... قاطع تلك اللحظات صوت منظم الحفل وهو يعلن عن رقصة الزفاف الختامية ... بسرور اصطحب أدهم مايا الي باحة الرقص هم في المنتصف .... ابتسم عمر لحسام ابتسامة صفراء ليمسك بيد ابنته يتوجه بها ناحية ساحة الرقص ... ومن بعدهم خالد ولينا ... وحمزة وبدور .... وفارس وياسمين  ... لتميل منيرة علي ذراعي روحية تأخذ الفتاة منها لكزت مراد في ذراعه تحادثه حانقة :
- قوم أرقص مع مراتك زي ما كل الرجالة دي بتعمل يلا إنتوا مش أقل منهم

حمحم ينظر لروحية قام من مكانه يمد كف يده لها توترت حدقتيها قبل أن تمد يدها بتردد ظاهر شعر هو به من ارتجاف كفها داخل كفه جذبها لتقوم برفق ... يتحرك بصحبتها الي ساحة الرقص وقف أمامه تخفض رأسها أرضا تتمتم بارتباك خافت :
- ااا .. اانا ما بعرفش ارقص

ابتسم ببساطة رفع كتفيه لأعلي يغمغم :
- والله ولا أنا ... بصي احنا نعمل زي ما هما بيعملوا 

حين رفعت رأسها كان أول زوجين وقع عينيها عليهم أدهم ومعه مايا ... مايا تلف ذراعيها حول عنق تنظر لعينيه ترتسم علي ثغرها ابتسامة جميلة واسعة ... بينما أدهم يلف ذراعيه حول خصرها يقربها منه يبتسم هو الآخر ابتسامة رائعة وكأن فاز بجائزة عظيمة بعد طول عذاب .... انتفض جسدها حين شعرت بيد مراد تمسك كف يدها نظرت له سريعا لتراه يبتسم ... ابتسامة جذابة ... لحظة هل قالت توا عن ابتسامة مراد جذابة !! ... توسعت عينيها في دهشة حين شعرت به يلف ذراعيها حول عنقه ... في اللحظة التالية  تجمدت الدماء توقفت عن الجريان بين خلاياها 
اختفت أنفاسها .... تضاربت دقات قلبها بعنف لا تعرف أهو خوف أم قلق أم شعور آخر جديد لم تعرفه قبلا ... حين لف ذراعيه حول خصرها يقربها منه فقط خطوة واحدة ارتجفت ساقيها تحاول التناغم مع حركاته البطيئة الماهرة ... المخادع يخبرها بأنه لا يستطيع الرقص وهو يتحرك مثل الجميع .... ارتجف قلبها تشد قبضتها حول عنقه متوترة تشيح بوجهها بعيدا بينما كان يبتسم وهو ينظر إليها بالقرب منهم في تلك الساحة التي ليست بالصغيرة علي الإطلاق ... نغمات العشق بين زوجي العشق ابدا تعب القلم من وصفها ولم يقدر حتي عن التعبير عن جُزئ صغير للغاية جُزئ من الكترون واحد فقط يدور في حلقات العشق اللامتناهي هنا البداية ولا تبحث لهم عن نهاية ففي قاموس العشق لا الأحبار تكفي ولا الأوراق تُشبع ولا الكلمات وحدها تعبر عن فيضان يُغرق القلوب .. يسلب العقول ... يسحر الألباب ... العاقل هنا هو المجذوب
سحر خاص جمع زرقة السماء الصافية بصخور الأرض الصلبة منذ سنوات ... وامطار السماء تروي الصخور بقطرات عشق لن يجف حتي مع كلمة النهاية ... 
جل ما فعلته انها اقتربت منه تضع رأسها علي صدره ذراعيها حول عنقه تنهدت تهمس له حالمة :
- بحبك 

أحاط روحه جيدا بذراعيه يغرزها داخل اسوار قلب هي من أسست بنيانه ... قلبه تشكل علي عشقها ... قلب لن يعرف غير قلبها مرسي له ... بعد طول صراع يرسو بقاربه علي شاطئ كالجنة .... ينهل فيه من كل ألوان النعيم وابدأ لن يكتفي ... ابتسم ينطق بكلمة واحدة ... كلمة كقطرة لا تكفي ابدا للتعبير عن طوفان هائج يهمس لها :
- بعشقك

ومن هنا لهنا من حب تأسس من الصغر لشعور آخر مختلف ... علاقة أخري ربما الحب لم يعرف طريقه فيها وربما هو حب من نوع آخر .... .ان كان احتواء كل منهما للآخر في  أوج وأقل حالاته ضعفا فهو حب .. إن كانت الضحكات الصافية التي يرسمها كل طرف علي وجه الآخر حب فهو حب .. ان كان الأمان الذي يمنحها إليه ... السعادة الاحتواء الحنان لها ولأطفالها حب فهو حب ... حب من نوع آخر .. حب راهن الجميع علي جنون أصحابه ولكننا قلنا قبلا أن في قانون العشق العاقل هنا هو المجذوب ... فمبالك بالمجنون لقب لم يُطلق سوي علي فرد واحد في قاموسنا الامتناهي هو خالد فهو خالد الاسم والصفة والعشق !!

التفت الحلقة لتذهب ناحية فارس وياسمينته تلك الوردة النضرة التي حافظ علي رونقها رغم مرور سنوات ... فالوردة لا تبذل بالعمر ... الوردة تبذل بالإهمال ... وهو ابدا لم يكن ليُهمل زهرته ... كلماته حنانه عشقه لها ... كانت قطرات الحياة التي حافظت علي نضارة وردته سنوات طويلة يعشقها فيهم ... مال برأسه يقبل قمة رأسها يهمس لها بعشق جارف :
- بحبك يا ياسمينة قلبي من اول يوم وقعت عيني عليكي وأنا عارف إن قلبي هيبقي ليكي 

ابتسمت بخفة تريح رأسها علي صدره سنوات من العشق يعلوها الإحترام والتقدير ... دائما ما يشعرها أنها لازالت تلك الشابة التي أحبها .. الشابة التي جمعها به قصة عشق جديدة بعد نهاية مؤلمة لقصة قدمية تنهدت بحرارة تغمغم بولة :
- وأنا بعشقك يا فارس أحلامي

هنا العشاق وهناك من حاولوا يوما أن يكونوا مثلهم .. اختلست لينا النظر إلي ساحة الرقص تنظر للجميع تتخيل نفسها بينهم كانت يوما هي هناك نجمة الليلة بفستانها الأبيض تتمايل بين أحضانه بين جموع الناس .... اختلست عينيها النظرات إليه لتجده يقف هناك يستند الي احدي الطاولات ينظر لساحة الرقص بابتسامة باهتة لامبالية ... شهقت فجاءة تبتعد بعينيها عنه حين شعرت بيد حسام تقبض علي رسغ يدها يجذبها لساحة الرقص ... نظرت له مدهوشة تتمتم حانقة :
- إنت اتجننت يا حسام اوعي سيبني
ولكنه لم يهتم جذبها لساحة الرقص جوار عمر تقريبا نظرت لينا لسارة لتعاود النظر لحسام تبتسم ساخرة اقتربت برأسها منه تغمغم متهكمة :
- يا ابني أهمد بقي .... أنت فاكر أن عمك عمر هيخيلك ترقص مع سارة دا في المشمش يا حوسو

نظر حسام لشقيقته حانقا ابتسم في سماجة قبل أن يلتف بها ويصبح هو بالقرب من عمر بدلا من لينا ... رسم واسعة علي شفتيه يحادث عمر ببراءة :
- نبدل يا عمي ... اصل لينا بتقولي رقصك وحش وعمي عمر رقصه أحسن منك ألف مرة ولا ايه يا لينا

نظر حسام للينا لترفع الاخيرة حاجبها الأيسر ساخرة تأوهت حين داس حسام علي قدمها بحذائه لتغمغم سريعا :
- آه ايوة طبعا اكيد

ضحك عمر ساخرا ينظر لحسام نظرات تحدي ساخرة يتمتم متهكما :
- دا لما تشوف قفاك يا دكتور ... عن اذنكوا

قالها ليبتعد بابنته عنهم ... لتحتد عيني حسام ينتفس بعنف ... كشر عن جبينه نظر لشقيقته يتمتم في غيظ :
- بومة

توسعت عينيها مدهوشة كادت أن تمطره بوابل من السباب الا أنه قد تركها ورحل ... ولكن لينا لم تكن لتترك ثأرها حملت طيات فستانها تتحرك في المكان تبحث عنه هنا وهناك تتوعد له برميه في المسبح ما أن تجده ... لتشعر بأحدهم يربت علي كتفها التفتت خلفها سريعا لتتوسع عينيها في دهشة نظرت للفاعل تتمتم مدهوشة :
- مروان !!

ابتسم ذلك الشاب الذي يدعي مروان ساهر ... ذلك الطبيب الذي رأته حين كانت في بيت آل زيدان ... هو نفسه الفتي الذي قبلته قبل سنوات وهي طفلة .... يقف امامها بحلة سوداء وقميص كمعظم الحضور ... يحمل في يده علبة حلوي متوسطة الحجم بها قطع الشوكولاتة مد يده لها بها يغمغم مبتسما :
- اتفضلي دي عشانك ... أنا كنت بتصل بوالدك من قريب عشان اسلم عليه ... هو عزمني علي الفرح واصر اني اجي بس واضح اني اتأخرت

والدها ... التفتت برأسها سريعا تنظر ناحية والدها ليشيح خالد برأسه بعيدا قبل أن تراه ابنته ولكنها قد فعلت ابتسمت في خبث ... الآن فقط فهمت الي ما يخطط والدها ... حيلة قديمة عرفت من والدتها انها استخدمتها قبلا ... ولكن لما لا ... إن كان زيدان تلميذ والدها فالطبع ستنطلي عليه الحيلة ... عاد تنظر لمروان تبتسم في رسمية مجاملة تغمغم :
- شكرا علي الشوكولاتة ...

اخذت منه العلبة ... تضعها علي الطاولة جوارها ... جلست علي أحد المقاعد ليجلس هو علي المقعد أمامها ... لحظات من الصمت عينيها تبحث عن زيدان تحاول أن تراه ... بشكل لفت انتباه مروان ليسألها متعجبا :
- بتدوري علي حد

ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها نفيا ... ليقوم مروان من مكانه يمد يده لها يغمغم مبتسما :
- تحبي نرقص

نظرت لوالدها لتراه يحدجها بنظرة قاتلة يحذرها من أن توافق ... يبدو أن مروان يتصرف من تلقاء نفسه ليست تلك تعليمات والدها ابداا ... ولكن بعض المغامرة سيكون اكثر من جيد ... ابتسمت لمروان تضع كفها في كفه .... قامت معه فقط خطوتين لتشعر بيد قاسية لم تكن يوما بتلك القسوة تقبض علي ذراعها نظرت خلفها سريعا تنظر للفاعل لتجد زيدان يقف خلفها يحدجها بنظرة توازي الجمر 
اشتعالا رقص قلبها فرحا ... رقص قلبها فرحا من نظراته المخيفة قبضته القاسية ... زيدان يغار لم يحتمل وجود مروان جوارها ... جذبها بقوة لتصبح خلفه يمسك برسغ يدها نظر لمروان ابتسم يتمتم :
- نورتنا يا دكتور ... اكيد الفرح نور بوجودك ... بس معلش احنا بنات عيلتنا ما بترقصش مع رجالة غريبة ... صعايدة بقي

ابتسم مروان في هدوء يرفع كتفيه لأعلي يغمغم ببساطة :
- لا ابدا .. ما حصلش حاجة ... أنا هسلم علي خالد باشا وامشي عن اذنكوا

تحرك مروان ناحية خالد ... في حين التفت زيدان للينا للحظات شعرت بقلبها يدق خوفا منه ألم تكن عينيه زرقاء لما تشعر بها اسود من الليل الحالك ... لم يقبض علي فكه ، يشد علي أسنانه بتلك الطريقة ... نظر للأرض للحظات يحاول أن يهدي لتتوسع عينيها هي في هلع حين ظنته يود قتلها ودفنها هنا .... شهقت مدهوشة حين شعرت به يجذبها لساحة الرقص  وقف أمامها يمسك كفها فئ أحد كفيه يضع كفها الآخر علي كتفه يتحرك معها ينظر لعينيها يتمتم حانقا :
- ارقصي يا بنت خالي ... بدل ما ترقصي مع راجل غريب .... ما احنا مش بقرون قدامك .. لو فاكرة اللي بتعمليه دا حرية وتحرر ... تبقي غبية دا قمة قلة الأدب ... لو فاكرة أنك كدا هتخليني اغير تبقي بتعيدي نفس غلطتك تاني ... 

وقفت تنظر له تتنفس بعنف كم أرادت أن تخدش وجهه باظافرها علي ما قال ... جذبت نفسها بعيدا عنه عادت خطوتين للخلف ابتسمت تتمتم ساخرة :
- بتحاسبني وناسي نفسك ... هي فين انجليكا صحيح مش شيفاها ... مين قالك أن أنا عيزاك تغير ..أنت بنفسك قولت الحكاية خلصت 

أنهت كلامها لتحمل طيات فستانها تغادر إلي المنزل .... بينما وقف زيدان ينظر في أثرها للحظات قبل أن يأخذ طريقه هو الآخر ويغادر ... في تلك اللحظات كانن لوجين علي وشك أن تستقل سيارة محمد ليعودا للمنزل ... رأت زيدان يخرج من المنزل لتنزل هي من السيارة سريعا تقاطعه في منتصف الطريق تهتف باسمه بتلهف :
- زيدان يا ابني اسمعني عشان خاطري

- ابعدددددي عني مش عايز اشوف وشك لآخر يوم في عمري ... أنتي برة حياتي من زمان مالكيش مكان فيها دلوقتي 

صاح بها بقسوة ليترك المكان ويغادر إلي سيارته وقفت لوجين تنظر مكان ما كان يقف تبكي بحرقة تضع يدها علي قلبها ليأتي محمد إليها ربت علي كتفها يطالعها بنظرات حزينة مشفقة ليأخذها إلي السيارة 

أخيرا انتهي الزفاف وقف الجميع يودع العروسين ترك أدهم سيارته لمراد ..ليذهب بها هو والعائلة ... أصر حمزة علي أن يوصل العروسين الي منزلهم ... انطلقت سيارة حمزة وبدور والعروسين خلفها سيارة مراد وباقي أسرتهم .. تحركت سيارة رشيد بصحبة سيارة فارس .. إلي منزل الأخير ... رحل الجميع ولم يبقي سوي خالد ولينا وحسام ... التفت خالد لحسام يرميه بنظرة نارية مد يده ينزع طوقه الجلدي لفه حول يده ينظر لحسام متوعدا يصيح :
- دا أنا هعلق أهلك علي اللي عملته

توسعت عيني حسام في هلع لحظة اثنتين ثلاثة قبل أن يركض هلعا لداخل المنزل وخالد خلفه ... ولينا تقف تضحك عليهم 
________________
لم يكن يظن بأن الطريق من منزل خالد لمنزل أدهم سينتهي بتلك السرعة ولكن انتهي ... وقفت السيارة امام عمارة سكنية في منطقة هادئة ليست بتلك الراقية للغاية ولكنه حي هادئ تزينه الأشجار .... نزل حمزة من السيارة يفتح الباب المجاور لمايا نزلت ابنته الصغيرة التي صارت عروسا بين ليلة وضحاها اقترب منها يعانقها يقبل رأسها يغمغم :
- خلي بالك من نفسك يا حبيبتي ... ولو احتجتيني في اي وقت كلميني علي طول

ابتسمت مايا تعانق والدها ليضمها حمزة إليه يشدد علي عناقها للحظات تجسدت أمام عينيه ذكري قديمة وهو يحتضنها طفلة صغيرة كبرت لتصبح عروسا ... اقتربت بدور منها تعانقها بحنان اموي ... التفت أدهم ناحية حمزة اقتربت منه يعانقه دون كلام ادمعت عيني حمزة يربت علي رأس ولده يغمغم راجيا:
- انتوا الاتنين غلاوتكوا واحدة في قلبي ... بس أنا المرة دي هقولك خلي بالك من مراتك يا أدهم ما تزعلهاش ابدا يا إبني .. ولو عشان خاطري أنا

ابتعد أدهم عن حمزة يقبل كف يده يردف مبتسما :
- مايا جوا عينيا وفوق راسي ما تشلش هم ابدا يا بابا 

انسابت الدموع من حدقتي حمزة يعانق الإثنين لفترة طويلة قبل أن يودعهم ظل يقف هناك ينظر لهم إلي أن اختفوا داخل المصعد ليلتفت لبدور التي ربتت علي كتفه تبتسم له في رفق ليبتسم لها هو الآخر وقف للحظات قبل أن يأخذ طريقه عائدا الي بيته ... دون ابنته لأول مرة

اخيرا وصل العروسين الي عش عشقهما السعيد ... علي الرغم من أن مايا رأت عش الزوجية ما يزيد عن عشر مرات ولكنها رغم ذلك وقفت تنظر له منبهرة وكأنها تري منزلها للمرة الأولي ... التفت حول نفسها في صالة المنزل تغمغم ضاحكة بسعادة :
- أنا مبسوطة اوي يا أدهم أنا أسعد إنسانة في الدنيا النهاردة 

ضحك يراقب حركاتها العفوية ... هو الآخر يود أن يصراخ بمدي سعادته لا يصدق أنه بعد طول
صراع انغلق باب واحد عليهما معا اخيراا ... اقترب منها يعتصرها بين أحضانه يغمغم بتلهف عاشق :
- مبسوطة ... أنا لو فضلت ميت سنة اقولك اصرخ بفرحتي بيكي مش هيكفي

ابتسمت ... شقت شفتيها ابتسامة كبيرة ... تركته يقف مكانه كالابله تحمل طيات فستانها الكبير تتحرك به في ارجاء المكان وهو يسير خلفها ... تنظر لمحتويات الشقة بنظرات مدهوشة وكأنها تراها للمرة الأولي ... التفتت تتوجه للمطبخ ليقاطع طريقها وقف امامها يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا :
- ايه يا مايا الانبهار المبالغ فيه دي ... حبيبتي انتي اللي فارشة الشقة فوقي ... احنا مش فيلم عربي ... ما فيش كاميرا ماشية ورانا 

ضحكت رغما عنها ... تنظر له تعبس بدلال ... لينحني هو بجذعه يحملها بين ذراعيه يتوجه بها للداخل يحادثها مبتسما في عبث :
- عارفة القدماء المصريين كانوا بيكتبوا ايه علي ضهر عربياتهم الحربية

قطبت جبينها تحرك رأسها نفيا ليغمزها هو بطرف عينيه يكمل عابثا :
- ما تيجي في التابوت ونجيب حتشبسوت .. احنا نصلي وأنا هحكيلك حكاية حتشبسوت كلها 

ضحكت لتندمج ضحكاته مع ضحكاتها قبل أن تختفي شيئا فشئ خلف الباب المغلق 
___________________
العكس تماما ما حدث هنا الطريق من منزل خالد للحارة لم يكن بذلك القصر ... وقفت السيارة اخيرا أمام عمارتهم السكنية في حارتهم البسيطة ... نزلت روحية ومن بعدها منيرة ... التي اقتربت من روحية تأخذ الصغيرة من بين ذراعيها تغمغم ناعسة :
- أنا هاخد ملوكة تنام في حضني النهاردة ... يلا تصبحوا علي خير

اقتربت من مراد في طريقها تهمس له بصوت خفيض حتي لا تسمعهم روحية :
- اتلحلح شوية ... عايزة اشوف أخ ولا أخت لملوكة ولا أنت مالكش غير في الشمال غير موكوس كاتك الارف

توسعت عيني مراد ينظر لجدته مدهوشا ماذا فعل هو الآن لتقول هذا ... ابتسم يآسا يحرك رأسه ... نظر لروحية كالعادة تشيح بعينها بعيدا عنه لا يعلم أهو نفور أم خجل ... يتمني فقط الا يكون نفور ... تقدمته للداخل تصعد وهو خلفها إلي أن وصلت إلي باب منزلهم .. افسحت له المجال يفتح الباب .. تقدمت لتدخل في نفس اللحظة التي تقدم هو فيها ... ليصطدما ببعضهما عند الباب شحب وجه روحية حين اصطدم جسدها بجسد مراد تنظر له متوترة ليحمحم الأخير مرتبكا افسح لها المجال دخلت هي سريعا الي المنزل ... ليلحق بها مراد ... توجهت لغرفتها لتسمع صوت مراد يأتي من خلفها يسألها :
- مش جعانة 
حركت رأسها نفيا يكفي ما حدث لليوم لم تكن ابدا قريبة منه بذلك القدر ... دخلت إلي غرفتها سريعا تحتمي بها جلست علي مقعد في غرفتها تتنفس بعنف ... تضع يدها علي قلبها يمر أمام عينيها كل ما حدث اليوم .... وتلك المشاعر الجديدة الخاصة التي باتت تختبرها ...ومع من مراد !!! ... تنهدت حائرة ربما هي فقط تحتاج للنوم قامت تبدل ثيابها ... في لحظة فتح مراد لباب الغرفة فجاءة يغمغم سريعا :
- روحية منيرة بتسألك
انحبست الكلمات داخل فمه يشيح بوجهه بعيدا بينما صاحت هي فزعة تشدد من احتضان فستانها ليغمغم هو سريعا متلهفا :
- أنا آسف ... أنا آسف ... ما كنتش اعرف 

أغلق الباب سريعا وقف ينظر لباب الغرفة يقطب جبينه متعجبا يحادث نفسه لما اعتذر أليست من في الداخل زوجته !!

بدلت روحية ثيابها تجلس علي فراشها تتنفس بعنف ذلك الوقح دخل غرفتها دون أن يدق الباب ... ولكن الغريب في الأمر ما شعرت به لم يكن خوفا بل خجلا من مشاعر تصر بعنف علي دق باب قلبها المغلق
____________________
مرت عدة ايام علي ذلك اليوم  ... في صباح أحد الأيام هو نفسه اليوم المتفق عليه ليذهب حسام لطلب يد سارة 

صباحا في الجامعة يجلس في مكتبه وابتسامة واسعة تغزو ثغره سيراها بعد قليل وسيراها الليلة ... الليلة بداية جديدة لأولي خطوات حياتهما معا ... يشعر بالسعادة تغمر كيانه ... ينظر لوجوه المحاضرين علي مكاتبهم بابتسامة كبيرة حتي ظن البعض منهم أنه أبله او يعاني حالة نفسية ما ... أمسك هو كوب الشاي الخاص به يضعه علي حافة سور الشرفة ينظر للخارج يبحث بعينيه عنها ربما يراها ... دقيقة اثنتين ثلاثة الي أن وقعت عينيه عليها اخيرااا ... اخيرا رآها ... ولكن مهلا من ذلك الشاب التي تقف معه ولما تبتسم له ... صدقا خصلات شعرها الحريرة تتساقط علي وجهها لتسرع بازاحتها .... ذلك الأحمق لما تكاد الابتسامة تأكل وجهه ... ذلك الشاب يعرفه ... هو أحد الطلاب في دفعة سارة ... رآه قبلا في المحاضرات ... عن ماذا يتحدثان ... ولما تبتسم للمرة المليون ... كاد أن ينزل لأسفل ليهشم عظام ذلك الفتي ... لينذكر أنه طبيب في الجامعة هنا وما سيفعله يعتبر جريمة ... تنهد بقوة يحاول أن يهدي ترك الكوب مكانه يشاهد بدلا عنه ما سيحدث ... ليحمل هو حقيبته ... ينزل لأسفل ... حيث يقفان رآهم أمامه مباشرة ... لازالت تبتسم .. تحركت ساقيه ناحيتها وقف بالقرب منهم يغمغم بابتسامة صفراء :
- صباح الخير يا دكاترة ايه واقفين هنا ليه ...المحاضرة هتبدأ بعد عشر دقايق 
ابتسم الفتي ينظر لحسام يغمغم سريعا :
- ابدا يا دكتور هنلحق المحاضرة حالا يلا يا سارة

نظر حسام لسارة ساخرا خاصة مع كلمة الفتي ... لتتوتر ابتسامتها تنظر للفتي تغمغم في ارتباك ظاهر :
- معلش روح أنت يا شهاب ... أنا هكلم والدي قبل المحاضرة

حرك الفتي رأسه بالإيجاب يلوح لها ليتركهم ويغادر ... التفت حسام لسارة ابتسم ابتسامة صفراء قاتمة يغمغم ساخرا :
- لذيذ شهاب ... بقالكوا الابتسامة هتاكل وشك خير كان بيقولك نكت ... وبعدين شعرك السايح النايح ... فين حجابك ... انتي مش كبرتي بما فيه الكفاية عشان تمشي بشعرك كدة ... 

تبدلت نبرته الساخرة لاخري حادة متوعدة :
- أنا مش هسألك كنتوا بتتكلموا في إيه ... بس اعتبريه أول وآخر تحذير علي الله اشوفك واقفة مع ولد تاني ... كلامي مفهوم يا سارة

دون كلمة أخري تركها وغادر ... وقفت هي ترتجف بعنف تنظر في اثره مصدومة ... لما تغير بذلك الشكل ماذا فعلت هي خطاء ... الفتي فقط كان يسألها عن محاضرة الأمس ... 
حسام متحكم تماما كعمها ... تنهدت حائرة تتوجه ناحية غرفة المحاضرات بخطي ثقيلة .... دخلت إلي الغرفة تجلس في اول مقعد فارغ رأته ... لحظات ودخل حسام واجم الوجه مقطب الجبين وضح حقيبته علي المكتب بحدة يغمغم بجفاء :
- كله يشيل الكتي من قدامه أنا قايل من الاسبوع اللي فات أن فيه إمتحان ... والمفروض تكونوا جاهزين

توسعت عينيها في هلع الامتحان نسيت أمره تماما ... حرفيا مذاكرتها لا تسمح لها بربع الدرجة .... ابتلعت لعابها خائفة تدعو في قلبها أن يمر الأمر مرور الكرام .... رفعت وجهها لحسام حين وضع الورقة امامها رأي في عينيها تلك النظرة الخائفة المرتعدة ... ليشعر بوخزة عنيفة في قلبه حاول تجاهلها هو هنا المحاضر .... الامتحان كان حقا صعب ... حسام تعمد أن يأتي بكل كلمة شرحها حتي يعرف من منهم انتبه له .... لا تعرف حتي بما أجابت .... ما إن انتهي الوقت كانت اول من قام من مكانه يعطي وضعت الورقة علي مكتب حسام دون أن تنظر إليه لتأخذ طريقها سريعا الي الخارج بالكاد تحبس دموعها .... توجهت إلي السيارة التي تنتظرها بالسائق ما أن دخلتها استندت برأسها إلي زجاج السيارة تترك لدموعها العنان ... لما فعل ذلك فيما اخطئت هي ...  كانت تظن أن اليوم سيكون من أسعد أيام حياتها ولكن العكس تماما ما حدث ... مسحت دموعها سريعا ما أن وقفت السيارة ... نزلت منها صعدت الي منزلها تدق الباب ليفتح لها عمر ابتسم ما أن رآها يغمغم مبتهجا :
- اهلا بدكتورنا وعروستنا الحلوة ... مالك يا حبيبتي انتي كويسة

ابتسمت ابتسامة شاحبة تحرك رأسها بالإيجاب ... بالكاد خرج صوتها المرهق :
- ايوة تعبانة بس شوية ... عن إذنك هدخل انام

دخلت إلي غرفتها مباشرة تصفع الباب عليها ... ليقطب عمر جبنيه قلقا ما بها سارة ... كاد أن يذهب إليها حين دق الباب من جديد توجه يفتحه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سارين تقف أمامه تحمل حقيبة ثيابها تبكي بلا توقف !!!!

توسعت عيني عمر في فزع حين رأي ابنته تقف أمام الباب تحمل حقيبة ثياب في يدها ... تتساقط الدموع تغرق وجهها لحظات وظهر خلفها عثمان الذي توسعت عينيه في دهشة حين رآها تبكي ... لما تبكي من الأساس ... امسك عمر يد ابنته يجذبها لداخل المنزل ليندفع كالسهم ناحية عثمان يقبض علي تلابيب ملابسه يصيح فيه : 
- عملت ايه في البنت ... جايبلها بشنطة هدومها معيطة .... اكيد عملت فيها كارثة ... وربي يا عثمان لو كنت اذيتها لهقتلك

نظر عثمان لسارين مدهوشا ليعاود النظر لعمر ... رفع يديه يزيح يدي عمر عن ملابسه ابتسم يتمتم في بساطة :
- اهدي يا عمي أنا عاذرك لما أب يشوف بنته واقفة معيطة قدام باب بيته يبقي اكيد حصل مصيبة ... بس الموضوع فيه سوء تفاهم 

ضيق عمر مقلتيه ينظر لعثمان في شك نظرات حادة تحمل وعيد قاتل أن كان مس ابنته بسوء ... التفت عمر يدخل للمنزل ليدخل خلفه عثمان يغلق باب المنزل ... توجه عمر ناحية ابنته يجذب يدها ناحية غرفة والدتها ... نظر لعثمان ابتسم باصفرار يتمتم :
- استناني هنا ... 

ضحك عثمان يآسا الآن فقط عرف مين أين ورثت سارين جنونها .... ارتمي بجسده علي اقرب مقعد ليجد أمامه كوب عصير وصحن به بعض التسالي وجهاز التحكم الخاص بالتلفاز يبدو أن عمه العزيز كان علي وشك مشاهدة فيلم ما .... ابتسم يلتقط جهاز التحكم يبحث بين القنوات إلي أن وجد قديم يحبه ...وضع جهاز التحكم مكانه ليتلقط كوب العصير وصحن التسالي يضجع بظهره إلي الأريكة يشاهد التلفاز 

في الداخل ... ارتمت سارين بين أحضان تالا تبكي لتشهق تالا مفزوعة من حالها حاوطتها بذراعيها تتمتم فزعة :
- في ايه يا سارين ... حصل ايه يا حبيبتي ... ما تفهمني يا عمر

رفع الأخير كتفيه لأعلي بمعني أنا لا أعلم ... بينما ظلت سارين تحرك رأسها نفيا بعنف مرة بعد أخري ... اقترب عمر من ابنته يمسح علي رأسها برفق يسألها جزعا :
- مالك يا سارين في ايه يا بنتي

وهي فقط تحرك رأسها بالنفي ... نظرت تالا لعمر لتمد يدها ناحيته تربت علي كتفه تهمس له بصوت خفيض قلق :
- عمر ... معلش اخرج برة ... يمكن مكسوفة تتكلم قدامك 

شحب وجه عمر قلقا .. هل يمكن أن يكون ذلك الفتي فعل شئ سيئا لتلك الدرجة التي تجعل ابنته تخجل من الحديث أمامه ... اشتعلت نيران غضبه ليخرج من الغرفة اندفع غاضبا ناحية الخارج ليجد عثمان في حاله تلك يضجع علي الاريكة يأكل التسالي يشرب العصير .. يضحك علي ما يحدث في الفيلم أمامه ... اندفع عمر ناحيته يصيح محتدا :
- يا برودك يا اخي قاعد تاكل فشار وتضحك ... انطق ياض عملت ايه في البت مخليها مكسوفة تتكلم قدامي 

ابتسم عثمان في هدوء تام ليعتدل في جلسته يضع ما في يده علي الطاولة امامه ابتسم يغمغم ساخرا :
- ما يمكن ما فيش اصلا حاجة تتحكي ... أنا نفسي ما اعرفش بنتك بتعيط ليه 

ارتمي عمر علي المقعد المجاور للاريكة التي يجلس عليها عثمان يصيح فيه :
- وشنطة هدومها ... ما تعرفش عنها حاجة بردوا جايبلي البت معيطة بشنطة هدومها وتقولي ما عملتلهاش حاجة ... اومال مين اللي عمل أمي

ابتسم عثمان ساخرا ليتحرك من مكانه ناحية باب المنزل حيث وضع حقيبة سارين الاخري التقط الحقيبتين ليعود لعمر ... وضع الحقائب علي الطاولة امامه ابتسم يتمتم متهكما :
- الشنطة دي فيها الفستان اللي سارين هتحضر بيه قراية فتحة أختها النهاردة ... قالتلي عايزة ابات مع سارة النهاردة يا عثمان قولت ماشي ... خدي معاكي بيجامة واحدة لانها ليلة واحدة والصبح بدري هاجي اخدك ... وقفنا بالعربية قدام البيت نزلت هي الأول ... وقالتلي عثمان هات الشنطة التانية فيها الجزمة وشنطة الميكب بتاعتي وهدية جيباها لسارة ... قولتها حاضر ركنت العربية وجبت الشنطة وطلعت لقتيها بتعيط ليه ما اعرفش !!

لانت قسمات وجه عمر قليلا يعقد ما بين حاجبيه إن كان ما يقوله عثمان صحيحا إذا لما ذلك البكاء العنيف من ناحية سارين هو حقا لا يفهم .... عاد ينظر لعثمان يسأله :
- انتوا كنتوا متخانقين قبل ما تيجوا 

حرك عثمان رأسه نفيا ... صمت للحظات لينتهد حائرا يعاود تحريك رأسه بالإيجاب نظر لعمر يردف :
- سارين عيزاني أسيب السباقات وركوب الخيل ... خايفة ليحصلي اللي حصل قبل كدة 
بس أنا رفضت وهي من ساعتها مقموصة 

في تلك اللحظات خرجت سارين مندفعة من غرفة والدتها نظرت لعثمان تصيح غاضبة :
- حقي أخاف عليك بعد اللي حصل ... وبعدين إنت طلبت مني أخد حبوب منع الحمل وأنا وافقت ... زي ما وافقت علي طلبك انت كمان وافق علي طلبي 

ليصيح عثمان هو الآخر بالمقابل :
- لا يا سارين انتي موافقتيش أنك تاخدي حبوب منع الحمل ... انتي عملتيها ديل ... لو أنا وافقت اني اسيب السباقات انتي كمان هتوافقي تاخدي حبوب منع الحمل 

- بسسس أنت وهي احترموا وجودي علي الأقل
صاح بها عمر غاضبا ليسود الصمت بعدها ... عثمان ينظر لسارين نظرة حزينة معاتبة ... بينما الأخيرة تنظر أرضا تبكي في صمت ... جذب عمر يد ابنته يجلسها جوار عثمان علي الاريكة جذب هو أحد المقاعد ليصبح بالقرب منهم جلس يستند بمرفقيه علي فخذيه يسألهم محتدا :
- فهموني في ايه أنت وهي ... 

تنهد عثمان حانقا ينظر لسارين بجانب عينيه نظرة خاطفة سريعة معاتبة ألم يتفقا سويا الا يخبرا أحد بمشاكلهم ... وانها ستبقي حبيسة باب منزلهم لن يعلم بها أحد سواهم ... لما كل ذلك البكاء والانهيار الذي اضطره لأخبار عمر عن سبب خلافهم ... زفر أنفاسه مرة أخري نظر لعمر يتمتم :
- زي ما قولت لحضرتك سارين مش عيزاني اشارك في سباقات بعد كدة

نظر عمر لسارين التي تنظر أرضا تفرك يديها متوترة ليعاود النظر لعثمان يسأله مباشرة :
- وايه موضوع حبوب منع الحمل 

صمت عثمان ينظر بعيدا ... لحظات طويلة من الصمت جعلت عمر يوجه الحديث لابنته يغمغم بترفق :
- اتكلمي انتي يا سارين لو عثمان مش عايز يتكلم

رفعت وجهها لمحة خاطفة ناحية عثمان استطاعت أن تري ضيقه جيدا مما فعلت .. نظرت ناحية والدها وقبل أن تنطقي بحرف بادر عثمان يقول بنزق :
- الموضوع ما فيهوش كلام يا عمي ... الحكاية وما فيها أن لسه سارين عندها أربع سنين جامعة ... فكرة حملها دلوقتي هتبقي متعبة ليها هي ... أنا مش هتعب في حاجة ...مش أنا اللي هحمل ولا هولد ولا هرضع ... عرضت عليها أنها تأخذ حبوب منع الحمل لحد ما تخلص كليتها وهي وافقت ... بس بنتك عشان بغزالة ... بعد ما وفقت قالتلي زي ما وافقت علي كلامك أنت كمان تسيب سباقات الخيل ... يا اما مش موافقة ... مش فاهم ايه علاقة دا بدا اصلا
زفر عثمان أنفاسه غاضبا .. بينما نظر عمر لسارين يسألها بعينيه عن صحة ما يقول عثمان  ... دق هاتف عثمان في تلك الاثناء استأذن منه ليتوجه ناحية شرفة المنزل الكبيرة ... ما إن دخلها نهض عمر من مكانه توجه ناحية سارين جلس جوارها علي الأريكة ... مد يده يربت علي رأسها يسألها مبتسما :
- الكلام اللي قاله الواد دا صح

اومأت الأخيرة برأسها بالإيجاب دون أن تعقب بحرف فقط تنظر لكفي يدها التي تفركهما بعنف ... امسك عمر بذقنها يرفع وجهها إليه قليلا يتمتم مبتسما :
- أنتي وسارة غلاتكوا عندي قد بعض بس انتي حتة زيادة شوية عشان بحسك شبهي اكتر ... سارين أنا مع عثمان في موضع تأجيل الأطفال ... هو عنده حق مش هو اللي هيتعب ولا هيحمل ولا كل الكلام دا ...حتي لو فضل جنبك دايما ... التعب الاكبر هيبقي عليكي بردوا ... مش هتعرفي تركزي في كليتك ... ومش معاكي ابدا يا سارين في حتة المساومة دي ... موضوع الخلفة مالوش علاقة بالسبق ... ليه فكرة Deal or no deal احنا مش في البورصة يا حبيبتي 

ارتسم علي ثغرها ابتسامة صغيرة شاحبة ... رفعت يدها تمسح ما سقط من دموع حائرة ارتجفت شفتيها تهمس بنبرة خافتة مرتبكة :
- أنا خايفة عليه .. خايفة ليحصله زي ما حصل قبل كدة ... ويمكن المرة الجاية بعد الشر عنه يبقي اسوء ... من حقي أخاف عليه .. حاولت كذا مرة اقوله وهو رافض تماما .. قولت يمكن يوافق لو خيرته 

مسح عمر علي حجاب سارين برفق ... احتضن وجهها بين كفيه يحادثها مترفقا :
- حبيبتي كل حاجة في الدنيا دي نصيب وما حدش يقدر يمنع نصيبه ابداا ... وبعدين مش هاوي هيقع تاني اللي حصله قبل كدة كان مكيدة وأهو تعلم منها ... ما تعيشيش نفسك في قلق يا سارين .... وبعدين عثمان هيبدا من الاسبوع الجاي شغل في الشركة ... عايزة اقولك شهرين ومش هيبقي فيه حيل يركب حمار مش حصان ... دا أنا بتنفتخ .. إسألي ماما كانت بتفتح الباب اروح مرمي علي الكنبة دي نايم من التعب 

ضحكت سارين بخفة تنظر لوالدها لتتمتم في حرج :
- ما هي ماما قالتلي نفس الكلام دا بالظبط 

ضيق عمر عينيه ينظر لها مغتاظا ليمد يده يحاول امساك اذنيها من فوق حجابها يتمتم حانقا :
- ولما هي قالتلك نفس الكلام دا بتقوقي ليه يا قوقة ... دا ربنا يكون في عونه عثمان والله 

زمت سارين شفتيها غاضبة رفعت يدها تمسد اذنها برفق ... حين مد عمر يده يمسك بها طرف حجابها يتمتم مبتسما :
- المناحة اللي دخلتي بيها ما خلتيش الواحد يشوف القمر اللي بالحجاب ... ايه الجمال دا ... بركاتك يا شيخ عثمان 

ضحكت سارين تنظر للمراءة المقابلة لها تطالع صورتها بفخر ... شعور لذيذ يدغدغ كيانها حين تنظر لصورتها الجديدة .... مقاطع الفيديو التي حرص عثمان علي أن تراها جميعا كان لها مفعول السحر في تغيير طريقة ثيابها .... منظور رؤيتها للحياة من جديد ... في تلك الاثناء خرج عثمان من الشرفة لم ينظر ناحية سارين حتي ...توجه بانظاره ناحية عمر .... يحادثه :
- طب استأذن أنا .. هروح بقي وهاجي بكرة بإذن الله أخد سارين عن اذنكوا

قام عمر من مكانه توجه ناحية عثمان وقف أمامه يغمغم ضاحكا :
- يا عم القفوش ... أنت هتبات معانا النهاردة ودا قرار غير قابل للنقاش

حرك عثمان رأسه نفيا فتح فمه يريد أن يعترض ليبادر عمر قائلا في حدة :
- هتبات معانا يا عثمان ... يا مش هرجعلك سارين قبل شهر ... قولت ايه

جز عثمان علي أسنانه في غيظ ينظر لعمر حانقا .... تنهد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب علي مضض ... ليضحك عمر يلف ذراعه حول كتفي عثمان يحادثه :
- عارف يا عثمان أنا ما بطيقكش بس إنت طلعت عيل جدع ... عشان كدة مش هستخسر فيك البيجامة الكحلي بتاعتي هديهالك تنام فيها 

ابتسم عثمان ساخرا دون رد ... لينظر عمر لابنته يغمغم متوسلا :
- سيرو حبيبة قلب بابا ... ابوكي معدته نشفت من اكل الشارع وسارة ما بتعرفش تقلي بيضة ... المطبخ عندك عيشي

ابتسمت سارين تحاول اختلاس النظرات لعثمان ... صحيح أنها لم تكن تفقه في الطهي سوي قلي بيضة واحدة ... ولكن للضرورة أحكام في فترة مرض عثمان وضرورة تناوله للطعام الصحي ... جعلت من فتاة لا تعرف في المطبخ سوي قلي بيضة ... طاهية ماهرة تستطيع صنع حتي الطعام الصيني ... قامت من مكانها تلتقط حقيبة ثيابها ... تختلس النظرات لعثمان إلي أن وصلت إلي غرفتها هي وشقيقتها ... دخلت إلي الغرفة لتري سارة تغط في نوم عميق ولكن العجيب في الأمر .. لما تنام سارة بثيابها ....سارة منظمة دائما ما كانت تسخر منها حين تفعل ذلك ... تنهدت قلقة تنظر لقسمات وجه سارة المنقضبة وهي نائمة .. بدلت ثيابها ... لتتوجه ناحية المطبخ ... فتحت البراد تخرج بعض احتياجتها منه .. استقامت واقفة لتري عثمان يقف خلفها ... رأت نظرة باردة باهتة للغاية في حدقتيه .. مر من جوارها ناحية البراد التقط زجاجة مياه باردة ... تحرك للخارج لتترك ما في يدها سريعا علي طاولة المطبخ لحقت به وضعت يدها علي ذراعها تهمس باسمه ظل واقفا مكانه دون أن يلتفت لها فقط غمغم بخواء :
- نعم !!
فتحت فمها لتعاود إغلاقه من جديد لا تعرف ما تقول ... يبدو غاضبا ... هل ما فعلته اغضبه ... كسرت ذلك العهد الذي اتخذاه ليلة زفافهم ... ولكنها كانت فقط خائفة تشعر بالحيرة ... حين طال صمتها ابتسم هو ساخرا ليتحرك للخارج حيث يجلس عمر .. ارتمي جواره يشاهدان ذلك الفيلم الذي كان يراه عثمان قبل قليل ياكلان التسالي ... وقفت سارين عند باب المطبخ تنظر لهم تبتسم ... عثمان كطفل يرضي ببساطة وهي تعرف جيدا كيف ستصالحه ... ابتسمت لتأخذ طريقها عائدة للمطبخ تعد الغداء
_________________
كانت آخر من نزل بعد ذهاب فارس وياسمين ومعهم جوري الي المستشفي ليطمئنوا علي صغير أخيها ... تأخرت هي لسبب لا تتذكره ... والدها ينتظرها في سيارته بالأسفل ... نظرت بأعين شاردة وجه شاحب ... عينين لم يذوقا للنوم طعما ... رعشة بشعة تسري في جسدها كل حين وآخر ... نزلت إلي أسفل تبحث عن سيارة والدها ... السيارة تقف هناك ولكن والدها ليس فيها وقفت مكانها للحظات لا تعرف ما تفعل الا أنها سمعت صوته يأتي من خلفها مباشرة :
- عربية عمي رشيد ما فيهاش بنزين ... فراح مع ماما وبابا وقالولي استناكي اوصلك المستشفي 

غيث هنا للمرة الثانية ... طوال تلك الأيام التي قضتها في بيت عمها لم تره ولو لمرة واحدة ... عرفت مصادفة أنه يملك شقة صغيرة به ذهب إليها .... التفتت له تنظر ناحيته غيث دائما صاحب ذوق مميز في الملابس يحب تلك الملابس التي تدعي « السويت شيرت » فهو يرتدي احداها الآن بلون زيتي غامق وسروال من الجينز الأبيض ... ابتسمت مرتبكة ليتحرك هو فتح باب سيارته ... تقدمت تجلس ... أغلق الباب ليلتف حولها جلس خلف مقعد السائق ... يضع حزام الأمان ... قطبت جبينها في عجب ... حتي والدها لا يضع حزام الأمان وهو يقود ... ادار بالمفتاح محرك السيارة لينطلق إلي وجهته ... الطريق صامت ... هو يصب تركيزه الكامل علي قيادته للسيارة ... أما هي فتشرد في عالم آخر تتذكر يوم زفاف أدهم ومايا تحديدا في رقصة الزفاف النهائية ... لم تره كان غائبا عن عينيها ولكنه ظهر من العدم فجاءة أمامها ... وظهر وأماكن فتاة يبتسم لها يراقصها ... هل هي ضحية جديدة من ضحاياه ... في اللحظة التي ظهر فيها نظرت ناحية غيث هلعة قلبها ينتفض بعنف بين اضلاعها لتري في عينيه نظرة ثابتة كأنه يخبرها أن تهدئ ....وهذا ما فعلت تماما تماسكت بأكبر قدر ممكن ... تماسكت تشد علي أعصابها بقوة حتي كادت تنقطع ... لن يعلم والدها لن تكون السبب في نظرة ألم واحدة في عينيه ذلك فقط ما جعلها تتماسك ... 
انسابت دموعها وهي جالسة جواره في السيارة ... لتري يده تمتد بمحرمة ورقية ناعمة أمام وجهها وصوته يغمغم في هدوء :
- برافو عليكي ... حقيقي انبهرت من رد فعلك في الفرح .. كنت خايف بصراحة لاعصابك تبوظ لما تشوفيه 

مسحت ما سقط من دموعها بالمحرمة تنظر له خرج صوتها الهامس من بين شفتيها تسأله بنبرة متحشرجة :
- مين البنت اللي كان بيرقص معاها.. ضحية جديدة بيضحك عليها 

حرك غيث رأسه بالنفي عينيه لا تحيد عن الطريق أمامه فقط غمغم بهدوء:

- مراته 

توسعت عيني صبا في ذهول ... صدمة جعلت جسدها يرتجف التفتت برأسها ناحية غيث تصيح فيه بحرقة :
- متجوز !! ... مستحيل الشيطان دا يكون متجوز ... واكيد هي عارفة أنه شيطان واكيد هي زيه 

مرة أخري عاد غيث يحرك رأسه نفيا يحكم قبضته علي عجلة المقود ... القيادة في مصر أصعب بكثير من الخارج يكفي تغير مكان عجلة القيادة تجعله في توتر دائم ... تنهد يردف ساخرا :
- صدقيني البنت دي حالها أغلب منك ألف مرة ... اتجوزته غصب عنها لأنه كان عايز يعتدي عليها ... ولانها غلبانة ومالهاش حد اضطرته تتجوزه عشان الفيضحة 

توسعت حدقتيها فزعا كيف يمكن لشخص أن يكون بكل ذلك القدر من الشر والخبث ... انفجرت الدموع من حدقتيها تصرخ بحرقة :
- وازاي .... ازاي جاسر يخرجه من السجن .. ليه شيطان زي دا موجود في الدنيا ... ليه ما يموتش .... عشان ما يأذنيش أنا وغيري وغيري 

توقفت سيارة غيث في احدي اشارات المرور المزدحمة ... التفت غيث ناحية صبا .... رفع كتفيه ابتسم يتمتم في هدوء :
- احنا مش في يوتوبيا الفاضلة يا صبا ... احنا في ميزان الخير والشر محسوبين فيه بين البشر وفي قلب كل واحد فينا ... ما حدش فينا اتولد شرير شر مطلق ... وما حدش فينا هيفضل برئ زي ما كان وهو طفل ... الظروف هي اللي بتشكل شخصية كل واحد ... علي الرغم من قذارة مراد بس هو معذور صدقيني من وهو طفل ما عاشش حياة سوية ابدا ... كفاية بس اني اقولك أن اهله رموه من وهو طفل عنده خمس سنين ..  

- إنت بتبررله بتحاول تلاقيله مبررات علي قرفه 
صاحت بها صبا غاضبة تتنفس بعنف .. ليبتسم غيث فئ هدوء حرك رأسه نفيا يتمتم بنبرة هادئة واثقة :
- أنا مش ببررله يا صبا ... الشيطان ما بيجربش الأنسان أنه يعمل معصية هو بنفسه اللي بيعمله ... مراد ما اجبركيش أنك تقعي في شباكه ... انتي بكامل إرادتك وقعتي يا صبا 

شعرت بألم بشع ينخر قلبها هل يشركها في الذنب الآن .. هي الضحية هنا ... نعم هي الضحية المغفلة التي سمحت لذئب برئ بأن يلعب بزمام مشاعرها ...هي من سمحت ... يعني هي المخطئة وضعت يديها علي رأسها تحركها نفيا بعنف ... هي المخطئة ... هي لم تقصد ... انهمرت دموعها ليسارع هو يردف سريعا :
- صبا اهدي يا صبا .. أنا ما بتهمكيش أنك غلطانة ... أنا عارف أنك طيبة وبريئة وساذجة عشان كدة هو ضحك عليكي ... 

- أرجوك وصلني عند بابا 
غمغمت بها صوت خفيض بائس حزين ... تنهد ينظر لها نادما الأحمق ما كان يجب أن يقول ما قال ... هو فقط لم يكن يقصد ... ماذا حدث لك يا حضرة المحامي منذ متي وأنت لا تقصد ما تقول ... أم كنت تقصد وفقط انخلع قلبك حين رأيت ما فعلت بها كلماتك المعاتبة الحادة ... أدار محرك السيارة مع انطلاق الضوء الأخضر من اشارة المرور يكمل الطريق في صمت ... بضع دقائق اخري وكان قد وصل الي المستشفي ... ما إن اوقف السيارة نزلت صبا منها سريعا تصفع الباب خلفها دخلت بخطي سريعة لداخل المستشفى ليتنهد هو حزينا ينهر نفسه بعنف .... تحرك هو الآخر للداخل حيث غرفة سهيلة زوجة جاسر ... ما إن دق باب الغرفة ودخل بصحبة صبا توسعت عينيه اندهاشا حين رأي سهيلة تبكي بلا توقف ترتمي بين أحضان شروق ... الجميع ينظر ناحية سهيلة حزينا ... توسعت عينيه قلقا هل يعقل أن الطفل قد مات !! ... خرج سؤاله من بين شفتيه دون حاجز :
- هو في اي يا جماعة ... خير حصل حاجة

تنهد جاسر يآسا يحرك رأسه ... نظر ناحية سهيلة يتمتم :
- حسام قال أن الولد لازم يفضل في الحضانة شهر ودلوقتي سهيلة عاملة مناحة ... عشان مش عايزة تسيب المستشفي وتبعد عن الولد 

ابتسم غيث ساخرا النساء وعاطفتهم الجياشة ... استاذن وخرج من الغرفة يقف خارجا ... في تلك اللحظات رأي لينا ابنه عم والده ... تقترب بمئزرها الأبيض تتحرك بسرعة ناحية غرفة سهيلة ... وقفت امامه ما أن اقتربت منه تحادثه مبتسمة :
- ازيك يا غيث عامل ايه يا حبيبي

ابتسم غيث في لباقة ساحرة ليمد يده يرفع كف يدها يقبله برسمية مخملية قديمة يغمغم متغزلا :
- زي القمر زيك ... ايه الجمال دا برنسيس خارجة من حكاية الأميرة النائمة 

ضحكت بخفة تصطدمه علي ذراعه برفق تردف ضاحكة :
- عارف لو خالك كان هنا كان علقك

ضحك غيث في هدوء دائما ضحكات ذلك الغيث هادئة استند بظهره الي الحائط خلفه يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم في ثقة :
- ما فيش قانون في العالم يمنع أني اعترف بالجمال لما اشوفه ... وأنتي في العصر اللي احنا فيه دا ... المادة الخام للجمال ... ايقونة لن تتكرر ..
صمت للحظات ليكمل ضاحكا :
- بس اوعي تقولي لخالي أن أنا قولتلك الكلام دا عشان ما فيش قانون في العالم هيمنعه أنه يعملني شاروما غيث لو عرف اني عاكستك

ضحكت لينا عاليا بعد حديث قصير مع غيث دقت الباب طلت برأسها الي الداخل تتمتم مبتسمة :
- قالولي أن سهيلة بتعيط

قامت سهيلة من بين أحضان شروق تهرول ناحية لينا ارتمت بين أحضانها تعانقها بقوة
تصيح باكية :
- طنط عشان خاطري مش هقدر أبعد عن ابني ... انتي عارفة أنا اتحرمت من ماما بدري أوي ... مش عايزة اسيب ابني مش هقدر 

ادمعت عيني لينا في لحظة .... هي دائما علي وشك البكاء ابعدت سهيلة عنها قليلا امسكت بذراعيها بين كفيها تحادثها بحنو :
- حبيبتي ربنا ما يحرمه منك ولا يحرمك منه .. يا سهيلة أنا مستعدة اخلي الأوضة دي ليكي ... بس هتعيشي شهر في المستشفى ليه يا بنتي ... صدقيني أحمد كويس جداا هو بس لازم يفضل في الحضانة لحد ما نمو جسمه يكمل ... 

حركت سهيلة رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري وأخري تنهمر دموعها بلا توقف تغمغم بحرقة :
- ايوة ... أنا ما عنديش مشكلة يوم اتنين شهر ... بس افضل جنب ابني عشان خاطري يا طنط ... وحياة لينا عندك وافقي 

تنهدت لينا متحسرة علي حال سهيلة ... فقدان سهيلة لوالدتها في عمر مبكر ... جعل بداخلها ما يشبه خوف علي طفلها الصغير من أن تفقده ... حاولت لينا أن ترسم ابتسامة علي شفتيها ... تنهدت تحرك رأسها بالإيجاب تحادثه بحنو :
- حبيبتي الأوضة والمستشفي كلها تحت امرك ... انا ما يرضنيش اكسر بخاطرك ابدا يا سهيلة

ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتي سهيلة تعانق لينا بقوة ... ابتعدت عنها بعد لحظات تسمح دموعها بكفيها تحادثها ممتنة :
- شكرا ... شكرا اوي يا طنط

ابتسمت لينا في هدوء ... في حين اقتربت سهيلة من جاسر تجذب كف يده تحادثه علي عجل :
- يلا قوم نشوف أحمد ما شوفنهوش بقالنا ساعتين 

نظر جاسر لسهيلة مشفقا ... حقا مشفقا يتمني أن تمر الأيام سريعا ويخرج لهم الصغير سالما ... سهيلة تكاد تجن فقط لتحمله ... تحرك بصحبتها لخارج ... وقفت لينا بين الجمع في الغرفة ... تنظر لهم ليكن رشيد أول من تحدث بعقلانية :
- ما ينفعش اللي أنتي عملتيه دا يا لينا ... يعني ايه يعيشوا في المستشفى 

نظرت لينا لرشيد تبتسم في هدوء تحادثه هي الاخري بتعقل :
- رشيد أنت دكتور نسا وعارف حالة اي أم بعد الولادة بتبقي عاملة ازاي ولو في شك ولو واحد مية أن الطفل عنده اي مرض ... سهيلة اتحرمت من مامتها وهي صغيرة ... والدتها كان عندها سرطان ... واتحجزت في المستشفى شهور ... سهيلة كان عندها تسع سنين تقريبا وباباها كان بيرفض يأخذها معاه المستشفى عشان ما يفضلش في ذاكرتها صورة والدتها وهي تعبانة ... بس للأسف والدة سهيلة ماتت ... سهيلة بتترعب لما تعرف أن حد محجوز في المستشفى ... ودا ابنها ما كانش ينفع ارفض يا رشيد 

حرك رشيد رأسه بالإيجاب الآن فقط فهم سر الحالة الغريبة التي اصابت زوجة ولده ... مسكينة سهيلة حقا مسكينة ... بعد نقاش قصير تقرر أن تبقي سهيلة في المستشفى بصحبة جاسر وقامت لينا بتوفيا فراش آخر في الغرفة ... رشيد رفض تماما مكوث شروق في المشفي هي الاخري ... وعليه تقرر عودة شروق وصبا ورشيد إلي أسيوط ... 

اخيرا انتهي اليوم الشاق في المشفي ... خرجت لينا تستقل سيارتها ... تستند برأسها الي ظهر الأريكة الخلفية والسائق يقود متجها بها الي المنزل ... بعد فترة وجيزة وقفت السيارة .... نزلت منها لتري سيارة حسام تقف هي الأخري في حديقة المنزل ... نزل حسام منها توجه ناحية لينا يردف مباشرة :
- دكتورة لينا أنا محتاج اتكلم معاكي ضروري 

رفعت لينا حاجبيها في دهشة تحرك رأسها بالإيجاب ... تحركت بصحبة حسام الي احد المقاعد في الحديقة ... جلست وجلس امامها رأت توتره الظاهر للغاية من حركة ساقه السريعة اظافره الذي يقضمها بين حين وآخر ... لن تتحدث ستتركه يتحدث هو اولا ... اخذ نفسا قويا يزفره بحدة ليغمغم فجاءة :
- أنا عملت حاجة غبية اوي وبصراحة مضايق من نفسي اووووي ... هحكيلك يا دكتورة

بدأ يقص عليها ما حدث صباح اليوم انهي كلامه ليخلل أصابعه في خصلات شعره اضطربت حدقتيه يغمغم نادما :
- أنا ما كانش قصدي ازعلها بالشكل دا أنا بس كنت ... كنت يعني .... بصراحة كنت غيران 

ضحكت لينا تحرك رأسها نفيا تردف يآسة :
- اكيد كنت غيران ... ما هو العرق المجنون دا ما بينطرش غير لما بتكونوا غيرانين ... سارة ما غلطتش يا حسام وأنت عارف كدة ... وأنا قولتلك قبل كدة سارة حساسة  طريقتك دي خوفتها منك ... المهم هي عملت ايه في الامتحان 

ارتسمت ابتسامة مطمئنة علي شفتيه تنهد يردف بارتياح :
- الحمد لله حلت فيه كويس جداا .. أنا من خوفي عليها من اللي حصلها لما شافت ورقة الإمتحان ... خلتني قعدت صححت الامتحان في العربية ... بنت اللذين وقعت قلبي ...

تبدلت نظرات لينا باخري حزينة رفعت سبابتها أمام حسام تعاتبه بحدة :
- اللي أنت عملته السبب ولو كانت حلت وحش في الامتحان كنت هتبقي إنت بردوا السبب يا حسام ... في عرف عائلة السويسي المجنونة .. ممنوع اي انثي تتكلم مع راجل غريب ... بس سارة ما اجرمتش ... سارة لسه في سنة اولي ولسه بتتعرف علي الناس ... لسه ما تعرفش حاجة ... بدل ما تهددها ... فهمها ... كان هيحصل ايه لو قولتلها بكل هدوء سارة معلش أنا بتضايق لما بشوفك واقفة مع شاب ... حسام أنت لو ما صالحتش سارة النهاردة واتحكمت في العرق الضارب بتاع العيلة المجنونة دي ... أنا اللي هقفلك في الجوازة دي ... عن إذنك هروح اعمل كيكة

تركته وغادرت بإيباء لتتوسع عينيه في دهشة يضرب كفا فوق آخر يتمتم مندهشا :
- عندها حق والله احنا عيلة مجانين ... اومال فين الحج 

نهض من مكانه يتحرك للداخل ... يعلو بصوته يبحث عن والده :
- يا باااااباااا يا حج ... أنت فين يا ابا الحج

- يا حيوان أنت بتنادي علي بليلة أنا في المكتب .
سمع حسام ذلك الصوت الحاد الغاضب يأتي من غرفة مكتب والده لترتسم علي شفتيه ابتسامة واسعة دخل إلي مكتب والده دق الباب بأدب جم فتح الباب .. دخل الي المكتب ... ارتمي بجسده علي المقعد المجاور لمكتب والده ابتسم يغمغم مبتهجا :
- مساء الفل يا سيد الكل
رفع خالد عينيه ينظر لحسام نظرة خاطفة مشمئزة يرفع حاجبه الأيسر ساخرا ليعاود النظر إلي الأوراق أمامه حمحم حسام يعاود الحديث من جديد :
- بقولك يا حج أنا بفكر أخد حاجة مختلفة معانا واحنا رايحين نتقدم لسارة

رفع خالد وجه عن الاوراق ترك القلم من يده نظر لحسام يقطب ما بين حاجبيه يحادثه بجدية :
 - حاجة مختلفة زي ايه يعني
ابتسم حسام في توسع يغمغم بزهو :
- ست فرخات
غض خالد علي شفتيه في غيظ ما كان يجب أن يأخذ كلام حسام علي محمل الجد من البداية ... القي القلم من يده بعنف لينحني يخلع حذائه ... ففر حسام من أمامه راكضا سريعا يتبعه فردة حذاء طائرة وصوت خالد يصيح خلفه :
- امشي ياض يا ابن ال ... من هنا ... قصدك حاجة متخلفة شبهك يا متخلف ... يا دكتور الحمير ... دا أنا لو مخلف دكر بط كان نفعني عنك 

دخلت لينا من باب غرفة المكتب تحمل فردة حذاء خالد وقفت بالقرب منه تضحك عاليا :
- والله العظيم احنا بيت مجانين 

تحرك خالد من خلفه مكتبه اقترب منه وقف أمامها يلف ذراعه حول خصرها جذبها لترتطم بصدره تستند بكفيها علي صدره لاعب حاجبيه عبثا يغمغم مشاكسا :
- اعتقد أن دي حاجة انتي عرفاها من زمان يا بسبوسة

ضحكت لينا برقة رفعت ذراعيها تلفهما حول عنقه تغمغم بدلال :
- من زمان اوي يا قلب البسبوسة 

خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيه ... في فقعة حالمة وردية تلفهما معا فقعة لم يكسرها سوي رائحة حريق !! ... توسعت عيني لينا فزعا تدفع خالد بعيدا عنه تصيح فزعة :
- الكيكة اتحرقت

خرجت تهرول لخارج الغرفة الي المطبخ مباشرة ... فتحت باب الفرن ليغزو دخان اسود كثيف المكان وخرج من الفرن كعكعة سوداء متفحمة .... نظرت لينا لعكعتها متحسرة ... لتسمع صوت ضحكات عند باب المطبخ ابنتها وحسام شقيقها يقفان عند الباب يضحكان علي تلك الكعكة المتفحمة اردفت لينا ضاحكة :
- ماما بيتهيئلي الكيكة لسه عايزة تستوي 
ليكمل حسام ضاحكا :
- لا يا بنتي دي بالشوكولاتة ... فرن الكتروني بيحط الشوكولاتة علي الكيكة لوحده

نظرت لينا لهما في غيظ ... صدم حسام كفه بكف لينا يضحكان عاليا التفتا معا ليغادرا لتختفي الضحكات من فوق شفتي كل منهما شحب وجه حسام ينظر للينا ... التي ابتسمت كطفلة بلهاء ... قبض خالد علي تلابيب ملابسهم يدفعهم لداخل المطبخ وقف أمامهم يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم بحدة قاطعة :
- بتتريقوا علي مراتي ... طب ايه رأيك يا حمار أنت والمعزة اللي معاك انكوا مش هتتحركوا من المطبخ غير لما تنسفوا الكيكة دي 

انهي كلامه لينزع طوقه الجلدي يمسكه بين كفيه يغمغم متوعدا :
- يلااا 

انتفض حسام يركض بصحبة لينا إلي صينية الكعكة المتفحمة ...تدمع أعينهم من طعمها المحترق المتفحم ... بينما يقف خالد كالجلاد عازما علي تلقينهم درسا لن ينسوه ... فلا أحد ابدا يهين زوجته أي من كان 

حل الليل اخيرا خرج حسام من غرفته يتأنق بقميص رمادي وسروال اسود ... انكمشت قسمات وجهه يضع يده علي معدته يشعر بألم شديد جراء تناوله لتلك الكعكة المحترقة ... لحظات وخرجت لينا من غرفتها تتأنف بسرواا أسود وقميص ازرق غامق طويل ... هو يحب الازرق وهي تحبه هو ... تضع يدها هي الاخري علي معدتها من الألم ... اقتربت من حسام تتاوه تحادثه حانقة :
- كان لازم نضحك يعني ... بطني مش حاسة بيها

- ابوكي دا دراكولا 
غمغم بها حسام متألما يوم خطبته يذهب وهو يشعر بألم حاد في معدته ما تلك البشري الرائعة نزل بصحبة شقيقته لأسفل ... ليجدا والديهم خالد في حلة أنيقة ولينا في فستان أنيق يجمع اللونين الاسود والفضي ... غمغم خالد ساخرا ما أن رآهم :
- ساعة علي ما البهوات ينزلوا يلا 

- ربنا علي المفتري
- حسبي الله ونعم الوكيل
همسا بهما لينا وحسام وهما يسيران خلف والديها ... استقل خالد ولينا الاريكة الخلفية .. بينما حسام مقعد السائق ولينا جواره ....  في الطريق وقف حسام أمام محل شهير للمأكولات السريعة غاب لدقائق ليعود ومعه علبة كبيرة ... وبعدها وقف أمام محل للازهار غاب لدقائق ومن ثم عاد ومعه باقة كبيرة ... واخيرا عند محل الحلوي غاب لفترة طويلة ليعود ومعه عدة حقائب .. حين دخل اردف خالد ساخرا :
- لاء مش كفاية ... روح هات عجل نخش بيه ... وعجل ليه وأنت موجود

نظر حسام لوالده من خلال مرآه السيارة الإمامية ضيق عينيه يتمتم بغيظ :
- أنا مش هرد علي حضرتك عشان أنا النهاردة عريس

ضحك خالد ساخرا اقترب بجسده من مقعد حسام يصفعه علي رقبته من الخلف يغمغم متهكما :
- لا يا حبيب ابوك أنت مش هترد عليا عشان ما افركشلكش الجوازة .... وشد شوية متأخرين 

تنهد حسام مغتاظا يتمتم مع نفسه حانقا أليس هو ذلك الطبيب المحترم والمحاضر الجامعي صاحب الشهادات العالية لما يُشعره والده دائما أنه مراهق في الثانوية ...  ومراهق طائش أيضا يتعاطي المخدرات 

اخيرا وصلت وجهتهم إلي بيت عمر ... نزل حسام اولا بتلهف ليشهق بعنف حين اسقط عامل ري الاشجار سطل الماء فوق رأسه ليبتل العريس من رأسه لاخمص قدميه !!!

لحظات طويلة الجمت الصدمة جميع الواقفين جحظت أعينهم ينظرون للعريس الغارق في المياة ... يقف حسام كمن أصابته صاعقة عينيه شاخصة فمه متدلي في ذهول .. المياة تقطر من أعلي رأسه إلي اخمص قدميه .... قاطع تلك اللحظات صوت ضحكات خالد الذي صدح فجاءة .... ينظر لولده وهو يغرق في المياة دمعت عينيه من الضحك ... لتتعالي ضحكات لينا شقيقته وضعت يدها علي فمها تحاول كتم ضحكاتها ... في حين احمرت عيني حسام ينظر لهم شرزا .... عضت لينا علي شفتيها تكتم صوت ضحكاتها ... من الجيد أن الشارع شبه فارغ في ذلك الوقت ... والا كان شارك المارة في نوبة الضحك ويزداد موقف حسام سوءً ... حمحمت تلكز خالد بمرفقها في ذراعه بحدة .. تنظر لابنتها بحدة ... توقفت لينا عن الضحك تضع يدها علي فمها تكبح ضحكاتها ... بينما ظل خالد يضحك اشار ناحية حسام يردف من بين ضحكاته :
- العريس المبلول ... الله يخربيتك عرتنا ... شكلك فظيع

عاد يضحك من جديد لتشد لينا ذراعه ليقترب منها نزل برأسه قليلا ناحيتها لتهمس له متوعدة :
- عارف يا خالد لو ما بطلتش ضحك ... هتنام في الاوضة التانية لوحدك شهر 

توسعت عيني خالد قليلا ليحمحم بخشونة يحاول السيطرة علي سيل ضحكاته ... في حين اقتربت لينا من حسام ربتت علي كتفه تحادثه مترفقة :
- حسام ما حصلش حاجة دي حادثة وبتحصل كتير .... ارجع بسرعة غير هدومك وتعالا ... يلا يا ابني 

حرك حسام رأسه بالإيجاب سريعا .... اخرج باقة الأزهار وعلبة الحلوي يعطيهم للينا زوجة أبيه يحادثها :
- اتفضلي مش هتأخر

ابتسمت لينا له تربت علي ذراعه ... ليبتسم لها ممتنا ... نظر حسام لشقيقته شرزا يحرك كفه علي رقبته كأنه سكين ... استقل سريعا السيارة يلتف بها يعود من حيث أتي .... وقفت لينا أمام زوجها وابنتها عقدت ما بين حاجبيها تحادثهم غاضبة :
- ما ينفعش بجد اللي انتوا عملتوه دا ... خالد حسام مش صغير عشان تتريق عليه ... وأنت يا أستاذة لينا ... الموضوع مش مضحك تماما للضحك دا كله ... لما نروح تعتذروا لحسام

قالت ما قالت بحدة لتتقدمهم لأعلي نظر لخالد لابنته يرفع حاجبه الأيسر يتمتم ساخرا :
- أمك بتربينا 
تحرك خالد خلف زوجته وخلفهم لينا .... إلي منزل عمر .... دقت لينا الباب لحظات ليفتح لهم عمر يبتسم ... دخل الجميع إلي غرفة «الصالون» بصحبة عمر الذي يردف مبتسما :
- نورتوا والله يا جماعة ... اتفضلوا

جلست لينا جوار زوجها علي أريكة صغيرة وابنتهم علي مقعد بالقرب منهم .. نظر عمر لشقيقه يتمتم مبتسما :
- منور والله يا كبير ... ايه دا اومال حسام فين

ما إن نطق عمر تلك الجملة انفجر خالد في الضحك ... حتي ادمعت عينيه ظل يضحك رغم نظرات لينا المحذرة له بأن يصمت ... نظر لشقيقه يردف من بين ضحكاته العالية :
- حسام اتبل !!
قالها لينفجر في الضحك من جديد .... بينما جعد عمر ما بين حاجبيه ينظر لأخيه مستنكرا ... لكزت لينا زوجها بمرفقها بعنف تنظر له حانقة ... نظرت لعمر تبتسم تحاول إيجاد حجة مناسبة لذلك الموقف الذي هم فيه :
- حسام يا عيني بعد ما وصلنا جاله تليفون مستعجل من المستشفي حالة ولادة خطيرة طلع يجري ... بس زمانه جاي

- خطيرة بالجبنة 
تشدق بها خالد ساخرا ليضحك مجددا حتي أدمعت عينيه ... لتضعط لينا بحذائها علي قدمه تنظر له متوعدة ... بينما استمر هو في الضحك وكأن شيئا لم يكن .. نظرت لينا لعمر تعتذر مبتسمة :
- معلش يا عمر أصل خالد دمه خفيف النهاردة .. ممكن اشوف تالا وحشتني بقالي كتير ما شوفتهاش 

ابتسم عمر يحرك رأسه بالإيجاب سريعا ... قام أمامها لتميل هي سريعا علي إذن خالد تهمس له محتدة قبل أن تغادر بصحبة عمر :
- عارف يا خالد لو حد عرف باللي حصل تحت ... هسيبك واسافر عند بابا .. أصله وحشني أوي

صمت خالد في لحظات عن الضحك ينظر لها واجما .. لتبتسم هي باصفرار ... تربت علي خده كأنه طفل صغير مطيع ... قامت بصحبة عمر للداخل ليميل خالد ناحية لينا يهمس لها محتدا :
- كانت بتخاف مني زمان دلوقتي بقت بتهددني بنت الارندلي ... 

وضعت لينا يدها علي فمها من جديد تخفي ضحكاتها من غضب أبيها .... 

في حين تحركت لينا بصحبة عمر إلي غرفة تالا ... وقف عمر امام باب الغرفة من الخارج يحادثها مبتسما :
- هروح اشوف أبو الخلد ابو دم خفيف واسيبكوا ترغو ..

ضحكت لينا بخفة تحرك رأسها بالإيجاب ... غادر عمر لترفع هي يدها تدق الباب إدارات المقبض تفتحه حين سمعت صوت تالا .... اطلت برأسها أولا تنظر لتالا مبتسمة تردف بمرح :
- أنا جيت اشوف مامي تالا التعبانة

ابتسمت تالا في شحوب ظاهر ... دخلت لينا إلي الغرفة توصد الباب خلفها اقتربت من فراش تالا تعانقها برفق ... ابعدتها عنه تنظر لها مبتسمة جلست جوارها علي الفراش تحادثها :
- عاملة ايه يا تالا وحشاني ... مبروك يا حبيبتي ألف مبروك يا قلبي ... ربنا يتم حملك علي خير وتقومي بالسلامة

نظرت تالا للينا تبتسم حزينة ... للحظات كستل الشفقة مقلتيها تنظر لها بأسي ... لم تكن تريد أن تراها لينا ... ليس لأي سبب كان فقط كي لا تجرح مشاعرها ... بالطبع خلف ابتسامتها اللطيفة تلك قلب يعتصر من الألم ... تحركت عيني لينا تنظر لبطن تالا المنتفخ قليلا ... لترتسم ابتسامة حزينة علي شفتيها تنهدت تخمد نيران قلبها التي اشتعلت فجاءة حين رفعت عينيها لتالا تحادثها مبتسمة :
- أنا عارفة أنك مش عيزاني اشوفك عشان ما تجرحيش مشاعري .. بس صدقيني أنا مبسوطة عشانك اوي ... وبدعيلك من كل قلبي أنك تقومي بالسلامة ... أنتي تستحقي تفرحي يا تالا بعد كل اللي حصل بينك انتي وعمر ... ما تحبسيش نفسك يا تالا .. أنا عارفة أنك تعبانة الفترة دي ... بس بعد فترة بإذن الله هتبقي أحسن ... أول ما الواد حسام يقولي انتي كويسة هتيجي البيت ونتغدي كلنا سوا 

ادمعت عيني تالا تنظر للينا قبل أن تبادر باحتضانها بقوة تهمس لها بصوت خفيض باكي حزين :
- انتي جميلة اوي يا لينا ... بجد جميلة من جوا قبل برا ... مش خالد بس اللي محظوظ أنك في حياته ... كلنا محظوظين بوجودك في حياتنا 

ابعدت لينا تالا عنها تبتسم لها بعد حديث قصير  خرجت لينا من الغرفة بعد أن ودعت تالا تغلق عليها الباب برفق وقفت أمام الباب المغلق لحظات صامتة قبل أن تهبط من مقلتيها دمعة حزينة بائسة رفعت يدها تمسحها سريعا ... رأت سارين تخرج من غرفتها هي وشقيقتها تزفر حائرة تبدو متوترة ... تنظر لباب الغرفة المغلقة .... اقتربت لينا منها وضعت يدها علي كتفها تسألها :
- مالك يا سارين في حاجة يا حبيبتي

توترت حدقتي سارين للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تنهدت حائرة تهمس متوترة :
- سارة يا طنط ما اعرفش مالها ... كانت نايمة ومن ساعة ما صحيت وهي مش راضية تتكلم ... ودلوقتي رافضة تلبس .... ولما سألتها مالك فضلت تعيط ... أنا مش عارفة اعمل ايه ... هقول لبابا

حركت لينا رأسها نفيا سريعا ابتسمت تحادث سارين بتلهف :
- مالوش لزوم يا حبيبتي تقولي لبابا ... أنا هدخل اتكلم معاها ... 

ابتسمت سارين للينا ممتنة ... تحركت لينا لداخل غرفة سارة وسارين بينما تحركت سارين الي المطبخ اصطدمت في طريقها بعثمان الذي خرج توا من أحدي غرف الضيوف ... يرتدي قميص أسود اللوم ذلك القميص ملك والدها وسروال من الجينز الازرق القاتم ... ملك والدها أيضا من الجيد أن ملابس والدها ناسبت عثمان ... وقفت سارين أمامه تبتسم كقطة حالمة ... بينما وقف هو يزيح اكمام قميصه للخلف .... عثمان دائما يفعل تلك الحركة بالاكمام يزيحها للخلف بشكل مهندم للغاية ... فتحت فمها مبتسمة تود أن تقول شيئا ... ليتجاوزها هو وكأنها غير موجودة من الأساس توسعت عينيها في دهشة لم ينظر إليها حتي .. تحرك وكأنها هواء شفاف او عائق طريق مزعج مر من جواره تفاده وغادر ... التفتت تنظر له وهو يغادر متوجها الي غرفة الصالون عقدت ذراعيه ابتسمت تتمتم :
- بقي كدة يا عثعث عاملي زعلان وبتنطنشي ماشي صبرك عليا يا صياد 
ابتسمت في خبث لتتوجه الي المطبخ تعد المشروبات والحلوي للضيوف 

في غرفة سارة ... اقتربت لينا من سارة المسطحة علي الفراش توليها ظهرها جلست جوارها تمسح بيدها علي شعرها برفق تحادثها بحنو :
- سارة ... أنا عارفة أنك صاحية يا حبيبتي ... ممكن اتكلم معاكي 

قامت سارة تجلس علي الفراش تنساب دموع عينيها بلا توقف .... انكمشت قسمات وجه لينا تنظر لوجهها الشاحب عينيها المنتفخة حدقتيهت الحمراء .. شفتيها المرتجفة ... تلك الدموع التي لا تتوقف عن الهبوط رغم محاولتها العنيفة لمسحها ... تحركت لينا لتصبح مقابلة لها .. مدت يدها تمسح دموع عينيها تحادثها حزينة :
- ليه يا سارة اللي انتي عملاه دا ... انتي كدة بتأذي نفسك يا بنتي ... ما حدش ابدا يستاهل أنك تعملي في نفسك كدة 

اغمضت مقلتيها لتخرج من بين شفتيها شهقة بكاء خافتة ... تنهمر دموعها من جديد ... لا تعرف بما تجيب ... فتحت عينيها حين سمعت لينا تحادثها :
- حسام حكالي علي اللي حصل في الكلية ... كان شكله يضحك اوي وهو بيقولي أنا كنت غيران ومش عارف أنا عملت كدة ازاي 

صمتت لينا للحظات تراقب تعابير وجه سارة الباهتة التي لم تتغير ...لتتنهد تأخذ نفسا قويا تحادثها بحزم :
- أنتي حساسة أوي يا سارة بتفكريني بنفسي زمان ... حبيبتي الحساسية والكيوت دي مشاعر حلوة ... بس ما تنفعش مع رجالة عيلة السويسي ... حسام حكالي علي اللي عمله وأنا هددته أنا اللي هقفله في جوازه منك .... كان لازم تقفي قدامه وتقوليله أنا ما عملتش حاجة غلط عشان تكلمني كدة .... ايه اللي حصل انتي زعلتي وعيطتي ونكدتي علي نفسك ... وكان ممكن ما تحليش كويس في الامتحان ... 
انشفي يا سارة ... حسام بيحبك انتي ما شوفتيش خناقته هو وخالد عشان خالد يوافق انه يجي يتقدملك ... وصلت إن خالد ضربه بالقلم وحسام كان هيسيب البيت ... كل دا كويس .... بس عرق الغيرة اللي عند حسام أنا عرفاه ومجرباه ... بدل ما تفضلي تعيطي وتنكدي علي نفسك وتوصلي للحالة دي ... قوليله أنا ما عملتش حاجة غلط ... ثوري خدي حقك ... أنتي اللي هتخسري صدقيني لو فضلتي تسكتي عن حقك كل مرة بالشكل دا 

توقفت دموع سارة عن الجريان وكأن البئر جف فجاءة تنظر للفراغ عينيها شاردة ... سارة دائما هي الحساسة كثيرة البكاء هي الضحية التي كاد يستغلها ذئب بشري قبلا ... والآن يفرض هيمنته الذكورية بكل عنفوان ... عليها أن تتغير أن تصبح حتي مثل سارين او تدافع عن ذاتها كما تقول لينا زوجة عمها ... تنهدت حائرة تحرك رأسها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة لينا تحادثها بخبث :
- اسمعي بقي هتعملي ايه لما حسام يجي 
__________________
في الخارج ... خالد وعمر وعثمان يتحدثون ولينا تعبث في هاتفها بملل ... تحاول التواصل مع حسام ليسرع قليلا ... خرجت سارين من المطبخ تحمل صينية كبيرة عليها المشروبات والحلوي وضعتها امامهم تردف مبتسمة :
- اتفضلوا 

ربت خالد علي وسادة الأريكة الخالية المجاورة له ينظر لها مبتسما ... لتجلس سارين جواره لف خالد ذراعه حول كتفيها قبل قمة رأسها يغمغم مبتسما :
- دا الجمال عدي الكلام ... أنا أول مرة اشوف قمر لابس حجاب عشان يبقي قمرين 

ضحكت سارين عاليا لترتسم ابتسامة صغيرة علي شفتي عثمان ... ضحكاتها حقا تسعده ... عاد خالد يحادث سارين من جديد يتمتم مبتسما :
- قوليلي عاملة ايه في كليتك انتي دخلتي علاج طبيعي مش كدة 

ابتسمت سارين تحرك رأسها إيجابا نظرت لعثمان نظرة خاطفة لتعاود النظر لعمها تردف :
- الحمد لله .. الدراسة في الكلية سهلة 

اقترب خالد من اذن سارين يهمس لها :
- انتي متخانقة مع عثمان

نظرت له متفاجئة عينيها متسعة في دهشة كيف علم ليبتسم خالد ساخرا أخفض صوته يهمس لها متهكما :
- اصله عمال يبصلك من كحك لكحك وانتي عين معايا والعين التانية معاه ... مين فيكوا اللي غلطان

- مش عارفة ... همست بها سارين بصوت خفيض مرتبك للغاية اختلست النظرات لعثمان لتراه ينظر ناحيتها غاضبا ... ابتسم خالد فئ مكر ينظر لعيني عثمان الغاضبة ... ليعاود النظر لسارين يتمتم ساخرا:
- مش عارفة بردوا يا بنت عمر ... ماشي يا بريئة ... هو الواد بيبصلنا كدة ليه أنا عمك علي فكرة 

ضحكت سارين رغما عنها عاليا ليزفر عثمان أنفاسه حانقا ليتمتم خالد ساخرا :
- خدي بالك هيطلع نار من مناخيره دلوقتي 

وضعت سارين يدها علي فمها تمنع ضحكاتها ....في حين نظر خالد لعثمان يبتسم في اصفرار ابتسامة مستفزة واسعة ...قامت سارين من جوار خالد حمحمت تتمتم سريعا :
- هقوم اجبلكوا عصير تاني 

نظر لينا لساعة الحائط تزفر حانقة لما تأخر شقيقها الأحمق كل ذلك الوقت ... ما هي الا دقائق ودق جرس الباب قامت لينا سريعا تفتح الباب زفرت حانقة ما أن رأت حسام ابتسمت تتمتم ساخرة :
- حمد لله علي السلامة ايه جاي من الصين ... كل دا تأخير 

نظر حسام لها باستعلاء ليعدل من تلابيب حلته السوداء الكلاسيكة ذات القميص الابيض ورابطة العنق السوداء ... ذلك الدبوس المميز عند اكمام سترة الحلة جعلت لينا تقطب ما بين حاجبيها تسارعت دقات قلبها تلك الحلة ليست لحسام ... تلك الحلة تعرفها تتذكر شكل ذلك الدبوس جيدا ... تلك حلة .... 

قبل أن تنطقها سمعت صوته يأتي من هناك يصعد الفاصل من درجات السلم يغمغم ساخرا :
- يا عم خش اخرتنا بقالك ساعة بتنقي في البدل دا زمان الناس نامت  

حلة زيدان إذا ... حسام ذهب لزيدان وها هما معا ... دخل حسام أولا ليدخل هو من خلفه لما يجب أن يكن وسيما في كل مرة تراه فيها .. لما يبدو هو عريس الليلة ... علي الرغم من انها نادرا ما تراه يرتدي « تيشرت » زيدان يفضل الملابس الرسمية ... ولكنه اليوم يرتدي « تيشرت أبيض اللون اكمامه تصل للمنتصف ... وسروال أسود من الجينز ... وحذاء رياضي أبيض ... هل كان يركض أم ماذا ...  ما إن دخل الي المنزل مد يده يود مصافحتها يغمغم بابتسامة متكلفة :
- ازيك يا لينا ..  اخبارك ايه
بعد آخر مواجهة بائسة بينهما يأتي اليوم يحادثها بتحفظ يخبرها أنها فقط إبنه خاله وإن ما حدث بالكامل صفح وطواها .. مدت يدها تضعها داخل خفه تتمتم بخفوت :
- الحمد لله 

سحبت يدها من يده ليتحرك هو للداخل بينما وقفت هي تضع يدها علي نابضها تشعر به سينفجر ... ضربت الأرض بقدميها لما جاء .... لما في كل مرة تراه فيها ... تشعر بأنها تراه للمرة الأولي وكأنها لم تكن تحمل في طفل منه يوما ... ربما لأنها لم تعد تلك الفتاة الضعيفة البائسة ... ربما لأنها منذ زمن طويل بدأت تشعر بالامان والحياة من جديد ... ربما كان مقدر أن يحدث ذلك كله لتحي بعد خوف أمنا لن يضيع ... تنهدت حائرة حانقة من ذاتها ... لما تشعر  في تلك اللحظات انها مراهقة حمقاء تحب ابن عمتها خلسة وتخشي أن يفضح أحدهم امرها ... تنهدت حانقة لتتوجه للداخل سمع صوت ضحكاتهم جميعا يصدح في المكان ... توجهت تجلس علي مقعد بعيد عن الجميع تنظر لهم ... حين نظر والدها لحسام يغمغم ساخرا :
- ايه يا حوسو غيرت الكشف المستعجل ... قصدي خلصت الكشف المستعجل

ليضيق حسام حدقتيه غاضبا ينظر لوالده حانقا .... عابس الوجه ... بينما يجلس هو يتابع ما يقولون يشارك في احاديثهم بكلمات قليلة ... تنهدت تبتسم شاردة ...قطبت جبينها فجاءة رفعت وجهها تنظر لزيدان ذلك
 « التيشرت » الذي يرتديه زيدان تعرفه ... هي من اشترته له كيف نسيته ... توسعت عينيها في دهشة ترمش باهدابها عدة مرات سريعة متتالية ... في السواق القريب من القرية السياحية تتمشي بصحبته اعجبها ... اشترته في خلسة منه وهو يتنقي لها أحدي فساتين السهرة .... كانت تود إعطائه له هدية في يوم الحفل المشؤوم ولكنها لم تفعل ... والآن هو يرتديه ؟!!! توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة .... لم تخرج من دهشتها الا علي صوت والدها يحادث عمر أخيه برزانة معتادة في مثل تلك المواقف :
- خلاص هزرنا وضحكنا بص يا عمر ... أنت طبعا عارف احنا هنا ليه ... أنا جاي اطلب منك أيد سارة بنتك لحسام ... أنت قولت أنك موافق يوم فرح أدهم بس ناقص رد العروسة ... هي فين سارة صحيح 

- سارة اهي 
صاحت بها لينا بابتسامة واسعة تمسك يد سارة في يدها تجذبها برفق لداخل الغرفة التفت حسام برأسه سريعا ينظر ناحية باب الغرفة تسمرت عينيه ينظر لها مسحورا ... تقافزت دقات قلبه علي وشك تحطيم صدره ... ها هي أمامه تقف هناك جوار زوجة أبيه ... ترتدي فستان هادئ وردي اللون يخطف الأنفاس ... تنظر لأسفل يشعر بها مرتبكة متوترة .... تقبض كفها الآخر تشد عليه ... لما تخفي وجهها عنه يريد أن يراها يعتذر لها ... يخبرها بأنه أحمق نادم علي ازعاجها بكلماته السامة الغبية .. لما تشدد كفها علي كف لينا بذلك الشكل ... لحظات فقط وفهم ...حين نظرت لينا لهم ابتسمت تردف بهدوء :
- معلش يا خالد هقاطع كلامكوا بس سارة عايزة تتكلم مع حسام قبل ما تقول رأيها موافقة أو لاء

انقبض قلب حسام مع كلمة لينا الأخيرة ...في حين قطب خالد جبينه ينظر لأخيه متعجبا ... ليبادله عمر بنظرات متعجبة حقا لا يفهم ما يحدث .... في حين هب حسام سريعا يغمغم متلهفا :
- آه طبعا طبعا 

نظر خالد لحسام ساخرا ... في حين نظرت لينا لعمر تحادثه مبتسمة :
- بعد إذنك طبعا يا عمر

تردد عمر للحظات قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب ... سيفهم كل شئ من سارة بعد أن تنتهي تلك الزيارة ... ابتسمت لينا تشير لحسام ليتبعها ... التقط حسام حقيبة كبيرة وعلبة مغلقة ليتحرك خلف لينا إلي الشرفة حين طاولة مستديرة جلست سارة علي أحد جانبيها وحسام علي المقعد الآخر امامها .... نظرت لينا لسارة تشجعها بعينيها تبتسم لها في هدوء شدت علي كفها .... قبل أن تنظر لحسام تردف محتدة :
- أنا واقفة برة يعني لو فكرت تزعلها هاجي ارميك من البلكونة

توسعت عيني حسام في دهشة ينظر لزوجة أبيه مصعوقا ... متي أصبحت بتلك الشراسة ... تلك القصيرة صاحبت اللسان الذي يفوقها طولا ....خرجت لينا من الشرفة لينظر حسام سريعا ناحية سارة ما حدث كاملا لا يهم ... الأهم الآن أنها يراها اخيرااا ... أنه هنا ليتخذها زوجة وحبيبة ... كسر الصمت يهمس لها بتلهف مشتاق :
- سارة ... أنا

رفعت وجهها له في تلك اللحظات رأي من خلال حدقتيها المضطربتين أنها تود قول شيئا ما ... مترددة وربما خائفة منه بعد ما فعل ... صمت ينتظر ما ستقول ...... زفرة طويلة خرجت من بين شفتيها تشد علي أسنانها رفعت وجهها له تتذكر ما قالته لها لينا ... حركت رأسها إيجابا كأنها تستعيد تلك الكلمات في عقلها من جديد ... تجنبت النظر لعينيه تماما تغمغم في هدوء جاف :
- بص يا حسام ولو سمحت ما تقاطعنيش ... أنا ما عملتش اي حاجة غلط عشان تكلمني بالشكل دا وتقف تهددني ... أنا ما روحتش وقفت مع شهاب وقولتلن كلمني لو سمحت ... أنا كنت رايحة المحاضرة هو جه يسألني أن كنت سجلت محاضرة امبارح لأنه ما كنش موجود ... قولتله اني هبعتها علي تليجرام الدفعة .... بس ... لا واقفة بضحك ولا بهزر ... ولا ينفع إنت تكلمني بالشكل دا ... كان ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق ... مش واقف تهددني وتكلمني وكأني عاملة جريمة ... خليتني مش عارفة حتي أنا حليت إيه في الامتحان ...

- ناقصة درجة ... بعد ما اختارتي الإجابة الصح شخبطتي عليها واختارتي الغلط

توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة لا تنكر شعورها بالسعادة مما قال ... رغم ذلك حافظت علي تعابيرها الهادئة الجامدة ... في حين ارتسمت هو ابتسامة صغيرة علي ثغره لينا زوجة من شجعتها لتقول تلك الكلمات كيف علم ؟ من تلك الجملة التي قالتها سارة «ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق ..» والتي قالتها لينا له قبلا بشكل مختلف قليلا ... أعجبه غضب سارة ... أعجبه توترها وهي تحاول اخباره كم هي غاضبة منه ... محاولاتها أن تظهر شجاعة ... ظل صامتا بعد أن قال ما قال يراقب تعابير وجهها ... رائها كيف حاولت أن تبدو جامدة في تعابيرها اللطيفة حمحمت في حدة لا تليق بها تماما تردف بجمود :
- شكرا .... أنا عارفة اني حليت كويس ... عشان كنت مذاكرة كويس ... مش دا موضوعنا ... أنا مش هسمحلك ابدا بالشكل دا تاني ... أنا 

- أنا آسف ... أنا بحبك
همس بهما بصوت خفيض شغوف رخيم ... لتشخص حدقتيها في ذهول تندفع الدماء الي وجنتيها ... وتفر باقية الدماء من جسدها خجلا تاركة إياها جثة تتجمد من وقع جملتين فقط ... اختفت أنفاسها تسارعت دقاتها ... ضمت كفيها تفركهما بعنف حين سمعته تنظر أرضا جسدها شبه يرتجف ... لينا لم تخبرها أنه سيقول تلك الكلمات التي تسلب القلب في لحظة .... اغمضت عينيها حين سمعته يكمل ما يقول بنبرة هادئة رخيمة حنونة :
- أنا آسف يا سارة ... انتي عندك حق ... ما كنش ينفع ازعقلك بالشكل دا ... من غير ما اعرف الموضوع ... أنا بس كنت غيران أوي ... بس اوعدك أن دي اول واخر مرة هزعلك فيها .... أنتي غالية عندي اوي يا سارة اغلي مما تتصوري

في تلك اللحظة تحديدا تريد أن تبكي من الخجل ... تركض إلي غرفتها تحتمي بها من دقات قلبها المتسارعة مشاعرها التي يغزف عليها انغاما تبعثرها .... فتحت مقلتيها حين سمعته يطلب منها ذلك برفق .... لتراه يحمل صندوق كبير من محل طعام شهير للغاية وضعه علي الطاولة ... ليمسك بحقيبة كبيرة من الورق يضعها جوار الصندوق علي الطاولة يغمغم مبتسما :
- دول عشانك اعتبريهم هدية أو اعتذار ... أنا مش عايزك تزعلي ابدا يا سارة 

رفعت عينيها لمقلتيه لحظة واحدة تنظر لعينيه اللامعة التي لم يحجب لمعانها زجاج نظارته الشفافة ... ارتسمت ابتسامة كبيرة خجولة علي شفتيها تنظر بعيدا 

في اللحظة التالية دخل خالد إلي الشرفة فجاءة يغمغم ساخرا :
- اجيب مخدة من عند عمك عمر وامدد علي الكنبة ... لو ناوي نبات هنا قولي 

نظر حسام لأبيه حانقا ... في حين أحمر وجه سارة خجلا اشار خالد بيده لحسام لأن يخرج من الغرفة ... اقترب هو من إبنه أخيه يحادثها مبتسما برفق :
- سارة ... حبيبتي ... ما فيش اي حد في الدنيا يقدر يغصبك توافقي علي حاجة انتي مش عاوزاها .... لو مش موافقة يا حبيبتي ... 

- أنا موافقة 
قاطعته سارة تهمس بها بصوت خفيض متوتر خجول .... لتخرج ضحكة صغيرة من بين شفتي خالد .... يربت علي رأسها برفق ... عاد لهم ... يجلس مكانه من جديد يتمتم مبتسما :
- بما أن سارة موافقة نقرا الفاتحة 

جائت لينا في تلك الاثناء تمسك بيد سارة جلست جوارها علي أحدي المقاعد القريبة منهم .... نظر عمر لابنته يسألها بعينيه أن كانت حقا موافقة أم لاء ... لتومأ سارة برأسها بخجل ابتسم عمر في حين رفع حسام يده سريعا ليضحك الجالسين علي ما يفعل ... بدأوا جميعا في قراءة الفاتحة الي أن انتهوا ربت خالد علي ساق يردف :
- نتفق بقي ... بنت اخويا هتيجي معززة مكرمة بشنطة هدومها بس 

حرك عمر رأسه نفيا سريعا يعترض بحدة علي ما يقول أخيه :
- لا يا خالد معلش ... اخوك مش فقير الحمد لله ... زي ما جهزت سارين ههجز سارة ... والموضوع هيمشي طبيعي زي ما بيحصل في اي جوازة 

هنا تدخل حسام فجاءة يردف ساخرا :
- طب بما ان الأجهزة الكهربائية علي العروسة فأنا عايز بلايستيشن 5 الجديد 

التفت خالد لحسام ينظر له شرزا يتوعد له ... في حين صدم زيدان قدم حسام بعنف تأوه حسام يمسد ساقه ينظر لصديقه حانقا ضحك زيدان يحادث عمر سريعا :
- بيهزر طبعا أنت عارف حسام دمه خفيف بس ساعات بتقلش منه ... شربات يا حسام 

قلب حسام عينيه ساخرا ... ليقرر هو تولي دفة الحديث ويا ليته لم يفعل نظر لعمر يقول بجدية مفرطة :
- قبل الشقة والعفش والكلام دا كله ... هنتجوز أمتي .... أنا بقي نعمل شبكة وكتب وفرح في ليلة واحدة ويا ريت بكرة 

رفع عمر حاجبيه ينظر لحسام مستهجنا ما يقول ليلكزه خالد بمرفقه في صدره يهمس له حانقا :
- اخرس بدل ما اقل منك قدام الناس 

زفر حسام أنفاسه غاضبا ... لما يعامله أبيه بتلك الطريقة ... هو العريس هنا ويجب أن يتولي هو تحديد ميعاد زفافه ليردف قائلا من جديد في حدة :
- انتوا كدة كدة مش هترضوا تخلوني اخرج معاها غير لما اكتب عليها ... فيها ايه لو عملنا الشبكة والفرح مع بعض ... مش هتحصل حاجة يعني .... نخليها في اجازة نص السنة 

تجهم وجه عمر ينظر لذلك الفتي الارعن كم يرغب في أن يصفعه علي فمه ليتوقف عن تلك التراهات التي يقولها ... كاد خالد أن يتحدث حين بادر زيدان يقول في هدوء مقنع :
- بصراحة أنا مع حسام في اللي بيقوله ... طالما المبدئ موجود يبقي ما فيش داعي للتأخير ... يعني علي ما تيجي اجازة نص السنة ... تكون الشقة جهزت ودي مسؤولية حسام وحضرتك يا خالي بما إنك والد العروسة وخالد باشا طبعا ... كان علي الهدوم أو الفرش ... فدي مسؤولية لينا 
بنتك يا خالي وماما طبعا مش هتتأخر ومدام تالا وسارين ... وفي خدامين كتير في الفيلا ممكن يساعدوا ... القاعة حسام اللي هيحجزها ويتفق عليها ... وإن كان علي فستان الفرح تقدر سارين تجيبه بعد الامتحانات ... الموضوع بسيط جدااا

ما إن انهي زيدان كلامه اندفع حسام يعانق صديقه بقوة يتمتم فرحا :
- حبيبي يا أبو الصحاب .... ربنا يخليك للغلابة 

لم يقتنع عمر تماما بما قال زيدان فأخبرهم بأنه بحاجة لوقت أكثر لمشارة ابنته وسيعطيهم رده ... نزلت العائلة إلي أسفل ليجدوا سيارة زيدان تقف هناك ...فالسيارة الاخري مقعد السائق مبتل بفعل ملابس حسام ... جلس زيدان خلف المقود جواره خالد ولينا في الخلف في المنتصف بين والدتها وحسام ... التفت خالد لزيدان يحادثه متهكما :
- ايه يا واد العقل دا ... دا أنا اقتنعت

ضحك زيدان يرفع يده يؤدي التحية لخالد يتمتم ضاحكا :
- تلميذك يا باشا 

كاذب ..كاذب ... كاذب ... رددتها لينا داخل نفسها مئات المرات تلميذ فاشل تعلم كل شئ من والدها الا قواعد العشق ... 

- ايوة يعني تفتكروا عمي عمر هيوافق ولا لاء ..
غمغم بها حسام قلقا لينظر له الجميع شرزا بعد ما فعله بالاعلي ... خالد علي وشك أن يلقيه من السيارة :
- إنت تخرس خالص بدل ما ارميك من العربية .... ايه اللي أنت هببته فوق دا

قلب حسام عينيه بملل يردف ساخرا :
- أنا عملت ايه يعني مش هو اللي عملي فيها أبو العروسة وأنا هجهز بنتي بنفسي ... هي مش الأجهزة الكهربائية علي العروسة بردوا

شد خالد علي أسنانه يطحن قبضته التفت بجسده إلي حسام يصيح فيه محتدا :
- تقوم قايلهم عايز بلايستيشن 5 يا ابن ال ... 

ضحك حسام ساخرا دون أن يرد ...  في حين انفجر الجميع في الضحك .... التفت خالد لزيدان يسأله ساخرا:
- وأنت يا سي زيدان ياللي عاملي فيها أشيك شاب في مصر ... فين ست انجليكا اختفت فين

انثني جانب فم زيدان بابتسامة صغيرة رفع كتفيه لأعلي يغمغم في سخرية مريرة :
- طبعا أشيك شاب في مصر ... أنت ما تعرفش قيمة التيشرت دا ... وإن كان علي أنجليكا فهي سافرت روسيا بس هترجع قريب ... 

الشقراء غادرت دعت في قلبها إلا تعود من جديد سيرة الشقراء كفيلة بأنها تصيبها بالغثيان ... لا هي حقا تشعر بالغثيان بالفعل ... يبدو أن الكعكة المحترقة ترغب فئ الخروج من بين امعائها ... صاحت متألمة تردف سريعا :
- زيدان وقف العربية بسرعة

وضعت يدها علي فمها ... ليوقف زيدان السيارة سريعا اندفعت بجسدها خارجا ترتمي أرضا تتقئ بعنف ... هرع الجميع إليها .. امسك حسام بها جيدا حتي لا تسقط أرضا ... يحاول مساعدتها في تنظيم تنفسها حتي لا تختنق ... اخرجت كل ما في جوفها لترتمي برأسها علي صدر حسام تنظر لهم مجهدة ... ابتسمت لوالدتها في إجهاد تطمئنها بصوت هامس أنها بخير ... ليحملها حسام الي السيارة من جديد ... استندت علي صدره تتنفس بعنف ... لينا تمسح علي شعرها برفق .... قاد هو السيارة بهدوء تلك الكلمة خوفا عليها ينظر لها من خلال المرآة بين حين وآخر يتذكر صيحتها بأسمه وكأنه كانت تستنجد به ... أو هكذا صور له قلبه المتعب 
____________________
في صباح اليوم التالي ...  تقف في شرفة غرفتها في منزل عمها تنظر للسماء هي تحب الطيور خاصة الحمام تحب النظر إليها وهي تطير ترفرف في فضاء سرمدي من الحرية لن ينتهي أبدا ... حرية لن تحصل عليها هي ابدا ... هي لا تريد حرية اختيار طعام او ملابس ... او اي جامعة تختار ... هي تريد حرية الروح من قيد العادة ... سجن المألوف .. قبضان العادات التي تسجن خلفها طير الحمام تمنعه من التحليق بعيدا كما يريد ... تنهدت تزفر أنفاسها اليوم سيعودون جميعا هي ووالديها الي أسيوط من جديد ... انتهت زيارتها القصيرة .... خرجت من غرفتها لازال الوقت باكر ولكنها استيقظت علي اي حال ... حين خرجت لصالون المنزل رأت ياسمين زوجة عمها تضع الإفطار علي الطاولة ابتسمت لها ... قبل ان يصدح فجاءة صوت رنين هاتف المنزل ... من بات يطلب هاتف المنزل في تلك الأيام توجهت ياسمين إلي الهاتف ... ما إن وضعت السماعة علي اذنيها لحظات فقط وشخصت عينيها فزعا تصرخ باسم ولدها ... صرخات فزعة مذعورة ... غيث اصطدمت سيارة في حادث ... هو الآن في المستشفى ... أسرع الجميع الي عنوان المستشفى ..هي ووالدها وفارس وجوري وياسمين يركضون في طرقات المستشفي يبحثون عن رقم الغرفة ... التي ما أن وصلوها هرع فارس الي الطبيب يسأله فزعا :
- طمني ابني عامل ايه ... قالولي جاي في حادثة عربية

ربت الطبيب علي كتف فارس يبتسم شبه ابتسامة يغمغم في هدوء جاد :
- واضح أن أستاذ غيث مش متعود علي السواقة في مصر ... بعد الأشعة طلع عنده ضلعين مكسورين للأسف وكدمات ما وصلش الباقي منها لكسور الحمد لله 

لم تنتظر ياسمين أكثر اندفعت إلي غرفة غيث تهرول ناحية فراشه وقفت أمام فراشه تنظر لجزعه العاري الملتف بشاش طبي ... كدمات متفرقة تعلو جسده يبدو أن الحادث حقا كان عنيفا ليؤذيه لتلك الدرجة .. فاضت دموع عينيها اقتربت منه تربت علي خصلات شعره تهمس باسمه بحرقة :
- غيث ... غيث ... رد علي ماما يا حبيبي
دخل فارس خلفها بصحبة رشيد وصبا وجوري ... اقترب من زوجته يربت علي كتفها برفق ينظر لوالده بالكاد يسيطر علي دموع عينيه يحاول طمئنه نفسه قبلها :
- ما تخافيش يا ياسمين الدكتور بيقول هيبقي كويس ... يارب ... بإذنك يارب هيبقي كويس 

وقفت صبا هناك بعيدا تنظر له رغما عنها انسابت دموعها بحرقة وضعت يدها علي فمها تنظر لحالته المذرية ... وعقلها يذهب لتفسير واحد فقط أن مراد هو من فعل ذلك ... هو من حاول قتله بعد ما فعله ... توترت حدقتيها تنظر لغيث لتعاود النظر لوالدها ... هل تخبر والدها بأمر مراد .. أم تكتفي بالصمت وتترك ذلك الشيطان يحاول أن يقتل أخاها كما حاول قتل غيث .... بالطبع هو من غيره سيفعل ... ستخبر والدها وما يحدث .... هي المخطئة في البداية وعليها أن تدفع ثمن خطئها الآن !!!
_______________
تقف في المطبخ تدندن بلحن أغنية ايطالية تحبها تلتف حول نفسها كفراشة بين حديقة أزهار ... سعيدة كلمة قليلة للغاية عما تشعر به في تلك اللحظات تكاد تطير فيها من الفرح ... قلبها يتراقص مع انغام الموسيقي ... هي وادهم والعشق ثالثهما ... قيس وليلى ولا مكان لجني الشعر هنا ... فقصائد قيس فاضت كنهر عذب في قلب ليلي روته لتزهر جنة عشقهم الخالدة ... ابتسمت سعيدة تنظر للطعام الذي أعدته بيديها لزوجها الحبيب النائم ... صوت دقات هاتف أدهم ... خرجت من المطبخ سريعا هناك ملقي علي الأريكة التقطته لتري اسم والدها فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها لتسمع صوت أبيها الحاد :
- جري ايه يا عم أدهم أنت هتفضل عايش في دور العريس كتير ... الشغل متعطل وأنت ولا هنا

ضحكت عاليا تحادثه والدها مبتسمة في حبور :
- أنا مايا يا بابا أدهم لسه نايم

ابتسم حمزة ما أن سمع صوت ابنته ليبادر قائلا :
- حبيبة بابا وحشاني والله ... روحي صحي عريس الغفلة وقوليله متعطل بسببه ... لو ما جاش هاجي أنا اعلقه

ضحكت مايا من جديد تحادث والدها لدقائق قبل أن تغلق معه الخط ...تحركت ناحية غرفة نومهما اقتربت من الفراش حيث يغط أدهم في نوم عميق كطفل برئ !! ... جلست جوار رأسه مدت يدها برفق تربت علي خده تحادثه بهمس خافت :
- أدهم ... أدهم اصحي يا أدهم ... أدهم اصحي عشان الشغل

تململ في نومته يتأثب ناعسا فتح عينيه قليلا لترتسم ابتسامة سعيدة علي ثغره امسك كف يدها يقبلها يتمتم ناعسا :
- صباح العسل ... بذمتك في حد يصحي من النوم يلاقي العسل دا كله قدامه 

ابتسمت خجلة !! تسبل عينيها برقة جذبت يدها من يده تغمغم بخفوت رقيق :
- علي فكرة انا بتكسف ... قوم يلا عشان تروح الشركة ... أنا هروح احط الفطار علي السفرة 

رفع حاجبيه ينظر في اثرها مدهوشا من تلك التي تخجل ؟!! ... مايا ... حرك رأسه يبتسم في حالمية شديدة ... أيام كالجنة قضاها معها ... ولكن لما يجب أن تدق الساعة الثانية عشر بتلك السرعة ... لما يجب أن ينتهي حلم الأمير سريعا ويضطر إلي الذهاب لعمله !!
_________________
أمام عمارة سكنية كبيرة حديثة الطراز لافتة كبيرة خط علي سطحها ( قاسم رشوان ... طبيب نفسي ) وقفت سيارته أمام عيادة الطبيب ينظر للافتة لحظات طويلة يزفر أنفاسه حانقا لا لن يذهب ولكنه يحتاج الي أن يذهب ... لن يفعل ... ولكنه بحاجة للحديث بحاجة لذلك .... حسم قراره ... ليقرر الصعود لأعلي لا مجال للتراجع الآن ... ما إن صعد إلي أعلي وقفت سيارة لينا هي الاخري نزلت من سيارتها لتلمح عينيها سيارة زيدان تقف أسفل عيادة قاسم ... زيدان هنا ... ماذا يفعل ... ولما جاء لقاسم من الأساس ... هناك حلقة مفقودة ... ستعرفها الآن ... أخذتها طريقها سريعا لأعلي تبحث عنه هو أولا !!!

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1