رواية قبلة على جبين الوهم الفصل السابع 7 بقلم خضراء القحطاني


 رواية قبلة على جبين الوهم الفصل السابع 


سمير وقف جنب السفرة، فريدة قدّامه، ماسكة الفوطة في إيدها، وبتنشف فيها صوابعها بتوتر.
هو قالها، بنبرة ما فيهاش ولا نقطة كبرياء:فريدة أنا غلطت.
أنا شوهت ابني بإيدي.
سكت، مستني ردّها.
لكن فريدة ما ردتش، بس بصّت له نظرة طويلة.
نظرة مش فيها عتاب.
فيها تاريخ.
وقالت بهدوء مرّ: اتأخرت يا سمير.
اللي اتكسر، ما بينفعش يتصلّح بجملة.
هو حاول يقرب، لكنها رفعت إيدها، تمنعه: عايز تعرف أنا حاسة بإيه؟
أنا كنت بتهز وأنا بنشفلك القميص.
كنت بخاف أسمع صوت خطواتك وانت راجع.
كنت بستنى الولاد يناموا، علشان ما يسمعوش صوتك وانت بتوبّخني على ملح الأكل.
بصّت ناحيته، وعيونها بتبرق من الوجع: وأنا اللي كنت فاكرة نفسي قوية علشان ما بطلتش أطبخلك.
لكن دلوقتي فهمت أنا كنت بضعف مش بصبر.
سمير قال بصوت مخنوق:بس أنا حاولت أكون أب كويس؟
انت شفت ابنك وهو بيصرّخ زيك، وافتكرت فجأة إنك مش كويس.
طب يا سمير، فين كنت لما كنت أنا بصارع الخوف لوحدي؟
لما كنت بداري دموعي علشان ما تتهمني بالدراما؟
لما لجين كانت بتتعلم من عينيّا إزاي تسكت وهي موجوعة؟!
هو سكت.
كان عاجز عن الرد.
فريدة كملت، وصوتها ثابت: أنا مسامحة علشان ربنا،
لكن مش هرجع زي زمان.
أنا النهارده بقيت شايفة نفسي.
وما ينفعش أعملي Undo.
سابت الفوطة على السفرة، ومشيت من قدامه.
خطوتها كانت هادية، لكنها تقيلة.
زي واحدة ماشية فوق كرامة رجعتلها أخيرًا بعد غربة طويلة.
وسمير؟
فضل واقف في مكانه…
حاسس إن أول مرة يقول أنا غلطت كانت أول مرة يحس بالوحدة بجد.
كانت ليان ماشية في شارع وسط البلد، بين عمارات قديمة لونهّا الغبار والدخان،
الشمس كانت غايبة، والسماء رمادية، كأنها حزينة معاها.
الشارع زحمة.
باعة متجولين بينادوا على حاجتهم، صوت واحد
 بيقول:كيلو الموز بعشرة يا موززز!
وولد صغير بيجري ورا عربية فول، وصوت ميكروفون بيرنّ من بعيد بإعلانات صيدلية.
لكن ليان؟
كانت مش سامعة حاجة.
الضوضاء تحوّلت لصمت داخلي.
كأن وِدانها قفلت على صوت واحد بس:خانوكي يا ليان.
الجو كان بارد، الهوا بيعدي بين العمارات زي سكينة بتلسع في الخدود.
كانت لابسة بالطو رمادي طويل، والطرحة بتطير شوية على وشّها،
كأن الدنيا كلها بتحاول تخبّيها من الصدمة.
رجليها بتمشي لوحدها.
والرصيف مليان ناس،
راجل عجوز بيحاول يفتح كيس ترمس بإيده المرتعشة،
وبنت صغيرة ماسكة إيد أمها، بتبص لكل الناس بخوف بريء.
ورغم الزحمة، كانت ليان بتحس نفسها لوحدها تمامًا.
قلبها؟ كان كأن فيه زجاج بيتكسر جوّا…
مش بكاء،ولا صراخ، لكن كتمة.
اللي وجعها مش بس إن رامي خدعها.
ولا إن لمار ضحكت عليها.
اللي وجعها إنها كانت حطّاهم في مكان عالي قوي،
وهم رمَوها من فوقه، من غير ما يبصّوا تحت.
فجأة، حسّت إن حقيبتها تهتزّ.
موبايلها بيرن،

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1