رواية رائحة الارض المفقودة الفصل السادس 6 بقلم فارق العلي

 

 

 رواية رائحة الارض المفقودة الفصل السادس بقلم فارق العلي



الشمس مالت بكثافتها على أرض الجنوب، تشوي التربة وتفحّ جلود الناس كأنها ترمي كل حرّ الصيف دفعة وحدة. بين حقول القمح الجاف، كان "هندس" ينحني ويقوم، يحصد بيديه السمرتين سنابل تعبانه، تتكسر بلمسة من قد ما نشفت.

رغم هزال جسده وضلوعه البارزة من تحت قميصه المفتوح الأزرار، كانت حركته سريعة، دقيقة... كأنّه آلة فلاحية مصنوعة من صبر، من فقر، من عشرات السنين من التراب.

أبوه، عبد الستار، كان گاعد تحت شجرة نَبگ قديمة، ظلالها مكسورة، ما تكفي إلا رگبة، بس تكفيه. رجل في آخر الخمسين من عمره، وجهه متغضّن مثل الأرض، عيونه ضايفة من تعب السنين، لكن بيها صفاء نهر مشى كل عمره بهدوء.

كان يتفرّج على ابنه بنظرة فخر ممتزجة بهمّ ما ينطقه.

"بس هو بعده مثل ما هو..." فكّر، وهو يراقب خطوات هندس، "نفس الولد الهزيل اللي عمره ما زاد، بس عضله صار من فولاذ، وعقله من نار."

حتى المدربين بالجيش، من أول دورة قالوا:

> "هذا؟ هذا صح ضعيف ، بس لا يغرّك شكله... أعصابه حديد."

وكان دايمًا يجاوبهم بمزاحه المعتاد، وهو يضحك ويجرّ خنصره عالهوى:

> "شعبالكم غير عظم فلاح؟ جيبولي دبابة أفلشها بسنوني!"

أنهى هندس صف الحصاد الأخير، مسح جبينه المبلول بكمّه، ومشى بتعب واضح باتجاه الشجرة.

ما إن وصل، حتى صبّ استكان شاي من إبريق الحديد، ناول واحد لأبوه، وقعد بصفه، على التراب، على ظلال النبگ، بدون حچي.

الشاي كان مر، لكنه دافي... وفيه طعم الوطن.

عبد الستار، وهو ياخذ أول رشفة، نزل نظره على ابنه وقال بنبرة هادية، لكنها مملوءة بمحبة تعب السنين:

"أعرفك تعبان... والجيش مو نُزهه. وأول ما وصلت، ركضت على الحصاد... بس يابا، ما عدنا غيرك."

هندس، بدون ما يغير نبرة مزاحه، ابتسم وقال:

"ارتاح، فلاحك رجع... آني حصدت داعش، ما احصد كاعنا؟،يمكم ارتاح من اتگرم"

ضحك الأب بخفة، وهو يهز راسه، وقال بصوت حنون متعب:

"اسم الله عليك يا ابني... لا تفاول على روحك."

هندس باوع له لحظة، ابتسامته ظلت ثابتة، بس بعينه شي تغيّر. شي عميق، ساكت، ما بينحچي... بس كل زخة شمس على جلده، وكل سنبلة بحضنه، كانت تعرفه وتفهمه.

رجع هندس للبيت بعد يوم طويل، وجهه مغطى بغبار الحصاد، وعرق الشمس ناشف على جبهته. دخل للدار، شال نعاله عند الباب، وتنفّس هواء البيت كأنه داخل حضن عمره.

من المطبخ، طلعت ريحة الرز والمرق، دافية، مشبعة بالطمأنينة. زوجته يقين، السمراء ذات العينين البنيه الواسعتين،والشامة تحت الفك ، چانت ترتب السفرة بحذر، وعيونها ما تفارق الباب.

قعد هندس على الحصيرة، وورا لحظات تحلّقوا حوالينه أطفاله الأربعة، كل واحد بيهم يمدّ إيده للرز، وهو يضحك ويكول:

"هاااا... شنو، نسيتوني؟ صابين الغدة شنو عايشين مجاعة ولكم؟"

ضحكوا، وضحكت يقين وهي تحط الملاعق، وقالت:

"لا والله، انت تاخرت والجهال جاعو."

وسط الأكل، رفع ابنه قاسم، ذو العشر سنين، راسه وسأل بصوت خافت، لكن ثابت:

"بابا... ليش ما تضل هنا يمنا؟ ليش ترجع للجيش؟ ما أريدك تروح."

سكت الكل، حتى الملعقة توقفت بيد يقين.

هندس نظر لابنه، وكل الضحك انسحب من وجهه. بصوت هادي، جاد لأول مرة، گال:

"ابني... إذا آني ما أروح للجيش، منين نجيب أكل؟ منين نشرب؟ منين نشتري هدوم؟ لا تخاف على أبوك... ترى أبوك حديد."

قبل لا يكمل، قاطعته بنته الصغيرة لمياء، ذات الخمس سنين، بصوتها الرقيق:

"بابا... وين الفيل اللي وعدتنا بيه؟ مو گلت بالطريق جاي؟"

ضحك هندس من گلبه، انحنى صوبها، وربّت على خدها وقال:

"إي حبيبتي، الفيل بالطريق... بس تعرفين، جبير حيل، وما صار بالسيارة! مرة الجاية آني أركب عليه وأجي بيه؟"

لمياء بنته الصغيرة ذات الخمس اعوام صفّگت بإيدها، وضحكت بحماس، كأنها صدّگت الحلم صار حقيقة.

بعد ما خلصوا الغدا، گعد هندس بالحوش مع يقين، بيده استكان چاي، وهي گابلته قاعدة، صامتة، بس عيونها تحچي همّ كبير.

صوتها طلع أخيرًا، متردد، خايف:

"هندس... إذا صار عليك شي؟ إحنا وين نروح؟ شلون نعيش؟ كلبي مو مرتاح لهاي الفرقة الجديدة... صح الراتب يزيد، بس إذا خسرناك... وين ننطي وجهنا؟"

هندس ظل ساكت لحظة، وبعدين نطق بهدوء، بنبرة حزينة لكنها متماسكة:

"خليها على الله، هو الحامي... وإذا متت، عدچ راتب شهيد، وأوصيج بأبويه، بأمي، بخواتي... أنتي تعرفين شگد محتاجينچ."

يقين ضمّت إيدها لصدرها، نزلت دمعة من عينها، وكالت بهمس:

"ونِعم بالله العلي العظيم... بس شي بداخلي مو مرتاح، وكَولك الصدگ... هاي المهمة، مو طبيعية، وإنت حتى ما تحچي تفاصيل عنها تكول ممنوع."

هندس شاف الحزن بعينها، حاول يغيّر الجو، رجع لمزاحه:

"هااا... يعني خايفة عليه؟ ما متوقعها منج بس لا تحبيني ؟"

وجهها إحمر، وبصوت خجلان جاوبت:

"غير زوجي... يعني اكيد."

هو ضحك وقال:

" يعني اكيد شنو؟ ولج سنين متزوجين وما تكولين احبك ليش مو حتى الهوايش والصخلات بعتهن لعيونج" 

ضحكت يقين كعادتها 

وبخجل 

"انت تعرف ميحتاج اكول"

جاوبها بحماس

"شوكت نجيب الخامس؟ أريد فريق ملل طوبة... أني ١١ نفر!"

ردّت بخجل وضحكة خفيفة:

"ولك عيب... الأولاد يسمعونك!"

ضحكوا سوا، والليل نزل عالبيت بهدوء... بس الحكي بقى طافي بالهوا، مثل شمعة خايفة تنطفي.

دخلوا البيت على هدوء، ثلاث أرواح منهكة وأمل واحد يزحف بينهم.
شير كان يدفع كرسي إيفين المتحرّك ببطء، كأن كل خطوة تحمل وزن جبل، عينه على وجه أخته، وصدره يتقلّب بين الارتياح والخوف.

خمس أشهر مرّت عالحادث... بس إيفين بعدها مو متعافية.
جسدها هزيل، ملامحها باهتة، جلدها مصفّر من قلة الحركة وكثرة الأدوية.
أكثر الوقت تنام، وإذا صَحت... تبچي.
عيونها صارت مثل الماي الثقيل، صافية بس فيها غرق.

قبل لا يدخلون، شير همس لـ ليث وزوجته:

> "اسمعوني زين... لا تجيبون سيرة ريفا أبد كدامها. هي مفكرة إنها ماتت... وإذا عرفت الحقيقة هسه، تنهار."

ليث أومأ بصمت، وزوجته رفعت إيدها على صدرها علامة الوعد.

---

من فتحت شهد الباب، ركضت بسرعة وتعلّقت برجل شير، صغيرة بحجم حلم، بس وزنها كله اشتياق وحنين.
على الرغم من إن شير كان شايل إيفين، ويدفّها بكرسي متحرك، شهد رفضت تترك إيده.

صاحت بدلع، بصوتها الطفولي اللي كله عناد ومحبة:

> "مااا... اريد ابقة وية عمو شير!"

ليث اقترب، وحچى بصوته الحنون:

> "شهودة، حبيبي... عمو شير تعبان، خليه يرتاح شوي، يلا روحي ويا أمچ."

بس شير، صوته طلع يشبه صدى بعيد، صدى أبوّه خليل، لمّا كانت ريفا تتشبث فيه وهو يقول:

> "لا، خَلّها... شتريد تسوي، تسوي... هاي، راحتي لما تجي يمي."

ليث باوعه لحظة، ابتسم بخفة، وسحب شهد على خفيف، لكن شير ظلّ ماسك إيدها، ما فلتها.

---

وصلوا للغرفة.

زوجة ليث كانت قد جهّزتها خصيصًا لـ إيفين، نظيفة، مفرشة بلون وردي هادي، ومراية صغيرة معلقة على الجدار، وتحتها طبقة من الزهور المجففة تنشر ريحة خفيفة.

شير حط إيفين عالسرير بهدوء، كأنّه يرجّع قطعة من روحه مكانها.
عدّل الغطاء على رجليها، ومد إيده عالوسادة، رفع راسها شوي، وگال بنبرة دافية:

> "هنا ترتاحين...
أكو أكل يمج،، وجبتلج شغلات تحبينها حلويات ونساتل."

صمت لحظة، صوته نزل أكثر:

> "إنتِ بمكان آمن هنا، إيفين... تعافي والباقي يهون."

ما ردّت، بس دمعة نزلت من زاوية عينها، وهو فهمها بدون ما تحچي.

طلع شير بهدوء، سكر الباب وراه، وبقت زوجة ليث وحدها ويّا إيفين، تمسح جبينها، وتعدل البطانية، وتهمس:

> "هاي الغرفة كلها إلچ... ارتاحي ، وأني يمچ شما تحتاحين."

خرج شير وليث من البيت بهدوء، خطواتهم تمشي على الرصيف مثل ظلّين شايلين تعب الدنيا على أكتافهم، لكن بدون صوت.

الهوا ببغداد بآخر المساء كان خفيف، وريحة التراب من حدائق البيوت كانت تبرد القلب شوي، بس بالچبد... كان سخون.

بعد لحظة صمت طويلة، قال ليث بصوت خافت، كأنه يبوح بسر:

> "شوف شير... ضرغام اتصل عليه وإحنا بعدنا بالمستشفى. سأل عنك وعن إيفين، وتطمن إنها وصلت بخير. وهم، زين إنه عرفها ووصلك، ترى ضرغام دوم يروح يشوف الجرحى والمفقودين... يحاول يرجّعهم لأهلهم."

شير ظل ساكت، ينصت.

ليث كمل، وبنبرة أخفض:

> "بس وصّاني على شي... لا تحچي كدام أي أحد عن جابر... ولا عن ريفا.
حتى لو كان ضابط، أو مهما كانت رتبته. ضرغام شاك بضابط بيناتنه... الوحيد غيرنا – إحنا الأربعة – اللي يعرف بقصة جابر وريفـا. والمعلومة اللي وصلت تقول: جابر صار يدور على ضرغام شخصيًا."

رفع شير نظره، عيونه ثبتت على ليث، وهز راسه بتفهّم:

> "تمام... فهمت. بس نريد نحررها بأسرع وقت، ونجيبها هنا. وأنا راح أدور بيت إيجار قُريب، أكعد بيه أني وإيفين."

ليث وقف، وبصوت ناعم لكنه حازم:

> "عيب تحچي هيچ. بيتي جبير، وأنتَ... وأختك، مو ضيوف، إنتو إخوتي. والله أحطكم بعيوني، شير."

ابتسم شير، بصوت متهدّج من الامتنان:

> "وكفتك هاي ما تنسي، ليث. وبالمناسبة... شهودة من توصل للجامعة، كل التكاليف علي."

ضحك ليث بخفة، وقال وهو يناظر الشارع:

> "تعلّقت بيها، مو؟ تدري... هاي شهودة روحي من الدنيا. ما حبّيت شي بكدها بحياتي."

شير، وهو يبتسم، قال:

> "حقك... شهودة مثل الأميرات."

سكت ليث شوي، وبصوت فيه خجل وارتباك، قال:

> "شير... إذا صار عليه شي... توعدني تعتني بيها؟
بمرتي؟
حتى لو... تتزوجها. أني قابل."

شير وقف بمكانه، چفه رفع بإشارة قاطعة، وقال بعصبية ناعمة:

> "يمعود! شنو هالحچي؟ اسكت... لا تعيدها. الله لا يجيب شرّك."

سكتوا لحظة، صوت خطواتهم رجع يمشي، وكل واحد بيهم يبلع همه.

بعدين، كسر شير الصمت، وهو يلتفت بخفة:

> "بس قبل نرجع... خل أشتري دبدوب لشهودة."

ضحك ليث، وربّت على كتفه:

> "يمعود... كاعد تدللها أكثر مني!"

ضحكوا الاثنين، وضحكتهم كانت صغيرة... بس صافية، تشبه نقطة مي تنزل على جرح حار.

كانت الغرفة مظلمة إلا من ضوء خافت نازل من لمبة معلقة بالسقف، يلمع على سطح طاولة معدنية كبيرة، تتوسطها ملفات مبعثرة، وخرائط مطوية، وصور أقمار صناعية بالأبيض والأسود.

أربع كراسي... أربعة رجال.

ضرغام، شير، ليث، وهندس.

الغرفة تم تفتيشها بدقة قبل دخولهم... لا تليفونات، لا ساعات ذكية، لا أجهزة.
صمت ثقيل يملأ المكان... مو صمت فراغ، لكن صمت معلومات ما تنحچي بسهولة.

كانوا كلهم قاعدين، بس كل واحد شايل جبل برأسه.

ضرغام، بكامل زيه العسكري، ظهره مستقيم، صوته بدأ بنبرة محسوبة:

> "أول شي، شير... الحمد لله على سلامة أختك. إن شاء الله تتعافى، وترجع أقوى من قبل."

شير يومى برأسه بصمت. ما چان محتاج حچي، لكن نبرة ضرغام خفّفت شي من صدره.

ضرغام سحب ملف من وسط الطاولة، فتحه بهدوء:

> "المهمة الجاية... صعبة جدًا. راح أكون وياكم واضح: حكيت عن جابر وعن ريفا ويا شخص واحد بس غيركم. العقيد مهند."

رفع عينه، ونظراته صارت أثقل من الملف اللي بإيده:

> "بس وصلتني معلومة خطيرة من داخل التنظيم... بدوا يسألون عن ضابط اسمه ضرغام... ومعاه ثلاث جنود. هذا معناها شي واحد: جابر عرف إنّا ندور عليه. والمعلومة ما تطلع للتنظيم إلا إذا إلها طريق من عدنا. هذا يثبت شغلتين:
أولاً، جابر مو مجرّد أمير... هو حوت جبير، عميق بالتنظيم، ومحسوب لكل خطوة.
ثانيًا... استخباراتنا مخترقة."

سكت لحظة، وكأنّه يعطيهم وقت يستوعبون الطعنة.

كمل بنبرة أبطأ، أدق:

> "عندي شك كبير بالعقيد مهند. مهما سأل، مهما استفسر، لا تجاوبوه. لا تگولوله عن الخطوة الجاية، ولا موقعنا، ولا نيتنا."

شير گعد مستقيم، وصوته طلع بقوة، وجهه مشدود:

> "ليش ما نعتقله ونحقق وياه؟ إذا هو المصدر، أكيد يعرف مكان جابر وريفا. نكسر السلسلة من البداية."

ضرغام رفع إيده بإشارة توقف، ونبرته صارت حادة:

> "باللحظة اللي نعتقله... تفشل المهمة. راح يعرفون، ويوصلهم الخبر، مثل ما عدهم مهند اكيد عدهم غيره، وجابر يختفي مثل الدخان. إحنا نحتاجه يحس بالأمان. نخليه يرتاح، يتنفس، يظن إنّه مسيطر... حتى يظهر جابر، وساعتها نكدر نحرر ريفا."

انقطعت أنفاس الغرفة للحظة.

كل واحد بعينه سؤال، وشك، وهمّ.

ضرغام رفع الملف بيده، صوته كان حازم، بس نبرته مرنة، كأنّه يرسم خارطة على وجوههم:

> "مهمّتنا الجاية عملية مركّبة... نخدع بيها العقيد مهند، حتى يحس بالأمان، ويوصل شعور الطمأنينة لـ جابر."

هندس، وهو قايم على الكرسي بظهره للحيط، ضوّ عيونه يتحرك من ملف لوجه ضرغام، قال بنبرة ريفية صافية:

> "يعني نقشمّره؟"

ضرغام بدون ما يلتفت:

> "انزل... شناو عشرين."

هندس تفاجأ، ابتسم نصّ ابتسامة، وبصوت ساخر:

> "لا سيدي... شنو عملية مركّبة، شنو نخدع؟ آني رجال فلاح... كول نقشمّره وخلاص."

ضحك مكتوم طلع من شير، بس ضرغام حافظ على صرامته، وكتم الضحكة بنجاح وهو يرد بنبرة جادة ضامّة ابتسامة باينة بالعين:

> "أربعين شناو."

هندس وقبل ما يكمل الجملة:

> "حاضر سيدي!"
نزل فورًا، بلش يعد الشناوات وهو يتنفس بصوت واضح، لكن إذنه ما فاتتها بقية الكلام.

ضرغام كمل، وباقي الفريق يركز:

> "الخطة نشتغلها كالآتي: لو قلت لمهند مباشرة إن جابر مو هدفي، وطلع أمير زائف؟
راح يشك، يمكن حتى يكون عارف إن جابر مو زائف. وراح يبلغ، وجابر يهرب.

فلازم نخلي مهند يشوفنا نحاول نبحث، ونفشل.
نخليه يظن إنّا ضايعين وما عدنا شي ملموس."

سحب نفس، وبصوت أخفض:

> "المهم... عقيد مهند ما يعرف إنّي مخترق التنظيم من الداخل، وباسم أبو حارث، ورتبة أمير، ومسيطر على شعبة من شعب الاستخبارات هناك وعندي فريق جواسيس كامل مكون من السبايا الي ما كدرت احررهن لحد الان."

عيون الكل اتسعت، حتى شير رفع راسه كأنّه يسمع شي ما توقعه.

ضرغام رفع عينه وقال:

> "راح أستخدم هذا الموقع... لصالحنا."

مد إيده، قسم المهمات:

> "شير وليث: فريق التعامل مع مهند.
تغذّوه بمعلومات مزيفة، على فترات مدروسة، ونراقب شلون تتسرّب.

أنا وهندس: فريق العمليات الميدانية.
راح أرجع للتنظيم، وهندس يكون تحت أمرتي، كـ مجنّد متخفي. راح نكون الأذن والعين من جوه."

هندس، وبعد ما كمّل الشناوات، قام وهو يتنفس بسرعة، وقال بصوت واضح:

> "حاضر سيدي... بس عندي سؤال مهم جدًا."

ضرغام، بنظرة جدية:

> "تفضل، هندس."

هندس، وهو يضحك بصوت عالي، قال:

> "سيدي... تعرف وين يبيعون فياله؟
لأن جهالي مواعدهم بفيل، و متورّط!"

قبل لا يرد ضرغام، قطعها وقال وهو يهز راسه:

> "هندس... أعرف، أعرف. عشرين شناو مرّة ثانية."

رجع ضرغام جدي، صوته صار أثقل:

> "شباب، المهمّة كدامنا. اللي ميكدر يكمل، يكول ما أقدر.
بس اللي يكدر؟ نبدأ... على بركة الله. أهم شي: السرية التامة."

الكل أومأ بصمت.

هم واقفين يلبسون ستراتهم ويلمّون أوراقهم، ضرغام جاب تليفونه من الغرفه الثانية شاف شاشة تليفونه تشتغل.

مكالمة فائتة من رقم محفوظ باسمه:

> "صفية – المصدر الداخلي"

ابتعد عن المجموعة وضغط زر الاتصال فورًا.
ثواني... وردّت صفية، بصوت واطي، لكن ثابت:

> "سيدي... البنت اللي سألتني عنها، أم العيون الزرگ... شفتها اليوم مع الأمير جابر."

ضرغام كتم نفسه:

> "وين؟ أكديلي."

صفية:

> "ما أعرف الموقع... هم شدو عيوني أثناء التنقل.
بس المكان عميق... بارد... ساكت.
وصلتلهم أكل اليوم، وشفتها من بين الحراس. هي نفسها، البنية اللي حضرتها للزواج قبل أسبوع."

ضرغام صوته نزل:

> "أحسنتِي صفية... اسمعيني زين. أول ما تگدرين، قولي إلها: أخوچ شير يتواصل وياي. ووصّلي إلها هالكلمات:

> 'إيفين... عايشة'."

صفية ردّت بهدوء:

> "تمام، سيدي... أوصل الرسالة وأبلغك أول بأول."

ضرغام قطع الاتصال، وتنهيدة نزلت من صدره، بس نظرته بقت ثابتة.

صاح على شير وقال:

> "وصلنا إلها..."


شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1