![]() |
رواية اسير عينيها الجزء الرابع (للعشق قيوده الخاصة) الفصل السبعون بقلم دينا جمال
جلست في سيارته تعيد رأسها للخلف تتنفس بعمق تلتقط انفاسها الضائعة تحاول ان تٌهدي من ضربات قلبها المتسارعة
قبضت بيدها علي زجاجة العصير تقربها من فمها ترتشف منها القليل نجحت واجهت شيطان خوفها دون ان تخافه ارتسم ما يشبه شبح ابتسامة صغيرة علي شفتيها
تتنهد بقوة تحاول تنظيط انفاسها المبعثرة اخيرا ابتسمت ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيها هزمته لم يعد لشبح الماضي وجود بعد الان هي من انتصرت رغم كل ما فعله
التفتت برأسها تنظر لزيدان الجالس جوارها تبتسم له ممتنة سعيدة تشكره بعينيها علي ما قدمه ولا يزال يقدمه لها تشكره علي صبره في عشقها الي ان وصلا معا الي النهاية
ربما هي ليست النهاية الوردية كما في كل الحكايات ولكنها علي الاقل النهاية السعيدة ...... اجفلت من شرودها المبعثر علي صوته القلق يسألها:
- لينا انتي كويسة
ابتسمت تحرك رأسها بالايجاب .... ليمد يده ناحيتها يمسد برفق علي خصلات شعرها يردف مبتسما:
-تحبي نروح ولا لسه عايزة تروحي عند سهيلة
اعتدلت في جلستها تبتسم في حماس لتهمس لتردف سريعا:
- لاء طبعا نروح عند سهيلة انا هموت واشوف احمد
ابتسم لها يحرك رأسه بالايجاب دفع زجاجة عصير اخري اليها قبل ان يدير محرك السيارة يأخذ طريقه الي منزل جاسر وسهيلة
---------------------------------
علي صعيد آخر في سيارة ادهم المتجهة الي مطار القاهرة الدولي وقفت السيارة امام باحة المطار الخارجية لينزل منها بصحبة مايا أمسك يدها يتوجهان سريعا إلي صالة استقبال الركاب يسرعان الخطي ... الطائرة قد وصلت قبل دقائق من الآن وها هما قد تأخرا
وقفت مايا جواره تنظر حولها هنا وهناك تبحث عن والدها بتلهف الي ان رأته يتقدم لداخل القاعة صاحت باسمه كطفلة صغيرة لتركض ناحيته ترتمي بين أحضانه ... ضحك حمزة عاليا مما فعلت ليضمها لاحضانه أكثر أشتاق لابنته الصغيرة التي لن تكبر في ناظره ابدا .... ابعدها عنها قليلا يقبل رأسها احتضن وجهها بين كفيه يسألها مبتسما :
- عاملة ايه يا مايا وحشتيني اوي يا حبيبتي جيبالك معايا هدايا كتير اوووي
ادمعت عيني مايا تنظر لوالدها في شوق لتعاود الارتماء بين ذراعيه من جديد تحتضنه بقوة هي أيضا اشتاقت له وبقوة تلك الحية زوجته الجديدة اخذته منها ... منذ شهر تقريبا وهما خارج البلاد لأجل عيون زوجته المصون خرج صوتها ضعيف باكي :
- وأنت كمان يا بابا وحشتني اووي ... أنا مش عايزة هدايا ... أنا عيزاك أنت
ابعدها حمزة عن احضانه يقبل قمة رأسها ... لف ذراعه حول كتفيها يهمس لها بخفوت حاني :
- يا حبيبتي أنا دايما معاكي هو أنا عندي اغلي منك يا ميوش ...
نظرت مايا ناحية بدور التي تقف جوار حمزة تبدو سعيدة تري سعادتها بوضوح علي قسمات وجهها المشرقة لمعة عينيها توهج وجنتيها ... غص قلب مايا غضبا تلك السيدة تحاول سرقة ابيها منها .... اقتربت بدور منها تبتسم في توسع تحادثها بتلهف :
- ازيك يا مايا عاملة ايه يا عروسة وحشاني أوي والله
مدت مايا يدها تصافحها بابتسامة صغيرة متكلفة صفراء ... جعلت ابتسامة بدور تتوتر شئ فشئ إلي ان اختفت لتحمحم في حرج من رد فعل مايا البارد الجاف ... قطب حمزة ما بين حاجبيه ينظر لمايا متعجبا مما فعلت ... اقترب أدهم منهم في تلك اللحظة يبتسم في توسع يغمغم في مرح :
- سيبتك تسلمي دوري أنا بقي
اقترب أدهم من حمزة يعانقه بقوة ليربت حمزة علي ظهره يغمغم له مبتسما :
- اخبارك ايه يا ابن حمزة ... واخبار الشركة
ابتعد عن أبيه يردف مبتسما :
- تمام الحمد لله كله زي الفل ... سافرت إنت يا عمنا وقولت عدولي وانا اتسحلت هنا
ضحك حمزة عاليا ليصدم أدهم علي ذراعه بخفة يحادثه مبتسما في ثقة :
- غصب عن عينك تتسحل عشان أنا انبسط ... يلا مش هنفضل واقفين هنا طول النهار ... نطلع علي البيت واعمل حسابك بايتين معانا النهاردة
رفع أدهم كأنه يؤدي التحية لحمزة ابتسم يغمغم في ثبات ممتزج بمرح :
- تمام أوامر معاليك يا افندم ... هجيب الشنط واخلص الورق وانتوا استنوني في العربية
ضحك حمزة يلف يمناه حول كتف مايا ويسراه يمسك بها كف بدور خالد الصغير يتحرك امامهم يقفز في خطاه يتوجهون جميعا إلي سيارة ادهم في الخارج
___________________
بعد غروب الشمس بقليل وقفت سيارة زيدان أمام منزل عز الدين والد سهيلة ... نزلت لينا سريعا من السيارة تساعد زيدان في حمل حقائب الهدايا والألعاب الصغيرة التي جلبوها للصغير ...ارتسمت ابتسامة صغيرة علي ثغر زيدان وهو يراها تتحرك بتلهف أمامه تحمل ألعاب الصغير التي كانت تبتاعهم بحماس وسعادة يغرقان قسمات وجهها .. تحرك بصحبتها إلي أن وصلا الي باب المنزل بدأت لينا تقرع الجرس بشكل متواصل مزعج ... جذب يدها من علي الجرس يصيح فيها مدهوشا :
- بس يا لينا انتي عيلة صغيرة
قبل أن تردف بحرف انفتح باب المنزل فجاءة ليطل وجه جاسر الغاضب يصيح حانقا :
- ايييه في ايييه حد يرن الجرس كدة يا حمارة
اشارت لينا ناحية زيدان سريعا شهقت عاليا تصيح مذهولة :
- أنا رنيت الجرس ... دا زيدان ... حتي هو اللي واقف عنده
توسعت عيني زيدان في دهشة ... تلك الطفلة الماكرة منذ أن كانت صغيرة وكانت تلصق جميع المصائب وتلصقها به ودوما لم يكن يصدقها أحد !! ... امسك جاسر بأذن لينا يشد عليها بخفة يوبخها ساخرا :
- يا بت بطلي كذب بقي هتتسخطي سحلية ...
دفعته لينا في صدره بعنف رمته بنظرة سوداء قاتلة قبل أن تخطو لداخل المنزل تصيح بعلو صوتها :
- سهيلة أنتي فين
ضرب جاسر كف فوق آخر نظر لزيدان مشفقا يواسيه :
- ربنا يكون في عونك يا ابني علي البلوة دي
ابتسم زيدان في هدوء تقدم من جاسر ليركله بقدمه في ساقه بعنف تأوه جاسر متألما ينظر لزيدان متألما في حين ابتسم الأخير يتمتم في هدوء :
- علي الله تمد ايدك عليها تاني
توسعت عيني جاسر في ذهول أعطاه زيدان الحقائب ليعدل من تلابيب ملابسه في زهو أعطاه نظرة ساخرة قبل أن يتحرك للداخل هو الآخر ... مسد جاسر ساقه المكدومة بيده بخفة يتمتم ساخرا :
- ما جمع الا ما وفق فعلا
دخل زيدان إلي غرفة الصالون يبحث بعينيه عنها رآها تقف هناك قرب الشرفة الكبيرة المطلة علي الجزء الآخر من الحديقة ... خطفت أنفاسه ابتسامتها الواسعة لمعة عينيها المتوهجة وهي تحمل الصغير بين ذراعيها تضمه لاحضانها تتنفس عبيره البرئ تقبل يديه الصغيرة ... مشهد رائع سحر لبه ... اوجع قلبه نزل بعينيه الي بطن لينا المسطحة ليشعر بالاختناق ... لو كان صغيره حي الآن ... فقط لو كان ..... اخرج هاتفه يلتقط لها عدة صور سريعة وهي تحمل الصغير وهي تضحك ومقطع فيديو قصير وهي تلتف به حول نفسها ...زيارتهم لبيت سهيلة كانت طويلة الا أنها مرت سريعا ذلك الصغير أحمد خطف قلبه وقلبها معا ... انهيها زيارتهم بقبلة صغيرة زرعتها لينا علي خد الصغير لتعانق سهيلة بقوة تودعها ... توجهوا لمنزل والدها صف زيدان سيارته في الحديقة ليجد سيارة خالد تصتف جواره ... نزل خالد من سيارته ابتسم ما أن رآهم ... اقتربت لينا منه تعانقه بقوة ليلف ذراعيه حولها يشدد علي عناقها ... ابعدها عنه يحتضن وجهها بين كفيه ابتسم يتمتم بفخر :
- لينا بنت خالد السويسي ... خلت ابوها فخور اوي ببنته
توسعت عينيها في دهشة متي عرف أبيها ما فعلت ... لتضحك رغما عنها أبيها يعلم كل شئ يحدث لهم ... عادت تعانقه من جديد تهمس بسعادة :
- لينا بنت خالد السويسي أسعد بنت في الدنيا عشان عندها أب زيك
ابتسم خالد سعيدا يقبل رأسها وضع يده في جيب سترته يخرج لها لوح الشوكولاتة التي تحبه اخذتها منه في سعادة ليبتسم هو يتمتم :
- من وانتي عيلة صغيرة وأنا متعود كل يوم اجبلك شوكولاتة وأنا جاي من الشغل ... لما ما بتنكيش في البيت بشهالك في درج المكتب بتاعك ... هتلاقي فيه كتير ... روحي خديهم
صفقت الأخيرة في حماس ... لينا أمام الحلوي تعود طفلة صغيرة ... تحركت بحماس لداخل البيت ... اقترب زيدان من خالد ليتمتم الأخير وهو يبتسم :
- اخيرا الواحد خلص من همكوا كاتكوا الارف عيال تشل
ضحك زيدان رغما عنه يحرك رأسه يآسا خاله لن يتغير ابداا ... تحرك خالد بصحبة زيدان للداخل ... لوحت لينا لزيدان تصيح فيه بتلهف أن يري ما معها من حلوي ... اقترب زيدان يجلس جوارها تتعالي ضحكاته علي مشهدها الظريف وهي تحتضن الواح الحلوي
وقف خالد مكانه يعقد ذراعيه أمام صدره ينظر للصورة السعيدة أمامه ... لينا وزيدان ... حسام وجدته ... الأحمق يلعب مع جدته علي جهاز الكمبيوتر المحمول يعطيها احد الادرعة التي تستخدم في لعبة كرة القدم تتعالي ضحكات زينب علي مشاكسات حسام لها ... نظر حوله يبحث عنها متلفها ليراها تخرج من المطبخ توجهت ناحيته ليلف ذراعه حول خصرها يقربها لصدره يقبل جبينها ... ابتسمت تريح رأسها علي صدره ... ليتنهد هو بقوة ... توسعت ابتسامته يفكر بمكر .... اعتقد انه الوقت المناسب لرحلة طويلة بعيدا عن تلك العائلة المجنونة
___________________
علي صعيد آخر في منزل حمزة السويسي ... خرجت بدور من غرفتها صوب غرفة مايا ابنة زوجها تحمل معها عدة حقائب هدايا جلبتهم لها خصيصا ...تحركت تمشي في الممر تتنهد قلقة مايا لا تحبها بالكاد تقبلها ربما اعتقدت انها قد سرقت والدها منها ولذلك لم تفعله أبدا ... ابتسمت تشجع نفسها وقفت أمام غرفة مايا رفعت يدها تدق بابها ... سمعت صوتها يهتف من الداخل يأذن بالدخول .... ادارت المقبض ودخلت لتري مايا تقف في منتصف الغرفة ... علي فراشها حقائب الهدايا التي جلبها حمزة لها .... تخرج مايا منها الملابس وتقف أمام مراءتها تجربها ... التفتت مايا اليها تمسك بفستان أسود طويل ..نظرت لها تقطب ما بين حاجبيها في ضيق القت بالفستان علي الفراش عقدت ساعديها امام صدرها ابتسمت باصفرار
تسألها بنزق :
- نعم ... خير
ارتبكت بدور من معاملة مايا ابتلعت لعابها ارتجف قلبها تزعزع ثباتها لتتنفس بعنف تحاول أن تهدئ .... ابتسمت في هدوء تقترب منها اكثر رفعت حقائب الهدايا أمامها تغمغم مبتسمة في حنو :
- أنا جبتلك معايا دول يارب يعجبوكي
ظلت مايا تقف أمامها لم تبدي رد فعل واحد علي ما قالت بدور ... فقط تنظر لها في سخرية ... وضعت بدور الحقائب علي الفراش لتقترب منها وقفت أمامها مباشرة وعلي حين غرة عانقتها بقوة .... توسعت عيني مايا في دهشة مما فعلت .... تنظر لبدور في ذهول في حين بدأت تحادثها بدور بصوت خفيض حاني :
- أنا مش عايزة أسرق باباكي منك يا مايا زي ما انتي فاكرة صدقيني ... أنا مريت بظروف بشعة اووي في حياتي ويمكن باباكي هو عوض ربنا ليا
ابتعدت بدور عن مايا لتري الأخيرة انها كانت تبكي ... تنهمر دموعها بعنف تغرق خديها نظرت لمايا في اسي تغمغم بقهر :
- صدقيني يا مايا ... أنا مش قادرة اوصفلك حتي بشاعة اللي حصلي من جوزي الاولاني ... اترددت وخوفت كتير قبل ما اقبل بعرض باباكي ... خوفت ليبقي زيه ... قولت هعيش لولادي بس .... حب الولاد وتعلقهم بيه هو اللي شجعني اني اوافق ...
مدت يديها تمسك بيدي مايا لتنظر مايا لها في شفقة ممتزجة بألم تنهدت تهمس بحرقة :
- أنا مش عيزاكي تكرهيني يا مايا ... يعلم ربنا أنا بحبك اووي ... ودايما بحاول ابقي قريبة منك بس انتي بترفضي ... انتي بتكرهيني يا مايا
ابتعدت مايا عنها خطوتين للخلف تنظر لها مباشرة في اسي تنهدت بقوة تهمس لها بخفوت حزين :
- أنا ما بكرهكيش ... أنا بس مش متعودة حد يشاركني في بابا غير أنا وادهم بس ... عندي إحساس دايم أنك جيتي عشان تسرقيه مني .
حركت بدور رأسها بالنفي سريعا تهمس لها بتلهف :
- ابدا والله يا مايا ... وبكرة الايام تثبتلك اني عمري ما هبعده عنكوا ابداا .... أنا بس نفسي نبقي أصحاب ... مش هقولك اعتبريني زي مامتك ... ينفع تعتبريني حتي صاحبتك أنا ما عنديش اصدقاء خالص في حياتي ..
ابتلعت مايا لعابها تنظر لها ترددت للحظات قبل أن تتنهد تحرك رأسها بالإيجاب تبتسم في هدوء ... لتسرع بدور في احتضانها من جديد تدمع عينيها من السعادة تهمس لها ممتنة :
- بجد أنا متشكرة اوي يا مايا ... شكرا ليكي
ابتسمت مايا في هدوء بدور زوجة أبيها ليست سيئة كما ظنتها ... فتحت بدور حقائب التي ابتاعتها لها تريها إياها في سعادة ترتسم علي قسمات وجهها
بينما في الأسفل تحديدا في مكتب حمزة ... يجلس حمزة جوار أدهم امامهم الكثير والكثير من الأوراق .... رفع أدهم وجه نظر لحمزة يتمتم مبتسما :
- بس يا باشا دي كل الصفقات والمعاملات االي حصلت في الشركة الفترة اللي فاتت ... ايه رأيك سديت جامد مكانك
ضحك حمزة بخفة يصدم أدهم علي رأسه برفق يردف ضاحكا :
- طول عمرك سادد مكاني يا حمار مش جديدة اديني جيت اهو عشان ما تقعدش تولول سايبني مسحول في الشغل لوحدي
انكمشت ملامح ادهم في اسي يغمغم متحسرا علي حاله :
- آه والله اتسحلت وأنا عريس حسبي الله ونعم الوكيل
توسعت عيني حمزة في دهشة ليمد يده يقبض علي تلابيب ملابس أدهم يرميه بنظرات حادة غاضبة يهمس متوعدا :
- بتحسبن علي مين يلا
شخصت عيني أدهم من الصدمة زلت لسانه الصغيرة ... ستؤدي إلي أن يزل عنقه من فوق رأسه .. ابتلع لعابه يهمس مرتبكا :
- ففففي الشغل طبعا يا باشا ... أنا اقدر بردوا
ضحك حمزة ساخرا يدفعه بعيدا عنه ليعود لمقعده من جديد ... لحظات صمت قبل أن يلتقت حمزة برأسه من جديد له يسأله مبتسما :
- صحيح أخبار جدتك واخوك ايه
ارتسمت ابتسامة هادئة مطمئنة علي شفتي أدهم يردف مبتسما :
- الحمد لله ... مراد ربنا هداه أنت عارف دا ما بقاش بيفوت فرض .... ودلوقتي شغال في شركة عمي خالد ...
صمت للحظات قبل أن يضحك بخفة يردف من بين ضحكاته :
- أما جدتي بقي لسه زي ما هي اي حد ببضايقها بالشبشب .... مراد ما بقاش عنده وقت يقف في المحل قعدنا ساعتين أنا وهو نتحايل عليها انها تبطل تقف في المحل وهنجيب عامل يقف فيه ... وهي رافضة رفض تام ... آخر ما زهقت مننا قلعت شبشبها وقالت اللي هينطق هديله بالشبشب علي بوقه
انفجر حمزة في الضحك علي ما قال ... نظر لادهم يتمتم من بين ضحكاته :
- والله جدتك دي ست عسل ... ربنا يخليهالك
توقفت ضحكات ادهم لتبقس ابتسامة كبيرة تزين ثغره حين مد يده يمسك بكف حمزة يقبله يهمس له بصدق :
- ويخليك لينا يا بابا وما يحرمنا منك ابداا
ادمعت عيني حمزة ... ليعانق أدهم بقوة يربت علي رأسه وظهره يهمس له في مرح حاني :
- بس ياض بقي إنت عارف إن دمعتي قريبة وقلبي رهيف
بعد قليل جذبهم من الداخل صوت ضحكات مايا وبدور نظر ادهم وحمزة كل منهما للآخر في عجب ... قبل أن يتحركا للخارج ... ليروا خالد الصغير ابن بدور يجلس علي ارض المطبخ يضع صحن كبير فوق رأسه يدق علي احد الاواني كأنه عازف طبول بمعلقتين من الخشب ... مشهده جعل الجميع يضحك ... عادا حمزة الذي توجه بانظاره ناحية مايا وبدور التي تقفان جوار بعضهما البعض في مشهد رائع يشبه أم وابنتها لترتسم علي ثغره ابتسامة كبيرة يتنهد بارتياح
__________________
في صباح اليوم التالي تحديدا في مستشفي الحياة .... نظرت لينا في ساعة يدها لتجدها قد تجاوزت الثالثة عصرا ...حملت حقيبتها تستعد للرحيل ... خرجت من باب المستشفى حيث سيارتها بالخارج ...توسعت عينيها في دهشة حين رأت سيارة خالد تصف بالخارج .... خالد هنا ... نزل هو من السيارة في اللحظة التالية توجه ناحيتها مبتسما يغمغم مبتهجا :
- وحشتيني ... سيبي العربية السواق هيروحها وتعالي اوصلك
ابتسمت سريعا تحرك رأسها بالإيجاب لتتحرك بصحبته إلي سيارته جلست علي المقعد المجاور له ليدير هو محرك السيارة ابتسم يسألها يثبت انظاره علي الطريق :
- ما سامحتيهاش مش كدة
ابتسمت في هدوء فهمت عن من يتحدث فتنهدت تردف ببساطة :
- السماح مش بالسهولة دي يا خالد ... واللي هي عملته فيا ما يتنسيش ...
تبدلت ابتسامته باخري حزينة ليمد يده امسك بكف يدها يقبله يهمس لها مترفقا :
- حقك عليا
ابتسمت في هدوء تسحب يدها من يده تخللها في خصلات شعره ... نظرت ناحية الطريق لمحة خاطفة لتقطب ما بين حاجبيها في دهشة .. دقتت النظر للطريق ليس طريق عودتهم بأي حال من الاحوال التفتت له تسأله مدهوشة :
- خالد احنا رايحين فين دا مش طريق البيت
ابتسم تلك الابتسامة الماكرة التي تعرفها جيداا .. حرك رأسه بالإيجاب التفت لها يغمزها بطرف عينيه ابتسم يهمس في خبث :
- هخطفك
توسعت عينيها في اندهاش بما يهذئ ذلك الرجل عن اي اختطاف يتحدث هو .... التفتت بجسدها ترمش بعينيها في ذهول تنظر له في دهشة تصيح فيه :
- خالد أنت بتتكلم بجد ولا بتهزر ... خالد وقف العربية وفهمني
قلب عينيه في ملل لما لا تجاريه فقط ... ماذا سيحدث ان اختطفها وكأنها لم يفعلها قبلا مرارا وتكرارا ... اوقف سيارته علي جانب الطريق التفت له بجسده ابتسم يردف في هدوء :
- حبيبي انتي متعصبة ليه ... هي اول مرة اخطفك ... نبعد شوية عن مشاكل العيلة بنت المجانين دي ... أنا وانتي وشالية الساحل
غمزها بطرف عينيه في نهاية كلامه لتتوسع عينيها في دهشة ... لا يمزح كانت تظنه يمزح ... كيف ستستافر هكذا فجاءة ...هي حتي لا تملك ملابس سوي التي ترتديها .. حركت رأسها بالنفي تصيح فيه :
- ما تهزرش يا خالد يعني ايه نسافر كدة فجاءة ... حسام اللي فرحه بعد اقل من شهرين ... ولينا وزيدان .. ومامتك وشغلي ... دا أنا حتي ما عييش هدوم يا خالد
انتظرها الي ان توقفت عن الصياح .... ليقترب منها يكوب وجهها بين كفيه يحادثها مبتسما :
- خلصتي صريخ ... شنط هدومك فئ العربية دي أول حاجة ... لينا ومعاها زيدان وخلاص مشكلتهم اتحلت ... حسام كدة كدة هيقعد معانا في الفيلا ... أنا سلمت الموضوع لمهندس ديكور هفتح الحناج الشرقي ليه .... وامي معاها حسام والممرضين والخدم وحمزة وعمر وياسمين قريبين .... الشهرين الجايين بتوعي أنا وانتي وبسس
شهرين !! .... ردتتهم في نفسها بدهشة سيبتعدون عن البيت شهرين ... ابتسمت رغم دهشتها ... حقا اشتاقت لمفاجاءت خالد الغريبة وها هي علي وشك خوض مغامرة منها .... ابتسمت تهمس له ضاحكة :
- إنت مجنون والله العظيم مجنون يا قلبي
اسند جبينه علي جبينها يتنفس عبيرها بشغف يهمس لها بخفوت عاشق :
- أنا عاشق يا قلبي ... فاكرة الكلام اللي قولتهولك زمان ... لا تلوموا عاشقا ولا تنعتوه بالجنون ... فلو أصابك العشق مثله لقضيت الليالي تهذي كالمحموم .... فما فائدة العشق أن لم يتحلي بالجنون .... فالعشق داءً وأنا بمعشوقتي مجنون
ادمعت عينيها تحرك رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري كأنها تخبره أنا لن أنسي ابدا كل همسة تخرج من قلبك يعرفها القلب قبل العقل .... ارتمت بين أحضانه ليحاوطها بذراعيه لحظات طويلة من الصمت قبل أن يهمس لها بصوت خفيض عابث :
- ابعدي يا بسبوسة بدل ما نتقفش فعل فاضخ زي بنتك الهبلة والواد زيدان يشمت فينا
ضحكت لينا بخفة ابتعدت عنه تصدمه في صدره برفق ليغمزها بطرف عينيه يتمتم عابثا : ّ- كلها ساعات يا قلبي ونوصل لعشنا السعيد
ضحكت عاليا تحرك رأسها يأسة من تصرفات خالد التي لن تتغير أبدا ...
_________________
علي صعيد آخر في جامعة لينا ... انهت يومها الدراسي خرجت تستقل سيارتها متوجهة إلي مقر عمل زيدان ... استعانت بالقمر الصناعي لتذكر طريق عمله ... حين وصلت إليه ابتسمت في توسع تكافئ نفسها علي انجازها الرائع ... نزلت من السيارة متجهة للداخل تبحث عن مكتبه سألت أحد العساكر عن مكتبه ليدلها عليه ... حاولت أن تدخل ليوقفها العسكري علي باب غرفته اخبرته بهويتها ... ليدخل هو إلي الغرفة وقفت تنتظر خارجا لحظات فقط ورأته يهرع إلي خارج الغرفة وقف امامها يسألها قلقا :
- أنتي كويسة حصلك حاجة ... ابتسمت في خفة تحرك رأسها بالنفي ليتنهد بارتياح ... امسك كفها يجذبها معه لداخل الغرفة .... يغلق الباب عليهم ... ترك كفها ليحاوط وجهها بكفيه نظر لمقلتيها يهمس لها قلقا :
- وقعت قلبي في رجليا لما عرفت أنك برة ..انتي كويسة بجد ... المفروض لسه عندك محاضرة
ابتسمت تشعر حقا بالسعادة حين تراه قلقا عليها ... ذلك الشعور اللذيذ الذي يداعب خلايا قلبها برفق .... رفعت يدها تزيح كفيه لتحاوط عنقه بذراعيها ابتسمت تهمس له :
- المحاضرة اتلغت قولت اعملك مفاجأة ... وحشتني
ما إن نطقت جملتها حتي عاد يلحم ثورة مشاعره الهائجة ... عادت غيمات عشقه لترعد سماءه تصرخ بعشقه إلا محدود ... وتنير ملقتيه ببرق الحب ... التحمت ثورته مع حبات البندق يدمج عشقه بعشقها للحظات خارج حدود الزمان والمكان ... ابعدته عنها تصدمه في صدره تنهره حانقة :
- ولو حد داخل يا زيدان باشا المنحرف أنت
ضحك عابثا علي ما قالت ... ليمسك بكف يدها يتوجه بها إلي الأريكة في مكتبه تركها تجلس عليها وقف امامها يتمتم مبتسما :
- هجبلك عصير مش هتأخر
تحرك لخارج المكتب سريعا ظلت تتابعه بعينيها ... نظرت حولها إلي غرفة مكتبه ... تحركت من مكانها الي كرسي مكتبه الذي يجلس عليه ... جلست فوقه تنظر لاسمه المنقوش علي لوح من الخشب موضوع فوق المكتب حملته بين يديها تنظر له تبتسم تتنهد حالمة ... التقطت هاتفه الموضوع فوق سطح المكتب ... بالطبع تعرف رقمه السري فتحته تعبث فيه بضع لحظات ... قبل ان يدق الهاتف في يدها ويظهر اسم انجليكا مكتوب مكتوب بالعربية وجواره قلب باللون الأحمر وعلامة اللانهاية استشاطت مقلتيها غضبا ... من الاسم فقط تنفست بعنف فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها لتسمع الحية الشقراء تصيح فرحة :
- zedan How are you ... l miss you so much .... zedane , do you hear me ... hello ... zedane
_____________________
زفاف رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معني الموسيقي الضحكات الصور ... يتلقون المباركات السعيدة من الجميع كل ذلك لا يهم ... ما يهمه حقا أنها باتت اخيرا وبعد طول انتظار زوجته !!! ... الكلمة فقك طارت مع انغام قلبه الي لا نهائية العشق ... لا يصدق متي انتهي ذلك الزفاف ... ليحملها بين ذراعيه يتوجه بها إلي غرفتهم في منزل والده حيث أولي ليالي عشقهم .... ما إن دخل إلي الغرفة انزلها أرضا ليقبل جبينها كوب وجهها بين كفيه تلمع عينيها عشقا يهمس لها بشغف :
- اخيرا بقيتي مراتي اخيرا ... بحبك اوي يا سارة
ابتسمت له في خجل تخفض رأسها لأسفل تحرك رأسها بالإيجاب ... لفها بذراعيها يعانقها بقوة يغرزها داخل صدره يدخلها دوامة عشقه للمرة الأولى ... وبعد أن كان ما كان وسكتت شهرزاد عن الكلام الذي لا يقال اضطجع حسام بجسده علي الفراش يبتسن سعيدا اليوم تزوج من اختارها قلبه ... يشعر أنه يعيش في حلم وردي سعيد حانت منه التفاتة خاطفة إلي فراشه ليقطب جبينه في عجب ... ابتعد عن فراشه ينظر لسطحه النظيف ليقطب جبينه متعجبا مدهوشا أين ... أين هي ... أين تلك القطرات الثمينة المقدسة ... انتفض يزيح الغطاء كاملا ينظر لسطح الفراش كاملا في صدمة ... لا شئ التفت خلفه علي صوت الباب ليجد زوجته تخرج من المرحاض توا تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة .. اتجه ناحيتها يقبض علي رسغ يدها جذبها ناحية الفراش يشير بيده الي سطحه يتمتم محتدا :
- ايه دا يا سارة هانم ؟!!!
نظرت له مذعورة لتنظر لما يشير أدمعت عينيها تحرك رأسها نفيا هي حقا لا تعلم ... شهقت في ذعر حين قبض بأصابعه علي ذراعيها يهزها بعنف يصرخ فيها بجنون :
- يعني ايييييه ... كنت بقول جوزها اللي هيلبس المشاريب اتاريني أنا اللي هلبس المشاريب ... أنا هقتلك هموتك
حركت رأسها نفيا تبكي مذعورة تريد فقط فرصة لاخباره ولكنه رفض حتي الإستماع دفعها هو ناحية الفراش يقبض بيديه علي عنقها عينيه سوداء لا يري فيها سوي العذاب ... يقسم علي الثأر لشرفه بإزهاق روحها
- هقتلك يا سارة ... أنا هموتك ... هقتلك ... هقتلك
حسام حسام أنت يا ياض رد عليا
شهق بعنف وكأنه كان يغرق في بحر من الافكار السوداء كاد يموت غرقا فيها لولا أن انقذه أحدهم قبل لحظة النهاية ابتلع لعاه الجاف ارتجف جسده لينظر لشاشة التلفاز أمامه ... كان يشاهد احدي الافلام العربية القديمة ... مشهد زفاف وقتل العروس لأنها آثمة كما ظنوا بها الظنون .... لا يعرف ماذا حدث بعدها هل نام وما رآه كان حلم لا يتذكر أنه غفي ربما هي هلاوس احلام يقظة تأثر فيها بلقطات ذلك الفيلم الغريب .... تسارعت أنفاسه يلهث بعنف وضع يده علي صدره يشعر بدقات قلبه تتضارب داخل قفصه الصدري ... حلم كان يحلم او ربما يهذي ... تنفس بعمق يحاول أن يهدئ التفت برأسه جواره حين سمع جدته تهمس له قلقة :
- مالك يا حسام أنت كويس يا ابني ... اكلم أبوك
ابتسم لها في شحوب يحرك رأسه بالنفي سريعا ... امسك كف يدها يقبله يهمس لها في هدوء زائف :
- لا ما فيش داعي أنا بخير الحمد لله ... هطلع اخد دش حاسس اني غرقان في عرقي
قبل رأسها ... قبل ان يتحرك لأعلي حيث غرفته ...مر في طريقة علي الجناح الشرقي والاصوات المزعجة القادمة منه نتيجة هدم الحوائط الفاصلة بين غرفه ابتلع لعابه مرتبكا حين تذكر أن كاد يخنقها بيديه .... ليتوجه إلي غرفته سريعا يبحث عن هاتفه ... طلب رقم زيدان مرة واخري واخري دون رد .... القي الهاتف علي الفراش بعنف يتحرك في الغرفة بغير هدي يشد بيديه علي خصلات شعره وقف فجاءة في منتصف الغرفة يتنفس بعنف يحادث نفسه حانقا :
- ما تهدي كدة يا حسام في ايه دا حلم هلاوس من الفيلم المتخلف اللي كنت بشوفه .. ايوة صح بعد فيلم سوبر مان حلمت أن أنا بطير بالفانلة الحمالات .... حلم هلاوس حلم مالهوش معني ... أنا هروح لزيدان ...
توجه سريعا الي المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه متوجها إلي منزل صديقه
_________________
- لينا استني يا لينا يا لينا
همس بها زيدان حانقا يحاول اللحاق بزوجته التي يكاد يقسم أنها لو اشتركت في مسابقة العدو لفازتها فقط وهي تمشي ... منظره أمام الجميع بائس وهو يحاول اللحاق بزوجته المصون التي اندفعت لخارج المكتب ما أن رأت اسم انجيلكا علي سطح الشاشة ... أسرع في خطاه ليمسك برسغ يدها حاولت نزع يدها من يده كادت أن تصيح فيه أن يتركها لولا تلك الأعين التي تنظر لهم في استنكار لذلك شدت علي أسنانها تهمس له بصوت خفيض غاضب :
- سيبني احسنلك بدل ما اعملك فضحية في القسم
اقترب منها أكثر حتي سحق تلك المسافة الضئيلة التي ينتفس منها الهواء ... نظر حوله سريعا ليعاود النظر إليها يهمس لها حانقا :
- يا لينا ما ينفعش اللي بتعمليه دا ... مجرياني وراكي في القسم ... هفهمك كل حاجة والله بس تعالي معايا المكتب
ضيقت حدقتيها ترميه بنظرات حادة غاضبة تنهش الغيرة حدقتيها الحية لازالت تسعي خلفه ستريهما معا من هي ابنة عائلة السويسي .... نزعت يدها من يده بعنف ترفع رأسها لأعلي في إباء تحركت عائدة إلي غرفة مكتبه .... ليتنهد تعبا يهمس في نفسه :
- مجنونة قسما بالله
تحرك عائدا لغرفة مكتبه دخل إليها ليراها تقف في منتصف الغرفة تحرك ساقها اليسري بسرعة تعبر عن غضبها تكتف ذراعيها أمام صدرها تنظر له وكأنه وغد دنئ حاول سرقة حقيبتها الجديدة ... ابتسم ساخرا ليتحرك إليها أمسك ذراعيها بين كفيه بهدوء يحادثها :
- يا لينا يا حبيبتي مش أنا اللي مسجل اسمها علي الموبايل ومخدتش بالي خالص من حكاية القلب دي صدقيني
فكت عقدة ذراعيها تبعد يديه عنها اقتربت منه تضيق عينيها شرزا قبضت علي تلابيب ملابسه تهمس له حانقة :
- دي حاطة قلب أحمر وعلامة لا نهاية ... حب للأبد يا زيدان باشا
رفع حاجبه الأيسر ينظر لكف يدها الذي يقبض علي تلابيب ملابسه مستهجنا ما تفعل ارتفع جانب فمه بابتسامة خبيثة ليتحرك للامام وهي تقبض علي تلابيب قميصه توترت حدقتيها للحظات مما فعل قبل أن تحمحم بعنف تحاول إستعادة ثباتها الغاضب نظرت لحدقتيه الماكرة حين مال برأسه يهمس لها جوار اذنها متوعدا :
- سيبي القميص بدل ما نتمسك فعل فاضح جوا القسم
احمرت عينيها غضبا هل هذا وقت وقاحته لا ابدا هي غاضبة وستظل كذلك تركت قميصه بعنف تحركت لتغادر المكان تتمتم حانقة :
- أنا غلطانة اني سمعت كلامك وجيت معاك المكتب ...
تحرك سريعا يلحق بها قبل أن تغادر امسك برسغ يدها يجذبها إليه التفتت له تنظر لحدقتيه في غيظ في حين صاح هو حانقا :
- لينا بطلي شغل العيال دا واسمعيني المفروض يبقي في بينا ثقة اكتر من كدة ... أنا حلفتلك أن مش أنا اللي سجلت اسمها وماخدتش بالي اصلا من موضوع العلامة والقلب ... اعمل ايه تاني عشان تصدقي
صمت ينتفس بعنف ... نظرت لوجهه تعلم أنه صادق ولما سيكذب من الأساس ولكن ما يغضبها حقا أن تلك الحية لازالت علي اتصال به إلي الآن ... لما ... ألم ينتهي كل شئ ... وتبدد خلافهما للأبد لما لا تزال الحية تتواصل معه ... توجهت ناحية مكتبه تمسك بهاتفه اشهرته أمام وجهه علي اسم انجيلكا تصيح في غيظ :
- ماشي أنا مصدقاك مش أنت اللي مسجل الاسم .... ممكن أعرف بقي ليه ست انجليكا هانم لسه بتتصل بيك لحد دلوقتي .. أنا مراتك ومن حقي اعرف جوزي بيكلم الهانم دي ليييه
زفر أنفاسه حانقا من عنادها اقترب منها يقف أمامها من جديد رفع سبابته امام وجهه عقد ما بين حاجبيه يتمتم محتدا :
- وطي صوتك يا لينا احنا بتناقش مش بنتخانق ...
صمت يتنهد بعمق قبل أن يردف في هدوء :
- أنا وانجليكا بقالنا فعلا شهور ما بنتكلمش من ساعة ما رجعت روسيا وأنا ما حاولتش اتواصل بيها بأي شكل من الأشكال وما اعرفش حتي هي متصلة بيا دلوقتي ليه ...
اولاها ظهره يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم في سخرية :
- المفروض يبقي في ما بينا ثقة عن كدة يا لينا ... مش معاملة الزوج الخاين اللي اتقفش
بالجرم المشهود
زفرت أنفاسها في غيظ ماذا تقول له كدت أن اتميز غظيا فقط من رؤية اسمها صوتها المائع وهي تصيح باسمك يشعل دماء الغيرة في عروقي يدفعني لتمزيق عنقها ونزع لسانها من مكانها لتتوقف عن نطق اسمك ... تنهدت قبل أن تتحرك ناحيته التفت حول مكتبه لتصل إليه وقفت أمامه مباشرة تنظر إليه فحين تحاشي هو النظر إليها ... ابتسمت في خبث لتضع رأسها علي صدره تهمس له في هدوء ناعم :
- أنا بغير عليك يا زيدان ومن حقي اغير علي جوزي
رفع حاجبيه في سخرية ابتسم في خواء يحادثها :
- دي مش غيرة يا لينا دي قلة ثقة ... في فرق كبير اوي بينهم
تنهدت حانقة من عناده رفعت رأسها له تنظر لقسمات وجهه الغاضبة عينيه التي ترفض النظر إليها أنفاسه الحادة المتسارعة كانت علي وشك قول شئ حين انفتح الباب فجاءة ودخل حسام !! منه توسعت عيني حسام ما أن رآهم ليصيح غاضبا :
- يا نهار ابوكوا أسود دا التار ولا العار بقي ... قولت تيجوا القسم وتتمسكوا فيه ... بدل ما تتقفشوا برة ومشوار وعطلة
ابتسم زيدان ساخرا في حين انتفضت لينا بعيدا عن زيدان تنظر لاخيها حانقة اقتربت منه ابتسمت تردف في استفزاز ساخر :
- مالكش دعوة يا حقود وبعدين إنت ازاي تدخل من غير ما تخبط علي الباب وفين العسكري اللي واقف برة
اغتاظ حسام منها ليخطو تجاهها امسكها من تلابيب ملابسها من الخلف يحركها للأمام وللخلف يتمتم في غيظ :
- يا بجحة يا شبر ونص ... لو انتي مرات الواد دا بقالك سنة بالكتير فأنا صاحبه من خمس سنين كل اللي في القسم هنا يعرفوني ... يعني أنا ارميكي برة لو عايز
اطاحها ناحية زيدان ليمسك بها الأخير سريعا قبل أن تسقط التقت أعينهم للحظات اسبلت جفنيها تنظر له برقة قبل ان يشيح بوجهه عنها ينظر لحسام يحادثه حانقا :
- حسام بطل هزار البوابين بتاعك دا
اشار حسام بسبابته ناحية لينا باشمئزاز يتمتم بترفع :
- طلع السحلية دي برة عشان عاوزك في كلمتين لوحدنا
توسعت عيني لينا في غيظ احمرت حدقتيها غضبا كادت أن تخلع حذائها ذو الكعب الرفيع وتدق رأسه به ...الا انها تذكرت انها ترتدي اليوم حذاء أرضي دون كعب مناسب للذهاب للجامعة فمن سترتدي حذاء طو كعب رفيع وهي في طريقها للجامعة .... كورت قبضتها في غيظ تتوعد له فئ نفسها ... سمعت في تلك اللحظة صوت زيدان يحادثه :
- خد اختك واستنوني في العربية هودي الملف دا لخالي محمد واجي
تحرك هو أولا يجذب سترته وهاتقه ظلت للحظات تقف تنظر في اثره غاضبة منه ومن نفسها ... تحرك حسام ناحيتها يحادثها :
- يلا يا لينا
التفتت له تبتسم في خبث حركت يدها علي رقبتها وكأنها تتوعده بالقتل توجست نظراته مما فعلت خاصة حين تحركت تمشي أمامه في هدوء تام وكأنها لم تفعل شيئا توجه حسام لسيارته في حين انتظرت هي زوجها العزيز الغاضب في سيارته ... لحظات ورأته يتوجه إلي السيارة ... استقل المقعد المجاور لها ادار محرك السيارة ليتمتم بجملة واحدة قبل أن يغادرا :
- علي فكرة خالي خد اجازة وخد ماما وسافروا الساحل
توسعت عيني لينا في دهشة تبتسم رغما عنها والدها لن يتغير ابدااا
______________________
بعد طريق طويل وصلت سيارتهم أخيرا إلي منزل الساحل ... ذلك المنزل الصغير الذي جمع خيوط عشقهم منذ عودتها إليه من جديد أوقف السيارة ينظر لوجهها وهي نائمة يبتسم ... قلبه يخفق بعنف ... سنوات مرت بسرعة البرق لما يجب أن يركض العمر بتلك السرعة ... تنهد يمسح بكفه علي حجابها ... نزل من السيارة ينزل الحقائب يدخلهم إلي البيت ... أضاء المنزل المظلم ليعود إليها من جديد يمسح علي وجهها برفق يحادثها هامسا :
- لينا .. اصحي يا حبيبتي ...لينا
اطلت عليه بينوبع مياة عشقه تبتسم له ناعسة تثأبت تسأله بصوت متحشرج ناعس :
- وصلنا ؟
حرك رأسه بالإيجاب يبتسم لها ... لتقبل وجنته فتحت الباب المجاور لها تنزل من السيارة كادت ان تدخل الي المنزل حين جذب عينيها مشهد غروب الشمس وهي تسقط علي موج البحر عادت إدراجها وقفت علي رمال الشط خلعت حذائها تستشعر موج البحر يداعب قدميها .... نظرت حولها لا أحد من الجيد أن المكان فارغ الآن مدت يدها تنزع حجاب رأسها تسدل خصلات شعرها لتبتسم تنظر لضوء الشمس عند غروبها لتمسك بخصلة حمراء من شعرها تشبه شمس الغروب ... اجفلت حين شعرت به يلف ذراعه حول كتفيها اسندت رأسها الي صدره ينظران معا لغروب الشمس ... تنهدت تهمس له :
- شكرا أنك موجود في حياتي يا خالد
ابتسم لها يشدد من احتضانها لصدره هي تنظر لها تنهد بحرارة يهمس لها :
- شكرا انك كل حياتي يا لينا
التفتت له ليصبح وجهها مقابلا له ينظر لعينيها وتغوص في مقلتيه تسبح معه بين أمواج العشق وشمس الغروب تلون امواجهم بلهب القلب النابض عشقا حتي النهاية .... ابتعدت عنه تتحرك ناحية المياة التي لامست ركبتيها انحنت قليلا تنظر له تبتسم في براءة لتقذفه فجاءة بالماء صدحت ضحكاته العالية ليتحرك إليها يحملها بين ذراعيه فجاءة يردف من بين ضحكاته المتشفية :
- بترمي عليا ماية دا أنا هعملك طعم اصطاد بيه السمك
ضحكت عاليا تتعلق بعنقه هنا بين امواج ضحكاتهم لا نهاية لها
__________________
حين وقفت السيارة في حديقة منزل زيدان نزل منها دون كلمة واحدة ... استشاطت غضبا من تجاهله .... نزلت تلحق بهم لتجد شقيقها يقترب منه همس له ببضع كلمات لم تسمعها في حين حرك زيدان رأسه بالإيجاب نظر ناحية لينا يحادثها في هدوء جاف :
- حضرلينا العشا علي ما اتكلم مع حسام
رفعت حاجبها الأيسر مستهجنة ما يقول كتفت ذراعيها أمام صدرها تتمتم ساخرة:
- امرك يا سي السيد
التفت ترحل غاضبة في حين ابتسم زيدان يأسا .... امسك بيد حسام دخل معه إلي حجرة مكتبه ... تهاوي حسام علي اول أريكة قابلته يخفي وجهه بين كفيه نظر زيدان له قلقا جلس جواره يربت علي ساقه يسأله :
- مالك يا ابني فيك ... احكيلي
رفع حسام وجهه ينظر لصديقه بأعين شاردة خائفة متوترة تنهد بعنف يزفر أنفاسه الجاثمة علي قلبه تتغلغل فيه كالنيران حين تأكل اللحم الحي ... عاد يزفر مرة واخري واخري وكأنه يحاول أن يهدئ ... ابتلع لعابه يغمغم فجاءة :
- هحكيلك بس ما تقاطعنيش
حرك زيدان رأسه ليبدأ حسام يسرد عليه ما رآه في حلمه او في هلوسته ... هو حقا لا يعرف ماذا حل به .... انهي كلامه ينظر لصديقه متوترا في حين ضحك زيدان رغما عنه يردف بذهول من بين ضحكاته :
- حسام أنت بتهزر صح كل اللي أنت فيه دا ... بسبب تخاريف حلم من فيلم عربي قديم
هنا هب حسام واقفا يفرك يديه تارة يجذب بها خصلات شعره تارة بتحرك بلا هدي في انحاء الغرفة تارة وقف فجاءة ينظر ناحية زيدان لينفجر صائحا يخرج ما يجيش بقلبه من قلق :
- يا زيدان افهمني وبطل ضحك ... أنا خايف ... خايف علي سارة مني ... أنت عارف اني بعاني من النوبات اللي بتجيلي ... مش عارف ليه أنا حلمت الحلم دا ولا افتكرت الموقف دا أنا كنت نسيته تماما ... أنا واثق أن سارة ما تغلطش ... مش كدة يا زيدان سارة ما تغلطش الغلطة دي صح
تفهم زيدان خوف صديقه في تلك اللحظة كم شعر بالندم لأنه استعان به هو تحديدا لو كان فقط يعلم بأنه سيكون هو زوجها لما استعان به أبدا ... هو من ادخل الشك لقلب صديقه دون قصد منه ابداا ... وقف اقترب من حسام وضع يده علي كتفه يحادثه برفق :
- اهدا يا حسام ... الموضوع مش اكتر من حلم هلاوس بيحاول الشيطان يزرعها في عقلك ... عشان ينكد عليك فرحتك ... أنت واثق قبلي أن سارة شخصية حساسة وبريئة وبيور ما تعملش غلطة زي دي أبدا ... ما تخليش الشيطان يلعب بعقلك يا صاحبي ...
تنهد حسام بعنف يمسح وجهه بكفي يده يحرك رأسه بالإيجاب دون توقف يؤكد علي كل كلمة قالها صديقه يطرد بها وساوس شيطان اقتحم عقله ليؤرق نومه ويزرع الشك في قلبه ... في اللحظة التالية كانت تفتح لينا باب غرفة المكتب بعنف نظرت لهما معا تضيق عينيها تحاول أن تعرف فيما كانا يتحدثان رسمت ابتسامة صفراء علي شفتيها تغمغم ساخرة :
- العشا يا سي زيدان
ضحك حسام رغما عنه في حين ابتسم زيدان ساخرا ... ربت علي ظهر حسام الواقف جواره يحثه علي التحرك معه لغرفة الطعام اخفض صوته يهمس له ساخرا :
- خد بالك هتلاقيها حاطلنا سم في الأكل
توسعت عيني حسام في توجس لا يستبعد أن تفعل شقيقته المجنونة ذلك توجهوا جميعا إلي غرفة الطعام قبل أن يصل زيدان اتاه اتصال من محمد وقف في صالة المنزل يجيبه ... تقدم حسام لصالة الطعام لمح لينا تضع شيئا علي المعكرونة التي في طبقه هو !!! .... عض شفتيه متوعدا لها .... دخل إلي الغرفة في هدوء كأنه لم يري شيئا ... ابتسمت لينا له ببراءة خبيثة جلس في مقعده كادت أن تجلس حين شهقت فجاءة تتمتم :
- نسيت السلطة
هرولت لخارج الغرفة ابتسم حسام في خبث لا يقل عنها مثقال ذرة أبدل طبقها بطبقه ... لحظات والتف الجميع حول المائدة ابتسمت لينا في انتصار تغمغم بخيلاء :
- باستا بالوايت صوص واستيك بالمشروم صوص وسيزر سلاد
ابتسم حسام ساخرا يعدل ما تقول بطريقته :
- مكرونة ناية ببشاميل خفيف ما يبتلعبش ولحمة نص سوا عليعا مشروم محروق ... وطبق سلطة عليه صدر فرخة بايتة
ختم كلامه بابتسامة كبيرة صفراء مستفزة لتطحن لينا أسنانها في غيظ تنظر له بتشفي الآن فقط ستنتقم من شقيقها الاحمق علي إهانته وسخريته منها ... جلست تأكل من طبقها باستمتاع تختلس النظرات إليه بين لحظة واخري تنتظر إلي أن تظهر علامات الألم علي وجهه ... لكن بدلا من ذلك بدأت تشعر هي بألم غريب غير مبرر يطحن امعائها نظرت ناحية شقيقها لتري ابتسامته المتشفية غمزها بطرف عينيه يهمس لها ساخرا :
- تعيشي وتاخدي غيرها
سبته لينا بغيظ لتهرول إلي خارج الغرفة إلي المرحاض قطب زيدان جبينه قلقا نظر لحسام يسأله :
- هو في ايه ... ايه اللي حصل
تحرك حسام من مكانه يمسك بطبق الطعام الموضوع أمام لينا توجه به إلي سلة المهملات في يلقي ما فيه داخلها نظر لزيدان يتمتم ضاحكا في تشفي :
- لينا هانم كانت حطالي ملين في الأكل فأنا بدلت طبقي بطبقها ... وضع الطبق علي الطاولة من جديد اخرج قلمه من جيب سترته يبحث عن ورقة صغيرة إلي أن وجد واحدة خط عليها اسم نوع دواء معين أعطاه لزيدان يغمغم مبتسما :
- اتصل بأي صيدلية خليهم يجبولك البرشام دا ليها ... أنا ماشي يا صاحبي سلام
رحل حسام في هدوء تام وكأنه لم يحدث كارثة ... سريعا كان يطلب حسام اقرب صيدلية له يخبرهم باسم الدواء ... صعد لأعلي يبحث عنها دخل الي غرفتهم ما ان خط داخلها رآها تخرج من باب المرحاض وجهها شاحب تمسك تبسط يدها علي معدتها هرول إليها سريعا لترتمي علي صدره تأن من الألم ... مسح علي رأسها بخفة يهمس لها قلقا :
- دقايق والعلاج هيجي ... حد يعمل الجنان دا بردوا يا لينا
تأوهت من جديد من ألم امعائها الطاحنة ... شدت علي أسنانها تهمس له في غيظ :
- كنت عايزة انتقم منه عشان اتريق عليا.في القسم وفضل يمطوح فيا ولا كأني لعبة وكان هيوقعني
ضحك زيدان يأسا يمسح علي شعرها برفق كاد أن يقول شيئا الا أنها دفعته تسرع للمرحاض من جديد ... في تلك اللحظات دق جرس الباب نزل زيدان سريعا يأخذ الدواء من عامل التوصيل التابع للصيديلة صعد إليها ليراها تخرج من المرحاض مرة أخري ... قدم لها قرصين وبعض الماء ... ارتشفتهم بوهن لتسقط علي صدره من جديد دقائق وشعر بأنفاسها تنتظم ... لينا نامت وهي واقفة تسند رأسها علي صدره ... حملها برفق يتوجه بها الي الفراش وضعها يجذب الغطاء يدثرها به في الصيف !! ... تسطح جوارها يشتم حسام في سره كلما تشنجت قسمات وجهها من الألم
__________________
لما تمر الأيام السعيدة بسرعة الضوء سرعة فقط تحسبها ولا تشعر بها تلفك بالكامل تغرقك داخل امواجها ... يقال أن العقل البشري يتمتع بقدرة مذهلة علي الاحتفاظ بالذكريات السيئة بكافة تفاصيلها المزعجة وتبقي ذكرياتنا السعيدة ومضة صغيرة تظهر في فلاش كاميرا قديمة لصورة فتاة تضحك .. قناة ذات أعين زرقاء وشعر أشقر يحمل ألوان الشمس من شروقها إلي الغروب ... علي شط البحر الهادئ امامهم جلست لينا تفرد ساقيها امامها في حين يتسطح خالد علي الرمال الرطبة يضع رأسه علي قدميها تخلل خصلات شعره بأصابعها خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيها تهمس له مبتسمة :
- الأيام بتجري بسرعة أوي فاضل أسبوع علي فرح سارة وحسام ... لازم نرجع يا خالد ما ينفعش نرجع ليلة الفرح ...
ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب يوافقها علي ما تقول ليغمغم مبتسما في هدوء :
- بكرة يا حبيبتي هنرجع
زفرت بارتياح اخيرا وافق علي العودة رغم أن الأيام الماضية كانت حقا لا تنسي تقسم أنها من أسعد أيام حياتها ... ارتسمت ابتسامة حنين علي شفتيها حين مر أمام عينيها ذكري قديمة للغاية خرجت ضحكة مرحة من بين شفتيها فجاءة ليقطب ما بين حاجبيه يتمتم مبتسما :
- ضحكيني معاكي طيب
حركت رأسها تتمتم مبتسمة :
- فاكر لما كنا بنسافر زمان المصيف وما كنتش بترضي تخليني آكل في الطريق
ارتسمت علي شفتيه هو الآخر ابتسامة حنين حين مرت تلك الذكري أمام عينيه همهم يردف مبتسما :
- ايوة عشان كنتي بترجعي وبتتصفي في الطريق .... كنتي طفلة مقرفة ... بترجعي عليا أنا بس ... دا أنا كنت بسافر بأعفن هدوم عندي بسببك
انفجرت في الضحك حتي أدمعت عينيها من الضحك ليعتدل هو جالسا جوارها يشاركها في الضحك .... لتردف من جديد من بين ضحكاتها :
- طب فاكر مرة واحنا صغيرين لما خرجت من باب المدرسة وما لقتكش وجت ست غريبة قالتلي انتي بتدوري علي مين ... قولتلها اسمك قالتلي ايوة ايوة دا مستنيكي علي اول الشارع تعالي معايا
عض علي شفتيها غاضبا حين مرت أمام عينيه تلك الذكري الحمقاء كانت ستذهب ببساطة مع احدي خاطفي الأطفال لولا أنه رآها مصادفة صاح باسمها لتتركها السيدة وتركض قبل أن يلحق بها .... نظر للينا التي تجلس جواره تضحك ليمد يده يمسك بطرف اذنها يتمتم في غيظ :
- قايلك بدل المرة عشرة ما نروحش مع اي حد يقولك تعالي اوديكي لماما ... لو ما كنتش شوفتك ساعتها يا عالم كان هيحصل ايه
ضحكت تبعد اذنها عن يده كانت طفلة صغيرة بلهاء سهل خداعها ... هدأت من سيل ضحكاتها قليلا تحاول التقاط أنفاسها صمتت للحظات قبل أن تصفق بيديها حين تذكرت احدي ذكرياتها من جديد لتتمتم في حماس :
- طب فاكر لما عمو محمود ضربك عشان كنت ساقط في الامتحان وزورت امضته علي الشهادة
ضيق عينيه ينظر لها شرزا مسح وجهه بكف يده يردف حانقا :
- ما خلاص يا لينا ايه حقيبة الذكريات العرة اللي فتحتيها فجاءة دي
ضحكت علي غيظه لتمد يديها تقرص خديه بأصابعها تبتسم في براءة تردف وكأنها تحادث طفل رضيع :
- حبيبي يا ناس بيتضايق من ذكرياتنا السعيدة
- سعيدة دي تبقي خالتك
غمغم بها في برود يبتسم في براءة ... لتضيق حدقتيها تنظر له مغتاظة توسعت ابتسامة الخبيثة حان وقته هو ليتولي دفة الذكريات ابعد يدها عن وجهه يتمتم في خبث :
- طب فاكرة لما كانت بتقع سنانك وتحطيها تحت المخدة قال ايه ال جنية الاسنان هتيجي تاخدهم وتديكي فلوس ... وكنتي بتكتبيلها علي ورقة ( خدي سنة الجاموسة وهاتي فلوس اجيب عروسة ) يا جاموسة
ختم كلامه بضحكة عالية صدحت من فمه اهتزت لها احباله الصوتية بالكامل في حين أحمر وجهها هي غيظا تحاول الا تضحك علي ما كانت تفعل وهي صغيرة كورت يدها تصدمه علي ذراعه بعنف تصيح فيه :
- بس يا خااااالد
هدأت ضحكاته يضع يده قرب فمه كأنه يخبرها ها أنا توقفت عن الضحك ... صمت للحظات أخري قبل أن تتسع ابتسامته يردف ساخرا :
- طب فاكرة لما كنا مسافرين كلنا في أسوان وفضلتي واقفة ساعة تعيطي عشان عايزة تلوني جدران المعبد بألوان خشب ... ولا لما كنا بنشتري هدوم وفجاءة اختفيني وقلبنا عليكي الدنيا وفريدة تصوت وامي تعيط وفي الآخر ونلاقيكي قاعدة في محل الكشري اللي قدام محل الهدوم بتضربي كشري عادي ولا بتعزمي عليا كمان
صااااحت من الغيظ من سيل ذكرياتها المقززة ... اندفعت ناحيته تضع كفيها سويا علي فمه تصيح فيه حانقة :
- بس خلاص بسسس ... ما فيش ذكريات تاني تتقال وبعدين الكشري كان ريحته حلوة وانتوا عمالين تقولولي لما نخلص شرا هدوم نبقي نروح ناكل
صدحت ضحكات خالد العالية ليسقط علي ظهره أرضا يضحك بعلو صوته حتي بدأ يسعل توقف عن الضحك يحاول تنظيم أنفاسه نظر لها وهي تجلس جوارها تكتف ذراعيها غاضبة خصلات شعرها تتطاير حوله دعاها إلي أحضانه مبتسما جذب يدها برفق لتسقط رأسها علي صدره ابتسمت تغمض عينيها في راحة في حين تنهد هو بعمق يهمس لها :
- كل ذكري من الذكريات دي كانت نفس عيشت عليه في غيابك يا لينا ... ربنا ما يحرمني منك ابداا
دعت بالمثل لتغرق رأسها في صدره يشاهدان الشروق وهو يضئ بنوره علي المكان يشرق بشمس عشق جديدة
_________________________
شهرين اختفي فيهما عن الانظار ... شهرين ترك الجامعة حين عاد صادق من مؤتمره الطبي ... ليصل له في تلك الاثناء دعوة لحضور مؤتمر طبي في لندن ... كان فرصة رائعة ليهرب بها من تلك الوساوس التي تؤرق عقله منذ ذلك الحلم الأخير ... سافر طوال فترة غيابه كان يطمئن عليها بمكالمات قصيرة لا تتعدي بضع دقائق ... اليوم عاد يحمل الكثير والكثير من الهدايا للجميع ولها هي تحديدا ... حين خرج من المطار خلع نظراته السوداء يبحث عن سيارة أجري ليري زيدان يقف في انتظاره خارجا ابتسم حسام في حبور أسرع كل منهما للآخر يتعانقان بقوة ربت زيدان علي ظهر بقوة يهمس له :
- حمد لله علي سلامتك يا صاحبي ... طالت غيبتك شهرين يا جدع كويس أنك رجعت قبل الفرح ... هنعمل فرح من غير عريس
ضحك حسام بخفة يحرك رأسه بالإيجاب بدأ هو وزيدان يضعان الحقائب في صندوق سيارة زيدان الذي هتف مدهوشا :
- ايه يا عم كل دي شنط ... أنت كنت في لندن مش في العراق مش جايب معاك بقي تليفزيون ملون في الشنط دي كلها
بعد لحظات استقل حسام المقعد المجاور لزيدان ادار الاخير محرك السيارة ينطلق بها .... القي نظرة خاطفة علي ذلك الجالس جواره عينيه شاردة ينظر للطرقات والشوارع التفت ناحية زيدان يتنهد بعمق ... ظن زيدان في تلك اللحظة أنه سيقول شيئا هاما الا ان حسام أردف قائلا :
- مصر قبل شهرين هي هي مصر بعد شهرين الكلب اللي واقف جنب الشجرة هناك دا واقف بقاله شهرين
ضحك زيدان عاليا يحرك رأسه يأسا اشتاق لصديقه المجنون حقا لم يكن عليه أن يعتقد أن حسام صاحب العقل الشبه خرب سيقول شيئا جادا .... ابتسم زيدان يتمتم في هدوء :
- واحشني هزارك والله ... كويس أن مؤتمر لندن شغل وقتك بدل ما كنت هتجنن من التفكير في الهلاوس
تنهد حسام بارتياح يحرك رأسه بالإيجاب نعم تلك الدعوة جاءت له في وقتها الصحيح ... كان عليه أن يشغل عقله في اي شئ كان لتتوقف تلك الهلاوس عن الظهور في رأسه لتؤرق ليله ونهاره تنهد يتمتم بارتياح :
- ايوة فعلا حقيقي كنت محتاج انغمس في عالم جديد وأنت عارف صاحبك حظه عسل لما روحت هناك المستشفي اللي تابع ليها المؤتمر دكتور الناس عمل حادثة وجاله كسر في دراعه أنا مسمي 6 بنات سارة و4 لينا و 3 صبيان حسام
تعالت ضحكات زيدان يحرك رأسه يآسا الحالات الطارئة تطارد حسام أينما ذهب .... توقفت السيارة في أحدي إشارات المرور المزدحمة ... التفت زيدان ناحية صديقه يسأله :
- كنت بتكلم سارة وأنت مسافر
تنهد حسام بعمق يحرك رأسه بالإيجاب مد يده يعبث في محرمة ورقية يمزق اطرافها بين يديه التفت برأسه ناحية زيدان زفر يتمتم في هدوء :
- ايوة بس كانت مكالمات قصيرة ما تتعداش دقيقتين آخر مرة كانت بتقولي عايزة اقولك حاجة مهمة بس ساعتها كان عندي حالة ولادة مستعجلة فقفلت من غير ما أسمعها حاولت اتصل بيها بعدها ما كنتش بترد ... بس أنا بطمن عليها من صادق ... ومن عمي عمر ... هي عندها امتحان النهاردة هيخلص بعد ساعة
ابتسم زيدان يربت علي كتف صديقه يحادثه بتعقل :
- طب حلو اعملها مفاجأة وهاتلها هدية اكيد وحشتك بقالك شهرين ما شوفتهاش ..
نالت الفكرة استحسان حسام توسعت ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب في حماس ... فتحت الاشارة ليدير زيدان محرك السيارة من جديد ينطلق الي حيث منزل خاله .... شردت عينيه لتلوح علي ثغره ابتسامة صغيرة ما أن مر طيفها أمام عينيه .... اجفل علي جملة حسام :
- صحيح إنت عامل ايه أنت ولينا ... خصوصا بعد اتصال انجليكا
ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب :
- الحمد لله ... انجليكا ما اتصلتش تاني وأنا ما حاولتش اتصل بيها بصراحة ... لينا بقالها شهر مسحولة في الفاينل كل ليلة تقعد تندب أنها مش عايزة تكمل تعليهما وانها عايزة تتعلم طريقة عمل اللوبيا افيد لها
تعالت ضحكات حسام يضرب كف فوق آخر يغمغم ساخرا :
- والست مالهاش غير بيتها وجوزها وكيان وكرير ايه بس دي عايزة تخلف كمال وكريم مش كدة
ما أن انهي حسام كلامه اختفت إبتسامة زيدان فجاءة يشعر بغصة مؤلمة تنخر في قلبه ... طفل صغير ... لينا باتت لا ترغب في اي شئ سوي أن تنجب طفل صغير .... يعوضهما عن رضيعهما الذي قُتل غدرا ... اوصل حسام إلي بيت خاله ... ليتوجه بعدها إلي عمله دخل حسام الي بيت أبيه بعد عناق حار مع جدته ... توجه سريعا لأعلي في طريقه اختطف النظر ناحية الجناح الشرقي ... وقف ينظر له للحظات يبلع لعابه مرتبكا ... خطي تجاهه إلي أن اقترب من ذلك الباب الكبير .... أمسك المقبض الفاخر الجديد فتحه ضوء الشمس المطل من الستائر البيضاء سمح له برؤية الجناح كاملا ... رائع كلمة قليلة لا تفي بالوصف ... التناغم المذهل في الألوان بين الأثاث والبساط علي الأرض وألوان الحوائط ... سرير كبير ودولاب ضخم وغرفة ملابس ومرحاض وطاولة وكرسيين جوار الشرفة
ومكتب في احدي جوانبها واريكتان وطاولة قصيرة الإقدام ... الوضع اشبه بشقة صغيرة في جناح ... خطي داخل الغرفة يفتح الدولاب ليجد ملابس سارة اصتفت بشكل منظم تأخذ مكانه ... دولاب الملابس ينتظر ملابسه لتكتمل الصورة ... تنهد بعمق يبتسم في هدوء مد يده يلتقط « بلوزة » بيضاء من ملابسها قربها من أنفها يحاول إيجاد رائحتها فيها .... بالفعل وجد ذلك العطر الهادئ التي تستخدمه دائما يغرق الملابس ... اعاد القطعة مكانها ليخرج من الغرفة بدل ثيابه يأخذ حقائب الهدايا الخاصة بعمه عمر تحديدا وبها هي علي وجه الخصوص ... توجه إلي سيارته ... إلي جامعتها ... ليس من الصعب أن يدخل وقد كان محاضرا فيها قبل فترة قصيرة حين دخل إلي ساحة الجامعة اقترب الطلاب منه يرحبون به بحرارة في حين وقفت هي بعيد بين مجموعة صغيرة من الفتيات ما أن وقعت عينيها عليه بدأت دقات قلبها تتسارع بعنف رجفة قوية تعصف بجسدها حين استمعت لصوت ضحكاته القوية .... الحبيب الغائب عاد ... بعد طول غياب غاضبة منه ... لا تعرف هي فقط حزينة من جفاءه التي لا تعرف له سببا ... مكالمته لها الفترة الماضية لم تكن سوي من قبيل الواجب مكالمت جافة لا تتعدي بضع جمل باهتة ويسرع في إغلاق الخط .... اجفلت علي صوت احدي الفتيات تغمغم حانقة :
- يا رتني كنت ولد شايفة دكتور حسام بيهزر مع الولاد عادي ازاي
لترد فتاة أخري تؤيد ما تقول صديقتها :
- فعلا دكتور حسام متحفظ جداا في تعامله مع البنات
تنهدت فتاة أخري بولة تهمس بحالمية :
- يا بخت اللي هيتجوزها ... يعني دكتور ومحاضر ومؤدب وعسل ودمه خفيف
- ومز .... نطقت بها احدي الفتيات بمرح لينفجروا جميعا في الضحك ... تحرك حسام من بين جمع الشبان يتوجه إليهم فصمتت الفتيات عن الضحك ينظرون لبعضهن البعض في ترقب لما يأتي ناحيتهم ... اقترب حسام يقف علي بعد خطوات منهم ابتسم يحمحم في هدوء مردفا بتهذيب :
- صباح الخير يا دكاترة اتمني تكونوا حليتوا كويس في الامتحان . سارة
نادي اسمها لتتوسع أعين الفتيات في دهشة حين همس باسمها نظروا جميعا إليها في دهشة في حين خفضت هي رأسها سريعا أرضا توسعت عينيها في ذهول تقبض كفيها من التوتر تشعر بريقها يجف كالصحراء لتسمعه يحادثها :
- يلا يا سارة عشان اوصلك
حركت رأسها بالإيجاب سريعا تحركت ناحيته ترغب في الركض بعيدا ... ما إن اقتربت منه سمعت احدي الفتيات تسأله مذهولة :
- هو حضرتك تعرف سارة يا دكتور حسام
ابتسم في هدوء أمسك كف يدها في يده يحرك رأسه بالإيجاب يتمتم مبتسما :
- طبعا سارة بنت عمي وخطيبتي وكلها كام يوم وتبقي مراتي
نظر ناحيتها في حين أنها كانت تنظر أرضا ليردف مبتسما :
- ما تنسيش تعزمي زمايلك علي الفرح يا سارة
حركت رأسها بالإيجاب سريعا ... تحركت بصحبته إلي حيث توجد سيارته ... حاولت إفلات يدها من يده تهمس بارتباك :
- أنا هروح في عربية بابا
شد علي يدها برفق يستمر في جذبها معه إلي أن وصلا إلي سيارته فتح بابها ينظر لها يبتسم في هدوء تنهدت قلقة تصعد إلي السيارة ... أغلق الباب عليها ... ليلتف حول السيارة جلس جوارها يدير المحرك يتمتم مبتسما :
- أنا كدة كدة جاي عندكوا واتصلت بعمي عمر واستأذنته اني اوصلك
شعرت بقليل من الارتياح يعلم والدها بالأمر اذا لن يغضب منها ولكنها لا تزال غاضبة من ذلك الجالس جوارها كتفت ذراعيها تشيح بوجهها ناحية النافذة القي نظرة خاطفة عليها ليبتسم يسألها :
- انتي زعلانة ولا ايه
نظرت له بجانب عينيها لتعاود النظر الي النافذة لحظات صمت قبل أن تبتسم تغمغم ساخرة :
- ليه هو أنت عملت حاجة تزعل
ضحك عاليا يحرك رأسه نفيا ... ما عرفه عن سارة في الفترة الماضية أنها شخصية حساسة خجولة قليلة الكلام مع الغرباء ... لكن ما أن تعتاد عليك وتخرج من حيز الغريب إلي شخص مألوف تعتاد عليه تتصرف بطبيعتها المرحة المحببة إليه .... أوقف السيارة علي جانب الطريق ابتسم حين لم تتوتر كعادتها سابقا ... تنهد يمسك بكف يدها لتنزع يدها من يده بعنف ضحك بخفة يمسك كفها من جديد لتلتفت له برأسها ترميه بنظرة حادة غاضبة تحادثه حانقة :
- سيب ايدي يا حسام ... أنا مش عايزة اتكلم معاك اصلا .... متشكرة اوي علي المكالمة الدقيقة ونص كل أسبوع مرة
تهدلت نبرتها تردف بخفوت حزين :
- دا أنا حتي كنت عايزة اقولك اني ...
صمتت تقطم ما كانت ستقول لتشيح بوجهها بعيدا عنه تتمتم بجفاء :
- مش مهم إنت كدة كدة مش فارق معاك تعرف
ابتسم يشعر بالإحراج مما فعل ولكنه كان معذور كان منشغل في الكثير من الجراحات العاجلة التي وقعت فوق كاهله دون رغبة منه حتي تنهد بقوة يحتضن كفها بين كفيه يهمس لها بترفق :
- صدقيني يا سارة أنا من يوم ما سافرت وأنا مسحول حرفيا ما بين المؤتمر وشغل وعمليات اليوم اللي كلمتك فيه وقولتيلي عايزة اقولك حاجة مهمة في نفس اللحظة جات ممرضة بتصرخ أن في حالة عنجها نزيف حاد ما كنش عندي وقت ابرر انتي عارفة في شغلنا اللحظة بتفرق ... حاولت اكلمك بعد كدة بس انتي ما كنتيش بتردي عليا يا سارة
لم تلين نظراتها لم يرضي قلبها طريقته الجافة الفترة الفائتة أثناء حديثهما معا لا مبرر لها ما الذي أخطأت فيه ليحادثها بتلك الطريقة زفرت حانقة تتمتم في ضيق :
- ماشي كنت مستعجل ... وحالة خطيرة ... ممكن أعرف بقي سبب طريقة كلامك معايا الفترة اللي فاتت أنت حتي ما قولتليش أنك مسافر هو أنا مش المفروض خطيبتك
مد يده يمسك طرف ذقنها يدير وجهها إليه ما أن نظرت له حرك رأسه بالنفي لتتوسع عينيها في دهشة ...ليبتسم في هدوء حاني يهمس لها بشغف :
- انتي مش خطيبتي بس انتي خطيبتي وحبيبتي ومراتي اللي بحلم باليوم اللي هيجمعني بيها تحت سقف واقف ... كنت مشغول يا سارة ومتوتر من زحمة الشغل اعذريني لو حسيتي في جفاء في كلامي غير مقصود
تسارعت دقات قلبها والخجل كموج بحر عالي يغرق أنفاسها ... ارتجفت تشعر بالدماء تفر من بين خلاياها يديها باردة كالثلج تتعرق كالنار ... سحبت يدها من يده تفرك كفيها من التوتر بالكاد خرج صوتها من بين دفتي شفتيها تهمس له بارتباك :
- أنا عايزة أروح
ابتسم في هدوء قبل أن يطرق الشيطان عقله يحثه لفكرة غبية شيطانية مخيفة ... اقترب منها برأسه أكثر فأكثر لاحظ انكماشها بعيدا وتوسع حدقتيها خوفا ... كادت أن تصرخ فيه .. لكنه باغتة بقبلة علي وجنتها شخصت عينيها من فعلته لترفع كف يدها دون تردد تصفعه علي وجهه بعنف تصرخ فيه مرتعشة :
- أنت قليل الأدب ومش متربي
ارتسمت ابتسامة هادئة علي شفتيه يشعر بقلبه يرقص فرحا ... تدارك الأمر سريعا حين رآها تحاول الهبوط من السيارة وقد فتحت الباب المجاور لها بالفعل ليمد يده يغلقه سريعا أدار محرك السيارة يتحرك من جديد ليعيقها عن النزول .... التفت لها برأسه ينظر ناحيتها نظرة خاطفة ابتلع لعابه يغمغم لها نادما :
- سارة أنا آسف ... أنا مش عارف أنا عملت كدة ازاي ... دا من حبي وشوقي ليكي
حركت رأسها نفيا بعنف تمنع دموع عينيها بصعوبة احمرت حدقتيها من محاولاتها البائسة لردع دموعها لحظات صمت تتنفس بعنف قبل أن تصرخ فيه بحرقة :
- دا مش حب وشوق يا حسام دي قلة أدب ... ازاي تفكر حتي أنك تعمل كدة يا دكتور يا محترم ياللي البنات كانت لسه بتحكي بأخلاقك
انهمرت دموع عينيها تصاحب صراخها الحزين ... شعر بالاشمئزاز حقا من أفكاره العقيمة التي أوصلتهم لهنا ... بكائها صوتها الحزين الممزق ... أحمق ما كان من المفترض ابدا أن يفعل ذلك وقد التقوا بعد غياب طويل
لم يعرف ماذا يفعل الآن خاصة وهي تبكي جواره في صمت مخيف ... ابتلع لعابه يهمس لها حزينا علي حالها :
- خلاص بقي يا سرسورة حقك عليا أنا آسف ... دي بوسة اخوية عفيفة ... طب يارب اموت لو زعلتك تاني
ابتسم في مكر سمع الي تلك الجملة مصادفة من والده وهو يحادث زوجته فما كان من لينا زوجة أبيه الا سارعت تصيح كعادتها :
- بعد الشر عنك اوعي تقول كدة تاني
انتظر هو الآخر عله يستمع إلي جملة مشابهة منها من سارة الا أن الأخيرة رفعت يدها تمسح دموعها بعنف تتمتم :
- ياااارب
توسعت عينيه في دهشة لم يكن ذلك الرد الذي ينتظره تماما ... شد علي أسنانه ليمد يده يمسك برباط شعرها الكبير يصيح مغتاظا :
- بتدعي عليا يا بنت المستخبي
ابتسمت سارة في اصفرار تتمتم ساخرة :
- أنت اللي بتدعي علي نفسك وأنا بأمن وراك وسيب التوكة والا والله هقول لبابا علي اللي أنت عملته
ابتلع لعابه مرتبكا ليس خوفا عمر أن علم بما فعل علي الارجح سيلغي زفافهم سيقدم له فرصة إلغاء الزفاف علي طبق من ذهب حمحم في هدوء يغمغم حانقا :
- ماشي يا سارة ...
وضعت يدها علي فمها تضحك شامتة علي غيظه اوصلها لبيتها ليعطيها الحقائب وجلس مع العائلة نصف ساعة علي الأكثر ... اوصلته سارة الي باب المنزل وهو يغادر ليلتفت لها قطب ما بين حاجبيه يسألها متذكرا :
- صحيح حاجة ايه اللي كنت عاوزة تقوليلي عليها في التليفون
ابتسمت في رقة تحرك رأسها بالنفي تغمغم بخفوت :
- لاء خلاص مش هقولك هتعرف ساعتها لوحدك اعتبرها مفاجأة
ابتسم متوترا يحرك رأسه بالإيجاب ودعها ليغادر وعقله يدور في محور فكرة واحدة ما تلك المفاجأة التي تحضرها سارة له !!
___________________
علي صعيد آخر بعد عدة ساعات طويلة خرج زيدان من عمله اخيرا استقل سيارته عائدا للبيت ... توجه اولا الي احد المطاعم اشتري بعض الأطعمة الجاهزة ومن ثم توجه مباشرة الي البيت دخل يبحث عنها ... رأي مجموعة من الكتب علي سطح الطاولة في الصالة ولا أثر لها في الطابق السفلي بأكمله ... خلع سترة حلته يلقيها علي أحد المقاعد وضع الطعام علي الطاولة في المطبخ تحرك لأعلي يبحث عنها توجه إلي غرفتهم فتح بابها ليرلها تجلس علي حافة الفراش تخفي وجهها بين كتفيها تقبض علي شئ صغير في كف يدها لم يعرف ما هو ... اقترب منها يهمس باسمها ... رفعت وجهها إليه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سيول الدموع العنيفة التي تغرق وجهها هرع إليها يسألها مذعورا :
- مالك يا لوليا بتعيطي ليه يا حبيبتي .. فيكي ايه ردي عليا
مدت العصا البيضاء الصغيرة ناحيته يديها ترتعش قطب جبينه ينظر للخط الأحمر الوحيد الذي يتوسط سطح شاشة شفافة قطب جبينه ينظر لها لتخرج شهقة قوية من بين شفتيها تغمغم بغصة مختنقة باكية :
- أنا مش حامل يا زيدان ... الاختبار بيقول أن أنا مش حامل
تنهد بارتياح بعد ان كاد يظن أن مصيبة قد حدثت اقترب يجلس جوارها جذب رأسها يضعها علي صدره يمسح علي خصلات شعرها برفق ابتسم يردف ضاحكا :
- يا شيخة حرام عليكي صرعيتني وبتفكري في الخلفة دا انتي تنسيها بعد الخضة دي ...وبعدين يا عبيطة احنا متجوزين بقالنا شهرين ونص أرنبة انتي ... لسه يا قلبي قدامنا وقت طويل اوووي علي ما نبدأ نقلق من موضوع الخلفة دا ... ولا انتي بتدوري علي اي حجة بقي عشان ما تذاكريش لامتحان بكرة يا فاشلة
ابتعدت عن صدره بعنف تنظر له حانقة طوقت خصرها بيديها تتشدق ساخرة :
- هي مين دي اللي فاشلة علي الاقل أنا كنت علمي علوم وجبت 94 في المية صحيح ودخلت طب خاص بس بردوا جبت مجموع كبير مش أنت يا ابو كلية بتاخد من خمسين في المية
نظر لها يبتسم في هدوء مد يده يزيح خصلة تدلي فوق جبهتها برفق يعيدها خلف اذنيها اقترب من اذنها يغمغم ساخرا :
- وأنا في ثانوية عامة كنت بردوا علمي علوم أنا جبت 98,8
توسعت حدقتيها شهقت بعنف تتمتم في ذهول :
- 98,8 ليييه بتنافس ديتول
ضحك ملئ شدقيه يعدل من تلابيب ملابسه في زهو يتمتم بغرور :
- عرفتي بقي مين فينا الفاشل يا فاشلة ...
قلبت عينيها تقلده بصوت خفيض ساخر ... التفتت له لتراه يتسطح علي الفراش ينظر لها يبتسم وضعت رأسها علي صدره تهمس له بصوت خفيض متوتر :
- تفتكر هيبقي عندنا بيبي يا زيدان
رفعت وجهها تنظر لعينيه ليبتسم لها في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب تنهدت تزفر أنفاسها القلقة عادت تضع رأسها علي صدره من جديد لتبتسم في حماس غداا ستعد له مفاجأة رائعة بالطبع ستعجبه ....اجفلت علي جملته التي قالها في هدوء تام :
- علي فكرة احنا هنعمل فرحنا مع فرح حسام وسارة بعد اسبوع
توسعت عينيها للحظات من الدهشة قبل أن تتحول الدهشة إلي سعادة ارتمت عليه تعانقه بقوة ليضحك عاليا يطوقها بذراعيه يردف مبتسما :
- كنت عايز اعمهالك مفاجأة بس قولت بلاش عشان يبقي عندك الوقت تشتري الفستان اللي تحبيه وحجزت شهر عسل كمان في مكان هتحبيه اوووي
ابتعدت عنه قليلا تنظر لوجهه بأعين دامعة انسابت دمعات بسيطة علي خديها رفعت كفيها تحاوط وجهها بهما تهمس له بشغف :
- أنا بحبك أوي يا خالد !!
قطب ما بين حاجبيه يبتسم في عجب خالد !! لم يسمع منها ذلك الاسم ابدا ... لم يعد يسمعه حتي نسي من الأساس أنه إسمه ...ضحك في عجب يهمس لها :
- خالد !! .... مش عارف مستغرب الاسم ليه .... ما اتعودتش عليه ... لاء قولي زيدان
جلست امامه تطوق عنقه بذراعيها تنظر لعينيه مباشرة خفضت صوتها حتي بات هامسا ببحة لطيفة تهمس له :
- بس دا اسمك ... خالد زيدان الحديدي ولا إيه
ابتلع لعابه مرتبكا يشعر بذبذبات غريبة ترجف قلبه توترت حدقتيه تسارعت أنفاسه خاصة حين ابتسمت تهمس بدلال :
- يا لودي
انفجرت تلك المضخة التي تسكن في صدره تحديدا في جانب صدره الأيسر تسارعت أنفاسه كلماته تدفع الدماء بعنف لداخل خلاياه العاشقة لهثت أنفاسه يهمس لها :
- بعشقك يا قلب خالد زيدان الحديدي
__________________
وها قد انقضت الليلة بسعادة عارمة علي العشاق .... في اليوم التالي تحديدا قرب الرابعة عصرا خرج زيدان يركض من عمله متجها صوب سيارته يقودها بسرعة البرق الي منزله بعد أن وصله اتصال من لينا تصيح فيه وهي تلهث :
- الحقني يا زيدااان ... بسرعة يا زيدان ... تعالا البيت
احمرت عينيه يضغط علي دعاسات البنزين تحت قدميه بعنف قلبه يكاد يتوقف من الذعر ما أصابها ... اليوم كان امتحانها النهائي ربما لم تتوقف فيه ظلت تبكي الا أن انهارت متعبة .... الكثير من الافكار السيئة تخترق عقله تمزق قلبه اخيرا وصل بعد صراع مع الطريق ظن انه لن ينتهي ابدا ... ركض يفتح باب منزله بمفتاحه ما كاد يدخل تصمنت ساقيه وقف مدهوشا ينظر للواقفة أمامه وكأنه تمثال نحتوه من حجر صوان ... هناك أمامه مباشرة تقف لينا جوار والدته !!! أمامهم طاولة كبيرة عليها كعكعة تتوسطها صورته اليوم يوم ميلاده الثالث والثلاثون ... نقل انظاره بين لينا ووالدته التي تقف علي قدميها !!! جوار لينا تبتسم له تغرق الدموع وجهها ... تحركت بخطي مرتعشة وكأنها تتعلم المشي توا تمد كفيها أمامها لا ترغب فقط سوي في الوصول إليه ... في حين وقف هو مكانه لم يأتِ بحركة واحدة ينظر لوالدته مشفقا علي حالها ...قلبه لازال حزينا ارتعش جسده وكأن كهرباء أصابته حين ارتمت بين ذراعيه تبكي وتجهش في بكاء حارق يغمر قلبه ألما تتوسله من بين دموعها :
- سامحني يا ابني ... سامحني قبل ما أموت ... أبوس أيدك سامحني
كادت أن تمسك يده لتقبلها لينزع يده من يدها سريعا يطوقها بذراعيه أغمض عينيه تنساب دموعه في صمت لحظات طويلة من الصمت لينا تنظر لهما تراقب بحذر ما سيفعل ... تدعو في قلبها الا يكون رد فعله غير الذي تتمناه ... رأته وهو يبعد والدته عنه ليتنفض قلبها تنظر له بقلق اختفي تماما حين مال علي رأس أمه يقبلها ... لم يشعر بالكلمة تخرج من قلبه وهو يقولها ولكن أمام حالتها ورجائها لم يكن يملك سوي أن ينطقها بابتسامة باهتة :
- مسامحك يا ماما ...
شهقت لوجين فرحة تعانقه بعنف تقبل وجهه ورأسه تغمغم من بين دموعها المتسارعة :
- الحمد لله يارب الحمد لله ...
ابعدها عنه للمرة الثانية يسمح دموعها بكفيه امسك بكف يدها يتحرك معها برفق إلي أن وصل جوار لينا وقف في المنتصف بينها وبين والدته ينظر لها يبتسم سعيدا ... ليقبل جبينها ... نظر للعكعكة الكبيرة أمامه كاد علي وشك أن ينحي ليطفئ الشموع حين سمع صوت يعرفه جيدا يردف ضاحكا :
- اوعوا تكونوا طفيتوا الحج يعلقك
أردف بها حسام ضاحكا وهو يدخل من باب المنزل ليدخل بعده خالد ومعه لينا ... توسعت ابتسامة زيدان ما أن رأي والدته ليهرول إليها يقبل يديها ورأسها يغمغم سعيدا :
- حمد لله علي السلامة يا ماما
ادمعت عيني لينا رفعت يدها تكوب بها وجه زيدان تهمس له في حنو :
- كل سنة وأنت طيب يا زيزو
ضحك زيدان عاليا أستغل فرصة بأن خالد انشغل مع ابنته وشقيقته للحظة ليندفع يعانق والدته رغما عن أنف الجميع يضمها بين ذراعيه بقوة يهمس لها :
- ربنا يخليكي ليا يا ماما وما يحرمني منك ابدا
أدمعت عيني لينا تربت علي ظهره كانت تظن أن بمسامحة زيدان لوالدته ربما ينساها ولكنها كانت مخطئة وهي سعيدة لأنها كانت مخطئة ... تأوه زيدان متألما في اللحظة التالية حين سقط كف خالد علي رقبته من الخلف بعنف
خرج من غرفة والدته يجذب الباب خلفه وقف يمسك بمقبض الباب المغلق في داخل تلك الغرفة تمكث السيدة التي انجبته والتي يجب أن تبقي جواره أن يحاول تناسي الماضي هو يعرف أنه لن يستطيع ... فحرجه الغائر مما فعلت لن يندمل أبدا ... ولكنها والدته أولا وآخرا سيراعها ويتكفل بكل ما تحتاجه ... سيظهر أمامها الحب التي تريد حتي لو لم يقتنع قلبه به .... تنهد بقوة لتلوح ابتسامة صغيرة علي ثغره ... دس يده في جيب سرواله يخرج مفاتيح سيارته الجديدة هدية خاله بالرغم من رفضه الشديد إلا أن خالد أصر علي أن يأخذها .... تحرك ناحية غرفة نومه هو ولينا فتح الباب يبحث عنها ليست في الغرفة ... صوت المياة المندفع من المرحاض يخبره أنها بالداخل دخل إلي غرفته يوصد الباب خلع سترة حلته يلقيها علي أحد المقاعد ... اقترب يتلمس هدية لينا والدته بابتسامة عذبة ...مصحف صغير ... ابتسم حين تذكر ما قالت وهي تعطيه له :
- طبعا خالك بتاع مظاهر فجبلك عربية ... اما أنا قولت اجيبلك كتاب ربنا يحفظك ما تشيلوش من العربية ابدا يا زيدان .. ماشي يا ابني
تنهد بعمق يبتسم باتساع كلمة ( ابني ) التي تخرج من فم لينا زوجة خاله تثلج صدره تشعره دائما بالفخر ... فتح ازرار قميصه يرتمي علي الفراش نظر لسقف الحجرة ليضحك رغما عنه مال بجسده يلتقط الحقيبة الورقية من جانب الفراش اخرج ما بها لينفجر ضاحكا هدية حسام يجب أن تكون مميزة مثله انفجر ضاحكا حين اخبره وهو يعطيه الهدية :
- ترنج اديدس من التوحيد والنور ب125 جنية بس ايه عظمة ... وجبتلك شبشب بدل ما تمشي حافي في البيت ... بصراحة أنا ما جبتوش هو جاي هدية مع الترنج
ضحك رغم عنه يمسك بالخف الأسود من البلاستيك الخفيف ذلك الذي يصدر صوتا مزعجا حين تتحرك به ... وضع حقيبة الهدية مكانها ليثني ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة يبتسم حفل عيد ميلاده الصغير حقا أسعده ... هي من رتبت له دون علمه ... نظر ناحية باب المرحاض حين سمع صوته يُفتح خرجت هي من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة ابتسمت ما أن رأته لتمتم بخفوت :
- كويس أنك لسه صاحي ... فاضل هديتي ..
القت المنشفة من يدها علي أحد المقاعد لتتوجه لدولاب ملابسها ذلك الرف الفارغ يجثم فوقه مربع كبير الحجم ملتف بورق هدايا ... ربما هو إطار لصورة ما ولكن كبير ... تحركت ناحيته تبتسم اعتدل جالسا ينظر لذلك الشئ في هدوء بالطبع صورة له او لهما مثلا ... يأخذه الفضول حقا ليعرف أي صورة يحوي ذلك البرواز صعدت جواره علي الفراش وقفت علي ركبيتها اقتربت منه تلثم خده بقبلة صغيرة تهمس له بخفوت ناعم :
- كل سنة وأنت طيب ... اتفضل ... يارب تعجبك
رفع كف يدها يلثمه بقبلة طويلة ... تلاقت عينيه بمقليتها ليتنهد يهمس لها بخفوت عاشق :
- كفاية اللي عملتيه النهاردة ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي
راقبته بحماس وهو يوجه أنظاره للإطار دقات قلبها تتسارع بعنف وهو يزيح الاوراق التي تغلفه ... يبتسم في هدوء ... ضحك ساخرا من نفسه فما قابله لم يكن سوي ظهر الاطار الفارغ ... امسكه يلفه ... تجمدت يديه تسارعت دقاته حين وقعت عينيه علي اللوحة المرسومة علي سطح الإطار ...تحركت مقلتيه تتفحص اللوحة بنهم شديد وكأنها تأكلها أدمعت عينيه انسابت قطرات دموعه رغما عنه تلك اللوحة له وهو في عمره الآن بصحبة والده الذي بان علي ملامحه التقدم في العمر ... يقف جواره يضع يده علي كتفه قريبا منه وكأنه يحتضنه .. خرجت من بين شفتيه شهقة مكتومة يعانق اللوحة بقوة وكأنه يعانق أبيه ... لم يكن ابدا يتصور أن هديتها ستكن أجمل ما رأت عينه يوما ... التفت لها يسألها بصوت مبحوح أعين دامعة :
- ازاي عملتي كدة ازاي
مدت يدها تمسح علي خصلات شعره برفق أدمعت عينيها هي الأخري مع بكائه بالكاد رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تجيبه :
- واحدة زميلتي في الكلية عندها الموهبة دي وعندها جاليري صغير ... روحلتها واديتها صورتك وصورة والدك ... وهي حاولت تكبره في السن شوية .... عجبتك
قام من مكانه يحمل اللوحة اقترب من المكتب المقابل لفراشهم ازاح ما عليه ليضع اللوحة فوقه عينيه لا تنزحان عن صورة أبيه وهو يحتضنه ... لا يعرف كم مر من الوقت وهو يقف أمام اللوحة لم يجفل سوي علي يد لينا التي وُضعت علي كتفه برفق ... التف لها وفي لحظة كان يعتصرها بين ذراعيه تأوه بعنف يغمغم لها ممتنا :
- متشكر ... متشكر أوي يا لينا ... دي أحسن هدية جاتلي في حياتي كلها ... بجد مش عارف أشكرك ازاي
عانقته هي الأخري تبتسم سعيدة تكفي فرحة عينيه التي رأتها لتجعلها حقا سعيدة لانها اسعدته ... ابتعدت عنه بخفة تبتسم في رقة اقتربت من هاتفها تعبث به لحظة فقط قبل أن يصدح صوت أغنية هادئة ذات إيقاع ناعم ساحر .... اقترب هو منها تلك المرة أمسك يدها يجذبها ناحيته برفق ضحكت بخفة تضع يدها علي كتفه والأخري تختبئ بين أصابع كفه ... يتحركان علي أنغام الموسيقي تتحدث الأعين وتصمت الألسنة ... قيدته بقيد عشقها ... لتكتشف في النهاية أنها قيدت قلبه معه دون أن تدري في قيد خاص ... لن يعرفه سوي العشاق المكبلة قلوبهم فللعشق قيوده الخاصة !!!
_____________________
الأيام التالية كان إيقاعها سريع حقا سريع الجميع مشغول في ترتيباب زفاف حسام وسارة وزيدان ولينا ... فساتين الزفاف ... القاعة الموسيقي ... حجز شهر العسل الخاص بالعروسين ... أيام تتسابق بسرعة البرق ... إلي أن اصبحنا هنا في منزل خالد السويسي .. في اليوم الموعود يوم زفاف أولاده لينا وحسام وحتي زيدان ... ولده وإن لم يكن من دمه .. في صباح هذا اليوم جاءت لينا بصحبة زيدان إلي منزل والدها لتستعد فيه لزفافهم الثاني !! ... انقسم المتواجدين في البيت الي قسمين لينا مع ابنتها وعاملة احدي بيوت الجمال تلك التي يطلقون عليها ( markup artist) في غرفة ابنتها
وزيدان وحسام في غرفة الأخير كل منهما يستعد لزفافه ... ولكن أين خالد ....
في المقابر ... تحديدا أمام قبر قديم حط علي لوحه الجرانيتي اسم
( سما خالد محمود السويسي ) ... وقف هو أمام قبر ابنته يبتسم في هدوء مسح بيده علي اسمها برفق يحادثها مترفقا :
- عاملة ايه يا سما معلش يا حبيبة بابا عارف اني انشغلت عنك الفترة اللي فاتت ... بس مش هتحصل تاني ... عارفة النهاردة فرح اختك ... اخيرا بعد عذاب ...
ظل صامتا للحظات ينظر لقبر ابنته احمرت مقلتيه ولم يستطع كبح دموعه انهارت تغرق وجهه شد علي كفه يحادثها بصوت خفيض مختنق :
- كان نفسي تبقي عايشة يا بنتي ... كان نفسي اشوفك عروسة واسلمك بايدي لعريسك ... وأشوف عيالك ... مر سنين يا سما وحرقة قلبي عليكي ما بتروحش ولا حتي بتقل ... ربنا يصبرني علي بعدك لحد ما اقابلك ...
قرأ الفاتحة ليتحرك لخارج المكان بأكمله بخطي سريعة توجه إلي سيارته يستقلها متوجها إلي منزله هناك حيث ينتظره الجميع ارتسمت ابتسامة حزينة علي شفتيه يتذكر الماضي البعيد يتذكر حين نطقت ابنته الصغيرة كلمة ( بابا ) لأول مرة بأحرف متلعثمة ... حين كانت طفلة تحبو يلاعبها ... حين بدأت تتعلم المشئ وتمسك بيده ... تركض ناحيته ما أن تراه ... وضع يده في جيب سترته يخرج قطعة حلوي منها تلك القطعة التي لم يتوقف عن إحضارها كل يوم تقريبا منذ أن كانت طفلة ... والآن الطفلة أصبحت عروس للمرة الثانية ... لما يشعر أنها ستتزوج للمرة الأولي .... لما يشعر بالخوف من ابتعادها عنه من جديد .... تنهد يبتسم أوقف السيارة في حديقة المنزل نزل منها يتوجه مباشرة ناحية غرفة حسام طفله البكر عضده الذي سيستند عليه حين يهرم ويأخذه الكبر ... رفع يده يدق الباب اليوم زفاف الفتي لا بأس من احترامه قليلا إلي أن ينتهي الزفاف ... توجه حسام يفتح باب غرفته لتشخص عينيه في ذهول يتمتم مدهوشا :
- بابا أنت من امتي وأنت بتخبط علي الباب ....دي علامة أنا هموت ولا ايه ... هموت قبل ما اتجوز آه يا حوستي السودا يا أنا يا أمه
ضحك خالد ساخرا رفع يده يصفع رقبة حسام من الخلف دفعه بعيدا عن الباب ليخطو لداخل الغرفة يردف متهكما :
- أنا غلطان اني قولت احترمك يوم فرحك يا حيوان
تقلصت قسمات وجه حسام في غيظ رفع يده يمسح علي رقبته من الخلف برفق يهمس ساخطا :
- ايه الأب دا بس هو مخلفني عشان يضربني بالقفا
ضحك زيدان الواقف أمام المرآة يتأكد من ضبط رابطة عنقه بالشكل الصحيح ... التفت ناحية خالد اقترب منه ليعانقه الأخير يربت علي ظهره ابعده عنه بعد لحظات امسك ذراعيه بين كفيه يحادثه :
- لينا في عينيك يا زيدان
ارتسمت ابتسامة هادئة علي شفتي زيدان حرك رأسه بالإيجاب يتمتم في ثقة :
- لينا في قلبي يا خالي ما تقلقش عليها ابداا
ابتسم خالد يربت علي رأس زيدان ... في حين نظر زيدان لحسام ليعاود النظر لخالد شعر في تلك اللحظة أنه يجب حقا أن ينسحب من الغرفة يترك المجال فارغا للابن وأبيه وهذا ما فعله حمحم يردف مبتسما :
- عن اذنكوا هأكد حجز الفندق
خرج من الغرفة يغلق الباب خلفه ... في تلك اللحظة التفت خالد ينظر لولده حسام الذي لم يكمل ارتداء حلته بعد ... تبقي رابطة العنق وسترة الحلة ... توجه خالد يجلس فوق فراش حسام ربت بيده علي الجزء الفارغ جواره ينظر لولده يبتسم .. ارتبك حسام لا يعرف لما ولكنه حقا ارتبك ... تقدم يجلس جوار والده ... لحظات طويلة من الصمت قبل أن تخرج تنهيدة طويلة من بين شفتي خالد نظر لولده يحادثه مبتسما :
- تعرف ... أنا عيشت عمري كله أهرب من الماضي ... بس لو أعرف أن الماضي دا فيه أنت كنت دورت عليه بدل ما هربت منه ...
مد يده يربت علي كتف حسام ليلتف الأخير ينظر لأبيه ... توسعت حدقتيه في دهشة هل تلك دموع التي يراها في عيني والدها ... تنهد خالد من جديد يربت علي كتف صغيره يتمتم ضاحكا :
- اوعي ياض تكون فاكر معاملتي ليك استهانة او تقليل منك ... أنا بعاملك علي أنك صاحبي مش ابني .... أنا مستعد افرشلك الأرض تحت رجلك فلوس .. احققلك كل اللي تحلم بس فيه ... دا أنت ابني من صلبي ... سندي بعد ما أعجز ... لما أعجز بقي أنا لسه في عز شبابي
ضحك حسام بخفة ينظر لأبيه لا يعرف لما ولكنه وجد الدموع تتجمع في مقلتيه هو الآخر خاصة حين احتضن خالد وجهه بين كفيه يكمل ما كان يقول :
- عارف من اول مرة شوفتك فيها في عيد ميلاد لينا ... وأنا حاسس أني اعرفك ... قلبي بيتجنن لما بيشوفك ... خصوصا لما شوفت لهفتك علي اختك لما زيدان جابك تعالجها ... كلامك حركات وشك ... قلة ادبك ... اللي واقف قدامي دا أنا عارفه ... دا أنا وأنا صغير شوية .... كنت حاسس والله أنك ابني من قبل ما اقابل والدتك الله يرحمها ... عارف لما اتأكدت كنت طاير من الفرحة ... إبني ، ابني أنا .... ربنا عوضني لاء ودكتور ما شاء الله قد الدنيا ... لما تبقي أب هتحس بالفرحة اللي أنا بقولك عليها دي ... وخصوصا دلوقتي وأنا شايفه عريس زي القمر ... ربنا يحفظك يا ابني
انهمرت الدموع تغرق وجه حسام ليندفع يحتضن أبيه يبكي بين أحضانه بعنف يتمسك به كطفل صغير رأي أبيه بعد طول غياب ....للحظات طووويلة جميلة ... أبعد خالد حسام عنه مد يده يمسح دموعه عن وجهه يحادثه ضاحكا :
- ولد وبعدين في عريس يعيط بردوا ... يلا يا دكتور يا حيلوة ياللي بتلبس ليسنز أنت قوم كمل لبسك ...
خرجت ضحكة خافتة من فم حسام قبل أن يقبل يد والده ربت خالد علي رأسه تحرك حسام ناحية مرأه الزينة ليمسك خالد بسترة حلته يساعده في ارتدائها .. اخرج من جيب حلته رابطة عنق سوداء فاخرة ..امكسها يطوق بها عنق حسام يعقدها له بهدوء يعدل من تلابيب ملابسه ... التف حسام ينظر لانعكاس صورته في المرآة بصحبة والده .... الآن فقط لاحظ ذلك الشبه الغريب الذي يتحدث عنه الناس وكأنه لم يكن يراه قبلا ... ابتسم يعانق خالد بقوة ليضحك الأخير عاليا .... دقات علي باب الغرفة دخل زيدان يقطب جبينه ينظر لخالد في عجب يحادثه :
- خالي أنا كلمت الفندق ااكد الحجز قالولي أن الحجز اتلغي وإن حضرتك اللي لغيته
ابتسم خالد في هدوء دس يديه في جيبي سرواله يحرك رأسه بالإيجاب التوي جانب فمه بما يشبه ابتسامة ماكرة يتمتم ببراءة خبيثة :
- ايوة فعلا أنا لغيته ولغيت الحجز بتاع حسام وحجزت تلت سويتات هايلين في قرية سياحية في دهب تبع واحد صاحبي المكان هناك خيال
قطب حسام ما بين حاجبيه ينظر لحسام رفع كف يده يعد عليه يتمتم مدهوشا :
- أنا وسارة سويت وزيدان ولينا سويت ... التالت دا لمين يا بابا
ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتي خالد رفع رأسه لأعلي يغمغم في خيلاء :
- ليا
توسعت أعين الرجلين ينظران لبعضهما البعض في دهشة ليصحيان معا من وقع صدمة ما حدث :
- ليك ازاي يعني
احتدت عيني خالد ينظر لهما في ازدراء كتف ذراعيه أمام صدره يصيح منفعلا :
- هو ايه اللي ليك ازاي يا حيوان منك ليه هو أنا ماليش نفسك زيكوا اطلع شهر عسل ولا ايه .. دا أنا مطلعوا علي حسابي يا كلاب
اندفع حسام يصيح مذهولا :
- أنت مش لسه راجع من شهرين عسل باصص في الأسبوعين بتوع الغلابة يخربيت الذل يا جدع
رفع خالد يده يحرك سبابته وإبهامه علي ذقنه الملتحية ... ابتسم في وعيد قاتم اقترب من حسام يقبض علي تلابيب ملابسه يهمس لها متوعدا :
- ما تخلنيش أعلم عليك زي ما عملت قبل كدة يوم ما كنت رايح تودي الملازم لسارة ... هوديك الفرح وشك ألوان ... كل عيش يا دك ماشي يا حبيب أبوك
شد حسام علي أسنانه يكاد يطحنهم من الغيظ دفعه خالد بعيدا عنه ليتمتم بصوت خفيض مغتاظ يعبر عن ضيقه :
- ايه الراجل دا ... بيتحول في ثانية
انتفض حين سمع خالد يردف متوعدا :
- بتبرطم تقول ايه يا حيوان
ارتسمت إبتسامة كبيرة بلهاء علي شفتي اشار لنفسه ببراءة يحرك رأسه نفيا سريعا يغمغم ضاحكا :
- أنا !!! ... بدعيلك يا بابا يا حبيبي
رماه خالد بنظرة ساخرة متهكمة قبل أن يتركهم ويخرج من الغرفة ... اغلق الباب خلفه رغم ذلك سمع صوت حسام الغاضب وهو يصيح في زيدان :
- ابقي قابلني لو عرفنا نشوفهم عارف فيلم عادل إمام لما كان رايح جاي ساحب بنته في ايده بكرة هتشوفه لايف وخالك رايح جاي ساحبهم كلهم في ايده
ابتسم خالد في خبث يحرك رأسه بالإيجاب صدقا لم تكن تلك الفكرة خطرت علي رأسه قط ولكن لما لاء !!!!
تحرك ناحية غرفة ابنته ... دق بابها يخبرهم أنه هو ... لحظات قبل أن تفتح لينا زوجته باب الغرفة اطلق صفيرا طويلا يعبر عن سحره بذلك الفستان الفضي الرقيق الذي ترتديه وحجاب رأسها المتناغم للغاية مع لون الفستان ... نظر لوجهها المزين بمستحضرات التجميل ليزفر حانقا ... لما تضع تلك الاشياء الملونة علي وجهها اليوم زفاق ابنتهم لن يزعجها علي اي حال ... امسك بكف يدها ليجعلها تلتف حول نفسها بخفة لتضحك برقة علي ما يفعل ... في حين تصارعت دقات قلبه للفوز بمعركة العشق اللامحدود ... اوقفها يحتضن وجهها بين كفيه يتنفس بعمق ينظر لزرقاء عينيها يهمس لها بصوت خفيض اجش حاني :
- قالوا جُن الفتي وقع في عشق للجميلة
جُن المسكين يظن أنه للجميلة عاشقا
لم يعرف العشق ولا حتي زاره
فلو انكوي بنار الفؤاد لفر هاربا
فصاح الفتي والله اني للجميلة عاشقا
لو العشق نار يقتل القلوب ... فقلبي للعشق قتيلا ... وروحي لها فداءً ... وجسدي لها درعا من كل داء
صدقوا حين قالوا
جًن الفتي فوقع في عشق الجميلة
فلو لم يُجن الفتي لما عرفتم حكاية الجميلة
ابتسمت تدمع عينيها لترتمي بين أحضانه تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له بصوت خفيض مرتجف :
- حرام عليك يا أخي ... هحبك اكتر من كدة إيه ...
ضحك عاليا ليبعدها عنه يلثم جبينها بقبلة صغيرة ابتسم في اتساع يهمس جوار إذنها بصوت شغوف عاشق :
- حبيني قد حبي ليكي هتلاقي نفسك في فراغ واسع كل ما يتملئ عشق بيوسع اكتر واكتر لحد ما لا نهاية مالوش حدود الدنيا كلها ما تكفيهوش
حركت رأسها بالإيجاب تبتسم ليمد يده يمسح دموعها أمسكت بيده تجذبه معها لداخل الغرفة ... حين دخل وقف خلف ابنته علي بعد مسافة قريبة منها يري انعكاس صورتها في المرآة الكبيرة أمامه لم تكن خائفة لم تكن ترتجف كزفافها الأول .... رأي ابتسامتها الواسعة التي تغزو ثغرها .. لمعة عينيها السعيدة ... جعلت دقات قلبه تتصارع خاصة وهو يراها في فستان زفافها الأبيض ... تلتف حول نفسها ... تضحك من سعادتها ... التفتت له سريعا ما أن رأت انعكاسه في المرآة هرولت ناحيته ترتمي بين أحضانه ليحتضنها بقوة يقبل قمة رأسها يمسح علي خصلات شعرها ... ابعدها عنه قليلا يبتسم في اتساع يحادثها سعيدا :
- العرايس احلوت عن زمان يا لينا
ضحكت ابنته عاليا ... تعاود احتضانه من جديد ... أغمض عينيه لا يعرف لما ولكنه يشعر حقا أنه يرغب في البكاء بكثرة اليوم ... يكاد يضحك ساخرا علي حاله منذ متي وهو يبكي بتلك البساطة ... أبعد ابنته عنه يقبل رأسها ويديها يهمس لها مبتسما :
- احلي عروس في الوجود ... خلي بالك من نفسك ونبطل جنان بقي ... أنا واثق أن زيدان ما يزعلكيش بس لو شيطانه وزه وعمل اي حاجة زعلتك ... تقوليلي علي طول وأنا هكسر دماغه
ابتسمت تؤمأ له بالموافقة ... تحرك ليغادر ليتركها تكمل تجهيز حالها .. ليشعر بكف يدها يتشبث بيده ... ذكرته تلك الحركة حين كانت تتشبث بكفه وهي صغيرة تنفس بعمق حتي لا يبكي التفت له يبتسم لتبادر هي تغمغم سريعا :
- بابا أنا كنت عروسة قبل كدة وكنت أنت وماما حواليا دايما ... والمرة دي هنعمل الفرح في قاعة ... ممكن إنت وماما تخليكوا مع حسام النهاردة ... زيدان قالي أنه متفق مع صاحبه هيسوق العربية بتاعتنا
ابتسم سعيدا لينا في ليلة زفافها تفكر بشقيقها حرك رأسه بالإيجاب اقترب يقبل جبينها ينظر لها متفاخرا يغمغم :
- ربنا ما يحرمكوا من بعض ولا يحرمني منكوا
تحرك من غرفى ابنته إلي غرفته هو ينظر إلي الحلة المقلعة هناك ....توجه إلي المرحاض اغتسل ارتدي سروال الحلة وقميصها وقف أمام المراءة يعقد رابطة عنقه ... يرتدي حلته ... رفع المشط يمشط خصلات شعره التي امتزج بها الشيب ليأكل معظم خصلاته السوداء ... امسك زجاجة العطر الخاصة به بضع رشات صغيرة علي عنقه ورسغي يده .. وأطراف حلته .. تحرك يقف أمام صورة زفافه هو ولينا لتلوح علي ثغره ابتسامة صغيرة يتذكر ليلة زفافهم الثاني يبدو أن ابنته ورثت كل شئ منه
Flash back
دخل بها إلي غرفتهم ينزلها أرضا برفق توسعت عينيها مدهوشة تنظر للغرفة المزينة الورود التي تملئ كل مكان في الحجرة ... قطع الحلوي التي اصطفت في علي شكل اسمها علي الفراش ... البالونات الملونة هنا وهناك ... التفتت له تدمع عينيها تهمس بصوت خفيض مبحوح :
- أنا بحبك أوي بحبك أوي أوي
اشار لها لباب المرحاض اقترب يمسك طرف ذقنها بين اصبعيه السبابة والابهام يردف مبتسم في هيام :
- أنا بقي بعشقك فوق عشق العاشقين عشقا ... ادخلي الحمام غيري هدومك يلا
هرعت سريعا إلي مرحاض غرفتهم رأت تأخذ منامة بيضاء اللون خرجت من المرحاض لتسمع صوت الموسيقي الهادئة تلتف في كل مكان في عرفتهم ابتسمت في تلك اللحظة لم تكن تريد أن ترقص علي أنغام تلك الموسيقي الهادئة حركت رأسها بالنفي لتغلقها قطب جبينه ينظر لها متعجبا ... لتمسك بكف يده ... تلتقط هاتفها خرجت من الغرفة ومن المنزل بأكمله تقف في الحديقة تلامس أصابعها العارية العشب الندي اسفلها ... سعيدة تشعر بالحماس والانطلاق ... بدأت تعبث في هاتفها ليصدح صوت اغنية انجليزية مزعجة وبدأت هي تتقافز حوله تتحرك سعيدة اقتربت منه تمسك بيده تحادثه ضاحكة :
- ارقص معايا
نظر لها في ذهول يبتسم في عجب حرك رأسه نفيا ضحك يغمغم :
- ما بعرفش والله ...دا أنا اتعملت السلو عشانك .. تيجي نرقص تحطيب
تعالت ضحكاتها تشق سكون الليل لتشهق بقوة حين حملها بين ذراعيه يلتف بها حول نفسه في الحديقة يصرخ بحبها وتتعالي ضحكاتها
اجفل علي حركة يد وضعت علي كتفه ليخرج من شروده نظر خلفه ليجد لينا تقف هناك خرجت من أفكاره لتتجسد أمامه ... لف ذراعه حول كتفيها يقبل جبينها ليسمعها تهمس له :
- يلا يا خالد الولاد خلصوا ويا دوب نلحق نجيب سارة من الكوافير ونروح القاعة
ابتسم يمسك بيدها يخرج بها من غرفته ليجد لينا تتأبط ذراع زيدان ينزلان لأسفل ... القي زيدان مفاتيح سيارته علي شهاب صديقه ليسبقه يدير محرك السيارة ....نزل خلفهم لينا وخالد وحسام ... إلي سيارة الأخير المزينة ... نظر الأخير لهما في دهشة يتمتم متعجبا :
- هو انتوا هتيجوا معايا اومال مين هيروح مع لينا
ضحك خالد يصدم حسام علي رأسه بخفة يغمغم ساخرا :
- اركب يا حمار ومالكش دعوة
زفر حسام مغتاظا استقل وحيدا الأريكة الخلفية جلس خالد خلف المقود ولينا جواره انطلقت السيارات إلي مركز التجميل حيث توجد سارة وتالا ومعهم سارين
________________
في مركز التجميل وقفت سارة تنظر لانعكاس صورتها في المراءة لتبتسم تتورد وجنتيها من السعادة تشعر بقلبها يكاد يقفز خارج صدرها ...اليوم ستتزوج حسام ... اليوم ستصبح زوجته ... سعيدة تكاد تطير ولكنها خائفة من القادم من المستقبل هل تري ستنجح حياتهم الزوجية ام سيصبحون نسخة مقلدة من أبويها ومشاكلهم التي لا تنتهي أبدا ... زفرت بقوة تحاول أن تهدأ اقتربت سارين من شقيقتها تعانقها بقوة تبتسم لها سعيدة :
- قمر يا سارة احلي من القمر حسام هينبهر لما يشوفك بالحجاب
ابتسمت خجلة تنظر لشقيقتها بسعادة ممتزجة بامتنان تشكرها :
- أنتي السبب يا سيرو انتي اللي حببتيني فيه من كلامك عنه ... عشان كدة قررت ألبسه بداية من يوم الفرح ومش هقلعه تاني أبدا
ابتسمت سارين تعانق شقيقتها من جديد التفتت الفتاتين تنظران ناحية تالا التي تنظر لهما في سعادة تبكي في صمت اقتربت منهم تضع يدها خلف ظهرها احتضنت طفلتيها تردف باكية :
- اتخطفتوا بدري اووي ... ربنا يسعدكوا يارب ... سارة وانتي يا سارين ما تغلطوش غلطتي أبدا ... ما فيش واحدة فيكوا تحاول تبعد جوزها عن البيت او عن تربية الأطفال لما تخلفوا ... اوعوا تعملوا كدة ... ماشي يا حبايبي
ابتسمت الفتاتين يحركان رأسهما بالإيجاب لتقبل تالا رأس كل منهما ... لحظات قبل أن يسمعا صوتا مألوفا يغمغم ضاحكا :
- العروسة البسوبسة خلصت العريس واقف بيدخن برة
نظرت سارة ناحية لينا زوجة عمها لتتوسع عيني الأخيرة في سعادة اقتربت منها تعانقها بقوة احتضنت وجهها بين كفيها تحادثها سعيدة :
- زي القمر يا حبيبتي مبروك علي الجواز وعلي الحجاب
في الخارج يقف عثمان أمام سيارته ينتظر زوجته خرج حسام من السيارة هو الآخر ينظر لساعة يده يتأفف حانقا لما تأخرت كل ذلك الوقت ... اقترب منه يغمغم ضاحكا :
- ما تتهد يا عم زمانها جاية دلوقتي ... اقولك ادخلك هاتها
قلب حسام عينيه في ملل عثمان وخفة دمه التي تكاد تقتله من الضحك ... سمع صوت زغرودة عالية ليعتدل في وقفته حين انفتح الباب توسعت حدقتيه نبض قلبه هو دائما ينبض بما أنه طبيب فعلميا يتراوح عدد دقات قلب الإنسان ما بين ستين لمئة دقة في الدقيقة إذا لما يشعر أنه يدق للمرة الاولي يتعرف علي نبضه الآن ... يضخ دماء مختلفة كراته الحمراء والبيضاء امتزجت بكرات اخري تحمل صورتها تصرخ باسمها تسري بين أوردته تطبع جسدخ بعشقها من قلبه لعلقه لجوا روحه ... ها هي تقف هناك كملاك بل أجمل ملاك يرتدي حجاب أبيض اللون تخفي بها شعرها تحجبه عن أعين من ليس لهم حق في رؤيته ... أدمعت عينيه ينظر لها سعيدا يكاد يصرخ من فرحته ما كاد يقترب منها شعر بيد تقبض علي كتفه نظر خلفه ليجد عثمان الذي ابتسم يسأله متعجبا :
- هو صحيح هو أنت ليه ما دخلتش جوا وسارة اديتك ضهرها وقعدت تلف حواليها وتنبهر لما تشوفها ولا كأنك تعرفها قبل كدة
زفر حسام حانقا يجذب يده من يد عثمان يغمغم في غيظ :
- يا عم أبعد أنا علي أخري ... سيبني أشوف ليلتلي
ضحك عثمان عاليا في حين اقترب حسام سريعا من سارة وقف أمامها يخترزها بنظراته أمسك كف يدها المرتجف خجلا يرفعه إلي فمه يلثمه بقبلة حانية يهمس لها :
- مبروك يا حبيبتي ... هتصدقيني لو قولتلك أنك أجمل ما رأت عيني
انخفضت برأسها أرضا تحمر وجنتيها خجلا أراد بشدة أن يعانقها .... ما كاد يقترب خطوة واحدة توسعت عينيه حين رأي عمر أمامه لا يعرف حتي متي جاء بتلك السرعة وقف عمر أمام حسام ينظر له ساخرا يردف :
- ما تاخدها وتروح ويولع الفرح بالمأذون بالمعازيم
زفر حسام حانقا ينظر لعمر متوعدا تبقي فقط أقل القليل وتصبح زوجته .. امسك بكفها يتحرك بها إلي سيارة والده تتبعهم زغاريد السيدات العالية ... توجه الجميع إلي سيارتهم ... نصف ساعة فقط ووصلوا إلي قاعة الزفاف ... في غرفة صغيرة تسبق القاعة علي أريكة جلس حسام وعمر وبينهما .. ينظر حسام لعمر يبتسم في تشفي ليرميه الأخير بنظرات حانقة غاضبة ... وضع كفه في كف عمر ... القي علي ابنته نظرة اخيرة يبتسم لها قبل أن يردد خلف المأذون جاء الدور علي حسام الذي كان يتعجل نطق الكلمات إلي أن اردف المأذون معترضا :
- ما ينفعش كدة يا استاذ حسام براحة عشان ما تنساش حاجة
زفر يحرك ساقه اليسري متوترا يومأ بالإيجاب ... عاد من جديد يردد خلف المأذون إلي أن صدحت الجملة المعتادة :
- بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
تعالت الزغاريد في كل مكان وقع حسام وسارة ووقع خالد وزيدان شهود علي العقد ... انتفض حسام من مكانه هرول ناحية سارة يعانقها بقوة التف بها حول نفسها يصيح منتصرا :
- اتجوزتك اخيراااا
تعالت ضحكات الجميع دقت الطبول وبدأت موسيقي استقبال العروسين دخل زيدان بصحبة لينا ... اولا وتلاه حسام الذي يكاد يرقص من الفرح ولما يكاد تبقي القليل فقط وسيرقص من الفرح ... جلست كل عروس جوار زوجها لحظتين فقط وتعالت صوت احدي الأغاني الشعبية المزعجة انفتح باب قاعة الزفاف علي مصرعيه ليدخل اصدقاء زيدان وحسام ومعهم جاسر وغيث إلي القاعة يرقصون بحركات غريبة علي أنغام الموسيقي الصاخبة اقترب شهاب صديق زيدان يشد زيدان قصرا بينهم ... في حين هب حسام سريعا خلع سترة حلته يلقيها جوار سارة ليغوص بين جمع الشباب
الكاميرات لا تتوقف عن التصوير ... علي أقرب طاولة من العروسين جلس كل من خالد ولينا وعمر وتالا وسارين ... فعثمان معهم في جمع الشباب المكتز .... نظر خالد لحسام باشمئزاز ليعاود النظر للينا يغمغم حانقا :
- سرسجي حقير ايه الأرف اللي بيسمعوه دا ...دا منظر دكتور بذمتك
ضحكت لينا بخفة تربت علي يد زوجها :
- يا خالد فرحه سيبه يفرح وبعد شهر العسل ربيه
ابتسم في خبث يحرك رأسه بالإيجاب لما بعد شهر العسل ... سيريه العجائب من الغد
في تلك اللحظات دخلت عائلة حمزة بعد أن صافحوا العروسين توجهت مايا وسارين وسهيلة التي تحمل أحمد الصغير إلي لينا وسارة يلتقطون الصور يضحكون علي ما يفعل ذلك الجمع الذي اختفي أدهم بينهم حمل الشباب زيدان يقفذونه لأعلي ... حاولوا حمل حسام ليصيح فيهم :
- لااااا أنا شوفت فيلم بابا هتسيبوني اقع وأنا مش مستغني عن الفقرة الخامسة والسادسة والقطنية
حملوه قصرا يقذونه لأعلي ليصيح فيهم خائفا :
- بس ياض منك ليه ... نزلوني يلا ... ضهري لو جراله حاجة هنفخكوا
اخيرا انزلوه أرضا ... اقترب زيدان يجلس جوار لينا يمسح حبات العرق المتساقطة من وجهه بمنديل صغير ... هرع حسام يجلس سارة نظر لعمر في تحدي ساخر ليقترب من سارة يحتضنها يلاعب حاجبيه عابثا ينظر لعمر متشفيا ....
نظر عمر لتالا في غيظ يحادثها حانقا :
- شايفة الحيوان بيغظني
حاولت تالا بالكاد رسم إبتسامة صغيرة علي شفتيها تربت علي يد عمر تهدئه .... تشعر بألم بشع يزداد سواءا ربما هي فقط تتوهم لن تضع حملها اليوم تحديدا ... ألم وسيزول بعد قليل ...
علي طاولة قريبة منهم جلس جاسر ومعه سهيلة التي تحمل الصغير ... جوارهم عثمان وسارين ... يلتقطون أنفاسهم ... نظرت سهيلة لجاسر تبتسم سعيدة حين تذكرت ما فعله لأجلها الفترة الماضية او كادت تستعيد شريط ذكريات قريب حين صدح صوت منظم الحفل يشعل الأجواء من جديد :
- اصدقاء العروستين ممكن تقفوا وراهم ونشوف مين هتاخد بوكية الورد
أخذ جاسر الصغير من سهيلة يشير لها بالذهاب لتلحق بها سارين وباقي الفتيات وقفت لينا مجاورة لسارة تضحكان وخلفهما جمع من الفتيات ... بداءتا يعدان مع بعضهما البعض بهدوء :
- واحد ...... اتنين ...... تلاتة
القيا باقتي الورد سويا التفت كل منهما تري من امسكت باقتها .... باقة سارة وقعت في يد شقيقتها ... نظرت لينا عن كثب تبحث عن من امسكت بباقة الورود الخاصة بها لتختفي ابتسامتها شيئا فشئ حين رأت تلك الشقراء الملونة تقف أمامها تمسك بباقة الورود تبتسم في اتساع ... الشقراء هنا ... نظرت سريعا ناحية زيدان الذي لم تقل دهشته عنها ... تحرك من مكانه ناحية باب قاعة الزفاف لتمسك لينا بطيات فستانها تلحق به ... بدأت الهمهات تعلو من كل مكان ... عن سبب ما يحدث ... تحرك خالد هو الآخر يخرج من القاعة عند الباب رأي انجليكا يقف جوارها شاب طويل القامة عينيه زرقاء تشبه عيني زيدان لحد كبير شعره أشقر أبيض البشرة شاب وسيم ملامحه ليس مصرية ولا بعربية علي الاطلاق ... اقترب منهم أكثر زيدان يقف أمام إنجيلكا جواره لينا التي تناظر انجليكا بشراسة :
- أنتي اللي جابك هنا
اشار لها زيدان ان تهدئ في حين ابتسمت انجليكا في هدوء عادت خطوتين تقف جوار الشاب امسكت بذراعه تنظر لزيدان في حين تجاهلت لينا تماما تتمتم مبتسمة :
- زيدان دا ماكس اللي هكتلك انه ... هو مش بيأرف اربي ... بس أنا كملته أنك كتير ... هو جاي اشان يشكرك ...لما رجأت روسيا ... أنا وماكس اتصالهنا ... هو آلي أنه بيهبني كتير وندمان اننا سبنا بأض ... بس أنا كنت زآلانة منه كتير ... هو أمل هاجات هلوة كتير اشان يصالح أنا ... أنا وماكس اتجوزنا الأسبوع اللي فات
توسعت ابتسامة زيدان يشعر حقا بالسعادة لها تلك الصغيرة تزوجت عادت لحبيبها أخيرا ... في حين انجليكا يدها علي بطنها المسطح تهمس سعيدة :
- أنا كمان هامل في شهر
قطبت لينا ما بين حاجبيها مدهوشة كيف تحمل في شهر وقد تزوجا قبل أسبوعين فقط شهقت تنظر لهما باشمئزاز تهمس بصوت خفيض :
- يا قلالات الأدب ...
في حين بالكاد منع خالد ضحكته يتذكر ذلك الفيلم القديم تكرر جملة واحدة في رأسه :
- كريستين حامل ... انتوا عندكوا بتجيبوا العيل الأول وبعدين تتجوزا تفوا علي دا نظام
عند تلك النقطة لم يستطع أن يظل صامتا فانفجر ضاحكا ليلفت انظارهم إليه توسعت ابتسامة انجليكا لتقترب منه سريعا تعانقه بقوة تتمتم سعيدة :
- امو هالد أنت وهشت أنا كتير اوووي
حمحم مرتبكا من الموقف قبل أن يأتي بأي رد فعل سمع صوت شهقة عالية التفت خلفه سريعا ليري لينا زوجته تقف تنظر له عينيها تكاد تشتعل غضبا