رواية ظنها دمية بين أصابعه الفصل الخامس و التسعون بقلم سهام صادق
كل يوم يمر عليهم سويًا يصبح مُتأكدًا أنها هي الحياة وأنها أجمل وأروع النساء ، أتت لعالمه حتى يزدهر معها ، حتى تزيل عنه ظُلمة قلبه وتمحي من داخله ذكريات أضاعت منه سنوات عمره وهو يرى أن النساء ليسوا سوى بلاء.
انخلغ قلبه من بين أضلعه وهو يراها تجثو على ركبتيها أمامه وتسأله بلهفة ونبرة صوت مُرتعشة.
_ "عزيز" ، فيك إيه... خلينا نروح للدكتور، قوم هات أيدك خليني أسندك.
وألتقطت يديه حتى تنهضه من على الأريكة التي أحتضنت جسده و بنبرة أشد تعلثمًا وقلقًا أردفت.
_ قوم يا "عزيز" معايا عشان خاطري، طب طمن قلبي و قولي حاجة...
وتركت يديه تحت نظراته المُحدقة المُندلعة منها حياة ودفئ ثم أتجهت نحو صدره حتى تدلكه له متمتمة بصوت أشد تهدجًا.
_ قولي طيب إيه بيوجعك، عم "سعيد" قالي إنه كلم "سيف" وهيجيب معاه دكتور، هو أتأخر كده ليه؟
تجمد عقله عن الإستعاب إلى أن شعر برهشة يديها على صدره.
انتفض من رقدته بفزع بعد أن أنتشل نفسه أخيرًا من حالة الضياع التي سيطرت عليه.
_ "ليلى" أنا كويس، أهدي يا حببتي.. ده تعب عادي صدقيني..
هزت له رأسها غير مُصدقة ما يخبرها به.
_ لأ أنت بقالك فترة مش بتنام كويس ومضغوط ديما في الشغل.
وبنظرة سريعة ألقتها حولها ثم ألتقطت ما أزاد خوفها ، فـ قنينة العطر الموجودة على المنضدة والتي تخص الحلاقة تؤكد لها لحظة العجز التي شعر بها العم "سعيد" عندما وجده مُغشيًا عليه أرضًا بلا حركة.
جحظت عيناها مع رعشة أهدابها و هي تبصر عُلبة الدواء الخاصه بتهدأت ضربات القلب والتي يتناول منها العم "سعيد" كُلما شعر بتسارع دقات قلبه.
_ "عزيز" عشان خاطري قوم معايا نروح المستشفى، متتعبش قلبي معاك.
تلألأت دموعه الحبيسة بنظرة حانية وضمها إلى صدره بقوة ثم أطبق جفنيه مُسترخيًا برأسه على كتفها.
_ لدرجادي يا "ليلى" خايفه عليا؟
والجواب خرج منها سريعًا، خرج منها مهزوزًا ومتحشرجًا.
_ أنت كل حاجه في حياتي يا "عزيز" من غيرك مقدرش أعيش.
توقف العم "سعيد" عند الباب مبتسمًا وهو يحمل في يده كوب من عصير الليمون الذي يراه أختيار موفقًا في وضع كهذا.
_ أنا شايف إنكم محتاجين كوبايه ليمون تانية.
أرتبكت "ليلى" وأبتعدت عن حضنه ، فاشتعلت عيناه بنظرة غاضبة جعلت العم "سعيد" يلتف سريعًا بجسده منسحبًا من الغرفة.
_ هروح أعمل كوبايه ليمون تانية.
تعجبت "ليلى" من هروبه ولم تنتبه على تلك النظرة التي ألقاها "عزيز" عليه.
_ عم "سعيد" هات العصير...
وكادت أن تنهض حتى تلحق به، فالتقط "عزيز" يدها مُتنهدًا بيأس.
_ خليكي جانبي يا "ليلى" ، وجودك قصاد عيني بينسيني حاجات كتير.
عاد العم "سعيد" إليهم وقد كان يقف على مقربة من الباب ويسترق السمع.
_ خديه وروحوا قضوا يومين في المزرعة يا بنتي...
وأستطرد ببؤس جعل "عزيز" يرغب في ألتقاطه من أمامه ووضعه بالمطبخ ثم تقيده.
_ طول عمري أقوله صحتك، أه الصحة بدأت تروح منه وعجز بدري بدري من الهموم.
لطم "عزيز" جبينه ثم زفر أنفاسه بقوة صائحًا.
_ شوف حالك يا عم "سعيد" الله يكرمك.
لم يهتم العم "سعيد" لزجراته وبدء يرتشف من كوب العصير متناسيًا إنه ليس له تحت نظرات "ليلى" التي توقف عقلها عن فهم ما يدور حولها.
_ والله انا خايف عليك يا بيه، ده أنا كنت هروح فيها وأنا مش عارف أعملك إيه وأنت واقع من طولك على الأرض.
ونظر نحو "ليلى" التي أخذت تُرفرف بأهدابها وأشار نحو أرضية الغرفة.
_ لقيتوا واقع هنا بالظبط ، قولت البيه خلاص بيضيع مننا ، هنعمل إيه من بعدك يا بيه.
حدقت "ليلى" بالمكان الذي يُشير إليه وتخيلت المشهد وأستحضرت بعض من الذكريات التي عانت فيها مرض الأحبه وفقدانهم ثم أنتفضت من جواره.
_ خلينا ناخذه للدكتور، أنا مش هستنا كده.
وضع "عزيز" رأسه بين يديه بقلة حيله وأستمر العم "سعيد" في إلقاء ما ينسجه عقله حتى صاحت ببكاء.
_ قوم معايا يا "عزيز" ،أنت ساند راسك كده ليه ،أنا مش هستحمل أشوف فيك حاجة....
وتحشرج بقية الكلام على طرف لسانها وسقطت مغشية عليها فلم يعد لديها طاقة للتحمل.
_ "ليلى"
سقط الكوب الذي يحمله العم "سعيد" من يده مع صراخ "عزيز" الذي اندفع ناحيتها وأخذ يلطم خديها بخفة متوسلا لها حتى تفتح عينيها.
_ فوقي يا "ليلى" ، "ليلى" ردي عليا ديه تمثليه إحنا عاملينها... الله يسامحك يا عم "سعيد".
حملها على ذراعيه بلهفه متجهًا بها نحو الأريكة التي كان متسطحًا عليها قبل قليل.
_ أنت واقف كده ليه يا عم "سعيد" ، هات أزازة الريحة ولا أقولك هات التليفون خلينا أكلم دكتور "نادر"
نظر العم "سعيد" إليه ثم بعدها وضع يده على صدره وتراجع بخطواته مُلقيًا بجسده على أقرب مقعد.
_ مش قادر أخد نفسي...
وأنقلب الوضع لشئ مضحك وبعد أن كان "عزيز" يتلقى رعايتهم صار هو من يرعاهم.
...
نظر إليه والده بنظرة مُحذرة بعدما دفعه إلى الجدار الذي ورائه.
_ المهزلة ديه لازم تنهيها بسرعه مش ناقصين فضايح ولا تفتح العيون علينا... كفايه الصفقة الجديدة ضاعت مننا.
دفعه "مراد" عنه ثم رفع يديه حتى يُعدل من قبة قميصه.
_ صفقتك أنت الخسرانه لكن أنا عارف كويس أسيطر على شغلي ورجالتي يا "عدنان" باشا.
طأطأ "عدنان" رأسه ثم انفجر ضاحكًا.
_ ما بلاش نكشف أوراقنا ونقف قصاد بعضينا وأنا وأنت عارفين الضربة بتجيلي منين ومن مين؟
أحتدت عيناي "مراد" وأشاح وجهه عنه بعدما وضع يده على كتفه.
_ أنا لو وقعت أنت كمان هتقع، أنتقامك مني هيخسرني أنا وأنت.
وبنبرة جادة وحازمة أردف.
_ وجود بنت المستشار زوجة ليك داعم لينا الفترة الجاية لحد ما نتم مشروعنا مع الحكومة ولا أنت عايزهم يقلبوا علينا ويكشفوا المستور.
زمجرة "مراد" القوية ثم دفعه لتلك الطاولة التي أمامه ، جعلت "عدنان" يُغادر الغرفة متجهًا نحو الغرفة الأخرى التي تمكث بها "لبنى".
أطبقت "لبنى" شفتيها حتى لا تتناول العصير لتنظر إليها "أشرقت" راجية.
_ عشان خاطري يا ماما أشربي العصير ،طب قوليلي أعمل إيه لو عايزاني...
وتحشرج صوتها ثم نهضت من جوارها وأتجهت نحو الشرفة المفتوحة...
حدقت بها "لبنى" بشفتين مرتعشتين ومدَّت إليها يديها وخرج صوتها أخيرًا.
_ لا، لا.
دلف "عدنان" الغرفة مصعوقًا بعد طرق الباب لتتسع عيناه ذعرًا وهو يبصر المشهد الذي أمامه...
هرول نحوها صارخًا وهو يمد إليها يديه.
_ أنتِ هتعملي إيه؟
وأعقب صراخه ، صراخ "لبنى" وبكائها.
_ بنتي، لا.. لا.
تجمدت خطوات "مراد" ونظرة عينيه أمام رجال والده المصطفين بالممر الطويل وكأنهم في حالة تأهب، رمقوه بنظرة حائرة أختفت سريعا فور أن عاد أدراجه نحو الداخل.
....
توقف "سيف" مكانه مذهولًا وهو يرى عمه جالسًا جوار "ليلى" ويمسح على وجهها وقد تبدَّى على ملامحه الخوف.
أتجهت عيناه نحو "عايده" التي تجلس قُرب العم "سعيد" وتناوله كوب الماء وفي الجهة الأخرى وقفت "شهد" ومعها صديقتها مترقبين ما يحدث أمامهن.
_ هو في إيه؟
الصمت وحده أحتل أفواههم ،فأتت "بيسان" ورائه ووقفت مثله تتساءل.
_ "عزيز" بيه أنت كويس؟
سؤال "بيسان" حول أنظار كلا من "شهد "و "لميس" إليها ، لتضيق حدقتي "عزيز" دون النظر نحوهم.
تحرك "سيف" نحو عمه والحيرة تأكله... فمن منهم مريض؟
_ عمي أنا مش فاهم حاجه ، عم "سعيد" قالي ...
بحزم قطع "عزيز" تساؤلاته وهو يدلك يدين "ليلى" برفق.
_ بعدين يا "سيف".
أزدرد "سيف" لعابه وألتف إلى الوراء نحو "بيسان" التي وقفت مثله لا تفهم شئ.
أخفضت "شهد" رأسها ، فألتقطت "لميس" فعلتها ثم سحبت يدها حتى يغادروا.
...
أخفى "صالح" أبتسامته قبل أن تنتبه عليه وتسأله عن سببها ، فهو لا جواب لديه وكل ما يفهمه من حالته... أنه غارق في أدق تفاصيلها وأفعالها.
_ مش عارفه حاسه إن الكرافتة مش حلوه، أقلعها وخليك من غيرها... أنت شكل من غيرها بتكون أحلى.
رفع "صالح" زواية شفتيه متذمرًا وعابسًا.
_ يعني بعد ما خلتيني ألبس أربع كرافتات دلوقتي أقلعها... لأ مش موافق.
وتحرك من أمامها ، فنظر إليها "يزيد" وهو يبسط يديه مستاءً مما تفعله معهم.
_ "صالح" من فضلك أسمع كلامي.
تابع تحركه متأففًا وأشاح بيده لها حانقًا.
_ ولا كلمة زيادة ومتقوليش عشان خاطري أستحمل، عندك "يزيد" أه أتعاملي معاه لحد ما ميعاد الفرح يخلص ونرتاح كلنا وأحنا بنبدل من قميص لقميص وكرافتة لكرافتة وتسريحة شعر لتسريحة شعر تانية...
أرتسم الفزع على ملامح "يزيد" وقفز من الفراش هاربًا من الغرفة قبل هروب والده.
_ لأ يا بابي متسبنيش مع "زوزو" ،خذني معاك.
ضمت "زينب" شفتيها بعبوس وتمتمت بنبرة خافته.
_ أنا زعلانه منكم أنتوا الاتنين.
أغلق "صالح" عينيه بضيق وزافرًا أنفاسه بزفرة طويلة ثم أزاح رابطة العنق واتجها إليها.
_ قلعتها خلاص ، كفايه بقى يا "زينب" ده فرح زي أي فرح بنروحه... ده أنا يوم فرحي عليكي معملتش كده.
أتسعت أبتسامتها وعانقته بذراعيها.
_ تستاهل بوسه على الخد لكن "يزيد" محروم منها.
برقت عينين "صالح" بنظرة عابثة وكاد أن يخبرها أن هذه القبلة لن تروي ظمأه لكن عودة "يزيد" إليهم قطع أفكاره.
_ مش عايز البوسة يا "زوزو" ،أنتِ بتبلعي خدودي ، البوسة بتاعتك متوحشة.
أنفلتت شهقة عالية من شفتي "زينب"، فقهقه "صالح" عاليًا ونظر نحو صغيره.
_ أهرب يا "يزيد" لحد ما نشوف موضوع البوسة المتوحشة.
_ وأنت أهرب كمان يا بابي.
ركض الصغير مرة أخرى ضاحكًا لتتوحش نظراتها مع زموم شفتيها حانقة.
_ يا حببتي أنتِ مسوءة سمعتك عند الولد بطلي تبوسي.
وأردف بمكر مُستمتعًا بمظهرها ونظراتها المُضحكة.
_ عندك أبوه ستر عليكي ومش بيتكلم خالص.
ضاقت حدقتاها ثم قوست شفتيها أمامه وتمتمت بنبرة ناعمة.
_ عندك حق، شوف عايز مكافأتك دلوقتي ولا تستنا لما نرجع من الفرح وأضاعفها ليك.
حرر "صالح" خصرها من يديه ونظر إليها بنظرة ثاقبة.
_ أنا مش "يزيد" يا حببتي ومش هتعرفي تضحكي عليا.
أستدارت بجسدها سريعا حتى تسطيع كتم ضحكتها.
_ لأ أنت أحلى وأشطر من "يزيد".
وتحركت من أمامه بدلال، فانفجر مقهقهًا بطريقة أدهشتها.
_ بتضحك ليه ؟
توقف عن الضحك وألتقط أنفاسه ببطء غامزًا لها بطرف عينه.
_ لما نرجع من الفرح هقولك وتعالي بقى أديكي أنا المكافأة بتاعتي ،أنا راجل برضو جنتل وأتعودت في شغلي أعامل الليدي بأعلى درجة أحترام.
وبأعلى صوته تمتم بعدما أجتذبها من ذراعها.
_ "يزيد" كلم نانا قولها نص ساعة وهنتحرك وطول في المكالمة معاها شوية يا حبيبي لحد ما أفهم "زوزو" حاجه مهمة عشان تسمع الكلام وإحنا في الفرح.
...
أختلس "عزيز" النظر نحو ابن شقيقه و "بيسان" من وراء ستار الشرفة التي كشفت له مكان وقوفهم بوضوح قبل أن ينطلقوا بالسيارة مُغادرين الفيلا. أغلق جفنيه ثم أطلق زفيرًا ثقيلًا من صدره.
_ أرايت أنني لا أكذب عليك،" سيف" مغرم بها ويخونني معاها.
تجهمت ملامح "عزيز" و ألتف جهتها بنظرة خاوية.
_ لو كنتي مركزه في حياتك ومع جوزك مكناش وصلنا لكده لكن ديه غلطتي من الاول ولازم أصلحها.
حدقت به "كارولين" ثم تساءلت بعدما حاولت أن تفهم ما أخبرها به دفعة واحدة.
_ أي غلطة تقصد سيد "عزيز".
رمقها "عزيز" بنظرة حادة وثاقبة أرجفتها وتحرك من أمامها قاصدًا جهة الدرج ومغمغمًا.
_ محدش هيخلصني منك غيرها وبعدها أجوزه لواحده شبهنا وأبقى أعترض على قرارتي يا "سيف".
....
نظرت "بيسان" أمامها بضيق بعدما توقف بالسيارة جانبًا.
_ وقفنا ليه ، لو سامحت كمل لأني أتأخرت ومبلغتش "فارس" إني هكون معاك.
أرادت إغضابه حتى تقتص منه حرقة قلبها في كل مره رفضها فيها وعرضت عليه والدته أن يتزوجها.
_ قوليلي أعمل إيه يا "بيسان"، عمي ضحى عشاني وعشان "نيرة" كتير...
وبقهر تمتم.
_ أنا كنت عايز أخسره "ليلى" ، أستخترت عليه ست تحبه ويحبها.
تحجرت نظراتها وانسحبت أنفاسها ، فوضع رأسه على عجلة القيادة بخزي.
_ أنا حياتي كلها غلط في غلط حتى أنتِ يوم ما بصيت ليكي وقربت منك قربت في الوقت الغلط.
وبمرارة أستطرد قائلًا وهو يُقاوم رغبته بالصراخ.
_ أنتِ شوفتي الحلو من "سمية" هانم لكن أنا و "نيرة" عمرنا ما شوفنا منها حاجة ، علقتك بيا وعلقتني بيكي...
هربت بعينيها بعيدًا عنه بعدما شعرت برغبتها بالبكاء.
_ هتصدقيني لو قولتلك إني بقيت كاره نفسي، أنا فكرت أسافر وأرجع أمريكا تاني وأنفصل عن "كارولين" بهدوء
اخترقت كلمة أبتعاده عن الوطن قلبها ثم نظرت إليه.
_ أنت ممكن ترجع أمريكا تاني يا "سيف".
...
أنزوت "لبنى" في ركن بعيد مُتعلله بأرتفاع ضغط الدم لديها وذلك الأعياء الذي أصابها فجأة حتى إنهم أستدعوا الطبيب بالفندق وتم إلغاء جلسة تصوير العروسين بسبب ما حدث فجأة.
_ "لبنى" أنتِ كويسة؟
تساءل بها "هشام"، فهو يشعر بوجود شئ تخفيه عليه.
_ سألتني السؤال ده كذا مره يا "هشام" وقولتلك رحب بالضيوف بدالي وأعتذر منهم.
ألتقط "هشام" يديها بحنان غير منتبهًا على نظرة "زينة" التي لم تتزحزح عيناها عنه.
_ أنا كده شكلي هلغي سفريتي وأخلي أي حد يخلص بيع الأرض بدالي.
ردت وهي تسحب يديها منه.
_ لأ سافر يا "هشام"....
وأغمضت عينيها للحظة حتى تقاوم رغبتها بالصراخ عاليًا ، فـ ربما تتوق الموسيقى العالية التي تُشعرها بالأختناق.
_" لبنى" ردي عليا، مش معقول تكوني عامله ده كله عشان" أشرقت" هتبعد عن حضنك...
_" لبنى" الناس بتسأل عنك، ده غير" أشرقت" كل دقيقة تشاور ليا تقولي فين ماما ، هاتي ايدك وتعالي أقفي جانبها أو حتى أقعدي على ترابيزة سيادة اللواء وعيلة" صالح".
قالتها "رحاب" شقيقة زوجها ثم أتبعتها" يسرا" ، فالجميع يسأل أين هي أم العروس؟
تمنت داخلها أن ينتهي هذا الحفل سريعًا حتى تتمكن من الصراخ بأعلى صوتها.
_ خلاص يا جماعه سيبوها براحتها ، أنتوا عارفين "لبنى" مبتحبش حد يزن فوق رأسها.
وهكذا خلصتها "يسرا" من حصارهم الذي أتبعه حصار أولادها عليها ورغمًا عنها نهضت حتى تُكمل هذه المسرحية الهزلية.
_ أبتسمي، الناس بدأت تاخد بالها.
همس بها "مراد" لها، فتمنت لو قطعته بأظافرها و أسنانها.
_ خلي كل الناس يعرفوا إني مش طيقاك.
أفتر ثغر "مراد" بأبتسامة أصابتها بالغثيان.
_ وتخلي سمعتك على لسان الكل ،طب خافي على "لبنى" هانم... الست لحد دلوقتي مش قادرة تصدق.
دمعت عيناها بألم عندما أبصرت والدتها تتحرك بوهن ومستندة على ذراع شقيقها "علي".
_ لو ماما جرالها حاجة ، هقـ.ـتلك يا "مراد"...
وبصوت خافت أخترق أذنيه أردفت بقهر وهي تتذكر حال والدتها وإخبارها لها أنها لا تُريد رؤية وجهها وسماع صوتها بعد حفل الزفاف.
_ ربنا يقهرك زي ما قهرتها...
تلاشت أبتسامته ضاغطًا على يدها بقوة.
_ ودلوقتي عرفتي القهر يا بنت يا المستشار.
أبتلعت لعابها ثم أشاحت عينيها التي تقابلت مع نظرة "زينب" إليها.
...
أرتعشت أجفان "سما" بحسرة عندما وجدت رسالة منه يُخبرها فيها أن عليهم الأحْتِراس وعدم لفت الأنظار إليهم وقد لاحظ نظرات والدتها المصوبة نحوه.
اخفضت "سما" رأسها نحو فستانها الأنيق المحتشم ثم مررت يدها على تصفيفة شعرها المختلفة.
رفعت رأسها وألقت بنظرة خاطفة نحو "زينب" التي لا يترك "صالح" يدها منذ وصولهم ويتهامسون وكأنهم في فترة خِطبة وليس زواج.
_ أنا محتاجاكي أوي يا "زينب" ، حاسه إني مخنوقة.
وسرعان ما تجدد الأمل داخلها عندما أهتز هاتفها و ظنت أن رسالته هذه المرة ستثلج قلبها العطش نحو مشاعر الحب الصادقة.
خانتها دموعها عندما وجدته ينحسب من حفل الزفاف.
_ "سما" ، "سما"...
نادها "قصي" عندما رأها عابسة الوجه وتُغادر قاعة الزفاف.
لم ترد عليه، فأندهش "قصي" وزادت دهشته عندما أنتبه على دموعها.
_ أنتِ بتعيطي.
أسرعت بالرد حتى تُخفي أمر بكائها.
_ وأعيط ليه ، ديه اللينسيز وجعتلي عيني.
_ نفسي أفهم ليه بتحطوا حاجة مالهاش ستين لازمه ، مالها لون عينك الطبيعية... ما أحنا عارفين إن لون عينك سودة يا "سما".
ترقرقت الدموع بعينيها وهزت رأسها إليه.
_ عندك حق، عن أذنك هروح التواليت أشيلها وأحاول أرجع "سما" من تاني.
شعر بالغرابة من كلامها وأسرع بالوقوف أمامها.
_ على فكرة أنتِ النهاردة طالعه زي القمر...
حدقت به بنظرة واجمة، فأبتسم وهو يخرج من سترته منديلًا.
_ مش أي حد يستاهل دموعك يا "سما".
....
زفر "عدنان" أنفاسه براحة بعدما أنتهى حفل الزفاف وصعد "مراد" بعروسه نحو الجناح المحجوز لهم بالفندق.
أنسحب رجال "عدنان" من الفندق بعدما أشار لهم بنظرة من عينيه أن يُغادوا.
_ "عدنان"، هو مش "مراد" كان محدد ميعاد سفره اليونان الليلادي ، أنا قولت إنه .....
قاطعها" عدنان" وهو يفتح لها باب السيارة.
_ روحي مع السواق يا "سيلين" ومتفكريش كتير.
نظرت إليه ثم نظرت نحو "إلهام" و" زينة" وقد غادروا للتو من الفندق.
_ أنت مش هتروح ليه معايا؟
أخرسها بنظرة منه ولم يكن عليها إلا الصمت وإلقاء نظرة ساخرة نحو "إلهام" التي تعيش معه بالخفاء كزوجة بعقد عرفي.
_ خالتو، "نيفين" وصلت أهي... همشي معاها وأنتِ حاولي متلفتيش نظر حد ليا.
توترت "إلهام" وأشارت إليها بالتحرك سريعًا قبل أن ينتبه "عدنان" وبالفعل نجحت في إخفاء نفسها عن أنظاره.
أستدار "عدنان" نحو إلهام قاطبًا حاجبيه ومقتربًا منها.
_ فين زينة؟
_ راحت تبات عند واحدة صاحبتها.
أحتقنت ملامح "عدنان" صائحًا بها بصوت خفيض.
_ أنتِ بتهزري يا" إلهام"!!
أتجهت "إلهام" نحو سيارتها بعدما ألقت بوجهه حقيقة لقائتهم السرية.
_ يعني عايز البنت تكون موجوده وإحنا سوا يا "عدنان".
تنهد بسأم وجذبها من ذراعها وأتجه إلى سيارته.
_ دماغي فيها وش كتير ومحدش هيرحني غيرك وكويس فعلا إن "زينة" راحت عند صاحبتها.
....
وقعت "زينة" على عقد الزواج بيدين مرتعشتين، فتناول منها الورقة والقلم متسائلًا.
_ متأكده من قرارك ؟
حركت رأسها إليه ونظرت إلى الورقة التي دَسَّها بسترته.
_ متخافيش من الورقة، كام ليلة مع بعض وبعدها نقفل الصفحة ديه.
تسارعت دقات قلبها عندما وجدته يميل عليها ليقبلها.
_ لآخر مره يا "زينة " بسألك....
والجواب هذه المرة كان بطريقة زادته توقً للحظة الفاصلة ، للحظة التي ستكون فيها بين ذراعيه.
أبتعد عنها "هشام" مهندمًا من وضع قميصه ثم جذب طرف فستانها القصير حتى يخفي ما كشفه عن ساقيها وقد عزلهم زجاج السيارة المعتم وعدم وجود أحدًا بالجراج.
مرر يده على عنقه مبتسمًا بأنتشاء وأنطلق بعدها من جراج الفندق مُتجهًا إلى مدينة الأسكندرية غافلًا عن أمر أبنته التي يدفعها" مراد" من أمامه بثوب زفافها ويخبرها بكل قـ.ـسوة أن عليها تدبر أمرها والأستمرار بـ لعبة الزواج المزيف ... فهو لديه رحلة عمل وقد أنتهى العُرس ونفذ أتفاقهم...
❤️❤️❤️
أنغلق الباب ومعه أنفتح جرحً غائرًا لن تمحيه الأيام مهما حصدت من ذكريات ربما تكون سعيدة وتكون بها قوية و شامخة لكن ما تجرعته على يديه اليوم لن يُنسى بل ولد أنتقامًا وكرهًا داخلها إلى أبد الدَّهْر.
« مش عايزه أشوف وشك تاني ، تنسي إن ليكي أم، وطيتي رأسي وكسرتي نفسي وخلتينا نواطي رأسنا المرفوعه ديمًا.»
« أنا مسافر ومش محدد هرجع أمتى ، مكان شهر العسل لسا محجوز، أستمتعي بــ الرحلة زي ما تحبي أكيد هتعرفي تتصرفي يا سيادة المستشارة وبنت المستشار.»
صوته الساخر وهو يخبرها أن تتدبر حالها تداخل مع صوت والدتها وهي تصرخ عليها وتُخبرها ألا تريها وجهها مُجددًا.
بكت بكل قوتها قهرًا ويديها تُحركهما بجنون على خصلات شعرها وقد مزقت منه ما طالتهما وبخطوات تحمل ضياعها وخزيها، أتجهت نحو الفراش الذي تم تزينه بــ بتلات الورد الحمراء.
وقفت لوهلة مُحدقة بالفراش ثم أطبقت جفنيها مع خروج أنفاسها بوتيرة سريعة.
أرتعشت شفتاها وأغرقت الدموع خديها مع كل لحظة عاشتها معه ومرت أمامها...،ضحكاتهم، نظرته التي دائمًا كانت لا تفهمها... أغداقه عليها بالهدايا وكل شئ تحبه... ، تلك الصور التي ألتقطوها سويًا وتلك اللحظة التي عاد فيها مُعتذرًا ونادمًا بعدما هجرها لأكثر من أسبوعٍ دون سبب واضح فهمته الليلة...
توقفت "أشرقت" عن ذرف الدموع التي لن تغسل عارها في حق نفسها ثم أنفجرت ضاحكة وهي تضع يديها على خصلات شعرها المُشعثة.
_ كان بيدبر لكل حاجة، كان عايز يذلني ويكسر عيني.. معملش ده كله معايا حب.
قالتها ثم دارت حول نفسها وهي تضحك ولاحت أمامها تلك الليلة التي جرها فيها نحو خطيئة حملت وزرها وأضاعت معها فرحتها و كرامتها.
_ فهمني إن من أثبات الحب أسلمه نفسي وأنا مطمنة وبغبائي صدقت.
وقهقهت بعلو صوتها مُرددة وهي تسحب مفرش الفراش المُزين لهذه الليلة.
_ كنت غبيه و صدقت، صدقت إنه بيحبني...
...
أغلقت "لبنى" عينيها حتى تتظاهر برغبتها الشديدة للنوم وقد جلس كلا من أبنائها "قصي" و "علي" جانبها يُمازحونها بسبب حزنها المبالغ على فراق شقيقتهما الوحيدة.
_ يا ست الكل ،بنتك بس تخلص شهر العسل وكل يوم هتلاقيها هنا.
قالها "علي" مُقهقهًا، فعقب "قصي" على كلامه مُتناولًا كف والدته حتى يُقبله.
_ أنا خايف من بكره نلاقيها رجعت لينا..
تجمدت عيناي "لبنى" ونظرت نحو أبنها بذعر، فهل يخون "مراد" أتفاقهم مثلما خَانَ ثقتهم وتأتي إليها أبنتها في الغد بفضيحتها وعارها.
_ مالك يا ست الكل أتفزعتي كده ليه، "قصي" يقصد إنها مش بتاعت جواز و مسئولية.
تجلجلت ضحكات "قصي" ونهض من جوار والدته.
_ متخافيش يا ماما، أي راجل فينا بيتخدع شوية في الخطوبة وضيفي عليهم شهر العسل وبعد كده لو يطول يرجعها هيرجعها.
_ تفتكر يا واد يا "قصي" ممكن أعمل كده مع "فاتن" خطيبتي.
تساءل "علي" ، فرفع "قصي" أحد حاجبيه مُستهزءً من سؤاله.
_ يا حبيبي بتسأل وأنت قربت تدخل القفص ويتقفل الباب عليك، خليك على عماك بقى لحد الأخر.
مزاح أبنائها أمامها ، جعلها رغمًا عنها تبتسم وتتمنى أن يكون ما عاشته الليلة هراءً.
_ ست الكل ابتسمت خلاص، بس لو بدل بقى الابتسامة تكون ضحكة.
صاح بها "قصي" ثم قبلها على كلا خديها وأتبعه شقيقه.
_ ربنا يخليكي لينا يا ماما، أيوه كده منقدرش نشوفك زعلانه.
ولأول مرة بحياتها تعيش قهرًا حفرته أبنتها بيديها وفور أن أغلقوا الباب ورائهما حتى تستريح...عادت إلى لطم صدرها وبكائها.
_ حرقتي قلبي ليه عليكي، خلتيني مش قادرة أنطق وأتكلم ،أكسر ضهر أخواتك إزاي ولو واحد فيهم عرف ، يضيع مستقبله بسببك ولو قولت لـ "هشام"....
وعندما تذكرت أمر زوجها شعرت بالخوف.
_ كل حاجه في حياتنا هتدمر، ليه يا "أشرقت" ليه...
وبقسوة تعلم إنها لن تدوم طويلًا ،أردفت.
_ أتحملي نتيجة غلطك وخليه يذل فيكي على كيفه.
...
داعبت أبتسامة واسعة شفتي "صالح" ثم أتَّكأ إلى زاوية الجدار عاقدًا ساعديه أمام صدره مستمتعًا برؤية روتينها الليلي الذي لا تنسى أمره إلا إذا كانت مُنهكة ولا تقوى على تدليل نفسها.
رفعت رأسها في اللحظة التي أنتصب فيها مُعتدلًا في وقوفه.
_ بتبصلي كده ليه ؟
تساءلت بها "زينب" بأرتباك واضح وهي تفتح عبوة الكريم المرطب الخاص لتوريد كعب القدمين.
تلكَّعَ في إجابتها وأختطف منها عبوة الكريم وأجتذبها إليه حتى صارت ساقيها مُمددة على فخذيه.
_ بحب دلالك لنفسك ومعرفتش النقطة ديه فيكي غير لما جمعتنا أوضة واحدة وطبعًا نشكر رحلة أسوان.
أرتبكت وتوردت وجنتاها عندما أتى بذكر رحلتهم الجميلة التي أزالت الحواجز بينهم.
_ أنا أتعلمت ده من تيته زي إني أسمع الراديو وريحة الأكل اللي لازم تفيح في البيت.
ألتمعت عيناه وهو يسمعها مُتأثرًا بذكرياتها مع جدتها وعلى ما يبدو ، إنها كانت أمرأة رائعة وخطأها الوحيد أنها تزوجت الجد "نائل".
_ شكلها كانت ست جميلة في كل حاجة.
هزت "زينب" رأسها ثم بدأت الدموع تتجمع في مقلتيها.
_ جدو ديمًا يقولي إني مش شبهها بس في الملامح حتى الطبع ورثته منها.
والدموع التي قاومتها، أنسابت بسخاء على خديها وتحشرج صوتها.
_ هو مستحقش تيته "زوزو" ، ظلمها وظلم نفسه وظلم بابا وأتظلمت أنا معاهم...
ولم تكن كاذبه في هذا الأمر، إنها عانت بشدة في كل مره أبصر عمها "هشام" صورة جدتها فيها وأخبرها مرارًا إنه حينا يراها... يرى جدتها الخائنة، جدتها التي عطفت والدته عليها.. فعضت بعدها يدها وتزوجت زوجها لكن هي ما ذنبها، وما ذنب والدها الذي دائمًا ما كان يحاول التقرب من أخوته ولا يجد منهم إلا صدًا وجفاءً.
بكت بمرارة جعلت كل جزء من جسده يتجمد ، صورة عائلة "زينب" المثالية باتت واضحة حتى حديث الجد "نائل" معه عبر الهاتف هذا الصباح فهمه جيدًا ، "زينب" تفعل مثلما كان يفعل والدها ،تفرح لرؤية حبهم وأعترافهم إنها فردًا منهم وما حرك هذا وجوده معها وما يفعله من أجلها.
_ "صالح"..
وقبل أن تنطق بالشئ الذي صار يحفظه عن ظهر قلب ،أجتذبها إلى صدره حتى صارت كلها بين ذراعيه.
_ ساعات بندفع تمن مالناش دخل فيه لكن لازم ندفعه ونحاسب عليه ، أنا آسف يا "زينب"، آسف على ليلة العمر اللي كسرتك فيها مكنتش ساعتها اقصد أوجعك... كنت عايز أدفعك تمن أختيار جدي ليكي ولو كنت أعرف إني هيجي يوم وأتوجع على كل ذكرى سيئة أنتي عيشتيها وأتمنى لو أقدر أمحيها مكنتش وجعتك.
وأغمض عينيه بعدما أنعقد بقية الكلام على طرف لسانه
وشعر بتشبثها به.
_ تيته مش وحشه يا "صالح" ، الظروف أجبرتها وحوجتها تتجوز جدو ودفعت التمن سنين طويلة.
وهل تؤكد له حقيقة صار متأكد منها ، فالجد أخبره بكل صدق أنه من ركض وراء جدة "زينب" وأغرها بكلامه المعسول ووسامته ورتبته العسكرية وفتاة مثلها تسعى لكسب لقمة العيش حتى تأتي بعلاج والدتها المريضه ، لم تستطيع الصمود أمام تلك المغريات وسقطت في خطيئة خيانته لزوجته وأصبحت بالنهاية خاطفة الرجال.
أبعدها عنه برفق بعدما أرتخت قبضتين يديها عن قميصه ثم رفع وجهها إليه.
_ "زوزو" بصي في عيني.
هزت رأسها رافضة النظر إليه.
_ خلاص يبقى أخليكي تبصيلي بالأجبار.
أسرعت بأشاحت عيناها عنه لكنه كان أسرع منها وأحتضن وجهها وخاطبها بأمر.
_ بصيلي يا "زينب".
هزت رأسها مرة أخرى رافضه وبصوت خافت تمتمت بوجع غرزه داخلها البعض.
_ هتعايرني زيهم إنها كانت خدامه في البيوت.
وأبتلعت لعابها لا تقوى على مواصلة كلامها.
_ وإنها خطافة رجاله زي ما كانوا بيقولوا ليا...
وأطرقت رأسها بعدما هتفت بأصعب كلام كانت تسمعه عن جدتها كُلما أرادوا أن يُذكروها بمن كانت سبب قهر والدتهم الغالية وخاصه عمها "هشام" الذي أذاقها مرارة اليتم وقلة الحيلة وحولها إلا فتاة مُنطفئة ترضى بما يُمنح لها دون أن يكون لها حق الأعتراض.
_ مافيش راجل بتخطفه واحده ست يا "زينب"، كل راجل فينا لما بيقرر يعمل حاجه، إما عجرفته وكبريائه بياخدوا...
أو إنه عايز يعمل كده عشان شايف إنه بيدور على سعادته من وجهة نظره هو.
تقابلت عيناهم بنظرة طويلة وبأبتسامة حانية مرر يديه على وجهها.
_ سيبك بقى من النكد وتعالي أقولك "يزيد" فتح عيني على حاجة مكنتش واخد بالي منها.
أراد أن يصرف عقلها عن ذكريات قاسية ،فأبتسمت وسحبت ساقيها من على فخذيه مُتسائلة.
_ هو "يزيد" نام؟
أفتر ثغر "صالح" بخبث أصبح جديد عليها منه.
_ وتفتكري لو كان صاحي ، كان سابنا كده.. كان أقتحم الأوضة وفرض وجوده وأنتِ طبعًا مبتقدريش ترفضي له طلب خصوصا لما يقولك ، "يزيد" زعلان منك يا "زوزو".
_ بحبه أوي يا "صالح" ، لولاه أصلا مكنتش أديت لجوازنا فرصة تانية.
خفق قلبه مع ردها وألتقط يديها يقبلهما بحب.
_ أنا وأبني محظوظين بوجودك معانا يا "زينب".
أبتسمت بتلك الابتسامه الساحرة التي تسبل معها جفنيها ،فتوهجت عيناه سريعًا وتذكر ما أخبره به صغيره.
_ مش عايز تعرفي" يزيد" قالي إيه ؟
ضاقت حدقتاها ترقبًا وأزدادت تقطيبة حاجبيها عندما رأته يناظرها بنظرة طويلة يتلألأ فيها توقً نحو ما يرغبه.
...
توقف" مراد" عند منتصف الدرج الجوي الخاص بالطائرة مُطلقًا زفيرًا طويلًا ثم أستكمل صعوده وأنغلق باب الطائرة ورائه.
أبتسمت "سيلين" وفردت جسدها بأسترخاء على الفراش بعدما وصلت إليها صورته وهو يغادر إلى اليونان دون عروسه.
_ سافر يا حبيبي وأنا هدرو على حجة وأسافر ليك بس الأول لازم أعمل زيارة للعروسة بنت المستشار وعيلة القوم.
وقفت "أشرقت" أمام المرآة ثم أسقطت ثوب زفافها تحت قدميها بعدما فكت تلك الخيوط التي تربطه وعلى شفتيها أرتسمت ابتسامة ساخرة.
....
انتفضت ليلى" قلقً من غفوتها عندما شعرت بتحركه من جوارها.
_ رايح فين يا" عزيز" ،متقومش من السرير أنت تعبان.
قالتها وهي تلتقط ذراعه حتى لا ينهض، فالتف إليها وهو يرغب بالضحك.
_ برضو يا" ليلى" لسا مصدقه إني تعبان ، يا حببتي ديه كانت تمثلية.
حاول أن يجتذب ذراعه من يدها لكنها تشبثت بذراعه الآخر.
_ لأ يا "عزيز" ، أنا مش مصدقاك...
أطبق جفنيه متنهدًا.
_ اجبلك العم "سعيد" عشان تصدقي.
امتعضت ملامحها عندما تذكرت أمر العم "سعيد".
_ حسابه معايا بعدين، لولا إنه تعبان، أنا كنت...
وعند هنا لم يتحمل طريقتها بالوعيد وقهقه عاليًا عندما استعاد المشهد في ذاكرته.
_ ديه كانت غلطتي إني قولت أخذ بنصيحته وأسيبه يتصرف ،قام بوظها خالص.
وفجأة أختفت ضحكته ونظر إليها بنظرة عكست لها مشاعر عدة أربكتها.
_ خوفت عليكي أوي يا "ليلى"، خوفت لدرجة عمري ما كنت اتخيل إني هوصل لكده من خوف ، ولأول مرة في حياتي مكنش قادر أتحمل وجود العم "سعيد" حواليا ولا شايف حد قصادي غيرك أنتي.
شعرت برجفة شفتيه أثناء الكلام ، فأسرعت بأحتضان وجهه بكفوف يديها.
_ أنت كل حاجه ليا يا "عزيز" ولو العمر بيتاخد منه كنت قسمتك في سنين عمري لحد ما نموت سوا.
تسارعت دقات قلبه بجنون مع نبرة صوتها الصادقة وأسرع بأجتذابها إليه.
_ أنتِ سنين عمري الحلوه وبحمد ربنا إني فضلت رافض فكرة الجواز لحد ما جتيلي ومش بتمنى حاجه دلوقتي غير إني أشوف طفل منك حتى لو طفل واحد... يكفيني إنه منك يا "ليلى".
يديه التي تحركت على موضع رحمها جعلت جميع جسدها يرتعش وتمنت لو أنها تمتلك الجراءة لتُخبره بشكوكها بعد أن فشلت بالافصاح لزوجة عمها لكنها عزمت على إجراء أختبار الحمل بالغد.
...
وقفت السيارة أخيرًا أمام أحد الفنادق الصغيرة والتي لا يتردد عليه إلا طبقة الشعب العامة ، فهذا أنسب فندق لوضعهم حتى لا يتقابلوا مع أحد يعرفهم وينكشف أمرهم الذي لن يطول، بضعة ليالي سوف يقضيها معها متنعمًا ومتذوقًا من حلاوتها وتخليص نفسه من تلك الرغبة التي أشعلتها داخله بسبب ركضها ورائه حتى يقع في شباكها وقد نالت ما أرادت وأتى وقت أن ينال هو ما أراد.
_ إحنا هننزل هنا ؟
تساءلت بها وهي تُحدق بالفندق.
_ مش عجبك المكان.
أبتلعت "زينة" لعابها ونظرت إليه، فتنهد مستطردًا.
_ ده أنسب مكان لينا، مش عايزين حد يشوفنا ولو روحنا فندق من فنادق الخمس نجوم من السهل حد يعرفنا فيها.
وعندما وجدها صامته ، ألتقط أحد يديها ويده الأخرى مررها على عنقها.
_ متقلقيش الفندق نضيف جدا وأنا موصي على أحلى أوضه وأقرب أوضة للبحر.
أبتسم حينما رأها تُغمض عينيها مُستسلمة إلى لمساته الخبيرة.
_ عايزك أوي يا "زينة" ومش قادر أصبر أكتر من كده.
أفْصَحَ عن رغبته الشديدة بها ،ففتحت عينيها بفزع عندما أدركت أنها بعد قليل ستكون بين ذراعيه ومعه على فراش واحد.
_ "زينه" لو عايزه تتراجعي دلوقتي مش هزعل رغم إني سألتك كتير وحاولت أبعدك عني لكن أنتِ أصريتي وأنا...
قاطعته مُتسائلة، فحدق بها بنظرة خاوية.
_ أنت عمرك ما هتسيبني صح، هتفضل ديما معايا.
أستمر في تحديقه بها ثم أطلق زفيرًا طويلًا وغادر السيارة.
_ لو عايزانا نكمل، أنا مستنيكي جوه والعربية عندك إيه تقدري ترجعي بيها.
وقبل أن يتحرك مبتعدًا عن السيارة ، نادته بلهفة جعلته راغبًا بالصراخ عليها حتى تبتعد عنه.
_ أنا عايزه أكون معاك، متسبنيش.
وليتها تراجعت وأبتعدت لكنها أصرت أن تسقطه وتسقط معه في بئرٍا مُظلمٍا من خطيئة تتكرر بصورة أخرى.
اختبأت في صدره بعدما رمقها الموظف الذي أعطاهم مفتاح الغرفة بنظرة فهمتها سريعًا.
وضع "هشام" يده على كتفه، فتمتم الموظف بخوف يستشعر به كُلما أتي فندقهم أحد من رجال الدولة راغبين ببعض الخصوصية دون أن تنكشف هويتهم.
_ طبعا يا باشا كل حاجه في سرية تامة ومتقلقش الأوضة زي ما طلبت ومحدش هيزعجك.
وتحرك الموظف أمامه حتى يُرشده على مكان غرفته ثم فتحها لهم ووضع الحقيبتين وغادر.
_ أدخلي يا "زينة".
دلفت "زينة" بخطوات مرتبكة ونظرت إلى محتويات الغرفة الصغيرة.
_ أنا هطلع الفراندة أكلم "لبنى" وأطمن عليها وأنتِ خدي راحتك.
ونظر نحو حقيبتها التي وضعها العامل ثم نظر إليها بنظرة أخجلتها، فـ نظرته نحو الحقيبة أحرجتها وذكرتها بتلك الأثواب الجريئة التي أنتقتها بعناية.
أتجه نحو الشرفة ووقف لدقائق رافعًا رأسه إلى أعلى ثم زفر أنفاسه.
نصف ساعة مرت وهي داخل الغرفة وهو واقف بالشرفة وقد أنتهى من مكالمته مع "لبنى" واطمئن عليها.
ألقت بنظرة متوترة نحو الشرفة التي طال وجوده فيها وكادت أن تتحرك من مكانها لكن دخوله ونظرته إليها أجفلتها.
أقترب منها ببطء لا يستوعب أنها ليست إلا لحظات وثوب لا يخفي شئ عن عينيه يفصلها عنه.
_ "زينة"...
هتف اسمها بخفوت بعد أن وقف قبالتها، فأطرقت رأسها هربًا من نظراته التي تلتهمها.
_ ممكن ترفعي رأسك عشان أعرف أتكلم وتسمعيني.
أزدردت لعابها وأستجابت له، لتقطب جبينها وتنظر نحو العُلبة التي يعطيها لها حتى تأخذها منه.
_ قبل كل لقاء يحصل بينا ،تاخدي حباية منها.
طالت نظرتها نحو العُلبة التي مازالت في يده ولم تلتقطها منه.
_ اوعي تقوليلي إنك مش عارفه لأيه الحبوب وعموما يا ستي عشان منضيعش وقت ديه حبوب منع الحمل، أكيد مش هنكون حابين إن ينتج عن علاقتنا الغلط طفل، أنا لا عمري ولا مكانتي تسمح إني أخلف طفل غير شرعي وأنتِ اكيد مش هتحبي تضيعي مستقبلك بحاجة زي كده.
تسارعت أنفاسها عندما شرح لها بوضوح الحقيقة التي تطردها من عقلها.
_ "زينة" أنتِ سمعاني.
أومأت برأسها وألتقطت منه العُلبة ثم أخرجت منها حبه ودسَّتها بين شفتيها، ليبتسم ويتحرك نحو البراد الصغير الموجود بأحد أركان الغرفة ويلتقط من داخله زجاجة مياة.
عيناها أتجهت نحوه بعد أن دسَّ هو الآخر حبة دواء بين شفتيه ثم أبتسم وأجلسها على الفراش وجلس جوارها تاركًا يديه وشفتيه تقوم بالمهمة ببطء....
...
أشاح "عزيز" وجهه عنها بعدما امتلأ فمه بالطعام الذي أصرت على أن تجعله يتناوله بغرفتهم حتى تُكمل تلك التمثلية التي أخْفَقَ فيها العم "سعيد".
_ كمان معلقة يا "عزيز".
حرك لها رأسه رافضًا إلحاحها عن تناول المزيد.
_ لو مبطلتيش تزغيط فيا ،هنزل الشغل...
أبتسمت ببراءة وهي تقترب من الجهة التي أشاح وجهه ناحيتها ثم باغتته بدسّ ملعقة أخرى في فمه.
_ ما أنت خاسس الفتره ديه.
رده أَتاها سريعًا.
_ يا سلام، قولي الكلام ده لنفسك ، ده أنتِ أمبارح وقعتي من طولك وقطعتي النفس.
زمَّت شفتيها بعبوس.
_ من الخوف يا "عزيز" ،غير يعني أنا..
قطع حديثها رنين هاتفه ،فالهاتف منذ الصباح لا يتوقف عن الرنين بعدما بدء البعض يعلم بوعكته الصحية وهذا بفضل العم "سعيد".
_ العم "سعيد" قام بالواجب و التليفونات من الصبح مش مبطله.
قالها بكبت ثم نهض حتى يرد على المكالمة، أتبعته بعينيها ثم زفرت أنفاسها بحيرة وغمغمت بصوت خافت.
_ أنا هتأكد بنفسي ،أختبار حمل من الصيدليه هينهي الشكوك ديه وأهو لو مش إيجابي ومطلعتش حامل ، محدش هيعرف و "عزيز" ميزعلش.
و تنهدت بتنهيدة طويلة ثم ألتقطت صينية الطعام و غادرت الغرفة عازمة على التأكد اليوم.
...
تباطأت "سمية" بخطواتها أثناء مغادرتها الشركة ، رفعت نظارتها إلى أعلى رأسها وحدقت بأحد الموظفين المُلقب بدنجوان الشركة.
طالت نظرتها إليه ثم أبتسمت وأستكملت سيرها.
_ هحتاجك الفترة اللي جاية، وأه نتأكد من سمعتك في العلاقات الغرامية.
...
توقف "هشام" عن تقليب المِلعَقَةُ في فنجان الشاي وفي عينيه نظرة تحمل أسئلة عدة ورغم التخمة التي يشعر بها ورضاه التام على ما تم بينهم ورغبته بتكرار التجربة لمرات أخرى إلى أن ينتهي هوسه اللعين إلا أن عقله لا ينكف عن التفكير في هذا الأمر.
هي أخبرته من قبل أنها لا تواعد أحد وأن كل من تعرفهم ليسوا إلا زملاء دراسة وإنه الرجل الأول معها في كل شئ.
ألتوت شفتيه بأبتسامة متهكمة ، فـ الصغيرة ليست فقط بارعة في أصطياد الرجال بل هي أيضًا كاذبة وماكرة.
سحب عينيه بعيدًا عنها حتى تتوقف عن توترها الملحوظ منذ وقت أستيقاظهم.
ألتقطت "زينة" كوب العصير خاصتها وأبتلعت ريقها.
هربت بعينيها وأرتشفت ببطء من الكوب...، فهي تخشى سؤاله عن كونها ليست عـ.ـذراء.
تنهد "هشام" مُسبلًا أجفانه وأستكمل أرتشاف الشاي وعاد ينظر إليها مُحدقًا ومستخفًا من ردة فعلها ،فلِما الخجل منه وهي ليست عـ.ـذراء ولديها تجارب أخرى مع الرجال.
ساد الصمت بينهم لبعض الوقت ثم قرر كسره ومع أن الأمر لا يدفعه إلى إنهاء لعبة الزواج السرية حاليا إلا أنه يُريد معرفة كم عدد الرجال الذين مروا بحياتها بهذا العمر وكم واحدًا أغرته بجمالها الغجري.
_ أنا الراجل الكام في حياتك يا "زينة"؟
....
اندهش "سيف" من وجود "ليلى" أمام بوابة الفيلا لكن أندهاشه تلاشى سريعًا عندما رأها تستلم شيئًا من عامل التوصيل.
أرتبكت حينما ترجل من سيارته وأقترب منها وأعطي عامل التوصيل ثمن ما أبْتاعَته من الصيدلية.
_ مكنش في داعي إنك تدفع، أنا معايا فلوس.
أبتسم "سيف" ونظر إلى الكيس الذي بيدها.
_ طب منظري إيه قدام نفسي أو قدام عمي وأنا شايفك وأنتي واقفة بتحاسبي.
خجلت منه وأخفضت رأسها حرجًا وخشيت أن يسألها عن الشئ الذي اِشْتَرَته من الصيدلية.
_ ليه مخلتيش عم "مسعد" يستلمه بدالك، بدل ما تطلعي بره البوابة وتقفي مستنية.
توترت وتخضبت وجنتاها خجلًا ، فشعر سيف بالحرج وأستطرد وهو يُشير إلى السيارة.
_ ليكي حرية الإجابة أو الأمتناع طبعًا.
هربت بعينيها بعيدًا عنه وقد فهمت ما ظنه عن أمر ما بيدها.
_ مش لازم أركب ،هما خطوتين لجوه.
أستدار إليها مُبتسمًا بعد أن فتح باب السيارة لها.
_ ما أنا داخل الفيلا ولا أنتِ عايزاني أدخل بالعربية وأنتِ داخله ورايا مشي.
لطفه الذي صار واضحًا بدء يُشعرها بالأمل نحوه وتمنت أن يزول كرهه لها بعد أن ظن أنها فتاة سيئة السُمعة ، سعت وراء عمه حتى أسقطته في فخ الزواج.
صعدت السيارة جواره والتي عبرت بوابة الفيلا وقد أنفتحت عند وصوله.
_ طمنيني على عمي النهاردة، أنا للأسف مشوفتهوش الصبح.
رمقته "ليلى" بنظرة خاطفة ثم أشاحت وجهها عنه.
_ يعني بقى أحسن.
وبنبرة أظهرت فيها قلة حيلتها.
_ لكن مهما حاولت معاه، مصمم ينزل الشغل بكره ، حاول أنت يمكن يسمع كلامك ويرتاح يومين في البيت.
توقف "سيف" بالسيارة زافرًا أنفاسه قبل أن يُبلغها بهذا القرار الذي أتخذه وعليها إبلاغ عمه به.
_ أنا هنزل الشغل من بكره بداله وأنتِ وعمي يا "ليلى" روحوا المزرعة قضوا فيها كام يوم.
أرادت أن تسأله عن أمر عمله بالجامعه ومع والدته.
_ لسا مبلغتهومش في الشركة إني هوقف شغل والجامعة أخدت منها أجازة لفترة.
...
ترجل "صالح" من سيارته زافرًا أنفاسه بأختناق ثم أعطي عامل الجراج مفتاح السيارة.
أتجهت أنظار موظفين الشركة إليه متعجبين من قدومه اليوم ،فهو منذ وقت طويل لم يأتي إلى الشركة.
هرولت مديرة مكتب جده السيدة "ماجدة".
_ الأجتماع بدء من عشر دقايق يا فندم.
تنهد ضاجرًا وأستكمل سيره نحو غرفة الأجتماعات التي يعقد فيها جده من وقت لآخر أجتماعًا من أجل قرارت يتخذها بعد دراسة.
أطرق الباب ودلف في صمت ، فأستعجب الجالسين من إنضمامه لهم اليوم.
أستمر الأجتماع لساعة كاملة ولم يخفى عن "شاكر" ضيقه.
أنتهى الاجتماع ولم يهتم "صالح" لأي قرار يتخذه جده أو أي نقاش يتحدث عنه الجالسين.
بعدما غادر الأعضاء تمتم "شاكر" مُتهكمًا.
_ معلش عطلانك يا أبن "صفوان" بس هنعمل إيه الدكتور والدك عنده مؤتمر مهم و "حورية" هانم عندها ندوة في الجمعية ومش معقول هكون لوحدي في الأجتماع.
رمق "صالح" جده بنظرة ثاقبة ثم تساءل وهو يمدّ له يده حتى ينهض من المقعد الجالس عليه ويتجه به إلى غرفة مكتبه.
_ مهمتي كده خلصت وحضرت الأجتماع.
تحرك معه "شاكر" وهو يهز رأسه.
_ أقعد معايا شوية نشرب فنجانين قهوة لأني عايزك في موضوع مهم.
ومواضيع جده الهامة دائمًا ما تُثير حَفِيظتَهُ.
_ مزرعة إيه، و "زينب" مالها بالمزرعة... جدي أبعد عن "زينب" وكفاية بقى.
أمتقع وجه "شاكر" وبدء يسرد له عن ذكريات "نائل" مع جدتها في مزرعتهم.
_ مراتك هتفرح لما تعرف ويمكن تحن علينا ونول منها بدل حفيد واحد، تلاته أو أربعة.
أحتقنت ملامح "صالح" من سخرية جده المبطنة.
_ هتفضل لحد أمتى تساومني على كل حاجة في حياتي.
أستشاط "شاكر" غضبًا وترك كوب الماء الذي تجرع نصفه.
_ وأنت من أمتى كل حاجه لازم تعند فيها وشايفها إجبار ، أنا قولتلك إن المزرعه ديه غالية عند "نائل" لأن فيها ذكريات مع جدتها وديه حاجه هتفرح مراتك لما تعرفها.
وبنبرة جامدة يُسيطر عليها الدهاء استطرد قائلًا:
_ عارف يعني إيه، أكتب ليها المزرعة بأسمها وكل ده قصاد حاجه بسيطة متوقفة على موافقتك.....
...
مررت "سمية" يديها على تنورتها المحتشمة و التي قصدت أرتدائها مع قميص فضفاض حتى تنال نظرة رضا من "عزيز" وبتهكم تمتمت.
_ لأ الرضا له ناسه يا "سمية" وأنتِ من الوحشين.
تحركت من أمام سيارتها وأتجهت نحو الدرج الذي يفصل بينها وبين باب الفيلا الداخلي وفجأة وجدت عينيها تتجه جهة مسكن عائلة العم "سعيد".
_ نخلص زيارتنا مع "عزيز" باشا وبعدين نشوف زيارتنا مع ست "عايدة" ونطمن على الدكتوره "شهد"....