رواية زين وزينة الجزء الثانى الفصل التاسع
في المستشفى
امام غرفة فير
:سمعني بتقول ايه ؟
سألت بعصبية، ليجيب بابتسامة و هدوء: أنا آسف يا حبيبي ،بس غصب عني.
نظرت له بتعجب و ذهول و قالت: حبك برص يا بعيد.
أبتسم زين بخفة ،لتكمل زينة بنفس النبرة: أنت مدرك بتقول ايه، عايز تسبيني اول ليلة في بلد غريبة و بيت غريب عني لوحدي، أنت مجنون.
أخذ نفس و قال بهدوء: معاكي حق تزعلي، بس أمي طلبت مني اقضي الليلة معها
سألت بغضب شديد: و لما أنت كنت في لندن ، امك كانت تعمل ايه، زين أنت شايف ايه اللي بيحصل و التغير الكبير في علاقتنا، عمري ما اتخيل أنك تسبيني لوحدي.
وضع يده على كتفها بحنان و قال بحب: مقدرش اسيبك لوحدك, بس مش عايز ازعل ماما
قالت بهدوء: هو ايه يزعلها ،قولها مراتي أول زيارة ليها هنا و مش طبيعي تكون لوحدها، ياش أو أكاش حد فيهم يكون معها.
قال بعصبية: الاتنين اغبياء هما السبب في اللي حصل.
ابتسمت بحزن شديد و قالت: تمام فهمت، أنك انت البطل بتاع العيلة و مفيش حاجه تحصل من غيرك، مع أنك اصل كنت عايش في لندن، مش عارفة كانوا يعيشوا ازاي من غيرك، فهمت أن عائلتك اهم، و مش مهم تطمن على مراتك اللي في بلد غريبة و بيت غريب و ناس اغرباء عني، شكرا اوي على كل حاجة، ممكن تطلب حد وصلني البيت لاني تعبانة و لا اكتب العنوان في ورقة و أنا أسأل على العنوان.
جاء يتحدث ،اشارت بيدها أن يصمت و قالت بعصبية : علشان الموضوع مش يكبر اسكت من الاحسن أنك تسكت و مش عايزة اسمع صوتك خالص.
و ابتعدت خطوتين ،و جلست على الكرسي ، و هي بداخلها مشاعر كثيرة، خوف و توتر من القادم ، و حزن أنه سوف يتركها بمفردها ، كل ما تريدها الآن أن تكون بمفردها حتي تستطيع البكاء،لان دموعها عالقة..
كان ينظر عليها بحزن، فهو عالق بينها و بين طلب ولادته بالبقاء هنا، لم يخطط أو يريد البقاء هنا، فهو أصبح لا يستطيع النوم بعيد عن حضنها ، لكن جاءت ولادته بهذا الرجاء أن يقضي الليلة هنا.
كانت ريا تقف خلف الباب من الداخل ، تسمع الحديث بانتباه ، ثم ركضت عليهن و جلست و هي تقول بسعادة غامرة:من الواضح أنها غاضبة من زين؟
سألت سميران بسعادة: اخبرني ماذا تحدث معها؟
أجابت بهدوء: كانوا يتحدثون اللغة العربية ، لكن من ملامح وجههم يبدوا عليهم الغضب و الحزن.
قالت سيما بحماس شديد: هذه البداية.
لتكمل بريتا: الآن يتبقي علينا ما نفعله معها في المنزل.
سألت تينا بفضول: ماذا نفعل معها؟
قال بتعب و حزن: توقفوا عن هذه الافعال، سيما زين سعيد معها، توقفي عن تعاسة ابنك
أجابت بهدوء: أنا أفعل ذلك لأجله.
دلف زين و قال: هيا حتي تذهبون إلى المنزل ، وصلت السيارات.
و أكمل بتحذير و تهديد: سوف أضطر البقاء هنا، لذا الجميع ينتبه على زينة، و إلا من يحاول إزعاج زينة سوف يندم كثيراً..
لم يجيب عليه أحد إلا بابتسامة.
قال فير : زين أذهب أنت.
قالت سريعاً: كلا فير أنا متعبة ، سوف يكون بجوارك اليوم.
أبتسم زين و قال: سوف أكون معك اليوم.
يغادر زين الغرفة و خلفه النساء، نظر لها و قال: هيا.
نهضت من مقعدها بدون حديث.
كانوا يسيروا في الامام ،و زين و زينة في الخلف، قال بهدوء: زينة أنا.
لكن قالت بهدوء شديد: اسكت كفاية لحد كده.
كانت تريد البكاء ، لذا لا تريد سماع صوته حتي لا تنهار.
أمام المستشفى
يوجد سيارتين على أساس ينقسموا عليهم، لكن صعدت بريتا بجوار السائق، و في الخلف الثلاث فتيات.
و كأن هذا اعتراض منهن على وجود زينة معهم و الاقتراب منهن.
أبتسمت بسخرية و قالت: و كأني أريد المكوث معكن في نفس السيارة.
كان ينظر لهن بغضب ،ليست فقط لأنها زوجته ، لكن أين حسن الضيافة؟ و هي تعد ضيفة.
كانت تصعد السيارة، جذب يديها حتي يعانقها، لكن جذبت يدها بعنف و صعدت إلى السيارة.
تحركت السيارات.
كانت تجلس في الخلف، و تستند رأسها و مغمضة عيونها.
قال السائق باحترام: مرحبا مدام سينج.
لم تجيب ، ظنت أنه يتحدث مع أحد في الهاتف.
كرر : سيدتي مرحبا.
فتحت عيونها و سألت: هل تتحدث معي؟
أجاب بهدوء: أجل سيدتي.
سألت بهدوء: من مدام سينج؟
أجاب بهدوء: أنتِ سيدتي.
حدثت نفسها: اه مش هنود مش يعرفوا يقولوا الاسماء لازم اسم العيلة، و حظي واقعني في عيلة زبالة، ايه عيلة زبالة، فاكرين اني عايزة اكون قريبا منكم، ده أنا أحب العمي و لا أحب حد فيكم، عيلة زبالة.
بعد وقت وصلوا إلى المنزل.
فتح السائق لها الباب، و حمل الحقيقة إلى الداخل.
وقفت سميران في وسط المنزل ،و كأنها سيدة المنزل، و قالت : براجيا.
جاءت الخادمة و قالت: نعم سيدتي.
أشارت إلى زينة وقالت: زينة زوجة زين، اذهبي معها إلى غرفة زين
ابتسمت براجيا و قالت: مرحبا سيدتي.
و حملت الحقيقة و صعدت براجيا و زينة خلفها بصمت قاتل...
مجرد أن وصلت الغرفة، قالت بابتسامة: اشكرك براجيا.
أجابت العفو سيدتي،هل تريدين شيء ؟
أومأت رأسها اعتراضا ،و مجرد أن غادرت أغلقت الباب من الداخل بالمفتاح.
والقت نفسها على الفراش و اخيرا سمحت لدموعها الهطول..
كان زين يحاول الاتصال عليها منذ تحركت بالسيارة ،لكن هي لم تجيب.
أخرجت الهاتف من حقيبتها بغضب و قالت بعصبية: مش ارد ، خليك قاعد جنب امك.
دقائق و دق باب الغرفة، ظبطت نفسها و ذهبت تفتح الباب، كانت براجيا أخبرتها أن العشاء جاهز.
هبطت إلى الاسفل بدون تبديل ثيابها
كان الجميع يجلس على السفرة.
بجوار غرفة الطعام، غرفة مخصص للطقوس الدينية خاصتهم، وقعت عيونها على التماثل( الصنم)شعرت بالضيق و الاختناق، و تكرر في نفسها: اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له و اشهد ان سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كانت تتكرر الشهادتين..
أشارت بريتا على كرسي،و قالت: اجلسي.
إذا جلست هنا سوف يكون التماثل أمامها ، لذا جلست في الجهه الاخرى حتي تعطي ظهرها لهذا التماثل.
و هنا كانت البداية أن زينة تري أن اختياره لزين خطأ فادح، ليكمل الأمر عندما تنظر إلى الطاولة، لم تتعرف على اي طعام موجود على السفرة.
ممنوع في هذا المنزل, اللحوم بأنواعها و البيض و كل مشتقات الألبان.
كانت تتضرع جوعاً ،نظرة بائسة خرجت منها الى السفرة و قالت لنفسها: هو فين الاكل، ايه الاكل الغريب ده، أنا أموت من الجوع، منك لله يا زين، أنت و اهلك ، أقسم بالله عيلة زبالة.
و نهضت من مقعدها ، سألت بريا: الي أين؟
أجابت بابتسامة: لا أريد تناول الطعام.
و صعدت إلى الاعلي دون انتظار حديث من أحد.
كانت تركت الهاتف في غرفتها، وجدت مازل يحاول الاتصال عليها..
اغلقت الباب بإحكام ،و جلست على الفراش بتعب، و قالت: يعني عشرة ساعات في الجو، غير اجراءت المطار هنا و في لندن، و روحت على المستشفى ، و الاخر و لا في استقبال حلو، و لا لقمة نظيفة و لا اي حاجه ، والله عيلة زبالة...
نهضت إلى الحمام ،اخذت حمام. قضت الصلاة ، و ارتدت منامة مريحة و عارية الذراعين و قصيرة نظرا إلى درجة الحرارة المرتفعة ،لكن لم تشعر بالراحة و هي هكذا، تشعر بالغربة.
لذا ارتدت ثوب الصلاة على المنامة...
و قررت تحاول النوم، مجرد أن استقلت على الفراش، سمعت طرقات الباب، مع أصوات حيوانات عالية.
مسحت جبينها بتعب و قالت: من؟؟
لا يوجد إجابة.
كررت السؤال بلا إجابة.
قالت لنفسها: صوت الحيوانات ده شكله تلفزيون يمكن صوت الخبط من التلفزيون و أنا بتيهالي.
و قررت تخلد إلى النوم، لكن تكررت الطرقات.
نهضت بعصبية ، و فتحت الباب و سألت بصوت عالي: من الطارق؟
لا يوجد إجابة ، صرخت بعصبية: من الحقير الذي يختبئ و يخشي يخبرني أنه الطارق؟
ما هذه الوقاحة؟انتم فاقدين العقل.
كانوا يسمعون بذهول، لم يتوقعون ردة فعلها أن تكون هكذا ..
سألت مرة أخرى: من الطارق؟
فتح باب الغرفة المقابلة لغرفتها و كان ياش ،سال بعدم فهم: ماذا حدث زوجة أخي ؟
قالت بعصبية: حقا لا تعلم.
من الغرفة المجاورة لغرفتها خرج أكاش و لا يفهم شئ أيضا
نظرت له و سألت: ريا في الغرفة؟
أجاب : كلا.
نظرت إلى ياش بابتسامة و قالت: بالتأكيد تينا ليست هنا.
أومأ رأسه بنعم ، لتقول بعصبية: نساء عائلة سينج تحولوا إلى عصابة.
و توجهت إلى الاسفل، و ياش و أكاش خلفها.
كانوا يجلسون أمام الدرج.
سألت بعصبية: من كان يدق الباب؟
كانوا يجلسون بشر ,و الابتسامة على وجههم، هما نجحوا أن تخرج من غرفتها.
وصلت أمامهم و سألت : من يعبث معي؟
نهضوا من مقعدهم، وقفوا حواليها و أصبحت تقف في المنتصف.
نظرت لهن و سألت بتوتر: ماذا تريدون ؟
قالت بريتا: هل تعلمين زينة لا يوجد في المنزل إلا أنتِ و نحن و الخدم؟
سألت بهدوء: المعني؟
أبتسمت سميران بشر و قالت: المعني، لا يستطيع أحد أنقاذك.
أكملت ريا بغيرة تكاد تحرق ما بداخلها:كنت مميزة لدي اخي لكن بعد وجودك أصبح لا يراه إلا أنتِ.
خطر على بالها أنهن يريدون التطاول عليها،لكن تنفي الفكرة،هذا تفكير أحمق.
جاءت تمر و تصعد غرفتها، لم يسمحوا لها، قالت بهدوء: من الافضل للجميع الابتعاد عني، لا أحد منكم يعلم من هي زينة يوسف عز الدين.
ابتسموا باستهزاء، كان أكاش و ياش يقفون لا يفهمون شيء ، لكن لا يتداخل أحد منهم.
أغمضت عيونها و مسحت جبينها و قال: صحيح أنتم هنود، و هنا الرجال يشاهدون بصمت و النساء تخطط و تنفذ، و ما اروعكم في تخطيط المشاكل؟
نظرت إلى بريتا: صحيح أنا الأصغر بينكم في العمر، لكن وقت غضبي لا انتبه على اي شيء ، من الافضل لكم الابتعاد عن طريقي ،حتي أصعد إلى غرفتي
عند هذه الجملة، انفجروا من الضحك و قالت ريا باستهزاء: غرفتك، أنتِ هنا مجرد ضيفة و غير مرحب بها.
تزين الابتسامة الجميلة و الوثقة ثغرها، لكن الجملة جعلت قلبها يبكي، عائلة زوجها لم يقبلوا بها.
صرخت بصوت عالي: ابتعدوا.
جاءت تمر ،وضعت سميران يدها أمامها ، أبتسم و هي تتذكر ما هي آخر مرة مدت يدها على احد، و قالت جملتها الشهيرة عندما تقرر ضرب أحد...
قالت بابتسامة باللغة المصرية: كنت حلفه مش اضرب حد النهاردة ، يلا بقا اصوم ثلاث أيام.
سألت سميران بتعجب : لم أفهم هذه اللغة.
قالت بابتسامة : ليس مهم أن تفهمين، المهم أنكِ ترى ايتها الحقيرة.
مسكت ذراع سميران، و كسرته، سمع الجميع صوت الكسر.
كان الجميع يقف مذهول، تحركت خطوتين و قفت على أول درجة من الدرج، و نظرت لهم بسخرية، و قالت: بريتا ،تينا و ريا، من منكن تريد قول شي؟
لم يجيب احد، أكملت هي بغرور و قوة: أنا زينة يوسف عز الدين ، أنا لست أسمح لأحد أن يخطأ معي،بل لم أسمح لأحد أن يفكر أن يخطأ معي.
كانوا يقفون بصدمة من الجراءة و القوة خاصتها.
نظرت إلى ياش و سألت بعصبية: أنت كم تستغرق المسافة بين المستشفى و هنا؟
سأل بتوتر: لماذا؟
وضعت يدها على فمها و قالت باستهزاء: هل تتحدث ؟ كنت أظن أنك صامت، أخبرني هيا.
أجاب : عشرون دقيقه.
كانت الهاتف بحوزتها ، دقت على زين الذي أجاب سريعاً و قال : كده يا حبيبتي كل ده.
قامت بفتح مكبر الصوت و التحدث بالهندية و قالت بعصبية:المسافة من المستشفى إلى المنزل تستغرق عشرون دقيقه ، سوف اعطيك ثلاثون دقيقة، إذا لم تأتي إلى هنا، سوف اغادر المنزل، بل البلد بأكملها.
و أغلقت الهاتف دون إضافة شيء آخر.
كان يجلس أمام غرفة فير، كاد أن يتحرك بدون أن يخبرهم.
خطي أول خطوة و سمع صرخات سيما.
هرول سريعاً إلى الغرفة.
أما زينة قالت لنفسها إذا لم يصل في الموعد سوف ينتهي هذا الزواج إلى الأبد.......