رواية عشق لن يعود الفصل الاول بقلم هاجر عبد الحليم
نفس الحديقة التي شهدت أول لقاء لهما. الهواء بارد، والأشجار تبدو كأنها شاهدة على سنوات من الألم. ليلى واقفة تحمل في يدها خاتمًا صغيرًا، بينما آدم يقف بعيدًا، يحاول تجنب النظر إليها مباشرة.)
ليلى: (بصوت مليء بالخذلان)
آدم… أنا قضيت تلات سنين مستنياك تلات سنين كل يوم أدعي وأتمسك بأمل إنك تكون موجود ف حياتي من تاني. كنت فاكرة إنك لسه بتحارب عشاني لسة متمسك بيا رغم كل اللي احنا واجهناه سوا لا لا سوا ايه ياعم دا اكيد كل اللي الوجع كل الدموع كل القهر كانت من نصيبي لوحدي انا ضحيت بعمري ضحيت بوقتي بقلبي دعيت وكلي يقين انك ليا وفاكرة انك بتحافظ عليا معقول سراب عشقي ليك كان طاهر اوي حرام تكون النهاية كدا؟
آدم: (يقاطعها بصوت منخفض لكنه حازم) ليلى، الحب مش كفاية صدقيني انا اه بحبك لكن احيانا النصيب بينتهي دورنا ف حياه بعض وقف احنا حبنا خليناه للقدر ودلوقتي ربنا حكم علينا بالبعد يبقي نقول سمعا وطاعا حتى لو فراقنا دا هيسبب قهرة كبيرة احنا عيشنا تلت سنين بعاد لكن انكارنا للحقيقة خلتنا نروح ونيجي ع امل كداب
ليلى: (تحدق فيه بصدمة، ثم ترتفع نبرة صوتها) مش كفاية التمن اللي دفعته واللي ربنا وحده يعلم بيه بتحكم عليه انه مش كفايا.. أنا جيت لك النهارده مش عشان ألومك، أنا جيت عشان أقول لك إن فيه عريس متقدملّي، وإن قلبي لسه بيناديك. كنت مستعدة أبدأ من جديد، معاك، ننسى كل اللي فات، بس إنت… إنت بتقول مش كفاية دلوقتي اي هتتنازل عني تاني وف الاخر ترجع تلومني صح
آدم: (يتنفس بعمق، يحاول التماسك) ليلى، لما اتخطبت قبل كده… حصل شرخ كبير في قلبي، شرخ ما عرفتش أداويه. كنت فاكر إني تخطيتك، إني قادر أكمل من غيرك، لكن الحقيقة… رجعت لنفس النقطة من الأول خصوصا لما صليت استخارة انا زمان كنت عايز موضوعنا وبسعي ليه دلوقتي مش عايزه نهائي
ليلى: (تقترب منه، تحدق في عينيه بعنفوان وحزن)
ليه خبيت عليا؟ ليه سبتني تلات سنين أعيش بين الحيرة والدعاء؟ كنت محتاجة أي حاجة تريحني، بدل ما أعيش على حافة الهاوية دي. حرام عليك ياادم
آدم: (ينظر إليها بنظرة عميقة مليئة بالألم)
ليلى، أنا كنت فاكر إني بعمل الصح. سألت شيخ وقال لي إنك جنتي في الدنيا، بس قال كمان إن الأهل هيتعبونا طول العمر. عملت استخارة… حلمت إننا مش خير لبعض صدقيني بس للاسف مكنش هاين عليا اقولك مكنتش قادر صاحي دموعي ع خدي انا اكتشفت انه قلبي متعلق بيكي اوي مش هقبل انه يصيبك اي اذي معايا ف ابعدي يابنت الناس موضوعنا انتهي من زمان
(ليلى تضع يدها على فمها تحاول كتم شهقتها، بينما تنهال دموعها بصمت. ثم تتكلم وهي تهتز من شدة المشاعر.)
ليلى: (بصوت مختنق بالغضب)
آدم، أنا كنت مستعدة أتحمل كل حاجة، مستعدة أحارب العالم بس تعرف كدا احسن واخيرا ربنا رحمني من الوهم دا ابعدي عني ومتحاولش تعرف عني حاجة انساني وانسى اسم ليلة دا خالص انت فاهم؟
آدم: (يحاول السيطرة على دموعه بصعوبة)
ليلى، أنا بحبك، لكن الحب ده بقى زي النار. مش قادر أتحمل، ومش عايز أظلمك أكتر صدقيني انا اسف بجد سامحيني بالله عليكي
(صمت ثقيل يخيم على المكان. ليلى تمسح دموعها، تقف مستقيمة رغم الألم الذي يمزقها.)
ليلى: (بهدوء مشوب بالحزن) كنت فاكرة إنك أقوى من كده، بس يمكن كنت غلطانة من يومك سلبي وضعيف رامي حمول العلاقة كلها ع كتافي بس اقولك انت ملكش ذنبي اللي انا فيه اكتر واحدة مسؤولة عنه انا اللي كنت بروحلك كنت برجعلك عشان احكيلك عشان اعبرلك عن حبي عشان قلبك يحن عليا انت عمرك قولتلي انك هترجع انا اللي خسرت عمري بأيدي معاك ليلتي ياادم وانا اللي هشيلها امشي دلوقتي حالا امشي مش هتمشي حاضر انا اللي هخرج من حياتك للابد ومسامحاك ع فكرة لانه دا ربنا هو االلي حكم وهيعوضني عنك بشخص احسن منك مليون مرة انت سامعني؟
(تدير ظهرها له، تسير ببطء مبتعدة، بينما يبقى آدم واقفًا في مكانه، عاجزًا عن الحركة، يشعر بأن العالم ينهار من حوله. المشهد ينتهي بصمت يقتل كلاهما.)
ف غرفة ليلى
ف منتصف الليل. الغرفة مظلمة إلا من ضوء شاشة هاتفها المحمول الذي يضيء وجهها الشاحب. ليلى جالسة على الأرض بجوار السرير، ظهرها مستند إلى الحائط، والهاتف في يدها، تنظر إليه بعيون غارقة في الدموع.
(تفتح ليلى محادثة قديمة جمعتها بآدم. أصابعها ترتجف وهي تقلب الرسائل واحدة تلو الأخرى. الكلمات، الوعود، الضحكات، كل شيء يعود ليخترق قلبها كأنها تعيشه من جديد.)
ليلى: (بصوت هامس مكسور)
كنت بتقول إننا هنكون لبعض… إنك مش هتسيبني مهما حصل كلامك دا اي غيرتك عليا اللي كل م تشوف حد بس بيبصلي بحس انك عايز تخفيني عن الدنيا بحالها انا كنت فاكرة اول يوم جيت اتقدمتلي فيه عينك كانت فيها لمعة كأنك فضلت تحارب سنين وف الاخر جمعتلك غنيمة كبيرة وكانت كنز غالي عليك فاكرة لما جيتلي يوم عيد ميلادي وجبتلي خاتم ومصحف نفس المصحف اللي بعد فراقنا فضلت اقرا فيه وانا حاسة بنفسك حواليا ف كل حتة فاكرة يوم فراقنا لما طبطت ع كتفي ياربتنى مسكت ايدك يارتني قولتلك خليك يارتني حاولت اكتر
(تظهر على الشاشة رسالة قديمة منه
: "ليلى، إنتي كل حاجة حلوة في حياتي. مهما حصل، أنا معاكي.")
(تغطي ليلى فمها بيدها، تحاول كتم شهقة بكاء، لكن دموعها تنهمر بغزارة، تسقط على الشاشة، وكأنها تغسل الكلمات التي كانت يومًا تعني لها العالم.)
ليلى: (بنبرة حزن عميقة) أنا عشت على الكلام ده… عشت على حلم اليوم اللي نجتمع فيه، اليوم اللي نحقق فيه كل اللي كنا بنحلم بيه طيب احنا اتفقنا نسمي عيالنا ياتري دلوقتي هيكونو موجودين ولا خلاص هيكونو ل اب وام تانيين؟
(تضغط على الرسائل الصوتية القديمة وتستمع إلى صوته، وهو يضحك، وهو يهمس بأمانيهم، وهو يخبرها كم هي مهمة بالنسبة له. تنهار تمامًا، تقبض على الهاتف بقوة وكأنها تحاول احتضان الذكريات.)
ليلى: (تتحدث وكأنها تخاطبه) آدم… أنا ما كنتش عايزة غيرك. كنت مستعدة أستنى العمر كله عشان اليوم اللي نرجع فيه لبعض بس ليه محاولتش اكتر ليه طيب كنت بتسمعني ليه كنت فاتحلي قلبك وبابك كنت اقفله ف وشي خليني افوق بدل م اقولك عليك انت حب عمري بس حب ضايع ضااااايع
(تستند برأسها إلى الحائط، تغلق عينيها، والدموع تتساقط بصمت. تسرح في خيالها، ترى نفسها في اليوم الذي حلمت به طويلًا: تجمعهما ابتسامة، يلتقيان بأيدي متشابكة، العالم كله خلفهما. لكن الحلم يتلاشى سريعًا، ويعود الحزن يطغى على ملامحها.)
(تحاول أن تتمالك نفسها، تمسح دموعها بيدها، لكنها تنهار مرة أخرى، تنزل رأسها على ركبتيها وتبكي بصوت خافت.)
ليلى: (بهمس مختنق) يا رب… أنا تعبت. كل حلم بنيته، كل أمل عشته… كله راح يارب انا راضية والله العظيم راضية بحكمك بس صبرتي انت عالم غلاوته ف قلبي يارب عارف اسمه وياما كررته ع سجادة صلاتي ومع كل حرف من اسمه كان دموعي بتنزف بدل الدموع دم ع اد مرارة فقده دوقتي حلاوة عوضك يارب
ليلى وهي مستلقية على الأرض، الهاتف ما زال في يدها، بينما صوت الرسائل القديمة يتردد في الغرفة كأنها طيف من الماضي. الأضواء تخفت تدريجيًا، تاركة إياها وحيدة مع ذكرياتها💔
في غرفة ليلة
. السكون يملأ المكان إلا من صوت أنفاسها المتقطعة. ضوء خافت ينبعث من مصباح صغير، يكشف عن سجادتها التي وضعتها في منتصف الغرفة. ليلى ترتدي ثوب الصلاة الأبيض، ووجهها غارق في الدموع. تجلس على ركبتيها بعد أن انتهت من صلاتها، ترفع يديها إلى السماء، عيناها مغمضتان وكلماتها ترتجف بالحزن والإيمان.)
ليلى: (بصوت متهدج) يا رب… يا أحنّ مَن يسند المكسورين… أنا جاية لك وأنا قلبي منهار، ضعيفة قدام وجعي، بس متأكدة إنك شايفني وبتسمعني.
(دموعها تنهمر بغزارة، لكنها لا تمسحها، تتركها تسيل وكأنها تغسل الألم الذي يثقل صدرها.)
ليلى: (بصوت يعلوه البكاء) يا رب، هو اللي علّمني يعني إيه أكون إنسانة محترمة، علّمني أحمي نفسي وأحافظ عليها. كان أماني وسندي… أول واحد عيني فتحت عليه وشفت فيه كل معاني الرجولة والحنان.
(تصمت للحظة، تحاول أن تلتقط أنفاسها، ثم تستمر بدعائها بصوت مليء بالقهر والرجاء.)
ليلى: (بهمس مختنق) يا رب، أنا مش زعلانة إنه راح… أنا متأكدة إن فراقنا خير، وإنك كتبت لينا الحكمة اللي ما بنفهمهاش دلوقتي. بس يا رب… صبر قلبي ع وجعي
(تخفض رأسها للحظة، ثم ترفع عينيها المغرورقتين إلى السماء، وكأنها تبحث عن عزاء في نور الله.)
ليلى: (بإصرار ضعيف لكنه صادق) يا رب، عوّضني. عوضني عن أمل ضاع مني بعد تلات سنين من الدعاء. اكتبلي الخير اللي ما شفتهش معاه مشوفتوش معاااه يااارب مشوفتوش يارب هو لو فقيد قلبي وابويا الروحي واماني ف الدنيا ف انت ملجأي متعلقش قلبي غير بيك ودلني يااارب يارب
(تتوقف للحظة، تتنفس بعمق، ثم تقبض على يدها وكأنها تحاول أن تمسك ببقايا القوة التي تشعر بها. تضع رأسها على الأرض، تسجد سُجدة طويلة، تبكي بصمت حتى يهدأ جسدها💔
ف غرفة ليلى
. الليل ساكن، وضوء خافت ينبعث من المصباح بجانب السرير. ليلى جالسة على الأرض، تحتضن صندوقًا صغيرًا يحتوي على ذكريات آدم. تفتح الصندوق ببطء، تأخذ منه ميدالية صغيرة كان قد أهداها لها، ثم تغرق في ذكرياتها.)
(فلاش باك: يوم قراءة الفاتحة)
بيت عائلة ليلى
غرفة الجلوس
مزدحمة بالأهل من الطرفين، الأجواء في البداية تبدو مبشرة. ليلى جالسة بجانب أمها، عيناها تلمعان بالفرح والخجل، وآدم يجلس بجانب والده، يتحدث بابتسامة هادئة. الحديث يدور بين والد ليلى ووالد آدم حول الترتيبات.
والد آدم: (بصوت واثق) إحنا شايفين إن أحسن مكان ليهم يبدأوا فيه حياتهم هو بيت العيلة. البيت واسع، وكل واحد له خصوصيته. ليه نتحمل مصاريف زيادة ونأجر شقة؟
والد ليلى: (بتوتر واضح) مع احترامي، يا حاج، بس أنا مش موافق. بنتي لازم تعيش في بيت مستقل بعيد عن أي ضغوط. الجواز مش بس بين شخصين، ده كمان بين عيلتين، وأنا خايف إن العيشة في بيت العيلة تسبب مشاكل.
أم آدم: (بتدخل سريع) مشاكل إيه، يا أستاذ؟ إحنا عيلة واحدة ومترابطين، والكل عايش مع بعض في حب واحترام. ليلى هتكون زي بنتي، وأنا نفسي أكون قريبة منها وأرعاها.
(نظرات ليلى تنتقل بين والدها وآدم، تشعر بالتوتر يتصاعد.)
والد ليلى: (بصوت أكثر حدة) كلام جميل، بس البنت محتاجة تعيش حياتها بعيد عن أي تدخلات. أنا أبوها، وأعرف مصلحتها أكتر.
(آدم يحاول تهدئة الموقف، يتحدث بصوت هادئ.)
آدم: عمي، أنا بحب ليلى ومستعد أعمل أي حاجة عشان نبدأ حياتنا سوا. لو موضوع الشقة عقبة، ممكن نحاول نلاقي حل وسط.
والد ليلى: (قاطعه بحزم) مفيش حلول وسط. الشقة برة البيت أو مفيش جواز.
(الأجواء تشتعل، وأصوات الجميع تتداخل. أم آدم تشعر بالإهانة، وترد بحدة.)
أم آدم: انت كدا بترفضنا ياحاج
والد ليلى: (بغضب واضح) مفيش داعي للكلام ده. أنا مش برفض عيلتكم، أنا بحمي بنتي.
(الصوت يعلو، النقاش يتحول إلى خلاف حاد. ليلى تنظر إلى آدم، عيناها ممتلئتان بالدموع، وآدم يبدو عاجزًا.)
آدم: (بنبرة مكسورة) ليلى…
(لكن والد آدم يقاطعه، ينهض بغضب، ممسكًا بكتفه.)
والد آدم: خلاص، يا آدم. واضح إننا مش هنوصل لحل. كل واحد يشوف مصلحته.
والد ليلى: (بصوت واضح وحازم) أنا قلت كلمتي. بنتي مش هتعيش في بيت عيلة، لازم يكون عندها شقتها المستقلة.
والدة آدم: (بتدخل بنبرة غضب مكبوتة.. بس ابني معاه شقة وانا مش هجوزه برة ويبعد عن حضني ياحاج وانت كدا بتهيني
والد ليلى: (يرد بغضب متزايد) يا حاجة، أنا مش بتكلم عن شخصكم. بس البنت محتاجة خصوصيتها، وده مش هيتحقق وهي عايشة وسط العيلة.
والدة آدم: (تنهض من مكانها، غير قادرة على كتم استيائها) يعني إحنا مش عيلة بتحترم الخصوصية؟ إحنا طول عمرنا ناس مترابطة ومحترمة، ليه بتحسسنا إن بيتنا أقل؟
(يتوتر الجو، ليلى تنظر بين والدها ووالدة آدم، وعيناها ممتلئتان بالدموع. آدم ينهض محاولًا تهدئة الموقف.)
آدم: يا أمي، يا عمي… بالله عليكم خلونا نهدى. كل حاجة ممكن تتناقش.
والدة آدم: (تقاطعه بحدة) لا يا آدم! الموضوع كفاية كده. أنا مش هتحمل إني أتهان في بيتهم. كرامتي فوق كل حاجة.
والد ليلى: (ينفعل بغضب) محدش أهان حد. أنا بس بحمي بنتي وبفكر في مصلحتها. لو مش عاجبكم، يبقى كل واحد يروح لحاله اهدي ياحاجة بنتي مش فار تجارب واستحالة ادخلها ف مكان مش هكون مطمن عليها فيه وانا هجوز بنتي لابنك مش ليكي ابدا وانت مالك رايجة جاية كدا لي انا بطلب حق مش باطل مسير ابنك يتجوز ويكون ليه حياه مستقلة اي هتاخديه عمرك كله؟
(الكلمات تصيب والدة آدم في كرامتها، تنفجر بالبكاء، وتحاول مغادرة المكان. ليلى تنهض بسرعة وتتوجه نحوها، تأخذها في حضنها، ودموعها تنهمر بغزارة.)
ليلى: (تبكي وهي تمسك بوالدة آدم) متزعليش يا طنط… أنتِ زي أمي. ما كانش لازم يحصل كده.
(والدة آدم تحتضن ليلى بقوة، وتبكي بصوت مرتجف.)
والدة آدم: أنا كنت بحبك زي بنتي يا ليلى… بس خلاص، مفيش نصيب.
(آدم يقف عاجزًا، ينظر إلى والدته وليلى، ثم يتجه نحو ليلى. يضع يده برفق على كتفها.)
آدم: (بصوت مكسور) ليلى… أنا آسف.
(ليلى تنظر إليه بعينين غارقتين في الدموع، لكنها لا تستطيع النطق. آدم يتراجع ببطء، يلتقط أنفاسه بصعوبة، ثم يخرج من المنزل مع والدته ووالده، تاركًا ليلى وعائلتها في صمت قاتل.)
ليلي واقفة في منتصف الغرفة، تنظر إلى الباب الذي أغلق وراء آدم، وعيناها تفيض بالدموع، وكأنها ترى أحلامها تنهار أمامها.)
( إلى الحاضر)
(ليلى تعود إلى واقعها، تحتضن الميدالية الصغيرة وتبكي بحرقة. تحدث نفسها بصوت مكسور.)
ليلى: كان ممكن تكون حياتنا مختلفة، لو بس… لو بس الظروف كانت أرحم.
(تضع الميدالية في الصندوق، تغلقه بإحكام، ثم تنظر إلى السماء من نافذتها.)
ليلى: يا رب… خليك معايا. صبرني على فراقه، وعوضني خير عن كل اللي ضاع.
(المشهد ينتهي بليلى جالسة في الظلام، تحمل بين يديها ذكريات الماضي وألمها، لكنها تحاول التمسك بالإيمان والرضا.)
ف غرفة ليلى
. ضوء شاحب ينبعث من مصباح صغير على الطاولة. المرآة الكبيرة تعكس وجهها المرهق وعينيها المتورمتين من كثرة البكاء. ليلى تقف أمامها، تحمل بين يديها الميدالية التي أهداها لها آدم في الماضي. تنظر إلى انعكاسها بعيون مكسورة، وتبدأ الحديث مع نفسها.)
ليلى: (بصوت متهدج) إنتِ السبب يا ليلى… إنتِ اللي عشتِ في الوهم دا سنين. هو ما وعدكيش بحاجة… ما قالش إنه هيرجع… إنتِ اللي كنتِ بتروحي وترجعي… تكسري كرامتك عشان شوية كلام حب.
(تضع الميدالية على الطاولة، وتنظر إلى وجهها في المرآة بحدة وكأنها تواجه نفسها للمرة الأولى.)
ليلى: كنتِ بتقنعي نفسك إنك بتضحي… كنتِ بتقولي إنه الحب، وإنه يستاهل… بس الحقيقة؟ الحقيقة إنك كنتِ ضعيفة… كنتِ محتاجة حد يسمعك… حد يمسح دموعك، حتى لو هو نفسه اللي وجّعك.
(تغطي وجهها بيديها، تحاول أن تحبس دموعها، لكنها تنهمر رغماً عنها. تزيل يديها وتكمل حديثها مع انعكاسها.)
ليلى: هو كان عارف… كان عارف إني برجعله بكل لحظة ضعف. كان فرحان… فرحان إني محتاجاه… فرحان إني مش عارفة أنساه… وهو؟ ما عملش حاجة. لا وعدني، ولا رجعني… ولا حتى تركني بوضوح. سابني للوقت… للقدر.
(تمسح دموعها بقوة، وكأنها تحاول أن تستعيد شيئاً من كرامتها التي شعرت أنها أهدرتها.)
ليلى: بس كفاية… كفاية يا ليلى. لازم تنسيه. لازم تعرفي إنه حتى حنيّته اللي كنتِ بتحسيها كانت بتوجع أكتر من رفضه. كان يرفضني بحنيّة… بحنيّة تشدني ليه أكتر. كان بيقفل الباب قدامي، بس يسيبني واقفة قدامه عشان يشوفني بضعفي.
(تتراجع خطوة للخلف، تبتعد عن المرآة، وكأنها ترفض مواجهة انعكاسها. لكنها تهمس بصوت مكسور مليء بالألم.)
ليلى: يمكن لازم أنساه… يمكن لازم أعيش لنفسي، مش لخيال كنت فاكرة إنه حب.
(تجلس على السرير، تضم نفسها بقوة وكأنها تحاول أن تحتوي كل الألم الذي يشعر به قلبها. تنظر إلى الميدالية مرة أخرى، ثم تأخذ قرارًا حاسمًا، وتضعها داخل الصندوق، تغلقه بقوة.)
ليلى: ادم خلاص انتهي من قلبي انتهي للأبد
(تطفئ المصباح وتغرق الغرفة في الظلام، إلا من ضوء القمر الذي يتسلل من النافذة، يعكس ملامح وجهها الحزين. لكنها، رغم الظلام، تحاول أن تجد بداخله بصيصًا من الأمل.)
بلكونة غرفة ليلى
. الليل ساكن، والهواء بارد. تجلس ليلى على كرسي صغير، ممسكة بهاتفها وكأنها تنتظر مكالمة لن تأتي. صوت الأغنية "خلصت الحكاية" يصدح في الخلفية. تبدأ الذكريات بالتدفق إلى عقلها، تعود إلى آخر مكالمة جمعتها بآدم بعد الخناقة الكبيرة بين العائلتين.)
(فلاش باك: المكالمة بعد الخناقة)
(المكان: ليلى في غرفتها تمسك الهاتف، تضغط على زر الاتصال. صوت الرنين يدق في أذنيها، ومع كل ثانية، قلبها ينبض أسرع. يجيب آدم، وصوته مليء بالغضب والكآبة.)
آدم: (بصوت حاد) أيوة يا ليلى؟ عايزة إيه تاني؟ مش كفاية اللي حصل النهارده؟
ليلى: (بحزن وتردد) آدم، أنا آسفة… أنا مش عارفة ليه الأمور وصلت لكده. كنت عايزة نتكلم… نفهم بعض.
آدم: (بانفعال مكبوت) نفهم بعض؟ بعد اللي أبوكي عمله في أمي قدام الناس؟ الإهانة اللي عمري م انساها؟ أبوكي قاسي، … قاسي وأناني. كنت فاكر إني هقدر أستحمل، بس بصراحة… أبوكي عنده مشكلة مع الكل، حتى معايا
ليلى: (تحاول الدفاع) أبويا كان خايف عليا… كان عايز مصلحتي.
آدم: (بصوت مكسور، ودموعه تُسمع من خلف كلماته) خايف عليكي؟ أبوكي بيحبك بطريقة بتخنقك، ليلى. حبّه ليكي هيحبسك في دائرة ما هتقدريش تخرجي منها. هو مش هيسمح إنك تعيشي حياتك معايا.
(ليلى تبكي، تمسك الهاتف بيد مرتجفة وتحاول أن تسيطر على عواطفها.)
ليلى: طيب… طب نلاقي حل، آدم. إنتَ تقدر تأجر شقة، وتكون البداية لينا وبعد كده ترجع لبيت العيلة لو حبّيت. بس… ما ينفعش نستسلم كده.
آدم: (بهدوء قاتل) فكرت… فكرت في كل الحلول. وعرضت الموضوع على أبويا… بس أبويا رفض. قال لي كلمة لسه في دماغي: "أبوها مش هيسيبكم في حالكم. هيحاول يسيطر على حياتكم حتى بعد الجواز. لو بدأت حياتك بخوف، عمرك ما هتكمل.
(ليلى تسكت للحظة، ثم تتمتم بصوت مكسور.)
ليلى: بس أنا بحبك، آدم. مش هقدر أكمل من غيرك.
د
آدم: (بصوت مرتجف، مليء بالألم) وأنا بحبك، بس الحب لوحده مش كفاية. أبوكي كسرني، كسر عيلتي. كنت فاكر إننا هنكون فرحانين دلوقتي… بنقرأ الفاتحة، بنبني بيتنا. بس بدل كده… أنا ضيّعت من عمري سنة بحلم بحاجة مستحيلة.
ليلى: (ببكاء هستيري) ما تقولش كده… إحنا نقدر نصلح كل حاجة،
آدم: (بتنهيدة طويلة، وكأنه يستسلم للألم) خلاص يا ليلى… خلاص أنا لازم أبعد. يمكن ده أحسن لينا. انسيني يابنت الناس
(لحظة صمت طويلة، إلا من صوت أنفاسهما المكسورة. ليلى تغلق عينيها وتحاول أن تتمالك نفسها.)
ليلى: (بصوت منخفض) يعني مش هشوفك تاني
آدم: (بصوت بالكاد يُسمع) أيوة بس اوعديني تكوني كويسة وافتكريني بالخير ويارب اكون عرفت أثر ف حياتك
(تنتهي المكالمة بصوت صافرة الهاتف، ويد ليلى تسقط الهاتف من يدها. دموعها تسيل بلا توقف.)
(عودة إلى الحاضر)
(ليلى تفتح عينيها، الأغنية تصل إلى نهايتها: "خلصت الحكاية… وكل واحد راح في سكته." تمسح دموعها، لكنها لا تستطيع منع المزيد من الانهمار. تنهض من كرسيها، تتجه إلى الداخل بخطوات بطيئة، وتغلق باب البلكونة خلفها، وكأنها تحاول إغلاق باب الذكريات إلى الأبد.)
ف: غرفة ليلى
في منتصف الليل. الغرفة مظلمة إلا من ضوء القمر المتسلل عبر النافذة. ليلى نائمة على جانبها، ووجهها يحمل ملامح الحزن حتى وهي غارقة في النوم. فجأة، يبدأ الحلم.)
داخل الحلم
(صوت هاتف يرن. ليلى تجد نفسها في مكان مجهول، ضوء خافت يحيط بها. تنظر حولها بحيرة، ثم تلاحظ هاتفها يضيء على الطاولة. تقترب منه ببطء، ويدها ترتجف وهي تلتقطه.)
ليلى: مين؟
(يأتيها صوته… صوته الذي حفظته عن ظهر قلب.)
آدم: ليلى… أنا آدم.
(عيناها تتسعان، وقلبها ينبض بعنف. تنظر حولها وكأنها تحاول التأكد أنها لا تحلم.)
ليلى: آدم؟ إنتَ بجد؟ إزاي… إزاي بتكلمني؟
آدم: (بنبرة حنونة ومليئة بالشوق) ما قدرتش أبعد عنكِ، ليلى. كنت محتاج أسمع صوتك.
ليلى: (بصوت مكسور) بس… قلت إنك مش هترجع. قلت إن الحكاية خلصت.
آدم: (يتنهد بعمق) الحكاية ما خلصتش يا ليلى. عمري ما قدرت أنساكِ.
(قبل أن ترد، الصوت يختفي فجأة. الهاتف يختفي من يدها، والضوء من حولها يخفت تدريجياً. ليلى تصرخ باسمه، لكن كل شيء يذوب في السواد.)
ليلى: آدم! لااااا اددددددااااام
(تفتح ليلى عينيها فجأة. الظلام يحيط بالغرفة، أنفاسها تتسارع ودموعها تنساب على خديها. اسم "آدم" يخرج من شفتيها بصوت مكسور وكأنه ما زال في الحلم.)
ليلى: آدم…
(تمسك صدرها بيدها، وقلبها ينبض بجنون. تحاول أن تهدأ، لكنها تنهار في بكاء صامت. ترفع يدها الأخرى إلى وجهها لتجفف دموعها، لكنها تفشل. تبكي بحرقة وهي تحتضن وسادتها، وكأنها تحاول أن تحتوي الألم الذي يلتهمها من الداخل.)
(تهمس لنفسها بصوت بالكاد يُسمع وسط بكائها.)
ليلى: ليه لسه قلبي متمسك بيك؟ ليه حتى في أحلامي مش قادر أعيش من غيرك؟
(تواصل البكاء، وهي تحتضن قلبها وكأنها تخشى أن ينكسر أكثر مما هو مكسور بالفعل. صوت الليل يملأ الغرفة، لكنه لا يخفف من وجعها. تبقى مستيقظة، تائهة بين ألم الحلم وواقع الفقد.)
الفصل الثاني من هنا