رواية دكان الغمراوى الفصل الاول بقلم كريم محمد
واجهته باهتة بسبب التراب والطوب اللي اتكسر، والشباك اللي فوق الباب متغطي بطبقة من العنكبوت والتراب كأن الزمن قرر يقف هنا ومش هيكمل
الناس اللي ساكنين حوالين المنطقة متعودين يشوفوه كل يوم، لكن مفيش حد بيتجرأ حتى يبصله أكتر من لمحة سريعة، كأن مجرد النظر ليه ممكن يفتح باب لحاجة مش مفروض تتفتح.
الدكان ده كان اسمه زمان "دكان الغمراوي"، ومفيش حد بقى يقول اسمه دلوقتي غير في السر، كأنه لعنة
الناس كانت بتتحلاشى حتى تمشي من قدامه، واللي بيعدي بيبصله بنص عين، وبعدها يبص الناحية التانية وكأنه خايف لو وقف نظره شوية يحصله حاجة
اللي اتقال كتير، عن ناس دخلوا ومخرجوش، عن حوادث غريبة حصلت للي حاولوا يشتروا من عنده قبل ما يتقفل
كلام عن إن الدكان ده مش مجرد محل أنتيكات قديم، لا ده كان فيه حاجات مش طبيعية، حاجات مالهاش تفسير.
صاحب الدكان زمان كان اسمه فيصل الغمراوي
راجل مريب، ملامحه دايمًا جامدة كأنها منحوتة، وعينيه فيها حاجة مش مفهومة
مكنش بيتكلم كتير، ومحدش يعرف أصله من فصله، لكنه كان دايمًا بيرجع من سفر ومعاه صناديق غريبة، حاجات قديمة، وتحف كأنها جايه من بلاد ما تعرفهاش
وفي يوم، من غير أي مقدمات، الراجل اختفى
لا باع المحل، ولا قال لحد راح فين بس من ساعتها، الدكان اتقفل والحي زي ما كان الرجل قلت من هناك، كأن الدكان ده كان قلب المكان، ولما سكت، كل حاجة حواليه ماتت.
لكن اللي غير كل ده .. كان شاب اسمه سليم
شاب في أواخر العشرينات، شغال في بيع وشراء الأنتيكات، عنده دكان صغير في وسط البلد، بيحب الحاجات اللي وراها حكايات
كان دايمًا بيقول إن كل قطعة قديمة عندها سر، وإن اللي يعرف يسمعها ممكن يلاقي نفسه قدام كنز.
ولما سمع عن دكان الغمراوي، الفضول اشتغل جواه، مش خوف، لا ده كان شايف إن الحكايات دي بتتقال عشان تبعد الناس عن حاجة كبيرة فعلاً ممكن يكون كنز
بدأ سليم يسأل، يكلم كبار السن في المنطقة، يراجع ورق قديم، يفتش في الجرايد القديمة اللي في المكتبات العامة، وكل مرة كان يلاقي جمل غريبة بتتكرر
كلها بتتكلم عن أصوات جوه وحاجات خطر لأي حد يقرب من الدكان وتخليه يفكر ألف مرة قبل أما يقرب منه.
بس سليم كان شايف إن أي كنز حقيقي دايمًا وراه باب مقفول ولازم يتفتح.
وفي يوم، قرر يروح للمكان بنفسه
الجو في اليوم ده بذات كان غريب، السما متغطية بسحب رمادي كأن الدنيا على وش مطر، والهواء سريع في الشارع الضيق كأنه بيعمل صوت كأن في عاصفة جاية.
وقف قدام الباب القديم، قلبه بيدق بسرعة، بس إيده مترددتش
بعتلة حديد فتح القفل اللي باين عليه إنه ما اتحركش بقاله سنين، وصوت الباب وهو بيطلع بالعافية كأنه بيصرخ صرخة جاية من بطن المكان نفسه
فتح جزء صغير يادوب يدخل منه أول ما الباب فتح
حس إن في عينين بتراقبه من جوه، عينين مش بتاعة بني آدم