رواية احلام مابعد البرميل (كامله جميع الفصول) بقلم بسنت محمد


رواية احلام ما بعد البرميل الفصل الاول بقلم بسنت محمد



يجلس مرتدياً ملابس شتوية ثقيلة مغطاة بسترة نجاة صفراء اللون فى جوف الليل، ينظر نظرات باردة على المتكدسين حوله.


التفت ألتفاتة خفيفة نحو رفيقه الجالس بجواره، ف كان رفيقه يرتدى مثلما يرتدى هو بأختلاف لون سترة النجاة، ممسكاً هاتفه بيده ينظر إلى إحدى الصور التى تجمع العائلة شارداً فى تفاصيل الصورة .


أنتقل ببصره نحو صديقه الأخر النائم المتكىء على كتفه غير عابىء بتقلبات الأمواج حوله ولا الطقس شديد البرودة .


ينظر بعينين خاويتين إلى الظلام الدامس من حوله ماعدا بعض إضاءات الهواتف المحمولة وضوء القمر المحاق، فقد كان فى أواخر احد الشهور العربية .


 يفكر ويفكر فيما هو آت وفى مستقبله الذى يشبه ظلام ليله تماماً .


ليسمع أحد الراكبين معه يحدث أخر .

-تعرف يا عزت أنا نفسي أطلع ليه وأنا فى السن ده ؟


ليجيبه الأخر .

-ليه يا حاج رضا ؟


-علشان أجوز البت صابرين وأكمل تعليم أخواتها البنات .


-طيب ماهو كنت فضلت ف شغلك بدل المرمطة اللى احنا فيها دى .


ضحك رضا ضحكة ساخرة متبوعة بصوت غير مستحب ثم أردف:

-أنت عارف الشوار بكام دلوقت؟ أنت عارف الدرس الواحد للثانوية العامة بكام دلوقت ؟


أشاح بنظره ذاك الذى يستمع إليهم ليبتسم بسخرية لتقع عيناه على أخر من الراكبين .


كان الأخر جالساً يحتضن ابنه وابنته، لا يستوعب ما سبب إحضار ذلك الرجل لأطفاله معه وكيف حال والدتهم .


نظرات خاوية وصمت مطبق لا يخلو من صوت همسات خفيفة بين الركاب، ليقطع صمته صوت رفيقه النائم .

-أحمد، أحنا وصلنا؟


إبتسم له أحمد ورد بهدوء نافياً الوصول .


 أعتدل سالم فى جلسته سانداً رأسه على حافة السفينة التى تشق طريقها فى عرض البحر تقطع أمواج هادئة .


-تعرف يا أحمد أنا عمرى ما فكرت أسافر وأسيب أبويا لوحده بعد أمى ما ماتت، بس سبحان الله ليا نصيب أفارقه يمكن ربنا يفرجها علينا وأخليه يحج زى ما كان طول الوقت بيدعى .


-إن شاء الله يا سالم هتروح وترجعله بالسلامة .


أقترب منهم رفيقهم الثالث عبد الرحمن بضجته المعهودة بعد أن أنهى مشاهدة ملف الصور الخاص بهاتفه .

-بقولكوا إيه على أتفاقنا، أول ما نوصل إن شاء الله أول ست تقابلنى هتجوزها، إن شالله تكون قد أم نهى بتاعة الجرجير اللى على ناصية شارعنا .


ضحك أحمد على جملته ثم تحدث بهدوئه المعهود وهو ينظر إلى محبس خطبته فى يمينه .

-لا يا عم، أنت دور براحتك على اللى نفسك تتجوزها لكن أنا الحمد لله، مقدرش أعمل كده .


-جرا إيه يابنى ؟ أنت فاكر رانيا هتعرف يعنى أنك أتجوزت؟ أومال هناخد الجنسية بسهولة أزاى ؟ ما تقوله يا سالم.


-بقولك إيه يا عبده سيبك من أحمد، الست اللى عايز تتجوزها لو عندها أخت أنا موافق .


-أيوا كده، دا الكلام المظبوط .


 دقائق صمت مرت على الجميع ليقطعها عبد الرحمن مرة أخرى ولكن تلك المرة بنبرة مهتزة مختلفة عن سابقتها. 

-تفتكروا هنوصل ؟


أنقبض قلب الأخرين ليلتفت إليه احمد سائلاً:

-ليه بتقول كده ؟


-أنت شايف عدد اللى على المركب قد إيه ؟ شايف المركب نفسها شكلها عامل إزاى؟ دا غير أن البحر غدار، ميغركش يا صاحبى الهدوء اللى فيه ده، ثم أحنا هنترمى قبل الشط بكذا كيلو .


نظر أحمد إلى الطفلين أمامه مستفسراً:

-أن شاء الله هنوصل كلنا بالسلامة علشان خاطر الأتنين دول، اللى أنا مش فاهم أبوهم جايبهم معاه إزاى!


ليجاوبه سالم تلك المرة :

 -أنا سمعته بيتكلم مع حد قبل ما نركب بيقوله أن أمهم أتوفت قريب وهما ملهمش حد غيره وهو متعود على السفر وليه مكان أصلاً هناك، علشان كده أخدهم معاه المرادى.


هز أحمد رأسه بتفهم ليجد الصغيرة تنظر إليه فأبتسم إليها لتبتسم إليه، فى مشهد أعاد له حديث سابق مع حبيبته وخطيبته .


-أحمد أنا عايزه بنت صغيرة أول ما نتجوز علشان أعملها شعرها وأحطلها روچ.


-وأنا عايز ولد علشان معنديش أخوات ولاد، عندى بنت بس .


-يا سلام يا أستاذ أحمد مليش ذنب أن يبقي ليك أخت واحدة ومعندكش بنات.


-أهون عليكي طيب أفضل لوحدى كده؟


-أممممم، طيب أنا موافقة بالولاد ، لكن المرة التانية لازم تبقي بنت علشان أعملها تسريحات حلوة .


 قطع تفكيره صوت عبد الرحمن.

-اومال يا أحمد لو عرفت أن فى ستات تحت فى المركب .


-ازاى ده ؟


-اه والله، أفتكرتهم جايين يودعوا أهاليهم وأستغربت علشان ممنوع أهالى يوصلوا ل هنا، لقيتهم ركبوا الأول قبل الدوشة ونزلوا تحت .


-مسافرين لحد ولا مع حد؟


-الله أعلم يا سالم، بس أكيد يا كده أو كده .


تعجب أحمد مما يحدث خلفه ناظراً إلى السماء داعياً الله عز وجل أن يستطيعوا الوصول بسلامة .


 بدأ التغيير فى الطقس يصبح ملحوظاً، فأنخفضت درجة الحرارة قليلاً ليقترب عبدالرحمن من أحمد يلتمس منه بعض الدفىء.


-أحمد أنا حاسس ببرد جامد .


-فعلاً الجو بقي أبرد من الأول .


نظر إلى الطفلين أمامه ليجدهم أقتربوا من والدهم ملتمسين منه بعض الدفىء.


 ليتذكر سالم والده فى إحدى الليالى الباردة حينما تأخر قليلاً عن موعد عودته، فأنتظره فى مدخل المنزل غير عابئاً بالأمطار والبرد القارس فى تلك الليلة .

-كل ده تأخير يا أستاذ؟


-أنا أسف يا بابا، كنت بجيب مذكرات من صاحبي .


-والمذكرات بتقعد للساعة واحده بعد نص الليل .


كان يتحدث بعصبية مفرطة وصوت عال ف تحرك سالم من أمامه حتى لا يستمر الجدال أكثر من ذلك، فجذبه والده من كتفه صافعاً إياه .


-أنت بتتجاهلنى كمان ؟


صُدم سالم من رد فعل والده فتحرك بهدوء إلى غرفته مجروحاً من تلك الأهانة ليغفو بعدها بقليل بملابسه المبتلة ليشعر بدخول والده بخطوات هادئة يزيل عنه ملابسه المبتلة بهدوء ويدثره جيداً فى فراشه .


فقد أستيقظ بعد أن شعر بوالده، لكنه لم يشىء يُشعر والده بذلك حتى ينعم بحنيته بعد قسوته السابقة عليه .


نزلت دمعة شاردة من عينيه فقد أفتقده على الرغم من مرور قليلا من الوقت على الإبتعاد عنه .

الفصل الثاني من هنا
 

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1