رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل المائة وتسعة 109 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل المائة وتسعة

تداعى جسد سارة بين ذراعي كيلفن لكن غرائزها الأخيرة تمسكت بالوعي كما يتمسك الغريق بآخر نفس له تحت الماء.
دعمها كيلفن سريعا وجاء صوته يحمل ارتباكا لم تعتده
سيدة ميلر هل أنت بخير سأأخذك إلى المستشفى حالا.
أومأت برأسها نافية وعيناها نصف مغمضتين كمن تقاوم قيدا خفيا يحاول إسقاطها
لا... أنا بخير مجرد هبوط في السكر هذا كل ما في الأمر.
لكنها كانت تعرف الحقيقة جسدها لم يعد يحتمل ما فعلته اليوم كان أكبر من طاقته
مواجهة مارينا إنقاذ كونور ثم اندفاع العاطفة الذي اجتاحها كالعاصفة تجاه أحمد كل ذلك استنزف منها أكثر مما تملك.
أما كيلفن الذي لطالما رآها واقفة كجدار لا يلين شعر لأول مرة أن هذا الجدار قد تشقق فسأل بقلق واضح
لكن... لماذا

أشعر أن قوتك تتلاشى
ابتسمت بخفة مرهقة تحاول أن تبعد عنه قلقه بنفس الهدوء الذي تبعد به الرياح الستار
أنا بخير كيلفن... أرجوك فقط... خذني إلى المنزل.
عاد برنت إلى القصر حاملا الأدوية وكأن عبء النهار كله عالق في خطواته.
الكمادات الباردة قد بدأت تفعل فعلها وامتزج أثر الدواء ببرودتها ليهدئ الطفح الجلدي الذي اشټعل على جسد كونور مانعا الکاړثة من أن تتفاقم.
جلس أحمد بجانب الصغير عينيه تتفحصانه بصبر لم يألفه أحد كان يعلم دون أن يقال أن الفضل في نجاته يعود لسارة حمايته لم تكن محض صدفة بل نتيجة عاطفة صادقة ومهارة في التصرف و بما أن اليوم قد استنزف كل ما لدى كونور من طاقة استسلم الصبي للنوم بين ذراعي أبيه بينما قبضت يداه الصغيرتان على
قميص أحمد كمن يتشبث بأمانه الوحيد في هذا العالم بعد لحظات أودعه أحمد لدى مينا مطمئنا إلى أن النوم سيظل ملاصقا له لبعض الوقت.
حينها اقتربت مارينا بوجه مرهق لكنه مكسو بطبقة من التمثيل الماهر وقالت بصوت يحاول أن يتشح بالبراءة
أحمد عليك أن تصدقني. سارة جاءت لتستعيد منزل عائلتها... وأعدت لي كعكة عسل محاولة إرضائي لكنها انقلبت فجأة! هددتني پسكين! لولا تدخل الخادمات لكانت کاړثة بل إنها احتجزت كونور رهينة! لحسن الحظ أنك عدت في الوقت المناسب...
كانت كلماتها مثقوبة مثل قماش مهترئ كل جملة تكشف هشاشة الأخرى لكن أحمد لم يكلف نفسه حتى عناء الرد على القصة بل قطع حبل ادعاءاتها ببرود حاد
أريد منزل عائلة سارة.
صدمت مارينا كأن قلبها انقبض فجأة
فمنزل سارة كان ورقتها الأخيرة للسيطرة عليها ولم تتخيل أن أحمد سيطالب به صراحة لذا تجرأت خطوة نحوه وقالت
أحمد صدقني... سارة ممثلة بارعة هي
دفعها بعيدا بيده وكل لمسة منها تثير اشمئزازه
أنا أعرفها أكثر منك. وأعرفكم جميعا. صمتي طوال هذه المدة لم يكن عمى.
تجمد وجهها فيما أكمل بنبرة أهدأ من أن تخفي غضبه
مارينا كارلتون منحتك كل ما طلبته. لا تتجاوزي حدودك. لا تدعي تضحية جاسم تذهب هباء. هذه آخر مرة أحذرك.
قالت بتوسل مشوب بالمكر
لكنني... طلبت من شخص ما أن يمضي قدما في
التقت عيناها بنظراته التي كانت مثل سکين باردة على عنقها تنضح بوعد صامت بالمۏت فابتلعت باقي ما بجوفها بينهما هدر فيها أحمد بجفاء
هذه ليست مفاوضات. أنا أخبرك فقط بأن المنزل
لم يعد لك ولفت نظر أخير
اعتني بكونور وكفي عن هذه الألعاب السخيفة... فإذا اختبرت صبري مرة أخرى لا تظني أنني سأحضر حفل الخطوبة.
ثم غادر تاركا وراءه فراغا يزن أطنانا من الټهديد تلك النبرة الهادئة كانت بالنسبة لمارينا أخطر مما لو صړخ بوجهها ففي العامين الماضيين لم يتحدث معها أبدا بهذا الشكل.
بعد أن استمعت إلى صوت محرك سيارته يتلاشى صړخت وهي تدفع كل ما على الطاولة أرضا
سارة... يا لك من حقېرة!
حتى قطتها لم تنج إذ ركلتها بلا رحمة وهي تصعد الدرج بوجه كالح وفي قمة ڠضبها وجدت مينا في طريقها ودون مقدمات صڤعتها بقوة تصرخ في وجهها قائلة
يا حثالة! عملك الوحيد هو العناية بالطفل ومع ذلك فشلت!
أطبقت مينا شفتيها وصمتها هو قناعها الوحيد في وجه هذه القميئة فبالرغم من إن أحمد نفسه كان قد كلفها
برعاية كونور لكنها لم تكن مذنبة بل خادمة أخرى هي التي أطعمت الصغير الكعكة بينما كانت مينا في استراحة الحمام لكن الحقيقة لم تعن لمارينا شيئا فالحقيقة لم تكن أبدا من أدواتها.
خفضت مينا رأسها معتادة على هذا القهر بينما كانت مارينا تصرخ
مجرد النظر إليك يثير اشمئزازي! انصرفي من أمامي فورا!
أجابت مينا بصوت مكسور لا يملك إلا الاستسلام
أوامرك.
ظلت مارينا تراقب كونور وهو نائم يتنفس بعمق وهدوء ملامحه الصغيرة نسخة مصغرة من أحمد كأن ملامح الأب قد انعكست على الابن دون أن تفقد شيئا من وضوحها لكن الحقيقة القاسېة التي تعرفها مارينا جيدا كانت ټحرقها في صمت لم يكن أحمد أباه فوالد كونور كان ابن عم أحمد الأصغر ومع ذلك التشابه بينهما كان كافيا ليربكها ويشعل في صدرها شعورا
متناقضا بين الغيرة والفقد ومع أن قلبها اعتاد هذه المرارة التي جعلت منها مسخا يكره كل من حوله فإن الألم تضاعف عندما تذكرت كيف كان كونور في لحظة فوضى وذعر يعانق سارة ويهتف لها بكلمة واحدة
ماما.
كانت تلك الكلمة مثل سهم مسمۏم اخترق كبرياءها تاركا فيها أثرا لا يمحى.
اقتربت مارينا من الصغير ببطء ومن ثم أيقظته كما لو كانت تبحث عن خلاص شخصي في صوته.
فتح الصغير عينيه نصف فتحة وبينما لا يزال عالقا بين النوم واليقظة تمتم بذات الكلمة التي أرقتها
ماما...
تسارعت أنفاس مارينا وشعور غريب من النشوة والخۏف اجتاحها في آن واحد فجلست جواره على حافة سريره وعيناها تتوهجان بلهفة لم تعهدها
كونور... هل يمكنك أن تقولها مرة أخرى
كانت هذه المرة الأولى التي يناديها فيها بهذا الاسم.
لحظة انتظرتها طويلا واعتقدت أنها ستعيد لها ما تفتقده من اعتراف وشرعية لم لا! وهي تؤمن بأن ابنها ذكي أذكى حتى من شقيقته إيرينا التي لم تجد صعوبة في مناداة أمها بذلك اللقب منذ أن تعلمت النطق أما هو فقد امتنع عمدا لم يكن عاجزا بل رافضا.
وحين أفاق تماما لاحظ غياب سارة وقد جال بعينيه في الغرفة ثم استقرت نظراته على مارينا التي كانت تحدق به تنتظر بفارغ الصبر أن يكرر الكلمة لكن حدقتيه الصغيرتين اللتين كانتا منذ قليل دافئتين بردتا فجأة يضغط على شفتيه كأنه يغلق على صوته خلفهما ورفض أن يخرج أي كلمة بل وكأنه لم يرد
أن يمنحها ما تريده.
قالت مارينا بقلق غاضب لم تفلح في إخفائه
كونور... كررها قلها مرة أخرى.
ظل كونور صامتا وجهه ساكن كأنه من حجر ملامحه نسخة عن أحمد
في لحظات صمته البارد.

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1