رواية زواج بلا قلب الفصل العاشر بقلم ادم نارو
بعد رحيل إدم من القصر خرجت ليلى للحديقة لتمش هوا نقي .
ندى وهي شايلة صينية فيها كوب عصير أفوكادو، وعينيها بتلمع بالفرحة إنها شافت ليلى فايقة وبتاكل.
ندى (بابتسامة واسعة): – تفضلي مدام ليلى… عصير الأفوكادو زي ما وعدتك، يديكي طاقة.
(فجأة صوت نباح خفيف جه من ورا الشجر، ليلى بصت مستغربة)
ليلى: – في كلاب فالقصر؟
ندى (بتوتر بسيط): – آه… بصراحة، ده كلب لقيته مرمي جنب الطريق الصبح.
شكله كان جوعان جدًا، فجبته أطعمه قبل ما أرجّعه مكانه… قبل ما يرجع السيد آدم.
ليلى (بفضول): – ليه؟ هو آدم ما بيحبش الكلاب؟
ندى (بصوت خافت): – معرفش… بس حسيته من النوع اللي ممكن يثور لو شاف كلب جوه القصر.
(ليلى بصت للكلب اللي كان مستلقي جنب شجرة، لونه رملي، ضعيف بس شكله ودود… ودار في دماغها شرارة خطة)
ليلى (بضحكة خبيثة وهي تهمس لنفسها): – إنت بتحب تغيظني؟… لأ، ده دوري أنا اللي أغيظك.
ندى (بقلق): – مدام؟ في حاجة؟
ليلى (سرحت، وبعدين ردت): – نعم؟ لا… أقصد، آه.
ندى: – شو هو؟
ليلى (بثقة): – قررت أربي الكلب ده.
ندى (اتسعت عينيها): – إيه؟ عنجد؟!
ليلى: – آه… وهسمّيه آدم.
ندى (مش مصدّقة): – لااا… مش ممكن!
ليلى (بتحدي طفولي): – ليه لأ؟
ندى: – السيد آدم مش هيوافق!
ليلى (بابتسامة جريئة): – هيوافق… غصب عنه.
(ليلى شالت الغطاء عنها ببطء، وقامت وهي بتتألم، بس الإصرار في عينيها بيغطي الوجع)
ليلى: – ساعديني أوصل للكلب.
ندى (بحماس): – لحظة، هجيبلك حاجة تقعدي عليها… الكلب ما يستحملش يمشي من هنا.
(ندى خرجت تجيب كرسي، وليلى بصّت للكلب اللي بدأ يهز ديله، وقرب منها بخجل)
ليلى (وهي تمسك إيده الصغير بحذر): – تعالى يا آدم… تعالى حبيبي.
(الكلب لحس صباعها، وهي ضحكت ضحكة أول مرة تخرج منها من يوم ما دخلت القصر)
ندى (وهي راجعة بالكرسي): – أوووه… شكله حبك من أول لحظة.
ليلى (وهي تقعد وتداعب الكلب): – عارفه يا ندى؟ ده أول كائن في القصر ده يطبطب عليا.
ندى (بصوت فيه حزن خفيف): – وهو أول كائن يخليكي تضحكي كده.
ليلى (بهمس): – يمكن هو الوحيد اللي مش بيحكم عليا.
(صوت نباح صغير تاني… ثم هدوء)
عند أدم :
(المكان صاخب… صوت ماكينات، خبط، ونقاشات، وعمال بيجروا في كل اتجاه)
آدم كان لابس جاكيت جلد وسن النظارة الشمسية مخبي عنيه، ماشي بخطوات ثابتة وسط العمال،وكل ما يقرب من حد، يتشد انتباهه.
آدم (بصوت عالي وجاد): – سامي! أنت لسه ما ركّبتش الحديد في الركن الجنوبي؟
سامي (بتوتر): – آسف يا باشا، كان ناقصنا حديد التسليح و…
آدم (قاطعه): – ناقصك؟ ما أنا موفر كل حاجة! ولا شغلكم بالعشوائية دي هواية؟
سامي: – والله يا باشا، الونش اتأخر، بس بكرا نكمل.
آدم: – مش بكرا، النهاردة. خلّي شغلك يمشي على الوقت، مش بمزاجك.
(عدى شوية ولاقى عامل بيحفر وهو بيكح من الغبار)
آدم: – إنت! اسمك إيه؟
العامل: – سعيد يا باشا.
آدم: – ماسك الكمامة ليه تحت مناخيرك؟ عايز تموت؟ لو تعبت، مين هينجز وراك؟
سعيد (بصوت مكسوف): – حاضر يا باشا، هلبسها صح.
(مر قدام مهندس شاب ماسك مخطط المشروع)
آدم: – انت مهندس أشرف، صح؟
المهندس: – أيوه يا فندم.
آدم: – إيه آخر تعديل حصل على تصميم الواجهة؟
المهندس: – عدّلنا الزجاج على حسب تعليمات حضرتك، وزودنا العزل الحراري.
آدم: – تمام. أنا عايز تقرير تفصيلي قبل الساعة 5، مفهوم؟
المهندس: – تمام يا باشا.
(وقف عند طقم عمال بيصبوا خرسانة)
آدم: – متأكدين من نسب الخلط؟
عامل: أيوه يا باشا، 1 إلى 2 إلى 4.
آدم: والميّه؟
عامل 2: حسب الوزن، باشا.
آدم: ما ينفعش “حسب”! كله يبقى موثق بالأرقام.
عامل 1: تمام يا باشا، بنسجل كل حاجة في الدفتر.
(صوت نباح كلّب خفيف قطعه، التفت آدم بسرعة)
كان كلب نحيل، لونه رملي، واقف على جنب الموقع بيبص لهم من بعيد ولسانه طالع.
آدم (بحاجب مرفوع): – ده كلب؟ منين دخل هنا؟
سعيد: – ده من أول اليوم، باشا. شكله عطشان.
آدم (ببرود): – خليه يبعد.
(لكن الكلب اتجه ناحيته، بيبصله في صمت… ملامحه تعب)
آدم (سكت ثواني، ثم بص لسعيد): – جيبله مية.
سعيد (مستغرب): – أنا؟
آدم (بحسم): – فيه حد غيرك؟ جيبها بسرعة.
(سعيد جاب مية في طبق بلاستيك، ومده للكلب… والكلب بدأ يشرب بنهم)
آدم (همس لنفسه وهو بيبص): – عطشان… بس لسه عنده كرامة.
(لف آدم ظهره وكمل جولته كأن الموضوع ماحصلش، لكن في عينيه… لمعة غريبة)
ـــ
✦ المشهد الثاني: القصر – بعد الظهر
(رجع آدم من الشغل، فتح باب القصر، وبص حوالين… الجو هادي، بس سمع صوت ضحك ناعم جاي من الجنينة)
(مشى ناحية الصوت، ولما قرب… وقف في مكانه)
ليلى كانت قاعدة على النجيلة، ضحكة بريئة على وشها، وشعرها سايب على كتفها…
وبتلعب مع كلب صغير، شبه الكلب اللي شافه آدم الصبح.
ليلى (وهي بتداعبه): – أدم، تعالى! لا تعضش صباعي يا مشاغب!
آدم (بصوت منخفض): – أدم؟؟
(ضحك خفيف خرج منه من غير ما يقصد)
آدم (وهو بيقرب): – إنتي سميتيه إيه؟
ليلى (وهي تبتسم باستفزاز): – أدم.
آدم (بحاجب مرفوع): – قصدك… سميتِ الكلب على اسمي؟
ليلى (بثقة): – أيوه، علشان كل ما أبصله أفتكر إنك ممكن تكون لطيف… بس لو اترويّت.
(آدم وقف، وسكت… وبعدين فجأة، ضحك ضحكة قصيرة)
ندى (كانت بتنظف في البلكونة، شافت): – (بصوت واطي) هو… ضحك؟
رقية (وراها، فتحت عينيها): – السيد آدم؟ بيضحك؟ ده يوم عيد!
ندى: مش انا قلتلك أنوا ليلى هي علاج سيد أدم .
(آدم اتدارى ضحكته، ومسح فمه بإيده، ثم قال بحدة): –
ومين سمح لك تربي الكلب ده .
ندى : شوه هو السبب إلي هيمنعني أربيه ولا تكون تخاف من الكلاب مثلا .
أدم ( بضحكة جانبية) : انا مخفش من شي .
ليلى : يعني أربيه!
أدم ( عاد الضحكة القصيرة) :
أعتقد أنوا لازم تربي نفسك قبل ما تربي كلب .
ليلى ( بنضرا غضب ) : وإنت هتدخل فكل إشي ممنوع الهاتف ممنوع الخروج وممنوع أربي حتى كلب .
أدم ( قلب عينيه) :
خلاص خلاص . ربيه بس خلّي بالك من الكلب… بس ما يوسخش المكان.
ليلى: – مش طالب رأيك … بس خد بالك، الكلب ده بيعض اللي بيزعق.