رواية حارة الربيع الفصل العاشر 10 بقلم جميلة القحطانى

  


رواية حارة الربيع الفصل العاشر بقلم جميلة القحطانى

وداد بابتسامة:قبل ما تأكلوا قولوا الحمد لله.
نجلاء:يا ماما، إحنا حافظين، بس انتِ بتحبي الطقوس دي.
وداد:أنا بحب اللي بيخلّي الجمعة… مش زي أي يوم.
الستات انتقلوا على الكنبة الكبيرة، بيشربوا شاي النعناع، وكل واحدة ماسكة في إيدها شغل يدوي.
نجلاء بتطرّز منديل،
هيام بتلف صوف،
وداد بتعدّ خرز السبحة.
هيام بفضول:ماما… تفتكري أيام زمان كانت أسهل؟
وداد وهي بتعدّ على صوابعها:أسهل في القلوب… مش في الظروف.
كان الفقر كتير، بس الدفا كان دايمًا حوالينا.
كلمة طيبة، سلام من القلب، والست ما كانتش تدخل بيت حد من غير طبق فطير.
نجلاء:ودلوقتي؟
وداد:دلوقتي كل واحد عامل بيت لوحده… بس الخير لسه بينا، طول ما في جمعة تلمّنا.
الرجالة كانوا في السطح، بيلعبوا كورة مع العيال.
سامي شاط الكورة فوق، ونادين صرخت:ده أنت هتكسر السخان يا سامي!
سامي بيضحك:أهو نكسر السخان أحسن ما ننكسر جوا!
الظهر أذن، والكل وقف.
وداد قامت، مسكت مصحفها، وبصّت حواليها.
همست لنفسها:الحمد لله كل اللي بحبهم حواليا،
والبيت لسه فيه حياة.
كانوا لسه قاعدين بعد صلاة الظهر، الجو بدأ يهدى، والكل قاعدين ف القاعة الكبيرة، الشباب فاتحين المروحة والستات لِمين في الشاي.
الحاجة وداد قعدت على كرسيها اللي جنب الشباك، ضهرها مستند، وإيدها بتلف في السبحة، وبصت لولادها وحفيدتها اللي بيضحكوا ويسخروا من بعض كعادتهم.
لكن في لحظة، الجو اتغير.
هيام قالت بنبرة فيها مزاح، لكنها جرحت:هو كريم بقى بيشتغل بجد؟ ولا لسه شايف شغل البيت عيب؟
كريم متضايق:أنا مش عاطل يا هيام الشغل مش كل حاجة، واللي يفضل يلمّح بالكلام دايمًا بيكون ناقص.
نجلاء:يا جماعة، خلّونا ناكل العيش بالملح اللي بينا، مش نكسره!
لكن الجو سخن، وصوت كريم علي، وسامي اتدخل، وقال بصوت عالي:كفاية بقى! في كل قعدة لازم حد يرمي كلمة، وناس تتضايق… هو دا بيت العيلة ولا ساحة معركة؟
 صوت وداد يرتفع لأول مرة
وداد ضربت الأرض بعصاها، وقالت بصوت فيه رعدة من الغضب والهيبة:اسكتوا… كلّكم اسكتوا!
سكت الكل… حتى الأطفال وقفوا اللعب.
عارفين ليه كنت بخلي الجمعة دي قعدة مقدسة؟
عشان نفتكر إن الدم واحد، والرزق بيتقسم، والسيرة الحلوة أهم من الطبل والزفة.
إنتم كبرتوا، بس قلوبكم بقت صغيرة…
وكل كلمة بتوجّع، وكل نظرة بتبني جدار بينك وبين أخوك.
أنا شفت أيام صعبة، كنت أطبخ في الطشت وأغرف بإيدي، ولا حد

تعليقات