رواية حارة الربيع الفصل الحادي عشر
حس بالنقص.
وإنتوا دلوقتي تتعاركوا ع شغل ومكانة؟
سكتت وبكت. دمعة واحدة نزلت، لكن كانت تقيلة.
كريم قام، بوس إيدها، وقال:حقك عليا يا تيتا أنا اللي قصرت.
أنا اتربيت في حضنك ودي القعدة اللي بترجعني بني آدم.
هيام:وأنا آسفة… كنت بهزر، بس نسيت أوزن كلامي.
الحاجة وداد اتنهدت، ومسحت دمعتها، وقالت:تيجوا أقولكم حكاية؟ حكاية من زمان؟
كلهم قالوا: قولي يا تيتا!
حكاية من زمان
كان في واحد اسمه عبد المقصود، جارنا…
كان فقير أوي، وبيته من طين، وولاده في مدارس الجيران.
بس لما مراته ولدت، جت ستات الحارة كلهم، من أغنى واحدة لأفقر واحدة، كل واحدة جابت لقمة، وشالوا معاه الولادة.
وبعد سنين عبد المقصود دا بقى صاحب سوبر ماركت،
عارفين أول ناس شغّلهم؟
ولاد الحارة اللي وقفوا معاه زمان.
وسكتت، وقالت:العيلة مش بس دم، العيلة مساندة…
يا نكسبها… يا نخسر نفسنا.
الجميع سكت، لكن الجو بقى أنضج…
كأن الكلام رجّع توازن الروح، ورجع للبيت نغمة الدفا.
اتحضنوا، واتصالحوا، ووداد بصت للسماء وقالت:الحمد لله، رجعتوا لقلبي تاني.
الصباح في بيتهم مش زي أي بيت رهف متأخرة على المدرسة، وزياد قلب المطبخ، وتمّار دخلت الحمام وقفلت على نفسها بالمفتاح.
مروان بصوت عالي وهو بيشد بنطلونه:رهف! متأخرة تاني؟ انتي بتجهزي في عرض أزياء؟!
رهف وهي بتكحل عنيها:بابا بلاش إحراج فيه فرق بين الاستعداد وبين التهريج!
صفا وهي بتحاول تلم الزبالة من تحت رجلي زياد:وزياد قلب البيت عالريح يا واد سبت حاجة في التلاجة سليمة؟!
زياد بفخر:بعمل تجربة علمية، بحط الكاتشب على الفشار وطلعت النتيجة: جامدة نار!
تمّار تصرخ من الحمام:ماماااا المفتاح علق! ومش عارفة أخرج!
صفا تصرخ، ومروان يضحك وهو بيجيب المفك:يلا يا بابا نلحق تمّورة قبل ما تعمل مؤتمر صحفي جوه!
الكل قاعد في الصالون، والشاي على الترابيزة، ومروان ماسك الجريدة، وصفا بتطرز مفرش.
زياد بملل:أنا زهقان نلعب تمثيل؟
رهف:بلاش، أنت كل مرة تطلع مريض نفسي أو شرير مره اعمل دور مفيد!
زياد:أوكي هعمل دور بابا وهو بيكلم نفسه قدام المراية!
يقف ويحط إيده على بطنه ويقلّد:أنا المسؤول هنا! الكلمة كلمتي! وبعدين بييجي ينسى المفاتيح!
مروان يرفع حاجبه، يحاول يتمالك ضحكه:بس أنت لسه ما عملتش دور الشرير!
صفا كانت بتجمع الغسيل من البلكونة، لما رهف دخلت بتكلم نفسها رهف:ليه الناس بتحكم علينا من لبسنا؟
