رواية همس بلا صوت الفصل العاشر 10 بقلم نور محمد

  

رواية همس بلا صوت الفصل العاشر بقلم نور محمد 


رن تليفون غيث فجأة وسط الضحك والهزار اللي كان مالي
 الجو
وقف مكانه، لمعة القلق ظهرت في عينيه من أول ما شاف اسم المتصل.

سيلا حست إن حاجة مش طبيعية، صوت الضحك اختفى من ملامحها.
"مين؟" سألت بصوت متردد.

غيث ما ردش… مسك التليفون وضغط زر الرد، وصوته كان حذر:
"ألو…"

الصوت اللي جه من الناحية التانية كان بارد، تقيل… جملة واحدة خلته يحس كأن الأرض اتسحبت من تحته:
"إحنا لسه مخلصناش… المرّة الجاية مش هتلحقها."

الصمت سيطر على المكان، وسيلا كانت بتراقبه، قلبها بيدق بسرعة… مش فاهمة، لكن إحساس الخطر رجع يلفها زي ما كان قبل.

غيث قفل الخط فجأة، ووشه كان خليط من الغضب والخوف، وابتسم ابتسامة صغيرة مصطنعة وهو بيقول: " معليش لازم نمشي دلوقتي...لازم اروح للمديريه....هاروحك بس الاول وبعد كده هتحرك 

هزت راسها بهدوء وراحوا ركبوا العربيه 

سيلا كانت ساكته طول الطريق عينيها بصا للشارع من الشباك لكن عقلها مشغول بالمكالمة الي جت لي غيث ومن بعدها وهي شايفه متوتر وقلقان 

غيث وقف قدام باب البيت، بعد ما ركن العربية، وبص على سيلا بابتسامة بسيطة: "وصلنا 
هوصلك لحد جوه وأطمن عليكي وبعد كده هنزل 

سيلا وهي بتفتح باب العربيه: " مفيش داعي انا هنزل وانت روح شغلك 

غيث وهو بينزل من العربيه: " لا هطلعك الاول وبعد كده هاروح 

نزلوا هما الاتنين وطلعوا 

غيث مد إيده وفتح الباب، ودخل معاها.
أول ما خطوا خطوتين جوه، أصوات خافتة طالعة من الصالون شدت انتباههم.

غيث مشي معاها لحد ما وصلوا 
ولما دخلوا الصالون… سيلا وقفت مكانها حاسه بإحساس غريب ودقات قلبها بقيت متسرعه 
أما غيث وقف مكانوا متفجاء 

على الكنبة كانت قاعدة زينب — أم غيث — ووشها هادي، لكن في عينيها لمعة غير معتادة.
وجنبها… كانت سمر، أم سيلا، عينيها محمرة من البكاء، وإيدها ماسكة منديل
قدامهم واقف جاسر أبو سيلا بابتسامة حزينة مليانة وشو
وعلى الطرف… مصعب أخوها
اول لما دخلت وشافها اتجمد مكانوا مش مصدق 
انها واقفه قداموا كأنه بيشوف حلم مستحيل يتحقق

سمر أول ما شافت سيلا قامت بسرعة دموعها نزلت من غير ما تحاول تمسحها ورمت نفسها في حضن بنتها:
"يا روحي… كنتي فين؟! كنتي فين كل المدة دي؟!"
صوتها كان بيرتعش، وإيديها بتشدها كأنها خايفة تضيع تاني.

سيلا وقفت متصلبة للحظة، مش فاهمة ليه الست دي بتبكي وتمسكها بالشكل ده. "أنا… آسفة، بس… أنا مش... اتلخبط صوتها وابتلعت باقي الجمله

جاسر قرب منها، وحط إيده على كتفها، صوته مبحوح: "تعالي في حضن يا سيلو تعالي في حضن ابوكي شدها من سمر واخدها في حضنه 

مصعب اتحرك بسرعة حضنها بقوة وهو بيضحك ويبكي في نفس الوقت: "سيلا… أنا مش مصدق… مش مصدق إني شايفك… والله كنت حاسس انك هترجعي حتي بعد لما بابا يأس انه يلأيقي وقال إن خلاص مستحيل نشوفك تاني انا كنت واثق انك هترجعي 
إيده كانت بتربت على ضهرها وبيمسح دموعه بكمه من غير ما يبعد عنها.

سيلا كانت واقفة وسطهم، مش فاهمة مشاعرهم، لكن إحساس غريب بالأمان بدأ يتسرب جواها… إحساس إنها محاطة بحب حقيقي، حتى لو عقلها مش فاكرهم.

غيث واقف على جنب، بيتابع المشهد، وملامحه فيها ارتياح صغير…فرحان بفرحه اهلها بلجوعها 

زينب اتدخلت بصوت دافي:"خلاص بقى… سيبوها ترتاح أكيد تعبانة ومحتاجة وقت تستوعب

سمر مسكت إيد بنتها وقالت بحنان:"مش هسيبك تاني…هتفضلي معايا 
مستحيل اسيبك تاني بعد لما لقيتك 

سيلا بصتلهم كلهم وحست إن أسئلة كتير بتدور في دماغها ومش لاقيها لها اجابه لكن كان في إحساس واحد واضح…رغم انها متعرفش مين الناس دي بس فيه دفء غريب بيشدها وعيونهم اللي مليانة شوق وخوف عليها مش ممكن تكون كذابه

غيث قطع الصمت وقال بابتسامة خفيفة: "أنا هسيبكم دلوقتي علشان ورايا شغل…. ولو احتجتوا حاجة كلموني

جاسر مد ايده سلم عليه بحرارة:" انا مش عارف اقولك ايه انا ممطن ليك جدا 

غيث: " انا معملتش حاجه انا رجعت مراتي 

جاسر بابتسامة امتنان: " ربنا معاك يابني ويوفقك 

غيث اكتفى بهزة رأس وهو بيبص لسيلا نظرة مطمنة وبعدين خرج بهدوء.

سمر أخدت بنتها من إيدها وقعدوها جنبها على الكنبة، وإيدها مش سايبة إيد سيلا لحظة، كأنها بتخاف لو سابتها هتختفي تاني.
مصعب قعد على الناحية التانية، عينيه مش قادرة تسيب وش أخته، وكل شوية يضحك ابتسامة صغيرة وهو بيتمتم:
"يا رب لك الحمد… يا رب لك الحمد."

جاسر قعد قدامهم، وصوته هادي لكنه مليان إحساس:
"إحنا مش هنسألك دلوقتي كنتي فين… ولا حصل لك إيه… أهم حاجة إنك هنا وسطنا

سيلا كانت بتشوف المشهد وكأنها بره جسمها، مشاعرهم غامرة لدرجة بتخليها مش عارفة ترد بكلمة.
في جزء منها حاسس إنها عايزة تعرف كل حاجة، وجزء تاني بيخاف من الحقيقة.

سمر لمست خدها وقالت بصوت مبحوح:" انتي مش فاكراني يا سيلو مش فاكره ماما 

سيلا هزت راسها 

سمر كانت حزينه وفرحانه في نفس الوقت فرحنا أنها اخيرا شافت بنتها وزعلانه لان بنتها مش فاكره حاجه 

سمر: " ولا يهمك يا روحي مع الوقت أن شاء الله هتفتكري 

سيلا ابتسمت ابتسامة صغيرة، يمكن مجاملة، لكن جواها كان في شعور بيحاول يتكون… يمكن بداية تذكر، أو مجرد إحساس إنها مش وحيده

--------

حازم كان سايق عربيته في شارع جانبي 
كان الجو هادي لحد ما من بعيد لمح عربية صغيرة لونها أزرق بتمشي بحركات غريبة كأن السواق مش عارف يمسك الدركسيون مضبوط 

كتم ضحكة وقال لنفسه: "يا ساتر… شكلها واحدة لسه طالع لها الرخصة

قرب أكتر، وفجأة… العربية الزرقا انحرفت ناحية عربيتُه، وصوت خبط واضح رجّ العربية من الجنب.
حازم ضغط فرامل بقوة والاتنين وقفوا في نص الشارع.

نزل حازم بسرعة ملامحه باين عليها الغضب : "إيه ده إنتي بتسوقي ولا بترقصي بالعربية

البنت نزلت من عربيتها رفعت راسها لي فوق علشان تشوفوا بسبب قصر حجمها : " علي فكره انت الي جيت عليا مش انا 

حازم اتسعّت عيناه:."أنا اللي جيت عليكي
ده أنا ماشي مستقيم وإنتي اللي بتلفي يمين وشمال كأنك بتعملي اختبار مناورات

هي شبكت إيديها قدام صدرها وقالت ببرود:"اولا ملكش دعوه انا ماشيه ازي 
بعدين يعني متعصب لي مفيش حاجة اتكسرت دي شوية خدوش مش نهاية العالم هي 

حازم اتنفس بعمق واضح إنه بيحاول يمسك أعصابه:
"إنتي عارفة إن الخدش ده لو اتساب هيبوظ الطلاء كله

البنت رفعت حاجبها وقالت باستفزاز: "طب خلاص… هات فاتورة الإصلاح وأنا هدفعها ادام حضرتك بخيل ومعفن ومش عايز تدفع حاجه 
وزعلان علي الخربوش الي في العربيه ده 

حازم بص لها بغيظ وحاول يتصنع البرود وقال: " انا عندي حل احلي ايه رايك تشرفيني في القسم ونشوف بقي موضوع البخيل والمعفن ده هناك 

ابتسمت ابتسامه سخريه وقالت: " انت طبيعي يابني عايز توديني القسم علي حتت خربوش انت عارف انت بتكلم مين اصلا 

قال ببرود: " مش عايز اعرف واتفضلي معايا نروح القسم ....انا مش عارف اصلا مين طلعلك رخصه وانتي اصلا مش عارفه تسوقي ...اتفضلي قدامي واتي الرخصه 
كان واضح إنه مش هيسيبها تمشي بسهولة

بصتلوا بسخرية وراحت لي عربيتها ركبتها ومشيت ولا سئلت في 

حازم بنرفزه: " ماشي انا هعرفك ازي تتجهليني وتمشي وراح مطلع تلفونوا وصور ارقام العربيه بسرعه قبل اما تختفي من قداموا 

--------

سيلا كانت لسه قاعده وسطهم ولسه امها ماسكه أيدها مصعب قاعد عمال يركز في ملامحها شكلها أتغير اوي مع أن بقالوا سنه ونصف بس مشفهاش بس شكلها متغير اوي ولا كان بقالوا عشرين سنه مشفهاش خاست جامد وملامحها باهته مش مصدق الي قداموا دي اختوا الي كانت الضحكه ماليه وشها 

مصعب: " انا عارف ان مش وقتوا بس انا عايز اعرف انتي كنتي فين الفتره دي كلها 

جاسر: " مش وقتوا يا مصعب الكلام ده دلوقتي 

سمر: " احنا عايزين نعرف بس كانت فين الفتره دي كلها

سيلا بتوتر وهي بتحاول تسيطر على رعشة في صوتها:"ك... كنت… مـ ..
سكتت فجأة، وحطت إيدها على راسها، كأن فيه صداع حاد بيخبط جواها.

مصعب قرب منها بسرعة وقال بقلق: " مالك يا سيلو 
إنتي كويسة

أنفاسها بقت سريعة، وعينيها بدأت تزوغ، مش شايفة الصالون ولا الوجوه اللي حواليها… فجأة، المشهد اتغير في دماغها:

إضاءة بيضا قوية بتلسع عينيها، ريحة معقم نفاذ، صوت خطوات تقيلة بتمشي حوالين سرير معدني هي مربوطة عليه
صوت راجل غريب، بارد، بيقول:"زودوا الجرعة… لازم نستخرج أقصى نتيجة قبل ما تنهار

إبرة بتدخل في دراعها… إحساس لسعة، بعده حرقة بتنتشر في جسمها وصوت الأجهزة بيرن بشكل متكرر أسرع وأعلى… قلبها بيخبط وكأن في سباق

رجعت لوعيها فجأة، لقت نفسها لسه قاعدة وسط أهلها والدموع نازلة من غير ما تحس.
سمر مسكت وشها بقلق: "يا روحي مالك ...لو مش عايزه تقولي براحتك لكن متعيطيش كده 

سيلا بصتلها وهي بتنهج: "كان… كان فيه ناس… واصوات كتير… أنا… أنا كنت محبوسة و....
كانت كلمها متقطع مش عارفه تجمع الكلام 

جاسر شد نفسه للأمام ملامحه اتبدلت من الحزن للغضب: " مين دول ...فاكره شكلهم 

سيلا هزت راسها بسرعة ودموعها بتزيد: "مش فاكرة… كل ما أحاول افتكر دماغي بتوجعني بس انا قولت لي ليث كل حاجه ووصفت لي غيث شكلهم لكن دلوقتي مش فاكره 

مصعب حط إيده على كتفها وقال بحب واضح: "خلاص يا سيلو… مش مهم دلوقتي… أهم حاجة إنك هنا جنبنا 

سيلا بصت له ولأول مرة حسّت إن كلمة أخ ليها معنى حقيقي حتى لو عقلها لسه مش قادر يصدق أو يتذكر

لكن جواها كان فيه يقين بيتكون… إن اللي حصلها ما كانش صدفة وإن الدكترا الي عملوا فيها كده لسه ما خلصوش معاها وهيحاولوا يخطفوها تاني 

---------

غيث كان سايق بسرعة لكن بعينين ثابتة على الطريق، والمكالمة اللي سمعها قبل شوية بتتكرر في دماغه كلمة كلمة:"المرّة الجاية مش هتلحقها..
إيده مسكت الدركسيون بقوة كأنها بتحاول تكتم الغضب اللي جواه

وصل المديرية ركن العربية ونزل بخطوات سريعة
أول ما دخل مكتبه لقى عمر زميله في القسم بيقلب في أوراق
عمر رفع راسه وقال باستغراب: "إيه يا عم رجعت بسرعة كده مش قولت انك مش جاي غير بكرا 

غيث ما ردش على السؤال ورمى موبايله على المكتب: "عايزك تشوفلي الرقم ده حالًا… وعايز تقرير كامل عن صاحبه في أسرع وقت 

عمر شاف الرقم على الشاشةووشه شد: "مين اللي كلمك ده 

غيث بصله بنظرة حادة: "واحد بيهددني بيها… ولو طلع حد من العصابة اللي بنطاردهم مش هرحمهم 

عمر بدأ يكتب البيانات على الكمبيوتر وبعد ثواني قال: "الرقم مش مسجل باسم حقيقي… واضح إنه خط مُسجَّل بهوية مزيفة بس ممكن نجيبه من تتبع الإشارة

غيث مسك كرسيه وقعد، وهو بيكلم نفسه:
"كنت عارف إن الموضوع ما انتهاش… وكنت عارف إنهم هيحاولوا يقربوا منها تاني."

بعد أقل من دقيقة عمر قال: "جاب الإشارة… الموقع كان في منطقة صناعية قديمة على أطراف المدينة المكان شبه مهجور بس فيه كام مستودعش

غيث وقف فورًا وهو بيلبس الجاكيت: "هات فريق احنا طالعين دلوقتي واتصل بي حازم وقولوا يحصلنا 

عمر بقلق:"غيث مش أحسن نستنى أمر مداهمة رسمي

غيث بصله بعينين فيها إصرار: "لو استنيت…ممكن منعرفش نوصلهم 

خرج من المكتب خطواته سريعة كأنه داخل حرب… جواه إحساس واضح إن اللي هيلقاه في المستودع مش مجرد مكان فاضي وإن الخيوط دي ممكن توصّله للحقيقة اللي سيلا نفسها مش قادرة تتذكرها

شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
تعليقات