رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل المائة والحادي عشر 111 بقلم اسماء حميدة


 رواية سيد احمد خالص التعازي في وفاة زوجتك الفصل المائة والحادي عشر 

كان برنت يتحرك بخفة صياد يعرف أين يضع خطاه وفي غضون ساعات أحكم قبضته على الأمر وانتزع الشهادة التوثيقية لمنزل عائلة سارة كمن يختطف مفتاحا من فم القدر قبل أن يبتلعه الظلام وهذا الظلام هو مارينا التي بات يكرهها بشدة بعد موقفها مع كونور وإذلالها لسارة..
أما سارة فجلست في صمت ثقيل بعد أن علمت بشأن منزل ذويها تقلب المشهد في ذهنها كمن يراجع كابوسا استيقظ منه للتو إذ أدركت الآن كيف استردت المنزل لم يكن انتصارا سهلا بل كان ثمنه أن تقامر بسلامتها من أجل حماية كونور.
لحظة واحدة من الانفعال دفعتها إلى تلك التضحية لكنها لم تندم فحتى لو كان كونور ابن مارينا فهو في النهاية طفل بريء لم يختر أن يولد في عاصفة.
ابتسمت لنفسها بسخرية موجعة تضحك على ندبة لم تلتئم بعد فقد كان الشق الرفيع في حاجبها علامة باهتة لليلة سال فيها بدل الدموع ومسكن باهظ دفعت ثمنه من روحها وفي كل مرة تغمض عينيها تتسلل صورة مارينا إلى ظلال ذاكرتها
تلك اليد التي أجبرتها على الركوع وكأنها تدفعها 
قضت سارة اليومين التاليين في سلام خادع لم يكن سلاما حقيقيا بل فراغ مؤقت بين عاصفتين
الأولى أنها استردت بيت عائلتها والثانية قد غاب أحمد عن المشهد وغيابه كما تعودت في الفترة الأخيرة لم يكن راحة بل نبوءة مبطنة بما هو أشد وطأة.
وها قد صدق حدسها إذ جاء

كوفر برسالة تشبه خيطا جديدا في شبكة غامضة 
في تلك اللحظة كانت تلتقط حبة كرز أعدتها إيفرلي بعناية حمراء كقلب بعد لكن ما إن لامست الصور شاشتها حتى انزلقت الحبة من بين أصابعها وسقطت أرضا تسبقها في السقوط صرخة مكتومة لم تخرج من حنجرتها وتبعها الهاتف متهدجا على الأرض كأن سقوطه إيقاع لمأساة قادمة.
رفعت إيفرلي عينيها عن الكرز ثم حدقت في وجه سارة الذي شحب كمن سحبت منه الدماء فجأة وقالت ساخرة تحاول كسر الصمت
ما الأمر هل انهار سعر السهم فجأة أم أن أحد المشاهير قرر أن يضع نفسه في ورطة جديدة
لكن سارة لم تجب بل ظل العرق البارد يتسلل من مسامها كوشاح من جليد 
وعندما لم تجد ردا تمتمت إيفرلي وصوتها يحمل رجفة من القلق المتصاعد
ما بك تبدين وكأن روحا غريبة تسكنك... لا تخيفيني أنت تعلمين أنني جبانة.
التقطت إيفرلي الهاتف قبل أن يغلق ولم تحتج إلى كلمات لتفهم كانت تصرخ في وجهها.
حادث سيارة...
شاحنة فقدت عقلها اجتاحت المنطقة الخضراء 
قالت إيفرلي وعيناها تضيقان ببطء تعيدان رسم الصورة
أليست هذه سيارة والدك... هل أنت بخير ولماذا تنظرين إلى هذه الصور أصلا
استجمعت سارة شظايا صوتها لكنه خرج مرتعشا كأن الكلمات نفسها تخشى أن تقال
انظري إلى الصور الأخرى.
تبدل وجه إيفرلي إلى ملامح جدية لم تعهدها في نفسها من قبل وشعرت أن هناك
شيئا يتسرب من بين سطور المشهد لا تجرؤ على تسميته.
أليس هذا... أحمد
ظهرت صورته بوضوح يقف تحت شجرة أشعة الشمس تتلاعب بورقها فتبعثر ظلالا غريبة على وجهه لكن ذلك الضوء لم يضف عليه حياة بل زاده برودة كتمثال من حجر يراقب الخراب وهو يتغذى عليه كان بنفس تعبيره المتغطرس المعتاد شاهدا صامتا على الكارثة وكأن الحادث لم يفاجئه بل جاء كما أراد. 
قالت إيفرلي تحاول أن تمسك بخيط العقل
سارة... اهدئي اتصلي بأحمد واسأليه.
لكن صوت سارة خرج متكسرا يقطعه الذعر
إيف هل تظنين أن هذا مجرد صدفة
ثم أضافت تطعن نفسها بالحقيقة قبل أن تلقيها في الهواء
حادث والدي لم يكن حادثا لقد خطط لكل شيء.
هزت إيفرلي رأسها بعدم تصديق وصوتها يتعثر بين جملة وأخرى كأنها تتوسل لعقلها أن يجد ثغرة في هذا الاستنتاج
ربما... ربما كان يقف هناك بالصدفة... ثم قالت بصوت متقطع لكنه يحمل صلابة من يحاول أن يثبت أمام زلزال
إيف في اليوم نفسه وقعت سلسلة حوادث كأن الأرض قررت أن تبتلع من عليها دفعة واحدة طرق أغلقت وأبواب السماء صفقت في وجوه سيارات الإسعاف لم يصلوا في الوقت المناسب... لم يمنح أبي فرصة النجاة.
ارتجفت أنفاسها وكل كلمة تخرج منها تحمل طعم الحديد الصدأ ومن ثم تابعت ودموعها تلمع كانعكاس لشرر داخلي
لو تلقى علاجا طارئا دامت عامين كاملين لم يكن ليستلقي في سرير
المستشفى 
ثم شهقت كأن الحقيقة نفسها تطعنها من الداخل وقالت
إيف... إنه أحمد كل شيء منسوج . الحوادث التأخير كل هذا الخراب خطط له بدقة جراح يستمتع ببطء نزيف ضحيته أراد أن يموت أبي 
شهقت إيفرلي كمن تحاول التقاط شظايا عقلها من الهواء ثم تمتمت باهتزاز
لكن... هذا شخص حي! مهما كان أحمد فهو زوجك لن يفعل شيئا كهذا.
لم تجبها سارة على الفور بل طغت ضحكتها على بكائها فخرجت من شفتيها ابتسامة مشوهة أشبه بابتسامة جثة ترغم على الفرح ومن ثم رفعت عينيها وكان فيهما بريق جنون مختلط بيقين حاد
أنت لا تعرفينه يا إيف إنه قادر على كل شيء رأيته يوما يلقح الزهور برماد شخص آخر كأن الحياة عنده مجرد لعبة تبادل أرواح فطالما أنه يريد شيئا فلا يوجد جدار لا يهدمه ولا خطيئة لا يبررها لنفسه.
شهقت سارة بحدة تسحب من قلبها آخر ذرة أمل
لم أتصور أبدا أنه سينزل انتقامه على أبي... لم أظن أن لحادث السيارة أي علاقة به لكنني كنت ساذجة إنه شيطان يا إيفرلي شيطان قتل أبي بدم بارد!
وقفت إيفرلي عاجزة الكلمات تتبخر على طرف لسانها قبل أن تولد ثم قالت بصوت خافت كمن تتحدث إلى نفسها أكثر مما تخاطب سارة
سارة... الصورة تثبت وجوده هناك لكنها لا تقول إنه العقل المدبر. ربما...
قاطعتها سارة بعينين دامعتين تشتعلان كجمرتين
لا تقولي ربما أنا أعرفه أعرفه أكثر مما
أعرف نفسي هو الجاني حتى لو لم يترك خلفه أثر

تعليقات



×
insticator.com, 6ed3a427-c6ec-49ed-82fe-d1fadce79a7b, DIRECT, b3511ffcafb23a32 sharethrough.com, Q9IzHdvp, DIRECT, d53b998a7bd4ecd2 pubmatic.com, 95054, DIRECT, 5d62403b186f2ace rubiconproject.com, 17062, RESELLER, 0bfd66d529a55807 risecodes.com, 6124caed9c7adb0001c028d8, DIRECT openx.com, 558230700, RESELLER, 6a698e2ec38604c6 pmc.com, 1242710, DIRECT, 8dd52f825890bb44 rubiconproject.com, 10278, RESELLER, 0bfd66d529a55807 video.unrulymedia.com, 136898039, RESELLER lijit.com, 257618, RESELLER, fafdf38b16bf6b2b appnexus.com, 3695, RESELLER, f5ab79cb980f11d1